وأُخر متشابهات

وأُخر متشابهات – الحلقة 24/الجزء الأول

اسلاميات

 

الحلقة 24

حديثنا في هذه الحلقة عن مجموعة من الآيات التي تتشابه في بعض الأجزاء من حيث أنها تحتوي على معانٍ مختلفة تدل على لغة هذا القرآن الكريم المعجزة.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ﴿135﴾ النساء) – (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ﴿8﴾ المائدة)

آيتنا الأولى في هذه الحلقة الأولى من سورة النساء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ﴿135﴾ النساء) بعدها في المائدة آية 8 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ﴿8﴾ المائدة) الأولى (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ) بالمائدة (كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ) القسط هناك تقدمت وتأخرت لله والشهادة تأخرت هنا الأخرى بالعكس تماماً ليس هذا عبثاً ليس في القرآن الكريم أي حركة من تغيير كلمة إلى تغيير آية إلى تقديم إلا وفيه معنى يحجب عن هذا الجيل أو ذاك بعض ما أراد الله عز وجل أن يؤجله إلى الأجيال القادمة وهذا هو القسط. وقبل أن ندخل ما الفرق بين الآيتين بين (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ) (كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ) نبين ما معنى القسط؟. جميع المفسرين يقولون القسط هو العدل وليس هذا صحيحاً وقد بيّنا نحن في برنامجنا السابق ولو أول مرة أنه ما من كلمتين في القرآن الكريم تتشابهان ليس في القرآن مترادف ولا كلمة واحدة. العدل الحُكم بالحق هذا خصم مع هذا قلنا القاضي يقول الحق مع هذا وليس مع هذا، الحُكم فقط مجرد هذا العدل (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ﴿90﴾ النحل) يأمر القاضي أن يعدل في حكمه فقط. القسط يعني أولاً أن ترفع الظلم عن الخصم المظلوم ثم تحكم له بالحق ثم تنفذ الحق هذا هو المهم. ياما قضاة بل كل قضاة العالم العربي نفترض أنهم يحكمون بالعدل ولكن حكم القضاء يموت في التنفيذ يقال العبارة المعروفة عند القضاة (دائرة التنفيذ مقبرة الأحكام) فعلاً حكمت المحكمة فلان شيء فلان شيء لكن الحُكم لا يُنفَّذ إما بسبب الرشاوى أو الوساطة أو تموت القضية وفعلاً يبقى الحكم في الهواء لا قيمة له لأنه لم ينفذ فالعدل مجرد الحكم. القسط هو التنفيذ لهذا الحكم بأحسن الطرق ولهذا رب العالمين ما قال إن الله يحب العادلين قال (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴿42﴾ المائدة) المقسط الذي يحكم وينفذ ولهذا رب العالمين ما امتدح نفسه بالعدل امتدح نفسه بالقسط (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ﴿18﴾ آل عمران) رب العالمين قال أنا قائم بالقسط أحكم بالحكم وأنفذه (وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴿117﴾ البقرة) هذا هو القسط، فالقسط الميزان الدقيق الذي يعطي الحق لصاحبه (وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ﴿35﴾ الإسراء) أي الميزان الذي لا يخطيء بحيث يعطي الحق لصاحبه كامل. هكذا هو الفرق بين القسط وبين العدل القسط أعظم من العدل ولهذا الله قال (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) ولا مرة قال إن الله يحب العادلين قد تعدل ولكن صاحب الحق لا ينال حقه. رب العالمين قال أنا قائم بالقسط أحكم وأنفذ فعلاً ورب العالمين يأمرنا بهذا الخطاب الأول في سورة النساء 135 خطاب للقضاة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا) من القضاة (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) إرفع الظلم أولاً واحكم بالعدل ثانياً ونفذ ثالثاً طبعاً الخطاب لكل العملية القضائية من قاضي وشهود (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا ﴿135﴾ النساء) يعني تجيب الشهادة تغير بالكلمات مثل المحامين فالمحامي يغير الكلمات يتلاعب بالألفاظ هذا الليّ (ليّ الغني ظلمٌ) وحينئذٍ كل من يتلاعب بالشهادة هذا هو ليّ (وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا ﴿135﴾ النساء) لا تشهد ترفض الشهادة وحينئذٍ الله قال (وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴿135﴾ النساء) هذا العملية القضائية. (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) فلا يكفي أن تكون قاضياً وتحكم بالحكم والحكم مات الرجل كفيل بأن يحصل على حقه تأتي أشكال وألوان رشاوى ووساطة ويموت فعلاً محكمة التنفيذ مقبرة الأحكام، محكمة الجنايات المحكمة المدنية محكمة بدائية حكمت المحكمة على رأسي ولكن ليس هناك تنفيذ هذا ليس قسطاً هذا مجرد عدل، القاضي عدل ولكنه لم يقسط (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) أكمل يا أخي هذا الرجل المتخاصم لمدة شهرين وهو يتابع هذه القضية ومحامي ومصاريف ثم حكمت المحكمة ماذا بعد ذلك؟ من الذي ينفذ؟ لا أحد ينفذ، فقد يكون المحكوم عليه حاكماً أو أميراً أو غنياً أو متنفذاً أو حزبياً أو شخص من الحكومة وبالتالي راحت عليه هذا عدل أجوف إن الله لا يحب العادلين يحب المقسطين عادل زائد تنفيذ هذا المقسط هذا فهمناها. إذاً رب العالمين في هذه الآيتين لما قال (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ) يتكلم عن العملية القضائية. في المائدة (كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ) هذه ليست قضائية هذا عدل الحاكم هناك عدل القاضي بين الخصوم وهنا عدل الحاكم بين الرعية (كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ) رب العالمين قال (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ) حاكم بين عباده. أولاً الله سبحانه وتعالى لا يفرّق بين عباده مسلم كافر يحب الله لا يحب الله يشتم رب العالمين يؤمن به أو لا يؤمن كلهم سواء أمامه في النِعَم الشمس للجميع والهواء للجميع والرزق للجميع والأولاد للجميع كل النعم العامة يشترك فيها الناس لا يحجب نعمه عن بعض عباده لأنهم يكرهونه أو لا يؤمنون به، رب العالمين قال (قَائِمًا بِالْقِسْطِ). فرب العالمين يريد من الحاكم هكذا ولهذا قال له (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴿8﴾ المائدة) ماذا قال له؟ قال أنا رب العالمين أعلم أن كل حاكم عنده موقف سلبي من جماعة، قوم، لم يقل واحد (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ) الشنآن شدة البغض كلنا يحدث بيننا سوء تفاهم أنت تكرهني أنا أكرهك لكن هذا نتجاهله ونتعامل مع بعض لكن أحياناً يصل هذا إلى شدة البغض يعني لا أطيق سماع صوتك ولا سماع أسمك ولا رؤية وجهك هذا الشنآن إياك وأنت حاكم إياك أن تجعل من هذا الشنآن المترتب على قوم على عائلة عندك منها موقف العائلة كلها عشيرة قبيلة كاملة أنت لا تحبها قرية مدينة قامت بمظاهرة ضدك لا تحبها مجموعة نقابة محامين نقابة أطباء يعني لابد لأي حاكم أنه في قلبه شيء هذه قضية إنسانية حتى الأنبياء النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تخبروني عن أصحابي شيئاً فإني أريد أن ألقاهم وليس في قلبي شيء على أحدهم) هذه قضية إنسانية إياك أن يحملك هذا الشنآن البغض الشديد على أن لا تعدل (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) لماذا أقرب للتقوى؟ لأن التقوى كثيرة صلاة وصوم وحج وزكاة وملايين أعظم نوع من أنواع التقوى هو عدل السلطان لماذا؟ لأنه صعب، عشيرة تحاربني شخص كتب مقالة ضدي، واحد تآمر عليّ، أو قام بانقلاب الخ وطبعاً أنت سلطان كم أنت بحاجة إلى قوة وإلى رصيد من الإيمان تقول ولو هذا شيء لكن حقك خذه. مرة سيدنا عمر جاء واحد الذي قتل زيد بن الخطاب أخوه وزيد بن الخطاب من كبار العظماء لكن غطى عليه سيدنا عمر بعظمته فعندنا أخوين اثنين عظماء لكن واحد يعني متجلي للغاية والثاني لا أحد يعرفه لا يذكرونه فزيد بن الخطاب أخو عمر رجل عظيم جداً لكن عظمة سيدنا عمر في كل جوانب الحياة غطت عليه المهم قتل سيدنا زيد بن الخطاب والذي قتله أسلم بعد ذلك والإسلام هذا يجب ما قبله كما تعرفون ويأتي هذا القاتل مع وفد من قومه الذي جاء سيدنا عمر وهو خليفة سيدنا عمر لما رأى القاتل طبعاً تذكر أخيه الكريم وأخوه أكبر منه والأخ الكبير أب وقُتِل شر قتلة وبغدر فسيدنا عمر كان يحدث هذا المجلس ولا ينظر إلى هذا القاتل فهذا القاتل قال له (يا أمير المؤمنين كأن الذي كان مني أسرع بك) أنا لاحظت أن في قلبك شيء قال نعم والله أنا لا أحبك فقال له (يا أمير المؤمنين أمانعي هذا من حقي؟) كونك لا تحبني هذا يؤثر علي أنك ستظلمني ولا تعطيني حقوقي؟ فقال له لا، فقال (إذاً لا بأس إنما يأسى على الحب النساء) معنى هذا أنت حاكم قد تكره بعض الناس. طبعاً هذا إعرابي جلف قال (إنما يأسى على الحب النساء) في الحقيقة هذا غبي ككل الأعراب ومعظم الأعراب الأغبياء الذين رب العالمين سفّههم قال (الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا﴿97﴾التوبة) لماذا؟ جلف وصلب، كيف (إنما يأسى على الحب النساء)؟ والله ما من شيء أجمل من الحب في هذه الدنيا أن تحب أباك ووطنك وقومك ما أعظم أن تكون محبوباً ومحباً من حاكمك ولهذا دولة الإمارات هذه تتميز بين العالم كله من أول الخلفاء الراشدين إلى اليوم أن واحد اسمه سمو الشيخ زايد رحمة الله عليه تتحدى أن تجد له مبغضاً في هذا الشعب وهذا جديدة في حكومات عظيمة وخالدة وكريمة وصالحة بس لازم في واحد اثنين عشرة مائة ألف ضد الحكومة لا يجبون الحاكم لأمر ما قضايا شخصية. أنا نفسي قبل أن أموت وأنا هنا من سنة 1974 أتمنى أشوف واحد من العالم كله يقول أنا لا أحب الشيخ زايد ما وجدنا حقيقة أعجوبة هذه ما أحلاه هذا ورب العالمين سبحانه وتعالى كيف يختار ملوك الجنة؟ يختارهم لما يصير الحشر والناس في غاية الصعوبة والخوف الله يقول يا فلان قم فاشفع اشفع لألف واحد أدخلهم الجنة بعد ما كانوا في النار، أنت يا فلان قم واشفع وأنت يا فلان على رؤوس الأشهاد هؤلاء يصبحون محبوبين جداً فلما رب العالمين يجعلهم ملوكاً على تلك الجنة الجنان بالآلاف مائة درجة وكل جنة لها ملك فالناس سعداء جداً بأن هذا ملكهم كما أن هنا في الإمارات الناس سعداء بأن الشيخ زايد كان رئيسهم وإن شاء الله خلفاؤه على طريقه. حينئذٍ إذا كان الشنآن شدة بغض الحاكم للقبيلة الفلانية قوم القبيلة الفلانية المجتمعات الفلانية الحزب الفلاني الشريعة الفلانية لكن هذا لا يؤثر على حقوقهم هذا قال أقرب للتقوى هي هذه التقوى أصعب شيء (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴿34﴾ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴿35﴾ فصلت) هذا ما يجري هنا. حينئذٍ عدل القاضي الفصل بين الخصوم عدل الحاكم التسوية بين الأجيال يعني هذا القرآن أعجوبة العجائب حينئذٍ رب العالمين سبحانه وتعالى يقول يا قاضي إذا جاءك خصمين اعدل بينهم بالقسط يعني نفِّذ ليس فقط تحكم وتخرج وأنت يا حاكم كن قائماً لله كما رب العالمين لماذا؟ النبي صلى الله عليه وسلم يقول (السلطان ظل الله في الأرض) وأنت إذاً إذا كان الله قائماً بالقسط فأنت كن قواماً بالقسط لأن الله سبحانه وتعالى تتساوى عنده الأمور كلها كأنه حكم واحد كأنه كل ما يقضي به لشخصٍ واحد (مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴿28﴾ لقمان) أنت لا، كلما جاءك مناسبة ساوي بين الأجيال يعني أنت الآن عندك ثروة هائلة بعد عشر سنين سيأتي جيل جديد بعد عشرين سنة جيل آخر بعد أربعين خمسين ستين سبعين سنة عمرك طويل إن شاء الله أنت تستنفذ كل ما عندك لهذا الجيل والباقين كيف؟ مثلما قال سيدنا عمر لما أراد أهل العراق أن يوزع عليهم الغنائم والأراضي الزراعية قال وماذا يأتي للذرية والقادمين بعدنا والأجيال القادمة؟ هذا هو العدل، هذا هو عدل السلطان أن يحسب حساب الرعية اليوم والرعية بعد عشر سنوات وبعد عشرين سنة وبعد ثلاثين سنة وبعد ما يروح ويخلفه أولاده أو يخلفه خلفاؤه عليك أن تكون عادلاً وقائماً بالقسط. نقول إذاً بأن عدل القاضي هو أن يصلح بين الخصوم ويحق الحق لصاحبه هذا مجرد عدل (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) ثم قال أمر ربي بالقسط وهو أنك أنت ترفع الظلم عن هذا الرجل وتحكم له بالحق وتنفذ هذا الحكم حينئذٍ إن الله يحب المقسطين. وأما القاسطون فهم الظلمة قسط وأقسط (وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا ﴿15﴾ الجن) إذاً هذا هو الفرق بين العدل والقسط وعدل السلطان هو أن يراعي جميع أفراد شعبه وكل شيء في قلبه من موقف من ناس وهذا شيء طبيعي إنساني حتى النبي صلى الله عليه وسلك كان يقول (فلان غرِّب عني وجهك) يعني لا تأتيني لكن ما يمنعه هذا من حقه كما قال الرجل لسيدنا عمر (أمانعي هذا من حقي؟) قال له لا قال (إذاً لا بأس إنما يأسى على الحب النساء). حينئذٍ هذا العدل عدل السلطان هو بالمساواة بين الأجيال كما هو بالمساواة بين جيله هو، يعني أنت الآن عندما تنفق كل ما عندك على هذا الجيل طيب والجيل الذي بعده يعني بعد عشر سنوات سيكون جيل بعد عشرين سنة سيأتي جيل ثاني بعد أربعين سنة جيل خامس لا بد أن توزع الثروة والإبداع والنجاح. كتاب محمد بن راشد “تجربتي” فيه دقة عجيبة بحيث لا يوجد كلمة تزيلها إلا ويختل المعنى مرصوص رص ودائماً أقرأ فيه وأعجب من دقة هذا الرجل في الكتابة كما هو دقيق في كل أعماله يقول “قبل خمس سنوات سلكنا طريق الريادة والنجاح” قبل خمس سنوات تأمل جداً لماذا قال خمس سنوات؟ “وبعد خمس سنوات حققنا عشرة بالمائة من طموحاتنا وآمالنا” عشرة بالمائة، يعني أنت وكل العالم يشهد ماذا يحدث في الإمارات وخاصة في دبي هذا الذي جرى في دبي بخمس سنوات والله ما يأتي بدولة أخرى بخمسين سنة، هذا مشهود به العالم كله يقوله. إذاً الزعيم الذي حقق في خمس سنوات كل هذا ويقول هذا عشرة بالمائة معنى هذا بالخمسين السنة القادمة تكتمل طموحاته هو في جيله هو معناه كل خمس سنوات عنده عشرة بالمائة من طموحاته تتحقق للجيل القادم يعني الذي هو الآن في الابتدائية بعد عشر سنوات سيتخرج ويصبح رجل وقس على هذه الدورة إذا هذا عدل السلطان أنك تحسب حساب الأمة وأنت مسؤول (كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته) هذا الذي دائماً نسمعه الخطة الخمسية والخطة الخمسية كل خمستين جيل كانوا أطفال والآن في الجامعة. وحينئذٍ عدل السلطان المساواة بين الأجيال بأن توزع عليهم وقتك وعمرك كله وإبداعك وإنتاجك ورعايتك وعلى شرط إذا كان في قلبك شيء أو موقفٌ سلبيٌ من جماعة الله تعالى قال (شَنَآَنُ قَوْمٍ) حينئذٍ هذا قلبك أنت حر لا ينبغي لك ولا شعرة واحدة أن تجعل هذا الشنآن مؤثر في إحقاق الحق لهم قال (أمانعي هذا من حقي؟) قال لا، قال إذاً لا يهم (إنما يأسى على الحب النساء). من أجل ذلك نقول رب العالمين عز وجل لما قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لله) أنتم الشهود إياك أن تشهد بكلام ملتوي طبعاً ما معنى محامي؟ المحامي يتلاعب بالألفاظ يغير الموضوع هذا الليّ (لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ﴿46﴾ النساء) هذا عن العملية القضائية كاملة. هنا لما رب العالمين قال (كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ) أن يكون كل عملك هذا القاضي فقط أثناء القضاء (شُهَدَاءَ لِلَّهِ) أنت يا قاضي كل حياتك لله كن قواماً لله شهيداً بالقسط حينئذٍ (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) هذه التقوى ولهذا هناك فرق بين التقوى وبين من يتقي، كلنا نتقي في حالة من الحالات ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم قال (سبعة يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله) أولهم الإمام العادل لماذا؟ لأنه أمر صعب يعني أنت ناس يكرهونك ويتكلمون عليك ويتآمروا عليك مثلاً وليس مطيعين وبهم مهربين وبهم غشاشين ومنهم من عمل مشاكل للدولة وفي قلبك عليهم شيء ومع ذلك هذا الشنآن مهما كان عظيماً هذا البغض لا يمنعهم من حقهم، من الذي يقوم بهذا إلا من رحم الله سبحانه وتعالى؟! ونحن كلنا نقول معقولة يحدث عدل بهذه النسبة في أي دولة في هذا العصر المتناحر دولة الإمارات وهذا كل العالم يعرفه أثبتت أن العدل والقسط ممكن ولهذا هذه الدولة الآن حُجّة على جميع الدول الإسلامية التي شاع فيها الظلم وأكل الحقوق والإعدامات والقتل والتعذيب بشكل لا يمكن أن يرضى به القرود، رب العالمين سيقول لماذا الإمارات استطاعت؟ انظر من عدل السلطان أن لا يحتجب عن الرعية، هل هناك دولة في العالم الآن كما هو واقعٌ هنا بسيارتك تذهب إلى المجلس الذي يجلس فيه الحاكم كل حكام الدولة كل حكام الإمارات؟ في أي لحظة تروح تركب سيارتك تمشي داخل الحديقة تقف بسيارتك مقابل المجلس الذي يجلس فيه السلطان هذا لم يعد موجوداً في الدنيا كلها إلا أيام الخلفاء الراشدين وما بعدهم. من أجل هذا رب العالمين لما غيّر هذه الصيغة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) يا قضاة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ) يا حُكّام من هنا ترى أنت كل ما فيه تقديم وتأخير في القرآن الكريم اعلم أن وراء هذا سرٌ بلاغي أو أحكام عليك ولهذا قال (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ﴿24﴾ محمد) والتدبر هو أن تبقى كما نفعل في هذا البرنامج المبارك أن تبقى خلف الآية والله كل آية كما تعرف تأخذ عندنا يوم يومين ونحن صافرين مثل المسطولين ليش قال رب العالمين هذه دون هذه وما تجد إلا نادر جداً في بعض الكتب لماذا؟ في أجيالنا السابقة لم يكونوا بحاجة لهذا كانوا محتاجين لحلال وحرام ولهذا الأمة أبدعت في هذا إبداعاً لم يعد فوقه مزيد. بقي هذا الذي نحن فيه الآن في هذا العصر كثر الزيغ والادعاءات والحرب على الإسلام والتشكيك بالقرآن والخ ورب العالمين في كل جيل يفتح على بعض عباده من إعجاز وأعاجيب هذا القرآن ما ينفع في هذا الجيل وفي هذا الموقف. حينئذٍ نقول هنا عرفنا الآن أن الفرق بين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ) وبين (كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ) هنا عدل السلطان وهنا عدل القضاء والفرق بينهما هائل.

