الحلقة 145
(أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) الرعد) – (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) ص)
د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. مع شيخنا الإمام العلامة الدمتور أحمد الكبيسي حفظه الله مع سورة قرآنية جديدة مبيناً ما في هذه السورة العظيمة من موافقات ومفارقات.
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم وقد انتهينا من السور السابقة من يونس وهود وغيرها والآن ندخل إلى سورة الرعد وفي الرعد تقابلنا الآية 19 (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) الرعد) أولوا الألباب في كتاب الله عز وجل شريحة مكرّمة يوم القيامة ورب العالمين امتدحها كثيراً في كتابه العزيز وجاءت السنة لتقول “أكثر أهل الجنة البُله- بسطاء الناس -وعليّون لأولي الألباب” أصحاب العقول الذين فلسفوا الأمور وعرفوا الله سبحانه وتعالى وشرعوا التشريعات وقدموا العلم وعلموا الناس يعني أصحاب العقول التي تجعل من العلم حركة يومية. يعني طبعاً نحن عندنا العقل الرشيد (ولقد آتينا ابراهيم رشده) (أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (78) هود) هناك عقل وازع وقوم يعقلون وقوم يتفكرون ولقوم يتذكرون وقوم يذّكرون وكل واحدة شرحناها أنا والدكتور نجيب في برنامجنا الكلمة وأخواتها. إذاً اللُبّ الذي ينظر رأساً إلى أهمية هذا الأمر باعتباره أن له أهمية قصوى بدون التفاصيل أن هذا مهم جداً. كلنا نعرف وكل مسلم يعرف اليوم أن لا إله إلا الله غاية الأهمية وبالتالي أنت أدركت هذا بلُبّك بدون تفصيل، لكن لا إله إلا الله كلمة التوحيد خاض فيها العلماء وشرحوها والصفات وكتب مؤلفة وموضوعات والخ كما تعرفون هذا. إذاً الذي يعرف حقيقة الشيء وأهميته بكلمة واحدة ولا يناقش في ذلك وأدركها بعقل أدركها إدراكاً صحيحاً هذا هو اللُبّ. كل ما في هذا الدين من حقائق ثابتة أدركها العقل فهو اللُبّ. كلنا ندرك أن الوالدين مهمان جداً ما في عقل مسلم وإلا ويدركها فهي قضية مسلمة التفاصيل هذا لأولي الأبصار (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ (108) يوسف) أجيب الأدلة إلى أي حد أنت ينبغي أن تخدم والديك؟ ما معنى بر والدين هذا عمل الفقهاء وعمل المفسرين وعمل الفلاسفة وعمل أصحاب العقول نختلف في هذا ونضيف وننقص ونزيد كما هي قضية المذاهب الإسلامية كلهم أصحاب بصائر أدلة كل واحد جاء برأي وجاء بدليل ونحن نتناقض أبو حنيفة يقول إذا صافحت امرأة لا تتوضأ والشافعي قال توضأ أحمد قال لا إذا كانت بشهوة توضأ واحد صافح زوجته واشتهاها توضأ وهكذا. هذه أدركنا هذا بأن هذا هو اللب حسب اجتهادنا يبقى تفاصيل عنده دليل تقول السيدة عائشة كان النبي يقبُلني ويصلي بالناس الشافعي عنده دليل قال لا إذا لامستم النساء وهكذا. إذاً لأولي الأبصار أصحاب الأدلة والتفصيلات للشيء الذي هو حقيقة واقعة الحقيقة الواقعة يدركها اللب ولذلك ما الفرق بين أبي لهب وبين مثلاً واحد من المسلمين؟ أن أبو لهب ما عنده لب يعبد الحجارة بينما المسلم عبد الحجارة وقال ما هذه؟! لا تضر ولا تنفع! ولما جاء النبي وقال لا إله إلا الله أدركها عقله فأسلم وآمن ووحد الله عز وجل وقس على هذا كل الحقائق في هذا الكون التي لا تختلف في يوم من الأيام. هناك أشياء كثيرة قواعد كونية اخترعها العلماء ثم ثبت بطلانها أن الشمس تمشي والعالم هذا ثابت، لا، تتغير يوم بعد يوم. اللب يدرك حقيقة لا ولن تتغير مطلقاً أدركها وهي كأنها لب الشيء بدون قشور يعني العقل اللب ليس فيه أي تشنجات أو شوائب أبداً صافي جداً لا إله إلا الله. فرب العالمين عز وجل قال أن هؤلاء أولي الألباب (إنما يتذكر أولو الألباب) هذه لها ميزة عظيمة من حيث أن هذه شريحة من الشرائح المتفوقة يوم القيامة. وتعرفون الآية (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) الزمر) هذه الزمر كل مجموعة من المجموعات لها مكانتها كما يقول شوقي:
وقيل كلُ نبي عند رتبته ويا محمد هذا العرش فاستلم
حينئذٍ هذا على مستوى العقول يعني لماذا قال (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ (35) الأحقاف)؟ ما معنى هؤلاء؟ لأن هؤلاء لهم عقول مختلفة عقول بلغت المنتهى بالذكاء والجودة والوصول إلى الحق وتربى على أيديهم أناس كانوا من المفصِّلين من أولي الأبصار. يعني أنتم تعرفون بزمن النبي صلى الله عليه وسلم الفقهاء السبعة معروفون هؤلاء فلسفوا هذا الدين الفقهاء السبعة، وفي كل جيل هناك أناس لما تقول له أن الله واحد يحكي لك محاضرة عليها يعني واحد مؤلف شرح حدث النبي صلى الله عليه وسلم “من صمت نجى” فعلاً كل عقل لب يدرك حقائق الأشياء رأساً يعرف أنه فعلاً من صمت نجى بشكل إجمالي فعنده حقيقة في الدماغ في أن فعلاً من صمت نجى بس كيف؟ جاء واحد وشرحها بمجلدين مكتوب بالسوق “شرح حديث من صمت ونجى” والنبي صلى الله عليه وسلم يقول (أوتيت مجامع الكلم) وفي رواية (جوامع الكلم). إذاً اللب هو الذي يصل إلى حقيقة الشيء هذا أولي الألباب. أولي الأبصار الذين يفلسفون هذه الحقيقة التي وصلت إليها وما من شيء ثابت في الدنيا ديني أو دنيوي إلا بتفاصيل، التفاصيل هذه من شغل أولي الأبصار (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ) عندي أدلة وشروحات وأسباب وأنا عندي أسباب آتي لك بأدلة من الكتاب والسنة وأسباب النزول وما قال العلماء واختلف العلماء كل واحد عنده يعني كلام يكتب مجلدات!. هذا الفرق بين أولي الألباب وأولي الأبصار. أولي الأيدي أصحاب العمل (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) ص) تفصيل للحكم ويعملون به. فأولي الأبصار الذين يتوصلون إلى معرفة الله عز وجل وأولي الأيدي الذي يعملون في طاعة الله عز وجل عمل، ولهذا يسمون الأيدي العاملة إذاً هو علم وعمل. أولي الأيدي والأبصار علم وعمل، عقول عالمة وعقول عاملة، أولو الألباب عقول عالمة، أولو الأيدي عقول عاملة وهكذا.
الدكتور نجيب: كما قال تعالى عن سيدنا يوسف عليه السلام (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) يوسف) حفيظ القوة
الدكتور الكبيسي: كل عمل في هذا الكون يدخل تحت أولوا الأيدي والأبصار هم الذين يفلسفون الأمر بحقيقته.
د. نجيب: القوي الأمين، يجتمع الأمران معاً.
د. الكبيسي: رب العالمين قال (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) رب العالمين ضرب لنا مثلاً كيف توصلوا إلى بعض الحقائق حقائق ما تقبل النقاش ثم عندما توصلوا إليها جاء بعدهم من فلسفها وهؤلاء أولو الأبصار. يعني مثلاً تقول الآية التي نحن فيها (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) أدرك أصحاب الألباب الحقائق التالية: أولاً وهي تسع صفات أولها الذين يوفون بعهد الله، الثانية ولا ينقضون الميثاق، والثالثة والرابعة كما سأشرحها بالتسلسل.
د. نجيب: يوفون بعهد الله أمر وينقضون الميثاق شيء آخر؟
د. الكبيسي: طبعاً. هي تسع صفات
د. نجيب: ننتظر تفصيلك لهذه الصفات التي وصف الله تعالى بها أولو الألباب بعد الفاصل
————فاصل———-
د. الكبيسي: نعود إلى الصفات رب العالمين يعطينا أدلة على حقائق دينية وكونية في نفس الوقت فمن يؤمن بها إيمان مطلق وحصري فهو هذا من أولي الألباب. عندما نستعرض هذه التسعة لا تجدها إلا عند المسلمين تسعة كاملة ولا وصف واحد تتمتع به أمة ثانية. نبدأ أولاً (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) الرعد) تسعتها ولا واحدة فيها تطبقها أي أمة غير هذه الأمة نشرحها واحدة واحدة.
طبعاً الميثاق هو العهد الذي أخذه الله على بني آدم جميعاً عندما كانوا في ظهر آدم تحدثنا سابقاً عن عالم الأمر وعالم الخلق. نحن كنا موجودين في عالم الأمر كلنا كل حياتنا هذه عشناها يمكن بثواني ونحن في ظهر أبينا آدم (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) الأعراف) ولذلك رب العالمين ونحن في ظهر آدم قال: ألست بربكم؟ قلنا: بلى يا رب (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) الأعراف) أنتم عاهدتموني على أن تؤمنوا بأني واحد (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) وهم في ظهر آدم في عالم الذرّ قبل أن يُخلقوا حقيقة في هذه الدنيا نحن موجودون في ظهر أبينا آدم وحينئذ قال (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى) قال أحذّركم أن تقولوا يوم القيامة نحن غفلنا أو نسينا! ولهذا رب العالمين يعلم وقد علمنا الآن وكلنا قلنا نعم ليس هناك مخلوق من ظهر آدم إلا قال نعم أنت ربي ومنهم من نكث وصار بعدين يعبد أصنام يعبد حجر يعبد بقر يُشرك يثلّث الخ وهناك لا من بقي على العهد فرب العالمين يقول هذا الذي بقي على العهد ولا يعبد غيري هذا أدرك الحقيقة فهو من أولي الألباب وترك التفاصيل على أولي الأبصار يقول لا إله إلا الله كلمة لا تقبل النقاش ولا التحريف ولا التأويل ولا النقص وأنت بدونها لا مكان لك يوم القيامة جواز سفرك إلى الجنة، بدون هذه لو تصير ملك الكون لو أنت أنعمت على كل الناس ولو عملت كل الفضائل أنت غير شرعي هذه أساس العلاقة بينك وبين رب العالمين يوم القيامة فمن أدركها فهو من أولي الألباب عقله بلغ به الحكمة والقوة بحيث يدرك حقائق الأشياء كما هي ولا يتبع جميع الأشياء التي تُذهب بالعقل يميناً وشمالاً. فهو لب ثابت كلُبة الجوزة محفوظة بقشرة قوية ومتماسكة لو تبقى عندك عشر سنوات تفتحها تجدها في غاية الجمال وفي غاية الرطوبة
د. نجيب: كالجوهرة تضعها في الخزينة
د. الكبيسي: تماماً. هذا واحد وما من أمة على وجه الأرض اليوم إلا هذا المسلم يعرف حقيقة لا إله إلا الله بالمائة مائة ولا ينقصها ولا شعرة ويحرص عليها أكثر من حرصه على عينيه إذا رأى أخوه أو صاحبه أو زميله هائماً في قضية ولو صغيرة جداً وقد يكون ما فيها شيء لا انتبه تشرك أو تقول يا فلان أو يا فلان لا، إنتبه! يعني هذا الهاجس اليومي مع أنه هذه النصاعة في لا إله إلا الله لا تجدها إلا عند هذه الأمة فهذه الأمة من أولي الألباب هذا واحد يوفون بعهد الله الذي أخذه عليهم.
الثانية ولا ينفضون الميثاق والميثاق أيضاً لم يتمسك به إلا هذه الأمة الميثاق (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81) آل عمران) أخذ الله على جميع الأنبياء أن يعلِّموا أممهم بأن يؤمنوا بجميع الأنبياء من آدم إلى محمد عليهم الصلاة والسلام جميعاً. هذا الميثاق لا تجده إلا عند المسلمين حصرياً حصراً على هذه الأمة ليس على وجه الأرض من يوحّد الله بالطريقة والشكل والكمال الذي يفعله المسلمون علماً بأن هذه لا إله إلا الله وهذه (قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) آل عمران) في هذه الأمة حصراً ما في فرق أنت المسلم عندك محمد وإبراهيم وإسماعيل وعيسى وموسى ويحيى بنفس القدر، الإيمان بهذا إيمان بهذا لو آمنت بمحمد كل الإيمان وشككت شكّاً في عيسى أو موسى أو قلت نكتة أو حكيت شيئاً على سيدنا عيسى ترتد من هذا الدين وتُقتل للردة لأنك أنت كيف تنكت على نبي من أنبياء الله ونحن لا نفرق بين أحد من رسله؟! لا نفرق بين محمد وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وموسى وعيسى ما في أي فرق. الإيمان بهذا كالإيمان بهذا ولو آمنت بهم جميعاً ولم تؤمن بواحد فقط أنت لست مؤمناً وأنت خالد في النار يا الله! ما هذه الصرامة؟ هذا (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ) حينئذٍ انتهينا، هذا الميثاق. والغريب جداً عندنا أمور خفت الآن ونحن في آخر الزمان إلا لا إله إلا الله قوتها اليوم كقوتها في عهد رسول الله بالضبط والميثاق قوته اليوم كقوته في عهد رسول الله، أمور أعجوبة. يعني هذه الأساسيات القواعد العامة قوتها عندما جاء النبي عند أصحاب رسول الله وعند التابعين كقوتها اليوم بالضبط ما الفرق بينك وبين أبو بكر وعمر وعثمان وعلي؟ لا إله إلا الله، والله ولا شعرة. ما الفرق بينك وبينهم؟ بأنك أنت تؤمن بجميع الأنبياء ما عنده مشكلة فهذه حقيقة واقعة أنا أؤمن بجميع الأنبياء من آدم إلى محمد عليه الصلاة والسلام جميعاً أنت فقط الوحيد ولهذا لما قال (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) آل عمران) ليس كلاماً (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) بالأدلة هذا اثنين.
ثلاثة (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل) في هذه الأمة فقط حصرياً كيف؟ رب العالمين أولاً أمر بصلة الرحم أعمامك وأخوالك وأولاد عمك الخ بالله عليك هل هناك غير هذه الأمة يعنى عناية عقائدية دينية تعبدية اقتصادية سياسية أُسَرية بعمه وخاله وجده وجدته إلا هذه الأمة؟ ما موجود غير بهذه الأمة حتى ما عنده لا عم ولا خال ولا يعرف من أمه أو أبوه! إذاً هذه الأمة حصرياً الآن تُعنى بالرحم هذا واحد. يقول النبي صلى الله عليه وسلم (ثلاث متعلقات بالعرش) وهي هذه الثلاثة (الرحم تقول اللهم أني بك فلا أُقطع) هذا واحد، الرحم عند هذه الأمة مصان صيانة كاملة (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) النساء) انتهينا وعمك وخالك يدخل بيتك هو بيته أنت ضيف عنده وتفرح عندما يزورك هذا واحد. اثنين الأمانة (تقول اللهم أني بك فلا أُجحد) (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا (58) النساء) والله هذه موجودة في كثير من دول العالم الأمانة موجودة يعني تخلي عنده فلوس وتبيع وتشتري معه الأمانة موجودة عند كثير من الأمم لكن عند هذه الأمة قضية حرام أو حلال يعني ترتعب هذا الذي يجحد الأمانة يوم القيامة. حتى الشهيد يُحاسَب على الأمانة وإذا واحد جحد أمانة يا لطيف يوم القيامة مهما كانت درجاته يلاقي شيئاً خيال! إذاً هذه موجودة عندنا وعند كثير من الأمم وأكون موضوعي إن بعض الأمم نجحوا في الأمانات ونحن تخلّفنا عنها في هذا العصر نحن نقرأ تاريخ آبائنا وأجدادنا على حفظ الأمانة أسطورة عجائب! لكن هذا الجيل تهاون في بعض الأحيان وخاصة في العواصم أما القرى ولله الحمد لا تزال بخير. فهذا يوم القيامة الذي ينكر أمانة يصعد على جبل من النار ثم تتدحرج حتى يمسكها حتى يؤديها ثم تهرب يعني الأحاديث مرعبة فيها (لا تقوم الساعة حتى ترفع الأمانة من صدور الرجال حتى يقال إن في بني فلان أميناً) في بيت فلان واحد أمين لو تعطوه فلوسكم. أنا أذكر مدينة أنا أعرفها جيداً ليس فيها أمين واحد وهذا الواحد لأنه أمين سلموه دور أيتام لأن بها تبرعات حتى لا يسرقها واحد!! مدينة يمكن بها كليون وواحد شخصوه أن هذا الفلان الفلاني يشتغل إمام وخطيب أنا أعرفه معروف أنه رجل أمين، وهناك أئمة وخطباء سارقين!
حامد الدليمي من العراق: أهديكم سلام من أهل الرمادي كلهم.
أم عبد الرحمن من أبو ظبي: موضع الاحتباك في اللغة هناك آيات في القرآن موجود فيها احتباك وآيات فيها تكرار (من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه) وآية أخرى (من اهتدى فلنفسه). الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين وردت ثلاث مرات باختلاف بينها
د. الكبيسي: الصابئون وردت مرفوعة بمعنى والصابئون كذلك.
محمد من السودان: سؤالي عن التفريق الدقيق الذي قاله عن أولي الألباب وأولي الأبصار، أولي الألباب هم الذين يدركون الحقائق الثابتة وأن أولي الأبصار هم الذين يتفكّرون في المسائل التفصيلية، لماذا ليس في القرآن الحديث عن التذكر مقترناً بأولي الألباب والحديث عن الاعتبار مقترناً بأولي الأبصار؟
الإجابة: كلام جميل. لأن في الحقيقة التذكّر قياس حاضر على غائب وحينئذٍ هذا يقتضي أن يكون لك عقل مفكر جداً وبينما الاعتبار والأبصار قياسي فقط قياسي يعني أنت تعرف أن الفاعل مرفوع “قام زيدٌ وحضر عمرٌ” وكلها نفس الشيء وبالتالي الأبصار فيها اعتبار والاعتبار هو أن تنتقل من واحد إلى واحد. وهذا من شأن العلماء وباختصار نقول أولو الألباب المجتهدون من له فكرة اجتهادية المخترعون المبتكرون المجتهدون، وأولي الأبصار الذين فلسفوا هذا الذي ابتكروه وجعلوه علماً.
نصل إلى ثالثاً وهي صلة الرحم والأمانة وشكر النعمة هذه الثلاثة وفيها حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ثلاث متعلقات بالعرش الرحم يقول اللهم أني بك فلا أُقطع والنعمة تقول اللهم أني بك فلا أُجحد والأمانة تقول أني بك فلا أُترك) المهم هذه الثلاثة أمر الله بها أن توصل هذا الأصل الثالث.
الرابع (ويخشون ربهم) الخشية من الهيبة أنت تخشى السلطان، سلطان مهيب عادل كريم له مقامه وله بلاطه وله حرسه أنت لما تزوره أول مرة ماذا يحدث لك؟! يعني فرائصك ترتعد هذه خشية ليس من خوف أنه سيقتلك لا بل لهيبته خوف تعظيم هذا يخشون ربهم (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ (2) الأنفال) من حبه ومن هيبته هذا يخشون ربهم.
الثانية (ويخافون) والخوف من مؤذي من مصير مؤذي من ألم أنا أخاف من العقرب أخاف من الحية ولكني أخشى أبي أخشى الملك من هيبته. فحينئذٍ الذين يخشون ربهم فهمناها ثم الصفة التي بعدها (ويخافون سوء الحساب). يا الله! والنبي صلى الله عليه وسلم يقول (من نوقش الحساب هلك) كيف لا تخشاه وأنت تقول (مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) الكهف) أنت لما يصير عندك معاملة عند الدولة في أي دولة ويعرضون صحيفة أعمالك يجدون عليك أنت فلان يوم متعارك فلان يوم عامل كذا وفلان يوم سارق يعني تموت من الفضائح تموت تخاف فكيف رب العالمين؟؟! (مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا)
د. نجيب: (إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (11) يس) نعود إلى شيخنا الجليل بعد الفاصل
————-فاصل———–
د. الكبيسي: الخوف من سوء الحساب هذا عند المسلمين هاجس يومي من الموت وسوف نحاسب ورب العالمين ماذا سيقول وهكذا في هذه الأمة علامة فارقة.
سادساً (والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم) أحياناً واحد يصبر حتى يقال أنه هذا شديد وقوي وما يجزع ويكون أحياناً صبر اضطراري غصباً عليه إنما المطلوب أن تصبر لوجه الله تصبر على ماذا؟ تصبر على ثلاثة: أولاً على الطاعات صيام في يوم حار رمضان الجو يشوي وأنت تشتغل ورأيناهم في كل مكان عمال في البناء في الحقول ناس يعملون في الشمس في رمضان في الحر، هذا واحد، مثلاً تصلي تهجد بالليل وأنت تعبان من الشغل مثلاً عندك أنت مبلغ بسيط من المال ورأيت واحد فقير جداً في حالة مزرية فتعطيه كل المبلغ (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) آل عمران)، واحد يسبك ويشتمك وأنت كاظم غيظك (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ) واحد عدو يشيل عليك عداوة كل يوم وأنت تعامله كما لو كان حبيبك (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) فصلت) صبر على الطاعات طاعات هائلة كل طاعة من هذه الطاعات تجعلك ملكاً يوم القيامة لأنها مشقات (حفت الجنة بالمكاره) أنت عدوك تحضنه وتقول له حبيبي هذا كلام (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ). إذاً أولاً الصبر على الطاعات. الثانية الصبر على الشهوات أنت واحد فقير موظف بسيط عندك ديون وجاءك واحد عنده شغلة عندك وأعطاك مليون درهم رشوة وأنت معاشك بالكاد يكفيك الشهر وتقول أعوذ بالله ما أريد ما هذا؟ من يفعل هذا؟ سيدنا يوسف (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) يوسف) راودته التي هي ملكة جمال الكون في زمانها يقول لا، إني أخاف الله رب العالمين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (سبعة يظلهم الله تحت ظله رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال) مثل زليخة صاحبة يوسف ملكة وجميلة ويقول لا، أنا أخاف رب العالمين هذه من يقدر أن يفعلها؟! إلا من رحم ربي صبر على الشهوات والشهوات في هذه الحياة ناس باعوا أوطانهم مع العدو مع المحتل بكم دولار باعوا أوطانهم وأهلهم وأعراضهم! من الذي يصبر على هذه إغراءات هذه خمس مليار دولار نحن نعرف فلان وفلان، لكن عشرة مليار وتسمعون هذه الجماعات التي قامت عليهم الثورات الذي عنده مائة وخمسين مليار واللي 250 مليار أنا ما أعرف أكتبها! يعني أنا ونجيب لو واحد يعطينا مائة مليون دولار ماذا نقول؟ نقول والله ما نبغى!! والله ما أدري! الأمر ليس لعبة! فنسأل الله الثبات كما قال سيدنا يوسف (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) يوسف) سيدنا يوسف يقول فرب العالمين تدخل مباشرة (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) الله يخلصنا ووالله لو ما هذا ما كان قدر، لعبة هي زليخة، لكن رب العالمين تدخل قال (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ) كذلك نحن رب العالمين يا الله! إنه مصطفى. الثالثة الصبر على البلاء ورأينا هذا كثيراً في هذه الأمة والله ناس بها أمراض والآن في العراق وسوريا وفلسطين وفي كل العالم العربي ناس في السجون ورأوا تعذيب وقطعت أوصالهم وماتوا أولادهم وهدمت عليهم بيوتهم ووالله صابرين كالجبال يقولون لا حول ولا قوة إلا بالله (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) البقرة) في هذه الأمة كثير أما كونه يعفو عن الذي يؤذيه ومسامح روح مع السلامة ببوسة أنف ما هذه الأمة المباركة؟! على شرط أن يفعل هذا لوجه الله صبر ابتغاء وجه الله،
أم حسن من العراق: قلتَ عن لغة القرآن أنه نزل بلغة الله القديمة بقِدم الله
الدكتور الكبيسي: هذا رأي البخاري المعنى قديم واللفظ حادث
أم حسن: ابنتي عمرها عشر سنوات قالت كيف يتكلم الله مع النبي موسى عليه السلام؟
الدكتور الكبيسي: سؤال جيد، بأي لغة؟! سيدنا موسى كان يسمع كلام الله من كل الجهات كان يسمع شيئاً ما يعرفه فهم من هذا الصوت الذي سمعه فهم ما فهمه وكان فهمه صحيحاً وما كان من جهة معينة كان يسمع كأنه من كل الجهات تأتي طبعاً يا ابنتي هذه الأمور (لا ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) إلا واحد يراها بنفسه وهي معجزة فكونها معجزة فلا تُفهم يعني كيف العصا يرميها وتتحول حية؟! هو نفسه خاف منها! النبي صلى الله عليه وسلم كيف يذهب إلى السموات السبعة وسدرة المنتهى ويعود بالزمن صفر وفراشه لا يزال حاراً؟!! هذا الذي نقل عرش بلقيس قبل أن يرتد إليك طرفك هذه شغلة ما نعرفها!.
سابعاً (وأقاموا الصلاة) ليس فقط صلى بل وأقامها خذوا بالكم بين أداء الصلاة وبين إقامة الصلاة. الإقامة يعني بأركانها وشروطها وركوعها وسجودها واطمئنانها وهذه لها مقام (أول ما يسأل العبد عنه يوم القيامة الصلاة فإن حسنت) ليس أدّيت فرُبّ مصلي لا صلاة له (رب مصلي ليس له من صلاته إلا القيام والقعود) لا صلاة يعني بالحد والأدنى أركان وشروط وسورة والفاتحة تعي ما تقول والحمد لله أن في ناس إذا قال الله أكبر اختفى، النبي صلى الله عليه وسلم يعرف عنه هذا في التاريخ يُعرف هذا أيضاً عن عمر بن الزبير جعفر الصادق إذا دخل يصلي ما يعرف أحداً يعني ما يشعر بالذي حوله لو وقع الجامع ما يحس إلا عندما يقول السلام عليكم وإذا به يستيقظ كأنه كان في وادي آخر وهو فعلاً كان في وادي آخر كان في ذات الله عز وجل. إذاً وأقاموا الصلاة.
ثامناً (وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية) سراً هو الزكاة هاك يا فلان هذه الزكاة علانية الصدقة حتى تكون قدوة تتبرع لجامع لناس فقراء تساعد الناس لتكن هذا علانية حتى تكون قدوة للناس خاصة إذا كان الناس يقتدون بك هذا ثامناً وتعرفون طبعاً ما معنى الإنفاق “كل عبدٍ في ظل صدقته يوم القيامة”. وأنتم تلاحظون في القرآن الكريم مجموعات عبادات ثلاثية ورباعية وخماسية (كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) الذاريات) هذا واحد أرقام مميزة وفيها إنفاق وهكذا قس قوله (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) ثلاثة الإنفاق. يعني قاسم مشترك في كل مجموعات ومجاميع العبادات لازم إنفاق وبالتالي قال (وينفقون مما رزقناهم). وحينئذٍ إن الله سبحانه وتعالى يحب السخيّ (إن الله سخيّ يحب الأسخياء) وهذا سخاء العبد يوم القيامة يشفع له والسامري الذي أضلّ بني إسرائيل وكان يستحق القتل قال له رب العالمين يا موسى لا تقتل السامري فإنه سخيّ وأنا أحب الأسخياء ويقول النبي صلى الله عليه وسلم (السخاء خلق الله الأعظم) وقال (تجاوزوا عن ذنب السخيّ) إذا واحد سخي كريم وعمل لك مشكلة سوالك كذا شفته على ذنب لا تحكي عليه إن الله يستره له في الدنيا ويغفره له في الآخرة وإذا فضحت رجلاً سخياً أو عاقبته بدون سبب فإن الله سيفضحك
د. نجيب: وكم عيب يغطيه السخاء.
إسلام نور من ليبيا: ما الفرق بين قوله تعالى في سورة الكهف اسطاعوا واستطاعوا (فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) الكهف)؟
الدكتور الكبيسي: عندنا قاعدة في اللغة العربية تقول “زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى” أنت إذا كان جدار طوله مترين وما استطعت أن تعبريه لكنه نصف ونصف يقال فما اسطاعت له تسلقاً لكن إذا كان خمسين متراً يقول فما استطاعت، فما اسطاعوا أقل عجزاً من فما استطاعوا وهكذا.
الدكتور نجيب: لعل ذكر هذه الآية في سورة الكهف وهذه القصة توجه انتباهنا أيضاً إلى أن هذه القصة تفصيل لأولي الأيدي والأبصار وأولي الألباب من باب أنها قصة رجلين عظيمين.
الدكتور الكبيسي: بالضبط هذه تنطبق عليهم. إذاً هكذا يعني ثامناً (وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية).
تاسعاً وأخيراً (ويدرأون بالحسنة السيئة) هذا الباب الذي يبعث الأمل في نفوس المسلمين والمؤمنين بالله جميعاً من كل الأديان. أولاً كل ابن آدم خطاء وهذه ما فيها نقاش (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ثم جاء بقوم يذنبون) ليس هناك مشكلة أن تخطيء ولا أن تُذنب ولكن المشكلة ماذا بعد الذنب؟ هل أنت من الغافلين أو من المستغفرين؟ وعندما تكلم الله عن المتقين قال (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) آل عمران) إذاً كنت كما في حديث البخاري كل ما أذنبت استغفرت وتبت إلى الله ولم تنوي أن تعود لكن بعد مدة أذنبت فإن هذا مغفور ولهذا قال (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136) آل عمران) على شرط أنك كل ما أذنبت أتبعتها بحسنة كما في الحديث (يا رسول الله أمن الحسنات لا إله إلا الله؟ قال: هي أفضلها وأعظمها)
د. نجيب: أحسن ما كانوا يعملون مقابل أسوأ ما كانوا يعملون. و(اتبع السيئة الحسنة تمحُها)
د. الكبيسي: ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ (إذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة تمحها).
د. نجيب: عظائم الذنوب تحتاج إلى عظائم الأعمال
د. الكبيسي: بشرط، لا تقول أنا كل يوم اشرب خمر بعدين أستغفر لا عندما تقع في ذنب وأنت ما كنت مخطط له ولا مصر عليه مسبقاً قال (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا) هو مذنب ذنباً عارضاً. هكذا إذاً هكذا هو الأمر هذه التسعة ما عدا يمكن الأمانة ربما تجدها في كثير من الأمم الآن وقد يكونوا خير منا هم الآن في هذا العصر وبالتالي هذه التسعة إذا كنت قد أدركتها وطبقتها فأنت تبعث يوم القيامة من أولي الألباب، ما هي ميزتهم؟ قلنا بأن الفردوس الأعلى فيه شرائح ومن ضمن الشرائح أولي الألباب، ما هي ميزتهم؟ قال (أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) كيف؟ طبعاً أنتم تعرفون أن الآخرة درجات (وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21) الإسراء) وما بين كل درجة ودرجة كما بين السموات والأرض. والحديث يقول (ينظر أحدكم إلى أهل الجنات العلى كما تنظرون إلى الكوكب الدريّ) وبالتالي أنت في عائلة أنت أب وأم وأولاد واحد منكم من الأولاد الأب الأم بلغ من الدرجات حتى صار من أولي الألباب ووضعوه في الفردوس الأعلى رب العالمين من صلاحيات هذا الإنسان الذي هو من أولي الألباب ووضع في الدرجات العالية في الفردوس من صلاحياته وإكرامه أن يجمع له كل أهله يجمعون في نفس الدرجة على شرط أن يكونوا صالحين للجنة بالتوحيد بلا إله إلا الله محمد رسول الله وما صلح هم ما عندهم التقوى والصلاح لأنهم أقل بكثير من درجتهم لكنهم صالحين بلا إله إلا الله فهذه هي مفتاح باب الجنة هؤلاء إذا كانوا صالحين للجنة وكانوا من أهل القِبلة ولم يقتل أحد منهم مسلماً فبالرغم من بساطة عملهم رب العالمين يرفعهم إلى درجة هذا الإنسان الذي هم أهله إلى نفس الدرجة في الفردوس الأعلى لكي تقر عينه (أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) ولهذا إذا كان في الأسرة واحد من هذا القبيل ومن فضل الله يعني نحن على معرفتنا بالناس نادراً ما تجد أسرة إلا فيها واحد صالح
د. نجيب: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) الطور)
د. الكبيسي: هذا حديث أعجوبة (لا يدخل النار إلا شقي) فليس معقولاً أن هذه العائلة التي ستدخل النار ما فيها واحد من هذا القبيل؟! غير معقول.
الدكتور نجيب: إذا كان في الدنيا إذا أنعم الله تعالى على عبد أحب أن يُعمّ على أهله (وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93) يوسف) فما بالك بيوم القيامة يكون وحده فيتذكر أهله؟!
الدكتور الكبيسي: يعني هذه الآية (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا (82)الكهف) أبوهما الجد السادس! من أجل الجد السادس رب العالمين أكرمهم يعني معقولة أنت أبوك وجدك وجد جدك ما فيهم واحد صالح!! غير معقول،
الدكتور نجيب: الله! (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)الحديد) جعلنا الله سبحانه وتعالى ممن خصهم بهذه الصفات التي ذكرها فضيلة الشيخ من أولي الألباب. ونفعنا الله سبحانه وتعالى بما أفدنا به شيخنا الإمام الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله وإلى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله علماً أن الإعادة غداً صباحاً في الساعة الثامنة.
بُثّت الحلقة بتاريخ 10/2/2012م وطبعتها الأخت الفاضلة نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها
——————-
الحلقة 145 (10-2-2012)
من قسم الفيديو
http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=2675