الحلقة 75
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا (8) التحريم) – (حم (1) تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3)) – (وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71))
د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. ما زلنا في الآيات القرآنية التي تبدو متشابهة مع أخواتها في القرآن الكريم ومع شيخنا الجليل الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله.
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. موضوع حلقتنا هذه عن بداية العلاقة الإيجابية مع الله عز وجل. والعلاقة الإيجابية مع الله عز وجل ليست بالطاعة وإنما بالمعصية والتوبة ولهذا جاءت التوبة في كتاب الله عز وجل على ثلاث صيغ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا (8) التحريم) هذه صيغة (فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) البقرة)، الصيغة الثانية (حم (1) تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3)) التوب، ثالثاً (وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)) (قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ (30) الرعد) عندنا توبة (مؤنث) وعندنا توْب (مذكر) وعندنا متاب. ماذا تعني هذه الصيغ الثلاث؟ وكما قلنا قبل قليل الأصل في علاقة آدم وبنيه المعصية حينئذ أول ما تحرك آدم بعد خلقه عصى الله عز وجل (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) طه) (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) طه) ثم قال (فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ). أولاً كلمة تلقى فعل إيجابي “تلقيت منك هدية، تلقيت منك بطاقة تهنئة، تلقيت منك كلمات عذبة في حقي، تلقيت منك كلاماً نفعني ونصحاً أرشدني” فالتلقي إيجابي بخلاف (لقي) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ (15) الأنفال) (فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) مريم) ما قال تلقون. (فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ) بعدما عصى تلقى من ربه كلمات فيها حنان وفيها لطف وفيها تعليم إفعل كذا كذا لكي أغفر لك، في غاية الرضا, هذه كلمة تلقى. العلاقة بين العبد وربه المعصية ” لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ثم جاء بقوم يذنبون” ولهذا رب العالمين لم يقل مرة إن الله يحب الطائعين، كلمة طائعين، المعصية طاعة، ما قال إن الله يحب الطائعين وإنما قال (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ) “لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ثم جاء بقوم يذنبون ثم يستغفرون” لماذا سمي إذن الغافر والغفور والغافر؟! فلا بد من تحقيق ذلك (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى (180) الأعراف). لا بد من الخطيئة ولهذا المهم النهاية “كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون” ليس المشكلة في الخطيئة لأن هذا قانونك، لا بد أن تذنب مطلقاً، “المؤمن كالسنبلة يميل تارة ويستقيم تارة” صدق رسول الله. لكل عامل شُرّة (نشاط) ولكل شرة فترة: لا بد أن تأتيك فترة في حياتك تذنب، تخطئ، ظروف معينة تغير مكانك، تغير نفسيتك لكي ترجع إلى الله لأن خير الخطائين التوابون. المتقون الذين وصفهم الله بأوصاف عظيمة وأعد لهم جنان الفردوس بالسباق (سابقوا) (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) آل عمران) ما قال والذين لا يرتكبون الفاحشة، التوبة هي الأول العلاقة مع الله، إن الله قال عن نفسه تواباً وقال أحب التوابين. فالسؤال الآن ما الفرق بين توبة وتوْب وبين متاب؟ هذا هو موضوع الحلقة.
د. نجيب: والتوبة أول العلاقة وآخرها أيضاً عندما يكون في خواتيم الأمور
د. الكبيسي: ربما هذا أحد الوجوه، أنت إذا مت عليها كمن عنده ملجأ ، أولها التوبة الواحدة ثم توبة عامة ثم الركون إليها فلا ذنب بعدها تلقى الله وليس عليك ذنب.
د. نجيب: لذلك قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في خواتيم الأمر (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3) النصر)
د. الكبيسي: ليس العبرة بنقص البدايات وإنما العبرة بكمال النهايات ” يا عبدي لو جئتني بمثل قراب الأرض خطايا ثم لقيتني” في النهاية “لغفرت لك ولا أبالي”. ثلاث ذنوب في هذا الدين حكم الله على صاحبها بالإعدام شر إعدام خاصة الزنا (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (70) وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) الفرقان) بعد هذا الذنب الذي ارتكبته تعلمت درساً عظيماً في بداياتك ثم مر بك ظرف قاهر قاس الله أعلم بحالتك فارتكبت واحدة من هذه الثلاثة ثم تبت منها توبة نصوحاً كما قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا (8) التحريم) سنذكر ما معنى النصوح، حينئذ قال (وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) الفرقان) دخل في ملجأ (حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76) الفرقان) فرق أن تقول فلان استقر في دبي يعني ساعة ساعتين وبين مستقر يعني نهائي وقس على هذا. اللغة العربية لغة أعجوبة ما من لغة تحتمل هذا المعنى العظيم الذي لا تنتهي عجائبه إلا هذه اللغة العجيبة. نعود إلى موضوعنا كيف نمر بالتوبة الواحدة، أنت ارتكبت ذنباً عظيماً فعليك أن تتوب منه توبة قوية عليها أن تكون نصوحاً وسأذكر ما معنى نصوحاً؟ كما يقول علماء الأمة، التوبة أكملها وأعظمها هي المتاب. أنت أحياناً تتوب، يقال لماذا ارتكبت الذنب؟ تقول أنا ما ارتكبت، هذا خطأ. أو أنت ارتكبت لأنك أنت وضعتني في هذا الموقف! أنت تعاتب رب العالمين! هذا خطأ، هذا نقص في التوبة. لكن إذا سئلت لماذا أذنبت؟ تقول أنا أذنبت وأنا خطاء وأنت رب العالمين أنت غفور، أنا ارتكبت هذا طمعا في رحمتك، أنا مجرم، أنا عصيتك، أنا استحق النار، أنت تتهم نفسك. ثم أنت بلغ بك الندم مبلغاً بحيث لا يمكن في المستقبل أن تعود إلى مثله، فترة راحت. كما قال “ لكل عمل شرة ولكل شرة فترة فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك” الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: المنذري – المصدر: الترغيب والترهيب – الصفحة أو الرقم: 1/ 67 – خلاصة حكم المحدث: [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما] ” أسبوع شهر، قد تكون سنة سنتين قد تكون أربعة وإذا بك تعود من هذه السقطة التي سقطت بها لظرف معين تعود عودة لم يعد لإبليس عليك أي مدخل، هذا المتاب، الملجأ، دخلت في ملجأ حصين من إبليس لن يستطيع أن يقتحم عليك هذا الحصن. متاب لشدة ما فعلت ولهذا قال القرآن الكريم (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) آل عمران). ولهذا أنت أمام ثلاثة ذنوب خطيرة مهلكة. أنت لو تعرف الذنوب التي على المرتد وعلى القاتل عمداً عدواناً وعلى الزاني عمداً عدواناً وبقصد، فعلاً كل الدعوات تقبل إلا من قاتل أو زان. ” قال رجل : يا رسول الله ، أي الذنب أكبر عند الله ؟ قال : ( أن تدعو لله ندا وهو خلقك ) . قال : ثم أي ؟ قال : ( ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك ) . قال : ثم أي ؟ قال : ( ثم أن تزاني بحليلة جارك ) . فأنزل الله عز وجل تصديقها : { والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك } . الآية . الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري – الصفحة أو الرقم: 6861 – خلاصة حكم المحدث: [صحيح]”، بعد الرِّدة الزنا. آخر قال “ لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ، ما لم يصب دما حراما” الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري – الصفحة أو الرقم: 6862 – خلاصة حكم المحدث: [صحيح] ” كلام في هذه الذنوب الثلاثة قمة الخطايا عند الله عز وجل ولهذا ينبغي أن تخرج منها إلى متاب وليس إلى توبة، لماذا؟ التوبة قد ترجع والأحاديث فيها صحيحة، لماذا قال تواب؟ يعني يتوب ويخطيء، يتوب ويخطيء لكن ليس بهذه الثلاثة “عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فيما يحكي عن ربه عز وجل قال ” أذنب عبد ذنبا . فقال : اللهم ! اغفر لي ذنبي . فقال تبارك وتعالى : أذنب عبدي ذنبا ، فعلم أن له ربا يغفر الذنب ، ويأخذ بالذنب . ثم عاد فأذنب . فقال : أي رب ! اغفر لي ذنبي . فقال تبارك وتعالى : عبدي أذنب ذنبا . فعلم أن له ربا يغفر الذنب ، ويأخذ بالذنب . ثم عاد فأذنب فقال : أي رب ! اغفر لي ذنبي . فقال تبارك وتعالى : أذنب عبدي ذنبا . فعلم أن له ربا يغفر الذنب ، ويأخذ بالذنب . اعمل ما شئت فقد غفرت لك ” . قال عبدالأعلى : لا أدري أقال في الثالثة أو الرابعة ” اعمل ما شئت ” . الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم – المصدر: صحيح مسلم – الصفحة أو الرقم: 2758، خلاصة حكم المحدث: صحيح” إذا كان كلما أذنب ندم وتعب وحزن واستغفرني فليفعل ما يشاء. لكن صادق في توبته، لكن قد يرجع إلا هذه الثلاثة التي هي الردّة، والقتل والزنا وخاصة بحليلة جارك والجيران أربعين بيتاً، كل الحي الذي أنت فيه، جميع الحيّ الذي تسكنه جيرانك فأن تزاني بحلية جارك انتهيت إلا أن تدخل في متاب والمتاب هذا (وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) الفرقان) تقتلع هذه الجرثومة من عقلك الباطن بحيث لم تعد تفكر بها وكلما ذكرت خطيئتك تكاد تموت من العرب، هذا المتاب. ولهذا الجماعة الذين جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، امرأة حامل تقول أنا زنيت وهي تعلم ما الذي سيحصل سيرجموها بالحجارة إلى أن تموت، هذه مأساة ومع هذا أصرّت والنبي يقول لها أنت ما زنيت ولكنها قالت أنا حامل فقال النبي انتظري حتى تلدي وبعد سنة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد نسيها فقالت له أنا جئتك قبل سنة فقال لها مضت سنة وصار عندك ولد أما عزّت عليك الحياة؟ قالت لا، عار الدنيا ولا عار الآخرة، هي مصرّة، قال لها النبي حتى تفطميه، ثم عادت إلى أن رجموها. وكذلك الذي اعترف بالزنا لرسول الله عليه الصلاة والسلام فقال له ألم تصلي معنا؟ هذه توبتك. النبي صلى الله عليه وسلم يقول اطرد المعترفين لأنها مأساة، هذا حد من الحدود التي طهرت الأمة وجعلتها نظيفة من هذا الرعب ومع هذا تصر. وقلنا في حلقة ماضية في برنامجنا على سما دبي هذا الذي جاء وقد زنى وهو صحابي والأخرى جاءت وقد زنت وهي صحابية لكن هم بشر تقف في موقف لا بد منه. أنتم تعرفون كم قصة من ذي الكفل وأحاديث رواها النبي صلى الله عليه وسلم ووقائع هؤلاء صالحون لكن وقعوا في ظرف معين ولهذا قلنا أن عندنا في الإسلام كل ذنب عظيم له حلول آنية مثل العملية الجراحية توجِع لكنها حلّ مثل واحد به سرطان قبل أن يموت قطعوا يده صحيح قطع اليد مشكلة لكن لا بد من قطعها. في هذا الدين أنكحة مرذولة، عقود زواجات خسيسة ليست طيبة ولا ترضى بها أيّ امرأة ولا يرضى بها أيّ رجل ولكنها للضرورة مثل العقود المؤقتة. هذا الدين يفرِّق بين حرام ولا حد فيه وبين حرام وفيه حد، يفرق بين حرام وحرام، قضايا الحدود لهذه الثلاثة ليست حراماً فقط وإنما مأساة (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (70)) كنت تتقي هذا المصير! بالقتل كان عليك أن تكتفي بالضرب، بقطع يده، لا تصل إلى القتل، يمكن إذا بينك وبينه مصيبة أن تشفي غليلك بأن تضربه، يكون عليك القصاص. ثم إياك والاقتراب من الشرك، لا تستغيث بأحد غير الله، لا تقول يا حسين، يا علي، يا فلان، اترك هذه المصيبة حتى لا تقع في شرك. وكذلك الزنى إياك أن تزني، أنت تعرف أن هذه امرأة زانية وأنت زاني وأنت تعرف أن هذه محرمة عليك وتفعلها، إياك وهذا!. وقعت في ورطة في مكان ما خاصة في هذا العصر الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم “لا تقوم الساعة حتى يظهر فيكم الزنا حتى تغشى المرأة في الطريق لا ينكر ذلك أحد” “حتى يقول الرجل لصاحبه لو تنحيت بها عن الطريق وهو يومئذ فيهم كأبي بكر فيكم لأنه قال هذه الكلمة” وهذا بدأ الآن أمامكم. فإذا كان لا بد وأنت مسافر مغترب ستقع في الزنا خفف هذا بالأنكحة المرذولة، صحيح أنها مرذولة لكنها تنقذك من الزنا. هذه العقود المؤقتة “زوجتك نفسي – قبِلت” بإجماع المسلمين هذه تلغي عنك الحدود ولا تعتبر زنا وإذا جاءك بهذا العقد ولد فهو ثابت النسب وليس هناك توارث، يسمونه العقود الفاسدة. عقد منعقد وعقد صحيح وعقد نافذ وعقد لازم وهذه يعرفها أهل الفقه. العق المنعقد إذا اختل فهو باطل، هذا زنى. العقد الصحيح الذي فيه شهود اثنان وولي أمر والعقد مؤبد يعني أبوها حاصر وشهود اثنان وزواج اعتيادي ليس مؤقتاً هذا عقد صحيح إذا اختل واحد منها فهو عقد فاسد، أبوها غير موجود ليس هناك ولي أو ليس هناك شهود اثنان أو عقد مؤقت هذا العقد فاسد. العقد الفاسد بالإجماع زوجتك نفسي – قبلت دخلت بها بإجماع المسلمين هذا ليس زنا ولا عقوبة عليه وإذا جاءك ولد فهو صحيح النسب ولكن لا توارث فيه لو مات أحدكما الآخر لا يرثه، هذا فقه ليس لعبة وهذا دين. الذي يعاقب هذه العقوبة البشعة التي تنخلع لها القلوب والتي كانت سبباً في هذه الفضيلة التي عمّت العالم الإسلامي كما لم يحدث في أي أمة لأن الإسلام فتح المجال وقال يمكن أن تزوج أربعة فلو واجه بأي عقد، هذا شبهة عقد يُسقِط الحد. كما قلنا حتى نكاح المتعة الذي هو عند المسلمين ما عدا بعض المذاهب القليلة أنه عقد فاسد ومع هذا إذا عقدت عقد متعة لا يعتبر زنا بالاجماع، هو حرام لكن بالإجماع ليس زنى. إذن ما الذي يجعلك تزني لترجم هذه الرجمة إلى حد الموت؟! وإذا لم ترجم ستخلد في النار! هذه الآية واضحة (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68)) أكبر الجرائم ثلاثة (يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69)) إلى أن قال (وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)) حلّ المشكلة بهذا الشكل وهذا الدين فيه سعة لكي لا يكون عليكم حرج
د. نجيب: كما قال النبي صلى الله عليه وسلم “إدرأوا الحدود بالشبهات”
————-فاصل————-
نعود فنقول التَوْب (غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ (3) غافر) رب العالمين لشدة حبه للمغفرة قدّم المغفرة قبل التوبة والنبي صلى الله عليه وسلم قال إذا علم الله من عبده توبة غفر له قبل أن يتوب لشدة محبة الله سبحانه وتعالى للتوابين. (غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ) كان يمكن أن يقول قابل التوب ثم غافر الذنب، رب العالمين يقول قف لي آتيك أمشي وامش إليّ آتيك هرولة وهذا من أسباب محبة الله للمغفرة. وحينئذ كما يقول الرازي وابن عاشور يقولون التوب هو الذي تتوفر فيه الشروط التالية: يقولون التوبة ثلاث مراحل المرحلة الأولى وهي أتفهها ينكر أنه أذنب ربنا يقول (اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) الإسراء) (مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا (49) الكهف) الثانية يقول فعلت لكن لأنك أنت جعلتني فقيراً
أم أحمد من ليبيا: ما حكم الذي يذنب ثم يتوب ثم يعود للذنب؟
الإجابة: سؤال جيد، إذا كان هو ساعة ما يزني ثم تاب وهو يتوب في نيته أن يعود ثانية مثل شارب الخمر وهو يشرب ينوي أن يتوب، ثم توضأ وصلى العشاء ثم يسكر في اليوم التالي هذا توبته ملغاة، واحد زنى أو شرب الخمر ثم تاب واستغفر ونوى بصدق مع الله أن لا يعود لكن لظرف ما عاد كما في الحديث “ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فيما يحكي عن ربه عز وجل قال ” أذنب عبد ذنبا . فقال : اللهم ! اغفر لي ذنبي . فقال تبارك وتعالى : أذنب عبدي ذنبا ، فعلم أن له ربا يغفر الذنب ، ويأخذ بالذنب . ثم عاد فأذنب . فقال : أي رب ! اغفر لي ذنبي . فقال تبارك وتعالى : عبدي أذنب ذنبا . فعلم أن له ربا يغفر الذنب ، ويأخذ بالذنب . ثم عاد فأذنب فقال : أي رب ! اغفر لي ذنبي . فقال تبارك وتعالى : أذنب عبدي ذنبا . فعلم أن له ربا يغفر الذنب ، ويأخذ بالذنب . اعمل ما شئت فقد غفرت لك ” . قال عبدالأعلى : لا أدري أقال في الثالثة أو الرابعة ” اعمل ما شئت ” . الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم – المصدر: صحيح مسلم – الصفحة أو الرقم: 2758، خلاصة حكم المحدث: صحيح ” إذا كان كلما أذنب استغفر وتاب ونوى ألا يعود ولكن بعد سنة سنتين ثلاثة جاء ظرف قهره مرة ثانية عاد هذا الذي يغفر الله له ما دام يحدث لكل ذنب توبة والأحاديث في هذا صحيحة. من أجل هذا إذا كان يلعب فهذا كالمستهزيء بالله عز وجل، إذا كان ينوي الزنا أو القتل في الغد، هناك حكام في العالم العربي قتلة لا يمكن أن تمر ليلة أو ليلتين إلا وقد قتلوا أربعة خمسة يمكن أنه يصلي لكن في الغد يقتل هذه ليست توبة!. هناك حديث “الندم توبة”. ندم على ما فعل لكن مرة أخرى بعد شهور بعد سنين حصل له موقف ضعفت نفسه حينئذ إذا تاب فرب العالمين يتوب عليه.
د. نجيب: هل بالضرورة أن يعرّض صفحته للحدّ الشرعي؟
د. الكبيسي: لا بالعكس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الحدود “من أتى من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله فإنه من أبدى لنا صفحته أقمنا عليه الحد” – الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: ابن الملقن – المصدر: خلاصة البدر المنير – الصفحة أو الرقم: 2/303 – خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم” واحد يزني وجاء أربعة شهود رأوه عياناً، هذه صفاقة! زنى أمام الناس! وهذا قادم كما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأينا هذا في عواصم عربية كثيرة الناس يمرون على هؤلاء عادي، بدأ هذا الذي أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام في السنوات الأخيرة بدأ في المجتمع الغربي من زمان والآن موجود في المجتمع الإسلامي وسيتوسع ليكون عادياً كما هو عادي في المجتمع الغربي. في مثل هذه الحالات إجتنب الكبيرة كما قال الدكتور نجيب إدرأوا الحدود بالشبهات، هذا حديث، اترك لنفسك خط رجعة، إياك أن ترتكب الذنب وهو مستوفي لكل الشروط، إذا كان لا بد من قتل إكتفي ما دون القتل، لا تزهق الروح، فرق كبير بين أن تزهق الروح وبين أن تؤذي الآخر أذى شديداً. وإياك أن تدعو مع الله إلهاً آخر، أحياناً هناك دعوات مستجابة، النبي عليه الصلاة والسلام يقول لأحدهم قل اللهم بحق النبي هذا صحيح ولكن هذا باب خطر، يا أخي إحتاط، الورع ترك ما لا ذنب به مخافة أن يكون به ذنب، فلنترك هذه الاستغاثات لأن الشرك مصيبة المصائب والشرك كما في حديث البخاري يتسلل إلى قلب أحدكم كما تتسلل النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء. فأنت اجعل لنفسك حدوداً. الزنى يعني أن تدخل ذكرك في فرج امرأة وكل منكما يعلم أنه زاني، هناك حلول، هذه قاوعد فقهية الضررالأعم يزال بالضرر الأخف، (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (78) الحج) أنت إذا ارتكبت قمة الجريمة لم يعد لك باب للعذر. ومن بلية هذا الزمان الجنس أفلام وانترنتكما تعرفون وهذا مقصود وقيل علناً من رؤساء دول كبرى “لقد سلّطنا على المسلمين الجنس والانترنت والأفلام وهي تسعر في الشباب وغير الشباب. ارفعوا الحرج بالأقل وهذا الدين لم يطالبنا بما طولب به السلف “إنكم تجدون على الحق أعواناً وهم لا يجدون”. العبادة اليوم بخمسين عبادة من أصحاب النبي لشدة الحرج الذي نحن فيه. هذا الدين دين أعذار “ما من أحد أحبَّ إليه العذر من الله عز وجل” هذا حديث صحيح. إذن إياك أن تغضب الله بالحد الأدنى ورب العالمين جعل لك حلولاً، إجعل هذه العلاقة الجنسية بينك وبين المرأة حلالاً بأخسّ الطرق وأرذلها لكنه حلال يمنع عنك الزنا ويمنع عنك الحدّ وإذا جاءك ولد فهو ابنك، إعمل عقداً أبو حنيفة يقول الولي ليس شرطاً، مالك يقول بالاستفاضة إذا كان مستفيضاً فلا داعي لشاهدين، وإذا كانت بالغاً عاقلاً وأنت بالغ عاقر تقول زوجتك نفسي وأنت تقبل فهذا عقد. إذن هناك طرق تعتمد عليها ببعض آراء للفقهاء لكي لا تصل عندما تكون مضطراً، أنت وقعت في مأزق وتورطت في يوم من الأيام وأصبحت على حد لا بد أن تزني إبعد عن نفسك هذه المصيبة السوداء تقول لك زوجتك نفسي – قبلت، إعمل عقد زواج سمّيه ما شئت، سميه نكاح مؤقت، متعة، شبهة، تخرج من دائرة من دائرة القصد الجنائي الكامل من إسم الزنى الكامل الذي يوجب الحد حتى لا تدخل في هذه الآية (وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) الفرقان).
منيرة من دبي: هناك مغفرة وأجر كريم، هناك زيادة في المغفرة؟.
د. الكبيسي: هي مرحلتين، من زحزح عن النار مرحلة ومن أدخل الجنة هذه مرحلة ثانية (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ (185)آل عمران) رب العالمين غفر لك ولكن لم تدخلي الجنة وقد تبقين على الأعراف، قال مغفرة والثانية أجر عظيم ادخلي الجنة كأنك لم ترتكبي سيئة، هذا كرم الكريم، أكرم الكرماء رب العالمين ولهذا قال (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ). هناك واحد قد عمل السيئات فلما قرأ أحدهم هذه الآية (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ) قال كفاني هذه، لا، رب العالمين قال (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ) هذه مغفرة وأجر عظيم، مغفرة لما فعلته ذنباً ولهذا قول أحد الصالحين من الصحابة لما قرأ آية القاتل الزاني (فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ (70) الفرقان) قال إذن علينا أن نذنب كثيراً ليبدل الله سيئاتنا حسنات. رب العالمين من كرمه لأنك تركت الذنب لوجهه ولأنك تبت إليه وما من شيء أحب إليه من التوابين. الحديث “لله أشد فرحاً بالتائب من صاحب الراحلة” تصوري واحد في الصحراء كل ما عنده من ماء وكعام على الراحلة ثم نام من تعبه تحت شجرة وعندما استيقظ وجد أن الراحلة ذهبت وعليها طعامه وشرابه في صحراء ليس لها آخر وبقي يوماً أو يومين وشارف على الموت فبعد ثلاثة أيام بدأ يموت من العطش والجوع وهو كذلك سمع صوت البعير وعليه الماء والطعام فمن شدة فرحه قال يا رب أنت عبدي وأنا ربك، المفروض أن يقول أنت ربي وأنا عبدك لكن من شدة فرحه أخطأ فيقول رب العالمين كما فرح هذا بعودة الراحلة أنا أفرح بعبدي إذا تاب. ولهذا رب العالمين يقول أنا أفرح به قبل أن يتوب إذا علمت أنه سيتوب فأنا أفرح به قبل أن يتوب. وبالتالي رب العالمين من كرمه وسخائه إذا تبت من الذنب يضاعف حسناتك ويغفر لك ذنوبك ويعطيك أجراً عظيماً والتائب من الذنب كمن لا ذنب له. الذنب إذا تبت رب العالمين ينسي الملائكة ويمسح من الصحف كأنك لم تفعليه، التائب من الذنب كمن لا ذنب له.هذا كرم رب العالمين ومدى حبه للتوابين كما تذكر بعض الأحاديث
ناصر من الشارقة: هل يجوز أن أحضر شاهدان يشهدان أني أنا دخلت على زوجتي؟
د. الكبيسي: إذا لم تأتي بشهود يصير عقد فاسد والعقد الفاسد بإجماع الفقهاء ليس زنى، هو عقد ناقص. الإمام مالك وغيره يقول إذا كنت أنت معروفاً أنك فلان الفلاني وخطيبتك معروفة من زمان وأنت معروف في الحي وأنك ستتزوج فلانة يقولون لا داعي للشهود لأن الناس تعرف وهذا يسمى الاستفاضة، أنت إذا وقعت في الزنى الفعلي فهذه مصيبة يوم القيامة وإذا كانت التي زنيب بها من الحي الذي تعيش فيه فأنت هلكت. يوم القيامة هذا يتساوى مع الشرك أنك زنيت مع امرأة في حدود أربعين بيتاً من حولك في الحي الذي أنت فيه فقد هلكت، قل لها زوجتك نفسي قبلت سمه ما تشاء لكن يكون هناك عقد. النبي صلى الله عليه وسلم قال ادرأوا الحدود بالشبهات، وهذا كلام بديهي بالإجماع أن الزنى الذي يوجب الحد معروف محدد رجل أجنبي مع امرأة أجنبية كل منهما يعرف أنه يزني مع الآخر ويدخل ذكره في فرجها دخولاً كاملاً وأربعة يرون هذا الذكر داخلاً في الفرج، من يرى هذا؟! رب العالمين يريد أن يستر. سيدنا ماعز من الصحابة والغامدية لما رأى النبي عليه الصلاة والسلام الذي حرّضه على الاعتراف قال له يا هزّال والذي نفسي بيده لو أنك سترته بثوبك لكان عند الله أفضل. أنت ورطته وقلت له اعترف وكان يمكن أن تقول له تب إلى الله ولا تعد لها لا أن تدفعه للإعتراف حتى رجم للموت. هذا دين رحمة بالمؤمنين لكن رب العالمين شرّع الحدود لكي تزجر الناس وقد أفلح، الحدود تسمى زواجر تزجر أصحاب النوايا السيئة. وفي الإسلام رخص كثيرة، كل حياتنا فيها آثام، هل العقد بدون شاهد هو المشكلة في مجتمعنا؟! عندنا غيبة ونميمة وسوء جوار لكن لا تصل للكبائر الزنى مصيبة الزنى والقتل والشرك مصيبة. وعلينا أن نأخذ بالرخص التي أعطانا إياها رب العالمين. لم يشذ أحد من أن الزواج المؤقت حرام ولكن ليس زنى بل يثبت به النسب، بالزنى لا يثبت النسب واحدة بغي مع رجل وجاءهم ولد هذا ابن حرام، لكن ما دام هناك عقد عقد متعة، عقد مؤقت، عقد مسيار، لكن العقد إذا لم يكن فيه شاهدان فهو ناقص لكنه عقد ولو كان كاملاً لكان زواجاً. كونه عقداً يدفع الزنى ويدفع الحد ويثبت النسب وبالتالي بعض الشر أهون من بعضه.
أم هبة من الشارقة: هل التوبة لها حدود؟ إذا أذنب العبد نفس الذنب وتاب أكثر من ثلاث مرات لا يقبل الله التوبة؟
د. الكبيسي: والله يا ابنتي لو جئتني بمثل قراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي. ولو أذنبتم حتى تبلغ خطاياكم عنان السماء ثم استغفرتموني لغفرت لكم. إن الله كريم. لكن قال النبي لا تغتروا! لا يعني إفعلوها لكن الذي يعتمد على هذا هذا استهزاء بالله! لكن واحد يخطئ في ظرف معين، نعرف أناساً صار لهم خمسين سنة بدون صلاة أو خمسين سنة يشرب الخمر ثم هداه الله يقول هل لي مغفرة؟ طبعاً له مغفرة. أما واحد يسمع هذا الحديث أنه كلما زنى يغفر الله له هذا لا يفعله عاقل!. رب العالمين يخافه أصحاب العقول. الذي هو غير مميِز والمجنون غير محاسب. إذا كنت ضالاً فترة طويلة ثم تبت يغفر الله لك كل الذنوب لكن أنت إذا سمعت حديث المغفرة تقول جميل كلما أذنبت استغفر، هذا استهزاء! وذنبك مضاعف لأنك تستهزئ بالله. النبي يقول لو أحد توضأ وتمضمض تتساقط كل ذنوبه ولا تغتروا. كن منسجماً ومطيعاً.
عبد القادر من أبو ظبي: أنت قلت أن زواج المتعة حرام وعقد فاسد وليس زنى أليس هذا دعوة للمتعة؟! المتعة الآن إذا تمتعت ألا أسجن في هذه الدولة؟! لو كان معي عقد متعة وأمسكتني الشرطة ألا أسجن؟!
د. الكبيسي: أنا أتكلم عن الزنى الذي يخلد في النار. بإجماع الفقهاء جميع المذاهب لا يشذ عنهم أحد ولا واحد في التاريخ الإسلامي ولا عالم قال المتعة، المؤقت، المسيار حرام وليس زنى، بالإجماع. كما تتكلم عن الناس وتغتاب وتختلس في وقت العمل والوظيفة، هذا حرام. دعكم من العواطف! هذا دين، دين حدود قضية فيها إعدام بالحجارة وفيها خلود في النار! أجمع الفقهاء على هذا وأنت تعترض على هؤلاء كلهم؟!
د. نجيب: يقصد الشيخ أن هذا الأمر يدرأ الحد الشرعي ولكن قد تكون عليه عقوبة أخرى تعزيرية في بعض الأحيان.
د. الكبيسي: لو وقعت إما زنى وإما هذا فادرأ الحد بالشبهة، هذه معروفة، الضرورات تبيح المحظورات.
د. نجيب: كنا في شروط (غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ) وحديثك عن الرازي والإمام ابن عاشور ثم توقفنا
د. الكبيسي: نتكلم عن (قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ (30) الرعد) التوحد بالربوبية فلا بد أن تتوب إليه وأن تتوكل عليه. ولأنه قال (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَـنِ (30) الرعد) رب العالمين تفرد بالرحمانية فكل آيات المغفرة من منطلق كونه الرحمن الرحيم. من أجل هذا ما لم تكن قاصداً متعمداً بنوع من العصيان فأنت محاسب.
———فاصل——-
التوبة النصوح كما يقول الإمام علي لها شروط خمسة أولاً الندامة من القلب، ثانياً إعادة الفرائض (كل الفرائض التي تركتها تعيدها) ثالثاً رد المظالم، إذا كانت خطاياك أنك تكلمت على فلان، اغتبت فلان، قذفت فلانة، عليك أن تؤدي هذا كله، رابعاً استحلال الخصوم (أن تقول للشخص سامحني أنا ظلمتك مرة، أنا تكلمت عنك، كل واحد بدين لا بد أن ترده سواء مادياً أو معنوياً)، خامساً أن تذيق نفسك مرارة الطاعة كما أذقتها حلاوة المعصية، يعني أن تجتهد في الطاعة، صيام يوم حار تقوم بطاعات موجعة.
مروان من دبي: وسائل منع الحمل أصبحت منتشرة، إذا رجل اختلى بامرأة وهي أجنبية عليه واستخدم اساليب منع الحمل وقال لها زوجتك نفسي وقالت زوجتك نفسي هذا ليس زنى؟
د. الكبيسي: ما دام قال زوجتك نفسي – قبلت واستطاع أن يأتي بشهود اثنين
مروان: لا، ليس هناك شهود
د. الكبيسي: بإجماع المسلمين إذا قال زوجتك نفسي – قبلت يكون العقد منعقداً، هذا الشرط الأول. ثانياً شروط الصحة الشهود والولي والدوام، إذا فقد أحدهم فهو عقد فاسد، أنت تدخل الجنة بلا إله إلا الله، كيف تزوجت زوجتك؟ زوجتك نفسي – قبلت لكن هناك شهود اثنان وولي وعرس، هذا العقد أساسه إيجاب وقبول “العقد شريعة المتعاقدين” ركن العقد الإيجاب والقبول زوجتك نفسي – قبلت، هذا شروط الانعقاد، بدون هذا باطل، إذا هذا موجود إئتي بالشهود وولي ودوام هذا عقد مستقيم إذا فقد أحد هذه فهو عقد فاسد، هذا العقد الفاسد حرام لكن بالإجماع ليس زنى وبالإجماع لو دخلت بها وجاءك ولد فهو ابنك ولكن لو مات أحدكما لا يرث الآخر. أنت بهذا العقد بهذه الصيغة التي كلنا تزوجنا بها نساءنا (زوجتك نفسي – قبلت) لكن جئنا بالشروط الأخرى بهذا انعقد العقد ولم تعد هذه العملية الجنسية زنى أي خرجت بها من دائرة الرجم والخلود في النار ودائرة كونك زاني، إذا كان لا بد أن تفعل هذا لضرورة. لو اعتمدت على هذا الكلام وذهبت لتزني فأنت زاني كامل. أنت وقعت في ورطة أو في ضرورة تفعل هذا. مثلاً واحد في أوروبا وسيموت وليس أمامه سوى الخمر نقول له إشرب ولكن بالقدر الذي لا يجعله يموت الضرورات تبيح المحظورات هذه قواعد فقهية معروفة الضرر الأعم يُرفع بما هو أخصّ. أنت بين أن تكون خالداً في النار أو ترجم وبين أن تقوم بهذه الصيغة الحرام وكلنا نرتكب الحرام في كل يوم وهذه رُخص. إن الله يحب أن تطاع رخصه والضرورات تبيح المحظورات.
أم مكتوم من العين: ذكرتم أن الإنسان يحصن نفسه عن الزنى بقول زوجتك نفسي – قبلت هل بعد أن يرتكها يكون هناك طلاق مثل الزواج الشرعي؟
د. الكبيسي: نعم، لا بد من طلاق.
أم مكتوم: وإذا كان هذا الإنسان يلعب؟
د. الكبيسي: هذا شأنه مع رب العالمين يوم القيامة نحن لا نعرفه، هذا الذي يلعب رب العالمين هو الذي يحاسبه ونحن لا نعرف ما في قلبه سواء كنا حكام أو شرطة أو ناس، النبي يقول “أشققت عن قلبه؟” أنت عليك بالظاهر. في الظاهر أن فلان متزوج فلانة لكن إذا كان يلعب رب العالمين يعرفه ونحن الآن هل صلاتنا كلها مقبولة؟! من يدري؟ الله رب العالمين. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول والله إن لرسول الله ولا أدري ما يفعل بي. لو جاءت الشرطة وأمسكوهم ورأوا العقد فليس لهم الحق أن يمسكوه لأن علينا الظاهر أما باطن الأمرو رب العالمين وحده يعرفها. ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم نهى وقال لا تحاسبوا الناس وكأنكم أرباب. أنت عليك بالظاهر.
د. نجيب: ذكر الحديث الشريف “إن لكل عمل شرّة” أحياناً المؤمن يكون مكتفياً بالفرائض مجتنباً للكبائر فإذا ضعف فإن هذا الضعف فوراً يقتحم الحصن مباشرة وهي الفريضة وآخرون لا يكتفون بالفريضة وإنما السنة الراتبة أو النوافل وغيرها فإذا ما جاءهم ضعف كان هناك حصن النافلة حفظ هذه الفريضة
د. الكبيسي: نحن نعيش في هذا المجتمع كل من نعرفهم أنا واحد منهم وأنت واحد منهم من بداياتنا أخذنا هذا الدين بحماس صيام اثنين وخميس وتهجد وقيام ولم يكن هناك صغائر ثم تأتيك فترة بعد سنوات لأمر ما عندك حالة ضعف، مات لك أحد، خسرت في تجارة، الإنسان يضعف فيفلت فترة هذه الفترة في حياة كل إنسان من آدم إلى أن تقوم الساعة هناك فترة. ليس المهم الفترة لكن ماذا بعد الفترة؟ أولاً إياك أن تطيلها، الشيء الثاني إذا عدت ولا بد أن تعود وهذه معروفة ” من أشرقت بدايته أشرقت نهايته” ما من إنسان بدأ صواباً ثم صارت فترة معينى تضعف، تخسر، تشعر بكآبة إلا ويعود أقوى مما كان. رب العالمين يعلمنا أن هذه قضية من قاونين هذا البشر. يقول النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي ذر “من أحسن فيما بقي غفر الله له ما مضى” ولهذا قال “سلوا الله حسن الخاتمة” إنما الأعمال بخواتيمها. “ومنكم من يعمل بعمل أهل النار حتى لا يبقى بينه وبين النار إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة”. واحد ثمانين سنة وهو يعصي الله ثم تاب سنتين فدخل الجنة كما في الحديث ” من أحسن فيما بقي غفر الله له ما مضى” اللهم أحسن خواتيمنا يا رب العالمين.
د. نجيب: اللهم آمين، وخاصة إذا كان إقباله بعد التوبة أقوى على الله سبحانه وتعالى وأدعى على الطاعة نسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا. باسمكم جميعاً أقدم الشكر الجزيل لشيخنا الجليل الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله على هذه الجرأة في هذا الطرح والصراحة والوضوح داعين الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لكل خير وأن يفقهنا في الدين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بُثّت الحلقة بتاريخ 12/2/2010م
من قسم الفيديو
http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=2084
تحميل الحلقة فيديو
على
http://www.megaupload.com/?d=H22B34CZ
http://www.megashare.com/1833329
http://www.mediafire.com/?th1mh1wxj20
http://www.filefactory.com/file/b022de4/n/12-2-2010.wmv
http://www.filefront.com/15606937/12-2-2010.wmv/
( بحجم أقل من 6 ميجا )
على
http://www.megaupload.com/?d=1JUSRT1R
http://www.megashare.com/1833403
http://www.mediafire.com/?tlktyrdctte