الحلقة 17
عندنا ثلاثة مواضيع في هذه الحلقة:
(هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) – (هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ)
الأولى كلمة هاأنتم هؤلاء والتي مثلها هاأنتم أولاء رب العالمين سبحانه وتعالى مرة يقول (هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ (66) آل عمران) ها أنتم هؤلاء الخطاب لليهود أو لأهل الكتاب عموما ًلما قالوا بأن شريعة محمد ليس لها علاقة بشريعة إبراهيم رب العالمين قال (هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) الخ إلى أن قال (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿67﴾ آل عمران) ها أنتم هؤلاء لماذا قال هؤلاء؟ الآية الأخرى قال أولاء والخطاب هنا للمسلمين (هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ ﴿119﴾ آل عمران) يا مسلمون أنتم تحبون أهل الكتاب تحبون اليهود تحبون النصارى لأن دينكم لا يختلف معهم إلا في بعض الأشياء وأنتم تتمة لهم وهم تتمة لكم وأنتم دين يؤمن بكل الأنبياء (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ ﴿136﴾ البقرة) لماذا خاطب اليهود بقوله ها أنتم هؤلاء وخاطب المسلمين ها أنتم أولاء؟ (هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ (66) آل عمران) هذا خطاب اليهود وخطاب المسلمين في سورة النساء مثلها (هَاأَنتُمْ هَـؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (109) النساء) نفس النسق يا مسلمون ها أنتم هؤلاء يا يهود ها أنتم هؤلاء مرة واحدة خاطب المسلمين قال ها أنتم أولاء بدون هاء لماذا؟ ما الفرق؟ هل حذف هذا الحرف وهو حرف تنبيه باسم الإشارة طبعاً للعلم أولاء هي الأصل الأصل في هؤلاء أنها أولاء أضيف إليها هاء التنبيه لأمرٍ ما كبقية حروف الإشارة فلماذا رب العالمين خاطب المسلمين مرة بقوله ها أنتم أولاء ومرة خاطب ها أنتم هؤلاء؟ ونفس النسق نفس الآية نفس الموضوع فما الفرق؟ يقول أصحاب الذوق في اللغة هناك لغة وهناك ذوق في اللغة كل الناس تعرف لغة لكن كم واحد شاعر عنده ذوق في اللغة بحيث ينظم هذا البيت ويقولون أكمل العقول عقول الشعراء هذا الذي يستطيع أن يصوغ هذا الكلام الجميل الموزون المقفى مئات الأبيات على وزن واحد هذه لا يفعلها إلا عقل كامل وبالتالي أصحاب ذوق اللغة عندنا أصحاب لغة وأصحاب نحو وأصحاب صرف وأصحاب فقه لغة وأصحاب بلاغة وأصحاب بيان وأصحاب بديع أنواع هذا العلم الذي نحن فيها الآن في هذا البرنامج المتشابه من القرآن الكريم هذا ليس لغة وإنما الذوق في اللغة وإلا كل المفسرين قالوا (ها) حرف تنبيه وانتهينا. اسم إشارة أولاء اسم إشارة و(ها) حرف تنبيه مثل هذا وهذه والخ ما زادوا عن هذا. أصحاب الذوق الحاسة كلنا نعرف أن هذا ذهب امرأة تلبس سواراً أصفر يعني ذهب كلنا نعرف كم واحد يعرف هذا نوع الذهب؟ معيار الذهب؟ كم غرام؟ من أي نوع؟ من أي فصيلة؟ والذهب أنواع كثيرة. هذه الزوالي التي في الأرض السجاد الإيراني عالم غريب نحن كلنا نرى هذه سجادة هذه السجادة فصائل وعشائر وأنواع أقسام وفروع هذا يعرفها أصحاب الذوق أصحاب الجمال. حينئذٍ لماذا رب العالمين مرة قال ها أنتم هؤلاء ومرة نفسها يقول ها أنتم أولاء؟ ها أنتم أولاء بدون هاء هذا أصل التعبير وأصل الكلمة ولذلك عندما يكون يخاطبهم بشيء مألوف وجيد وفقط يريد أن يوجههم توجيهاً معيناً ليس فيه عتاب ولا انتقاد ولا زجر يقول ها أنتم أولاء أنا أرى طلاباً يمتحنون امتحاناً جيداً وقاعدين يمتحنون في أوراقهم بانتباه أقول ها أنتم أولاء تؤدون الامتحان ها أنتم أولاء رحت على مجموعة ثانية جالسين نفس الجلسة يضحكون ويتمسخرون ولا هم سائلين في الامتحان ها أنتم هؤلاء في الامتحان وتضحكون هذا فيه توبيخ فيه احتجاج فيه تسجيل موقف فيه الفات نظر فيه قصور فيه خلل. هناك لا ذكر واقع بل فيه مسحة مدح مسحة تثمين ها أنتم أولاء تحبون يا مسلمون بارك الله فيكم أنتم ناس طيبون أنتم لا تفرقون بين أحد من رسلكم انظروا اليهود والنصارى ها أنتم تحبونهم ولا يحبونكم أنت تقول آمنا بالله وملائكته وكتبه ورسله (آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴿136﴾ البقرة) وأسماؤكم كلها أسماؤهم عيسى وموسى وإبراهيم وداود كلها أسماء بني إسرائيل ما عندكم مشكلة أنتم والله أنتم عظماء أنتم أمة عظيمة (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴿110﴾ آل عمران) لا تفرقون بين أحد (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) ها أنتم أولاء يا مسلمون يا أصحاب الفضل أولاء تكريم. ها أنتم هؤلاء يا مسلمون في قضية ثانية واحد يهودي سرق درعاً هذا اليهودي استطاع أن يلبس الأمور بحيث يجعل الحق باطلاً والباطل حقاً وهي قصة طويلة معروفة عند بعض الذين قرأوا التفسير والقصة أن ناس من عرب المنافقين أسلموا إسلاماً ظاهرياً واحد منهم سرق وهو طعمة بن أبيرق فقال قومه للنبي صلى الله عليه وسلم هذا ابننا ولا تتهمه فاجعلها على هذا اليهودي والنبي صلى الله عليه وسلم يعرف أن اليهود يكيدون لنا كيداً وأن اليهود عداؤهم أبدي (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى﴿120﴾ البقرة) كما هو واقع التاريخ من زمن النبي صلى الله عليه وسلم وإلى اليوم واليهود هذا شأنهم واقع وكأنه قدر القرآن قال قدر. حينئذٍ كأن النبي صلى الله عليه وسلم وجد في نفسه أنه ربما فعلاً يكون السارق هذا اليهودي وليس طعمة بن أبيرق وجد قال يمكن هذا لم يسرق أنت يا يهودي الذي سرقت هذا لم يسرق فرب العالمين قال ولو يهودي ولو عدوكم الحق حق والعدل عدل ثم كيف تجادل عنهم يا محمد (هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا ﴿109﴾ النساء) يا الله، يعني أربع خمس آيات حينئذٍ رب العالمين في ساعة من ساعات الاقتناع أو شبه أحياناً أنت لك عدو أنت لا تظلمه وارتكب جريمة لكن لأنه عدوك تقول يا ريت نثبتها عليه ونخلص لكن أنت فقد تمنيت أن تثبت عليه الجريمة حتى هذا ليس من حقك قضية العدل في الإسلام قضية الله عز وجل (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ﴿29﴾ الأعراف) (إن الله سمى نفسه العدل) مع عدوك بالعكس عدوك أولى بأن تعدل معه وتعدل إليه أكثر من صديقك ولهذا العدل في الإسلام أعجوبة (الظلم ظلمات يوم القيامة) ولهذا أول السبعة الذين يحبهم الله يوم القيامة هناك سبع شرائح يوم القيامة هؤلاء ملوك الجنة أولهم الإمام العادل لا عالم ولا حافظ قرآن ولا الأخوان المتحابان ولا المتعلق قلبه بالمساجد الإمام العادل القاضي العادل ولهذا القضاء في الإسلام مصيبة المصائب كما في الحديث (من ولِيَ القضاء ذبح من غير سكين) ما معنى هذا؟ أنت لما تأتي بخروف وعندك سكين حاد بأقل من ثانية انتهى ألمه يعني ألم الخروف من الذبح بالسكين الحاد ثواني وتنتهي المصيبة حتى لو تذبح إنساناً كما يفعلون الآن في بعض الدول العربية ناس تذبح ناس بالسكاكين على أنت مشرك وأنت كافر فأحياناً يذبحونه بثواني فانتهى ألمه هذا المذبوح انتهى ألمه وبدأ ألم الذابح يوم القيامة سيلعب فيه لعباً. لكن عندما تذبح بغير سكين إما بحديدة تصور حديدة تذبحه فيه ساعة إلى أن يموت معناها كناية من وليَ القضاء ذُبح بغير سكين كناية عن شدة آلام الذبح المفرطة. من هذا المذبوح المتألم جداً الذي يصبح قاضياً؟ (قاضيان في النار وقاضي في الجنة) هذا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الأمة خير الأمة (خير القرون قرني) أصحاب ولهذا (قاضيان في النار وقاضي في الجنة) ولهذا كان الصحابة يتدافعونها ولهذا عبد الله بن عمر لما طلبوه ليصبح قاضياً رفض لا يريد يا أخي أنت أبوك كان قاضي قال أبي شكل وأنا شكل، لما ألح عليه سيدنا عثمان قال له تعالى يا عبد الله صير قاضي قال ما أصير قال له: عزمتك عليك إلا أن تقبل، هذا الخليفة لا بد أن يطاع فقال له: يا أمير المؤمنين إذا سبحت في البحر كم تصبر قبل أن تطمس، يعني واحد سبح في البحر لازم يعبر البحر من أوله إلى آخره كم يوم يجلس شهر ربما ستسبح يوم يومين أو حتى ثلاثة ستغرق يعني ستغرق بالنهاية فأنا قاضي أعدل اليوم أعدل يومين كيف أنا أعدل يأتيني صديق يأتي أخي أو عمي أو خالي أو واسطة أو رشوة أو كذا الخ إذا كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم قاضيان في النار وقاضٍ في الجنة وليس الآن فالآن الثلاثة قضاة كلهم في النار. يعني نحن الآن عندنا القضاء في العالم العربي خاصة هذه الذي يسمونها محاكم الثورة يعني لما تقوم انقلابات وتصير جمهورية ويأتوا بحكام يحاكمونهم عار على جبين الأمة جمال سالم في عهد عبد الناصر هذا لما حاكم أفراد العهد السابق والمهداوي في العراق ومعروف في كل الجمهوريات لما يصير رئيس الجمهورية يأتي بمحكمة مضحكة قذرة وسخة من أخس الناس حشاشين سكارين لا يساوون حذاء ويجعل منهم قضاء ويعدم وجبة وجبتين ثلاثة عشرة عشرين من خيار القوم ضباط وقادة ومهندسين وأطباء هذا قاضي (من ولي القضاء ذبح من غير سكين) فرب العالمين فقط لأن النبي صلى الله عليه وسلم كأنه وجد هوىً أن هذا المسلم ولم يكن يعرف أن هذا منافق جاءوا الناس وأسلموا وبعدين قالوا يا رسول الله هذا الدرع لم نسرقه طبعاً هو كان سارق طعمة بن أبيرق هو الذي سرق وقالوا أنه اليهودي هو الذي فعل كذا واليهود فعلوا بنا وسرقوا ولشدة عداء اليهود النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن عنده رد فعل مباشر كأنه سكت حتى يشوف بعدين كيف يحكم بينهم وبالتأكيد أن الله اطلع على النبي صلى الله عليه وسلم ربما وجد هوىً أن التهمة تكون على هذا اليهودي وليس على هذا المسلم فرب العالمين قال له أولاً هؤلاء منافقين وفعلاً لما النبي صلى الله عليه وسلم حكم عليهم انهزموا وارتدوا عن الإسلام وماتوا كفاراً نعوذ بالله المهم أين؟ فرب العالمين لحبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم لأنه ما تعمد الإٍساءة قال له (هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) من باب العظة أنك أخطأت أنك أنت كان عليك أن تفعل العكس كذلك لما أنتم تحبون اليهود (هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ). إذاً لما يكون هنالك هاء فيها أنك أخطأت. ولهذا رب العالمين تكلم عن اليهود والنصارى في زمن النبي صلى الله عليه وسلم قالوا محمد ليس له علاقة بشريعة إبراهيم الله قال (هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) تكلمتم عن موسى ومعجزاته وهذا شيء تعرفونه لكن كونكم تعرفون شريعة محمد متفقة أو غير متفقة هذا ليس من شأنكم فأنتم لا تعرفون بدليل أن محمد موحد وأنتم لستم بموحدين وأن محمداً يرجع نسبه إلى إبراهيم كما أن إسماعيل أيضاً يعقوب إسرائيل وهذا إسماعيل والخ إذاً انتم تجادلون فيما ليس لكم به علم ها أنتم يا يهود أخطأتم أنكم جادلتم فيما ليس لكم به علم (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿67﴾ آل عمران) (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ ﴿96﴾ آل عمران) الذي بناه إبراهيم إحقاق حق، لما في خلل يوشك أن يقع يقول ها أنتم هؤلاء إذا كان لا في شيء إيجابي يقول ها أنتم أولاء يا مسلمون يا كرام يا طيبون ها أنتم أولاء تحبون اليهود والنصارى وليس في قلوبكم حقد أبداً لأنكم ملزمون أن تؤمنوا بدين اليهود والنصارى إلزاماً كاملاً ولا يكتمل إيمانك يا مسلم بمحمد إلا إذا آمنت بموسى وعيسى (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رسله) وفي قوله تعالى (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴿8﴾المائدة) كلمة العدل والقسط في القرآن أعجوبة.
د. نجيب: إذا كان عدم المحاججة فيما ليس لنا به علم نهانا الله عنها فالتاريخ الإسلامي كله خاصة في مجال الفكر مبني على المجادلة والمحاججة فيما ليس لنا به علم خاصة في الأمور الغيبية وهذه الفرق التي ظهرت ما هي إلا نتيجة مخالفة هذه الآية.
