الحلقة 123
الدُّكْتُوْر نَجِيْب: بِسْم الْلَّه الْرَّحْمَن الْرَّحِيْم، الْحَمْد لِلَّه وَالْصَّلاة وَالْسَّلام عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّد وَعَلَى آَلِه وَصَحْبِه وَبَعْد، مَع شَيْخِنَا الجليل الْأَسْتَاذ الْعَلِامَة الْدُكْتُوْر أَحْمَد الْكُبَيسي حفظه الله ورعاه ليدلي ب
لوه في بقية الآيات التي تبدو متشابهة في سورة التوبة.
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. ولا نزال في سورة التوبة بل في آخرها فنحن في الحلقة ما قبل الأخيرة في هذه السورة العجيبة التي توضح أمور الناس إلى يوم القيامة من حيث موقفهم من الله سبحانه وتعالى. وفي الحلقة الماضية تحدثنا عن الفرق بين قوله تعالى (وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (94) التوبة) والآية الأخرى (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105) التوبة) وباختصار شديد أن الفرق بين الآيتين أن المتخلفين كانوا نوعان نوع منافق متهرب لاهٍ وعابث ومتآمر وهم هؤلاء المنافقون وقسم لا، مؤمنون ولكن أخطأوا وجلّ من لا يخطئ وكل ابن آدم خطّاء. فحينئذٍ الذين نافقوا يقول لهم الله تعالى (وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) فقط لأن المؤمنون لا يعرفون لأنه لا يعرف بواطنكم ونفاقكم ونياتكم إلا الله عز وجل وهي تهديد كامل. في حين أن المؤمنين أخطأوا قال (فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) ليكونوا شهداء عليكم والمؤمنون شهداء. حينئذٍ هذا الفرق بين أن آية المنافقين ما فيها (والمؤمنون) لأن المؤمنون في الظاهر يرون أن هذا زين فهو يقول أنا معكم وأنا مؤمن ويقول لا إله إلا الله بالظاهر ولكنهم منافقون وكاذبون وهذا لا يعلمه إلا الله، السرائر لا يعلمها إلا الله ونحن علينا بالظاهر ونحن مأمورون بأن نتعامل مع الناس بالظواهر (أشققت عن قلبه؟). وهذا الفرق بين المنافقين يقولون (وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) لأن الله سيخبر رسوله بالوحي (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) المنافقون) أما المؤمنون الخطاءون انشغلوا اجتهدوا فأخطأوا فقال (فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ). ولاحظ أيضاً أسلوب التهديد في آية المؤمنين قال (وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) بالواو هذا من تكملة المعنى أن الله سبحانه وتعالى منتظر منكم أن يرى منكم هذا العمل، أما المنافقون بالفاء (فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) والفاء هذه عجيبة بالقرآن الكريم فرتب على عملهم تفريعاً أن هذا العمل سوف يراه الله فانتبهوا (وَقُلِ اعْمَلُوا) سيترتب على هذا العمل بالذات أن الله سيراه (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ) فسيرى ما قال وسيرى كما قال مع المؤمنين هذا واحد. اثنين كما قلنا أن المؤمنين خطاءين يرى أعمالهم المؤمنين ويشهدون عليهم يعني واحد أخطأ إلى هذه اللحظة وهذا من الأدب الإسلامي إلى اليوم أنت إذا رأيت أخ لك زلّ زلّة فعليك أن تقومه (إذا رأيتم أخاً لكم زلّ زلّة فقوّموه وسدّدوه) إياك أن تنهره أو أن تعيبه أو أن تفضحه يعني كلام في هذا الأدب الإسلامي عجائب. وحينئذٍ كان المسلمون ستّارين على أصحابهم بينما المنافقون يفضحهم الله سبحانه وتعالى (ومن ستر مسلماً ستره الله عز وجل) هذا الفرق بين سيرى الله عملكم ورسوله فقط وهذا للمنافقين وبين والمؤمنون لأن هؤلاء كانوا مؤمنين خطاءين والفرق بين (وسيرى) بالواو و(فسيرى) بالفاء هذا تهديد وهذا من باب الواقع هذا واحد.
اليوم موضوعنا من نفس الآية لكن بالكلمة الثانية لما قال (فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) فهمنا الفرق بين المؤمنون وعدم المؤمنون ووراءها آيتين قال للمنافقين (وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (ثم تردون)، للمؤمنين قال (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) وستردون بالسين سين الاستقبال وكلكم قد درستم النحو وهذه السين للاستقبال القريب و(ثم) للتراخي وهذا من إعجاز القرآن. أولاً أن المؤمنين الذين يعني تخلفوا عن معركة تبوك المؤمنون ماتوا قريباً ومنهم من مات شهيداً في المعركة ورب العالمين كأنه قال لهم أنكم سوف تموتون قريباً بينما المنافقين الذين رب العالمين أراد أن يفضحهم قال ثم تردون يعني طوّلوا ولهذا من شأن المسلم أن يرى نفسه في الموتى (إذا أصبحت فلا تنتظر المساء وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح) وأعدّ نفسك للموت هذا من شأن المسلم عليه أن لا يكون أمله في هذه الحياة طويلاً ولذلك قال (إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) ص) وعندما مرّ النبي صلى الله عليه وسلم ببعض الصحابة وقال: ما تقولون؟ كانوا يتحدثون بصوت جاد فقال (ما تقولون؟ قالوا: يا رسول الله نثني على صاحب لنا مات اليوم) نثني عليه نذكره بالخير كان تقياً وكان صالحاً وكان يصلي وكان صوم والخ (فقال: كيف كان ذكر صاحبكم للموت؟ قالوا: ما كان يذكر الموت قال: ليس صاحبكم هناك) في رواية (ليس صاحبكم بشيء) ولذلك ذكر الموت عادة عبادة عظيمة وهذا يعرفه المسلمون جميعاً. من أجل هذا المؤمن لو تقول له ثم أو ستموت سترد بالقرب وكلنا ننتظر هذا وكلنا علينا أن نعمل هذا وكلنا علينا أن نتعامل مع الله بهذه الطريقة ولهذا قال (هلك المسوّفون) وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يأمن أحدكم مكر الله عز وجل ولا يغترنّ أحدكم بحلم الله فإن الموت يأتي بغتة وإياكم والتسويف فإن الموت يأتي بغتة) من شأن المسلم أن يكون موته أقرب إلى نفسه من خطواته القادمة. وهذا الفرق في القرآن بين أنه قال للمؤمنين (وَسَتُرَدُّونَ) والسين للاستقبال القريب وفعلاً ماتوا حقيقة وبسرعة هؤلاء الناس المؤمنين الخطاءين وقد تاب الله عليهم وقال (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) التوبة) وقد ذهبوا على خير قال (وَسَتُرَدُّونَ) هذا الفرق فلا يوجد في القرآن الكريم زيادة أو إنشاء أو حرف زائد. كل كلمة كل حرف كل حركة تغير المعنى تماماً بهذا النسج الإلهي الذي لا يمكن لبشر مهما أوتي من بلاغة وفصاحة. إذاً هذا الفرق بين (وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) وبين (ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) فكلمة ثم تدل على أن الله سيمدهم بالمال والولد والنعيم يتمادون فيه (إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (178) آل عمران) هكذا وتقوم عليهم الحجة وهذا هو الإعجاز وهذا ما حصل فلا يمكن لبشر عادي أن يأتي بكل هذه المعاني ثم يصوغها بالحرف والعطف والواو والنون والفتحة
د. نجيب: وإنباء بالغيب وبالمستقبل والأمور المستقبلية لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى والعرب كانوا يعرفون هذا الأمر لو كان خلاف ذلك لأنكروا
د. الكبيسي: والعرب أهل لسان فهو بهرهم وقالوا هذا ليس من كلام بشر وهم كافرون وهم مشركون قالوا هذا ليس من كلام بشر. إذاً هذا الفرق بين السين وثم. نعود إلى قوله تعالى (اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) هناك فرق بين من أن تعمل صالحاً والناس يرونك وأنت لم تقصد أن تريهم شيئاً فهو لم يقل لكي تروا المؤمنين وما قال أروا أنفسكم المؤمنين بل قال المؤمنين هم أنفسهم سوف يرون (فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) لكنك إياك أن تقصد بعملك أنت أن تفاخر أو أن تباهي أو أن ترائي يعني مثلاً ماذا لو كنت لك صلاة معينة يعني كلنا لنا صلاة معينة يعني سرعة قلة تقرأ سورة بعد الفاتحة ما تقرأ الخ لكنك إذا رأيت حاكماً أو زعيماً أو عالماً أو واحد صديقك تعرفه أو واحد له نفوذ أنت تحسن صلاتك لكي يقول عنك بأنك تصلي خاشعاً هذا شرك وهذا مصيبة المصائب فالرياء في هذا الدين أعجوبة العجائب، ولهذا يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (أول من تسعر بهم النار يوم القيامة عالم ومنفق وشهيد) تصور! أول الناس الذين يدخلون جهنم العلماء والمنفقون الذين أنفقوا الأموال وبنوا المساجد ودفع للفقراء والمساكين وعمل مشاريع وواحد شهيد مات شهيد في معركة في سبيل الله لماذا؟ والحديث طويل بما معناه سأله لماذا صرت عالماً؟ قال يا ربي لكي أشرح دينك قال كذبت وتقول الملائكة كذبت إنما تعلّمت العلم لكي قال عالم وقد قيل اذهبوا به إلى النار، أنت منفق قال يا رب هذا يا ربي في سبيلك قال كذبت لكي يقال جواد وكريم وقد قيل أنت مجاهد وشهيد لكي يقال شجاع وقد قيل فالرياء في هذه الأمة أعجوبة ولهذا عليك أن تعرف (فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ). من كرم الله إذا كانت لك عبادة وأنت تحاول إخفاءها وتحاول سترها وتحاول التمويه عليها إخلاصاً وصدقاً مع الله رب العالمين عز وجل يسبب لك أو يبعث لك من يعرفها وينشرها كما قال المصطفى (وذلك عاجل بشر المؤمن) وأنت لا تريد أنت كارهٌ لهذا ولكن هذا الذي يحصل أن الرجل يريد أن يقوم بعمل خير في الخفاء لكنه يعرف بين الناس والناس يمدحونه قال (ذلك عاجل بشر المؤمن) هذا فرق بين أن تفعل هذا متعمداً حتى يقال عنك ما شاء الله كريم وبطل وبين لا، هكذا عرف من غير قصده. ولهذا الفرق بين الحالتين بل بين كل كلمة وأنتم لاحظوا الواو والفاء تغير المعنى السين وثم تغير المعنى المعطوفات تغير المعنى وقِسْ على هذا في كتاب الله (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7) آل عمران). وأنت تعلمون أن اللُبّ أرقى أنواع العقول يبدأ العقل وازع وعقل عاقل ثم مدبر ثم مفكر ثم يصير لباً، (وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ). يقول على موضوع العمل الذي فيه والله لما تقرأ الأحاديث ربما تؤدي بك إلى اليأس ما تستطيع يعني إلا الأنبياء والصديقون ولهذا عليك أن تكون حذراً (ألا إن سلعة الله غالية). يقول النبي صلى الله عليه وسلم عن الحديث الذي قرأته قبل قليل عن أول من تسعر بهم النار يوم القيامة عالم ومنفق وشهيد بكى معاوية قال فعل بهؤلاء؟ هؤلاء العلماء والشهداء والناس الأفاضل والعلماء والمنفقون! إذاً ماذا يفعل بنا نحن؟! فبقي يبكي حتى أبكى الناس الذين حوله ولما أفاق قال (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16) هود). فعلاً أنت أردت الدنيا خذ الدنيا خذ سمعة وشهرة وذكر وناس تكتب عنك والصحافة والتاريخ لكن الله يعلم أنك كنت مرائياً وبهذا يوم القيامة سترى عجباً. عن أبي بن كعب قال النبي صلى الله عليه وسلم (بشر هذه الأمة بالسناء والدين والرفعة والتمكين في الأرض فمن عمل عمَل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب) حديث صحيح. عن جندب عن عبدالله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من سمّع سمّع الله به) من قام بشيء لكي تأتيه سمعة أنه كريم أو بطل أو شجاع أو عالم أو قوي عمل بعمل عبادة وأراد أن يعرفه الناس لكي يتباهى أراد أن يسمعه الناس تعمد بطرقه الخاصة وأنتم تعرفون الآن الإعلام هذا باب جهنم من حيث العبادات الإعلام سيشهرك سيشهرك أنت كنت عادلاً أو حاكماً أو منفقاً أو أي شيء يعرفه الناس عنك أنك أنت بنيت المسجد الفلاني عملت الفلاني حاكم عادل موظف كبير عملت عملاً عظيماً وسوف يسمعك الناس والله سبحانه وتعالى يعلم إذا كنت قد فرحت بهذا العمل لأن الناس عرفوا أنت فعلته لوجه الله ولكن الناس عرفوا ماذا تفعل؟ فالله يعلم هذا بالشعرة من قلبك فإذا عرف أنك عملته لله قال لا، أما كونه عُرف وسُمع فذلك عاجل بشرى المؤمن وألسنة الخلق أقلام الحق (ومن شهد له سبعة بخير من جيرانه شفعهم الله به على ما كان منه) إياك أن تقصد هذا (إنما الأعمال بالنيات) وهذا ليس بالأمر السهل والله ما فينا إلا من ابتلي بهذه المصيبة الناس تمدح فيك وتحمد فيك وأنت كذا وأنت تعرف أنك غير هذا تماماً (يظن الناس بي خيراً وإني لشَرّ الناس إن لم تعفُ عني) فهي مزلقة، هذا الإعلام مزلقة نحن في هذا العصر الذي جعل الله لنا هذا الإعلام مصيبة المصائب فعليك أن تهذب نفسك وأن تريض قلبك وتريض عقلك أنك لا تريد من الدنيا شيئاً أما إذا عرفوا ماذا تفعل؟ وهذا ليس سهلاً عليك
د. نجيب: وكلما أخفى الإنسان عملاً طيباً ظهر أثره وعبقه عليه وكلما أخفى عملاً سيئاً ظهر نتنه عليه كما قال الشاعر:
مهما تكن عند امرئ من خليقة إن خالها تخفى على الناس تعلن
——–فاصل———
مما يلفت النظر قول النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه أصحاب الصحاح يقولون قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الشيطان يئس أن يعبد في الأرض) وفي رواية (يئس أن يعبد في جزيرتكم) (ولكنه رضي بما تحقرون من أعمالكم) وهذه مصيبتنا اليوم نرتكب الدواهي ونظن أنها صغيرة كما في الحديث (أن المؤمن يرى ذنبه كالجبل فوق رأسه يوشك أن يقع عليه والمنافق يراه كذبابة على أنفه أطارها) عندنا ذنوب مهلكات فالشيطان رضي بهذه الحالة نحن لن نشرك فهو لا يستطيع أن يجعلنا نشرك فالشرك بين الخلق انتهى أمة خلقها الله للتوحيد كما قال المصطفى (لا أخاف عليكم أن تشركوا بعدي). ولهذا هذه المصيبة الآن يعني اليوم في الصحف وفي الأخبار في العراق في بابل في عرس دخل واحد وفجر نفسه وقال هؤلاء كلهم مشركون وهم مسلمون قتل سبعين طفل وامرأة والعريس والعروس كلهم قتلهم هذا من الذي ضحك عليه؟! عقله كيف يرى الناس مسلمين يصلون للقبلة يقولون لا إله إلا الله ينسفهم!! ودخلوا على مسجد في أفغانستان في باكستان في الصومال يدخل على مسجد يفجر في نفسه ويقتل كل المصلين يقول هؤلاء مشركون وبالتالي هذه ما تحقرون من أعمالكم وقس على هذا. وعندنا من المهلكات البغضاء عندنا لوثة وهذا من بداية القرن العشرين يعني من طفولتنا نحن تطلع أحزاب ترفض الباقين جميعاً جاءوا شيوعيين وقالوا كل من عداهم هذا رجعي وراحوا وقتلوا آلاف، جاء البعثيين قالوا كل من عداهم خائن وقتلوا الآلاف جاء وراءهم ناس كل من عداهم مشرك وقتلوا آلاف في المساجد وفي الأعراس والأسواق. وهذا مكر الله هذا مكر الله إياك أن تعمل عملاً يصيبك فيه مكر الله! ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث طبعاً هذه الأعمال التي نعملها الآن كثيرة ونحن نشوفها بسيطة وسهلة يعني الغيبة عندنا الآن ما توجع ووالله في طفولتنا كنا لما نحكي عن أي أحد أمام كبار السنّ يوقفنا أحد لا يا ابني هذا حرام هذه غيبة ما تستطيع أن تكمل والآن عاد وهذا مما تحقرن من أعمالكم. عن أبي موسى الأشعري وهنا عاد كيف الحل؟ عن أبي موسى الأشعري قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال (يا أيها الناس اتقوا هذا الشِرْك فأنه أخفى من دبيب النمل) تصور! الشِرْك الذي يخلدك في النار أخفى من دبيب النمل (فقام إليه من شاء وقال: يا رسول الله كيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل؟) إذا أخفى من دبيب النمل كيف نتقيه؟! فانظر إلى رحمة المصطفى (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) آل عمران) بعثه الله رحمة لنا قال يعني أنت الآن أدركت أن الشرك يدخل إليك كما في البخاري كالنملة السوداء تمشي على الصخرة الصمّاء في الليلة الظلماء فما الحل؟ قال الحل هو.
وعد من سوريا: يقول تعالى ( ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) وهذه الآية كما أوضح جنابكم أنها قيلت في المنافقين هذه الآية ألا تطبق على الوقت الحاضر وما يحصل في الوطن العربي والأمة الإسلامية؟
الإجابة: مائة بالمائة يا ابني العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. والله يا ابني وصح لسانك على هذا السؤال أن الذي يجري اليوم تستطيع أن تعرف إلى أين سيؤول لأنه فعلاً القرآن الكريم تناول هذه الأحداث بالضبط (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38) محمد). ولهذا أنا كنت أتأمل في الموضوع وفعلاً رأيت هذا الذي يجري في كل مكان في العالم والذي جرى كله القرآن الكريم تناوله بشكل ما. وهذا القرآن يرسم لك ما يجري إلى يوم القيامة ما هو كائن إلى يوم القيامة وأنت عليك أن تتأمل وتتدبر (أفلا يتدبرون القرآن) والتدبر أن تبقى خلف الآية إلى أن يفتح الله عليك إذاً هذا معناها. يعني مثلاً اليوم ماذا قال سيدنا موسى (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21) الشعراء) شيخي قانون ما من ظالم تستطيع ضحاياه أن تفرّ من بينه إلا تعود إليه وتقتله وتنتصر عليه، قانون. وفعلاً سيدنا موسى رجع وكذا وقتل هذا قانون. وحينئذٍ كل ما يجري في العالم لو تأملته طبعاً هذا ليس مطلوباً من كل الناس مطلوب من أصحاب العلم أن يتدبروا القرآن وأن يوظفوا ويستنطقوا النص القرآني هذا النص العجيب المعجز الذي في كل جيل يعطيك معنى جديداً الكلمة القرآنية معبأة بمعاني لا حصر لها لا تنفع في هذا العصر تنفع في العصر الذي بعده والذي قبله, شيخي هذه قاعدة ما من ظالم كما فعل فرعون ذهبت الناس وفرت منه يذبحهم يقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم ثم عاد وموسى وقومه وانتصروا عليه وهذه قاعدة ديغول هرب ورجع وسيطر على النازيين وغير النازيين، الشيوعيون لما جاءوا إلى أفغانستان صاروا لاجئين بالملايين رجعوا وانتصروا وهكذا.
خالدة من العراق: هناك بعض الآيات في السور الكريمة تبدأ بآيات متشابهة يعني مثل سورة البقرة (الم (1) البقرة) يتكرر القسم في سورة الروم أيضاً وفي سورة المؤمنين بعض الآيات أيضاً تتكرر في سورة المرسلات فهل يعتبر هذا (وأخر متشابهات) أو أنه من باب التوكيد أو التكرار؟
الإجابة: تحدثنا عن هذا مرة وسؤالك هذا وجيه وهو في مكانه قلنا أن هذه (الم) بالبداية أراد الله عز وجل أن يقول أيها العرب أنتم أمة أحكمت وأحسنت استعمال حرفها بشكل إعجازي ما من أمة استعملت لغتها كما استعملها العرب شعراً وتعرفين الشعر العربي واللغة العربية من التاريخ معجزة. فرب العالمين يقول سوف استعملها أنا رب العالمين استعمال هذا الحرف سأستعمله استعمالاً تعجزون عنه هذا واحد وهذا الذي حصل. اثنين أثبتت التجارب العلمية أن كل سورة لها عمود تشكيلي خريطة كما ترون البناء الآن البناء يبنى قواعد أول مرة ثم تحشى هذه القواعد يبنون سواري هنا سارية وهنا سارية عواميد على الخريطة ثم تحشى هذه العواميد لكل سورة عواميد هذا العامود من هذا الحرف الذي كما تفضلت به كاف هاء ياء عين ميم سن نون قاف يعني نون والقلم (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) القلم) مرة أحد الناس في جريدة المصور ولا أذكره الآن هذا من قبل ثلاثين عاماً وأذكره أنا عندما كنا طلاباً في مصر أثبت أن نون والقلم أن هذه النون رسم لخريطة السورة وإذا فعلاً هذه النون هي الهيكل التي بنيت عليه السورة
د. نجيب: ويتكرر هذا الحرف أكثر ما يتكرر في هذه السورة، (ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ (1) ق) مثلاً
د. الكبيسي: وحينئذٍ هذه كلها أسرار وسيبقى العالم إلى يوم القيامة يكتشف هناك أسراراً أخرى.
فلما النبي صلى الله عليه وسلم قال خذوا بالكم من هذا الشرك الذي هو أخفى من دبيب النمل فكيف نتوقّاه؟! فالنبي صلى الله عليه وسلم حسم الموقف بالمهمة التي أرسلها الله (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)الأنبياء).
شمس الدين من السودان: (فسيرى الله عملكم) الأعمال التي يتكلم عنها المؤمنون هي الصلاة والصيام؟ أم أعمال؟
الإجابة: الأحاديث متعددة للدلالة في هذا الموضوع الذي أعرفه عن سلوكك عام يعني كنا أطفال ولا نعرف وكنا عندما نرى جنازة نمشي وراءهم وكنا نلاحظ لما يصلون على الجنازة يقوم واحد يقول يا أيها الناس ماذا تقولون في هذا الرجل؟ يقولون والله كان طيباً وابن حلال وكان مؤمناً وفيه خير وما نعرف لماذا؟ ثم لما كبرنا وقرأنا تبين أن النبي صلى عليه وسلم يقول أن هؤلاء المصلين على الجنازة إذا شهدوا له بخير شفّعهم الله فيه على ما كان منه، وهذا في هذا الدين أعجوبة. إذاً كما تفضلت أنه يكون على السلوك العام أما كونك صلاتك وصيامك هذا للفقهاء وأحكام الشريعة وكل مسلم عليها أن يعرفها، لا، على سلوكك العام ونحن نعرف أنه مسألة السمعة وما شاعك عند الناس يوم القيامة وكما يقول النبي صلى الله عليه وسلم (يأخذ الله العبد في كنفه) كما يأتي الشخص بابنه الطفل يضعه في حجره ويحكي معه حتى لا أحد يسمع ويقول له ألم تفعل كذا؟ ألم تفعل كذا؟ ألم افعل كذا؟ ويعدد له ذنوب خيال فيقول له ماذا تقول؟ يقول: هلكت يا رب العالمين قال: ألم أسترك في الدنيا؟ قال: بلى يا رب قال: وأغفرها لك اليوم) لماذا؟ يقول له لأن الناس سمعتك عندهم طيبة فأنا على سمعة الناس.
نعود إلى الحل الذي أعطاه لنا النبي صلى الله عليه وسلم ميسر لك مسلم ولا ينبغي لمسلم أن يذهل عن هذا الحل في اليوم على الأقل عشر مرات. فلما شكا المسلمون قالوا يا رسول إذا كان الشرك ووالله كلنا نعاني من هذا الشرك كلنا فما العمل إذا كان هو مثل دبيب النملة؟! قال (قولوا اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئاً نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه) وهذا إذا قلته فإن الله لا يحاسبك على شرك تأمل هذا الحل العظيم المثالي الذهبي الذي لا نستغني عنه وحينئذٍ رب العالمين ما أشركت به سيغفره لك ثم سيعينك على أن لا تشرك به مرة ثانية والشرك هو ليس فقط أن تقول أن الله ثاني اثنين هذا أنت بعيد عنها، الشرك الخفي الذي فيه جانب من الرياء يعني ما معقول عندك صديق ملك أمير جماعة يعني أنت الآن وكلنا نحن الآن أنت لو تصلي أمام الناس والناس كلهم ينظرون عليك طبعاً صلاتك شوية تصير زينة بينما بالبيت تستعجل هذا من الشرك وقس على هذا ولهذا قال (أخفى من دبيب النملة في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء). معنى ذلك نحن محاصرون حكاية الصدق وانظر رب العالمين كم هو كريم قال (أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) التوبة) قال كونوا مع الصادقين ما قال كونوا من الصادقين لو قال كونوا من الصادقين ما نجا منا أحد لكن الصادق أنت ظاهرك وباطنك وعلانيتك وسرك سواء هذا الأنبياء والصديقون وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحاب الفردوس الأعلى، أما نحن نريد نخلص نريد ننجو من جهنم. ولذلك قال هذا الدعاء يحل المشكلة كالذي تصيبه مصيبة يقول إنا لله وإن إليه راجعون الله تعالى يغفر له دائماً فلا تهملوا هذا الحديث (اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئاً نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه) وبالتالي ألقيت المسؤولية عن ظاهرك وسيعينك الله عز وجل على أن تكون صادقاً قدر الإمكان قدر ما تستطيع،
الدكتور نجيب: وأصبحت قضية معية الصادقين اليوم من الأمور الصعبة في هذا الوقت الذي ظهرت وأحيلت الملل والمحن التي لم يكن لنا عهد بها منذ فترة طويلة والحمدلله من الزمان وادلهمت الخطوب ولا يعرف الناس شيء على وجه الخصوص اليوم أمام هذه الاضطرابات الفكرية والمذهبية إلى أين نذهب ومن الصادق من هؤلاء جميعاً فكيف يميز؟
الدكتور الكبيسي: طرقت قضية في غاية الأهمية والحساسية فعلاً. سابقاً إلى 1950 كان في كل مدينة في كل قرية في دبي في أبوظبي في الفلوجة في الأنبار في البصرة في القاهرة في الإسكندرية ناس قليلين معدودين المواصلات غير موجودة كثيراً الناس يعرفون بفراسة المؤمن في دائماً في القرية واحد قد يكون بائعاً أو شارياً أو مؤذناً أو إماماً أو غريباً أو يعلمهم القرآن فعلاً قلوبهم حاسة أن هذا الرجل ليس من أهل الدنيا هذا من أهل الآخرة تقي دعاؤه مستجاب أكله قليل لا يغتاب أحد يعني واضح عليه الصلاح وتتعلق به القلوب وتبقى القلوب معلقة به أجيالاً هؤلاء كانوا موجودين. أما هذا الزمان مع سعة المدينة ما عدنا نعرف ولكن كما يقول العلماء إذا صحّت عزيمتك وصحّت نيتك على أن الله يهديك أو يدلك على أحد الصالحين الصادقين الذي إذا رأيت وجهه ذكرت الله وإذا قال لك كلمة لا تملك إلا أن تطيعه وبكلمتين ينقذك من الضلالة إلى الهداية ومن الظلمات إلى النور وهذا موجود إذا صحت نيتك ودعيت قل يا ربي دلني على من يدلني عليك ستتعرف عليه ستجده بسيطاً أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبرّه.
أبو محمد من الفلوجة من العراق: ما هي درجة الشرك التي تخرج من المِلّة؟
الإجابة: هذا سؤال جيد ونحن ربما لبّسنا على الناس نحن نتكلم عن الشرك من حيث كونه ذنب عظيم في البخاري باب كفر دون كفر الشرك أو الكفر الذي يخرجك من الملة أن تجعل لله نداً وهو خلقك، أن تعبد الله والصنم أو الله والابن أو الله وحسين أو الله والشيخ عبدالقادر وأنت تعتقد أن كليهما شريكان في هذا الكون أما هذا الذي نقوله هذا الشرك الخالي من حيث إحباط العمل الفلاني أنت صليت حتى يقال عليك أنك أنت مصلي عند الله مالك أجر يوم القيامة هذه القضية وهذا سؤال في غاية الأهمية وقد يكون التبس على الناس أن هذا الذي نقوله ريما يخرجهم من الملة لا أنت مسلم ما دمت تقول لا إله إلا الله محمد رسول الله مصدقاً بها قلبك فأنت مسلم
د. نجيب: (فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً).
——–فاصل———-
انتهينا من الموضوع الأول وهو الفرق بين (ثُمَّ تُرَدُّونَ) و(وَسَتُرَدُّونَ). الآن ننتقل إلى الآية 108 ولا نزال في سورة التوبة وهذا الموضوع ما قبل الأخير بقى موضوع واحد إن شاء الله في الجمعة القادمة ونختم التوبة وننتقل إلى سورة يونس عليه السلام. هذه الآية 108 تتكلم على مسجد الضرار وهذه المصيبة السوداء هناك إسلامات في التاريخ إسلام ضرار، الآن هناك إسلامات شقت المسلمين وقتلتهم، إسلامات مصنوعة بالريموت تقتل وتعدم وتسحل وتذبح وتصيح لا إله إلا الله وهذا بالتاريخ مليء من أول يوم. يقول تعالى على مسجد الضرار (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) التوبة) المُطّهرين ميم طاء مدغمة التاء مدغمة هي أصلها المتطهرين أدغمت صارت المُطّهرين هذا في التوبة 108 فقال (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ). في الفقرة السابقة قال (وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) البقرة) بالتاء. ما الفرق بين (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) وبين (وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)؟ المتطهرون ساعة ما تتوضأ لما المرأة يكون عليها نفاس أو عليها حيض (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) البقرة) لما تسبح المرأة ويسبح الرجل من الجنابة يتوضأ للوضوء حتى يصلي ساعة ما تفعل هذا إن الله يحبك لأن هذه عبادة جميلة ولهذا أنت عندما تستنشق تنزل الذنوب تتمضمض تنزل الذنوب تخلص الوضوء تصير من الغُرّ المحجلين يوم القيامة تقرأ دعاء الوضوء وأول ما تبدأ الوضوء يجب أن تسمي إذا ما قلت بسم الله الرحمن الرحيم كل هذا الفضل ما يأتيك فما أن تبدأ الوضوء يجب أن تسمي وتقول بسم الله الرحمن الرحيم بهذا يصب الله عليك الأجر صباً في كل حركة لما تغسل يديك راحت الذنوب رأسك ولما تخلص تقول دعاء الوضوء فلا يبقى عليك ذنب ولما تصلي ركعتين الوضوء ياالله يعني عملية ربح خيالي! هذا (وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) ساعة ما يتطهرون. وكما قال الدكتور نجيب قبل ما نطلع عليكم الآن أما قوله (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)هذا الذي دائماً يكون على وضوء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن) واحد من ساعة ما يستيقظ إلى أن ينام وهو متوضأ كل ما نقض وضوئه راح توضأ كما فعل بلال، النبي صلى الله عليه وسلم قال له (بِمَ سبقتني يا بلال في الجنة؟ لقد دخلت الجنة فرأيتك أمامي) فقال: والله يا رسول الله ما أعرف ثم قال (يا رسول الله أنا كل ما أحدثت توضأت فقال النبي: بذلك بذلك) وهذا العمل عظيم لماذا؟ لأن الله يحب المطّهرين الذين يداومون على كونهم على وضوء ويا أخوان هذا مجرب نحن عندما كنا شباب كنا صالحين قبل أن نصل إلى الدنيا وتفتح علينا أبواب الدنيا وخربنا خراباً شديداً هذا الإدمان على كونك متوضأ (لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن) يجعل عندك ذوق رفيع وأنت من الصبح تتوضأ تبقى متوضأ إلى أن تنام بالليل ولما تذكر الله تكون مرتاحاً وتجد نفسك نشيطاً وإذا أكلت تأكل وأنت في غاية اللذة ولما تمشي في الشارع كأنك ملك وعندما تصلي أنت متوضأ ويوم بعد يوم يصبح عندك إدمان كيف أن الإنسان يدمن على شيء جميل لا تستطيع أن تتركه نهائياً إذا تركته تحس أنك ضايع حتى النبي صلى الله عليه وسلم إذا إذا لم يكن متوضأ ما يرد السلام فالسلام عبادة فلا تطلع من فمي وأنا غير متوضأ فيذهب يتوضأ ويقول وعليكم السلام.
فحينئذٍ نقول في هذه الآية (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) (وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) يحب الإنسان ساعة ما يتوضأ والأحاديث في هذا الباب عجائب والله العظيم يا أخي لو لم يكن لهذا المصلي إلا عملية الوضوء وما يرافقها من أحاديث ومن مغفرة ومن بهاء ومن جمال ومن شهادة الملائكة (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالوضوء لكل صلاة ولكل وضوء سواك) يعني يبين على تشديد الوضوء في (وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) ساعة ما تتطهر وتتوضأ وأنت لما تستمر على التطهر تصبح مطهر بالسليقة من الذنوب من الغيبة من النميمة طهارة مادية ومعنوية. ماذا قال عن أهل قباء (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) وهذا بعكس مسجد الضرار الذين وضعوا جواسيس ومتآمرين والآن والله في العالم الإسلامي هناك دور عبادة جعلوها للجواسيس والتآمر على المسلمين وقتلهم وإبادتهم والتعاون مع الأعداء والمخابرات مع العدو باسم مسميات عبادية كثيرة وفي لا، هذا عن هذا المسجد العظيم الذي أسس على التقوى من أول يوم (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) أهل قباء 24 ساعة متوضئين فقط لما ينام يحدث ثم يستيقظ وقلبوهم وأفعالهم وحركاتهم وإيمانهم وعلاقاتهم في غاية الطهارة. ولهذا هذه الأمة أمة الطهور أنت الآن المسلم كلك طاهر تستعمل الماء في الاستنجاء تتوضأ ملابسك نظيفة لا تجلس إلا على مكان طاهر لا تمسك إلا مكان طاهر ولا تصلي إلا على مكان طاهر ولهذا قال (يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ (164) آل عمران) هذه التزكية ليست من النجاسة بل التزكية هنا الرائحة الطيبة وحينئذٍ أنت زاكي كلك معطر جميل نظيف طاهر من كل مكان (وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) ساعة ما يتطهرون وعندما ينطلقون وهم متطهرون وصاروا مطّهرين فإن الله سبحانه وتعالى يحب المطّهرين،
الدكتور نجيب: أليس هذا تشبهاً بالملائكة الذين قال الله تعالى عنهم في الملأ الأعلى (إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) الواقعة)
الدكتور الكبيسي: أحسنت نفس الفصيلة نفس المجال فتح الله عليك. يقول النبي صلى الله عليه وسلم (من توضأ كما أُمِر) يعني كما السنة (وصلى كما أُمِر غفر الله له) والآن نفتح صنبور الماء عشر ساعات ولكن ينبغي أن نعرف لا إسراف في الوضوء ولو كنت على نهر جارٍ وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بمد وهذا الذي يجب ولهذا من الكلمات التي أحبها في الإمارات أنهم لا يسمونه وضوء يسمونه يتمسح وهذه هي السنة يعني لا تسرف حتى لو كان حنفية من ضمن شرائط وشروط أن يغفر الله لك في الوضوء تستعمل ماء الوضوء من الحنفية، ما تسرف فإياك والإسراف في ماء الوضوء لأنه ينقص أجرك حتماً قال (من توضأ كما أمر) وقد أمرنا أن لا نسرف وخاصة بالماء لا يجوز الإسراف في الماء حتى ولو كنت على نهر جارٍ هذا أدب الإسلام والعالم كله يقول هذا حق لأن أزمة العالم الآن أزمة مائية والحرب العالمية القادمة ستكون حرب مياه ولهذا كيف أنت تبذر هذا الماء العذب؟! فحينئذٍ إذا أردت أن يغفر الله لك بالوضوء لما تستحم عن الجنابة أو تتوضأ وأخذت بقدر ما يكفيك فقط إعلم أنك هذا هو الوضوء الذي سيغفر الله لك به كل ذنوبك تتحات ذنوبك على شرط أن تتوضأ كما أُمرت وأن تصلي بعدها ركعتين كما أُمرت وأن تقرأ دعاء الوضوء،
الدكتور نجيب: سيدي الشيخ أول باب من أبواب الفقه عندما درسنا الفقه هو باب الطهارة لأنه مفتاح لكل العبادات
الدكتور الكبيسي: أكيد طبعاً فهو مفتاح لكل شيء وعليك أن تكون طاهراً مادمت تقرأ الفقه هكذا كان السلف الصالح لا يقرأ الحديث النبوي أو التفسير وهو جنب لا أبداً. ولهذا بارك الله فيهم كان كل شيء مباركاً كانوا يقرؤون كما أُمروا ويتعلمون كما أُمروا ويصلون كما أُمروا أما جيلنا نحن جيل فيه غربة. من أجل هذا إذا أردت أن يكون وضوءك هذا من أسباب محبة الله لك ومغفرتك وبين كل طهورين مغفرة عليك أن تتوضأ كما أمرت ثم بعدها تعود نفسك على احترام الماء وعلى معرفة قيمته وأن تبذيره خطيئة كبيرة, هذا الماء العذب الذي تتوضأ منه وتشرب منه وتسقي الحيوانات والزرع وامرأة بغي سقت كلباً يلهث فغفر الله لها. حينئذٍ هذا الماء مقدس فتبذيره على نحو ما نفعل جميعاً نفتح الحنفية ونترك الماء يصب والله العظيم! وكما قلنا قبل قليل (إن الشيطان يئس أن يعبد في جزيرتكم ولمنه رضي بما تحقرون من أعمالكم) وتبديد الماء هذا ذنب عظيم هذا تبذير ولعن الله المبذرين (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27) الإسراء) وأعظم تبذير تبذير الماء والكهرباء لأنها طاقة وكلنا نبذر. إياكم وهذا والله يوم القيامة سوف نكتشف أن هذا الذنب من أعظم الذنوب تحرم آخره وتسرف فلوس الدولة وفلوسك وكله تبذير وأنتم تعلمون من هم المبذرين. ولهذا في الصلاة لكي يكون وضوءك هذا كما فعل بلال سبق النبي إلى الجنة بالوضوء الدائم والوضوء كما أمرنا تتمسح كما يقولون في الإمارات تتمسح وليس تترك الحنفية تصب أو أن تبقى تحت الدش تغتسل من الجنابة أو غسل يوم الجمعة وتغتسل بماء يكفي جيشاً! هذا لا يجوز.
الدكتور نجيب: الشيء بالشيء يُذكر كان الشيخ محمد عبدالله دراز كعادته يدخل جامع الأزهر الشريف ويفيض الله سبحانه وتعالى عليه شآبيب الرحمة وينطلق تفسيراً ويأتي جموع من آلاف الطلاب والعلماء وفجأة دخل في إحدى المرات فتلعثم لسانه واضطرب جنانه ولم تتفتح عليه على عادته فجال في خاطره أنه ربما المرات السابقة كانت الملائكة تغشاهم وهذه المرة لا تغشاهم ملائكة! ما الذي يمنع الملائكة؟ الكلب والتمثال والجنب فلم يجد كلاباً ولا تماثيل فقال لعل بيننا جنب ففي الساحة رأى شاباً وعرف بفراسته أن هذا الشاب على جنب فطلب منه كوبين من الماء وهو رايح قال له ما ترجع ثاني وما أن خرج حتى فتح الله عليه شآبيب هذه رحمته.
انقضى الوقت سيدي الشيخ وللحديث بقية إن شاء الله جعلنا الله وإياكم من التوابين طهارة القلوب ومن المتطهرين ظاهراً وباطناً تأسيًا بالملائكة وإلى اللقاء في الحلقة القادمة علماً أن الإعادة غداً الساعة الثامنة. باسمكم جميعاً أتقدم بالشكر الجزيل لشيخنا الجليل الأستاذ الدكتور العلامة أحمد الكبيسي والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بُثّت الحلقة بتاريخ 17/6/2011م وطبعتها الأخت الفاضلة نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها.
=============================
http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=2446
على
على