الحلقة 42
د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وبعد. هانحن مرة أخرى مع شيخنا الإمام الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله نصغي إليه بأذن واعية وقلوب صاغية إلى الجديد الجليل الذي في جعبته في هذه الحلقة المباركة وأيضاً منتظرين مشاركاتكم معنا على الهواء.
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. موضوعنا في هذه الحلقة موضوع شائك وطويل وجميل بقدر ما هو مخيف أيضاً وهو مسألة الشهادة، من الذي سيشهد عليك أو سيشهد لك؟ كلنا في قفص الاتهام بل إن الكون كله في قفص الاتهام ولكل حادث وحدث شهيد وشاهد وشهود وأشهاد وشهداء هكذا جاءت الصيغة متنوعة ومنوعة في كتاب الله عز وجل. هناك شاهد وهناك شهيد. محمد صلى الله عليه وسلم قال (إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ (15) المزمل) شاهداً اسم فاعل. سيدنا عيسى قال (وكنت شهيداً عليكم) لماذا لم يقل شاهداً؟ شهيداً صفة مشبهاً. ثم (وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) البروج) لماذا لم يقل شاهدين؟ (وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81) آل عمران) جاء في القرآن الكريم أيضاً وهناك أشهاد (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51) غافر) (وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18) هود) الأشهاد. هناك شهود وهناك شهداء وهناك أشهاد وهناك شاهدون وهناك شاهدٌ وهناك شهيدٌ هذا ليس عبثاً هذا قرآن عربي. ما اختار الله هذه اللغة عبثاً ولهذا فإن إعجازه اللغوي لا حدود له.
واحدة واحدة على قدر ما يتسع له وقت هذا البرنامج وإلا فإن الموضوع عظيم وكثير منكم إذا تصفحوا كتب الفقه فإنهم يجدون في هذه الكتب الموسوعية بابٌ إما نقول باب الشهادة أو كتاب الشهادة. فكتاب الشهادة هذا كتاب فيه من الفلسفة ومن العدل ومن الحكمة ومن الإبداع ما يتناسب وهذا الفقه العظيم الذي لا يدانيه فقه على وجه الأرض. بشكل عام وسريع وبدون أن ندخل في التفاصيل الدقيقة التي لا يفهمها إلا العلماء أو المتخصصون – وكما تعرفون وكما ألفتمونا نقول كلاماُ يفهمه الجميع –
الشاهد هو الذي يتحمل حدثاً أو حادثة بوعي وفهمٍ ثم يؤديها أمام الحكمة أو أمام مجلس التحكيم أو مجلس الحكومة المهم يتحمل الحدث شاف اثنان يتضاربون شاف اثنين يتزوجوا شاف اثنين بائع ومشتري استطاع أن يتحمل هذا الواقع بصبرٍ وأناة وفهمٍ وإداركٍ ثم طلب منه أن يُخبِر عن الذي حصل فيؤديه بالضبط بنجاح باهر يسمى هذا شاهد أو شهيد. لماذا شاهد ولماذا شهيد؟ جمعه إما شاهدون (وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (56) الأنبياء) وإما شهود (وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ) وإما شهداء (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا (143) البقرة) فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم مرة شاهداً ومرة شهيدا.ً سيدنا عيسى شهيد (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ (117) المائدة) وعندنا أشهاد وهه القمة! (وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) ما فلسفة هذا الموضوع؟ هذا المتشابه لم يجد إلا القليل النذر اليسير جداً في كتب التفسير التي تناولت البحث في هذه الصيغة المختلفة. فهمنا معنى الشاهد، والشهادة هذه أساس هذا الكون. أنت لست ابن أبيك إلا بشهادة وهذه ليست زوجتك إلا بشهادة وأنت لست خرّيجاً إلا بشهادة ولا تتعيّن إلا بشهادة بل أنت لا تولَد لا قيمة لولادتك إذا لم تكن عندك شهادة ميلاد. وأنت لا قيمة لموتك إن لم تكن عندك شهادة وفاة. ولا نقول وفاة هذا خطأ من أخطائنا اللغوية شهادة موت الوفاة هي الحالة السكرة التي قبل الموت الذي تكون لا تزال تعيش فيها ولم تمت بعد ولهذا يجب أن نقول شهادة موت. خطأ جداً ولغوي أن تقول شهادة وفاة لأنك بذلك لست ميتاً أنت لا تزال عايش ولكنك لست في وعيك وصدرك يتنفس الخ ولما تموت تنفصل روحك تصير ميتاً. شاهدنا أنه من ولادتك إلى أن تموت وما بينهما أنت لا وجود لك إلا بشهادة، شهادة ولادة شهادة دراسة شهادة وظيفة شهادة زواج شهادة تعيين شهادة موت كلها شهادات أنت كلك مجموعة ورق من أول ما تولد إلى أن تموت ورقة في ورقة في ورقة في ورقة هذه شهادات. ويوم القيامة لا تدخل الجنة إلا بشهادة. لكن شهود الدنيا عليك إما جمعها شاهدون أو شهداء أو شهود، بالآخرة أشهاد. ما هذا القرآن العظيم هذا؟! ما هذا الإعجاز؟! ما هذا الذي نقرأه ولا نفهمه أحياناً أو على الأقل لا ندرك أسراره.!.
فهمنا معنى الشاهد فما الفرق بين الشاهد والشهيد؟ الشاهد كما قلنا هو الذي يرى حادثة أمامه فينقلها بالضبط كما وقعت تحمّل وأداء تحملها جيداً عرف الذي حصل وراح نقلها للمحكمة بالضبط، هذا شاهد. شاهد جمعه شاهدون (قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81) آل عمران) رب العالمين يقول أنتم شاهدون على هذا الذي فعلتموه وأخذت منكم المواثيق بأن محمد صلى الله عليه وسلم نبي آخر الزمان وأنتم شاهدون. نحن شاهدون أنتم شاهدون (وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) هذه الصيغة الأساسية الأصلية التي لا يوجد فيها مبالغات ولا فيها معاني كثيرة. واحد شاهد أربع خمسة صاروا شاهدين إذاً انتهينا فقط قضية جمع ومفرد.
الآن ما الفرق بين الشاهد والشهيد (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا) الشهيد هو الملِم بكل صغيرة وكبيرة في هذا الذي جرى أمامه. مثلاً اثنان أنا شفتهم اثنين قلت والله يا جماعة هذا الرجل- أنا لا أعرف اسمه- هذا الرجل رأيته ضرب هذا الرجل وحلفت يمين أنا شاهد ثم جاء الدكتور نجيب وقال هذا فلان ابن فلان وهذا فلان ابن فلان بينهم خصومة سابقة هذا الذي كان متحضر ومتهيئ قبل يومين وسوى شروع وهذا الرجل كان ماراً من هنا يعني أعطاك تفاصيل دقيقة ما قبل الحدث وما بعده وأسبابه هذا شهيد. ولهذا الشهيد من أسماء الله الحسنى ما قال الشاهد الشهيد إن رب العالمين يلم بخفايا الأمر ما تسقط من ورقة إلا يعلمها (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59) الأنعام) فهو شهيد. حينئذٍ كلمة شهيد مبالغة للشاهد هذا واحد هذا المفرد. الشاهدون جمع مذكر سالم الشاهدون مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم وتنصب بالياء (وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ).
نأتي على الشهداء (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) ما قال لتكونوا شاهدين على الناس (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا (143) البقرة) ما قال لتكونوا شاهدين بل قال شهداء ماذا يعني شهداء؟ أي مجموعات مجموعات عندنا حدث طويل طول سنتين طول عشر سنين كل أسبوع أسبوعين تأتي مجموعة وتشهد هذه المجموعة هؤلاء شاهدون، جاءت بعدها بسنة مجموعة شاهدون، وراءها بسنتين مجموعة شاهدون، تجمعهم يسمى هذا جمع الجموع. جمع الجموع لما كل مجموعة تحكم على جزئية مجموعة الشاهدين هذه مجموعة شاهدين وهذه مجموعة شاهدين كلهم يقال شهداء. ولهذا هذه الأمة منذ أن جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن تقوم الساعة كل جيل يشهد على جيله. فنحن شاهدون على هذا الجيل الصحابة شاهدون على جيلهم وقبل يوم القيامة شاهدون على ذلك القرن، مجموعنا جميعاً نحن شهداء (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) نقول يا رب العالمين والله كنا نحن في زماننا حصل كذا من فلان، المسلمون فعلوا كذا الإنجليز قتلونا وصارت دولة شيوعية وألحدوا بالله وكان هناك نصارى حقيقيون ونصارى منافقين وفي ناس مؤمنين حقاً وفي ناس مسلمين منافقين نشهد على الناس لماذا؟ لأن هذه الأمة الوحيدة التي يحق لها أن تشهد لأنها الأمة الوحيدة على وجه الأرض الموثوقة والموصوفة بالصدق لماذا؟ لأنها تؤمن بجميع الأنبياء من آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم إيماناً متساوياً (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ (285) البقرة) هذه مرتبة أخلاقية وعقائدية متميزة جداً ما تشرفت بها إلا هذه الأمة. بنو إسرائيل وهم بنو أب واحد ناس كفروا بالمسيح وناس حاولوا قتله وناس قالوا ثالث ثلاثة وناس قالوا عزير ابن الله وكل الأنبياء ليسوا جيدين وكلهم كفار ويذبحون هذا ويقتلون هؤلاء ما يصلح أن يكونوا شهداء للناس. هذه الأمة المسالمة الطيبة التي لا تفرق بين نبي ونبي فهي يهودية ومسيحية وصابئية ومسلمة في آنٍ واحد. يعني كل واحد منكم الذين يسمعوني الذين يصلون للقبلة الذي يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله أنت يهودي سيدنا موسى عليه السلام كم واحد من أهلك اسمه موسى؟ وأنت مسيحي كم واحد من أهلك إسمه عيسى؟ هل تجرؤ على أن تنتقد سيدنا عيسى بكلمة؟ أو أن تقول عيسى وحده من غير أن تقول عيسى عليه السلام؟ تعامل سيدنا عيسى وموسى وزكريا ويحيى وإبراهيم وإسماعيل كما تعامل سيدنا محمداً بالضبط. هذا التفوق الأخلاقي والعقائدي والإنساني والديني وعبودية الله عز وجل لم تتوفر إلا لهذه الأمة وهذا معنى (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ (164) آل عمران) زكاهم زاكون رائحتكم طيبة عند كل الدنيا عند كل الملائكة. الملائكة مع المسيح الملائكة مع سيدنا موسى والملائكة مع سيدنا زكريا ويحيى وكلهم يعترفون بأنكم أمة زاكية لما يتعاملون مع صالحي اليهود أنتم معهم، يتعاملون مع صالحي النصارى أنتم معهم، مع صالحي الصابئين أنتم معهم دائماً دائماً إنكم أمة زاكية وما من أمة غير أمة محمد صلى الله عليه وسلم تملك هذه العظمة. قال (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) من الذي يشهد؟ لو شهد النصارى لقالوا هؤلاء المسلمين كانوا إرهابيين قتلة وكفار ونحن استعمرناهم وقتلناهم وأبدناهم وذبحناهم. ولو قلنا اليهود لقالوا لا هؤلاء أهل غزة وفلسطين كلهم كفار وإرهابيين وذبحناهم وقتلناهم لماذا هم يقتلوكم؟ لماذا هؤلاء الناس يقولون أشهد أن عيسى رسول الله وموسى رسول الله وأسماؤهم مثل أسمائكم؟ يعقوب وأنتم تسمون جاكوب أنتم تسمون جوزيف وهم يسمون يوسف وهكذا. يعني عقلياً وواقعياً هم أحسن وأفضل وأكرم وأزكى منكم ألف مرة لأنهم يتحرجون من إيذائكم (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (46) العنكبوت) (لعن الله من آذى ذمياً). ( إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) البقرة) هذه الآية في البقرة (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ) وهذا شيء طبيعي لأن إنّ اسمها منصوب والصابئين منصوب. في آية المائدة على ما أذكر (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (69) المائدة) لم يقل والصابئين بل والصابئون يا الله! نقلة هائلة لماذا؟ لو قال والصابئين كان معطوف كلهم سواء ولكن قال الصابئون لهم ميزة لأنه كما أنتم متفقون على أن اليهودية والنصرانية والإسلام أديان سماوية ولكنكم مختلفون في زكريا ويحيى. الصابئون هؤلاء أتباع زكريا لا يكون أنتم مستهينون بهم وأنكرتموهم فقال والصابئون كذلك جعلهم جملة والصابئون مبتدأ مرفوع وخبره محذوف (والصابئون كذلك) لا يكون أنتم متهاونين والصابئين أي كلام، لا، ركز على الصابئين لأنه فعلاً عند الأديان الثلاثة مغمورين إلى حدٍ ما. إذن هذه الأمة بهذا الوضوح وبهذا الفضل هم شهداء شاهدون وشاهدون وشاهدون مجموعهم شهداء (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) هذه الشهداء.
إذاً قلنا أن الشاهد هو الذي يتحمل الحادثة جمعه شاهدون. الشهداء هم الذين تكون شهادتهم مرضية لجميع الأطراف. فإذا عندك مجموعات مجموعات يعني مثلاً نحن عندنا محكمة دولية هذه المحكمة الدولية كل العالم متفق على أنه مقبولة أحكامها. إذاً معنى ذلك هؤلاء شهداء العالم كله متفق إذاً هؤلاء مرضين. فهذه الأمة محكمة دولية يوم القيامة لأنه يوم القيامة سيعترفون بأن هؤلاء المسلمين يؤمنون بجميع الأديان على قدر من المساواة ولا يتحيزون لدينٍ ضد دين فهم شهداء. ويقول الله سبحانه وتعالى (فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ (282) البقرة) فالشهداء جمع شاهد هو الذي يكون مرضياً لجميع الأطراف. يعني أحياناً أنت في المحكمة لما تصير خصومة أنت تقول أن لا أرضى بهؤلاء الشهود هؤلاء ليسوا جيدين أو مزورين لكن نحن متخاصمين أنا وإياك أمام القاضي في المحكمة وجاءوا بالشهود فتقول أنت أنا أرضى بهؤلاء ناس طيبين محترمين أنا موافق وأنا أقول أنا موافق فاتفقت عليه جميع الأطراف. فالقاضي موافق المحامين موافقين الخصوم موافقين هؤلاء شهداء الكل موافق عليهم. هذه الأمة الوحيدة التي هي أمتنا والحمد لله التي تصلح أن تكون شهداء على الناس لأنها تؤمن بجميع الأنبياء إيماناً متساوياً وإذا اختل إيمانها بواحد فقد اختل إيمانها بالجميع. أنت إذا قلت أنا لا أؤمن بموسى وعيسى وزكريا وإبراهيم أنت لا تؤمن حتى بمحمد أنت لا تؤمن بأحد فهي محكمة دولية عالية الكل يرضى بحكمها. فالشهداء إذاً هم الذين يرضى بهم الجميع لأنهم يقبلون القسمة على الجميع وهذه ميزة لا تتوفر إلا لهذه الأمة حصراً هذه الشهداء.
نأتي على الشهود الشهود مجموعات ممتدة زمنياً (وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ) من زمن سيدنا نوح إلى هذا اليوم وإلى يوم القيامة هناك ذبح بالمؤمنين سواء كانوا مؤمنين نصارى أو يهود أو صابئة أو مسلمين وتقول تاريخ كم ذبح من النصارى بالمجازر ومن اليهود ومن آل إبراهيم وسيدنا نوح وجماعته. فمجموعة شهدوا في زمن سيدنا نوح وفي زمن سيدنا إبراهيم وفي زمن سيدنا عيسى وفي زمن سيدنا موسى مجموع هؤلاء كلهم شهود يوم القيامة. فالشهود هم مجموعات من الشاهدين على أزمنة متفرقة كلهم يوم القيامة يأتون يشهدون على العذاب والتنكيل والقمع الذي حدث لكل المؤمنين بالله الواحد الأحد يوم القيامة هؤلاء الشهود.
نأتي على الأشهاد هذه هي القمة. كلمة أشهاد نقول أنصار هم مجموعة من المؤمنين بسيدنا عيسى (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) آل عمران) مجموعة واحد اثنين ثلاثة عشرة ستمائة معروفين ما يتكررون. نحن عندنا (مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ (100) التوبة) الأنصار مجموعة من الناس قاموا بعملٍ مجيد فأصبح اسمهم الأنصار، الأشهاد هكذا. الأشهاد يا قوم أخطر ما يكونوا عليك وأحن ما يكون عليك. الأشهاد كل شيء تعاملت معه منذ أن بلغ عمرك الخامسة عشرة وإلى أن مُتّ كل شيء تعاملت معه القلم السمع البصر الملابس الأرض التي تصلي عليها أرض أنت صليت عليها ستشهد وتقول هذا صلى علي، أرض أنت كنت تقتل فيها أو تسرق فيها ستقول هذا كان يسرق (حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) فصلت) يا الله! كيف يوم القيامة هذا (وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) الأشهاد أدوات لأداء الشهادة عليك أو لك تلقائياً أوتوماتكياً يعني الكتروني. يوم القيامة وأنت الله يحاسبك فنحن لما نحاسب يوم القيامة كأننا شخص واحد كل واحد يحاسب كأنه ليس في المحشر غيره فأنت تسمع أذانك أمامك الأذان وإذا فيه غيبة ونميمة الخ أو صلاة وصوم وأداء للقرآن وهكذا. تقوم عليك مثلاً يديك فيها تسبيح وفيها عطاء وفيها كرم وربما يكون فيها ضرب وتعذيب وقتل وتتحرك أمامك. كل شيء وكل شخص مررت به أو تعاملت معه ولو مرة واحدة سينطق كما أن (هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29) الجاثية) كل شيء هناك يتكلم. المادّة في القيامة حية هذا القلم يتكلم وهذا الورق يتكلم والكاميرا تتكلم والجار والناس وكل شيء بثواني كل شيء وكل شخص وكل ملك يشهد عليك هؤلاء الأشهاد. لماذا الأشهاد؟ لأنهم معصومون من الكذب لا يكذبون أبداً هناك (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا (122) النساء). هناك أقول هذا كله االذي حصل وحينئذٍ لدقة الشهادة وصدقها أنت لن تستطيع أن تجادل عن نفسك لحظة لأنه هو كلها صحيحة. وحينئذٍ هناك تدرك الحديث (ما من أحد يدخل الجنة بعمله ولكن برحمة الله عز وجل) حتى الأنبياء والرسل لشدة ما ترى من هول. هؤلاء الأشهاد مثل الأنصار الأبرار حينئذٍ هؤلاء الأشهاد يوم القيامة يتكلمون تلقائياً إلكترون عالي أنت جالس وإذا أمامك هذا حتى تتضاءل حتى يسقط لحم وجهك من الخجل من رب العالمين عز وجل. هناك رب العالمين تسبق رحمته غضبه ولهذا قال (لن يدخل الجنة أحدكم بعمله) أبداً، (قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) الحجرات) لا تمنوا علي إسلامكم أي توحيدكم كلمة إسلام في القرآن ليس فقط الدين الإسلامي بل في اليهودية والمسيحية أي كل موحدٍ على وجه الأرض. والمسلم هو الموحِّد ولأن هذا الدين يعصم أتباعه من الشرك كما قال عليه الصلاة والسلام الدين الوحيد الذي يعصم أتباعه من الشرك والنبي صلى الله عليه وسلم قال (لا أخاف عليكم أن تشركوا بعدي أبداً ولكني أخاف أن تُفتح عليكم الدنيا فتنافسوها) حينئذٍ ما من أمة أحكمت التوحيد إلا هذه الأمة. ولذلك ما هي أعظم شهادة على وجه هذا الكون الذي نحن فيه؟ أعظم شهادة هي أشهد أن لا إله إلا الله إذا قلتها مصدقاً بها قلبك فأنت أهلٌ كما أن هذه البكالوريوس تؤهلك لدخول الوظيفة فإن لا إله إلا الله الوحيدة التي تؤهلك لدخول الجنة أنت بدونها لست إنساناً سوياً ولست عبداً من عباد الله أنت مطرود من هذا الشرف العظيم. إذاً أعظم شهادة من قال لا إله إلا الله مصدقاً بها قلبه دخل الجنة. وحينئذٍ أعظم وأكرم شهادة هي هذه الشهادة ولهذا لا تحتاج إلى ملائكة تحملها، تصعد وحدها (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ (10) فاطر) هذا ، هي صاروخ. من أجل هذا من قال (لا إله إلا الله مصدقاً بها قلبه دخل الجنة) بدونها ما في. هذه الشهادة الوحيدة التي تدخلك الجنة ما تحتاج شهادة ثانية. شهادة ثانية لما تدخل الجنة أنت في أي درجة؟ تكون وفي أي قصر؟ لا بد من شهادات أخرى جزئية فرعية شهادات ودبلومات الشهادة الرئيسية التي تدخل فيها الجنة هي لا إله إلا الله بدون هذه الشهادة لا تعرف الجنة ولن تدخلها ولا تعرف فيها شيئاً أبداً بشكل نهائي. أنت في النار خالداً فيها فهي أعظم الشهادات (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) إبراهيم) وهي لا إله إلا الله. (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27) إبراهيم) بالقول الثابت في الحياة الدنيا قبل ما يموت وفي الآخرة. بالدنيا لا يموت إلا على لا إله إلا الله وهذه ما هي سهلة. إذاً هذه شهادة الشهادات ما من شهادة أعظم منها في هذا الكون لا في الدنيا ولا في الآخرة.
إذاً عرفنا الفرق بين شاهد وشهيد. شاهد عام وشهيد لا، متخصص ودقيق ويعرف الصغيرة والكبيرة ولهذا رب العالمين. شهيد وليس شاهداً فشهيد من أسمائه الحسنى وعرفنا الفرق بين شاهدون جمع مذكر سالم وعندنا شهود وهم على أزمنة مختلفة مجموعات على أزمنة مختلفة. عندنا شهداء مرضيين من الجميع فالجميع يقولون نعم هؤلاء نحن نرضى بهم شهداء. وعندنا الأشهاد وهم أسياد الموقف يوم القيامة. يوم القيامة يتلخص بمحكمة وأشهاد، ملائكة يشهدون لا يكذبهم أحد ولا تكذبهم أنت وكل شيءٍ تعاملت معه حق أو باطل صغير أو كبير سلب أو إيجاب سيكون أمامك فهو تمثيل كامل (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ) مستنسخ بالكامل (هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) الآن كل شيء نقوم به يصوّر نحن الآن في الدنيا الآن توصل العلم الحديث الآن العلم الإستخباراتي والله لو يمسكوك ويريدونك في أمرٍ ما سواء كان يحبسوك أو يسجنوك أو يكرموك أو يعينوك وزير أنت مصوّر من ساعة ما جابتك أمك ومصورة أمك وأبوك وجدك وجدتك كلهم يعرفونهم بالصوت والصورة فسجلك كامل هذا في الدنيا فكيف في الآخرة إذاً؟! (مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا (49) الكهف) في الدنيا الآن هذا موجود. في الدنيا أنت لما يريدونك ويشوفوك والله كل صغيرة وكبيرة حتى عندما تأتي زوجتك ما هذا؟! هذا في الدنيا فكيف في الآخرة. إذاً اعلم أن الشهود عليك في الفراش الذي تنام عليه القلم الذي كتبت به ماذا كتبت بهذا القلم؟ أما اللسان والسمع والبصر فحدث ولا حرج. ولهذا ما أمامنا إلا أمل واحد أن يعفو الله عنا فلا يحاسبنا أبداً. فحينئذٍ أنت تتبع ما هي الأسباب التي تجعلك من البعث إلى الجنة على طول لا تمر على الحساب تتبعها موجودة ظاهرة في هذا الدين هناك أعمال تعفيك من الحساب تستقبل من البعث من ساعة ما تنشق عنك الأرض. والأرض طبعاً ليست هذه التي نحن فيها بل أرض أخرى تتفجر. الأرض هناك الأرض غير الأرض والسموات غير السموات تبدل الأرض غير الأرض منها تنتقل وإذا أنت يوم القيامة يا سيدي الكريم من ساعة ما تبعث تنشق عنك البرزخ كيف جاءت بك أمك من عالم الرحم إلى عالم الأرض ينشق عنك البرزخ إلى الجنة أو النار، استقبال حافل استقبال ملائكة (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا (73) الزمر) (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا (30) فصلت) استقام على القبلة (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32) فصلت) يا الله استقبال مئات الملائكة حولك كأنك عريس. أنت الآن مطلوب من الآن أن تبحث في الكتاب والسنة ما هي التي الله قال (بِغَيْرِ حِسَابٍ (212) البقرة) والنبي قال (بغير حساب) ما هي هذه الأعمال؟ وإلا والله العظيم ستكون فضيحتك بجلاجل فأنت ابتدأ من الآن ولو بقي لك من العمر ولو يومين ولو يوم ما دمت لم تغرغر ولا تزال على قيد الحياة اليوم بالليل قل ما هي الأشياء التي تجعلني أنا ما أحاسب؟ ونكتّم عليك، رب العالمين ينسي الملائكة وصحفك السيئة تمحق جميع الصحف السوداء تمحى والملائكة تنسى فتأتي أنت من الأبرار (وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) آل عمران) أنت ما عليك ولا ذنب كلها مُسحت. ابحث عن هذا لكي تفوز وإلا والله العظيم (من نوقش الحساب هلك) و (من نوقش الحساب عُذِّب) ونحن في الدنيا لو أمسكوك في المخابرات وأنت متهم في قضية سياسية ستعذب وتشبع ضرب ثم تخرج بريء ولكن بعد ماذا؟! بعد ما عذبوك. هكذا يوم القيامة سيملكوك بالحساب فانظر ما هو الذي يمنعك من الحساب؟.
د. نجيب: كما في الحديث (من نوقش الحساب هلك)؟
د. الكبيسي: هما حديثان (من نوقش الحساب هلك) (من نوقش الحساب عذب) يعني نحن الآن فعلاً في كثير من الدول لما تصير مؤامرة سياسية على الدولة هذا شيء خطير. ونحن نتابع في الجزيرة في حلقات مسلسل شاهد على العصر ضباط من المغرب ما الذي فعلوه بهم في السجون، انقلاب قاموا بانقلاب وطبعاً هذا واحد من مليار تريليون مما يجري في الحساب يوم القيامة فالسؤال كيف نتفادى الحساب؟.
إتصال من الأخ محمد من ليبيا: الشهادة والشهداء والأشهاد هل هناك عقاب شديد على من يمتنع على أداء الشهادة عندما يرى شيئاً معيناً ويمتنع عن أدائها؟ أو بصورة أخرى إذا ما كان هناك تصرفاً سيئاً من حاكم وهو مخالِف للشرع هل امتناعنا عن الوقوف إليه هل يعاقبنا الله دينة وديانة؟
الإجابة: يا أخ محمد هذا الموضوع أول مرة نحن نطرق هذا الموضوع الذي سوف يستغرق حلقتين أو ثلاثة. نحن اليوم ليس لدينا غير هذا الموضوع في حين كل مرة أربع خمس مواضيع. هذا الموضوع سيأخذ حلقتين أو ثلاثة ومن ضمن الفقرات كتمان الشهادة ومن يكتمها فإنه آثمٌ قلبه وحينئذٍ سوف تأتي على جميع أنواع الشهادات فأبشِر في الحلقات القادمة إن شاء الله.
نجيب على السؤال: إذاً كيف أستطيع أن أتفادى الحساب؟ وكما روى الشيخ نجيب الحديثين (من نوقش الحساب هلك) (من نوقش الحساب عذب) حتى لو حكم بعدين بالبراءة. هناك ناس طلعوا براءة لكن بعد ماذا؟ بعد ما لقي من العذاب الهول فقد يكون بعد الحساب تدخل الجنة ولكنك بالحساب عذبت وهلكت لشدة الرعب والهول. لأن كل شيء مصور صوت وصورة يعني تخيل نفسك وأنت ترى نفسك تزني، وهذا لسانك المصيبة السوداء الذي هو أشد من مليون زنية لو زنيت بأمك نعوذ بالله ما تصل إلى سوء أن تقول عن فلان شيء سيء كأن تقول والله فلان عقاله ما هو حلو أو فلان قصير أو فلان لا يعجبني شكله. وتصور كم نقول من هذا الكلام في اليوم؟! مصائب سوداء. إذاً السؤال كيف نستطيع أن نتفادى الحساب؟ طبعاً السؤال كبير جداً. طبعاً هناك أشياء معروفة كأن تكون شهيداً شهيد سواء كان شهيد دنيا أو آخرة. شهيد دنيا أن تقتل في الحرب في سبيل الله بأن تكون مخلصاً لله ليس في قلبك لا سمعة ولا بطولة ولا موت شجاعة ولا يعطوك بيت ولا سيارة لوجه الله هذا واحد. وشهيد آخرة تموت بحادث بمرض بقتل بوجع بسل بسرطان بسيارة تدهسك بغرق، المهم ليس موتاً طبيعياً أنت ما عليك حساب نهائياً. لكن إذا واحد منا عاش ثم مات لا شهيد ولا شيء فكيف أحصّل أن أكون من الذين لا يناقشون الحساب؟ هذا رب العالمين الرحمن الرحيم الودود ولهذا رب العالمين أعطاك (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ (165) النساء) تصور من كرم الله يقول النبي صلى الله عليه وسلم (من شهد له أربعة أبيات من جيرانه بخير دخل الجنة من غير حساب) تصور أنت جالس في محل من المحلات وكلنا ساكنين في محلة أو زقاق وعندك أربعة عشرة خمسة عشر عشرين جار أربع وفي رواية لما النبي قال (من شهد له أربع أبيات دخل الجنة قالوا: يا رسول الله وثلاثة؟ قال: وثلاثة، قالوا: يا رسول الله واثنان؟ قال: واثنان) ماذا يقول سيدنا عمر؟ قال (فسكتنا أن نقول له وواحد؟). لاحظ أنت تصور هذه واحدة من الأسباب التي تجعلك تدخل الجنة بغير حساب (من شهد له جيرانه بخير أدخله الله الجنة على ما كان فيه) وستر على كل عيوبه ما داموا هم ظنوا به الخير فإكرامك لجيرانك بإكرامهم بإيفادهم بإعطائهم بأن تصبر على أذاهم فالجيران يؤذون أحياناً اصبر ولا تتشاجر معهم هذا واحد.
إتصال من الأخ أم نائل من أميركا: في سورة الزخرف (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19) الزخرف) في هذه السورة هل هنا الملائكة ستشهد؟
الإجابة: طبعاً الملائكة وهذا عملهم فهم متربصين بالصغيرة والكبيرة (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) ق).
إذاً معنى ذلك إذا مت بأي شيء ليس اعتيادي يعني ما مت موتاً طبيعياً بأي مرض بأي حالة بأي حادث أنت لا تحاسب. ومن ضمنها كما قلت أن يشهد لك سبعة من الجيران وفي رواية أربعة وفي حديث ثلاث واثنين. ثالثاً إذا أثناء ما صلوا عليك جماعة إذا صلى عليك أربعين واحد بالجنازة أيضاً أنت لا تحاسب. أنت جعلت هؤلاء الناس الذين تركوا أعمالهم وتركوا شغلهم ومشوا وراءك وجلسوا إلى أن انتهيت من التغسيل ثم صلوا عليك فرب العالمين إكراماً لهم ويشفّعهم فيك حتى أنت لا تُحاسب هؤلاء أربعين شخص ولهذا ينبغي على الناس أن يصلوا جنازة لأنهم يؤجرون ويعودون من الجنازة كيوم ولدتهم أمهاتهم. لو أعدد لكم الحالات التي تجعل الإنسان لا يحاسب لقلتم والله ربنا والله كما قال رب العالمين (هب أني لم أخلق جنة ولا ناراً ألا أستحق أن أُعبَد) هذا الرب الرحمن الرحيم الغفور الغفار الغافر كل هذه، ولهذا النبي في الأخير يقول (والله لا يدخل النار إلا شقي ) لماذا؟ لو تعلمون ماذا تعني عند الله كلمة أو شهادة لا إله إلا الله. شهادة عظيمة ولهذا أقولها بفرح غامر ليس على وجه الأرض من يقولها بكل شروطها إلا هذه الأمة. ما من أحد لا بوذي ولا مسيحي ولا يهودي إلا القِلّة يقولها موحداً لله توحيداً تاماً إلا هذه الأمة من فضل الله. ولهذا سموها أمة الإسلام لأن الكل مسلمون ولكن هذه اختصت بالتوحيد ناس قالت ثالث ثلاثة وناس قالوا عزير ابن الله وناس قالوا المسيح ابن الله وأنت تقول لا إله إلا الله لا نختلف فيها بيننا إطلاقاً والحمد لله.
إتصال من الأخ جمال من أبو ظبي: ذكرت الموت والوفاة ففي الآية الكريمة (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) المائدة) توفيتني وهذا توضيح لأن بعض الناس لما يذكر توفيتني كأنها هي الموت؟
الإجابة: سيدنا عيسى ما مات هو لا يزال حياً فسيدنا عيسى حيّ وسينزل في هذه الدنيا التي نحن فيها لا يزال حياً عند الله عز وجل (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ (55) آل عمران) لو قال مميتك كان قلنا مات ولكن قال متوفيك. والوفاة (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا (42) الزمر) قبل الموت تتوفّى يعني هو خلاص (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85) الواقعة) هو مغمى عليه ذاهل لكن بعد فيه نفس وأنتم حوله ما زال حياً لكن أين هو؟ إذا شاف الملأ الأعلى وشاف الجنة والنار وقام يحكي مع الأموات لن يعود ولكنه في حالة وفاة إلى ما تفارق النفس وتطلع وراحت الروح صار موت سيدنا عيسى لا يزال بالوفاة يعني دخل في عالم آخر في عالم البرزخ سيدنا عيسى حيّ سيعود إن شاء الله. ويقول تعالى (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) الزمر) النبي صلى الله عليه وسلم يقول (الأنبياء أحياء في قبورهم) فسيدنا عيسى سوف يؤتى به وسوف ينزل إلى هذه الأرض باتفاق جميع الأديان الثلاثة اليهودية والنصرانية والإسلام أن سيدنا عيسى عائد ولكن كل واحد يدعي دعوة ولهذا ريغن كان وحتى بوش يقول لازم نذبح الفلسطينيين حتى ينزل عيسى جاتك خيبة فهو سينزل على المسلمين وليس عليك على كل حال يا خبر بفلوس بكرة يبقى ببلاش.