د. الكبيسي: الجدل الذي أصاب المسلمين هو الذي أوصلهم إلى حدود خطيرة جداً من الخروج من الإيمان من حيث سرعة جنوحهم إلى تكفير الآخر وهذه قاصمة الظهر يوم القيامة. وبناء عليها أُوّلت الآيات القرآنية خاصة في مسائل العقيدة والفكر الخ فعلاً هذا الدين كالماء لا بد أن يبقى ماءً بدون اسم.
إذاً خلصنا من الآية السابقة وهي الآية 66 من آل عمران الفرق بين ها أنتم هؤلاء وها أنتم أولاء حيث ما وجدتها في القرآن اعلم أن ها أنتم هؤلاء في خلل انتبه لا تفعل هكذا هذا خطأ يعني في توجيه لليهود كما يقولون شتيمة كيف تتهمون الناس بشيء أنتم لا تعرفونه! إذاً هذا الفرق بينهما وقلنا القصة طعمة ابن أبيرق واحد من المنافقين مسلم بالظاهر وسرق درعاً وأراد أن يتهم به يهودياً والقرآن قال له لا الحق مع اليهودي ضد المسلم فاحكم لليهودي بالحق على هذا المسلم الذي هو صاحب الجريمة وهذه قضية العدل في الإسلام تعرفونها جيداً انتهينا من هذه.
(أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ) – (يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ) – (أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ)
ننتقل إلى آل عمران أيضاً تقول الآية (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ ﴿124﴾ آل عمران) آية أخرى (بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ﴿125﴾ آل عمران) وفي آية الأنفال (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴿9﴾ الأنفال) إذاً هي نفس القضية ملائكة نازلين من السماء مرة منزلين مرة مسومين مرة مردفين هذا أولاً في هذه الآيتين أشياء كثيرة. الخلاف الثاني هي نفس الموضوع مرة يقول (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴿126﴾ آل عمران) في آية الأنفال لم يقل (لكم) (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿10﴾ الأنفال) ليش مرة بشرى لكم ومرة بشرى مطلقة؟ هذا خلاف ثاني، ثالثاً مرة قال (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) في الأنفال وفي آل عمران قال (وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) ما في عبث ليش قال به قلوبكم ومرة قال قلوبكم به؟ هذا رسم للمعنى الهائل أخيراً مرة قال (إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) في آل عمران وفي الأنفال قال (مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) معنى آخر تماماً. نبدأ بها واحدة واحدة لنعرف كيف أن القرآن الكريم ليس فيه عبث تقديم تأخير ماضي مضارع اسم فاعل زائد حرف نقص حرف تزيل كلمة من مكان وتتركها في مكان آخر فيها رسم آخر معنى آخر وعلى أصحاب الذوق اللغوي بهذا الكلام المعجز أن يستنبطوا منه هذه الصور العظيمة المعجزة وهي جزء من كلٍ لا حصر له ولن تنتهي عجائبه إلى يوم القيامة. إلى أن تقوم الساعة هناك من سوف يفتح الله عليه بمقاييس عصره وعلوم عصره وحاجات عصره أن يكتشف في هذا الكتاب العزيز باباً من أبوب الإعجاز لم يخطر على بال الذين سبقوا.
نبدأ واحدة واحدة طبعاً الملائكة الذين نزلوا في بدر تعرفونهم أول مرة لما أنزلهم الله تعالى وحاربوا مع المسلمين أنزلهم فهم منزَلين. لما قال مسومين هل تعرفون بأن الملائكة السماء الذين اشتركوا في بدر لهم علامات تعرفهم جميع الملائكة بأنها هؤلاء هم الملائكة البدريون كالبدريين من البشر أنتم تعرفون أن الذين اشتركوا في بدر رب العالمين كرمهم تكريماً (اعملوا ما شئتم لقد غفرت لكم) وكل التاريخ تاريخ الصحابة فلان ابن فلان وهو من البدريين تاج وسام مسومين كما أن الذين قاتلوا في بدر وسِموا بأنهم بدريون فإن الملائكة الذين اشتركوا في بدرٍ أيضاً يسمون في السماء الملائكة البدريون ومعروفون عند كل الملائكة بوسام أو لون أو إشارة أن هذا من الخمسة آلاف ملك الذي نزل يقاتلون مع المسلمين في بدر الكبرى التي غيرت تاريخ العالم كله. كان ممكن في تلك المعركة الكبرى التي غيرت تاريخ العالم كله كان ممكن في تلك المعركة أن ينتهي الإسلام لو انتصر المشركون وهم كثرة كاثرة والمسلمون قلة (إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ ﴿26﴾ الأنفال) نزل ملائكة. لاحظ حينئذٍ إذاً كلمة منزَلين لما أنزلوا فهم لم ينزلوا من أنفسهم الله أنزلهم قال أنزلوا فقد جاءوا مأمورين ويقودهم جبريل، هذا أمر. الأمر الآخر كونهم مسومين بهم علامات عنده علامة يعرف بها أنه هذا بدري، ثالثاً مردفين طبعاً الألفين الآخرين هؤلاء رديف فأنت عندما تقاتل تقاتل بالجيش الأصلي بالجيش الرئيسي لما المعركة تشتد تبعث مدد يعني ألف ألفين هذا يسمونه رديف الرديف الذي يأتي بعدك لكي يساعدك. الله يتكلم في آية الأنفال لما قال مردفين لأنه بعثهم بعد ما اشتدت المعركة تحتاج إلى مدد بعث الله مدداً آخر فرب العالمين بالأنفال يتكلم على ألف من الملائكة هؤلاء الذين آتوا في الآخر جاءوا رديف أي جاءوا مدداً هكذا هو الفرق بين منزلين ومسومين ومردفين الخ.
المسألة الثانية بآل عمران انظر إلى النص الدقيق لما الله قال سيبعث معكم خمسة آلاف (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ) يا أهل بدر. في الأنفال نفس الموضوع قال (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى) ما في لكم ليس هذا عبثاً لم ينتبه أحد أنا أقرأ التفاسير لم ينتبه أحد في حين أنت إذا أخذت قاعدة أنه لا يوجد في القرآن حشو ولا كلمة ولا حرف ولا كسرة ولا ضمة أنت ابحث لماذا هذه ميت-بتسكين الياء- وليش هذه ميت-بكسر الياء-؟ لماذا هذه يخرج وليش هذه مخرج؟ وهكذا لماذا هذه (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ ﴿32﴾ القصص) ولماذا هذه (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ ﴿12﴾ النمل)؟ نفس الشيء تقول لا هذه صورة ثانية نفس الشيء لماذا في آية يا أهل بدر (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ) هذا في آل عمران قصة بدر كاملة لما تكلم رب العالمين عنها وفي الأنفال (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ) إلى أن قال (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى) وكيف تعرف أنت الفرق؟ اقرأ الآية شوف ظروفها ونسقها تسلسلها كيف جاءت قبلها الأحداث تصل بسهولة مع توفيق الله عز وجل إلى اكتشاف هذا الذوق الحسي الإعجازي اللغوي العالي. هناك رب العالمين يتكلم أن محمد صلى الله عليه وسلم يكلمهم محمد يقول لجماعته لما خافوا وكذا طبعاً كانوا خائفين وهذا من حقهم ثلاثمائة واحد يعني ناس راحوا حتى يعترضون قافلة أبو سفيان فيها كم بعير وكم حصان وأخذوا أموالنا هؤلاء جماعة أبو سفيان أخذوا أموال المسلمين في مكة قالوا خذوا هذه مكانها غنيمة شوية حنطة شوية شعير شوية سمن لا يوجد شيء فراحوا يأتون بها فلما ذهبوا ليأتون بها وإذا كل أمم الشرك أمامهم كل مكة جاءتهم فقالوا ماذا نفعل الآن؟ حتى قال صلى الله عليه وسلم نرجع؟ حتى النبي قال ما رأيكم؟ ماذا تقولون نرجع إلى مكة ولا نقاتل؟ فكلهم موجودون فلما الله أخبره هذا الذي سوف يحصل (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ ﴿124﴾ بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ﴿125﴾ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ ﴿126﴾ آل عمران) فقط أنتم يا أهل بدر. بهذا العسر بهذا الخوف وزاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر ويظنون بالله الظنون الخ قال لا أنا سأنزل عليكم ملائكة هذا خاص بكم يا أهل بدر لن يتكرر مع غيركم إلا أنتم فقط في هذه الصورة وهذه الحالة وهذه العلنية علناً فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يكلمهم. إذاً هذه البشارة الأولى التي في آل عمران آية 126 الكلام خاص لأهل بدر فقط لظروفهم الخاصة. الآية الثانية رب العالمين تكلم من ناحية ثانية تكلم عنهم ليس لكونهم قلة لا، تكلم عنهم في الظاهر أن هؤلاء أهل بدر جلسوا يستغيثون استغاثة يعني أحسن استغاثة بالله فرب العالمين تكلم عن موقفه مع كل من يستغيث به فآية الأنفال ليست خطاباً لأهل بدر خطاب لكن لكل من يقع في مصيبة في ضنك في شدة في كرب إذا أحسن الاستغاثة. لو تقرأون التاريخ الإنساني كله من آدم إلى يومنا هذا قصص رواها التاريخ عجائب، واحد في بحر وكان سيغرق فاستغاث استغاثة يا الله وإذا هذا المركب يوصله بأمان إلى البر، كان مرة أحد الناس ذاهب إلى خراسان من العراق وبالطريق جاءه قطاع طرق كالعادة وأخذوا بضاعته ولكنهم كانوا مصرين على قتله فقال لهم دعوني أصلي ركعتين فصلى ركعتين وهم كانوا خمسة ويبدو أنه في السجود استغاث بالله استغاثة في غاية الروعة وأثناء سجوده وقد أطال السجود سمع أقدام فرس جامح يغير، طبعاً الفرس إذا جاء من بعيد يركض فالأرض تهتز وهو ساجد شعر بأن الأرض تهتز وفعلاً ما أن سلّم إلا فارس وصل وما أن وصل الفارس حتى قطع رؤوس الأربعة بضربة واحدة قتلهم جميعاً طبعاً هذا الرجل لا يعرف هذا الفارس من هو، فهذا الفارس يحدث هذا الرجل الذي أحسن الاستغاثة قال له يا فلان يا عبد الله والله عندما استغثت بالله تجاوبت أصداء استغاثتك بالسماء فكلنا كنا نتنافس من الذي ينزل لكي يلبي هذه الاستغاثة. وطبعاً كل واحد منكم فليسمعني الآن فليتذكر حياته السابقة هل وقع في يوم من الأيام في شدة عظيمة مرض أو أحد أولاده أو عدو أو غرق أو طائرة تعطلت أو سيارة في صحراء وقع بشدة وجلس بينه وبين نفسه في ساعة من ساعات الصفاء مع الله لا يوجد أحد ودعا الله وبكى واستغاث بالله وكيف جاء الغيث والغوث من حيث لا يشعر هذه الاستغاثة تجاوبت أصداؤها في السماء فبعث الله بها الفرج. رب العالمين يقول صح محمد معكم نعم وقال لكم هذا الكلام نحن بلّغناه هذا لكن في جانب آخر هذا جانب محمد صلى الله عليه وسلم، في جانب آخر وهو أنكم أنتم استغثتم استغاثات كل واحد جالس مع نفسه يا أرحم الراحمين يا مغيث الغائثين يا مجيب يا أرحم الراحمين من القلب والأعماق كل واحد يتذكر مع أهله وهو جاء بدون سلاح أصلاً ما عندهم سلاح كل واحد معه عصى جاؤوا لكي يأسروا قافلة فهم لم يخرجوا لحرب فوجدوا أنفسهم في ورطة كبيرة هذه الاستغاثة جحفلت الملائكة (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴿9﴾ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى ﴿10﴾ الأنفال) لم يقل لكم، هذه عامة. الأولى لكم يا أهل بدر خصيصا ًلن تتكرر فقط لكم أما هذه فهي لكل من يستغيث إلى يوم القيامة فآية الأنفال بشرى لكل من يستغيث بالله عند الشدة ولو تقرأون كتب الفرج بعد الشدة في كتب تاريخية كالأبشيهي وغيره وكثير من الكتب وكتب لإبن القيم وغيره كتب عن الفرج بعد الشدة قصص عجيبة يأتي الفرج من حيث لا يمكن أن تعرف أبداً ولهذا إذا أحسنت الاستغاثة عند الشدة ولهذا الدعاء هذا يا الله (لو أن أولكم وآخركم وأنسكم وجنكم جاءوني على صعيدٍ واحد وسألني كل واحد منكم المسألة كلها فأعطيت كل واحد منكم ما سأل ما نقص ذلك من ملكي إلا كما ينقص المخيط تغمسه في البحر) ما الذي يخرج من البحر المخيط؟ عليك بالاستغاثة إذا وقعت في شدة يا الله والله العظيم لو أن كل جيوش الأرض معك لا تنقذك كما تنقذك الاستغاثة إذا أحسنتها وتوسلت بعملك مع الله. فهؤلاء الثلاثة الذين انسد عليهم الغار يا ما ناس تاهوا في الصحراء الذي شاهد منكم مسلسل عمر بن عبدالعزيز طبعاً أكثر من مرة يصاب الناس بكرب ويأتيهم مدد واحد إنسان فقط أنجدهم واختفى وهو ملك من الملائكة هذه (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى) ما قال (لكم) هذه عامة. هناك في الأولى العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب هنا عموم السبب وعموم اللفظ ولذلك (لكم) هذه حذفها من سورة الأنفال افهمها أنها لك وليست فقط لأهل بدر أنت تستطيع أن تكون بدرياً إذا أحسنت الاستغاثة إذا وقع بك كرب.
د. نجيب: هل من الضرورة أن تكون هذه الاستغاثة بأدعية معينة مخصوصة؟
د. الكبيسي: الاستغاثة فقط أن تستغيث بالله. مصيبة الناس جميعاً في كل الأديان حتى المسلمين يستغيثون أحيانأً بشرك مقصود أو غير مقصود عن جهل أو عن علم. إذا أحسنت الاستغاثة (إذا استغثت فاستغث بالله) في تلك الساعة أقول لك جعفر الصادق مرة واحد قال له الدهريين أي الشيوعيين لكن في الزمن السابق زمن جعفر الصادق نحن نسميهم شيوعيين وهم يسمون أنفسهم دهريين قالوا نحن لا نعرف أين الله؟ ما الله؟ لا يوجد الله يا جعفر الصادق فقال له: أركبت البحر يوماً؟ قال نعم قال: أكنت في سفينة؟ قال نعم قال: هل جاءت موجة هل جاءت ريحٌ فأغرقت السفينة؟ قال والله حصل غرقنا مرة قال: ماذا فعلت؟ قال تمسكت بلوح خشب قال: هل جاءت موجة وأوشكت أن تغرق لوح الخشب؟ قال نعم قال: أقسمت عليك بكل ما لديك ماذا قلت؟ قال والله قلت يا الله قال: هو ذاك الله الذي نعبده نحن؟ حينئذٍ بالاستغاثة في ساعة الشدة إذا أحسنتها وأظن أنا أحد الناس وأنتم كلكم لا يوجد شخص إلا وقع في حياته في شدة شديدة قال يا الله وفي تلك الساعة تقولها فعلاً في غاية الصدق والإخلاص في ذل وتواضع وإيمان بقوة الله وقدرته. ولهذا الله يقول إذا واحد استغفرني وهو يعتقد بأني قادر على أن أغفر له أغفر له ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة) أنت لو ذهبت إلى ملك كريم وسألته أن يعطيك درهماً واحداً وهو كريم لا يعني شيء عنده الدنيا كلها عند الله أقل من درهم واحد هكذا.
(وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) – (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ)
إذاً فهمنا الفرق بين ثلاثة آلاف من الملائكة مسومين ومنزلين ومردفين وفهمنا الفرق بين إلا بشرى لكم وبشرى بدون لكم ننتقل إلى أيضاً جزء آخر في نفس الآية. يقول بآية آل عمران (وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) بالأنفال نفس الآية ولكن قال (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) لماذا هناك قلوبكم أولاً وهنا قلوبكم ثانياً بالأخير؟ أقول لك جداً طبيعي أولئك صحابة وعايشين مع النبي صلى الله عليه وسلم وشافوا معجزات فقلوبهم مطمئنة لكن القلوب متعلقة بالمدد متى يأتي المدد؟ هم واثقون مائة بالمائة أن المدد آتٍ فينتظرون المدد فإذاً مشكلتهم بالمدد أما الاطمئنان هو مطمئن بالله ناس صحابة شاف الوحي وشاف النبي صلى الله عليه وسلم إذاً قدّم القلوب لأنهم كانوا في غاية الرعب في غاية الخوف (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ) الذي يستغيث في غاية الخوف فإذاً صار التركيز أين؟ التركيز على اطمئنان القلب من الخوف لأنهم كانوا خائفين، ولكنهم في البداية واثقين أن الله سيبعث المدد. لنا جميعاً نحن الذي ما فيها لكم إلا بشرى للجميع نحن في الحقيقة مشكلتنا المدد كيف سيأتي المدد؟ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم معجزات نحن الآن ما في معجزات فمشكلتنا أين؟ لو أصابك كرب في العام الماضي أو قبل سنتين في مدينة اعتدى عليها جيش غازي جيش سيمسح فيها الأرض وكلهم سيموتون وهذا عرضوها فيلم قبل أيام عرضوها فيلم فهؤلاء على غفلة وإذا المدينة تمتلئ بعناكب كل عنكبوت كأنه جرذ يمسك بقدم هذا الجندي الغازي ويلدغه بثواني يصرعه ومؤلف عليه أفلام وصور وشواهد هذا (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) بالمدد. المدد هو المشكلة نحن لا لم نألف أن تأتينا هذه الخوارق والمعجزات والكرامات هذه لم نراها، فهذه مشكلتنا إما قلوبنا فليس فيها مشكلة. زمن الصحابة لا المدد عندهم كثير كل يوم بدر وأحد وغيرها الخ لكن المشكلة أين؟ أن قلوبنا خائفة نحن 300 شخص وليس لدينا سلاح وجئنا نقاتل جيش مكة كله إذاً صار التركيز في بدر على القلوب الخائفة لكي تطمئن والتركيز بعد بدر إلى يوم القيامة على المدد يعني مصدقين مكذبين يمكن يأتينا مدد واقرأ التاريخ كله الإنساني بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا اليوم يعني عبد الله عزام يحكي لنا عن الأفغان أنه مرة جيش سوفييتي أباد قرية كاملة هذا الجيش كان في نهر على هذه القرية نزل هذا الجيش يستحم في النهر وإذا بجميع الجنود يصرعون بحشرة من الماء تلدغهم فيموتون وصوّرها في كتابه الذي كلكم قرأتموه ربما. وخذ كل مظلوم في الأرض من أي أمة من أي شعب من أي دين إذا جيش عرمرم وقاسي وعاتي وظالم على ناس آمنين بسطاء واعتدى عليهم اعتداء صارخاً تتبعهم رب العالمين ماذا سيفعل بهم ولهذا (وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) القلوب هي المشكلة نحن (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) المشكلة بالمدد به بالمدد الذي سوف يأتي ولا نعرف كيف. وفعلاً لو تتبعت كل العالم في إفريقيا صار مثلاً أيام الاستعمار قبل شهر في قناة الجزيرة عرضوا أفلاماً كيف استعمر الغربيون أفريقيا وكيف قطعوا أيديهم وحرقوهم بالنيران وثم هؤلاء نفسهم ماتوا مرة جيش كامل طال عليه أفاعي وكان جيش إنجليزي كأنه في أحد المعارك مع الأفارقة واعتدوا على قرى كبيرة أبادوهم طلعت أفاعي قتلت الجنود بالكامل هذه من قواعد الله (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) حينئذٍ (قُلُوبُكُمْ بِهِ) للقلب الخائف (بِهِ قُلُوبُكُمْ) لمن ما عرف المدد يعني هو مشكلته المدد كيف يأتي المدد هو ليس خائفاً فهو ميت ميت لكن المدد كيف يأتي إذاً هذا الفرق بين (قُلُوبُكُمْ بِهِ) و (بِهِ قُلُوبُكُمْ).
(وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) – (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
النقطة الأخيرة في سورة آل عمران في زمن بدر قال (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) صحابة وأصحاب بدر وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وواثقون من أن النصر من عند الله عندهم قضية رأوها بأعينهم (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) الناصر العزيز الحكيم في مثل هذه الحالة رأوه مرات كثيرة (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) الألف واللام بالعهد الذهني يعني مسلم بأن الله عزيز حكيم يعني شفناه كم مرة بالنسبة لنا نحن الذين لم نرى قال في سورة الأنفال (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) هذا ليس عبثاً لماذا هناك قال العزيز الحكيم وهنا قال إن الله؟ لماذا أكد بـ إن؟ قال لك إذا كنتم لا ترون فرب العالمين يؤكد لكم هذا لا تشك لا تكون متردد إذا كنت ضعيفاً أحسن الاستغاثة فإن الله عزيز حكيم وأؤكد لك يا عبدي أن الله سينصرك كما في الحديث القدسي عن المظلوم (لأنصرنك ولو بعد حين) (اتقوا دعوة المظلوم) هو من الذي يستغيث؟ المظلوم. فرب العالمين لما قال هناك العزيز الحكيم لأن هذا معروف لديهم هنا بعد خمسة عشر قرن ومائة قرن قال أؤكد لكم بأني أنا الرحمن الرحيم أنا العزيز الحكيم عندما أنصر الضعيف صاحب الحق على القوي الظالم والبغي هذا هو من قوانين هذا البشر كما سنذكر في الآية القادمة أن هذا البغي هو من قانون البشر. أول بغي وقع من ابني آدم على أخيه الآخر وإلى يوم القيامة مرة أمريكان يقتلون العراق وأفغانستان مرة فرس يذبحون العرب مرة الروس يذبحون الناس كل من له قوة وسلطان يدعوه هذا إلى البغي على الآخرين. حتى العشائر حتى العوائل حتى أفراد الأسرة الواحدة اليوم كلمتني امرأة أبوهم مات وعندهم أموال كثيرة هم ثلاث أخوة وأربع بنات وأمهم موجودة وأخوهم لم يرضى أن يقسم الميراث لأن الميراث كثير ولا يريد أن يعطيهم قال لهم أنا لن أقسم الميراث الذي يعجبه يعجبه والذي ما يعجبه يطلع أنا لن أقسم الميراث لم يقبل أخوهم هذا أرعبهم وعنده أخوات متزوجات وأخوان متزوجين محتاجين ولا يعطيهم لأنه هو قوي فالبغي مرتع مبتغيه وخيم وهذا البغي من قوانين هذه الأرض. ولهذا رب العالمين عز وجل جعلها قاعة امتحان كبيرة وما أقصرها من قاعة، غمض وفتح وإذا أنت بين يدي الملائكة (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ﴿83﴾ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ ﴿84﴾ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ ﴿85﴾ الواقعة) إذاً هذا الفرق بين آيتين آل عمران والأنفال.
بُثّت الحلقة بتاريخ 4/7/2008م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها