الحلقة 168
(كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) الحج) – (كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20) السجدة)
د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. مرة أخرى مع شيخنا الجليل الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله ورعاه في حلقة جديدة من برنامجنا “وأُخر متشابهات” ليتناول فيها آيات قرآنية جليلة جديدة فليفضل مشكوراً.
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. ولا نزال في سورة الحج ولعله من حسن الطالع أننا بدأنا هذا البرنامج من سنتين ووصلنا إلى سورة الحج في موسم الحج هذا وسوف نختم سورة الحج في الحلقة القادمة بالحديث عن فلسفة الحج وكيف أن الله سبحانه وتعالى جعل هذه العبادة أماناً من النار لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر. الآية 22 من سورة الحج تقول (فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) الحج) انتبه إلى هذه شبه الجملة الجار والمجرور (كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا) نفس الآية في سورة السجدة (كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20) السجدة) ما فيها “من غمّ”. لماذا في سورة الحج (كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا) وفي السجدة (كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا) بدون “من غمّ”؟؟ ونحن نعلم كما تعودنا ما من كلمة ولا حرف ولا حركة في القرآن إلا ولها معناها العظيم الفاصل كما هي هذه الزيادة “من غمّ”. أنتم تعرفون أن أهل النار نوعان نوع كَفَرَ ابتداء وانتهاءً لا يؤمن بالله لا ابتداءً ولا انتهاءً فهو من بدايته إلى نهايته هو كافر بالله مشرك به إضافة إلى أنه كان مجرماً ونحن نعرف كما كلكم تعرفون أن النار دركات والجنة درجات. كلنا في الجنة كل من يقول لا إله إلا الله ولا يفرّق بين أحد من رسله في الجنة وهذا الذي اشتهرت به هذه الأمة إجماعاً بتوفيق الله بدون جهد منها كلنا ولدنا ونحن نشهد أن لا إله إلا الله وأن موسى وعيسى وإسماعيل وإبراهيم وكلهم ومحمد عليه الصلاة والسلام جميعاً رسل الله بدون مشقة ولا أحد يقنعنا وإنما ورثنا هذا بإيمان مطلق لا نشك به مطلقاً، أنت فقط المسلم. حينئذٍ هاتان القضيتان أن تؤمن بـ”لا إله إلا الله” خالصة مجرّدة ليس فيها ولا شائبة ولا شبهة واحدة، خالصة، ثم “لا تفرق بين أحد من رسله” ما من مسلم إلا ويؤمن بهذين الأمرين طبيعياً وعفوياً وما عنده إشكال فيها هذه الأمة وحدها، وهاتان القضيتان هما مفتاح الجنة بدونهما لن ترى الجنة مطلقاً وإنما أنت خالد في النار. إذا كنت لا توحّد الله عز وجل أو تؤمن بنبي (نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151) النساء) أنت المسلم الوحيد على هذه الكرة الأرضية تشهد أن لا إله إلا الله بقوة شديدة وبنصاعة منقطعة النظير ليس هناك أب وابن ولا صنم ولا نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى إطلاقاً، لا إله إلا الله صافية. ثم لا نفرق بين أحد يعني سيدنا عيسى وموسى وإبراهيم وكل الأنبياء متساوون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أنك تؤمن بهم إيماناً كاملاً متساوياً. ولو أنك آمنت بمحمد صلى الله عليه وسلم كل الإيمان وصرت مسلماً كل الإسلام وتقول أنا عيسى ما أعتقد أنه نبي أو موسى أو إبراهيم أنت بذلك تكون خارج عن الإسلام مطلقاً. إذاً هكذا هو الأمر هناك من هو مشرك من بدايته إلى نهايته ما دخل في الصح في يوم من الأيام ثم اختلف! هذا “الذين كفروا” هؤلاء عندما يدخلون النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غمّ لأن هذا له نار أعجوبة فأهل النار لا يتساوون يعني فرعون يقول أنا ربكم الأعلى ويقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم هل هذا يتساوى مع واحد مسيحي لم يقتل أحداً؟! أو يهودي أو مشرك لكن لم يقتل أحداً وكان يفعل الخير وكان وكان؟! إذاً النار دركات، هذا شبه الجملة (من غمّ) الخطاب فيها للذي هو مشرك من بدايته إلى نهايته ولهذا يقول في الآية (فَالَّذِينَ كَفَرُوا) كافر من بدايته.
في سورة السجدة يقول (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18) أَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20) السجدة) فاسق وليس كافراً والفاسق هو الذي كان في يوم من الأيام صح ثم اختلف ارتدّ أو صار من طائفة أو فئة أو حزب أخرجته من الإسلام وكما في الحديث “لا تقوم الساعة حتى يخرج الناس من هذا الدين أفواجاً كما دخلوا فيه أفواجاً”. والآن انتبه حولك كم ترى من الآلاف التي تخرج يومياً من الدين أفواجاً وحينئذٍ أنت في خطر شديد إذا كنت مسلماً – وكل الذين نعنيهم الآن من القتلة والمجرمون يعني هذا فرعون كان ذنبه أنه كان يقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم هذا الآن يجري علناً بالصحافة والإعلام، بالإبادة يقتل الأبناء ويستحيي النساء ويقول أنا ربكم الأعلى! فرعون يقول أنا ربكم الأعلى ما علمت لكم من إله غيري يقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم لكن هذا بدايته ونهايته كان كافراً. هناك ناس كانوا مسلمين، الآن يقول قولوا لا إله إلا فلان رئيس دولة يأمر المساجين والمعتقلين والناس إذا ما تقول لا إلا إله إلا فلان الفلاني رئيس الدولة يقتلونه شر قتلة كما كان يفعل فرعون ويستحيي نساءهم والكل يرى هذا يومياً. هذا ومن وافقه ومن أيّده وهم بالملايين كلهم داخلون النار لا محالة لكن غير نار، نار تختلف. وفي هذا التاريخ الإسلامي تعرفون كم من الفرق ارتدت من حيث لا تشعر هناك ردّة كاملة وهناك ردّة جزئية نسبية وبالتالي هؤلاء الذين فسقوا هؤلاء كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها (كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا) ما في (من غمّ) لأن عذابهم غير عذاب الكافر ابتداءً وانتهاءً يعني واحد مثلاً كان مسلم وكان يصلي في يوم من الأيام ثم صار شيوعياً وهذا حدث وبالتالي هذا كان مسلماً وفسق وليس كفر لأنه كان مسلماً وبدايته مسلم الفسق أن تخرج من صواب إلى خطأ كنت في صواب وفرعون لم يكن في صواب في يوم من الأيام ولكن هؤلاء الذين ارتدوا بعد الإسلام والطوائف التي ارتدت وتشرك بالله عز وجل هؤلاء فسقوا. ولهذا أنت لاحظ في النار والعياذ بالله والكلام في هذه الحلقة عن النار لأن نحن للأسف الشديد المسلمون بشكل عام في هذا العصر لا يذكرون النار كثيراً مع أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نذكرها دائماً وقال “والذي نفس محمد بيده لو علمتم ما أعلم لصعدتم إلى الصعداء تجأرون” “لو علمتم ما أعلم لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً” سأذكر بعض الأحاديث الصحيحة المتفق على صحتها والمتفق على صحته كما نقول أن هذا واجب تصديقه وواجب الإتباع. كيف وصف بسيط أولي لجهنم! من أجل هذا نحن ينبغي أن نتكلم عن النار ولا يكون حديثنا دائماً تبشير فلا بد كما قال لا بد أن تبشر وتنذر. إذاً علينا أن نعلم أن ذكر النار أساس لإيمانك وتقويته ما من أحد يذكر النار بالشكل الذي جاء في الكتاب والسنة يعني هذه الآية (فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21)) لماذا؟ النار ترفعه فوق من الألم ويريد أن يخرج فيضربونه بشدة فيغطس أين؟ يعني لكي يصل القاع سبعين خريفاً يعني سبعين سنة حتى يصل إلى قاع جهنم! فعلاً صدق رسول الله لو تأملتم بها لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً. إذن الفرق بين الذين كفروا أن هؤلاء قال لهم مقامع من حديد وكذا وكذا (كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) وفعلاً هو يتمنى لو مات فنحن في الدنيا رأينا سجوناً من التعذيب الذي هو بالنسبة لجهنم ولا شيء عندما يموت أحد المساجين من التعذيب يحسده رفاقه لأنه تخلص من العذاب فكيف جهنم؟! نعوذ بالله. إذاً هؤلاء الذين هو من بدايته إلى نهايته إلى أن مات وهو مشرك هذا كفرعون وأمثاله الطغاة القتلة الذين أشقوا شعوبهم الذين تجرّأوا على الله عز وجل لأنه واحد حاكم أو هو مسلم وأبوه مسلم ومن دولة إسلامية يأمر السجناء والمعتقلين إما أن أقطعكم إرباً الصغار والكبار أو أن تقول لا إله إلا فلان الفلاني الذي هو هذا الأفندي رئيس الجمهورية!!. وبالتالي هذا الذي قطعت لهم ثياب من نار يعني تصور هذا لما ينام كيف ينام؟! صندوق كبير على حجمه قطع جمر هو وغطاؤه من قطع جمر ينوم فيه ويقفل عليه (إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9) الهمزة) يا لطيف! ولهذا والله العظيم لشدة ما أعطانا الله عز وجل كما سأذكر بعد قليل من وسائل النجاة فعلاً لا يدخل النار إلا شقيّ. يعني الآن هذا الحج رب العالمين أعطاك إياه أنت ترجع من الحج كيوم ولدتك أمك ما عليك إلا أن ترجع من الحج كيوم ولدتك أمك ما عليك إلا أن يكون حجاً مبروراً وهذا سهل ما هو صعب وسيكون حديثنا الحلقة القادمة كيف يكون الحج مبروراً وإن شاء الله نِصفُ الذين يذهبون حجهم مبرور إن شاء الله والمكفّرات لا حصر لها.
إذاً عندنا نار (فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) الليل) والشقي هو كل من يدخل النار شقي “لا يدخل النار إلا شقي” هذا حديث لكن في أشقى هو هذا الأشقى الخالد فيها
د. نجيب: (إذ انبعث أشقاها)
د. الكبيسي: نعوذ بالله حينئذٍ علينا أن لا ننسى ذكر النار إياكم تنسونها لأن فيها محفز والله لا يذكرها أحد إلا ويصحح أخطاءه. سأذكر بعض الحالات التي تنجيك وأعظم سببين لبداية النجاة يعني أنت بهذين الشيئين وهما: لا إله إلا الله الصافية ولا نفرق بين أحد من رسله وهي صادقة بالمئة مئة هاتان تبعد عنك أولاً الخلود مستحيل وتبعد عنك ضرورة الدخول قد ترتكب المصائب لكن فيها ما يكفّر ما يبقي فيك ولا واحدة (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31) النساء) هذا اثنين. ثلاثة طبعاً هذه المكفرات قسم فيها رغم أنفك أنت ما تدري يعني هذه الغيبة كم واحد اغتابك؟! بالعشرات كلهم يعطوك حسناتهم ويأخذون سيئاتك وإذا كانت الغيبة بهتاناً يا لطيف! (وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) النور) الغيبة أن يقول فيك رجل عيب والعيب فيك، هذا يأخذ سيئاتك ويعطيك حسناته. إذا كان بهتاناً، لا، كذب، اتهموك بالزنا كذب اتهموك بالرشوة كذب اتهموك بالسرقة كذب ومتعمدين هذا البهتان هذا لا يبقي عليك ذنب كالمكفرات إذا أشيع عنك إشاعة عدو أو غيره وهو بهتان ليس فيك هذا الشيء فلا يبقى عليك ذنب ولا ينجو واحد منهم من هذه النار
د. نجيب: وكما يقول أبو تمام
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدق ما يعتاده من توهم
فسوء الظن مرده سوء العمل يعمل العمل السيء في الخفاء فيظهر على فلتات لسانه سوء ظن بالناس. نعود إلى شيخنا الجليل بعد الفاصل إن شاء الله
——فاصل——
د. نجيب: ذكرت شيخنا التوحيد الخالص لله سبحانه وتعالى
د. الكبيسي: وهذا التوحيد الخالص لله لا تُحسنه إلا هذه الأمة من توفيق الله أكرمها (قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) الحجرات) وكما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم “لا أخشى على أمتي أن تشرك من بعدي” وتخيل ما هذا الصفاء! هذا العالم المتحضر لا يفهم لا إله إلا الله!! غير معقول! وما هذا التفوق الأخلاقي العظيم أنت الوحيد اللي عندك موسى وعيسى وإبراهيم وإسماعيل سواء ولهذا ما عندك مشكلة مع مسيحي ولا يهودي (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (69) المائدة) ما عندك مشكلة مع أحد وتتهم أنت بالإرهاب!! أنت الذي لا تفرق بين دين ودين وعندك حرمة المسيحي واليهودي أشد من حرمة المسلم في بلادك وهذا لأهل الذمة “لا تؤذوني في ذمتي” “لعن الله من آذى ذمياً” آذى باللسان. ما هذه الحماية العظيمة؟! وفعلاً أتحدى واحد يقول أن المسلمين آذوا المسيحيين أو اليهود في بلادهم مستحيل لا قديماً ولا حديثاً. هذه قضية رب العالمين غرزها في هذه الأمة ولهذا شيخي الخالدين في النار غير مظلومين لما ترى ماذا فعلوا بالعالم. ورب العالمين عز وجل وصف عذاب جهنم في كتابه الجليل عذاب جهنم على أنه عذاب عظيم عذاب مقيم عذاب شديد عذاب مهين، عذابات. عذاب عظيم هذا عذاب مشهور عن أهل النار لما يأتي ذكره كلهم يرتعبون يعني شيء فظيع كل أهل النار يتحدثون به ويبكون من شدته ما عندهم مصيبة سوداء إلا هذا النوع من العذاب يوم القيامة يسمى عذاب عظيم. العذاب الأليم لشدة الألم. عذاب مهين هذا للمتكبرين لو تعرف المتكبرين على الناس سواء كانوا ملوكاً أو طغاة أو رؤساء أو أغنياء يعني يحتقر الناس ولو تعرف يوم القيامة كيف يلعبون به لعباً يجعلونه مزقاً يضحكون عليه ويجيبون له صورة من حياته شيء مخزي!
د. نجيب: (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ (77) يس)
د. الكبيسي: وعندنا العذاب الشديد وهو بالنسبة والعذاب بالنسب هنالك عذاب خمسة بالمائة مثل الوجع أي وجع هناك عشرة بالمائة عشرين خمسين تسعين مائة بالمائة. وهذا الشديد عذاب بالمائة مائة ما فيه ولا تخفيف إطلاقاً والنبي صلى الله عليه وسلم قال يخفّ عنكم العذاب كذا وكذا، هذا ما يخفّ، هذا شديد. والعذاب المقيم الذي ليس له فاصل
د. نجيب: وكل نوع من هذه العذابات راجعة إلى لون أفعاله في الدنيا تتناسب مع فعله
د. الكبيسي: تكلمنا مرة عن الذين تحدثوا بعد الموت واحد منهم تحدث قال كيف أنه وجد صحيفة أعماله وجدها لم تترك شيئاً عمله يقول يوم الأيام أنا كنت آكل رمان ولم انتبه ووقعت حبة في الأرض وما انتبهت لها قلت والله هذه نعمة لماذا ما أرفعها؟ فرفعتها وأكلتها فوجدتها مكتوبة في صحيفة أعمالي وحدث معي هذا البارحة كان العيال يأكلون رمان ووقعت حبتين ورفعتها من أجل هذه القصة
د. نجيب: ولعل البركة في هذه الحبة التي سقطت
د. الكبيسي: ويقال في حديث وإن كان ضعيفاً لكن معناها مقبول أن في كل حبة رمان رمانة في الجنة
د. نجيب: والنبي صلى الله عليه وسلم كان يمشي فرأى تمرة فقال “لولا أخشى أن تكوني من الصدقة” لأخذها النبي صلى الله عليه وسلم وأكلها.
د. الكبيسي: نتكلم عن المكفرات وما أكثرها من فضل الله ما أكثر المكفرات كالصبر على المصائب، صبر زوجة على زوج، صبر محكوم مظلوم على حكام قتلة كما نسمع ونرى، إكرام جار، بر والدين، سورة البقرة مجالس الذكر “لا تقوم الساعة حتى يخرج الناس من هذا الدين أفواجاً” مجالس الذكر التي فيها أحاديث متفق على صحتها مثل القرآن الكريم هذه مجالس الذكر حتى لو كنت أنت لست منهم لكن أنت جالس معهم من بعيد تتطلع فيهم وأنت خطاء من فوق إلى تحت يغفر لك قالوا يا ربنا إن فيه فلان خطاء إنما جاء لحاجة قال “غفرت له لأجلهم إنهم القوم لا يشقى جليسهم”. المكفِّرات في هذه الأمة ما دمت تقول لا إله إلا الله محمد رسول الله وأنت من أهل القبلة هذا شرط لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم قال “شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي” يعني واحد من شروط الآية (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ) بماذا؟ بالحسنات يذهبن السيئات، والذي ارتكب كبيرة؟ إذا كان من أمتي فأنا أغفر له وأشفع له هذه الكبيرة “شفاعتي حق لأهل الكبائر من أمتي” (من أمتي) هذه المشكلة. أنت إذا كنت من أمته يجب أن لا تغش الناس (من غشنا ليس منا) (من آذى جاره ليس منا) (من آذى ذمياً ليس منا) هؤلاء المفصولين “ليس منا” مخيفة ومرعبة إياك أن تنطبق عليك واحد منها وربما تنطبق وأنت لا تشعر ولذلك “من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ليس منا” يعني واحد شيبة وتهينه!! أنت انفصلت من أمة محمد، أو واحد صغير أنت تعذبه وتعاقبه وهو طفل! إذا ما ترحم الصغير وتوقر الكبير أنت لست من أمة محمد وبالتالي ستحاسب على كل ذنوبك وبدون شفاعة وقس على هذا. من أجل ذلك عليك أن تحذر فالموت آت لا محالة والموت يأتي بغتة فلا يغترن أحدكم بحلم الله ورب العالمين من كرمه وجوده وهو الجواد إذا تبت قبل ما تغرغر بساعة يغفر لك فاستعجلوا وتوبوا وخاصة يا أصحاب الحقوق إياك أن تموت وفي رقبتك إن الله يغفر حقوقه ولا يغفر حقوق الناس كم من الناس اغتبتهم وكم من الناس سرقت أموالهم وكم من الناس اعتديت عليهم أو بهتهم أو اغتبتهم أو ما شاكل ذلك إياك وخاصة الوالدين ودعوة الوالدين أو أن تأتي يوم القيامة وقد عققتهم والعقوق حتى لا تكون القضية صعبة العقوق أنه كان جائعاً وما أطعمته وعريان وما ألبسته ما في غير هذه فهو عبارة عن تلبية حاجاته اليومية والاحترام لا تقل لهم أف هذا طبعاً الحد الأدنى هذا خمسين بالمائة أنت ناجي أما طبعاً في ناس عندها قدرة على خدمة الوالدين والصبر عليهما ما يكون يوم القيامة من ملوك الجنة. الحد الأدنى توفر له طعام وشراب وملبس ومسكن ولا تهينه. وقس على هذا من الحج المبرور، صلاة ركعتين بالليل، أن تعفو عن من ظلمك، أن تكون ذكّاراً ولذلك أنت إذا جعلت الموت في ذهنك فأنت ناجي (كيف كان ذكر صاحبكم للموت؟) والنبي صلى الله عليه وسلم قال (اذكروا هادم اللذات) بشكل دائم دائماً الموت أمامك هذا علامة أنك أنت من عباد الله وإذا كنت من عباد الله لا من عبيده فقد نجوت، هذا هو المهم.
قبل ما نذكر المكفرات وهي عجائب لما تقرأ المكفرات تقول هذا من يدخل النار إذاً؟ والله لا يدخلها إلا شقي! يقول النبي صلى الله عليه وسلم نحن كلنا يوم القيامة قد نعذَّب لكن عذاب غير العذاب الذي تكلمنا عنه قبل قليل، يقول صلى الله عليه وسلم “إنها لتخف على المؤمن حتى تكون كحرّ الحمام” خاصة إذا اجتنبت الكبائر وخاصة إذا شفع لك النبي صلى الله عليه وسلم وخاصة إذا كنت من الذين يستغفر له الذين يحملون العرش ومن حوله (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) غافر). إذاً نستعرض بعض ما جاء عن النار والنبي صلى الله عليه وسلم قال كما رواه البخاري ومسلم “تحسبون أن نار جهنم مثل ناركم هذه؟ هي أشد سواداً ” نار يوم القيامة مش حمراء مثل نار الدنيا لا، سوداء مظلمة يعني والعذاب بالظلام غير العذاب وأنت ترى ولذلك نار جهنم أوقد عليها ألف عام حتى ابيضت وأوقد عليها ألف عام حتى احمرت ثم أوقد عليها ألف عام حتى اسودت فهي سوداء مظلمة! تصور أنت في هذا الظلام وتأتيك الأفاعي كل أفعى كالبغال وناس تضربك بالمقامع لا تعرف من أين تأتي مأساة!! يقول عنها صلى الله عليه وسلم عن هذه النار جزء من مائة جزء من جهنم ولهذا قال عذاب أليم وعذاب شديد بالمائة مائة. ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث (لما خلق الله الجنة والنار أرسل جبريل إلى الجنة فقال اُنظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها قال فجاء ونظر إليها وإلى ما أعد الله لأهلها فيها قال فرجع إليه قال وعزّتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها) ما هذه الجنة؟! مستحيل واحد يسمع فيها إلا يعمل لها (فأمر بها فحفّت بالمكاره) فلما حفّت الجنة بالمكاره صيام رمضان بالحرّ، تحفظ لسانك وبطنك وفرجك وكل هذه الأمور مكاره وصعبة! وعليك أن تقوم بها حتى تدخل الجنة (حفت الجنة بالمكاره). ثم نفس الشيء خلق النار وراح عليها وقال يا ربي ما هذه النار؟! (وعزتك لقد خفت أن لا يدخلها أحد) يعني كيف هذه النار؟ فلما ذهب إلى النار ونظر إليها وهي يركب بعضها بعض قال (وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها) هل هناك واحد مجنون يسمع عن هذه النار ويدخلها؟! مستحيل! قال (فأُمر بها فحفّت بالشهوات) شهوة الملك والمال والجنس والسطوة والاعتداء والتكبر شهوات لا حصر لها (حفت الجنة بالشهوات) هذا حديث صحيح. ثم يتكلم عن ظلمتها وسوادها خيال (إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32) كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ (33) المرسلات) يا الله!! عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ويل وادي في جهنم يهوي فيه الكافر) هذا الذي لا يؤمن بالله هكذا في جهنم الفرق بين الكافر المشرك أن المشرك يقول ما في الله الكافر يقول ما في الله لكنه يحارب الناس ويقتلهم. يعني هناك دول ما تؤمن بالله يعني مثلاً اليابان دولة ما يؤمنون بالله عندهم بوذا لكن ما يقتلون أحداً ما يستعمرون أحداً. في دول ما تؤمن بالله لكن عمت ما تركت دولة إلا مسحت فيها الأرض هذا فرق بين هذا وهذا،
د. نجيب: وقد ورد في القرآن (ويل للمكذبين) (ويل للمطففين) (فويل لهم مما كتبت أيديهم)
د. الكبيسي: ما جاء ذكر النار في القرآن إلا مع الكفر ولا مرة جاء مع الفسق الذي هو مع الإيمان أنت مؤمن ولكنك خطاء فالنار تذكر دائماً مع الكفر لأن ذنوب المؤمن بالله الموحد بالله أياً كان (ِإنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) إذا كان يوحد الله وهذه قضية يوم القيامة تلعلع، جواز سفر دبلوماسي ما دمت توحد الله هذا تضل. فقط للنجاة بالمرحلة والمرحلة الثانية لازم تؤمن بكل الأنبياء وليس فقط بنيك بل بكل الأنبياء كأنهم نبي واحد إذا آمنت بنبي دون آخر ما آمنت بأي نبي وهذا شيخي من فضل الله ولا أدري لماذا هذه الأمة وحدها طبعاً هناك أفراد في كل مكان في العالم يهود ونصارى يقولون معقولة محمد ليس نبياً؟!! لكن في ناس وهم الغالبية العظمى يقولون فقط عيسى أو فقط موسى أو فقط يحيى أو فقط زكريا وحينئذٍ هو لم يؤمن والسؤال لماذا هذه الأمة بالذات بهذه النصاعة؟ يعني ما في ولا استثناء واحد هل رأيت مؤمن يصلي بالجامع يقول لك أنا ما أؤمن بعيسى! أو بموسى؟ مستحيل ولهذا قال (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) آل عمران)
د. نجيب: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143) البقرة)
د. الكبيسي: ما من أمة تتقن وتحتكم بتوحيد الله وتؤمن بالأنبياء إيمان متساوي وبدون تعب يعني الطفل منذ ولادته وهو يؤمن بالأنبياء سواء وهذه هي الفطرة (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) الروم).
الدكتور نجيب: فطرة فطرنا الله سبحانه وتعالى عليها (لا تبديل لخلق الله) نعود إلى شيخنا إن شاء الله بعد الفاصل
——فاصل———-
د. نجيب: الأديب العربي الكبير أديب كيلاني كان مدرسة الأستاذ محمد صادق الرافعي وأول من أنشأ أدب الطفل في الأدب العربي الحديث وكان صديق لكبار المستشرقين كلما مرت بهم معضلة أدبية لجأوا إليه ومن هؤلاء أحد المستشرق الأوروبيين فينكل جاء إليه ذات يوم وقال يا سيادة الأديب أأنت ممن يجاري جمهور المسلمين ويقول أن هذا القرآن معجز ناقلاً هذه العبارة كابراً عن كابر؟ فرد عليه بابتسامة الظافر الوثيق قائلاً له لكي نحكم على بلاغة أسلوب ما لا بد أن نجاريه أن نقلده أو نأتي بمثله. فلم يجد في ذلك ذلك الأديب المستشرق فينكل غضاضة لأنه صاحب قلم سيّال يفوق العرب فتناول كل واحد منهما ورقة وقلماً واتفقا أن يكتب كل منهما عن سعة جهنم عن موضوعنا فيقول كتب كل واحد منهم أكثر من عشرين صفحة وتناول كل واحد منهم صاحبه يقرأ فأبدى إعجابه الكبير ثم قال فينكل للأستاذ الكبير أديب كيلاني: هل قال القرآن أحسن مما قلنا؟ قال يقول القرآن (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) ق) جملة واحدة فبهت ذلك الرجل وفتح فاه لا يستطيع أن ينبس ببنت شفة! فإن القرآن الكريم عندما وصف النار والعياذ بالله وصفها وصفاً فوق خيالنا وفوق طاقتنا وكلما نتصورها فهي فوق ذلك التصور.
الدكتور الكبيسي: تأييداً لكلامك ولكلام هذا الرجل سعة النار أعجوبة! هل تعلمون بأن هذا صاحب النار حجمه أكبر من حجم أكبر جبل رأيته في حياتك؟! يعني هذا ما بين منكبيه مسيرة أربعين عاماً يعني فعلاً هذا الواحد من جهنم لو عشرة منهم جاءوا على الكرة الأرضية يملأونها بالكامل بحيث لا يبقى ولا مكان! لو تقرأ عن ما يحدث في جهنم لأهل جهنم الخالدين فيها كيف يصبحون كما قال الدكتور نجيب لعرفت سعة جهنم كم هذه فكيف سيدخلها مليارات تريليونات وكل واحد منهم يحتاج لسعة قدر هذه الكرة الأرضية شيء خيال!! وكما قال المصطفى عليه الصلاة والسلام (ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر). هذا حديث خوّفني لأننا ربما نكون في اللعبة يقول صلى الله عليه وسلم (تعوذوا بالله من جبّ الحزن قالوا: يا رسول الله ما جبّ الحزن؟ قال: واد في جهنم تتعوذ منه جهنم كل يوم أربعين مرة) إذا جهنم تتعوذ منه ما هذا الوادي؟! (قيل: يا رسول الله من يدخله؟ قال: أُعِدّ للقُرّاء المرائين بأعمالهم الذين يزورون الأمراء الجَوَرة) يعني نحن نعرف ورأيناه في حياتنا كل القتلة من الحكام الذين أبادوا الناس في السجون وأنكروا الله عز وجل كان معهم عمامة أو عمامتين تدور في فلكهم يبررون لهم وكذا وهم قتلة ومجرمون وغير مسلمين وقسم شيوعيين وقسم ملحدين لكن هذه العمامة ورأينا الذي يحدث في سوريا كم من عمامة واقفة مع الأفندي!! حينئذٍ يقول هذا للقُراء المرائين بأعمالهم الذين يزورون الأمراء الجَوَرة! وبالتالي كما قال أحد الصحابة الكرام (لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما استظهرت القرآن لأن القرآن سيسألك كما يسأل الأنبياء) أنك أنت تعرف الحق فتكتمه خوفاً أو عذاباً أو عقوبة أو إعداماً والله يوم القيامة لن ترى الجنة! يوقف الله العالم بين يديه فيسأله لِمَ لم تقل الحق وقد عرفته؟ قال يا ربي فرقت من الناس! قال: تخافهم ولا تخافني؟! اذهبوا به إلى النار. ولهذا هذا الجبّ الذي جهنم تتعوذ منه خاص لهؤلاء العلماء الذين يسكتون عن الحق. ولهذا شيخي كل علماء الأمة عذبوا أو قتلوا كل علماء الأمة من السلف الصالح لأنه قال الحق ولا يهمه فمنهم من قتل ومن سُمّ ومن وضعوه ببئر وحينئذٍ هذا جُبّ الحزن خاص بالعلماء
الدكتور نجيب: لأن هؤلاء الطغاة وجدوا من يبيح لهم جرائمهم. وبمناسبة هذا الكلام مر أحد العلماء بصاحبه وهو يجالس أحد هؤلاء الظلمة القتلة فقال له: ولا، فردّ عليه صاحبه وهو جالس مع ذلك الظالم القاتل: فلا، فتعجب ذلك الشخص وقال ما هذا اللغز الذي بينكما؟ فخاف فقال له إن أعطيتني الأمان أجبتك قال لقد قصد بـ (ولا) قوله تعالى (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (113) هود) فقال له:
و (فلا)؟ فسكت فطلب الأمان مرة أخرى وقال: قصدت بذلك قول الشاعر (فلا بد للصائب من صحبة الكلب) والعياذ بالله!
الدكتور الكبيسي: هنالك من الناس من قد تعذب بالسجون طول عمره كل ما جاء حاكم يسجنوه لأنه ما يستطيع أن يدخل النار وفي ناس يخاف، ماذا يفعل؟! يخاف أو يطمع بالدنيا أو بمنصب أو بفلوس ولهذا مع القاتل مع الظالم الذي يبيد شعبه ويبرر هذا شرعياً. أنت هذا عندما يأتي للمسجد يصلي وأربع خمس عمائم حوله الناس والله تبدأ تقتنع يقول لك والله هذا حاكم جيد وكل هذه الدماء والمذابح ليست مشكلة!! إذاً شيخي فعلاً كما قال سيدنا عمر (لو لم يدخل النار إلا واحد لخشيت أن أكون أنا ولو لم يدخل الجنة إلا واحد لرجوت أن أكون أنا) لماذا؟ لسعة كرم الله ولسعة غضب الله أيضاً الله يغار. إذا كان هذا العالِم هو الذي يبرر القتل والإجرام يبرر سرقة أموال الأمة ويبرر العمالة وأنت صاحب عمامة وقدوة للناس وهنالك من الناس من تصدقك فأنت صاحب عمامة معروف فلان الفلاني وكل ذنوبه ستصبح في رقبتك أنت! فتحمل السجن تحمل القتل تحمل الجوع تحمل التشريد وتسعين بالمائة من علماء الأمة تحملوا هذا وماتوا بعد أن ذهب ذلك الحاكم إلى مزبلة التاريخ ولقي ربه وهو قد أدّى واجبه.
د. نجيب: ولدينا مسألة خلق القرآن!
د. الكبيسي: وكل التاريخ حتى من زمن سيدنا عيسى، هذا شاهدنا. وهناك هامان وغيره وقارون! الجنة لا تأتي ببلاش! واحد (ألا إن سلعة الله غالية) والغالي أنت ستدفع فلوس وتصلي على رأسي لكن هذه كلها سهلة! لكن هناك الصعبات أن تقف في وجه الباطل، تحتمل الأذى، البخاري وهو البخاري مات منبوذاً وما صلى عليه أحد ولكنه ما سأل في الدنيا كلها يعرف ما ينتظره يوم القيامة. إذاً هذه الجنة واحد من المليار من حقيقتها والله لتحمّلت في سبيل الله كل شيء ولو عرفت عن النار واحد بالمليار لحاولت أن تتفاداها حتى لو قطعوك إرباً. هذا الفرق بين قول الله (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) الرعد) ما قيمة أن يمدحك الناس أو أن يذموك؟ وراءك نار أو جنة؟!
الأحاديث في شكل النار يقول أبو هريرة كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعنا وَجَبَة-يعني صوت-فقال النبي صلى الله عليه وسلم (أتدرون ما هذا؟) قلنا: الله ورسوله أعلم، قال (هذا حجر أرسله الله في جهنم منذ سبعين خريفاً الآن حين انتهى إلى قعرها) الله ألقى حجراً في جهنم سبعين سنة حتى وصل إلى قعرها!! رواه مسلم. ما هذه النار؟!! تخيل الآن الصواريخ من السماء إلى الأرض تأخذ ساعة أو ساعتين فهذه سبعين سنة حتى وصل الحجر إلى قعر النار
د. نجيب: وليست سنيناً كسنينا نحن في الدنيا.
د. الكبيسي: إن يوماً عند ربك كألف سنة! وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لو أن صخرة وزنت عشر خليفات) عشر إبل حوامل (قذف بها من شفير جهنم ما بلغت قعرها سبعين خريفاً حتى تنتهي إلى غيّ وآثام) هذه الجبال، (سوف يلقون غيّا) (يلق أثاما) يا الله!! قال: يا رسول الله ما غيّ وآثام؟ قال (بئران في جهنم يسيل فيهما صديد أهل النار) تصور صديدهم ودماؤهم ووسخهم يسيل في هذه الوديان وهذا المكان يجعلون واحد يعيش فيه يا لطيف!! أما سلاسلها لو أن حديدة صغيرة من سلاسلها ونزلت على الدنيا لسالت أربعين خريفاً الليل والنهار قبل أن تبلغ أصلها. في ذكر حياتها وعقاربها (إن في النار حيات كأمثال أعناق البُخت -كأنها بعير- تلسع أحداهن اللسعة فيجد حموتها سبعين خريفاً) سبعين سنة في النار وهو يرتعش من تلك اللدغة! (وإن في النار عقارب كأمثال البغال الموكفة تلسع إحداهن اللسعة فيجد حموتها أربعين سنة) يا لطيف!! عن شراب أهل النار عن أبي هريرة قال قال صلى الله عليه وسلم (إن الحميم ليصب على رؤوسهم فينفذ الحميم حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدميه وهو الصهر ثم يعاد كما كان) قال تعالى (وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15) محمد). وعن أبي أمامة أيضاً قال (ويسقى من ماء صديد يتجرعه قال يقرّب إلى فيه فيكرهه فإذا أُدني منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه) من حرارة الماء (فإذا شربه قطّع أمعاءه حتى يخرج من دُبُره) (وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15) محمد) (وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ (29) الكهف).
د. نجيب: وهذا كله للكافر
د. الكبيسي: كله للكافر والعياذ بالله والمشكلة أين؟ الحديث “لا تقوم الساعة حتى يخرج الناس من هذا الدين أفواجاً كما دخلوا”. ملايين المسلمين دخلوا الحزب الشيوعي والغريب هؤلاء لما ينتهي دورهم لا يرجعون يصابون بالكآبة وينعزل يعني في العالم الإسلامي انتهت الشيوعية لكن هو ألحد بقى ملحداً وكل الأحزاب والجماعات والهيئات التي خرجت من هذا الدين ما ترجع فاليهودي قد يسلم لكن هذا الذي يخرج ما يرجع يبقى إلى أن يموت وهو في الكآبة ولو تحسب الذين خرجوا من هذا الدين يعني هذا النظام السوري الذي يفعل كل هذا كم واحد معه؟ سوريا فلنقل عشرين مليون على الأقل 5 أو 6 ملايين معه قلباً وقالباً كل هؤلاء خرجوا من الدين وخالدون في النار.
د. نجيب: نعوذ بالله! كما تفضلت أنه بالنسبة للمؤمن وإن كان عاصياً فإن هذه النار تختلف عن نار الكفار كما قال الشاعر:
يا من عدا ثم اعتدى ثم اقترف ثم انتهى ثم ارعوى ثم اعترف
أبشِر بقول الله في آياته إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف
غفر الله لنا ولكم أجمعين تغمدنا الله جميعاً برحمته أحياء وأمواتاً داعين الله تعالى لكم بكل خير ولشيخنا الجليل الأستاذ العلامة بكل خير وإلى اللقاء بكم في حلقة قادمة والسلام عليكم ورحمة الله.
بُثـت الحلقة بتاريخ 5/10/2012م وطبعتها الأخت الفاضلة نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تفريغها.