إتصال من الأخ محمد من سوريا: يوم القيامة يقرأ الإنسان كتابه كما يقول تعالى (اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14)الإسراء) وفي سورة البقرة (الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ (2) البقرة) القرآن نزل من عند الله تعالى وليس فيه حرف ناقص ولا زائد لكن بعض المشايخ يقولون أن في آيات الرجم رُفعت؟
الإجابة: نعم القرآن فيه ناسخ ومنسوخ هذه بديهيات في أصول الفقه إقرأ أصول التفسير (مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106) البقرة).
نتابع موضوعنا هكذا هو الأمر يعني لكي تكون أنت ناجياً يوم القيامة إذاً عليك أن تحسن سيرتك بين الناس حتى يشهد لك سبعة بخير المفروض هذا الزمان فليكونوا عشرة أو خمسة عشر ولو ثلاث أبيات ناس يحبونك ويحترمونك وأنت صاحب إحسان عليهم وصاحب فضل عليهم وتعاملهم بالمعروف فعلاً يحبونك ويشهدون لك بالخير فقد نجوت. ولهذا لا بد أنت إذا بليت استتر المعاصي عليك أن تخفيها ولا تجاهر بها (لعن الله المجاهرين) وأن تعصي الله وأنت متألِّم وتُسرع بالتوبة (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) آل عمران) عليك بالاستغفار وكل ذنب يتبعه استغفار لا يُكتب عليك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث. ثم يا سيدي الكريم أن تكون متميزاً في عباداتك، هذه الحركات الآلية دعوها، عليك أن تتخيل فعلاً أنك أمام الله ماذا لو دخلت على رئيس الدولة؟ كيف تكون؟ أنت في غاية الانتباه. حينئذٍ أنت أمام رب العالمين علِّم نفسك أن تخشع لله لو تعرف ماذا يعني هذا (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) المؤمنون) ماذا يعني خاشع؟ الله يراني وأنت إعلم أنك أنت عندما تصلي أنه ليس في الكون غيرك رب العالمين يراك كما لو لم يكن في الكون إلا أنت والله مركز عليك. كل واحد رب العالمين يركز عليه كما لو كان وحده في هذه الأرض. فتصور أنت عليك أن تكون إلى حدٍ ما معقول يعني لن أطلب منك أن تصل إلى درجة الصالحين الذي يخر مغشياً عليه. لكن بعض من الوعي وتستشعر أن رب العالمين يراك الخ هذه هي التزكية التي قال (يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ (2) الجمعة).
نقول على بعض الأشياء التي تدخلك الجنة بدون حساب. تصور كرم الله تعالى كما أنه جعل أعظم أنواع الغذاء في أرخص الأطعمة في الفجل والبصل والدخن والماش والعدس جعل الأجر كذلك تصوّر هذا المؤذن عندما يؤذن ويقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله إذا أنت قلت نفس الكلام قلت وأنا تكرر معه الشهادة وتقول وراءه وأنا اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً يقول ليس بينه وبين الجنة إلا أن يموت. إذا كل ما صليت جلست في مكانك وقرأت آية الكرسي وهذه التسبيحات المعروفة هذه 33 و 33 و33 ليس بينك وبين الجنة إلا أن تموت. فلهذا يا جماعة خذوا كتاب سنة أو كتاب أحاديث رياض الصالحين المأثورات، عمل اليوم والليلة والله العظيم إذا فعلت هذا الذي نتكلم عنه وهو يسير لمن يسره الله عليه ستدخل الجنة بغير حساب وبغير عتاب وبغير عنت ومن ساعة ما تحتضر تأتي الملائكة حسان الوجوه (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ) ويبقون معك بالبرزخ وبالجنة إلى أن يوصلوك ولما يوصولوك يدخلون عليك (وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)الرعد) نكمل الموضوع إن شاء الله في الحلقة القادمة.
د. نجيب: نرجو أن تكمل الموضوع وخاصة سؤال الأخ الفاضل عن كتمان الشهادة التي عوقب فيها الأمم السابقة لكتمانهم الشهادة. ثم سيدي الشيخ من أهم مظاهر الشهادة لهذه الأمة هي حملهم لهذه الروايات الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديثاً وكيف أن الأمة دخلت أيضاً بوضع الأحاديث ومروياتها. باسمكم جميعاً نتقدم بجزيل الشكر على هذا الجلاء القيم العظيم الدقيق الذي جلاها شيخنا الجليل الأستاذ العلامة أحمد الكبيسي حفظه الله وإلى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله.
بُثّت الحلقة بتاريخ 3/4/2009م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها