الحلقة 56
أنواع العذاب في القرآن
د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. هانحن من جديد مع شيخنا الجليل فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله في آيات قرآنية تبدو أنها متشابهة.
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم.
العذاب في كتاب الله عز وجل جاء أصنافاً وأنواعاً وأسباباً مختلفة كلها تشترك في أنها مؤلمة فكلما جاءت (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (10) البقرة) هذا العذاب الأليم ليس نوعاً واحداً. الألم صفة التوجع، أنت من ماذا تتوجع؟ من الضرب من الجوع من المرض من الإهانة من الشعور بالذل، يعني أسباب الألم كثيرة نفسي وعضوي. وحينئذٍ رب العالمين لما وصف العذاب بهذا الوصف العام قال عذاب أليم كله أليم، ما هي أسباب هذا الألم؟ تعال نستعرض كل كلمة عذاب في القرآن كيف وصفها رب العالمين وكل وصف له دلالة على عذاب خاص مفزع ومفجع على وفق الذنب الذي ارتكبه صاحب النار المحكوم عليه بالنار. قد يكون هذا الذنب مع نفسه أو مع الله من تكبر من قتل من كفر من إضلال كل نوع من أنواع الجرائم على مدى خطورته رب العالمين وصفه بوصف خاص. كل عذاب مؤلم ولكن لماذا هذا الألم؟ ويتفاوت الألم بتفاوت وصف العذاب الخاص.
عندنا عذاب بئيس (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ (165) الأعراف) عذاب بئيس وهو مؤلم لأنه بئيس، ما معنى بئيس؟ البئيس من البؤس تصور واحد كان ملياردير وصار شحاذ، واحد كان حاكم دولة كان ملك صار عليه خلاف لشدة ظلمه كفرعون فرعون هذا الذي قال (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51) الزخرف) ثم غرق هذا الذي يقول (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) النازعات) صار مُضحكاً وبالتالي شعر بالذل والهوان والبؤس. والبؤس كما تعرفون الفقر والجوع، فقر وجوع وذل. فهذا العذاب البئيس للمتكبرين كل متكبر على الناس سواء كان دولة أو شخص يعامل الناس بكبرياء وظلم الناس بكبريائه كما فعل فرعون كما فعل قوم عاد كما فعل الطواغيت في التاريخ هؤلاء الذين دمروا البلدان ودمروا الفقراء ودمروا دولاً صغيرة بما عندهم من قوة تصبح هذه الدولة أو هذه العائلة أو هذا الشعب أو هذه العشيرة التي تظلم الناس من قوتها تصبح في غاية الذل حتى يشعر أعداؤها بالشفقة عليها، هذا العذاب البئيس كما قال تعالى (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112) النحل) قرية يعني دولة، قامت تقتل الناس وتقتل الفقراء وتقتل الناس المساكين تعذب شعبها والشعوب الأخرى (فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) بعد ما كانوا يخيفون العالم صار هو مرعوب أينما يذهب يبصق عليه أينما يهذب يقتل لشدة ما آذى الناس، هذا العذاب البئيس الذي يصيب المتكبرين في الأرض الذين يظلمون الناس لمجرد أنهم عندهم قدرة كما قال سيدنا علي كرم الله وجهه (إذا دعتك قدرتك إلى ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك). واقرأ التاريخ كله كم من هؤلاء الجبابرة في التاريخ أصبحوا بائسين بحيث تستخسر أن تبصق عليهم بل إن أعداءهم يشفقون عليهم لما أصابهم الله به من ذل وخوف ورعب وتمزق ويشحذون الابتسامة من الآخرين، هذا العذاب البئيس. قلنا للأغنياء المتكبرين والحكام المتكبرين والتكبر في الحالتين يعني أن تظلم الآخر لأنك قادر إما لغناك أو لنفوذك تظلم الناس ظلماً ساحقاً وماحقاً هذا يصاب بعذاب بئيس حتى يصبح أمثولة بعد ذلك العز العظيم (لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر) فتأمل! وهذا إذا كان هو فقط متكبر مع نفسه فكيف بالمتكبر على الناس! المتكبر هنا الذي يظلم الناس
عذاب شديد: (عَذَابٌ شَدِيدٌ (4) آل عمران) الشديد هو الذي لا يتراخى. نحن عندنا عذاب في الدنيا لكن ليس فيه شدة كل عذاب يمكن أن يخف قليلاً لكن هذا الشديد يبقى على وتيرة واحدة من القوة (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) النجم) يعني قوة سيدنا جبريل تضعف في يوم من الأيام؟ تتفاوت؟ لا، طبعاً الحبل القوي الذي تجر به السفينة هل يضعف؟ ما يضعف. نحن الآن في الدنيا كل الناس بما فيهم نحن رأينا السجون ورأينا التعذيب عند الآخرين وسمعنا المعذبين بعدما تضرب مرتين ثلاثة عشرة جسمك يتعود ثم ما يتألم يأخذ فترة خدر هذا عذاب ليس شديداً لأن فيه فترة هذا العذاب الشديد من أول ما يبدأ إلى غاية ما ينتهي وهو على نفس الوتيرة من القوة عذاب شديد ليس فيه ولا ذرة هوادة ولا يتفاوت أوله عن آخره من أول ساعة إلى آخر ساعة، سواء كان خالداً أو سيخرج من النار هو بنفس القوة من ذلك العذاب الشديد الذي لا يمكن أن يضعف أو يفتر أو تتفاوت مواعيد الوقوع والإيقاع.
د. نجيب: لأن مناط الإحساس الجلد (كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ (56) النساء)
د. الكبيسي: حتى من الناحية النفسية، أحياناً الواحد يتعود على العذاب، في السجون الناس تتعود على العذاب، لكن هناك لا يتعود على العذاب لأنه عذاب شديد بقوته تأثيره في أول ثانية كتأخيره بعد ألف عام هكذا نعوذ بالله. ولهذا قال عن الملائكة (عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ (6) التحريم) ما يخفف.
عذاب غليظ (عَذَابٍ غَلِيظٍ (58) هود) غليظ غير الشديد. فالشديد من حيث القوة ما يتفاوت غليظ في النار والنار عاقلة كل المادة في اليوم الآخر عاقلة كل شيء عاقل لا يوجد شيء إسمه جماد الناس تتكلم (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) ق) فحينئذٍ الملائكة التي فيها يسمعون صراخاً (وهم يصطرخون فيها) يعني هذا الصراخ ونحن رأينا في الدنيا بعض المعذبين نعوذ بالله ومن ابتلاء الله أن واحد يكون رزقه في أن يعذب الآخرين نسمع صراخاً والله العظيم تكاد الجدران تتفطر من الرعب والذين يسمعونهم من المساجين الآخرين يصاب بالإغماء حتى يوم القيامة يقول صلى الله عليه وسلم من شدة الصراخ يجثوا الأنبياء على الرُكَب لأنه لا يحتمل هذا الصراخ الرهيب! هذا الملك الذي يعذبه ولا ذرة رحمة. عذاب غليظ لأنه ما في شعور (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77) الزخرف) (وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ (49) غافر) ليس هناك ولا ذرة رحمة ولا ذرة تخفيف هذا عذاب غليظ. العذاب الغليظ لأن الذين تخاطبهم لا يسمعون ولا يعقلون من حيث أنهم لا يرأفون بك إطلاقاً وليس في قلبهم ذرة رحمة عليك. وعذاب شديد من أوله إلى آخره على نفس الوتيرة من الألم بحيث لا يتعود جسمك عليه كما قال الدكتور نجيب الإحساس بالجلد والجدل دائم التغيير (كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56) النساء). وطبعاً هذا من خصائصه أنه يصيب المعذبين باليأس يظل يصرخ لعل هذا الذي يعذبه يشعر بشيء من الرحمة لكن بدون فائدة يصاب باليأس كما قال تعالى (حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (77) المؤمنون) والإبلاس غاية اليأس لا يوجد فائدة هذا الذي يعذبني لا رحمة عنده فأستسلم له وأنا أقل من ذبابة نعوذ بالله. (وَإِذَا رَأى الَّذِينَ ظَلَمُواْ الْعَذَابَ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ (85) النحل) (لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا (36) فاطر) ما في تخفيف (لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا) هذا عذاب مقيم مستمر (وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ)عذاب شديد.