الدكتور نجيب: لعل من أجمل هذه المظاهر القوامة بالقسط في هذه الدولة المباركة ما سمعنا وقرأنا هذه الأيام أن صاحب السمو الشيخ خليفة حفظه الله قد أطلق كثيراً من السجناء بأن ترك القضاة يحكمون وينفذون الأحكام لكنه هو تحمل بعد ذلك الديون وما ترتب على هذا الأمر.

الدكتور الكبيسي: أن يتحمل هو هذا القسط (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل إن العادلين قال (إن المقسطين على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وما ولوا) حينئذٍ القسط أن تصل بالحكم إلى التنفيذ إذا كنت قاضياً وإذا كنت حاكماً أن تصل بنعمتك وقدرتك وكفاءتك وتخطيطك وخططك الخمسية إلى كل الناس وهذا الذي يجري هنا ويجري في بعض دول العالم حقيقة في أوروبا في كثير من دول الغرب الآن هذا موجود للأسف الشديد كما قال في الحديث (لا تقوم الساعة حتى يكون الروم أشد الناس عليكم وهم يومئذٍ أمنع الناس من ظلم السلطان) ونحن أولى بهذا ولكن للأسف الشديد لا نرى إلا استثناءات قليلة من هذه الاستثناءات هذه الدولة التي يشهد لها العالم بالعدل والتنمية والرخاء والهدوء والتؤدة ونسأل الله تعالى أن يطيل أعمار شيوخها ويسددهم ويسدد خطاهم إلى هذا الخير الذي عموا به على الأمة كلها، هذا هو القسط (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) لم يقل يحب العادلين. ولهذا رب العالمين يقول (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا﴿58﴾ الأعراف) البلد الطيب البلد الذي فيه عدل فيه قسط رب العالمين هو الذي يخرج الثمر وإن كانت صحراء الصحراء تتحول إلى بيئة زراعية نموذجية تُصَدِّر والبيئة الزراعية الخصبة كبلاد الرافدين تموت جوعاً وعطشاً للظلم الذي فيها والله ما رأينا فيها إلا الظلم واقرأ تاريخها كله كله الظلم (وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا) فبالعدل تقوم السموات والأرض، هذا الفرق بين الآيتين.

(إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴿149﴾ النساء) – (إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴿54﴾الأحزاب)

نأتي إلى موضوع آخر في النساء (إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴿149﴾ النساء) هذا في النساء (إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا)، في الأحزاب (إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴿54﴾ الأحزاب) (إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا) لماذا هناك (إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ) وهنا (إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ)؟ في النساء عندما يقول (إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا) يتكلم رب العالمين سبحانه وتعالى عن (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ﴿148﴾ النساء) أنا جائع أنا فقير أنا مُعدم الخ لا، عيب هذا توكل على الله وتجمّل وبالتالي التجمّل هذا مروءة شخصية المروءة المحترم لا يشكو (يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ﴿273﴾ البقرة) قد يكون بعضهم لا يجد ما يأكله لكنه رغم ذلك شايف نفسه أمام الآخرين كأن هو غني هذا من المروءات من احترام الشخصية (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) إلا من ظلم هذا له علاقة بالآية السابقة القسط رفع الظلم أولاً ثم إحقاق الحق ثانياً ثم تنفيذ هذا الحق (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الله سبحانه وتعالى قال (قَائِمًا بِالْقِسْطِ) (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ) لماذا؟ رب العالمين يخبر الملائكة بقسطه والملائكة يخبرون العلماء بقسط الله والعلماء يخبرون الأمة بقسط الله (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ) بماذا شهدوا؟ (قَائِمًا بِالْقِسْطِ). حينئذٍ رب العالمين سبحانه وتعالى الذي يقوم بالقسط هنا يقول (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ) يعني أنت إذا كنت تشكو والله تصغر من قيمتك خليك متماسك رب العالمين يعلم والذي رزق غيرك يرزقك (إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) إذا كنت مظلوماً من حقك أن تجاهر بسبّ من ظلمك على أن لا يكون قذفاً والله فلان ظلمني فلان جار علي لماذا؟ إن لصاحب الحق مقالاً. يا أخي كل إنسان يحتمل الجوع يحتمل المرض يحتمل الغربة، الرجال يحتمل إلا الظلم ما تنام يمنعك النوم إذا كنت مظلوماً ولا تستطيع أن تحصل على حقك سواء إذا كان الذي ظلمك سلطان أو ظلمك غني أو ظلمك أخوك والظلم مرتع مبتغيه وخيم. حينئذٍ هذا المظلوم وحده الذي إذا رفع صوته وشكى لا بأس، إذا جهر وقال إن فلان عمل بي كذا وأخذ حقي ولهذا مرة جاء النبي صلى الله عليه وسلم رجل وقال له يا رسول الله فلان ظلمني قال خذ أنت أغراضك وارميها بالشارع يعني هذا الرجل كان عنده جار خرب بيته وتطاول عليه بالماء يعني جار سوء يعني جعل هذا جاره يعيش في جحيم فقال له النبي تحمل أغراضك وترميها في الشارع وكل واحد يمر بك قل فلان ظلمني وفعلاً حمل أغراضه وجعلها في الشارع فكل ما مر به شخص سأله ما أمرك؟ قال هذا جاري أخرجني وعمل بي كذا وكذا الخ وفعلاً هذا الجار الآخر الظالم جاء يتوسله يقول له خلاص أنا تبت إلى الله ولن أؤذيك مرة أخرى، فبالتالي النبي صلى الله عليه وسلم تطبيقاً لهذه الآية (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) وثم عاد استمر رب العالمين بعد هذه الآية مباشرة يقول (إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا) معناها صح أنت للك حق والظلم هذا مصيبة ولهذا عندما يتخاصم اثنان رب العالمين رحيم هذا الدين بل علاقة رب العالمين بعباده مبنية على رفع الحرج، أنا شخص تخاصمت أنا ونجيب يعني لا نتخاصم؟ بل نتخاصم ثلاثة أيام تهجرني وأهجرك ولا أسلم عليك ثلاثة أيام فقط أنفس عن نفسي قليلاً في اليوم الرابع يجب أن نتصالح (لا يهجر المسلم أخاه فوق ثلاث) فرب العالمين قال ثلاثة أيام كفاية ثلاثة أيام تنفس عن حقدك فرب العالمين أعطاك رخصة يا مظلوم أن تقول يا جماعة يا ناس يا عالم شوفوا القاضي الفلاني أخذ رشوة وحكم ضدي وهذا حقي وهذا جاري فعل كذا وفلان شيء عمل لي كذا أخي أبي الخ ترفع صوتك لك الحق لأن لصاحب الحق مقالاً لكن (إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا) يعني أنت بعد ما ظُلِمت كلامك كان طيباً يللا الله يسامحه معليش يمكن معذور يمكن كذا كلامك فيه لطف وفيه حِلم والحِلم هذا من صفات الأنبياء (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ﴿114﴾ التوبة) (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ﴿101﴾ الصافات). (إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا) أنت أعلنت هذا أفضل شيء أن تقول لا الرجل لم يفعل لي شيئاً (أو تخفوه) أنت بقلبك سامحته لم تقل أمام الناس بل بقلبك سامحته فكرت بالموت ويوم القيامة والظالم يوم القيامة مصيبته سوداء فسامحت بقلبك أو تعفو تسامح لوجه الله علناً فإن الله (فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا) أن يعيد بينكما الألفة. إذاً (إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا) هذا في سورة النساء. في سورة الأحزاب (إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ) هذا ليس عن موضوع الغضب والزعل والظلم بل في التعامل مع نساء النبي (وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴿6﴾ الأحزاب) (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ ﴿32﴾ الأحزاب) (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴿4﴾ الحجرات) حرمة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيت النبي أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم زوجاته وآل بيت النبي علي والحسن والحسين وفاطمة أولادهم حينئذٍ لهم حرمة هائلة وبالتالي إذا دققت الباب أو مثلاً طلبت منهم شيئاً أو سمعت منهم كلاماً وقد ضمرت في قلبك أي شيء انتقاد أو شيء لم يعجبك ليس بالضرورة ظلم، شيء ما ليس هناك احترام أو أنت في خاطرك شيء عليهم (إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا) أيّ شيء أيّ موقف سلبي (فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) إعلم أن تعاملك في محيط النبي صلى الله عليه وسلم في أسرته الكريمة الطاهرة بأيّ شيء ترفع صوتك (لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ﴿2﴾ الحجرات) وإلى كل الأدب والاحترام غضوا أصواتكم غضوا أبصاركم أي شيء تخفيه في قلبك لأمرٍ ما قلة عقل منك، ضعف إيمان مشكلة لم تفهمها وقلبك صار فيه شيء سلبي أيّ شيء كان (إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ) هناك خيراً وهنا شيئاً (فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) لاحظ أن تبديل كلمة خير بكلمة شيء له معنى آخر موضوع ثاني لو قال هنا في الأحزاب إن تبدوا خيراً ليس لها معنى وهناك إن قال إن تبدوا شيئاً ليس لها معنى كل واحدة في مكانها (إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ) هذا للمظلوم (إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا) في معاملة الأسرة الطاهرة الكريمة التي نتقرب إلى الله بحبها والتي ستشفع لنا يوم القيامة إن شاء الله، هذا الفرق بين الاثنين.

الدكتور نجيب: وإلا ما معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله إذا كان الشخص والعياذ بالله يبدي شيئاً أو يخفيه تجاههم؟ لا معنى له.

(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ﴿171﴾ النساء) – (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ﴿77﴾ المائدة)

يقول تعالى (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ﴿171﴾ النساء) (عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ) في المائدة (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ﴿77﴾ المائدة) لماذا في النساء (وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ) وفي المائدة (غَيْرَ الْحَقِّ)؟ هذا ليس عبثاً. في آية النساء يخاطب اليهود يقول لهم يا يهود يا أهل الكتاب أنتم عندكم الحقائق والتوراة والإنجيل مليئة بالحقائق لماذا تكذبون على التوراة والإنجيل وتقولون كلاماً آخر؟ ليس من الحق، فأنتم ابحثوا عن الحق الذي في الكتاب وقولوه (وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ) فرب العالمين يقول لأهل الكتاب ابحثوا في كتبكم عن الحق المتعلق بنبوة محمد نبي آخر الزمان وقولوها (وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ) هذا أمرٌ بأن يقولوا الحق. الثانية نهي بأن لا يقولوا غير الحق (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ) فرب العالمين نهاهم عما قالوا لأنهم قالوا غير الحق وأمرهم أن يقولوا جديد الحق نفسه قال لا تقولوا إلا الحق ففي سورة النساء فيها أمر بأن يقولوا الحق وفي المائدة نهي أن يقولوا غير الحق لأن في ناس سكتوا فقال قولوا الحق وناس قالوا كذباً فقال لا تقولوا غير الحق إذاً هذا خطاب لجماعة من أهل الكتاب وهذا خطاب لجماعة أخرى من أهل الكتاب.

بُثّت الحلقة بتاريخ 29/8/2008م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها