وأُخر متشابهات

وأُخر متشابهات – الحلقة 190

اسلاميات

الحلقة 190

سورة المنافقون، سورة الطلاق، سورة المعارج، سورة القلم

سورة المنافقون

د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. الأجزاء الأخيرة من كتاب الله تعالى وفي الآيات التي تبدو أنها متشابهة لفظاً مختلفة معنى يتفضل شيخنا الجليل باستكمال هذه الرحلة القرآنية الجليلة.

د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. وصلنا إلى سورة المنافقون، في هذه السورة رب العالمين عز وجل يصف المنافقين بأنهم لا يفقهون ومرة يصفهم بأنهم لا يعلمون (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7) المنافقون) هذه لها معنى خاص وطبعاً هذه الآيات نزلت في إحدى المعارك في غزوة بني المصطلق وكالعادة كلما خرج النبي عليه الصلاة والسلام في حرب دخل المنافقون في الجيش لكي يفسدوا ولكي يفتنوا وهذا حصل في كل المعارك. فرب العالمين أنزل فيهم سورة كاملة سورة المنافقون. فمرة رب العالمين يقول طبعاً هم كانوا في معركة وبعدما افتعلوا مشكلة في الجيش قالوا إذا رجعنا إلى المدينة لا أحد ينفق على من عند رسول الله حتى يتركوا النبي صلى الله عليه وسلم (يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ) هذه فيها قضية. في آية أخرى (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8) المنافقون) الأعزّ يقصدون به الوليد بن المغيرة كان زعيم المنافقين، الوليد بن المغيرة شيخ المنافقين وله أتباعه وجماعته وعنده ماله وقبيلة هو ومعه عبدالله بن أبيّ فهم يقولون (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) لماذا مرة لا يفقهون ومرة لا يعلمون؟؟ كلنا نعرف أن مراحل العلم أولاً السمع تسمع واحد يقول لك شيئاً وشرح لك قضية علمية تتحملها ما تتحملها تستوعبها ما تستوعبها لكن هذه مرحلة السماع هذه مراحل الشعور كما تعرفون، أول شيء الاستماع. وحسن الاستماع كما تعرفون فضيلة (يستمعون القول فيتبعون أحسنه)

د. نجيب: (وإذ صرفنا إليك نفراً  يستمعون) في حين أن الكفار قالوا (لا تسمعوا لهذا القرآن)

د. الكبيسي: حينئذٍ هذا السماع هو بداية التعلم, هذا السماع لا يكفي لكن تسمع الشيء لكن لا تعرف صواب أو خطأ ولهذا في المثل أو في الحكمة “كفى بالمرء جهلاً بأن يصدق كل ما سمع” لا بد أن تتمحص وتتأكد من القضية المهم السماع أول طريقة. بعد السماع يأتي العلم يا فلان سمعت فلان كلام، النبي صلى الله عليه وسلم قال فلان حديث ممكن تعلمها لي؟ يعلمك هذه معناها كذا. العلم يعلّمك ظاهر الأمور واحد زائد واحد يساوي اثنين هذا علم علمك إياه ثم هناك فهم هذا الواحد زائد واحد والخمسة في خمسة توظفها توظيفاً يخلق السموات والأرض ثبت الآن أن كل هذه الكائنات رياضيات الحروف الأسلحة المطر كل ما في الكون رياضيات كل ما حصل من اختراعات كلها رياضيات هذا بحاجة إلى عالم فاهم عميق جداً حتى يُفهمك. فأول مرحلة السمع، الشيء الثاني الشيء البسيط الذي تفكر به وتفهمه هذا علم، ثم الأشياء الغامضة التي بحاجة إلى شرح هائل هذا يسمونه فهم، فقه (ومن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) فقه تغوص في المسائل

د. نجيب: والقرآن جمع بين الأمرين في قوله تعالى (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا (79) الأنبياء) العلم للجميع لكن في هذه المسألة سليمان افتهم

د. الكبيسي: وفعلاً ما فهمها أحد وهو ابنه وكان صغيراً عمره أربعة عشر سنة

د. نجيب: كما فهم ابن عباس أموراً لم يفهمها كبار الصحابة ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم ضرب على صدر ابن عباس وقال (اللهم فقهه في الدين) ما قال علمه بل فقهه.

د. الكبيسي: الفقه موهبة أما العلم مكتسب. أنت تتعلم نحو وصرف هذا بجهدك تصير شاعراً هذه موهبة. تتعلم مقامات القرآن هذا علم كون صوتك جميلاً هذه موهبة (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) فاطر) الصوت الجميل.  فالفهم موهبة الله يزيد في الخلق ليس في وسع أحد أن يكون فقهياً إلا بتفقيه الله. من أجل هذا كما تفضلت فعلاً رب العالمين قال هؤلاء ليسوا فقط لا يفقهون بل حتى لا يعلمون كيف لا تعلم؟! قال عنهم لا يعلمون لما قالوا نحن الأعزاء، أنت فكر بها أن هذا نبي صادق معه خيار الناس يفدونه بأرواحهم يتمنى أحدهم كما قال أحدهم (والله ما أود أن أكون بين أهلي ومحمد يشاك بشوكة) لما قال له (أتحب أن يكون محمد مكانك يضرب عنقه وأنت بين اهلك؟) قال (والله ما أحب أن أكون بين أهلي ومحمد يشاك بشوكة) فالكفار عجبوا قالوا والله ما رأينا أحداً يحب أحداً كما يحب أصحاب محمدٍ محمداً. هذا مفروغ حين أنت تقول أنت الأعز من تكون أنت؟ معارككم فاشلة قلة قليلة 300 واحد يغلبون جيشاً جرّاراً والنبي صلى الله عليه وسلم يخبركم بما في بيوتكم ويخبركم بالمستقبل وتقول (لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ)؟!! فالله قال لا (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) المعركة القادمة ستحسم الموقف بالكامل ويغور الشرك كله والعزة لله ولرسوله والمؤمنين لكنهم لا يعلمون. الثانية هذه فكروا قليلاً: من الذي يرزق الطير في السماء ؟ النمل في الحجر؟ هذه المياه هذه الأمطار هذه الزروع من يخرجها؟ تأملوا حولكم (وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ) وأنتم تريدون تقطعون عن محمد الأكل حتى يموت من الجوع!! أنتم مجانين! حينئذٍ هذا الفرق بين (وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) الأشياء البسيطة. وأنتم لاحظوا التاريخ هذا الكون قواعد ثابتة إلى يوم القيامة جميع الذين يخرجون على الأمة وفي كل الأديان والتاريخ مسيحية يهودية إسلام كل الذين خرجوا على الأمة أمة سيدنا عيسى النصارى، أمة سيدنا موسى اليهود، أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم المسلمين كل من خرج عن هذه الأمة بطائفة تافه وغبي حفظ له كلمتين وطبّل فيها وزمّر. اقرأوا التاريخ الإسلامي من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليوم طوائف عذبت الإسلام والمسلمين وقتلوهم قتلاً الخوارج لماذا؟ ما الموضوع؟ هل أن مرتكب الكبيرة كافر؟ إذا واحد مثلاً اغتاب، واحد أخذ ربا، واحد زنى، واحد في يوم أفطر في رمضان ارتكب كبيرة هل هو خارج من الإسلام لابد أن يتوب؟ أم هو مسلم لكن فاسق؟ وبهاتين الكلمتين التافهة الغبية البليدة التي لا تدعو إلى خلاف لأنها أوضح من الشمس مسكوا فيها وحوالي مائتين سنة عوقوا الإسلام وقتلوا سيدنا علي وقتلوا الحسن والحسين وقتلوا الصحابة ومعارك ولم ننتهي منهم كل هذا على هذه التفاهة هل أن مرتكب الكبير؟؟ انظر التفاهة تفاهاتهم لكنهم لا يعلمون ما عندهم علم هايف سماع سمع له كلمة واحد قال له وهذا الذين جعلهم خوارج واحد عبد أسود ما يعرف يقرأ قرآن هو هذا ضحك عليهم تعالوا نعمل كذا وصدقوا به وصاروا جماعة وقتلوا الصحابة بأبشع صور بقر البطون وبقر الحوامل وتقطيع الأنف على أساسهم أنهم كلهم مشركين لأنه ما يعرف هل أن مرتكب الكبيرة خارج من الإسلام؟ ما هذه التفاهة! وبعدهم جاء ناس نفس القضية هل أن القرآن مخلوق أو غير مخلوق؟ تصور يعني لما الله قال (قل هو الله أحد) هذا قرآن قديم أو مُحدث؟ ناس قالوا قديم لفظاً وناس قالوا قديم معنىً ناس قالوا كذا وذبحوا البخاري وعذبوا أبو حنيفة وأحمد بن حنبل ومات آلاف الناس حوالي ثلاثة قرون والناس حتى لما مات البخاري لا أحد صلى عليه لما قال -والناس أغبياء- المعنى قديماً واللفظ حديثاً كيف تقول هذا؟ ذبحوه وذبحوا علماء لا حصر لهم. ولكن المنافقين لا يعلمون لغبائهم المنقطع سمع كلمة فقط وقف عند السماع وهذا طول التاريخ ولنقول بصراحة الآن واحد ادّعى أن المسلمين كلهم مشركون لماذا؟؟ لأن أنتم الوحيد الموحدين والباقي مشركين كأننا كفار قريش ولهذا ملأوا الدنيا توحيد اسمعوهم في المنابر والله يقول (وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) الآن كل مساجد العالم العربي تقريباً بالريموت جاءوا والريموت يلغيهم يعني هذا الذي أطلق لحية ومقصر ثوبه وصاعد على المنبر وقدامه آلاف الناس فيهم العالم والأستاذ والطبيب والمهندس والفيلسوف والمثقف يطلع ما يعرف شيء اسمه فعل وفاعل اسم كان وخبر إن خليط خلط تفاهة وغباء! والله مرة سمعنا خطيب في العيد يميت من الضحك وآلاف الناس حاضرين مسجد مليء ما يعرف سبع تكبيرات وخمس تكبيرات وما يعرف يقرأ الفاتحة مقصر ثوبه ومطول لحيته (وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) لماذا؟ سمع له كلمة فقط بالسماع فقط. من أجل هذا الخطوة التالية يقول(وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ) إذا هو لا يعلم من باب أولى أنه لا يفقه العلم مرحلة قبل الفقه نحن كلنا قرأنا كتب والحمدلله وحفظنا عشرات المتون وعشرات التفاسير ولكننا لسنا فقهاء كأبو حنيفة يستنبط، أبو حنيفة عمل مذهباً هو والشافعي ومالك وأحمد وعشرات من هذه الأمة الذين ما عرفوا المذاهب الأربعة التي رب العالمين أكرم المسلمين بها حفظت عليهم دينهم وفقههم هؤلاء كل واحد منهم أمة، هو يقرأ الآية ويستخرج لك منها كتاب وكتاب ثبت صحته هذا فقيه. من أجل هذا هذا المنافق في كل التاريخ أمي اقرأوا كل الطوائف وكل المذاهب الهدّامة وكل الفرق الضالّة وكل الفئات وكل الهيئات وكل الأحزاب، كلمة، جاءهم واحد شيوعي قال وطن حر وشعب سعيد وتكونت الأحزاب الشيوعية بكلمتين والعالم العربي حكموا وذبحوا وقتلوا وسحلوا ودمروا العراق وسوريا واليمن وذهبوا وولوا

الدكتور نجيب: “لا ينال هذا العلم متكبر” فالكِبر هو الذي يمنعهم ويحرمهم هذا الفضل، نعود لشيخنا بعد هذا الفاصل.

———–فاصل————–

الدكتور الكبيسي: هذا الذي حصل في هذا الصراع بين المنافقين جماعة عبدالله بن سلول وبين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في معركة بني المصطلق وقال المنافقين أول مرة لا تنفقوا من عند رسول الله اقطعوا عنهم الأكل وفي المدينة الأنصار وجاءهم المهاجرين اللقمة لا يجدونها يأكلونها والله قال رضي الله عن الأنصار والمهاجرين. ثم قالوا للأنصار لا تنفقوا على المهاجرين حتى يروح محمد وجماعته وكان كل أنصاري مضيف في بيته مهاجر قالوا (لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ) ثم لما ما رأوا أن لا فائدة من محاولاتهم قالوا إذا رجعنا المدينة ليخرجن الأعز(لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) لا يعلمون لأن النصر سيمتد هذا الذي بينكم وهو محمد صلى الله عليه وسلم سيصل صوته إلى مشارق الأرض ومغاربها ما من بقعة في الأرض إلا ويرتفع فيه هذا الأذان الله أكبر، حي على الصلاة. وهذا الذي نراه اليوم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وهم يحفرون في معركة الخندق. إذاً هذا الفرق بين (وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) هذه البدايات وحتى لو علم لكنه لا يفقه يسمع ويقرأ ويحفظ أشياء محفوظات لا معنى لها (وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ) ولهذا تلاحظون كل الطوائف والفتن والأحزاب التي يعني انبثقت أو تمردت عن الأمة لا بد أن تنتهي يوماً ويبقى الإسلام هو الخالد إلى يوم القيامة، كل الفروع التي خرجت عن هذا الدين تندثر ويبقى حوادث في التاريخ يتعوذ منها الناس ويبقى هذا الدين ثابتاً كما قال صلى الله عليه وسلم (لا تزال طائفة من أمتي ……الحق حتى يأتي أمر الله) فالموضوع منتهي.

سورة الطلاق

ننتقل إلى سورة الطلاق مرة يقول (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) الطلاق) ومرة يقول (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) الطلاق) وتلاحظون عدة مرات من يتق الله، من يتق الله يفعل له كذا كما ذكرنا كلمنا الدكتور نجيب ونبهنا إلى أن هذا في القرآن سمت. في القرآن الكريم ربط التقوى بنتائج في الدنيا. فرب العالمين في آيتين في سورة الطلاق يقول مرة (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) ومرة يقول (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) حينئذٍ عليك أن تعلم بأن الله سبحانه وتعالى وعدنا بأن هذه العبادات كلها تكفر السيئات وتضاعف الحسنات ولهذا كم مرة نكرر الحديث (لا يدخل النار إلا شقي) لو تعرف السياج الذي أحاط الله به المؤمنين لكي يقيهم من النار لقلت فعلاً مع هذا السياج العظيم كيف يدخل واحد النار إلا أن يكون شقياً؟ ويكون شقياً تارك صلاة تارك صيام قتل عاق والديه يعني هذا أبرز الأمور التي تدخلك النار لا محالة فيما عدا هذا كل السيئات لها مكفّر قل استغفر الله العظيم مصدقاً من قلبك، صلِّ ركعتين قل سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم مائة مرة ولا حصر لهذا (طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً) (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) آل عمران) أكثر من هذا (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) الفرقان) تُب يا أخي. إذاً رب العاليمن يذكر بعد التقوى عشرات الثوابات أنواع كثيرة يعني هذا فقط من باب المثل مرة من يتق الله يجعل له مخرجاً في عمله في حياته حتى من سيئاته من ذنوبه من مشاكله رب العالمين يقف معه تماماً (أنا مع عبدي إذا ذكرني وتحركت بي شفتاه) إذا اتقيت الله يكون الله معك يأخذ بيدك كل ما عثرت، هذه واحدة. ثانياً يأتيك رزق من حيث لا تحتسب (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هماً فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب) وهذه مجرّبة وجربوها أنتم جرّبها يومياً بعد كل صلاة خمس دقائق ليس أكثر بعد كل صلاة مائة مرة استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه وأنا أعرف ناس يقولونها في اليوم ألف مرة وكثيرين ما شاء الله وشباب اليوم وبلا حصر بعد كل صلاة من المسجد إلى البيت أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ما تأخذ أكثر من خمس دقائق فمن لزم الاستغفار كهذا باليوم افعلها مائة مرة أو كما في الحديث بعد كل صلاة خمسة عشرة مرة يعني قل مائة مرة خذ لك مسبحة ونعم المذكِّر المسبحة لا تسمع حكاية بدعة وما بدعة أم سلمة كانت أمامها حصوات تعدّ بها. حينئذٍ عُدّ لك مائة مرة استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه مائة مرة يومياً لا يبقى عليك ولا ذنب (طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً) وهذا إبليس العدو اللدود هذا يقول أهلكنا الناس بكثرة الاستغفار نوسوس لهم ويقع في الذنب ونفرح استغفر رب العالمين وتاب بهذه الآية حتى من قتل ودعا مه الله إلهاً آخر وزنى (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا) تاب وآمن وألغى كل هذا واستغفر رب العالمين وأعاد الحقوق إلى أصحابها (فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا). إذاً هذا الفرق إياكم والشبهات وانتبهوا إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية إياكم واتباع أي شخص كل ما جاءنا واحد نركض وراءه ورب العالمين أعطاكم كتاب وسنة (تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي) (تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تختلفوا بعدي أبداً) ما تضل أبداً ما عندك مشكلة. في أي قضية تشك فيها تسمع كلاماً تسمع خبراً ارجع للكتاب والسنة وإذا ما تعرف اسأل عنها أي واحد واضحة وضوح الشمس أن هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة وبالتالي لماذا تضلّ؟! نحن قلنا إنما العربية اللسان ولهذا عندنا كتب اللغة العربية ألفها فرش وهنود البخاري ومسلم وأبو حنيفة وأسانيد ألّفوها هنود وبكستانيين وإيرانيين قبل أن يخرجهم من الدين هذا الذي اسمه الصفوي حينئذٍ هؤلاء عرب أحسن مني ومنك لأنهم وصلوا في لغة العرب إلى حد لا تدركه أنت (إنما العربية اللسان). المودودي والندوي هنود ولكنهم يحسنون العربية أحسن مني ومنك، هؤلاء هم العرب. هذه لغة القرآن المقدسة الشريفة والمسلم الذي لا يتعلم العربية اللغة العربية فهو مقصر تقصيراً هائلاً لا تصح الصلاة إلا بها ولا تفهم هذا الدين إلا بها ولهذا اللغة انتشرت في العالم الإسلامي حتى لم يعد أحد يعرف غيرها من غير العرب. وكان غير العرب أكثر إتقاناً من العرب وهم العرب الحقيقيين (إنما العربية اللسان). ولهذا نقول على كل واحد منا أن يدرك بأنه عرضة لأن ينحرف في أي لحظة عليك بكتاب الله وسنة رسوله ولا بد أن تجد من ينصحك لأنك لن تجد عذراً يوم القيامة، ما لك عذر والله ما علمت، عملوني شيوعياً أو بعثياً أو رافضياً ما في عذر إطلاقاً! (تركت فيكم) كالليل والنهار ولهذا عليك أن تعلم بأن الله سبحانه وتعالى إذا اتقيته والتقوى أنك أنت عندما تدعى إلى شيء تمحص وتعرف أن هذه قضية مصير إما خالد في النار أو خالد في الجنة ناس عبدوا إبليس ناس صالحين أهل تقوى معروفين جماعة عدي بن مسافر هذا العالم الجليل العظيم الذي هرب من بني أمية لأنه كان يقول الحق فطردوه من الشام وسكن في شمال العراق من أكبر الصالحين مؤلف وهدى قوماً كثيرين مات ولما مات ورثه على موقعه بين قومه ابن أخته اسمه شمس وشمس هذا خلف خاله الذي هو عدي بن مسافر المشهور في التاريخ، هذا شمس واحد هايف فاسق كان سكيراً وكان كذا حطوه مكان خاله باعتبار أن هذا التقليد إذا مات شيخ القبيلة يصير ابنه إذا ما عنده ابنه أحد أقاربه عدي ما كان عنده ابن عنده ابن أخته جاء هذا وجعلهم يعبدون إبليس قال تعالوا يا جماعة نحن ألسنا مسلمين؟ ألا نصلي؟ قالوا بلى قال نحن ممن نخاف؟ قالوا من إبليس من يمنعك من الجنة؟ إبليس، ونحن متفقين أنا عندي اقتراح قال تعالوا تعبده حتى يكفينا شره فلا يُضلّنا. وفعلاً الآن في العالم العربي في العراق في سوريا في إيران في شمال العراق في روسيا ما يقرب من عشرة مليون واحد يعبد إبليس واحد هايف أميّ سافل مات خاله الصالح الكريم الذي أدخل هؤلاء كلهم في الإسلام هذا أخرجهم من الإسلام من الذي أخرج نصف الكرة الأرضية من دينها؟ الذي كان مسيحياً واليهودي والمسلم ؟ واحد اسمه لينين هايف تافه سكير لا يفيق من الخمر واثنين ثلاثة معه يهود كلهم يهود كارل ماركس وغيره أخرجوا نصف الكرة الأرضية من دينهم قالوا ما في الله ما في أنبياء كل هذا كذب وخرافات وفعلاً عاشوا وماتوا ملحدين، مسلمين أهل صوم وصلاة حتى في العراق عندنا مجموعة عمائم يسمونه أنفسهم العلماء الأحرار هؤلاء يقولون نحن شيوعيين أحرار وهو لابس عمامة يخطب بالجمعة ويقول الله ما فيه!! شايف الهيافة هي هذه (وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) و(لَا يَفْقَهُونَ) هذه المشكلة.

سورة المعارج

ننطلق إلى سورة المعارج وهي سورة عجيبة غريبة مرة يقول (يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) المعارج) طبعاً هذا كل واحد يعني لما الواحد يشوف النار يا لطيف يقول (يؤتى بأسعد رجل في الأرض فيشم رائحة الجنة فيسأل أريت نعيم قط؟ قال لا) فقط شمّ الرائحة كان ملك كان رئيس جمهورية كان ملياردير نسى كل هذا فقط بالرائحة فكيف لو رآها؟! وحينئذٍ لما يرى النار يركب بعضها بعضاً ويلقون فيها خمسين خريف من عمقها يقول (يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ) أول ما بدأ ببنيه. في آية أخرى نفس الكلام (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) عبس) لماذا هناك بنيه وهنا أخيه؟ قال لك هو لما يرى النار وهو في الحقيقة أعزّ إنسان الابن فالابن أعز من أبوك يعني أنت لو خُيرت أن تلقي في النار إما أباك وإما ابنك ستلقي أبوك ابني أنا كيف أرميه!! (قلبي على قلب ولدي وقلب ولدي على صخرة) كما يقول المثل البدوي. إذاً الابن ما في أغلى منه، (أن كان ذا مل وبنين) المال والبنون زينة الحياة الدنيا فلما يرى النار لعظمتها وهولها يقول ياريت حتى لو يخلون ابني مكاني (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2) الحج) وهذه أمومة شيء كبير!

————فاصل————–

في الفداء قال (بنيه) هذا لما يرى النار بعينه وعرف أنه حكم عليه بجهنم وتحمله الزبانية لكي يلقى في جهنم هذا لما رأى النار بعينه سيرمي ابنه مكانه لو استطاع لكن لما يبدأ الحساب والحشر ورعب وناس خائفة ومرعوبة بعد ما شاف النار هنالك يتمنى لو يفتدي بأخوه ليس بابنه لأن في التاريخ دائماً الإنسان عند الشدة يستند إلى أخوه وهذا في كل التاريخ لما يكون عداء أخوك ما تتكلم معه من سنين بينك وبينه خصومة سياسية اقتصادية المهم ما تتكلمون لكن لما أحد يؤذيك يقف معك، هذا بالنصرة الأخ أولاً. لكن عندما تفر أول ما تفر منه هو ولهذا بالتاريخ الإنساني طبعاً نحن نتكلم عن ناس هم وجهاء البشرية يعني أعيان البشرية اقتصادياً سياسياً مالياً قبلياً قوة عسكرية يخشى ما يخشاه من إخوانه وعندما يكون في مأزق أول ما يبحث عن هم إخوانه. هذا الفرق بين هناك يفتدي بابنه لأنه رآه بعينه خلاص سيرمونه في النار ويراها بعينه يركب بعضها بعضاً يقول يعني فعلاً يذهل من شدة الرعب هذا الرعب الذي رآه يلغي من قلبه حب الولد يبدأ فقط حبه لنفسه كيف ينجو هو، لو رآها أي إنسان النار فعلاً تذهل حتى المرضعة عن رضيعها. إذاً هذا الفرق بين أول مرة ببنيه لما يرى بعينه لكن لما كان لا يزال في الحشر وقبل رؤية النار (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) عبس) فرار، هذا الفرق بين الحالتين.

د. نجيب: ولا يمكن أن يفتدي بأمه مهما كان فالأم تختلف

د. الكبيسي: فقد يفضل الإنسان أن يفتدي بابيه على أن يفتدي بأمه.

سورة نوح

ننتقل إلى سورة نوح آيتين 24 و25 مرة يقول سيدنا نوح (قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21) وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22) وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (24) نوح) هذه مرة، ثم يقول (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28) نوح) واحد يقول أنت سيدنا نوح أنت جئت حتى تهديهم وتنقلهم من الشرك إلى الإيمان ولازم تقول كما قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم (اللهم اهدِ قومي) لما ضربوه ولما طلعوه وأدموا قدميه قال (اللهم اهدي قومي فإنهم لا يعلمون) (لعل الله يخرج من أصلابهم من يوحّد الله) وأنت تقول على قومك (وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا) فما هي وظيفتك؟ أنت على أساس أتيت تهديهم قل اللهم أصلحهم ثم مرة ثانية قال (وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا) ما الفرق؟ النبي نوح أرسله الله لكي يُذهب عنهم الضلال والضلال نوعين نوع ضلال في الدين ونوع ضلال لعدم الوصول إلى الدين، هذا الفرق. فضلال قوم نوح رب العالمين سبحانه وتعالى قال لقد أضلهم الله في أمر دنياهم كان يقصد كما يقول بعض المفسرين كان يقصد هذا الضلال الذي ضلّوا في دنياهم وليس في دينهم من حيث أن دنياهم كلها كما تعرفون عبادة أصنام وحينئذٍ أراد الله تعالى أن يزيد في مكره معهم لعلهم يخرجون من هذه الحالة، هذه من الألفاظ المشتركة. ومنهم من قال الضلال في القرآن الكريم جاء بمعنى العذاب كما قال تعالى (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47) القمر) يوم القيامة. ومنهم من يقول أن سيدنا نوح ما كان يدعو الله لكي يضل قومه في الدنيا فهو قد فقد الأمل فيهم وركب سفينته وانقطعت الآمال ما في فائدة حتى في ابنه (وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43) هود) فرأى أن هؤلاء ما فيهم فائدة (وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا) أي انقساماً وهلاكاً

الدكتور نجيب: هذا دقيق جداً لأن الله قال (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آَمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36) هود)

الدكتور الكبيسي: فعلاً انتهى الأمر فقال (وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا) هذا الدعاء إما ضلال في الآخرة وهو العذاب وإما ضلال في الدنيا من حيث أنهم لا يزالون في هذا الخصام الذي هم فيه وإما تباراً وهو الهلاك القوي يسمى تبار (وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا (39) الفرقان).

د. نجيب: (إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) نوح)

د. الكبيسي: وفعلاً في هذا اليوم هناك ناس وجماعات ودول وأحزاب وأفكار لا تزيد الناس إلا ضلالاً يعني هو خلقت هذه لكي يضلوا الناس والعالم مليء بهؤلاء في كل الأرض الذي يعبد الأصنام فالشرك قد أفرد جناحيه على الأمم ما عدا هذه الأمة. والله كنت أقول دائماً ونحن صغار وشباب كنت أقول (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ (110) آل عمران) وأشوف الإنجليز والطيارات والسيارات وكل شيء ومبهورين في هذه الحضارة وكنت أفكر ما الذي فينا؟ الآن لما كبرنا هذا الكون المليء بالإنجازات والعقول الجبارة الذين اخترعوا هذه الاختراعات الجبارة ونفس هذه العقول أصحابها ما عرفوا أنه لا إله إلا الله؟؟ أنت الوحيد المسلم على وجه الأرض خصوصاً خصيصاً أنت الوحيد ولهذا قال (قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) الحجرات) لماذا؟ هؤلاء الغربيين والشرقيين والروم والفرس هؤلاء العظماء في التاريخ الذين بنوا الحضارة يعني منهم الذي يعبد الحجر وآخر يعبد الصنم هذا الياباني هذا العظيم يعبد بوذا!! هذا الهندي وأصحاب الحضارات العظيمة الآن وسابقاً هؤلاء يعبدون بقرة!! والذي يقول الله ما فيه وهؤلاء الصابئة الآن يعبدون الشمس والذي يعبد النهر وأنت الوحيد على وجه الأرض حصرياً الذي تقول لا إله إلا الله وجميع الرسل على رأسي كلهم رسل الله لا نفرق بينهم ووالله العظيم شيخي هذه فيها سبق إنساني وحضاري وثقافي ما يتكرر أبداً ولهذا شرّفك الله أنت وحدك

د. نجيب: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (13) الحشر) (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7) الروم)

د. الكبيسي: بارعين في الدنيا والآخرة ولا شيء. لو تقول له ماذا بعد الموت يقول لك ولا شيء أين تروح إذن؟ يقول أصير تراب يعني أنت عمرك بعمر الكرة الأرضية أنا إذا عمري ثمانين سنة إذا مت الآن هذه عمر الكرة الأرضية بالنسبة لي يعني الله خلق هذا الكون على ثمانين سنة!! وبعدها ما في شيء!! والعلم أثبت الآن أن هذه الكرة الأرضية جرم صغير تافه لا يرى إلا بالمجهر من مكان ما في الخط العرض كذا والطول كذا من القمر كما يقول علماء الفضاء ما تُرى الكرة الأرضية إلا بالمجهر لأن حجمها بالنسبة لبقية المجرات مثل الزيتونة. هذه الكرة الأرضية كل الكون كل الذي خلقه الله هو هذه الكرة؟ أنت تعرف هم يقولون الآن أنها سوف تفجر هم هؤلاء العلماء يقولون بأن الكرة الأرضية ستنفجر في يوم من الأيام أين راح رب العالمين؟؟ هو خلاص خلق الشيء وخلاص انتهى وخلص شغله!! يا أخي ما عندك عقل فعلاً لا يعقلون ولا يفقهون لأن هنالك عالم آخر أقوى وخالد لا فيه موت ولا ولا فقط عليك أن تعرف بعقلك المجرد الذي يهتدي إليه ببساطة أن هذا الكون له رب واحد لا شريك له فقط أدركها بسيطة وسهلة ما يدركها! (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14) النمل) ولهذا رب العالمين عز وجل كرّم هذه الأمة. إذاً سيدنا نوح مثل ما قال الدكتور لما رب العالمين أخبره أنه لن يؤمن معه غير الذين آمنوا من قبل قال زدهم ضلالاً وهو العذاب يوم القيامة وتبارا تفريق وهلاك وانتهينا.

سورة القلم

آخر موضوع في سورة القلم (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) القلم) وبالمطففين أيضاً يقول (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11) وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (13) المطففين) في القلم يقول (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ) وفي المطففين (إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ). في القلم من سيئاته (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13) أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (15) القلم) فقط هذا كان مهتماً ببنيه وبثروته العظيمة التي جعلته يقول هذا الكلام فصار معتد أثيم على المسلمين. هذا (وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (13) كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) المطففين) كلاهما معتد أثيم واحد منهم لأنه كان ذا مال وبنين فقط اغتر بماله وبنيه عنده هؤلاء الأبناء والأموال ولا في باله لا أنبياء ولا رب العالمين ولا نبي (أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ) أما الآخر يحسب نفسه فيلسوف كالأحمق والأحمق هو رجل لا يدري ويدري أنه يدري واحد جاهل وتافه ومقتنع أنه هو عالم! وهذا نراه في كل يوم في مجلس في مكان واحد وهو أمي لكن يتصور نفسه يفهم كل ما يحكي واحد يتكلم كلاماً فراغاً. في حالتين إما الذي تبطر الإنسان حتى يصبح معتديا أثيما هناك اعتداء على أشياء أخرى قد تعتدي على سيارتك على طريق فيها قلة ذوق وأدب وفيها جزاء حكومي لكن تعتدي على إنسان إما تقتله أو تشنع عليه أو تكفره أو تزندقه أنت معتدي أثيم لأن هذا يوردك النار. أسبابك أن تكون معتدياً أثيماً إما غرور شايف نفسك شوفة وأنك أنت ما في أحد مثل تكبر واستعلاء وتبجحات على الفاضي عندك ما عندك شيء إطلاقاً، كم درهم وكم ولد وشايف نفسك شوفة طبعاً سابقاً هذا الجيل اختلفت فيه المفاهيم جيلنا لما كنا صغار جيل آبائنا الولد كان عزوة إذا واحد عنده أربعة أولاد يمشي في الشارع نافش صدره والذي ما عنده أولاد يشعر بالذل لماذا؟ لأنه كانت في معارك بين الجيران والأقارب والقبائل فلما عندك أولاد (أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ) شايف نفسه شوفة عنده أولاد وعنده مال. منذ بداية البشرية من آدم إلى بداية القرن الواحد والعشرين كان الولد يعطي أباه، الآن في حكومات وقوانين وحضارة الآن لو عندك مليون ولد تخالف تعتدي يحبسوك سابقاً ما في حبس ولا عقوبة أصلاً، قبائل متناثرة ولهذا أسباب التبطّر والكفر والمشاكسات والاعتداء على الناس وأن ترتكب الآثام إما تتهمهم في أعراضهم أو في أنسابهم وتقول هذا فلان وكم من أناس انسحقت ظلماً إما أن تكون أنت مغتر بمالك وبنيك وإما مغتر بالذي عندك جاهل أحمق غبي وتتصور نفسك تعرف تتصور نفسك من العلماء هذه الأسباب كما في سورة القلم رب العالمين شخّص حالتين من الذي يعتدي بإثم واعتداؤه آثم أحد أمرين إما مغتر بماله وثروته وأولاده وإما مغتر بعلمه وهو جاهل أحمق أميّ كما حصل في التاريخ مما لا حصر له الذي جعلهم يعبدون إبليس وناس تعبد النار وناس ما تعبد شيئاً

د. نجيب: ولهذا تُعجل عقوبتهم في الدنيا قبل الآخرة وهذا ما نلمسه ونشهده

د. الكبيسي: ولهذا ما من الله علينا بنعمة أعظم من الإيمان وليس لنا فيها الفضل ولا شعرة (قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) ولهذا كما قال أحد الصالحون: والله ما رزقنا الله سبحانه وتعالى أن نوحده إلا أنه يريد أن يغفر لنا إن شاء الله

د. نجيب: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ (43) الأعراف) ونصلي ونسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه. باسمكم جميعاً أتقدم بالشكر الجزيل لشيخنا الجليل الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله على هذه الحلقة القرآنية الرائعة آملين أن نلتقي بكم في الحلقة القادمة إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بُثّت الحلقة بتاريخ 29/3/2013م وقامت الأخت نوال من السعودية بطباعتها جزاها الله خيراً وتم تنقيحها.

رابط الحلقة فيديو

http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=2901