الحلقة 80
(مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ (99) المائدة) – (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ (48) الشورى) – (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54) النور)
د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. ها نحن من جديد مع شيخنا الجليل العلامة الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله في روائع وبدائع قرآنية جديدة مما تبدو من متشابهات بين آيات الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز..
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. نتأمل الآن في هذه الحلقة عن كلمة البلاغ جاءت في عدة صيغ في كتاب الله عز وجل. في المائدة (مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ (99) المائدة) فقط، (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (98) مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (99) المائدة) (مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ)، في الشورى (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ (48) الشورى) مكان (ما) النافية (إن) النافية، (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ) وهناك (مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ). وفي النور (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54) النور) (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54) النور)، في الأولى (مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ) هنا أضاف كلمة المبين (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) المبين لم تأتِ في البداية في سورة المائدة. لعل الذي يقرأ القرآن لا ينتبه إلى أن هذه الأمور كلها فيها من الفروق القرآنية في المعنى والمغزى مما يدل على أن لغة هذا الكتاب العزيز لغة معجزة وما يمكن لبشرٍ أن يأتي بمثله ولو بآية. (مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ) فقط بدون (المبين) في التوحيد في نقل لا إله إلا الله (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) الأنبياء) هذه فقط المطلوب أن تبلغها للناس بدون بيان ولا شرح ولا تفصيل لأنها قضية فطرية جميع المخلوقات التي خلقها الله عز وجل تعرف هذا وتفهمه (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ (44) الإسراء) ما من شيء إلا يعرف أنه لا إله إلا الله بطريقته الخاصة. وهكذا إذاً فــ (مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ) مجرد بلاغ “يا أيها الناس اعبدوا الله واحد واتركوا الأصنام” فقط ولذلك (مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ) بدون كلمة المبين تعني أن وظيفة النبي صلى الله عليه وسلم تنحصر بأنه ينقل إلى الناس ويبلِّغهم يا جماعة إن الله واحد، وبالتالي كلمة البلاغ في هذه الآيات الثلاثة لها مغزى، نحن عندنا أخبر وعندنا أنبأ وعندنا آذَن وعندنا أوحى وكل واحدة لها معنى. كلمة بلّغ نقيض أوحى، أوحى تنقل الخبر الواحد من غير ما أحد يسمع أنت توشوش في أذنه (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ (68) النحل) (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) النجم) الذين يجلسون حول النبي صلى الله عليه وسلم لا يسمعون الوحي ولا يرونه ولا يعرفونه، همسٌ في أذن النبي عليه الصلاة والسلام هذا الوحي، حينئذٍ هذا الخبر المنقول وطبعاً الوحي هو نقل خبر السماء، ماذا أراد الله من عباده الأنبياء ينقلها جبريل عن طريق الوحي أي بدون أن يكون الصوت مسموعاً للآخرين، هذا واحد. وإذا كان بصوت عالي هذا البلاغ إذا كان بصوت مرتفع هذا يسمى البلاغ (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ (67) المائدة) الشيء الذي أنزلناه عليك بلغ به الناس أوصله إلى الناس. إذا كان بصوت عالي جداً فهذا أذان (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا (27) الحج) حينئذٍ هذا هو الفرق والخبر طبعاً الخبر شيءٌ أو هناك مسألة تنقل لك يعرفها الآخرون وأنت لا تعرفها مثلاً كأن تقول فلان الفلاني مات وهناك مئات يعرفون هذا وأنت لا تعرف ما سمعت فلان مات إذاً نقل إليك خبراً يعرفه غيرك. النبأ نقل إليك خبر لا يعرفه إلا أنت أنت وحدك ولا يمكن أن تصل إليه إلا عن هذا المصدر (قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3) التحريم) (نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ (143) الأنعام) (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) النبأ) فالنبأ خبرٌ لا يمكن أن تعرفه إلا من هذا المصدر الذي نقله إليك وأنت وحدك هذا النبأ. إذاً صار التبليغ عكس الوحي فالوحي ينقل لك خبر بهمس لا يسمعه غيرك والتبليغ بصوت يسمعه الآخرون فرب العالمين قال الشيء الذي أوحيناه إليك ولم يسمعه أحدٌ إلا أنت إذاً أنت بلّغه وانقله للناس بصوت مرتفع، هذا التبليغ. ماذا يقول القرآن الكريم؟ مرة يقول (مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ) ومرة قال (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ) إن! ومرة قال (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) أضاف المبين، ما الفرق؟ كما قلنا قبل قليل الذي ليس بحاجة إلى وشرح وبيان هي لا إله إلا الله ماذا تشرح؟! يا عبد إن الله الذي خلق هذا الكون وهذه أدلة وحدانيته هو واحد لا إله إلا الله وكل ما حولك ومن حولك وكل جزئية في جسدك في الحقيقة هي تدل على أن الله واحد (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22) الأنبياء) ما تحتاج إلى شرح. (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) وأنت بلِّغ يا ناس إن الله واحد، اتركوا الأصنام اتركوا الشرك. إذاً هنا ما قال (مبين) لأن لا يحتاج إلى بيان فقط تبليغ كل الذي ينبغي على النبي أن يقول يا ناس يا عالم يا أمة يا قوم عاد يا قوم عاد يا قوم فرعون أنا موسى أنا عيسى أنا محمد أبلغكم أن الله واحد انتهى لا تضف على هذا فهذا مما يعرفه البشر بالضرورة كما تعرفه جميع المخلوقات. لو أسلم كل مخلوق من المخلوقات العاقلة عنانه إلى عقله لقالوا نعم الله واحد ما تقبل خطأ ولا يحتاج إلى كثير بيان ولا شرح. من أجل هذا ما كلف الله الأنبياء أن يجلسوا مع كل واحد ويقوله تعال أفهمك كيف أن الله واحد، لا، بل بلغ فقط قل أن الله واحد وانتهى هم يعرفون أن الله واحد لكن يقولون لك نعبد أصنام (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى (3) الزمر) كان عندهم صالحين مجموعة من الصالحين واحد اسمه ود واحد اسمه سواع وواحد يغوث وواحد نسر خمس صالحين من الأولياء والوجهاء ومن شدة حبهم لهم صنعوا لهم تماثيل لأنهم كانوا ناس صالحين وقريبين من الأنبياء وعلى مر الزمان صنعوا لهم هذه التماثيل من باب المحبة وعلى مر الزمان هذه التماثيل عُبِدت وانتقلت من هؤلاء الناس من قوم سيدنا نوح انتقلت إلى العرب عبدوا يغوث وود والخ كما تعرفون أسماء الجاهلية نقلت إليهم تلك الأصنام وعبدوها (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) إذاً يعرفون الله عز وجل يقولون لك هذه الأصنام تقربنا إليه إذاً ماذا تشرح لهم؟! فقط بلاغ لا تتعب نفسك. ولهذا أنت لاحظ رب العالمين عز وجل في الآية الأخرى في سورة الشورى لم يقل له ما عليك إلا بل قال (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ) لماذا قال إن؟ إن فيها كلمة حاسمة نوهاً ما يعني أقول لك أنت ما عليك إلا أن تدرس لكن شفتك تلعب شفتك كذا لا بأس لكن أنت عندك امتحان بكرة فلازم تدرس فأقول إن عليك إلا الدراسة لأن القضية أصبحت خطيرة فلا بد أن تسرع فإن فيها دلالة على أنك فعلت شيئاً خطأً فرب العالمين لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم يحزن كثيراً على قومه لأنهم لم يؤمنوا وذهب إلى الطائف وفعلوا ما فعلوا وضربوه وناس قالوا هذا يعلمه بشر وقالوا ساحر وقالوا مجنون وقالوا.الخ فالنبي صلى الله عليه وسلم كان من حرصه على الأمة فالله قال له (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6) الكهف) (فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8) فاطر) (وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35) الأنعام) يعني لا تكون أنت دائماً تشعر بحزن وألم عليهم، أنا رب العالمين لو شئت لهديتهم أنا لا أريدهم! بل إن من أمتك من يؤمن ثم لا أريده وأبعده عن هذا الدين (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ (68) القصص) (قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) الحجرات) فقال له (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ) يعني كأن الله ينهاه بلطف ورقة وحسم (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ) لا تكون زعلان وتذهب إليهم وتبعث لهم وفود وتتألفهم الخ لا، فقط قل لهم الله واحد وامشي اتركهم قل إن ربي الله ثم استقم ليس لك دعوة بهم وكلمة (إن) هنا يريد أن يؤكد لك أن صح أنت وظيفتك ما عليك إلا البلاغ (مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ) لكن في حالات معينة إن عليك إلا البلاغ (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ) قل لهم وامشِ وأعرض عنهم (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) الأعراف) حينئذٍ كلمة (إن) التي استبدل بها (ما) فجاءت إن مكان ما و(ما) تدل على القاعدة العامة ما عليك إلا البلاغ أيها الناس إن الله واحد وفي حالات معينة في ناس مشاكسين مثل كبار قريش الذين قتلوا في بدر والعتاة والله قال (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14) النمل) يعلمون أن الله واحد لكن من باب الظلم والعلو. فقال له قل وبلغهم أن الله واحد بدون بيان فلا تشرح فقط على أن الله واحد. ولما رجع وقال له (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) لا، هذه ليست في التوحيد بل هذه في الشرع والفقه والعبادات بحاجة إلى أن يكون بيانك بياناً ولهذا قال (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54) النور) هذا كلام المؤمنين ولهذا لكي لا تحرج الأمة ولا تفتن الأمة ينبغي أن يكون بيانك بالحلال والحرام والواجب وغير الواجب والسنن والبدع الخ واضح ببيان فصيح دقيق بالأدلة تعلِّم الناس عباداتهم وأنواعها حدود هذه العبادات حدود الحلال والحرام (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229) البقرة) (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187) البقرة) (تركتكم على السمحاء ليلها كنهارها) لشدة البيان،
د. نجيب: وكما قال تعالى (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ (44) النحل) لتبين للناس فمهمته تكون في تفاصيل الأحكام الشرعية.
——–فاصل——–
د. نجيب: إذن مهمة البيان مشتركة بين القرآن وبين السنة
د. الكبيسي: السنة بيان القرآن وحينئذٍ نحن بدون السنة النبوية ما نفهم شيء من القرآن إلا القليل الله قال أقيموا الصلاة، كيف نقيم الصلاة؟؟ وقس على هذا (ألا وقد أوتيت القرآن ومثله معه) من السنة فالسنة مبينة للقرآن الكريم وحينئذٍ هذا البيان هو الذي يحدد لك المسار هناك مسار ضيق وهناك مسار واسع وبالتالي كل هذا الذي جرى في التاريخ أساسه هو عدم البيان. أولاً السنة متعددة وهذا معروف يعني النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعدة هيئات في وضع اليد على الصدر أو عدمه ومرة النبي صلى الله عليه وسلم قال بالتشهد هكذا (حرك إصبعه) ومرة قال هكذا ومرة أو مرتين قال ثلاث مرات وسكت، انظر الآن أنت في المساجد وذلك لعدم البيان الآن مثلاً وطبعاً هذا ليس جديداً فمنذ أن مات النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا اليوم في كل فترة تطلع فرق تلعب بالناس لعب على قضية فيها ألف رأي. يعني مثلاً ما مات النبي صلى الله عليه وسلم إلا جاءتنا مشكلة مرتكب الكبيرة وقتلوا آلاف من المسلمين على أن مرتكب الكبيرة مرتد وذلك لعدم البيان! وقس على هذا ثم جاءت خلق القرآن والخ وإلى هذا اليوم القضاء والقدر والخ وسالت دماء المسلمين أنهاراً لأن كل واحد وللعلم كل فرقة أنشأها واحد عالم أو رجل دين أو مطوع أو فقيه كل الفتن من بعض هؤلاء الناس كما قال المصطفى (لا تقوم الساعة حتى يكون علماء المسلمين ظُلامهم منهم تخرج الفتنة وإليهم تعود) الذي خرب العراق الآن والذي خرب الصومال والذي خرب أفغانستان رجال الدين كل واحد عنده حزب عنده جماعة عنده نظرة بدون بيان متمسك بمسألة واحدة لا يفهمها وإنما تقليد أعمى ويقتل الناس عليها يعني معقول الله قال (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48) النساء) يقول لك الذي يزني هذا مرتد والذي يغتاب مرتد والذي يعق الوالدين مرتد وإذا سألته لماذا؟ قال لك إن مرتكب الكبيرة هذا مشرك وقتلوا الناس على هذا وصار حزب وجماعة وعلماء وقيادات حوالي خمسين ستين سنة عاثوا في الأرض فساداً قتلوا علماء الأمة والصحابة والتابعين وسيدنا علي رضي الله عنه قالوا له أنت مشرك، لماذا؟ لأنه رضي بالتحكيم هذا بدون بيان البيان المبين عندما يتسلط الجهال وللأسف الشديد بعد ما ت النبي صلى الله عليه وسلم تسلطوا على العلم فقط بشوية عبيد عبيد أرقاء والإسلام فتح المجال لكل هؤلاء الناس بشكل متساوي مع الأحرار وربهم تربية عظيمة فمنهم من أفلح ونجح وعلّم الأمة شيئاً كثيراً ببيان بمبين ومنهم من بقى أحمقاً ولهذا هناك من قال نعبد الشيطان وهناك من يكفر كل المسلمين وهناك من يلغي الجهاد وهناك من يقول النبي صلى الله عليه وسلم أخطأ في كذا وهناك من يكفر علياً وهناك من يكفر عمر وهناك من يكفر أبو بكر الصديق وذلك لأن هذا ينقصه البيان، صح هو بلّغ لكن بلاغ غبي ولهذا عندما يتصدى الجهلة وهو لماذا الإفتاء مصيبة؟ (إنما إثمه على من أفتاه) على شرط أن لا تكون الفتوى مما يعلم من الدين بالضرورة جاءك واحد أحمق وقال لك لا تصلي، هذه ليست فتوى! لكن فتوى دقيقة، من أجل ذلك نقول البلاغ المبين (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) ولهذا قال (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) لله طاعة بكتابه ولرسوله طاعة بسنته وهذه السنن متعددة كما قلت أما أن يأتي واحد متعمد أو عن حسن نية لغبائه يقول لك هكذا فقط! هذه المذاهب بعضهم يصلي في مذهب الآخر يعني الإمام الشافعي يضع يديه على صدره ومالك يسبل لأن النبي صلى الله عليه وسلم أسبل والنبي صلى الله عليه وسلم وضع يده اليمنى على اليسرى مرة وأسبل مرة أخرى هذا أخذ بهذا والآخر أخذ بالأخرى وكلاهما صحيح وكلاهما قالوا هذا لا من أركان الصلاة ولا من فروضها ولا من سننها يسمونها الهيئات الهيئة شكلية وجودها وعدمها سواء يعني أنت الآن تقف الإمام مالك يصلي هكذا والشافعي وأبو حنيفة يصليان هكذا لا فرق بينهما هذا مثل هذا ولو تركتما ذلك كله لجاز. الآن صارت قضية أنت الآن لما ترى في المسجد ناس عاملة هكذا وناس عاملة هكذا يضعون أيديهم بأشكال غريبة والمصيبة أين؟ الصيغة الوحيدة المنهي عنها هي التخصر حديث (نهى النبي عن التخصر) الآن في جماعة شعارها فقط أنها تعمل هكذا وهي الصيغة الوحيدة المنهي عنها هذا عدم البيان هذا هو الجهل ولذلك هذا إذا ساد الناس جهالهم فسد الأمر. ولهذا في هذه الآية لأن فيها تبليغ بأحكام الشرع قال (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) لا بد أن تكون على جميع العلماء لا بد أن يكون في فتاواهم في توجيهاتهم في وعظهم يكون عنده دليل 100% ويفهم الناس بدون أن يترك لهم مجال للشطط. مثلاً الآن في العراق الحكومة العراقية أعطت خمسين مليون لكل موظف كسلفة لكن بفائدة وتعال انظر الخلط ناس حرم هذا مطلقاً وناس من حرم هذا مطلقاً وصارت ضجة مع أن العراق ما ينقصه العلماء لكن هو هذا قضية التقليد ولهذا حتى سيدنا عمر يقول (ليت النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت إلا بعد أن يبين لنا أبواب الربا) النبي صلى الله عليه وسلم الشيء الوحيد الذي لم يبينه أبواب الربا وفي هذا حكمة قال الربا الذي ما فيه نقاش ربا الفضل وربا النسيئة هذا معروف الذي رب العالمين سماه قال أضعاف مضاعفة الذي هو استغلال طاقة الفقير أما التعاون والتجارة والبنوك والشركات وتعاون الدول سكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم وسكوت النبي عنه لحكمة قال (أنتم أدرى بشؤون دنياكم) وبالتالي عندكم علماء سيقولون لكم أي تصرف يلحق بالربا وأيه ليس ربا. ولذلك هذه السلفة قد يسمعني أهل العراق الآن الله تعالى قال (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173) البقرة) البلدان التي فيها أزمة مادية فيها أزمة كبيرة اضطرار رهيب هل هناك أشد اضطراراً من أهل بغداد؟ من أهل العراق وأهل أفغانستان وأهل الصومال وأهل باكستان وأهل غزة؟! مأساة والله كما قال سيدنا عمر (لو أنهم أكلوا ما حرم الله عليهم لجاز) لماذا؟ اضطرار فقلنا لهم هذه السلفة تجوز في الحالات التالية: إذا كان واحد ما يملك بيت في بلده لا في أفغانستان لا في غزة ما يملك بيت ما يملك سقف وهذا من أشد الضرر، خذها وابنِ بها بيتاً، ثانياً إذا كان لك مريض ولا تملك علاجه ويحتاج عملية كبرى ومصاريف كثيرة قد تذهب به إلى الخارج خذها فهذا اضطرار. ثالثاً إذا كان أهلك مهجرين ويموتون جوعاً في الصحراء وليس لهم معيل خذها. على هذا النسق (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ) فعليك أن لا تقول “لا خذه حلال” لا، هذا لا يجوز فهو ليس كله حلال والآية تتكلم عن الاضطرار والاضطرار هذا نسبي وما من اضطرار في التاريخ كما يحدث الآن في هذه الدول يعني في الصومال ناس تذبح ناس واليوم كما تذيع قناة الجزيرة حفروا جميع قبور الصالحين الذين نقلوا الإسلام إلى الصومال ونقلوهم من عبادة الوثنية إلى مسلمين حفروهم وطلعوا قبورهم وعظامهم وأحرقوها تحت إسم الشباب الإسلامي الحزب الإسلامي الكذا الإسلامي 50 سنة وناس تقتل ناس قتل الكلاب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تقوم الساعة حتى يقتل العلماء قتل الكلاب فليت علماء ذلك الزمان تحامقوا) اجعل نفسك عبيطاً حتى ما يقتلوك والآن حصل في العراق ذبح ما بقى ولا عالم على أنت مشرك وهذا ما أدري ماذا الخ. وحينئذٍ يا سيدي رب العالمين قال (مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) وكل هذا أسبابه لو تتأمل عدم البيان دعوة لكن بدون بيان دعوة جهلة وأغبياء وحمقى يعني تتصور هذه الصلاة في المساجد كرنفال هذه حكاية وضع اليدين تضحك كل واحد شكل اثنين كل واحد فاتح رجله على الآخر فيقول لك الكتف على الكتف
د. نجيب: هم فسروا المحاذاة
د. الكبيسي: المحاذاة الكتف على الكتف ثم تصور هذه الحركة هذه التي هي لا وجود لها عملوها شغلانة تفرق بين المسلمين.
الدكتور نجيب: يقول الشيخ الفاضل عمر عبد الكافي ” كنت في جامع عمرو بن العاص عندما كان يخطب شيخنا الفاضل محمد الغزالي مر وإذا شخص عامي جالس بجواره فحرك إصبعه، ما إن حرك إصبعه فجاء وضرب على إصبعه ضربه قوية وقال له إذا عاوز تلعب روح بيت أبوك مش هنا في المسجد”
الدكتور الكبيسي: تصور الواحد أمام الملك يقول والله يا ملك أنا أحبك وأنت خوش ملك سيقتله. يا أخي ما في أدبّ هذه مرة واحدة النبي قالها ثلاث مرات هكذا خفيفة (رفع اصبعه في التشهد) ناس تعمل هكذا وناس تعمل هكذا كرنفال وهذه الأشياء من أين جاءوا بها؟ واحد علمهم واحد بلغ بلاغ غير مبين ليس فيه بيان. وقس على هذا في كل شيء في حياتنا اليومية. وهذا تقريباً في التاريخ يمكن الدورة العشرين عشرين مرة في التاريخ الإسلامي مرت الأمة بهذه الفوضى تستولى جماعة مجهولة لا تعرف من أين أتوا حافظ حديثين قصر ثوبه وأطلق لحيته وقتل كل الناس وكفر كل الناس وساد البغضاء بينهم وذهب. بعد عشرين ثلاثين عاماً بعد أن جعل الأمة على التراب يختفي ولا تعرف من أين جاء. أنت تصدق الذين قتلوا عثمان ثلاثين أربعين يوم يحرقون ببيته لا يعرف أحد من هؤلاء، قتلوا أمير المؤمنين وسلخوه ومنعوا من دفنه ودقوا عظامه في الخشبة، من؟ لا تعرف. هذا حصل في كل التاريخ بغداد امتلأت أيام أبو حنيفة بهؤلاء الأغراب وكذلك القاهرة امتلأت بهم الكل جاء من فرنسا وعملوا الحرب الصليبية الخ. إذاً هذه الأمة المفتوحة مفتوحة ولا تدري لماذا؟ ليس لها مرجعية كما أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم واحد يسمعون كلامه أو جماعة والجماعات تعددت والهوى والجهل ويكون عن حسن نية وعن سوء نية والأيدي الخارجية القادرة الذكية الخبيثة التي تستطيع أن تجعلك تخلع ثيابك قطعة قطعة وأنت مرتاح ولا تعرف من الذي أجبرك على هذا. إذاً رب العالمين (مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) وقال (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ (108) يوسف)،
د. نجيب: ونستطيع أن نقول أن المرحلة المكية غلب التبليغ والمرحلة المدنية غلب عليها البيان
د. الكبيسي: بالضبط ففي مكة كان بس لا إله إلا الله بس أما في المدينة فكان هناك دولة وأحكام جديدة لازم تشرع فمنها من جاء بكتاب وشرحت بالسنة ومنا من أنشأتها السنة لكن ببيان وأسباب ولماذا والأسباب الموجبة والثواب والعقاب والتشريع والخ كما هو معروف. إذاً جاء قوم بعد ما كانت السنة متعددة يعني كل هذه الخلافات يعني المذاهب الكرام لما اختلفوا قال فقط هذا أيضاً صحيح لكن أنا أرجح هذا كأكثر يعني هذا نفسي ترتاح له يعني كل المسلمين والمذاهب يعلمون أن النبي يصلي هكذا ولا ينكر بعضه على بعض قال هذا يجوز وهذا يجوز وهذا يجوز واختر لك واحدة الذين أتوا وراءهم قالوا هذا فقط والباقي خطأ الذيز ورائهم قالوا فقط هذا والباقي شرك وهكذا إلى هذا اليوم وهذا قدر هذا قدر لا يمكن إلا أن يكون في جميع الأديان واقرأ تاريخ اليهودية والنصرانية والإسلام على هذا الذي نحن فيه
د. نجيب: (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ (37) الأنفال) كما قال عليه الصلاة والسلام (لا يصلين أحداً منكم العصر إلا في بني قريضة) كل واحد فهمها وانتصح ولم ينكر أحدهم على أحد،
———–فاصل——
د. الكبيسي: هذه الخلافات قد تحبط العمل إذا كانت تؤدي إلى شق وحدة المسلمين تحبط العمل (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ (107) التوبة) فمعظم هذه الحركات في التاريخ الإسلامي فرقت المسلمين إلى أمم متحاربة متناحرة كما ليس بينها وبين عدوها.
أم نائل من أمريكا: سؤالي في آية في سورة ص (قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (65) ص) و (إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (70) ص) يعني التفريق بين المنذِر والنذير في هذه السورة. وسؤالي عن قوله تعالى (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) الأنفال) هل الذي يحدث الآن من زلازل وحوادث وأشياء وقتل والخ في ناس كثيرين مسلمين مؤمنين يقضون بهذه الأحداث؟
الإجابة: هذا من حسن الطالع لأنه الموضوع الثاني الذي إذا بقى وقت نتكلم فيه وهو قوله (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ (47) الأنعام) في حين يهلك الجميع؟ كيف يعني نوفق؟ هذا إن شاء الله بعد قليل إذا بقى وقت وإذا ما بقى وقت الحلقة القادمة. (هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ) في حين رب العالمين لما يصيب العذاب يهلك الظالم وغير الظالم هذا ما سنشرحه بما يثلج صدر المؤمن إن شاء الله.
عبد الحافظ من أبو ظبي: عن كلمة نبأ يكون مفروض من واحد صادق ويقول تعالى (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا(6) الحجرات) إذا كان النبأ من واحد غير صادق؟
الإجابة: نبأ لا يعرفه غيره، ليس بشرط أن يكون صادقاً، الخبر يجب أن يكون صادقاً وإلا يصبح إفكاً أو كذباً لكن النبأ فقط هذا الإنسان يخبرك به، هذا الفرق.
نستمر في الموضوع إذاً. رب العالمين يقول (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (98) مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ) يعني ما الربط بين الحالتين؟ يعني رأساً انتقل من هذه الآية التي تقسم التعامل مع الله إما أن الله سبحانه وتعالى شديد العقاب لكن في النهاية غفور رحيم وحينئذٍ رب العالمين في هذا المقطع يشير إلى قضية كون العبد الصالح عليه أن يكون دائماً بين الخوف والرجاء. الالتزام بالخوف فقط فيه نقص والالتزام بالرجاء فقط أيضاً فيه نقص. لأنه بهذا يأمن من مكر الله والنبي صلى الله عليه وسلم يخبرنا في هذا الموضوع عن الخوف والرجاء (أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ (9) الزمر) هناك مواطن عليك فيها بالخوف عندما تذنب وهناك مواطن عليك فيها بالرجاء خاصة قبل الموت يقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله) لأن هذه تذهب معك إلى القبر ورب العالمين يتعامل معك على هذا الأساس (أنا عند ظن عبدي بي).
أبو محمد من أبو ظبي: في سورة الأنعام في الآية 33 (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33) الأنعام) وفي الآية 66 (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66) الأنعام) لو سمحت توضح لنا ؟
الإجابة: الآية واضحة جداً هم يكذبونك ولكن فقط باللسان (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ) لماذا جحدوا بها؟ قال (ظُلْمًا وَعُلُوًّا). يا أخي كلهم كانوا يعلمون بأن محمد صادق وبأنه نبي وبأن الله واحد لكن قالوا لماذا جاءت على هذا اليتيم لماذا لم تأتِ على رجل من القريتين عظيم (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) الزخرف) نحن الكبار الشخصيات فتقول له (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ) حينئذٍ جحدوا بهذه الآيات وجحدوا بتوحيد الله وهم يعلمون أن محمد صادق في هذا، لماذا جحدوا؟ قال (ظُلْمًا وَعُلُوًّا) واستكباراً في الأرض إذاً كذبوه ولم يكذبوه. كذبوه باللسان لكن في واقع الأمر لا، فعلاً لا يكذبونك لأنهم يعلمون أنك أنت صادق وأنت قبل النبوة كان يسمونك الصادق الأمين ثم تحديتهم بهذا القرآن طلبت منهم سورة فلم يستطيعوا حينئذٍ هذا الذي ذكرته أي كذبوه بألسنتهم وجحدوه بألسنتهم ولكن قلوبهم مستيقنة (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ) لماذا جحدوا؟ قال (ظُلْمًا وَعُلُوًّا).
الدكتور نجيب: سيدي الشيخ مهمة التبليغ كانت مهمة جميع الأنبياء ولا نبي بعد سيدنا محمد إذاً هذه الوظيفة وهذه المسؤولية مسؤولية الأمة حبذا سيدنا الشيخ في نقل هذه الدعوة من خلال ما تفضلت عرفت أن هناك فرقاً بين التبليغ وبين البيان إذاً الدعوة عندما نبلغ هذه الدعوة يجب أن نراعي أين مواطن التبليغ وأين مواطن البيان،
الدكتور الكبيسي: أولاً أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم، ثانياً الفتوى متعددة النبي صلى الله عليه وسلم كان في الجلسة الواحدة يفتي بقضية واحدة بفتويين متناقضين على وفق مصلحة المستفتي, فأنت تجبر الناس وكأنك أنت جلاد يا أخي ما خيّر النبي بين أمرين إلا أختار أيسرهما هذه المذاهب هي بدائل يعني أنت الآن في كل حياتك هناك بدائل تريد تشتري سيارة كم سيارة في الشارع؟ ماذا لو جاءك واحد وقال لك كل من لا يركب هذه السيارة فهو كافر يا أخي نقول هذه يقول لا إلا هذه فقط وثق هذا الذي حصل.
فلاح من العراق: شيخي من المعلوم في بديهيات اللغة أن النوم هو وعاء المنام يقول تعالى في الزمر (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42) الزمر)؟
الإجابة: يعني ساعة ما تكون في النوم سترى أشياء سترى حوادث، هذه الحوادث ما جاءتك عن طريق الحواس عينك شافت أذنك سمعت، لا، ولكن رب العالمين بدأ يضخ لك معلومات ومعارف مباشرة إلى دماغك هذا هو المنام الذي تراه في النوم، في تلك الساعة يسمونها الوفاة. والوفاة هي اتصالك عن طريق الدماغ وليس عن طريق الحواس فأنت نائم أنت في وفاة وعندما ترى مناماً في النوم هكذا.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى يوم القيامة (أخرجوا من النار من ذكرني يوماً أو خافني في مقام) في يوم الأيام في حياته كان يزني كان يشرب الخمر كان يظلم أو أراد أن يأخذ شوية ربا رأساً توقف حينئذٍ بهذا الموقف إذا خافني يوماً فقد غفر الله لك. ويقول صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل (وعزتي وجلالي لا أجمع على عبدي خوفين إذا خافني في الدنيا لا أخوفه في الآخرة وإذا آمنني في الدنيا أخفته في الآخرة) وطبعاً هناك رجل لم يعمل حسنة قط في حياته لكنه موحد هذا حديث صحيح متفق على صحته البخاري ومسلم هو موحد لكن خطاياه عجيبة غريبة هو لم يعمل خيراً في حياته وكان يحارب لأجل أولاده فقال يا أولادي أنا كل شيء عملته لكم وعطيتكم ربيتكم إذا أنا مت أحرقوني واطحنوني وذروني في البحر فسألوه لماذا؟ قال حتى الله ما يستطيع يجمعني ويحاسبني ويعذبني فرب العالمين جمعه وقال له ما دفعك على هذا؟ قال والله الخوف منك قال -بما معناه- بخوفك هذا أدخلك الجنة. إذاً الخوف فضيلة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم – وطبعاً ميزان الخوف والرجاء ظنك بالله – يقول (لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من رحمته أحد) توازن، (أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ)
د. نجيب: كما قال سيدنا عمر (الخوف والرجاء جناحان)
د. الكبيسي: (وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14) إبراهيم). فيما تعلق بالرجاء يقول صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل (يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي) ولهذا الله قال (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (60) غافر) (ما هلك مع الدعاء أحد) فرب العالمين عز وجل إذا فتح لك كل هذا الباب ثم تدخل النار والله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يدخل النار إلا شقي) فاستغفر الله (من سره أن يرى صحيفته يوم القيامة فليكثر من الاستغفار) والاستغفار ليس فقط مغفرة بل رزق وصحة وعافية وجلاء للهم والحزن ويقضي الحوائج وتدخل الجنة ما يبقى عليك ذنب كما قال تعالى (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).
على كل حال الأحاديث كثيرة في هذا الباب مسألة الرجاء (يا ابن آدم إنك لو لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة) كلام طويل ربما يعرفه المسلمون كثيراً من حيث أننا بين الخوف والرجاء ولهذا قدّم لهذا البلاغ قال (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (98) مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ) (اعلموا) تنبيه قوي لما رب العالمين يريد أن يلفت النظر بقوة إلى شيء يقول اعلموا (أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259) البقرة) (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) بدأ بالعقوبة ثم انتهى بالرحمة. ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله). الشيء الثاني هذا الحديث (ومنهم من يعمل بعمل أهل النار حتى لا يبقى بينه وبين النار إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة) يا أخي بيوم بأسبوع بشهر ولهذا ليس المهم النقص في البدايات المهم الكمال في النهايات (رب رجلٍ) نص ونص مرة كذا ومرة كذا لكن آخر أيامه استقام تماماً حتى لو أسبوع في الحديث عن هذا ذو الكفل ساعة صحت توبته تماماً فمات ودخل الجنة هكذا.
الدكتور نجيب: لكن الذي يحصل سيدي الشيخ أن البعض يغلب عنده الرجاء والبعض يغلب عنده الخوف فيكون قلقاً خائفاً،
الدكتور الكبيسي: كلاهما فيه خلل وهذا الذي يتشبث بالرجاء فقط هذا الذي يتمنى على الله الأماني الرجاء مع التوقف، الرجاء بمغفرة ما مضى وقد تبت الآن ترجو الله بعد أن تبت أما أنك تسكر وتقول الله يغفر لي لا هذا أنت هكذا تعبث.
سالم من الشارقة: الخوف من الناس كيف؟؟
الإجابة: أولاً من أخافك خاسر (من أخاف مسلماً أخافه الله يوم القيامة) هذا واحد إذا واحد خوفك فعلاً سواء كان حاكم أو جماعة أو سلطة أو مليشيات أو شرطي خوفك ظلماً فاعلم أن هذا هالك واحد، إذا عشت خائفاً من الناس فهذا من بلاء الله لك لكي يغفر لك كل سيئاتك رب العالمين عز وجل إن العبد لتسبق له المنزلة عند الله فلا يبلغها بعمل يا سالم الله قال سالم حطوه بالفردوس الأعلى لما شافوا الملائكة عمل سالم يدخله الجنة لكن ليس في المرتبة العالية فيسلط الله عليه إما الخوف وإما الهم وإما الحزن وإما البلاء وحينئذٍ ما أعظم أنواع البلاء يا سالم؟ الخوف قال رب العالمين (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) البقرة) عدد كثير لكن أولها الخوف لماذا؟ المرض يروح تتعالج وتشفى الجوع أسبوع أسبوعين تأتيك فلوس وتأكل كل بلاء ممكن تتغلب عليه إلا الخوف فالخوف إذا أنزرع في القلب لا يزول يصير عقدة تسمى عقدة الخوف ولهذا إذا كنت خائفاً من البشر وهم ظالمون لك أنت لم تقترف جرماً لكن تعدي كما هو الآن في العراق في الصومال في أفغانستان لا أحد يطلع بالشارع فالمليشيات تقتل. هذا الخوف لا يبقي على خائفٍ ذنباً. ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول (لن يزال المؤمن بخير ما لم يصب دماً حراماً) تصور واحد بالسيف أشار على شخص ما وسأله يا فلان أنت أين تذهب؟ فقال صلى الله عليه وسلم (لعن الله من أشار إلى أخيه بحديدة) (لعن الله من ناول أخاه سيفه غير مغمود) لأنك بذلك تفزعه فأنت اجعله مغموداً وأعطه إياه من القبضة تأمل! (من أخاف مسلماً أخافه الله يوم القيامة) وهذا الذي خوف ظلماً مثلك يا سالم لا يبقى عليه ذنب يوم القيامة. أعظم أنواع البلاء كما سنذكر في حلقة قادمة على موضوع البلاء أعظم أنواع البلاء الذي يغفر الذنوب أن تكون خائفاً في الدنيا ظلماً ما عملت شيئاً.
الدكتور نجيب: ذكرتني بالإمام محمد ابن نصر المروزي الذي استشهدت به في مرة سابقة أنه كان يتصفح القرآن الكريم فمر بآيات الجنة فقال أعلم أني لست من هؤلاء وأدعو الله أن أكون منهم ثم آيات النار والكفار قال أدعو الله أن لا أكون منهم ويبحث عن نفسه فإذا به وقف على قوله تعالى (وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102) التوبة) فقال أنا منهم ورحمة الله تعالى واسعة. هذا من رحمة الله سبحانه وتعالى. للحديث بقية إن شاء الله تعالى في الحلقة القادمة إن شاء الله. باسمكم جميعاً أجدد شكرنا ودعاءنا لشيخنا العلامة الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله في هذه الفروق القرآنية الدقيقة التي ينبني عليها مناهج للدعوة الإسلامية في هذا العصر. إلى اللقاء في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بُثّت الحلقة بتاريخ 26/3/2010م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها
من قسم الفيديو
http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=2132
تحميل الحلقة فيديو
على
http://www.megaupload.com/?d=7IJEUG2U
http://www.megashare.com/1944990
http://www.filefactory.com/file/b0dhg00/n/26-3-2010.wmv
http://depositfiles.com/en/files/rn8ii5uxv
( بحجم 5 ميجا تقريباً )
على
http://www.megaupload.com/?d=AU5O8DHQ
http://www.megashare.com/1945475
http://www.filefactory.com/file/b0e0743/n/26-3-2010.mp3