عندنا عذاب من رجز ما هو الرجز؟ الرجز الاضطراب. عندنا في الشعر بحر الرجز بحر الرجز أنت من غير الممكن أن تقرأه وأنت ساكت لازم تتمايل وترقص ويرقصون به الأطفال. فالرجز شدة الاضطراب. تلاحظون الآن في كل دول العالم في العراق في أفغانستان في الصومال في دول أخرى صار هناك اضطراب ناس تقتل ناس ناس تغتال ناس عواصف أعاصير طائرات تقصف سجون مليانة الناس تموت جوعاً الناس تغتال بعض الناس يعني المجتمع راقص لا يهدأ كله مصائب. ولهذا رب العالمين قال على فرعون (عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5) سبأ) جراد وقمل وطوفان وسرطانات فالمجتمع جن جنونه إبتدأ يرقص من الألم كالطير يرقص مذبوحاً من الألم. هذا هو الرجز النازل من السماء صواريخ أعاصير جراد قمل ضفادع أنفلونزا الخنازير وانفلونزا الطيور إيدز يعني المجتمع مرعوب وفئات تقتل ناس وتمردات هذا الاضطراب يسمى هذا الرجز. (هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (11) الجاثية) (فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (59) البقرة) (إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (34) العنكبوت) صواريخ وأعاصير وانفلاقات وشمس حارة وثلج وأمطار كلها عقارب يعني بحيث في المجتمع ينام الإنسان يائساً ويصبح يائساً ويتمنى الموت ولا يناله.
———–فاصل———–
إذاً عذاب الرجز هو اضطراب المجتمع بما بينهم أو بما ينزل عليه من تلوث صواريخ قصف جراد قمل إيدز أمراض كل هذا الذي يحصل فإذا أراد الله سبحانه وتعالى أن يعذب مجتمعاً فإنه الله يفعل به هذا وهذا إذا كان المجتمع من الظلم بحيث لا يمكن السكوت عليه كمجتمع فرعون. والفراعين في الدنيا كثير من آدم إلى أن تقوم الساعة. الفراعين الذين يستولون على دول وعلى شعوب وعلى ثروات ويبيدون إبادات كاملة بانتهاك يعني مثل سجن أبو غريب وسجن غوانتانامو صارت مثلاً للعالم فالعالم كله الآن يتحدث عن هذين السجنين وهذا ما عرف وما لم يعرف كثير لا حد له! رب العالمين ليس غافلاً وحينئذٍ يبتليهم بهذا الاضطراب وهو الرجز فتن انهيارات انفلاقات قتول أمراض تلوثات بحيث تصبح الحياة مكروهة وليت الإنسان يموت ولكن لا يحصل بيده الموت من شدة ما حوله من اضطراب. يعني الآن مثلاً في الصومال عشائر وفي القبائل أو بالعراق أو في أفغانستان ما هذه الحياة؟! ناس تقتل ناس وانفلاقات في العشائر وفي القبائل وفي الأسر وفي المدن وفي القرى وفي الجماعات وبعدين هذا الوباء النازل من السماء بالتلوث الماء ملوث والطعام ملوث والأرض ملوثة الأرض كلها فئران وكلها عقارب ما هذا؟! هذا كله يسمى رجزاً كما قال تعالى (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آَيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (133) وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (135) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) الأعراف) طوفان! هكذا هي المجتمعات التي تصاب بهذا الخبل بجرائم أو ذنوب من هذا النوع القاتل التي هي تقوم أساساً على القتل. هذا الرجز يصيب المجتمعات التي تكون فلسفتها القتل. كل جماعة تقتل الأخرى كل فئة تقتل الأخرى كل قومية تقتل الأخرى كل طائفة تقتل الأخرى بشكل بشع خرق العيون وقطع الألسن وحرق بالأفران كما يحدث في أفغانستان في العراق في الصومال والتاريخ مليء. يعني بغداد مثلاً فيها سوق يسمى سوق الجيف في أحد فترات العصر العباسي تقاتل الناس حتى لم يعد أحد يستطيع أن يدفن أحداً لأن القتول كثرت فبعض الناس جمعوا هذه الجثث من الشوارع ووضعوها في سوق وطبعاً لم تدفن فصارت بغداد منتنة في غاية الجيفة إلى الآن يسمى في بغداد يسمى سوق الجيف. هذا يسمونه رجز الرجز هو رب العالمين ينتقم من المجتمع بكامله (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً (25) الأنفال ) الكل يصاب لأن الذي لم يشترك بقي ساكتاً والسكوت جريمة عليك أن تقول قولة الحق وتدافع عن نفسك. إذاً عذاب الرجز هو اضطراب المجتمع هذا في الدنيا عذاب دنيوي وفي الآخرة سنذكر بعد قليل أن هناك عذاب مقيم وهناك لهم من جهنم مهاد بيوت وسكن ومعروف أنت في الجنة عندك بيت أيضاً في النار عندك بيت لكنه يلتهب بالنار عليك والناس تزورك وتتكلم معك ويتناقشون (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25) الطور) والشيطان يناقشهم (إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي (22) إبراهيم) وهم يتحاجون في النار مجالس وبيوت فهذا عذاب مقيم (لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ (41) الأعراف) هذا له فراش من النار. إذاً عذاب الرجز هو الذي يجعل الإنسان مضطرباً حتى في النار هناك ناس مضطربين حتى بيت ما عنده يتنقل من بيت إلى بيت وكلها بيوت نار هذا (مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ).
