الحلقة 28
بسم الله الرحمن الرحيم لا يزال بعض المشاهدين جزاهم الله خيراً يستدركون علينا بعض الآيات والحق أن كل آية من آيات القرآن لا تنقضي عجائبها ما من آية تقف عند مفسر يفسرها وينقضي الأمر وإنما هي قضية مستمرة إلى يوم القيامة وكل جيل يستنبط من هذه الآية أو تلك معنى لم يسبق لمن سبقوه أن التفتوا إليها وهذا من إعجاز القرآن الكريم.
(مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18) البقرة) – (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ (171) البقرة)
نبدأ بهذه الآية (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا (18) البقرة) وفي آية أخرى (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ (171) البقرة) الأول مثل المنافقين (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16) مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18)) هذا عن الذي أمام ومعك ينافقك يجاملك ويفعل هذا الأمر مع كل الناس لا تعرف له حقيقة له وجهان، تعِب قلق يحاول إرضاء الجميع هذا الإنسان هو الذي يفسد الحياة ورب العالمين ضرب له مثل في غاية الدقة، قال مثل الذي استوقد ناراً هو ليس عنده هو في ظلام وإنما طلب من الآخرين أن يضيؤا له نوراً ففعلوا أعطوه ضوءاً أعطوه نوراً صار عنده شيء من الرؤية الواضحة (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17)) في قمة الإضاءة وهو في غاية السعادة وفي غاية النور ويظن أنه فعل الصواب وأنه هو الأفضل والأحسن على حين غرة ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون صم بكم عمي فهم لا يرجعون. برغم كل هذا الذي جرى له لا يعود إلى الحق أو النور الذي كان عليه. مثل المنافقين ابو الوجهين أمامك بلسان وخلفك بلسان يضمر الكفر ويظهر الإيمان، يضمر العداوة ويظهر لك المحبة وهذا أو هذه شريحة عريضة في الدنيا من ساسة وتجار وجيران وأقارب، هذه قضية من قوانين هذه الدنيا ليس كل من يبتسم بوجهك حبيباً قد يبتسم بوجهك وقلبه يتقطع عليك غيظاً وفي الظاهر هو ناصح ويبطن لك الشر ويحقد عليك هذا موجود وهناك الصادقون. رب العالمين شبه هذا المنافق كالذي كان في ظلمة ثم طلب شيء من النور استوقد ناراً فجاءته النار وأبصر وعرف أين الحق وأين الباطل وأين موقعه فكان المفروض أن يرجع عن هذا الغي الذي هو فيه لكن رب العالمين لا أدري لماذا لم ييسر له هذه الرجعة قال (ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ) ما قال أذهب الله نورهم لأن معناها أن الله بقي معهم، لا لرداءتهم ولسوئهم أخذ الله النور وذهب عنهم وتركهم في هذه الظلمات يتخبطون ليس لهم من معين لا من خالق ولا من مخلوق. (صم بكم عمي فهم لا يرجعون) لا يسمع ولا يرى ولا ينطق لأنه في ظلمة تائهة. التاريخ مليء بهذه الأمثال عاد وثمود وإلخ. والأمثال في القرآن نوعين (ضرب الله مثلاً) و (كذلك نصرف الآيات) ضرب المثل عام كوني ينطبق على كل الأمم، تصريف الأمثال موضعي المسلمين مثل الإنجليز مثل الأميركان مثل يعني قواعد كونية ثابتة لكن مفصلة على بيئات محلية مثل ضرب العملة وتصريف العملة، ضرب العملة العملة الرئيسية كالدولار واليورو هذه عملة تتعامل بهذا العالم هذا يسمى ضرب العملة جزئياتها تصريف العملة يعني أنت تتعامل بها داخلياً. رب العالمين سبحانه وتعالى يضرب لنا مثلاً في كل الحالات نضرب مثلاً الإتحاد السوفياتي الذي كان شيوعياً يقولون ما في الله ما في خالق والإنسان يموت وتنتهي حياته كلام معروف وساد ما يقارب القرن والإتحاد السوفياني ليقيم علاقات مع العالم كان يتعامل مع المسلمين بوجه ومع اليهود بوجه ومع النصارى بوجه كل من يتعتمل معه يحاول أن يتقولب معه حتى يرضيه ولذلك عاش في قلق مستمر دائم لا تعرف ما هو لونه إلى أن الله رب العالمين ذهب بنورهم. ما معنى ذهب بنورهم؟ أي فعلوا شيئاً مثلهم كمثل استوقد ناراً فعلاً جاءتهم أفكار يعملون دولة قوية كبيرة عندها من القوة والمنعة سببت التوازن في العالم بين الشرق والغرب لم تعد تستطيع أن تظلم العالم ظلماً هائلاً كما هو الآن هناك قوة كبيرة استفردت بالعالم ومزقت دولاً ودماعات وأصابت الناس بكارثة مالية، لما كان الإتحاد السوفياتي لم يكن هذا موجوداً كان هناك توازت قوى إذن هم حققوا شيئاً (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17)) لما أضاءت ما حوله استعمل القتل قتل جمهوريات وناس واستعملوا الإبادة فذهب الله بنورهم أخذه الله وذهب عنهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون صم بكم عمي فهم لا يرجعون عن غيهم ولهذا برغم ما أصاب الإتحاد السوفياتي من إنهيار بقي الناس شيوعيين في كوبا وفي بعض الدول مثل الصين صم بكم عمي مع أن هذه النظرية أصبحت ساقطة بكل المقاييس ومع هذا فإن بعض الدول والرجال والساسة والقادة ما زالت تتبنى هذا الفكر وهذه من معجزات القرآن الكريم أن صور هذه الحالة تصويراً هائلاً، هذا المنافق الذي يأتيك بوجه وخلفك بوجه ثاني. الوثني اذي يكرهك ظاهراً وباطناً قال (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (171) البقرة) واحد يعبد الصنم والآخر يعبد شخصاً والآخر يعبد شيخاً والآخر يعبد قبراً هذا عطّل عقله بالكامل لا يفكر في كل قضايا الكون إلا عن طريق هذا الذي يعبده هذا الكاهن أو هذا الشيخ أو هذا المرجع هو الذي يفكر نيابة عنه هذا أسلم عقله له من أجل هذا كان بلا عقل هذا لا يرجع. إذن هكذا هو الأمر إن هذا الصنف من البشر الذي ينافق في كلامه ويخفي غير ما يبطن وينقض العهد (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (100) البقرة) لا يلتزم بشيء هذا هو الذي يفسد الحياة (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ (41) الروم) (إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ (120) آل عمران) ولو شيء قليل و(وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا (120) آل عمران) وهذه لما يسود العالم السياسية بالغرائز والأهواء والرغبات وليس بالقوانين، العالم الآن قوانين والأمم المتحدة موجودة ولكنها معطلة وكانت في يوم من الأيام الناس يحتكمون إليها والآن يحتكمون إلى الغرائز والرغبات كل واحد عنده قوة يفعل ما يشاء يكذب على شعبه وعلى الدول والأمم ويدمر ويكسر ويدعي دعوات ويفسد الحياة ويفشل كل شيء ويقف العالم على حافة الهاوية ولا يستطيع أحد أن يقول لا وهذا هو الفرق بين الحالتين ضرب الله مثلاً لكل حالة بمثل دقيق لو تأملنا فيه شارحين لاستغرق ذلك ساعات تتأمل في الايتين (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا) هؤلاء لا يرجعون يبقى منافقاً مع فشله الذريع والثاني (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً) تأمل في الآيتين ترى هذا الفرق بين من استوقد ناراً وبين الذي ينعق فرق هائل من حيث طبيعة هذا الإنسان عن هذا الإنسان ونسبة ضرره على العالم.
د. نجيب: ما المقصود بـ(ينعق)؟
د. الكبيسي: الحيوان يتبع بالغريزة عندما ينعق له الراعي يمشي خلف الراعي لا يملك أي خيار الذي يقوله الراعي هو وراءه. هناك ناس ممن يعبدون أشخاصاً وأحجاراً أو إماماً أسقط عقله بالكامل وكل شيء يقوله له هذا المرجع يقول نعم وحينئذ هذا أصبح حيواناً ليس له تفكير وإنما ألغى عقله ويفكر بعقل هذا الذي يعبده وإلا واحد عبقري شخصية مهمة يعبد صنماً؟! يعبد حجراً؟! أين عقله؟! طبعاً هو تنازل عن عقله قال له هذا إلهك.
(وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ (61) البقرة) – (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ (112) آل عمران)
ننتقل إلى آية أخرى: يتكلم رب العالمين عن بني إسرائيل مرة قال (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ (61) البقرة) مرة واحدة ضربت الذلة أولاً ثم بعد فترة طويلة ضربت المسكنة، إحداهما في البقرة والأخرى في آل عمران، في البقرة يقول تعالى (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا (61) البقرة) أعطاكم رب العالمين هذه الحلوى الهائلة المنّ وهذه الطيور السلوى تأتيكم مشوية جاهزة هذا الطعام الراقي الذي لا نظير له في الكون. هذا المنّ حلوى تنزل من السماء ولم تعد موجودة في العالم كله إلا عندما أنزلها الله على بني إسرائيل في تيههم يتيهون في سيناء أربعين عاماً، بقيت بقايا هذا المن تنزل فقط في شمال العراق في هذه الجبال الشاهقة في فصل من فصول السنة تنزل على هذه الأشجار في قارس البرد ثم تجمّع وتصنع يسمونها الآن في العراق منّ السما أي المنّ النازل من السماء وهو حلوى لا تجدها إلا في العراق وفي العراق لا تجدها إلا في شماله وتصنّع في العاصمة. هذه النعمة الإلهية أعطاها الله لبني إسرائيل في تيههم ومع هذا قالوا يا موسى لن نصبر على طعام واحد فقط منّ وسلوى (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا) أعطاكم هاتان النعمتان العظيمتان وأنتم تريدون حشائش الأرض؟! (قالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ) في آن واحد، هذا في البقرة. في آل عمران يتكلم عنهم قال (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا (112)) الذلة وحدها (إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ) إذن هناك تفريق بين الزمن الذي ضربت عليهم الذلة والزمن الذي ضربت عليهم المسكنة بعد سنوات. فلماذا أول مرة ضربت الذلة والمسكنة في آن واحد ثم ضربت الذلة أولاً ثم ضربت المسكنة ثانياً؟ لعل واحداً يقول ما الفرق؟ عندما نتأمل في تاريخ بني إسرائيل في زمن سيدنا موسى، كل الأنبياء بلا استثناء عُذبوا من شعوبهم وكأن هذا من أقدار الله عز وجل وقوانين هذا الكون، التبي r عُذّب لكن ما إن جاءت معركة بدر حتى انتهى الأمر ثم ساد التوحيد العالم كله بهذا النبي الجديد. سيدنا موسى u أوذي أذى عظيماً والله تعالى يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آَذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (69) الأحزاب) سيدنا المسيح أوذي لكن أذاه كان أخف بكثير من أذى سيدنا موسى وحكاية الصلب والإعدام غير صحيحة والحقيقة أن سيدنا عيسى حيّ إلى هذه الساعة (بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ (158) النساء) وسينزل في آخر الزمان ومن علامات القيامة الكبرى أن ينزل السيد المسيح عليه السلام والغريب أن الذين يقولون أنه صُلب وقُتل يؤمنون أنه سيعود لكن كيف يعود بعد أن صُلب؟! هذا ليس موضوعنا. موضوعنا أنه ما من قوم آذوا نبيهم كما آذى بنو إسرائيل أنبياءهم فمنهم من جعلوه لوطياً ومنهم من جعلوه زانياً أطلقوا على عيسى أنه ابن حرام وآذوهم أذى شديداً فسيدنا موسى أتعبوه جداً ومن ضمنها لما أنزل الله ععليهم المن والسلوى شهر شهرين ثم ألحوا إلحاحاً شديداً فقال لهم موسى ماذا ؟ قالوا نريد حشائش الأرض قال (قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ) أراد رب العالمين أن يؤدبهم. وأنتم تعرفون من القرآن الكريم ومن واقع الحال بنو إسرائيل كان الله تعالى يعذبهم كلما أساءوا لأن إساءتهم في غاية القسوة تصور لما قالوا (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً (55) البقرة) بعد أن ذهب موسى ليكلمه الله اتخذوا العجل إلهاً فقال لهم الله تعالى اقتلوا أنفسكم (فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ (54) البقرة) جاءهم الله تعالى بزوبعة كل واحد يقتل الثاني حتى قتلوا بالآلآف عقوباتهم كانت صارمة ومع هذا لا يتوبون لشدة شوكتهم ولشدة عنادهم ولشدة اختلافهم على غيرهم لا يمكن أن يستسلموا ولا أن ينقادوا ولا أن يطيعوا. آذوا موسى عليه السلام كثيراً حينئذ انتقم الله منهم لما فعلوه بموسى فقال (ضربت عليهم الذلة والمسكنة) في آن واحد الذلة الهزائم في الحرب وفعلاً ما دخلوا حرباً مع العماليق إلا هزموا لماذا؟ رب العالمين سلط عليهم العماليق فسرقوا منهم التابوت الذي فيه سكينة من ربكم هذه معجزة طالوت (وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ (248) البقرة) ظلوا يصابون بالذلة من الحروب والمسكنة بين الناس اليهودي دائماً يبدي نفسه أمام الآخرين أنه مسكين وأنه متواضع وأنه مظلوم إلى يوم القيامة وهم اليوم يحكمون العالم من مشرقه إلى مغربه ومع هذا يقولون نحن مساكين نحن مظلومين ونحن نرى ماذا يفعلون بالفلسطينيين. إذن هكذا هم ولذلك قال تعالى (ضربت عليهم الذلة والمسكنة). في زمن الرسول r ضربت الذلة أولاً فقط انهزموا في الحرب وكل المعارك التي خاضها اليهود مع المسلمين خسروا خسارة عظيمة الذلة فقط وبقوا أعزاء والنبي r أعطاهم في خيبر وغير ذلك ولكن وعدهم في المستقبل سوف يصابون بالمسكنة وفعلاً ما إن انتهى العهد الراشدي إلى يومنا هذا وهم في العالم كله يشعرون بالمسكنة إضافة إلى الذلة.
إتصال من الأخ أشرف في ليبيا: عندما يضرب الله أحداً بظلمه يكون فيه خير للظالم كي يتوقف الظالم عن ظلمه ويخشى الله وفيه خير للناس ويصبح آية لهم وهي سنة إلهية فهل أن للظالم العذاب في الآخرة أو أن العذاب في الدنيا فقط؟
الإجابة: على قدر فهمي للسؤال إذا كان الظالم موحِّداً فعاقبه الله في الدنيا فإن هذا العقاب كفارة لذنبه وهناك بعض الظلم له عقابان في الدنيا والآخرة كما قال تعالى (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) السجدة) وهذه قضية شائكة ولها تفاصيل في القرآن الكريم ولو تتبعتها في القرآن كما ذكرنا في الحلقة الماضية ناس كفروا قال إلا الذين تابوا فلما تاب الله غفر له وناس تابوا فقال لن تقبل توبتهم لأنهم كفروا وازدادوا كفراً يعني كفروا وكفّروا غيرهم أيضاً، يعني لينين لم يكفر هو فقط وإنما كفّر ملايين نصف العالم كان يشرك ويقول ليس هناك رب العالمين. إذن هناك فرق بين هذا وهذا وهذا على حسب فهمي للسؤال لأن الصوت لم يكن واضحاً للأسف الشديد.
نعود إلى الآيتين في البقرة وآل عمران (ضربت عليهم الذلة والمسكنة) جمع الذلة والمسكنة مع بعض هذا في عصر موسى وما بعده. وفي آل عمران قال (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ) الذلة أولاً أي أنهم انهزموا في الحروب خيبر وبني قريظة وبني المصطلق وبني قينقاع هذه المعارك التي دارت بينهم وبين المسلمين خسروها فأذلهم الله عز وجل لشدة مكرهم وتآمرهم كل هذه الحروب قامت لأنهم يتآمرون على النبي مع أنهم اتفقوا معه ثم يغدرون به في النقطة المهمة ولهذا قال (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ (112) آل عمران) إما أن ينصر الله بني إسرائيل عندما يكونوا على حق كما نصرهم على فرعون (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (50) البقرة) ثم بعد ذلك إذا رب العالمين تخلى عنهم ينتصرون بأقوام آخرين مثل الأمريكان والروس وغيرهم فيما عدا هذا وهذا لن يُنصروا هذا عندما جاء الإسلام.
إتصال من الأخ صالح من السعودية: في قوله تعالى في سورة البقرة (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (1)) مع أنه بين أيدي الناس ويقول رب العزة (ذلك الكتاب) فهل هذا لبعد ما فيه من آيات ومواعظ وحكم؟
الإجابة: تحدثنا عن هذا في حلقات سابقة ذلك وذلكم وتلك وتلكم، باختصار شديد هذه اللغة العربية لغة إعجاز بذاتها فكيف عندما استعملها الله عز وجل في القرآن الكريم؟! ما نقوله في هذا البرنامج وما قلناه في البرنامج السابق الكلمة وأخواتها تبين أن هذا القرآن من المستحيل أن يقوله بشر على مدى ثلاث وعشرين سنة لم يخطئ ولا مرة واحدة في هذا الاستعمال الإعجازي. ذلك الكتاب على لغة العرب للمدح الهائل الذي ليس وراءه وراء، هذه أسماء الإشارة وحروف الجر عجائب في هذه اللغة
أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع
حينئذ نقول أن ذلك الكتاب تحدي كلمة ذلك تحدي لو قال هذا الكتاب لا قال ذلك الكتاب يعني من الذي يستطيع أن يصل إلى مستواه الرفيع خاصة ورودها بعد الأحرف المقطعة وهي تحدي. وكما يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله ألأم كأن الله تعالى يقول للعرب يا عرب أنتم أعظم أمة استطاعت أن تستعمل حروفها هذا الاستعمال البلاغي وهذا صحيح بإجماع العالم أن العرب بشعرهم وأدبهم يغزون العالم. هناك مقولة في العراق من الشعراء بقدر ما في العرب وفي العرب من الشعراء بقدر ما في العالم وكل شاعر من شعراء العرب في إتقانه وجودته مثل الجواهري والمتنبي كانوا معجزين بحيث لا يستطيع شاعر في الأرض كلها أن يجاريهم هذا واحد، أنتم أبدعتم يا عرب بشعركم بالمعلقات وفي الجاهلية جميعهم أكفالاً ونساء ورجالاً كانوا يقولون كلاماً معجزاً نقرأه الآن وكأننا نقرأ أدباء وعظماء. قال ومع هذا أنا رب العالمين سأساتعمل حروفكم استعمالاً تعجزون عنه فقال (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ). الريب غير الشك، الشك تساوي الأمرين ولكن يبعثك لكي تعرف الحقيقة تقول هذا الأخ الذي اتصل بنا الأخ صالح هل هو صالح الفلاني أو فلان الفلاني فهذا يدفعني لكي أتقدم لكي أعرف الحقيقة هذا شك. الريب تساوي الأمرين لكن أنا متخوف هل صالح هذا هو العدو الذي كان سيقتلني أو هذا الذي يفعل كذا وكذا؟ وكلاهما مخيف هذا الريب فالريب تساوي الطرفين مع الخوف رأيت سواداً في الليل فقلت هل هل ذئب أو أسد؟ أنا أهرب. رأيت سواداً فقلت هل هذا أخي فلان أو ابن عمي فلان فأتقدم لأعرف من هذا. (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ) يعني هذا الكتاب العظيم إياكم أن تخافوا منه أو تشكوا فيه أو ترتابوا فيه لأن لا ريب فيه، هذا الكتاب إذا أقبلت عليه أمّنك (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ (82) الأنعام) ما عليك إلا أن تقول لا إله إلا الله ولهذا بعد هذه الكلمة لخص لك هذه الصفحة من سورة البقرة (هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) والمتقين هم أصحاب الجنة (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) آل عمران) قال من المتقين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويؤمنون بما أنزل إليك هذا القرآن ليس فيه حرف زائد ولا حرف ناقص ويؤمنون بما أنزل من قبلم يؤمنون بما أنزل على موسى وعيسى لا نفرق بين أحد من رسله إبراهيم وموسى وما أوتي النبيون من ربهم وبالآخرة هم يوقنون أولئم على هدى من ربهم وأولئك هم الملفحون، بهذه الصفحة الصغير لخص الله تعالى لنا الأمر وهي جديرة جداً أن يقول فيها (ذلك الكتاب) فاتوني بمثله وقد شرحنا في حلقة سابقة (فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ (23) البقرة) (فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ (38) يونس) (من) ليست زائدة، من مثله أي من مثل محمد اتوني بواحد مثل محمد أمي عاش في الصحراء اتوني بواحد مثله في الكون يقول هذا الكلام حتى نقول محمد قاله. أو قال (فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ) أي مثل القرآن، هذه (من) لها فاصلة في المعنى. إذن (ذلك الكتاب) إشادة وتعظيم وإجلال ولفت نظر كما قال الفرزدق قال هذا البيت وأبوه جالس:
أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع.
إذن هذا هو الأمر بين بني إسرائيل عندما جمع الله عز وجل عليهم الذلة والمسكنة في آن واحد في زمن سيدنا موسى ومرة بدأ بهم بالذلة عندما أهينوا عندما تآمروا على النبي قتلاً وتسريداً وفتنة وإلى يومنا هذا ضحكوا على الفلسطينيين في أوسلو وغيرها أنهم سيعطوهم دولة ودولتين وضحكوا عليهم أربعين سنة والآن يقولون الماضي كله امسحوه ونريد أن نعمل سلام مع العرب كلهم ويريدون أن يبدأوا من جديد، يا الله كم أن هؤلاء لهم نفس طويل وكم أن العرب ليس لهم نفس على الإطلاق!
إتصال من الأخ ناصر من السعودية: ذكرتم في السابق في سياق قصة سيدنا الخضر مع سيدنا موسى في سورة الكهف ورجحتم أن الخضر هو سيدنا محمد r.
الإجابة: قال تعالى (فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65) الكهف) هذه مواصفات لو جمعتها في القرآن الكريم تنطبق على سيدنا محمد r (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113) النساء) ثانياً من هذا الذي يعلم موسى وهو من هو عند رب العالمين موسى من أولي العزم بل هو سيد أنبياء العزم والنبي r ترشدت خطواته في الإسراء عن طريق نصائح سيدنا موسى فمن هذا الذي يمكن أن ينصح موسى إلا محمد r؟ عبداً من عبادنا، الله تعالى يقول مخاطباً محمد r (وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (23) السجدة) هذا الذي رأيته يا محمد هو موسى فلا تكن في مرية من لقائه. إلتقاء سيدنا محمد r وسيدنا موسى وسيدنا عيسى في عالم الأمر قضية ثابتة في الكتاب والسنة وفي التوراة والإنجيل ولكنهم عمّوا عليهم كما تعرف وقد ذكره رب العالمين في كتابه (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ (174) البقرة).
د. نجيب: هل هناك ثمة علاقة أو تفسير بين قوله تعالى (فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) آل عمران) إيجابياً بما قيل عن بني إسرائيل؟
د. الكبيسي: رب العالمين امتدح (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) آل عمران) هذه الأمة مباركة ولهذا دفاعها الأول أذهل العالم يقول غولدن سيهر كيف أن الإسلام في سنتين يسقط أعظم امبرطوريتين عرفهما العالم في سنة واحدة مع بعض يقول هذا بكل المقاييس لا يمكن أن يحدث ولكنه حدث ولا أعرف كيف ولهذا امتدح رب العالمين أهل بدر فقال (فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ) ولهذا من فضل الله المسلم في كل ظروفه رأسه يبقى عالياً حتى لو احتلت كل دياره ولو فجرت كل منابع حياته يبقى رأسه مرفوعاً ويأمل بالنصر لأن الله تعالى وعده بهذا “ولا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتي أمر الله” رب العالمين اجتبى هذا الدين لنفسه وبالعكس كلما أصابت هذا الدين شدة نظفته وكلنا متفقون على أن العصر الذي نحن فيه من النصف الثاني من القرن العشرين إلى الآن أصابتنا أمراض وعقد وناس اختطفوا هذا الدين تحت عناوين مختلفة صدقناها فترة ثم تبين زيفها ولكن لها جذور هذا الذي يجري الآن من هذه الحرب الفوضوية على هذا الدين نظفته من حيث أن الأمة نفسها اكتشفت هذا الزيف الذي اتخذ له عنواناً غير عنوان الإسلام فالمسلمون عادوا فعلاً إلى الإسلام أن يكونوا مسلمين فقط هذا المسلم الودود الذي يؤمن بكل الأديان يحب جميع الأديان ويحب الجار ويحب الناس لا يخون ولا يضر ولا ينقض ميعاد ولا عهد هذا الإنسان النقي بدأ يتصدر الساحة بعد أن كان قد اختطف من جماعات صدق بها أنواع قومية وفكرية والآن مذهبية كله سقط وكله انتهى والأمة تنظف يوماً بعد يوم (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) العنكبوت) (وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ (141) آل عمران) (لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ (37) الأنفال) وقد مازه الآن والكل يعرف والاحصائيات العالمية عن العالم الإسلامي عن نسبة المتورطين في هذا العبث لا تتجاوز 2% من المسلمين إجمالاً.
د. نجيب: الباحثون الميدانيون أمثال زين الدين الركابي يقولون أن هؤلاء الذين تورطوا في مثل هذه الأمور لا علاقة لهم بالدراسات الشرعية ولا هم خريجي المعاهد والكليات الشرعية.
د. الكبيسي: هؤلاء عليهم علامات استفهام من هو؟ من أين جاء؟ مثلاً واحد منهم ملأ العراق قتلاً وذبحاً وبيته مشرف على إسرائيل يا أخي مرة على الأقل اعمل لك عملية داخل إسرائيل إذن القضية ملغومة والغرب أمة بارعة تصنع الصنائع بسهولة.
إتصال من الأخ حسن من أبو ظبي: الآيات التي تتكلم عن أخاهم هود وأخاهم لوط وأخاهم شعيباً. ما نوع الأخوة التي تربط الأنبياء وأقوامهم برغم كفرهم؟
الإجابة: هذا سنبحثه لاحقاً في هذه الحلقة إن شاء الله. الله تعالى قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ (156) آل عمران) من هذا المنطلق سنقول كما قال تعالى (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا).
(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (63) البقرة) – (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ (93) البقرة)
نعود للموضوع الثالث في سورة البقرة (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (63)) وفي البقرة أيضاً (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ (93) البقرة) هذه الأولى في زمن موسى خذوا ما آتيناكم من التوراة بقوة وطبقوا ما فيه. أما في زمن النبي r اليهود حاربوا النبي أن لا يسمحوا لأحد بأن يسمع القرآن (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ (26) فصلت) إذا سمعتم القرآن ضعوا أصابعكم في آذانكم وإذا مر مسلم لا تضعوا أعينكم في أعينهم احتقاراً عملوا خطة عجيبة كما يفعلوا الآن لا يسمعوك في جعوة ولا في حقيقة إذا قلت شيئاً طيباً لا ينقلوه وإنما ينقلون الشيء الرديء، سدوا آذانهم عن كل حسناتك فقال تعالى لهم (خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ) اسمعوا الآخر أنت كيف تعيش مع الآخر إن لم تسمعه؟ اسمع ما يقول ولهذا رب العالمين يمتدح السماعين البارعين في السماع والسماع فنّ (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ (18) الزمر) والسماع فنّ
من لي بإنسان إذا حدثته وجهلت كاد الحلم رد جوابه
وتراه ينصت للحديث بقلبه وبسمعه ولعله أدرى به
ما هذا الذوق الرفيع؟ أنا أعرف الذي تتكلم عنه لكن أنا منتبه عليك وأثني عليك هذا إنسان صاحب خلق وذوق راقي أما الساقط الفوضوي أصحاب اللغة هؤلاء لا يسمعون وإنما يهرّج (وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً (35) الأنفال) هذا كان ديدنهم والله تعالى قال لهم (خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ).
إتصال من الأخت أم عامر من الأردن: مشاركتي خاصة بالحلقة من أسبوعين حول الفرق بين رسولاً منهم ورسولاً من أنفسهم. رسولاً منهم من حيث الحسب والنسب وهم على دراية تامة به منذ ولادته أما رسولاً من أنفسهم فهل فيها دلالة خاصة بعلم النفس إذ كان رسول الله r أدرى بأنفسهم من أنفسهم حيث كان يتعلايش فيما بينهم على اختلاف أصولهم وعاداتهم وتقاليدهم حيث كانت الجزيرة العربية المجمع العربي لأهل قريش وقبائل عديدة أخرى وأهل اليمن والشام والأعراب واليهود والنصارى والحنفية السمحاء فكان أعلم بهم من أنفسهم فهل في هذا التدبر شيء من الصحة؟
الإجابة: إن شاء الله خير يا أم عامر أرسلي لنا هذا الكلام على الفاكس وإن شاء الله نقول فيه قولاً.
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ (170) البقرة) – (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21) لقمان)
ننتقل إلى موضوع آخر في البقرة (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ (170)) ألفينا وفي لقمان (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21)) ألفينا وما وجدنا ما الفرق؟ هناك فرق هائل. ألفينا أنا أقول ألفيت أخي مريضاً، عندما يكون الشيء لا يعجبك إما لتفاهته أو لضعفه أو لا تحبه تقول ألفيت، يقول تعالى (وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ (25) يوسف) يعني هل كانوا سعداء عندما وجدوا سيدها لدى الباب؟ كانت كارثة فقال ألفيا.
فلألفينك بعد الموت تندبني وفي حياتي ما زودتني زادي
هذا وضع سيء أنت حارمني من فضلك وأنت عاق وإبن عاق وعندا مت بكيت عليّ! ما قال ما وجدتني. لما قال ما أفينا عليه آباءنا ما كانوا سعداء بآبائهم وكانوا يعلمون أن آباءهم ضالين والله تعالى شتمهم (أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ) أناس أغبياء. في الآية الأخرى آباؤهم محترمين قال (ما وجدنا) وما سب آباءهم وإنما الشيطان هو الذي يخزيكم (أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ) فكلمة ألفى للشيء الذي لا تحبه وفيه مشكلة وكلمة وجدنا للشيء الذي تحبه (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا (44) ص) ذهبت فوجدت زيداً يصلي، (فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا (65) الكهف) ما هذا المقام الرفيع؟. ذهبت فألفيت زيداً يشرب الخمر. رب العالمين رسم بهذه الكلمة ما قيمة آباء هؤلاء وما قيمة آباء هؤلاء؟ هؤلاء آباؤهم كانوا خياراً أهل كرم أهل ذوق لكن ضحك عليهم الشيطان لكنهم كانوا سريعي الإستجابة أما هؤلاء فأي كلام هناك آباء تفتخر بهم وهناك آباء تسحي منهم فلما يكون الآباء تفتخر بهم تقول (وجدنا) تقول آباؤنا فلان وفلان والنبي r عندما رجع من بدر بانتصار كاسح وقتلوا شخصيات عربية هائلة تاريخية وواحد من جيش المسلمين خفيف الظل قيل له أين كنتم؟ قال ذهبنا رأينا خرافاً ذبحناها وعدنا فقال له r يا بني هؤلاء الناس هذه الأمة الراقية هذه الشخصيات الهائلة نحن ذهبنا نأخذ القافلة ونحن غير مستعدين للقتال مدحهم النبي r (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) القلم) ومن الخلق العظيم أن لا بتخس العدو حقه. حينئذ كلمة ألفينا لما تكون غير واثق والوضع ليس مؤاتياً وألفى من اللفاء
د. نجيب: البطولة أن تقاتل الشجعان لا الخراف والعربي قبل المبارزة كان يمدح مآثر خصمه.
د. الكبيسي: ولهذا اللفاء الشيء الخسيس الضعيف أو الذي لا يسرك من أجل هذا فرق الله عز وجل في حالتين قال ألفينا هنا وقال وجدنا هناك وعليك أنت أن تفهم أن آباء هؤلاء قوم كرام وآباء هؤلاء قوم على قد حالهم.
بُثّت الحلقة بتاريخ 31/10/2008م