عندنا عذاب صعد: (يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (17) الجن) يا الله! هذا عذاب الآخرة مصيبة سوداء ولكن طبعاً بعضكم الآن بدأ يقشعر كل هذا الذي أذكره لا يبتلي الله به إلا الكافرين، ما من مؤمن بالله عز وجل يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله ثم لم يتورط في جريمة قتل ظالمة لا تصيبه هذه النار فله نار أخرى هذه النار (لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) الليل) أما من هو مؤمن بالله ورسوله وجميع الرسل (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ (285) البقرة) يحترم إبراهيم وعيسى وموسى ومحمد وإسحاق ويعقوب وآدم ونوح بنفس الاحترام مؤمن بنفس الإيمان لا علاقة له بكل هذه العذابات وإنما عذابه شيء آخر. وهذه في غرف مؤصدة (إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)الهمزة) تأتيهم النار مثل الكهرباء مثل مواسير الماء مثل إسالة الماء وإسالة الغاز في البيوت(إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)) هذه الله قال (لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) الأشقى لأنه قاتل كما فعل فرعون كما فعلت عاد كما فعل التتار كما فعل الإتحاد السوفييتي بالملايين وهجرهم في سيبيريا مائة سنة في الثلج لا لشيء إلا لأنهم مسلمون ولا اعتدوا عليه وهكذا كل من يفعل بالآخر هكذا. حينئذٍ هذا الذي نقوله كما قال القرآن على هذا (لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يدخل النار إلا شقي) هذه النار. لكن عليك أن تحذر إذا كنت مؤمناً بالله وأنت مؤمن بكل الأنبياء إحذر أن تكون قاتلاً لأنك معهم، خاصة إذا قتلت مؤمناً على إيمانه متهماً إياه بعدم الإيمان (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا (93) النساء) ما قال نفساً فالنفس بالنفس وإذا عوقبت قصاص ما بقى عليك ذنب. هذا عن الإيمان كما نفعل الآن حرب الطوائف وكل التاريخ بكل التاريخ مع اليهود والنصارى وبزمن فرعون وبزمن آدم إلى يوم القيامة في حرب دينية هذه التي عليها الطامة الكبرى يوم القيامة (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93) النساء) وهذا ابتدأ بعد ما مات النبي صلى الله عليه وسلم في حرب الخوارج والخوارج مستمرون إلى هذه اللحظة وطبعاً هذا الخوارج باب واسع يدخله المغرضون والسفاكون وأصحاب المصالح والمستعمرون ويحرضون هذا على هذا والكل هالك (إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار) نعوذ بالله. الصعدا عندنا صَعود وعندنا صُعود. كلمة صُعود أن ترتفع أو تصعد متدرج درجة درجة هذا صُعود أما لما تصعد بالطائرة فوراً هذا يسمى صَعود بفتح الصاد. إذاً هناك فرق بين الهبوط وبين يهوي وحينئذ هذا القرآن الكريم في دقة لغته أعجوبة يرسم لك المعنى الدقيق بهذه اللغة الأعجوبة. (صعدا) أولاً العذاب يتصاعد يتطور فالمفروض أن العذاب يخف شوي شوية لكن هو يتصاعد كما قلنا قبل قليل هو عذاب شديد وعذاب عظيم والخ لكن من طبيعته أنه ما يخف عليك وإنما يزداد ألماً، هذا واحد. ثانياً من نوع العذابات الصعود السريع أنت المفروض أن تصعد على هذا الجبل وهو جمرة كبيرة من النار تصعد عليه بسرعة وإذا تباطأت قليلاً تنهال عليك الكلاليب والمضارب من النار (وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) الحج) ومقامع من نار منذ أن تتوقف ولو لثانية تشتغل عليك المقامع فتضطر أن تطلع صَعداً (عَذَابًا صَعَدًا) هذا الصعدا قال (سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) المدثر) سأرهقه أي شدة التعب وشدة المعانة لصَعوده لأنه في الصَعود الانطلاقة السريعة إلى الأعلى.
الدكتور نجيب: ألا يتناسب هذا مع جنسه عمله عندما قال الله تعالى (سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا)؟
الدكتور الكبيسي: هو في الحقيقة كما قلت القرآن الكريم حسم الموضوع فكل هذه العذابات (لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) رجل لا يؤمن بالله قال الله غير موجود وإنما يعبد صنماً يعبد حجراً يعبد قبراً يعبد إنساناً هذا ممن يعذَّب.
العذاب العظيم (عَذَابٌ عَظِيمٌ (7) البقرة) هو الذي يلفت النظر من بين أقرانه. عندنا خمس علماء لكن واحد عظيم ما هذا العالم؟ّ مثل الشعراوي رحمة الله عليه أبو حنيفة هؤلاء عظماء هنالك مليون عالم لكن هذا عظيم يلفت النظر. هناك مثلاً سباق وإذا واحد يطلع الأول على ألف واحد كلهم أقران لكن هذا سابق عظيم بينما الآخرون عشرين متسابق معه متساوون هناك أول وهناك أول مكرر. في النجاح خمسين واحد أخذ تسع وتسعين وواحد فقط أخذ مائة هذا ناجح عظيم. العذاب العظيم يأخذ بالألباب ويشاع ومشهور، من يدخل عليه العذاب العظيم يعني كما قلت لكم حصل في التاريخ القديم والمعاصر نوع من أنواع العذاب خيال بحيث يتناقله الناس. العذاب في غوانتانامو في أبو غريب في سجون الجمهوريات في سجون المساجين السياسيين قبل كم يوم في برنامج في التلفاز “شاهد على العصر” تكلم شخص عن سجن في أحد الدول العربية سجن خيالي هذا عذاب عظيم لأنه مشهور بحيث المذيع بدأ يبكي لما هذا يروي له. حينئذٍ هناك يوم القيامة إذاً في النار هنالك نوع من العذاب أهل النار يرعبون منه. إذاً هذا العذاب العظيم كالرجل العظيم (لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) الزخرف) مشهور الوليد بن المغيرة، أبي بن خلف، الخ. القادة، هناك مليون قائد مثل مونتغومري أو خالد بن الوليد والقادة في العالم بالملايين لكن هناك قيادات تبهر الدنيا يسمى هذا عظيم. فوصف العظيم هناك قائد عظيم ونار عظيمة وقرآن عظيم ورب العالمين عظيم رب الأرباب. وحينئذٍ كلمة عظيم للشيء البارز الذي لا نظير له ليس له مثيل، منفرد، النبأ العظيم رجل عظيم جيش عظيم وهكذا.
عذاب غليظ: (وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (58) هود) هذا العذاب الذي ليس له قلب فيه خشونة بحيث يتمنى الموت وما صار بيده وبالتالي هذا الذي يقسو أكثر وأكثر كلما صرخت. ورأينا فيلماً في الخمسينات يتكلم عن النازية ويتكلم عن أحد سجون النازية وكيف أن المعذبين في السجن فيهم خلل عقلي ويقول لصاحبه-هذا المختل العقلي- أنا في الحقيقة لا أنسى فضل هتلر علي عندما أخرجني من المصح العقلي وجاء بي هنا وأعطاني هذه الوظيفة الخ معناها أنه يعاني من خلل عقلي. من خلله العقلي أنه كلما صرخ المسجون ويظهرون لنا ما الذي يفعله في المساجين يغرقهم في الماء والخ وهو سعيد وفرحان يشعر بسعادة منقطعة النظير وكلما صرخ هذا الذي يتعرض للتعذيب كلما ازدادت سعادة المعذِّب هذا من (عَذَابٍ غَلِيظٍ). هذا شأن ملائكة النار (عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ (6) التحريم) الله أكبر! كلما صرخوا أهل النار ازدادوا شوقاً إلى زيادة العذاب عليهم هذا العذاب الغليظ نعوذ بالله.
——-فاصل————-
نأتي إلى عذاب الخزي (مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ (192) آل عمران) لماذا؟ لأنه بذلك تظهر فضائحه أمام الملأ الأعلى ولهذا رب العالمين عز وجل لما الملائكة (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا (7) غافر). يقول رب العالمين (وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9) غافر) والسيئات أن لا يفضحهم أمام الملا لأن في المحشر الكل يسمع الكل هذا زنا وهذا قتل وهذا سرق وهم ناس كانوا معروفين في الدنيا أنهم كانوا صالحين. إذاً هذا الخزي كما قال صلى الله عليه وسلم (اللهم احشرنا غير خزايا ولا نادمين). فالخزي عندما يُفضح صاحب النار بكل أفعاله يشعر بالذل. ويقول المفسرون إذا واحد رب العالمين فضحه في المحشر يقع لحمه وجهه من الخجل من شدة الخزي أن هذا فلان الفلاني كل هذه الجرائم والقتول والسرقات والنهب والرشاوى والخ بحيث يشعر بخزي هائل هذا عذاب الخزي انكسار شديد جداً. وبالتالي الطواغيت الكبار أصحاب النفوذ لما يراه الناس بهذا الذل وهذه الفضائح والناس تضحك عليه ماذا يقول الحديث يقول هؤلاء الجبابرة يحشرون هو نفسه وجه فرعون ولكن على جسم فأر والناس تطأه بأقدامهم ويضحكون عليه خزي منقطع النظير نعوذ بالله.
إتصال من الأخت أمل من ليبيا: أنا كنت في نعمة وفضل كبير من الله ولكني كنت صغيرة لأستوعب هذه النعمة وأعرف قيمتها فالله سبحانه وتعالى حرمني منها فأنا أريد أن أعرف ما هي الطريقة التي بها أكسب رضى الله سبحانه وتعالى ويرضى عني؟
الإجابة: الاستغفار، أكثري من الاستغفار يومياً سترين حالك يتبدل مائة وثمانين درجة (من لزم الاستغفار جعل الله من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب) فعليك بالاستغفار هذا علاج عجيب كيف الأسبرين عندنا الآن كل الأمراض تأخذ أسبرين وكل المصائب عليك بالاستغفار وتوكلي على الله.
عندنا عذاب مهين (الْعَذَابِ الْمُهِينِ (30) الدخان) هذا خاص للعلماء القساوسة الرهبان يعني الذين يتكلمون في الدين يا الله! هذا يشترون به دنيا كما يحصل في العالم الإسلامي الآن مصيبة العالم الإسلامي الآن في الصومال وفي العراق وفي أفغانستان أهل الدين. أحزاب دينية وعمائم وغيرهم ودمروا الأمة تدميراً هؤلاء لهم العذاب المهين. يقول تعالى (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ (176) الأعراف) أخلد إلى الأرض يسرق وينهب الأموال ورشاوى ويمشي مع المحتل ويبرر الاحتلال (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ (176) الأعراف) الكلب لما يلهث وهذا الذي يريد المال لا يشبع، هذا يوم القيامة مختص بالعذاب المهين ويضحكون عليه الناس ويهان إهانات كبيرة. هذا بلعم كان صدّيق كان فقيه بني إسرائيل وقام يأخذ فلوس يأخذ فلوس من المحتل وسرقات ويحرض على القتل ويحرض على الطائفية وعلى الذبح سقوط كامل وإذا سقطت هذه الطبقة من الذين يدّعون الإسلام من الذين جيروا الإسلام لحسابهم واتخذوا به طبعاً كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (شر الناس من طلب الدنيا بعمل الآخرة) فعلى الأمة السلام ولا تنجو إلا إذا أزاح الله هؤلاء. ودائماً رب العالمين يزيحهم إزاحة كاملة حيث تخرج الأمة بعدهم في منتهى الجمال. مصيبة الصوماليين بالإسلاميين كذابين ومصيبة العراق ومصيبة أفغانستان ومصيبة التاريخ ومصيبة المسلمين الخوارج جاءوا من فكر ديني. وكل الحروب في التاريخ الإسلامية فكر ديني فكر ديني كذاب وحقير ولص ويتعامل مع اليهود سراً ومع المحتلين سراً ثم يذهبون إلى مزابل التاريخ. هؤلاء حصرياً قال (لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (57) الحج) لأنه في الدنيا كان معززاً يسمى شيخ الأستاذ الكبير، آية الله، سماحة وضحك على الناس! وبالتالي فتن وسرق وقتل وزرع الطائفية والحزبية والفرقة وتعاون سراً مع المحتلين مع الأعداء يا سلام يا لطيف رب العالمين جاء لنا بهذا المثل مثل بلعم بن باعوراء ينطبق على كل من يدعي الدين والعلم الديني لكي يشتري به ثمناً دنيوياً (لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ (32) الزمر) كل الطوائف أسسها رجل دين هذا اليزيدية مساكين واحد مات مسلم مطوع وعندهم عمامة الأخ عملهم مشركين هذا يختص بعذاب يوم القيامة حتى يقولون (أيُبدأ بنا قبل عبدة الأوثان؟ فتقول الملائكة: نعم ليس من يعلم كمن لا يعلم) هذا في الحديث الصحيح علمكم الله العلم ثم اشتريتم به ثمناً ومزقتم الأمة وفرقتم كلمتها وتسلطتم عليه وتعاونتم مع أعداء هذه الأمة. هؤلاء لهم عذاب مهين حصراً ويقول تعالى (فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (20) الأحقاف) كذابين تفسرون الآيات على كيفكم وتكفرون الناس وتستغبون الناس وتزندقون الناس وتقتلون وتحرضون على القتل والإبادة والناس تصلي وتصوم.
عندنا عذاب النكر (وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (8) الطلاق) يا الله! يا لطيف! (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (8) الطلاق) (كأيّن) في اللغة العربية يعني كثير، هذه ظاهرة كبيرة. فرب العالمين يقول كثير من القرى القرى يعني مدن مجتمعات ودول وأحزاب وفئات هذه قرية (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا) عتت عن أمر ربها في الدنيا، حينئذٍ رب العالمين قال أعد لهم عذاباً شديداً من حيث أنهم هؤلاء الناس كثيري الكذب على الله وأضلوا الناس ضلالاً عجيباً غريباً ولذلك رب العالمين أعد لهم عذاباً تقشعر له الأبدان. وكلمة نكرا تعني النكر هو العذاب الذي يستأصل إستئصالاً كاملاً واقرأ تاريخ المسلمين تاريخ اليهود تاريخ النصارى تاريخ كل الأديان هناك قوم لوط وقوم نوح وقوم صالح وقوم هود واليهود مع سيدنا موسى والنصارى مع سيدنا عيسى جاءتهم عقوبات استأصلتهم إستئصالاً كاملاً كما هو الحال مع المسلمين. إذاً العذاب النكر هو الاستئصال إلى أن عاد تروح مائة سنة فبني إسرائيل تاهوا أربعين سنة وهناك (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ (259) البقرة) مائة سنة حتى تبدأ من جديد بعد الاستئصال هكذا الفرق. إذاً صار المجتمعات التي تتكبر وتقتل وتفتن تُستأصل هذا يسمى الخسف. فالخسف يعني الاستئصال قتول يعني مثلاً لننغراد استؤصلت، قسم من ألمانيا، قسم من الدول العربية مثل غزة استؤصلت فحينئذٍ رب العالمين لا بد أن ينتقم إذا كان هذا العذاب النكر الدنيوي ظلم فإن الظالم سينتهي نهاية يصبح أمثولة. ما من قوة قوية تتصدى لقوة بسيطة صاحبة حق فتستأصلها وتصب عليها عذاب نكراً إستئصال كامل إلا بقايا حتى بعد مائة سنة حتى ينشأون هذه القوة الغاشمة ستنتهي كما انتهت ألمانيا في ليننغراد وانتهت بريطانيا في بورسعيد وانتهت أمريكا في الفلوجة وانتهت الإتحاد السوفييتي كله في كابول (وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا) عتت عن أمر ربها ما هذا العتو؟ ما هذا الظلم؟ حلف وارسو حلف الأطلسي القنابل الذرية يعني هذه الباخرة الروسية فيها مائة وعشرين عالم ذرّة، فيها قنابل ذرية يمكن أن تدمر الأرض خمسين مرة تغرق وإلى الآن لا يعرف السبب! هي وطاقمها انتهت والاتحاد السوفييتي ينتهي إلى أن يأكلون لحم كلاب في معلبات ليس لديهم أكل تفتك بهم المافيا (وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا). وحينئذٍ على كل قوي يظلم بقوته وقدرته ناس بسطاء أصحاب حق رأى عندهم قرشين أو بئر بترول جاء يسرقه ثم أبادهم واستأصلهم وعذبهم عذاب نكراً هذا العذاب النكر سيحيق كما قال تعالى (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ (43) فاطر). هذا من قوانين الكون خذوا الرومان واليونان وهؤلاء المغول والتتار وقسم من المسلمين وقسم من اليهود وكل التاريخ كل قوة هائلة تبيد وتعذب قوة ضعيفة عذاب نكرا بالمخصب واليورانيوم والسرطانات ستنتهي بحيث لا يرحمها أحد هكذا هو الأمر.
عندنا عذاب مستقر (عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ (38) القمر) احنا قلنا العذاب المستقر يعني واحد عنده بيت كما أنك عندك في البيت جنة عندك في النار بيت ففي النار شوارع وناس وخالدين فيها ومستقر بيت ولك جيران وتحكون مع بعض لكن عذاب مستقر بحيث ما يتخلف عنك ولا شعرة ولا تهدأ ولا تموت هي هذه هي المشكلة لا تموت (لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا) هذه المصيبة السوداء. ولهذا الله قال (عَذَابًا نُكْرًا) متميز، وقال (جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) آل عمران) فراش عنده بيت مستقر بيت وقصر ويستقبلون فيه ناس وإبليس يتناقش معهم (وعدتكم وعد الحق) يعني سوالف وقعدات لكن في نار مستمرة وهكذا مهاد فرش لهذه المستقرات والمستقر المساكن.
أخيراً العذاب المقيم (هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (68) التوبة) مقيم دائم لا يخفف لا تخفف حدته إطلاقاً كالضرب والحر والبرد أحياناً في الدنيا يخف هناك لا يخف إطلاقاً.
باختصار شديد نحن قلنا هذا الكلام، أولاً هذا من فضل الله ليس لنا فيه شيء بإذن الله برحمة الله لكن هناك عذابات أخرى جمرة توضع تحت قدمك يغلي منها دماغك وهذه تكفي. وهناك أعلى وأعلى. ما هو الحل ونحن ميتون لا محالة ونحن نؤمن بهذا إيمان قطعي وما من أمة تؤمن بهذا كما نؤمن به نحن المسلمين. فما الحل يا جماعة؟ وعندنا غيبة ونميمة وبعض الكبر وحب الدنيا وعندنا شوية عقوق والدين وشوية ربا وترك صلاة مرة وعندنا مخالفات وعلاقات فما الحل؟ فرب العالمين قال (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ (27) النساء) ورب العالمين قال لأشرعن لكم تشريعاً من اتبعه فيموت ولا ذنب عليه. أول ذلك رمضان قال أنا رب العالمين جعلتكم هذه الأمة ما من أمة توحدني مثلكم أنتم تقولون لا إله إلا الله من كل قلوبكم بصدق وإخلاص لكن رمضان إياكم.
إتصال من الأخت أم هاجر من فرنسا: أردت أن أضيف إلى أنواع العذاب التي ذكرت العذاب الكبير كما جاء في سورة الفرقان (وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (19)).
يا أخواني الإرادة لا بد أن تقع (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) هود) واحد، رب العالمين ماذا يقول على لسان النبي صلى الله عليه وسلم قال (رغِم أنف عبدٍ أدرك رمضان ولم يغفر له) حينئذٍ يا إخواني صوموا رمضان كأن هذا هو آخر صوم في حياتك اختم عليه وذلك بأن تنتهي عن الغيبة، بر الوالدين، إذا بينكم خصومة مع واحد صالح صاحبك وحينئذٍ ينتهي رمضان ولا ذنب عليك وكل هذا الكلام أنت بعيد عنه إن شاء الله.
الدكتور نجيب: (من طاب رمضانه طاب عامه كله ومن ساء رمضانه ساء عامه كله) وحسبنا أن نكون ممن قال الله تعال فيهم (وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102)التوبة.
د. الكبيسي: إن شاء الله و (عسى) للتحقيق إن شاء الله.
د. نجيب: بإسمكم جميعاً أشكر فضيلة شيخنا الإمام أحمد الكبيسي على هذه العلوم الجليلة العظيمة المنتثرة فحمعها في بوتقة واحدة قلّما نظفر بمثلها وإلى اللقاء في الحلقة القادمة وكل عام وأنتم بخير.
بُثّت الحلقة بتاريخ 14/8/2009م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها