الحلقة (14)
عنوان الحلقة: أثر الوقف والابتداء في التفسير والقراءات.
ضيوف الحلقة:
الشيخ الدكتور مساعد بن سليمان الطيار، رئيس المجلس العلمي بمركز تفسير، والأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود.
الشيخ محمود بن كابر الشنقيطي، المحاضر بقسم الدراسات القرآنية بكلية المعلمين بجامعة الملك سعود.
يدير اللقاء د. عبدالرحمن بن معاضة الشهري، الأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود.
**************************
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. حياكم الله أيها الإخوة المشاهدون الكرام في كل مكان في حلقة جديدة من برنامجكم الأسبوعي “أضواء القرآن”. اليوم سوف يكون حديثنا بإذن الله تعالى عن موضوع مهم لكل متعامل مع القرآن وهو موضوع “أثر الوقف والابتداء في التفسير والقراءات”. باسمكم جميعاً أيها الإخوة المشاهدون يسرني أن أرحب بضيفيَّ الكريمين في هذه الحلقة فضيلة الشيخ الدكتور مساعد بن سليمان الطيار، رئيس المجلس العلمي بمركز تفسير للدارسات القرآنية، والأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود. فحياكم الله يا دكتور مساعد.
الشيخ مساعد الطيار: حياكم الله وحيا الله الإخوة والأخوات المشاهدين.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: كما يسرني أن أرحب بأخي العزيز فضيلة الشيخ محمود بن كابر الشنقيطي، المحاضر بقسم الدراسات القرآنية بكلية المعلمين بجامعة الملك سعود. فحياكم الله يا أبا زيد وأهلاً وسهلاً بك في هذه الحلقة.
الشيخ محمود الشنقيطي: الله يحييك ويبارك فيك.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: موضوع الوقف والابتداء من الموضوعات التي تستحق أكثر من حلقة في الحقيقة ولذلك أنا مبدئياً أقول إن لم نستوعب محاور هذه الحلقة فلعلنا نضيف إن شاء الله حلقة أخرى متممة لهذه الحلقة. وأنتم أيها الإخوة المشاهدون يمكنكم التواصل معنا عبر الأرقام التي تظهر على تباعاً على الشاشة لطرح أسئلة تتعلق بهذا الموضوع موضوع “أثر الوقف والابتداء في التفسير والقراءات”. وبداية نبدأ يا دكتور مساعد وقبل أن نبدأ أريد أن أنبه الإخوة المشاهدين إلى أن الدكتور مساعد الطيار رسالته في الماجستير بعنوان “وقوف القرآن وأثرها في التفسير” وهذا هو الكتاب المطبوع طبع مؤخراً في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة النبوية فهو في صلب موضوع الحلقة “أثر الوقف في التفسير”. كما أن أخي الشيخ محمود الشنقيطي أيضاً كتب رسالته للماجستير عن “أثر القراءات في الوقف والابتداء” فهو أيضاً في صلب موضوع الحلقة وأرجو أن تكون حلقة ثرية ولذلك لم ننسق أي اتصالات في هذه الحلقة حتى نظفر بأكبر وقت ممكن مع الضيفين الكريمين دعوني يا دكتور مساعد نبدأ نعرف الوقف والابتداء للإخوة المشاهدين ما المقصود في الوقف والابتداء؟ ثم نتدرج إن شاء الله في موضوعات الحلقة.
الشيخ مساعد الطيار: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين. عادة العلماء أن يعّرفوا المفردات ثم ينتقلون إلى التعريف الاصطلاحي لجملة العلم ولعلنا ما نأخذ وقتنا بالتعريف في المفردات لأنه من التعريفات اللغوية يمكن تجاوزها لكن إذا جئنا إلى علم الوقف والابتداء من خلال بحثي لم أجد أحداً من العلماء السابقين اجتهد في تعريف الوقف والابتداء تعريفاً اصطلاحياً بحيث أنه يجمع جميع موضوعات العلم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هم كتبوا فيه.
الشيخ مساعد الطيار: هم كتبوا فيه فمن خلال ما كتبوا فيه يمكن استخراج تعريف على طريقة المعرفين من المتأخرين فيمكن نقول هو “علم يعرف به القارئ ما يصلح الوقوف عليه وما لا يصلح وما يصلح الابتداء به وما لا يصلح”. وأحب أن أنبه أن الكتاب سقط منه الجملة الأولى ما يصلح الوقوف عليه وما لا يصلح الذي هو في صحفة ثمانية عشر وتسعة عشر الموجود في الكتاب: “علم يعرف القارئ المواضع التي يصلح أو لا يصلح الابتداء بها” والصحيح “علم يعرف القارئ المواضع التي يصلح الوقوف عليها أو لا يصلح والمواضع التي يصلح الابتداء بها أو لا يصلح”.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: جميل جداً، إذاً هو تعريف علم الوقف والابتداء هو “علم يعرف به القارئ المواضع التي يصلح الوقف عليها أو لا يصلح والمواضع التي يصلح الابتداء بها أو لا يصلح”.
الشيخ مساعد الطيار: هذا هو علم الوقف بعمومه ثم هناك تفصيلات في أنواع الوقوف لعلها تأتي إن شاء الله من خلال الحديث.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يا شيخ محمود الشنقيطي أكرر الترحيب بك يا شيخ محمود.
الشيخ محمود الشنقيطي: حياك الله.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأسأل الله أن يوفقك وأرحب بك والإخوة مبسوطين الزملاء في ملتقى أهل التفسير بحضورك معنا.
الشيخ محمود الشنقيطي: أحسن الله إليك وجزاهم خيرا على حسن ظنهم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: عندنا نشأة علم الوقف والابتداء يا شيخ محمود يعني الآن قد يسأل سائل ويقول النبي صلى الله عليه وسلم عندما علم الصحابة القراءة أو حتى عندما تعلمها هو من جبريل هل كان علم الوقف والابتداء مصحوباً بهذا التعلم علم القراءة وهل كان القراء أسبق إلى معرفته وتطبيقه من المفسرين وأهل القراءات؟
الشيخ محمود الشنقيطي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد، فإن شأن علم الوقف والابتداء بالنسبة إلى تاريخ التأليف والوضع شأنه شأن سائر العلوم الإسلامية من حيث التطور في وضع القواعد أو الكتابة فيه وتطور أيضاً مراحل التدوين والتأليف. فهذا العلم في الحقيقة كان موجوداً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم لكنه لم يكن يعرف بما هو متداول بيننا اليوم من حيث اسمه مثلاً هل هو علم الوقف والابتداء إلا أن العرب على ما عرفوه في سجية نطقهم مثلاً وأغراض كلامهم من إفهام السامع مراد المتكلم كان هذا أمراً طبعياً بالنسبة إليهم، فكان موجوداً في قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن وفي إقرائه للصحابة ولم يكن يحتاج منهم مزيد عناية وتكلف لكونه مدركاً عندهم بسجايا كلامهم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بحيث إنه يقف الإنسان بكلامه حيث يفهم السامع ويبتدئ أيضاً حيث يفهم السامع وهكذا. جميل يعني ممكن أن نقول أنه أيضاً مصحوب بتعلم القراءة نفسها.
الشيخ مساعد الطيار: نعم له ارتباط بالقراءة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بحيث كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقف على -وهذا لعلك تحدثنا عنه يا دكتور- يقف على رأس الآية.
الشيخ مساعد الطيار: نعم اشتهر عند العلماء أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقف على رأس الآية.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما هو الدليل على هذا؟
الشيخ مساعد الطيار: حديث أم سلمة «أنه كان يقطع قراءته آية، آية» ويبدو من حديث أم سلمة هو طبعاً وقع خلاف بين العلماء في توجيهه فبعضهم ذهب إلى أنه سنة الوقف على جميع رؤوس الآية سنة، وبعضهم قال: إن حديث أم سلمة أغلبي.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: حديث أم سلمة صحيح طبعاً.
الشيخ مساعد الطيار: نعم، ولهذا الذين رأوا أنه أغلبي قالوا: بأنه يحسن للقارئ أن لا يقف إلا على تمام المعاني حتى لو كانت ليس على رأس آية مثل (لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: في سورة البقرة.
الشيخ مساعد الطيار: نعم في سورة البقرة فقوله (لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219)) عندنا في العد مصحفنا رأس آية لا تقف على (لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) بل تصلها إلى قوله (فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) تتبعاً للمعنى، وهذا كما قلت فيه خلاف كبير جداً بين العلماء في هذه المسألة هل نقف على رأس الآية على أنه سنة كمن قال أنه سنة أو نتتبع المعاني؟ الخلاف بين علماء الامة كبير جداً في هذا الموضوع.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لكن هل هو مؤثر لما تتبع أنت الوقوف على رأس الآية في القرآن الكريم كاملاً تجد أن المعنى يكتمل إلا في مواضع قليلة مثل الآية التي ذكرت (لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219)) ثم تقف وفي أول الآية التي بعدها (فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) هذه نادرة.
الشيخ مساعد الطيار: هي الأقل.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ومثل (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)).
الشيخ محمود الشنقيطي: والإشكال بالنسبة لرؤوس الآي التعبد بالوقف عليها يعني هل يُنكر مثلاً على من يصل رأس الآية بما يليها نظراً لعدم اكتمال المعنى؟ وفي الحقيقة أن طرد الوقف على كل رؤوس الآية في القرآن الكريم فيه إشكال حتى القول بسنيته أولاً أن هنالك من الآيات ما يكون التعلق بينها وبين ما يليها ظاهر جداً بحيث لو وقف عليها القارئ لا تؤدي معنى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: مثل هذه الآية.
الشيخ محمود الشنقيطي: أو حتى أكثر من ذلك فقول الله عز وجل (إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43)) هذا رأس آية الآن، وعندنا في قواعد الوقف والابتداء أنه لا يوقف على اسم إنّ دون خبرها، وكل من حكوا هذه القاعدة لم يفرقوا بين ما كان رأس آية وما لم يكن. كذلك من قواعدهم أن لا يفصل بين الحكاية والمحكي عنه ونجد عندنا رأس آية قول الله عز وجل (أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151)) فكذلك الإشكال في الوقف على هذه الآية متركب من أمرين: أولاً أنه وقف على الحكاية دون المحكي عنه، والإشكال في البدء بما يليها لا يليق كونه يبدأ مثلاً فيقول (وَلَدَ اللَّهُ) وإن كان فيه تكذيب في خاتمة الآية. ثم إن من يرى رؤوس الآية كما تفضل الشيخ أغلبيه كل العلماء الذين تكلموا عن الوقف والابتداء ذكروا أن غالب رؤوس الآية تتم عندها المعاني لكن الإشكال في هذا الجزء البسيط من آيات القرآن الذي لا تتم فيه المعاني هل تقدّم النظرة إلى الحديث أنه يعني كل آية كما قالت رضي الله عنها «كان يقطع قراءته آية، آية» أو يُحمل على ما ظهر من القرآن من أن كل آياته يتم فيها المعنى غالباً وهنالك جزء يسير تطبق عليه قواعد الوقف التي ستأتي.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لعلنا نذكرها، طرأ على بالي سؤال يا دكتور مساعد في عنوان كتابك “وقوف القرآن وأثرها في التفسير” وهي هل الوقف هو الذي يؤثر في التفسير أم التفسير هو الذي يؤثر في الوقف؟
الشيخ مساعد الطيار: هو عنوان الشيخ محمود أدق.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: “أثر القراءات في الوقف”.
الشيخ مساعد الطيار: نعم وهو كذلك هو أثر التفسير في الوقف وأنا أَبَنْت في حاشية عن هذه المشكلة لأني انطلقت من ثلاث وقوف في المصاحف أصل الدراسة هي على ثلاث وقوف موجودة في المصحف، فانطلقت من هذه الوقوف لمعرفة ما هو المعنى المختار.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الذي أراده الذي وضع هذه.
الشيخ مساعد الطيار: الذي وضع هذه فجاء عنوان الرسالة “وقوف القرآن وأثرها في التفسير” وإلا الصحيح أن الأصل هو المعنى ثم يتبعه الإعراب ويتبعه الحكم الفقهي ويتبعه الوقف وما إلى ذلك.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: كيف ذلك يا دكتور لو تضرب مثالاً.
الشيخ مساعد الطيار: نضرب مثالاً الآن إذا قلنا الأصل المعنى على سبيل المثال إذا جئنا في مثل قوله سبحانه وتعالى (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: سورة آل عمران.
الشيخ مساعد الطيار: سورة آل عمران، هذا مثال واضح جداً لقضية أثر التفسير في المعنى هل الأصل أن نقف ثم نفسر أو الأصل أن نفسر ثم نقف؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: نفسر ثم نقف.
الشيخ مساعد الطيار: جميل إذًا نفسر نفهم المعنى ما المراد بالتأويل إذا قلنا المراد بالتأويل التفسير هل يجوز الوصل؟ نقول نعم، وما يعلم تفسيره إلا الله والراسخون في العلم أيضاً يعلمون تفسيره.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: فنحن وقفنا بناء على المعنى.
الشيخ مساعد الطيار: على المعنى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أنه التفسير.
الشيخ مساعد الطيار: أنه التفسير، إذا قلنا لا، التأويل هنا هو ما تعود إليه حقائق الأشياء فإذاً يجب أن نقف (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ) ثم نقول (وَالرَّاسِخُونَ) استئناف، فإذاً بني الآن الوقف على فهم المعاني ما المراد بالمعنى قبل؟ كذلك الإعراب يبنى على المعنى هنا هل هو عاطفة أو استئنافية، مبينة على معنى التأويل ما هو التأويل؟ ثم يبني عليها نوع الإعراب.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذه مضطردة.
الشيخ مساعد الطيار: وهذه مضطردة هذا هو الأصل.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أن المعنى أولاً ثم الإعراب.
الشيخ مساعد الطيار: وكذلك أيضاً لو الشيخ وضح هذا في القراءات عنده أمثلة والأصل القراءة وانبنى عليها الوقف وليس العكس.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: جميل، لعلك توضح لنا يا شيخ محمود الآن أثر القراءات في الوقف.
الشيخ محمود الشنقيطي: بالنسبة للقراءات القرآنية من المعلوم عند المسلمين أن تعددها ومنّة الله على المسلمين بإنزالها كانت في موضوع رفع الحرج عن المسلمين في قراءة كتاب الله عز وجل نظراً لاختلاف لهجات المُنزَل عليهم القرآن، النبي صلى الله عليه وسلم أرسل إلى الناس كافة لكن مبعثه عليه الصلاة والسلام كان في الجزيرة العربية وهذه الجزيرة كانت تسكنها عدة قبائل لكل منها لهجتها التي اعتادت عليها في الكلام. وكان وقت مبعث النبي صلى الله عليه وسلم فيه من مبلغ من الكبر عتيا فلا يمكن أن يترك لهجته مثلاً إلى اللهجة التي نزل بها القرآن لو كانت واحدة فمن اعتاد على تسهيل الهمز مثلاً يصعب عليه من بلغ الستين أو السبعين أن يحقق ومن اعتاد على الإمالة يصعب عليه أن يفتح فلهذا استزاد النبي صلى الله عليه وسلم جبريل لما أقرأه القرآن وقال: «أسأل الله معافاته ومغفرته. فما زال يستزيد حتى بلغ سبعة أحرف. وقال له جبريل عليه السلام: فأيما حرف قرأوا منه فقد أصابوا». لكن إلى جانب هذا الملحظ في منّة الله عز وجل على المؤمنين بتعدد القراءات هنالك جوانب أخرى في عوائد القراءات على الأمة ومنها تعدد المعاني حيث تكون القراءة في حرف لها معنى وفي حرف آخر لها معنى آخر.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا يتضادان.
الشيخ محمود الشنقيطي: ولا يتضادان أبداً، ثم يكون على كل قراءة وقف يتأدى به معنى ليس في القراءة الأخرى ولا في وقفها، فهذا الاستكثار لمعاني القرآن وأوجهه مع استحالة تعارضها وتضادها له إعجاز أدى إليه موضوع اختلاف القراءات والمنبني عليها أيضاً من اختلاف الوقف.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: جميل جداً، هل يحضرك مثال يا شيخ محمود في هذه النقطة بالذات أنه يكون هناك اختلاف في القراءات وأيضاً اختلاف في الوقوف بناء على اختلاف القراءات.
الشيخ محمود الشنقيطي: نعم عندنا مثلاً في سورة الشورى في فاتحة الشورى قول الله عز وجل (كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)) قرأ جمهور القراء الفعل (يُوحِي) ببنائه للفاعل.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (يُوحِي).
الشيخ محمود الشنقيطي: نعم (يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)) فالفاعل في هذه الجملة هو لفظ الجلالة (الله) وما بعده نعت له إلى رأس الآية، في قراءة ابن كثير رحمه الله تعالى يقرأ ببناء الفعل للمجهول.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (يُوحَى).
الشيخ محمود الشنقيطي: فيقول (يُوحَى).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (كَذَلِكَ يُوحَى إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ).
الشيخ محمود الشنقيطي: فنجد أن تمام الكلام على قراءة الجمهور لا يستتم إلا على رأس الآية، لا بد أن نصل الفعل بفاعله، ومن القواعد أيضاً المقررة في الوقف والابتداء أن لا يفصل بين الرافع والمرفوع أو بين الفعل والفاعل. أما في قراءة ابن كثير فيستتم المعنى على قول الله سبحانه وتعالى (كَذَلِكَ يُوحَى إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ) انتهت الآن جملة الإيحاء ثم ابتدأ الله عز وجل جملة أخرى كآية الكرسي فيها ثناء وتمجيد.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)).
الشيخ محمود الشنقيطي: (اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4)) فهذا من الأمثلة أيضاً التي يظهر فيها اختلاف القراءات ثم اختلاف الوقوف واختلاف المعاني من غير أن يوجد تعارض أو تضاد بين هذه المعاني.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: جميل جداً، هذا رائع جداً. نأتي يا دكتور مساعد إلى مسألة الوقف والابتداء هل هذا المصطلح كان شائعاً في بداية الإسلام في القرن الأول، الثاني، الثالث، أم كان له مصطلحات أخرى وهل دخلت مشكلة الاصطلاح في مثل هذا المصطلح؟
الشيخ مساعد الطيار: إن أذنت لي تتميماً للفكرة المتكلم عنها قبل قليل أحياناً تتعانق قضية الوقف والابتداء والإعراب والمعنى والقراءات مع بعض مثل (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4))، (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ (4)) لن نشرحها لكن للمستمع أن يرجع إلى القراءات وإلى الأعاريب ثم يركب عليها الوقوفات يعني إذا كانت القراءة (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) وإعرابها كذا يوقف هنا، إذا كانت (حَمَّالَةُ الْحَطَبِ) يكون إعرابها كذا ويوقف هنا، سيجد أنواع من الوقوفات.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أين يرجع المشاهد في أي كتاب مثلاً تقترح؟
الشيخ مساعد الطيار: سنأتي إليها مثل كتاب “القطع والائتناف للنحاس” أو “المكتفى للداني” أو غيرها.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يجد هذه الأوجه.
الشيخ مساعد الطيار: سيجد إن شاء الله الكثير عنها.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعود إلى الاصطلاحات.
الشيخ مساعد الطيار: نعم ما ذكرتموه السلف من الصحابة والتابعين وأتباعهم ورد عنهم عبارات عامة مجملة يعني مثل قولهم انقطع الكلام وعندنا مثال.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يقصدون به الوقف.
الشيخ مساعد الطيار: الوقف مثلاً لابن عباس قال (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ) قال: فانقطع الكلام إذا اتبعتم الشيطان معنى انقطع الكلام يقول هذا وقف.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ).
الشيخ مساعد الطيار: نعم ثم تستأنف بعدها في قوله سبحانه وتعالى (إِلَّا قَلِيلًا (83)) كأنه يجعل انقطاع الكلام عند لفظ الشيطان, أمثلة كثيرة من العبارات التي وردت عندهم قضية المفصول والموصول يقولون هذه مفصولة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني عليها وقف.
الشيخ مساعد الطيار: عليها وقف وإذا قال هذه موصولة معنى أنها حقها الوصل، يعني من الأمثلة في قوله سبحانه وتعالى (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ) ابن عباس قال: هذه مفصولة، ثم تستأنف (وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ) كذلك عن أبي ضحى قال: ثم استأنف الكلام. عبارة الاستئناف، فإذاً عندهم جملة من العبارات وأنا جمعتها في مقالة ما استطعت أن أقف عليه من عبارات الصحابة والتابعين وأتباعهم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: في التعبير عن الوقف.
الشيخ مساعد الطيار: في التعبير عن الوقف يعني ما هي العبارات التي عبروا بها جملة من العبارات التي وردت عنهم فيها إشارة إلى هذه المصطلحات التي جاءت عمن جاء بعدهم مثل كلام ابن عباس انقطع الكلام نجد النحاس كتب كتابه سماه “القطع والائتناف” استأنف الكلام عن ابن ضحى هي نفس عبارة النحاس، المفصول والموصول سميت بعض كتب لفظها الاسم، عبارة فلا تقف وردت عن الشعبي قال إذا قرأت (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26)) فلا تقف حتى تصلها بقوله (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: والشعبي من التابعين متقدم.
الشيخ مساعد الطيار: من التابعين وهذه العبارات إذا جمعناها وجمعنا عبارات المتأخرين وفيه عبارة هنا أتم الكلام أيضاً عن يحيى بن سلام وغيره إذا جمعناها سنجد أن أصول هذه العبارات خرج منها مصطلح الوقف والابتداء أو عناوين كتب الوقف والابتداء لعله يأتي ذكر لها.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: جميل، مثل أتم الكلام هذا أصبح نوع من أنواع الوقف.
الشيخ مساعد الطيار: نعم نوع من أنواع الوقف، وقد يطلق على الوقف عموماً أو قسماً من أقسامه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: جميل هل لديك إضافة يا شيخ محمود في هذه النقطة في قضية المصطلحات؟ الآن المشاهدون يقرؤون المصاحف التي بين أيديهم وعندنا في السعودية الآن مصحف مجمع الملك فهد هو الشائع الموجود ويكاد ينتشر الآن في العالم بشكل كبير جداً وفيه مصطلحات مثلاً يجدون “ميم” يجدون “صلى” يجدون “قلى” ما دلالة هذه المصطلحات يا شيخ محمود أو هذه الرموز.
الشيخ محمود الشنقيطي: بالنسبة لهذه الرموز الموجودة في المصاحف الأولى لمن لا يستطيع أن يرجع إلى كتب الوقف والابتداء أو يرجع إلى الأعاريب والتوجيهات أن يلتزمها لأنها عبارة عن تلخيص لما في هذه الكتب، هذه اللجان التي تضع المصاحف تنظر في هذه الآيات نظرة شمولية ترجع إلى كتب الوقف والابتداء ثم تستخلص منها ما يناسب المعنى. فالأولى للإنسان الذي لا يستطيع أن يرجع إلى المصادر أن يلتزم بهذه الوقوف وإن كانت هي رموزها واصطلاحاتها اجتهادية ولكنها أنسب للمسلم، بالنسبة للرمز الذي يجدونه في بعض كلمات القرآن “ميم” هو إشارة إلى الوقف اللازم، يرى أنه لا ينبغي أن توصل هذه الكلمة بما يليها لأن الوصل يوهم عكس مراد الله عز وجل من هذه الجملة مثل قول الله عز وجل (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36)) فكلمة (يَسْمَعُونَ) يجدون عليها.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ميم.
الشيخ محمود الشنقيطي: حرف الميم للدلالة على الوقف اللازم، لئلا يتوهم القارئ أو من يسمعه أن الموتى شركاء مع المستجيبين في السماع والله عز وجل يقول في موضع آخر (إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى)، (وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ) فهذا نوع، النوع الثاني يجدون أيضاً علامة “قلى” على بعض كلمات القرآن وهي تعني أن الوقف على هذا الموضع أولى من وصله بما يليه، والعلامة الثالثة علامة “صلى” وهي على العكس.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الوقف أولى وإن كان الوصل جائزاً، لكن الوقف أولى.
الشيخ محمود الشنقيطي: الوقف أولى نعم، أما علامة “صلى” فهي على العكس من ذلك إذا مكّن النفس من وصلها بما يليها إلى موقف أحسن فبها وإلا فوقف القارئ على موقف “صلى” أولى له من أن يقف على موقف ليس عليه رمز. الموضع الرابع الرمز الرابع عفواً “جيم” وهذه تدل دائماً على الوقف.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الجائز.
الشيخ محمود الشنقيطي: الجائز أو الحسن، طبعاً يحسن أن يوقف عليه لكن الأحسن أيضاً عند الوقف أن يوصله القارئ بما يليه، والأخير هو علامة لام ألف “لا” وهذه علامة الوقوف الممنوعة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا تقف يعني.
الشيخ محمود الشنقيطي: نعم مثل قول الله عز وجل كانت في المصحف القديم (لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) التي أشار إليها الشيخ كان على هذا الموضع.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: “لا”.
الشيخ محمود الشنقيطي: “لا” للدلالة على الارتباط المعنوي واللفظي بين خاتمة الآية.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا يسمونه الوقف الممنوع.
الشيخ محمود الشنقيطي: نعم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم بس أنت ذكرت أنه ألغي الوقف الممنوع من الطبعة الثانية للمجمع لأنه قد ينظر بعض المشاهدين الآن في النسخة الموجودة الآن.
الشيخ مساعد الطيار: أنا أشرت إلى أنها على الطبعة الأولى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: النسخة الثانية من مجمع الملك فهد لا يجد “لا” مطلقاً.
الشيخ مساعد الطيار: صحيح.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لماذا حذفت يا ترى يا شيخ؟
الشيخ مساعد الطيار: والله ما أعرف، هذا يُسأل فيه اللجنة، لا أذكر المبرر نسيته الآن، لكن كان له مبرر علمي لكني لا أذكره الآن.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا رائع جداً، نعود إلى مسألة مناهج القراء في تحديد مواضع الوقف يا شيخ محمود، يعني الآن أنت ذكرت أنها اجتهادية وقلت أن اللجان التي تقوم على طباعة المصاحف الآن يشكلون لجنة ولو رجع المشاهد الكريم إلى آخر المصحف يجد اللجنة تقول: وقد أخذت وقوف المصحف من خلال كتاب مثلاً “المكتفى في الوقف والابتداء” أو كتاب “السجاوندي” أو غيره من الكتب فهي اعتماداً على كتب علماء موجودة وأهل المغرب يعتمدون على وقف الهبطي مثلاً أو غيره فهناك مجال للاجتهاد في هذا، فما هي مناهج القراء يا شيخ محمود في تحديد مواضع الوقف والابتداء؟
الشيخ محمود الشنقيطي: طبعاً لما نقول مناهج القراء لها إطلاقان:
الأول: القراء عموماً، قراء الصحابة والتابعين ومن يليهم، والاصطلاح الذي نعنيه هو القراء الذين ارتضتهم الأمة وانتهت إليهم اليوم نسبة القراءات وهم القراء العشرة المعروفين. هؤلاء القراء لهم أربعة مناهج من حيث الجملة فمنهم من كان يراعي في وقفه رأس الآية ولا يبالي بتعلق رأس الآية اللفظي أو المعنوي بما يليه، فكل ما وجد رأس آية وقف عليها بغض النظر هل هي متعلقة بما يليها لفظاً أو متعلقة به معنىً أو منفصلة منه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وكأنهم يرون سنية الوقوف.
الشيخ محمود الشنقيطي: وهذا إلماحة إلى سنية الوقف على رأس الآية،
المنهج الثاني كانوا يراعون الاتصال اللفظي الذي هو الإعراب فإذا كان الموطن رأس الآية أو وسط الآية متعلق بما بعده لفظاً من حيث الإعراب وصلوه وإن لم يتعلق به وقفوا عليه،
الثالث مراعاة المعاني وهؤلاء لا يقفون إلا على معنى مستتم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: سواء كان رأس آية أو.
الشيخ محمود الشنقيطي: أو غير رأس آية، ويلزم من هذا أن لا يكون هنالك تعلق لفظي لأن الاتصال المعنوي يلزم منه الاتصال اللفظي،
أما المنهج الرابع لهم النظر إلى تمكين النفس وهؤلاء يواصلون القراءة في كل القرآن متى ما أمكن النفس مواصلة القراءة فإذا انقطع النفس وقفوا.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا ما يصلح إلا لطويل النفس.
الشيخ محمود الشنقيطي: ربما الذي يقرأ حدراً مثلاً إذا كانت الرواية لا يوجد فيها مدود هذا يساعد عليها.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا يا شيخ محمود -سؤال خارجي- بعضهم يقول: استمع لتلاوة فلان قرأ الفاتحة بنفس واحد هل هذا يدخل في هذا المنهج؟
الشيخ محمود الشنقيطي: هو القرآن ليس مجالاً لموضوع المسابقة مثلاً في طول النفس وغيرها، لكن ربما الإنسان يحتاج إلى مثل هذا العمل إذا كان في مراجعة مثلاً أو قراءة حدر أو ربما رقية مريض أو غير ذلك من الأشياء التي تضطر الإنسان أحياناً إلى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الإسراع.
الشيخ محمود الشنقيطي: الإسراع نعم، الحاصل أن هذه المناهج الأربعة التي هي مراعاة رؤوس الآية والألفاظ والمعاني والنفس هي المشتهرة عن القراء العشرة من حيث الجملة. لكن وقع بين العلماء خلاف في موضوع تحديد منهج كل قارئ من هذه المناهج الأربعة، لأننا إذا رجعنا إلى كلام العلماء الذين حكوا هذه المناهج مثل أبو الكرم الشهرزوري رحمه الله.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: صاحب المصباح.
الشيخ محمود الشنقيطي: نعم، وأبو علي الأهوازي وأبو الفضل الخزاعي وابن الجزري والداني وغيرهم نجد هنالك اضطراب في تحديد منهج كل قارئ.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني بمعنى أنه يلتزم هذا المنهج.
الشيخ محمود الشنقيطي: لا، أقصد النسبة، يعني مثلاً لما نقول كان من مناهجهم مراعاة رؤوس الآية فتجد عند بعضهم أحياناً مثلاً أن ابن كثير كان يراعي رؤوس الآية ثم تقرأ في كلام الآخر تجد أن ابن كثير كان لا يبالي بغير النَفَس وعنده ثلاث مواضع في القرآن هي التي يقف عليها (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ)، (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ)، والموضع الثالث (وَمَا يُشْعِرُكُمْ) في سورة الأنعام لأنه يقرأ ما بعدها مكسورة (إِنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ (109)) طبعاً حكاية هذه المذاهب عن القراء العشرة لم تكن مسندة وهذا ما جعل الاضطراب فيها واضح بين العلماء مع اختلاف.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: كيف لم تكن مسندة؟ يعني ليست محفوظة عنهم بالسند.
الشيخ محمود الشنقيطي: نعم ليست محفوظة عنهم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: إنما نسبت إليهم في الكتب.
الشيخ محمود الشنقيطي: نعم نسبت إليهم في الكتب وهذا سبب الاضطراب فيها، ولهذا من دقة الإمام ابن الجزري وتحريره في هذا المجال في هذا الموضع تحديداً موضع الوقف والابتداء ساق المذاهب ورواها عن القراء ثم لما جاء عند حمزة قال: وحمزة اتفقت الرواية عنه أنه كان يراعي النفس أو كلاماً قريب من هذا، ليدل القارئ على أن غير حمزة لم يتفق عنه الرواية في منهج وإنما اضطربت عنهم الرواية مثلاً تجد عاصم أحياناً يُحكى أنه كان يراعي حسن الوقف وحسن الابتداء ثم تجد في موضع آخر أنه كان يراعي رؤوس الآية، لكن ما دام منهج القراء العشرة ليس معروفاً على وجه التحديد ما العمل؟ طبعاً ربما يسأل سائل ما الفائدة أصلاً من أني أعرف كيف كان يقف حمزة أو نافع أو يعقوب أو أبو جعفر أو غيره؟ فنقول هذا السبب أو هذه الفائدة بيّنها الإمام ابن الجزري رحمه الله لما تكلم على وقوف القراء قال: ينبغي أن يُعرف لكل قارئ وقفه حتى يلتزم في قراءته، هذا معنى كلامه رحمه الله فإذا قرأت لحمزة تعرف كيف كان يقف حمزة حتى تلتزم بقواعد حمزة في الوقف وإذا قرأت لعاصم تفعل كذلك ولنافع ولكن ما دام لم يتضح لنا الآن منهج كل قارئ على وجه التحديد إلا حمزة مثلاً فيقال: إن العمل في مثل هذه الحالة أن يُرجع للقواعد العامة قواعد الوقف والابتداء التي وضعها العلماء لأسباب منها أن هذه القواعد حاكمة على الجميع لما حكاها ابن الأنباري وأبو جعفر النحاس وأبو العلاء الهمداني وغيرهم لم يبينوا مثلاً
الشيخ عبد الرحمن الشهري: اختصاص أحد القراء.
الشيخ محمود الشنقيطي: اختصاصهم بقراءة دون أخرى. الأمر الآخر أنها مبينة على الأعاريب والمعاني الموجودة في كتاب الله عز وجل والذين وضعوه هم القراء وإن لم يكونوا مشتهرين لكنها معتبرة ولهذا يحكي بعضهم إجماعاً عليها أحياناً تجد مثلاً العمّاني في “المُرشد” يحكي إجماع القراء على قبح الابتداء بـ(أنّ المفتوحة).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: العمّاني وإلا العُماني يا شيخ؟
الشيخ محمود الشنقيطي: اختلفوا في اسمه فبعضهم يقول العُماني أو العمّاني، الحاصل أنه يقول: لا أعرف موضعاً في القرآن أجازوا فيه الابتداء بأنه وأنه، فما دام أمر القواعد أصبح بهذه الشهرة إذاً تطبق هذه القواعد على قراءات الجميع بغض النظر عن منهجه أصلاً في موضوع الوقف والابتداء، لأن هذا يبقى اجتهاداً شخصياً له وليس ملزماً لغيره ممن يليه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: من كلام الشيخ محمود يا دكتور مساعد في قضية تحديد الوقوف التي يلتزم بها كل قارئ هل هناك مصنفات خصصت كل قارئ بتحديد وقوفه مثلاً حمزة كل الوقوف التي عند حمزة؟ أو أبي عمرو بن العلاء كل الوقوف التي عند أبو عمرو بن العلاء هل هناك كتب بهذه العنوان؟
الشيخ مساعد الطيار: لا أعرف كتب خاصة بهذه الطريقة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولا المفردات التي كانت مفردات حمزة، مفردات يعقوب.
الشيخ مساعد الطيار: لا، كل هذا في القراءات لكن الذي يمكن أن يقال هل يمكن استخراج
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وقوف كل قارئ.
الشيخ مساعد الطيار: وقوف كل قارئ من خلال ما نسب إليهم؟ ليس كلهم أيضاً بعض من ذكر مثل نافع يكاد يكون النحاس استوعب كثيراً من وقوفه وكذلك يعقوب.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: حدثنا يا دكتور مساعد عن المصنّفات في الوقف والابتداء القديمة، ما هو أقدم كتاب في الوقف والابتداء؟
الشيخ مساعد الطيار: أقدم كتاب وصل إلينا كتاب ابن سعدان وهو في قواعد في الوقف وليس
الشيخ عبد الرحمن الشهري: تتبع الوقف عند كل قارئ.
الشيخ مساعد الطيار: يمكن نقول أن الوقف مثل القراءات فيه أصول وفيه فَرْش.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ممتاز هذه معلومة مهمة.
الشيخ مساعد الطيار: نعم طريقة العلماء يذكرون الأصول ثم الفرش فكتاب ابن سعدان
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الأصول أشبه ما تكون بقواعد كما ذكر الشيخ محمود ولعلنا نأتي إلى القواعد.
الشيخ مساعد الطيار: نعم، فالقواعد هذه كتاب ابن سعدان هو في الحقيقة في القواعد وليس في فرشه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: مطبوع طبعاً الكتاب.
الشيخ مساعد الطيار: مطبوع نعم وهو أول مطبوع متقدم وإلا سُبِق بذلك.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: تذكر متى توفي ابن سعدان يا شيخ؟
الشيخ مساعد الطيار: ما أذكر.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: في المئتين، الثلاثمئة؟
الشيخ مساعد الطيار: هو في المئتين لكن ما أذكر بالضبط مئتين واثنين وثلاثين أو قريب منها.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما عنوان كتابه؟
الشيخ مساعد الطيار: “الوقف والابتداء”.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: كذا “الوقف والابتداء”.
الشيخ مساعد الطيار: نعم، طبعاً بعد ابن سعدان طبعاً اعتمد عليه كثيراً الذي هو تلميذه ابن الأنباري اعتمد كثيراً خصوصاً في الأصول.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: في كتابه “إيضاح الوقف والابتداء” هذا كتاب عظيم.
الشيخ مساعد الطيار: وطبعاً عظمته جاءت من مؤلفه ابن الأنباري. ابن الأنباري وضع مقدمة كبيرة جداً جداً صالحة للدارسة من جوانب متعددة سواء دراسة نحوية أو دراسة في أصول الوقف وقواعده وضوابطه أو كذلك دراسة في جوانب المعاني المرتبطة بهذه الوقوف الكلية التي ذكرها ثم أخذ من الفاتحة إلى الناس. عندنا أيضاً كتاب للنحّاس وهو كتاب عظيم جداً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أبو جعفر النحاس.
الشيخ مساعد الطيار: أبو جعفر النحاس توفي ثلاثمئة وثمانية وثلاثين وكتابه هذا
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ابن الأنباري ثلاثمئة وثلاث وعشرين توفي.
الشيخ مساعد الطيار: نعم، كتاب النحاس الحقيقة يعتبر مكنز لأقوال المتقدمين في الوقف والابتداء، طبعاً النحاس رحمه الله تعالى لم يعرِّف الوقوف.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الذي هو “القطع والائتناف” وهذا حققه الدكتور عبد الرحمن المطرودي.
الشيخ مساعد الطيار: قبله حققه أحمد خطاب عمر وهو أفضل الموجود الحقيقة، أيضاً طبع طبعة ثالثة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: مشكلة طبعة أحمد خطاب عمر أنها نادرة للأسف، أيضاً صورت مؤخراً.
الشيخ مساعد الطيار: هي نادرة ومشكلتها أيضاً مضغوطة جداً، والكتاب عموماً لا يزال بحاجة إلى عناية حتى قراءة النص في بعض المواطن ليست كثيرة، بعض المواطن فيها إشكال، لكن قيمة هذا الكتاب مع كونه لم يعرِّف بمصطلحاته أنه كما قلت مكنز لمجموعة من العلماء المتقدمين.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أقوالهم.
الشيخ مساعد الطيار: أقوالهم مثلاً وقوف نافع، وقوف يعقوب، وقوف نصير، وقوف أبي حاتم السجستاني، وقوفات متعددة لعلماء يحكيها وينص عليها.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وكتبهم فُقِدت للأسف.
الشيخ مساعد الطيار: بعض الذي ذكرها كتب مفقودة أو كثير منها مفقود.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني مثل أبو حاتم السجستاني له كتاب في الوقف والابتداء.
الشيخ مساعد الطيار: نعم سهل بن محمد له كتاب في الوقف والابتداء.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولكنه لم يوجد، لم يصل إلينا.
الشيخ مساعد الطيار: لم يصل إلينا وهو موجود في بطون الكتب وله أوقاف فيها غرابة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: نسبت إليه؟
الشيخ مساعد الطيار: لا، هي له محكية عنه وتوقف العلماء معها توقف أبو جعفر النحاس، وتوقف أيضاً ابن الأنباري معها، هذه أيضاً مواقف صالحة للدارسة، ولو كان فيه استدراكات على أبي حاتم السجستاني في كتابه “الوقوف”. يعني يمكن يقف الباحث على خمسة عشر وقفاً ويناقشها ويحللها ويعلل لها، هذا بحث ممكن يقال عنه بحث مصغّر يصلح يكون من بحوث الترقية. وعموماً كتابه الوقف والابتداء الذي هو “القطع والائتناف” أنا لا أستبعد كما قيل عن الطبري لما قال عنه تلميذه يستطيع الإنسان أن يُخرِج عشرين كتاباً من تفسير الطبري كتاب “القطع والائتناف للنحاس” أيضاً لا استبعد أنه يخرج عشرين بحث في هذا الكتاب لأنه مليء جداً جداً، يعني مليء بأفكار كثيرة بحثت جوانب منها ولكن لا يزال
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ومؤلفه من الأئمة الكبار له في معاني القرآن وله في إعرابه.
الشيخ مساعد الطيار: لو تتبع وقف كل واحد من هؤلاء الذين لا نجد كتبهم ودرست دراسة مستقلة سنجد عندنا جماعة من العلماء يمكن دراسة أوقافهم من خلال هذا الكتاب.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هل هناك مؤلفات أخرى يا شيخ محمود في هذا الباب الذي ذكره الشيخ؟ يعني الشيخ ذكر كتاب ابن سعدان وذكر كتاب “إيضاح الوقف والابتداء لابن الأنباري” توفّى ثلاثمئة وثلاث وعشرين، وذكرت كتاب “القطع والائتناف لأبي جعفر النحاس” المتوفى ثلاثمئة وثمانية وثلاثين.
الشيخ محمود الشنقيطي: من الجدير بالذكر حثّ القراء العشرة رحمهم الله تعالى ألّف غير واحد منهم في الوقف والابتداء إلا أن هذه الكتب وللأسف لم يصلنا منها شيء.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذه المشكلة.
الشيخ محمود الشنقيطي: نافع إمام المدينة ألّف كتاباً في الوقف والابتداء.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: متى توفي نافع يا شيخ محمود؟
الشيخ محمود الشنقيطي: توفي في القرن الأول.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: مئة وكذا.
الشيخ محمود الشنقيطي: نعم لكن لا يحضرني عام وفاته تحديداً، وخَلَف أيضاً له كتاب في الوقف والابتداء وأبو عمر حفص الدوري ألّف أيضاً في الوقف والابتداء، وهشام بن عمار ألّف، ويعقوب ألّف، وروح بن عبد المؤمن كله هؤلاء لهم تصانيف في الوقف والابتداء لكن لم يصلنا منها شيء اليوم يحقق أو ينظر فيه. من أهم الكتب أيضاً كتاب أبو العلاء الهمداني “المقاطع والمبادئ” عفواً “الهادي في معرفة المقاطع والمبادئ” وهذا كتاب نفيس جداً وللأسف
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لم يُطبع.
الشيخ محمود الشنقيطي: حقق قبل اثنين وعشرين سنة لكنه لا يزال حبيساً إلى اليوم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: من هو الذي حققه؟ الصقير؟
الشيخ مساعد الطيار: الصقير نعم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: قبل اثنين وعشرين سنة؟
الشيخ محمود الشنقيطي: ألف وأربعمئة وإحدى عشر.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: قديم والله.
الشيخ مساعد الطيار: جداً قديم.
الشيخ محمود الشنقيطي: وكتاب نفيس وقيم جداً.
الشيخ مساعد الطيار: وهو كتاب أيضاً ولله الحمد مقدمته له مقدمة واضح من خلال الكتاب وأنا كنت أذكر هذا وذكرت أنه ليس من الكتب التي لم يعرّف العالم مصطلحاته كنت ذكرت كتاب الهادي ولكن بعد ذلك بفترة استطاع بعض الباحثين أن يصل إلى مقدمة كتاب الهادي.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: المقدمة كاملة.
الشيخ مساعد الطيار: المقدمة كاملة وليست في علم الوقف والابتداء.
الشيخ محمود الشنقيطي: وفيها التعريفات.
الشيخ مساعد الطيار: وفيها التعريفات نعم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لعله يطبع إن شاء الله.
الشيخ مساعد الطيار: الأخ حسين المطيري في ملتقى أهل التفسير ذكر هذا وذكر أدلة عن قطعة موجودة عند الشيخ إبراهيم الدوسري حفظه الله والجميع، أن هذه القطعة هي في الحقيقة مقدمة كتاب الهادي وذكر أدلة لهذا ووعد قبل سنوات أيضاً أن يكمل هذه الدراسة لكنه انشغل ببحثه والآن انتهى لعله يعود لها مرة أخرى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بإذن الله، أنا لاحظت الحقيقة وأنتم تذكرون العلماء الذين ألّفوا في الوقف والابتداء من القراء أنهم نحويون أقصد أكثرهم من أهل النحو، ما تعلقيك على هذا يا شيخ محمود؟
الشيخ محمود الشنقيطي: طبعاً هو مبني أصل علم الوقف والابتداء قائم على النحو، لا ينفك عنه بحال. خصوصاً في هذا المجال تحديداً ولهذا لما نقول مثلاً أنه الأسلم لغير المتخصص أو القادر على النظر في الوقف والابتداء أن يلتزم وقوف المصاحف لأن الخلاف بين العلماء في موضع الوقف وموضع الوصل مبني على الأعاريب، ولهذا حتى في أثناء بحث العلماء تجد أحياناً نفس الموضع يجوز الوقف عليه على تقدير إعراب ويمنع على تقدير إعراب آخر.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يصير الإعراب مؤثر في هذا الوقف.
الشيخ محمود الشنقيطي: مثل الوقف على (كُنْ فَيَكُونُ).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: كيف يكون؟
الشيخ محمود الشنقيطي: كيف يُبنى وقف الواقف عليها؟ هل هي مثلاً مستأنفة فهو يكون كما يستشهدون على هذا بشاهد الحطيئة
الشعر صعب وطويل سلّمه إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه
زلّت به إلى الحضيض قدمه يريد أن يُعربه فيُعجمه
بتقدير فهو يُعجمه. فهؤلاء يقولون إذا وقف القارئ وكان يريد هذا التقدير “فهو يكون” صح له أن يقف قبلها وإن كان يريد أن الفاء للتعقيب فلا يصح له أن يقف. فهذا الموضع الآن موضع واحد وقراءة واحدة للجميع كما جاء عن ابن عامر ولكن الوقف فيها يختلف باختلاف التقدير النحوي ولهذا يقولون دائماً لا يقوم بالتمام وأشار إلى هذا أبو جعفر النحاس والداني وغيره لا يقوم بالتمام إلا نحوي. حتى قدّموا صفة النحوية على العلم بالقراءة قال: لا يقوم بالتمام إلا نحوي، عالمٌ بالقراءة، عالمٌ بالتفسير إلى آخره، فجعلوا النحو في المرتبة الأولى لأنه هو الركيزة الأساسية التي يبنى عليها التفاضل في الوقوف وأيضاً التعليل لها إذا مُنِع الوقف على موضع أو أوجب على موضع أو حسن على موضع كل هذا عائد إلى النحو.
الشيخ مساعد الطيار: وهذا ترى مجال كبير لما قلت لك هذا مجال كبير جداً جدا في البحث، يعني ممكن تبحث من خلال سورة، تبحث من خلال عالم وتقديراته النحوية، يعني ممكن تستخرج التقديرات النحوية لنُصير، مثلاً التقديرات النحوية لنافع، التقديرات النحوية من خلال الوقف، أو التقديرات النحوية
الشيخ عبد الرحمن الشهري: دراسة تطبيقية مفيدة جداً.
الشيخ مساعد الطيار: دارسة تطبيقية من خلال سورة، فنحن أمام موضوع واسع لكن على ذكر النحو أذكر قدّمت في الوقف والابتداء قدمتها مرتين.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: موجودة يا دكتور مساعد على النت؟
الشيخ مساعد الطيار: لا مع الأسف قديمة جداً. لكن كانت المعضلة إذا جاء النحو، فإذا جاء النحو وبدأت الأعاريب كأنك تتكلم بطلاسم وخصوصاً الطلاب الذين حولك فيه بعض التقديرات والأشياء وأحاول نأخذ أمثلة بسيطة وسهلة يسيرة لكن تجد أنك أمام مشكلة في الإعراب وكما هو معلوم طبعاً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: صدقت الناس يحتاجون تقوية في النحو.
الشيخ محمود الشنقيطي: وأيضاً من ثروة هذه المصادر في الوقف والابتداء أنها مواضع إعراب القرآن يعني ربما القارئ في كتاب من كتب الوقف والابتداء ككتاب ابن الأنباري أو أبو جعفر النحاس أو أبو العلاء الهمداني أنه يستخرج إعراب القرآن من هذا الكتاب. وربما يجد مثلاً ترجيحات في كتاب ما للخلاف النحوي في تقدير القراءات مثلاً وتوجيهها أو حتى في غير القراءات إعراب القرآن فيمكن أن يستخرج من هذه الموسوعات منهج مؤلف ما في إعراب القرآن أو اختياراته أو استدراكاته على من سبقه ففي الحقيقة هي كتب ثرية جداً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما رأيتكم ذكرتم كتاب “علل الوقوف للسجاوندي” ولا “المكتفى في الوقف والابتداء”؟
الشيخ مساعد الطيار: سنأتي إليه إن شاء الله أعطينا فرصة وأعطيك.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أعطيك.
الشيخ مساعد الطيار: كتاب “المكتفى” ووقع خلاف في اسمه وللداني كتاب آخر اسمه “الاكتفاء” وقع خلاف لكن المشهور الآن عندنا وطبع كتاب “المكتفى” وله أيضاً أكثر من طبعة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأظن أفضل طبعاته حققها يوسف المرعشلي.
الشيخ مساعد الطيار: يوسف المرعشلي نعم، الحقيقة اعتنى به عناية فائقة جداً جداً ورائعة، هذا كتاب يعتبر عمدة وكثير ممن جاء بعده اعتمد عليه، يعني اعتمد عليه
الشيخ عبد الرحمن الشهري: حتى أكثر اعتماداً من كتاب “إيضاح الوقف والابتداء”.
الشيخ مساعد الطيار: أكثر لأنه هو أصلاً استفاد من كتاب “إيضاح الوقف والابتداء”.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: توفي سنة أربعمئة وأربع وأربعين.
الشيخ مساعد الطيار: أربعمئة وأربع وأربعين وفاته سهل حفظها. كتاب “المكتفى” قام على تقسيم الوقف إلى أربعة أقسام لأن ابن الأنباري قسمها ثلاث أقسام.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: التي هي؟
الشيخ مساعد الطيار: الوقف التام والوقف الحسن والوقف القبيح.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا الداني.
الشيخ مساعد الطيار: لا، هذا ابن الأنباري.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: التام والحسن والقبيح.
الشيخ مساعد الطيار: مع أنه في أحد المواطن قال: التام والكافي والقبيح، لما جاء يعرِّف قال: التام والحسن والقبيح، والحسن عنده على مرتبتين من خلال الاستقراء لكتابه يظهر أن الحَسَن على مرتبتين: مرتبة الكافي التي تركها ومرتبة الحسن المعروفة عند من جاء بعده. جاء الداني وأخذ مصطلحات ابن الأنباري وقال: التام والكافي والحسن والقبيح ولهذا هو يقول: أعني ابن الأنباري يقول: حسن يريد كافياً لأنه كأنه تنبه إلى مسألة موجودة عند ابن الأنباري.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: تسمح تشرحها لنا يا دكتور يعني التام ما المقصود به؟
الشيخ مساعد الطيار: التام هو ما لا يتعلق بما بعده لا لفظاً ولا معنى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا التام.
الشيخ مساعد الطيار: انفصال تام، مثل في قوله سبحانه وتعالى (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا (42)) بعدها قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى) لو نظرنا الآن إلى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى) وعلاقتها بما قبلها من جهة الإعراب أو من جهة المعنى انفصال تام، إذاً انفصلت لفظي الإعرابي من جهة الإعراب والمعنى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا التام.
الشيخ مساعد الطيار: هذا التام، الكافي انفصلت من جهة اللفظ لكن لا يزال فيه ارتباط من جهة المعنى ومثل له بأمثلة كثيرة منها مثلاً (خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ) ثم تبتدئ (وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ) لو أنت قلت (وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ) هكذا وصلاً لا ابتداءً السامع يقول (وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ) جملة تامة لكنها مرتبطة بما قبلها المعنى لا يزال مرتبطاً فإذاً الوقف على (سَمْعِهِمْ) وقف كافي، لأن ما بعده يتعلق به من جهة المعنى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: من حيث المعنى أما من حيث اللفظ فهو (كلمة غير واضحة).
الشيخ مساعد الطيار: الحَسَن ما يحسن الوقف عليه لتمام معنى الجملة لكن لا يحسن الابتداء بما بعده فلاحظ الفرق الدقيق بينه وبين الكافي، يوافقه في حسن الوقف لكنه يخالفه في حسن الابتداء في التام والكافي يحسن ابتداء ما بعده.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا لا يحسن.
الشيخ مساعد الطيار: الحسن لا يحسن لماذا؟ لشدة ارتباط ما بعده بما قبله من جهة الإعراب مثلاً إذا قلنا (الْحَمْدُ لِلَّهِ) جملة كاملة لكن لا يصلح أن نقول (رَبِّ الْعَالَمِينَ).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: نبتدئ بـ (رَبِّ الْعَالَمِينَ).
الشيخ مساعد الطيار: لا نبتدئ بـ(رَبِّ الْعَالَمِينَ) فإذاً الوقف على (الْحَمْدُ لِلَّهِ) قالوا حسن والابتداء بـ (رَبِّ الْعَالَمِينَ) قبيح لارتباطه بما قبله من جهة الإعراب، ارتباط قوي واضح، هذا يسمى حسن. الوقف القبيح من خلال تطبيقاتهم ينقسم إلى قسمين:
- أن يوقف على لفظٍ فيدخل فيما قبله من جهة المعنى مثل لو وقف القارئ (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى) وقف على الموتى فكأنه أدخل الموتى في السماع،
- الثاني: فيما لو وقف على كلامٍ لم يتم ومن أسمع ما يذكر مثل لو وقف قارئ (إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ) ووقف لم يتم المعنى وهذا يعتبر من الأوقاف الشنيعة جداً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: إذا تعمّده.
الشيخ مساعد الطيار: طبعاً لها تفصيلات لكن المقصود كمثال.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بعضهم ينقطع نفسه يا شيخ.
الشيخ مساعد الطيار: انقطع معذور، لكن التعمد لا، فإذا المقصود أن هذه تقسيماتهم مبينة على اللفظ والمعنى وهناك تفصيلات في اللفظ والمعنى لعله يأتي الحديث عنها.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأنت في كتابك شرحت كل هذا
الشيخ مساعد الطيار: شرحت هذا.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأظن كتب التجويد أيضاً تذكر هذا.
الشيخ مساعد الطيار: صحيح.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا يخلو كتاب من كتب التجويد من النص والتعريف الوقف القبيح والوقف الحسن والتام إلى آخره، وهم يمثلون كثيراً على الوقوف القبيحة لعلك تذكر لنا مثالاً يا شيخ أنا كنت حضرت معكم يا شيخ محمود كان الدكتور إيهاب فكري يوم الخميس قبل أمس فقال بعضهم أحدهم وقف قال (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ) ثم يقف فهذا وقف قبيح أو مثلاً
الشيخ مساعد الطيار: لأنه لم يتم المعنى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم أو (قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ)
الشيخ مساعد الطيار: هذا غيّر المعنى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: غيّر المعنى تماماً.
الشيخ محمود الشنقيطي: ولهذا ممكن أيضاً يضاف إلى جانب القبيح ما يجتهد فيه بعض الناس يعني يريد.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الإغراب.
الشيخ محمود الشنقيطي: لا يريد الإغراب نحسن الظن به لكن يريد مثلاً أن يستخرج معنى.
الشيخ مساعد الطيار: يستملح شيئاً.
الشيخ محمود الشنقيطي: وقوف مستملح اليوم فتجد أحياناً فيها عجائب وغرائب مثل هذا لا ينبغي أن يتابع عليه حتى وإن كان الشخص مثلاً ذات صوتٍ ندي ومشهور إلا أن الاجتهاد في الوقف كما بيّنا سابقاً له أدوات معينة ومن أهمها موضوع
الشيخ عبد الرحمن الشهري: القواعد.
الشيخ محمود الشنقيطي: العلم بالنحو وقواعد الإعراب.
الشيخ مساعد الطيار: والمشكلة تقع إذا كان الحقيقة القارئ من أهل الاختصاص وهذه مشكلة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: فيُظنّ أن وقفه على علم.
الشيخ مساعد الطيار: نعم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: مثل ماذا يا شيخ؟
الشيخ محمود الشنقيطي: كقولهم مثلاً (الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3)) ثم إذا وصل قال (الْقَارِعَةُ (3) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4)) ويظن أنه بهذا الآن أنشأ مثلاً معنى جديداً وفي الحقيقة غاية في القبح لأنهما جملتان
الشيخ عبد الرحمن الشهري: منفصلتان.
الشيخ محمود الشنقيطي: جداً، جملتين منفصلتين تماماً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ومن أغربها أيضاً أذكر أحدهم اتصل وقال (فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ)
الشيخ مساعد الطيار: من القيلولة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: من القيلولة.
الشيخ مساعد الطيار: هذا خطأ شنيع.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم فقال ما رأيك في هذا الوقف؟ قلت: والله هذا ممنوع الوقوف في هذا المكان لأنه (فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24)) مرتبطة به، هذه مقول القول، فهذا أيضاً من نفس
الشيخ مساعد الطيار: الحقيقة الذي ذكره الشيخ محمود مهم جداً التنبيه عليه لأني لاحظت بعض أئمة الحرم يستخدم هذا ولا ينتبه إلى الخلل الذي يقع، يعني في مثل قوله سبحانه وتعالى (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) ثم يبدأ يقول (الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16)).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: فأصبحت لمن هذه
الشيخ مساعد الطيار: صار عندنا الآن ادّعاء أن الآية على وجهين: الوجه الأول (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) وهو الوجه المشهور، لكن إذا قال (الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16)) لمن هذه؟ ما موقعها من الإعراب؟ أو واحد آخر أذكر مرة كان ما شاء الله صوته ندي فصلّى بنا في سورة البروج فقال (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15)) ثم قال (الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (16)) طبعاً على قراءة الرفع، إذا كان (الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (16))، (ذُو الْعَرْشِ) ما موقعها من الاعراب؟ إذاً مرتبط بعضها ببعض فلا بد أن ينتبه الواقف إلى حسن الابتداء مرتبط بحسن الوقف لا يدخل هذا في هذا، هذا لا يكون إلا موضع التعانق وسنتحدث إن شاء الله عنه لكنه قليل جداً، ولا بد فيه من انضباط المعاني، المهم المعاني تنضبط. يعني إخلال بنظم القرآن، إخلال بعربية القرآن الذي هو إعرابه، ثم ادعاء أن هذا المعنى مقصود لله بهذه الطريقة التي قرأها، فالإخلال في الإعراب إذا قلنا (الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (16)) إذاً صار (الْمَجِيدُ) مبتدأ و(فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ) خبر وهذا لم يقل به أحد.
الشيخ محمود الشنقيطي: ولهذا أنا أضيف أن من القواعد المهمة لو تفطن هؤلاء لما ذكره المفسرون في قواعد التفسير أنه حتى إذا كان عندنا خلاف محكي عن العلماء في الآية وكان أحد القولين مبيناً على ظاهر الآية من غير تقدير، والآخر فيه تقدير على مبنى الآية الذي لدينا قالوا نقدّم ما لا زيادة فيه على نصها هذه قاعدة من قواعد التفسير أنه دائماً إذا اختلف المعنيان في الآية قُدِمَ المعنى المبني على نصّ الآية دون زيادة، دون ادعاء حذف مثلاً في الآية أو تقدير، وكل هذه الوقوف المستملحة اليوم هي مبنية.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: تخالف هذه القاعدة.
الشيخ محمود الشنقيطي: تخالف هذه القاعدة تماماً، لأن صاحبها لا بد أن يدّعي حذفاً موجوداً في الآية أو يزيد على المعنى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: سنتوقف مع قواعد الوقف والابتداء ولكن أستأذنكم نريحكم قليلاً وفاصل قصير أيها الإخوة المشاهدون ثم نكمل حديثنا إن شاء الله مع الشيخين الكريمين.
*.*.*.*.*.*.*.* فاصل *.*.*.*.*.*.*.*
إعلان جوال تفسير
*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*
الشيخ عبد الرحمن الشهري: حياكم الله أيها الإخوة المشاهدون الكرام مرة أخرى، ولا زال حديثنا متصلاً عن “أثر الوقف والابتداء في تفسير القرآن الكريم وفي القراءات” مع ضيفيَّ الكريمين الدكتور مساعد بن سليمان الطيار والشيخ محمود بن كابر الشنقيطي، حياكم الله مرة أخرى. كنا يا دكتور مساعد قبل الفاصل نتحدث عن بعض الوقوف التي يستحسنها بعض القراء فيجازفون بها وهي مخالفة لقواعد الوقف والابتداء لعلك تذكر لنا مثالاً آخر، ثم ندخل في القواعد.
الشيخ مساعد الطيار: الشيخ حفظه الله ذكر قاعدة وهي أن الأصل إذا ورد التقدير وعدم التقدير فالأولى عدم التقدير والبقاء على ظاهر النظم وهذه ذكرها في مثال من الأمثلة الموجودة عندنا في المصحف ذكرها أبو حيان الأندلسي في قوله (لَا رَيْبَ فِيهِ).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: في أول سورة البقرة.
الشيخ مساعد الطيار: في أول سورة البقرة فإن بعضهم ادعى الوقف التالي وصار بناء عليه التعانق الموجود (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ) ثم يقف، ثم يقول (فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)) فاعترض أبو حيان على هذا بهذه القاعدة التي ذكرها الشيخ لإنه يلزم منه تقدير “فيه” والمعنى واضح من دون تقدير فيه فلا يحتاج فيه إلى هذا التقدير وإذا صح اعتراض أبي حيان وهو صحيح فإن وقف التعانق هنا غير سديد، لأنه فيه إشكال من جهة الإعراب ومن جهة المعنى وأنا ذكرت هذا في الكتاب.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: مع أنه موجود في المصحف.
الشيخ مساعد الطيار: هو موجود لكن لو قلنا
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لو تشرح يا دكتور المقصود بالتعانق، أولاً رمز التعانق الموجود في المصحف ثلاث نقاط.
الشيخ مساعد الطيار: الذي هو ثلاث نقاط.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما فكرتها؟
الشيخ مساعد الطيار: الآن (لَا رَيْبَ) ثم تأتي ثلاث نقاط ثم (فِيهِ) ثم ثلاث نقاط، فالكلمة المتعانقة هي (فِيهِ) فالتعانق كأنه بمعنى الترابط فهي كأنها تربط الجملة هذه بالجملة التي بعدها.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني فكرة وقف التعانق يعني إذا إنك وقفت في واحد منها
الشيخ مساعد الطيار: لا تقف في الثاني. لا يصلح أن تقول (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ثم تقول (فِيهِ).
الشيخ مساعد الطيار: (فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)) هذا لا يصلح.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني توقف على واحدة منها.
الشيخ مساعد الطيار: على واحةد منها.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وإلا تصلها جميعاً.
الشيخ مساعد الطيار: فأي الوقفين أصح من جهة المعنى ومن جهة الإعراب تكلمنا فقط عن قاعدة الإعراب التي ذكرها الشيخ، من جهة الإعراب لا يصلح الوقف على (لَا رَيْبَ).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ).
الشيخ مساعد الطيار: لا يصلح، لماذا لا يصلح؟ لأنه يلزم منه التقدير.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أنت لو قدرت ستقدّر “فيه” أيضاً وهي موجودة.
الشيخ مساعد الطيار: نعم فهذه أحد أسباب ضعف هذا الوقف وهناك طبعاً أسباب أخرى ذكرتها الأربعة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا مستغرب كيف ينص عليها اللجنة مع كلامك؟
الشيخ مساعد الطيار: هو كما قلنا مبنى الوقف الاجتهاد، فمثل هذا قد يتولى اللجان هذه حتى هناك علماء نحو وغيرهم، لكن في النهاية مبناها الاجتهاد، والمسألة فيها سعة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: دعنا يا شيخ محمود عفواً نأخذ قواعد الوقف والابتداء كم عددها أول شيء، كثيرة؟
الشيخ محمود الشنقيطي: هي كثيرة جداً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: كثيرة جداً.
الشيخ محمود الشنقيطي: جداً ولهذا بعض المصنفين أفردها بباب، ابن الأنباري رحمه الله تعالى وضع لها باباً كاملاً سماه “باب ما لا يتم الوقف إلا عليه” وذكر فيها كل التعلّقات الإعرابية بين اللفظين مما لا تستسيغه العرب وعادة أن يفصل فيه للمتكلم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني هي قواعد نحوية.
الشيخ محمود الشنقيطي: هي قواعد نحوية صرفة ولهذا نقول الذي ليس على جانب من النحو يمكنه من الفهم أولاً ومن إتقان هذه القواعد وتطبيقها لا يمكن أن
الشيخ عبد الرحمن الشهري: دعنا نأخذ العشر قواعد الكبرى من قواعد الوقف والابتداء.
الشيخ محمود الشنقيطي: هي كلها كبرى هذا إشكال فيها. لكن من القواعد التي ذكروها جميعاً أنه لا يفصل بين الفعل والفاعل بوقف طبعاً كلامهم هذا فيما لا يتم الوقف إلا به هو الكلام على الاختيار فيه نواحي اضطرارية ليست داخلة في هذا الباب مثل ما أشرت إليه من انقطاع النفس أو البكاء أو السُعال أو غيرها أو الاختبار ربما يوقَف الطالب على موقف معين اختباراً له أو عند جمع القراءات أن يجمع القراء السبعة أو العشرة يصعب عليه في بعض المواضع أن لا يقف إلا وقفاً مثلاً حسناً أو تاماً فمثل هذا يُغتفر وأشار إلى ذلك العلماء.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بالنسبة للقراء العشرة أو السبعة كنا تحدثنا في الحلقة الماضية مع الدكتور أحمد السديس عن مقدمة في علم القراءات ذكرنا القراء وكذا فبعض المشاهدين قد تشكل عليه بعض المصطلحات فيعود إلى الحلقة الماضية موجودة على اليوتيوب، تفضل يا شيخ.
الشيخ محمود الشنقيطي: الحاصل أن هذه القواعد ما ذكروه من أنه لا يُفصل بين الفعل وفاعله بوقف مثل قول الله عز وجل (أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا) فمن وقف على قوله سبحانه وتعالى (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ) ثم ابتدأ فقال (الْكِتَابَ مُفَصَّلًا) فصل الفعل عن المفعول به وهذا مخالف لقاعدة القراء.
أيضاً من قواعدهم أنه لا يفصل بين جملة القول وقائلها مثل قول الله عز وجل مثلاً (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً) فلو قرأ قارئ وقال (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ) ثم ابتدأ فقال (أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً) فصل القول عن قائله،
ومن قواعدهم أيضاً أن الحال لا تفصل من صاحبها لا يفصل بين الحال وبين صاحبه مثل قول الله عز وجل.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (94)).
الشيخ محمود الشنقيطي: أو (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) وغير هذا كثير. فهي قواعد لا يمكن تحصر، لا يفصل بين المستثنى وبين المستثنى منه، النسق وما نُسق عليه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: العطف يعني.
الشيخ محمود الشنقيطي: نعم، وغير هذا كثير جداً.
الشيخ مساعد الطيار: ويذكرون عادة في الوقف ما يسمونه بالوقف القبيح يشيرون إلى هذه القواعد، هناك أيضاً نوع من القواعد استقرائية يمكن استقرائها واستخلاصها من تطبيقات العلماء.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: مثل ماذا يا شيخ؟
الشيخ مساعد الطيار: أذكر مرة أنك استدركت عليّ أذكرها لعلك تذكر استدراكها قلت مرة كل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فالوقف قبلها تام والابتداء بها تام فذكرت أنت مثالاً يأخذ بهذه القاعدة فاضطررنا أن نقول إلا على طريقة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الأغلبية.
الشيخ مساعد الطيار: ابن فارس في “الأفراد”.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما هو المثال وإلا ما تذكره؟
الشيخ مساعد الطيار: طبعاً (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) ذكرنا مثالاً، لا ما أذكر، ذكرنا مثالاً مثل الذي قبل قليل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى) هذا إذا جاء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فهو يمكن أن نقول أنه إشارة إلى التمام لكي نخلص من استدراكك أذكر في أحد اللقاءات كان فيه استدراكات. إنّ والفاء وأمثالها فيها أيضاً قواعد يعني مثلاً إنّ إذا جاءت في آخر الكلام هل هي للاستئناف أو هي للتأكيد؟ فهذه أيضاً والواو؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: مثلاً (وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ).
الشيخ مساعد الطيار: إنّ، أمثلة كثيرة. ومثل الآية المشهورة في نفس السورة (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34)) الواو هل هي استئنافية أو هي عاطفة؟ فإن كانت استئنافية قالوا إنه استدراك من الله سبحانه وتعالى على كلامها فيكون من كلام الله ابتداء وليس من كلامها أو هو من كلامها وحكاه الله سبحانه وتعالى عنها فتكون عاطفة فتقول أنهم يفعلون هذا وتؤكّده. فإذاً يمكن قصدي من ذلك أيضاً هذه إضافة لما ذكره الشيخ محمود لو أراد باحث أن يجمع قواعد الوقف يمكن أن يجمع المنصوص عليها عند العلماء
الشيخ عبد الرحمن الشهري: والمستخرج من كلامهم.
الشيخ مساعد الطيار: مثل ما ذكره ابن الأنباري والداني والمستخرج من كلامهم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لكن واضح يا دكتور محمود أن النحو مهم جداً في هذا الموضوع هو لب موضوع الوقف والابتداء.
الشيخ محمود الشنقيطي: هو ركيزة هذه القواعد لو سأل سائل من أين جاء علماء الوقف بهذه القواعد فيقال إنهم رجعوا إلى إلف العرب في سجية مثلاً نطقهم وكلامهم وما يستقبحونه عادة العرب حتى كانت عندها غيرة على كلامها العادي فضلاً عن الشعر أو الخطب أو القرآن بعد أن جاء الإسلام. ولهذا جاء عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه أنه سمع رجلاً يحادث رجلاً حتى الحديث ليس له رضي الله عنه فسأله عن ثوب أتبيعه؟ فقال الرجل: لا عافاك الله. يقصد أني لا أبيعه وعافاك الله.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ثم يقف.
الشيخ محمود الشنقيطي: لكن أبا بكر رضي الله تعالى عنه علّم الرجل قال: لقد علّمتم لو كنتم تعلمون قل: لا، وعافاك الله. فما داموا يطردون هذه القواعد في كلامهم العربي العادي فهو في القرآن من باب أولى ولهذا يقول يزيد في موضع مهم جداً يزيد بن معاوية: إياكم أن تجعلوا الفصل وصلاً فإنه أشد وأعيب في اللحن. إذا وصل الإنسان ما حقّه الفصل أو فصل ما حقّه الوصل أفسد على السامع معنى الكلام المتكلم به.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: مثل هذه اللفتات الجميلة تصلح يكتب بحث في الاحتساب اللغوي صح وإلا لا، مثل أبو بكر رضي الله عنه.
(تداخل حديث المشايخ فلم أستطيع تفريغه).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعود إلى علم البلاغة وعلم الوقف والابتداء يا شيخ محمود هل له علاقة بعلم البلاغة؟ نحن تحدثنا عن علم النحو وصِلَته واضحة جداً، علم البلاغة هل له علاقة في الوقف والابتداء؟
الشيخ محمود الشنقيطي: كذلك علم البلاغة له صلة وثيقة جداً بهذا العلم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: كيف ذلك يا شيخ؟
الشيخ محمود الشنقيطي: الغرض من علم الوقف والابتداء هو الحفاظ على المعاني وإيصالها إلى السامع كما أراد الله عز وجل. والحفاظ على هذه الألفاظ أن تُقرأ بطريقة تؤدي إلى معنى فيه لبس على السامع. والبلاغة في جميع أبوابها إنما أريد بها صيانة المعاني العربية وتجميلها وتحسينها. ومن أبواب البلاغة باب مهم جداً يسمى باب الفصل والوصل الذي أشرنا إليه في كلام يزيد هذا كان بعض علماء البلاغة يجعل العلم بالبلاغة مقصوراً على العلم بهذا الباب.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: في الفصل والوصل.
الشيخ محمود الشنقيطي: يقولون من حصّل الفصل والوصل فقد حاز البلاغة، قصروا علم البلاغة في هذا الباب لأهميته.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: مثل باب الحج عرفة.
الشيخ محمود الشنقيطي: نعم وهذا الباب حقيقة يبين المواضع التي يجب فيها الوصل والمواضع التي يجب فيها الفصل والمواضع التي يستحسن فيها، لهم فيها مذاهب والوقف والابتداء كذلك. إنما يبين للناس مواضع وجوب الفصل كما نسميه في الوقف اللازم ووجوب الوصل كما هو في الوقف الممنوع مثلاً والمواضع التي يُستحسن فيها الوصل كما هو في علامة “قلى” مثلاً والمواضع التي يستحسن فيها الوصل فتجد أن الغرض ذاته في باب الفصل والوصل هو غرض الكتابة والتأليف في علم الوقف والابتداء ولهذا عندنا أيضاً مثال تطبيقي قول الله عز وجل
الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم نريد أن نكثر من التطبيقات.
الشيخ محمود الشنقيطي: قول الله سبحانه وتعالى في سورة القصص (فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (36)) ثم قال الله عز وجل بعدها (وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى) هذه الآية الثانية قرأها الجمهور بإثبات الواو.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (وَقَالَ مُوسَى).
الشيخ محمود الشنقيطي: (وَقَالَ مُوسَى) وقرأ ابن كثير بحذفها فقال (قَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى) فتجد القراء في كتب الوقف والابتداء وإن كان بعضهم يجيز الوقف على رأس الآية للقرآءتين لكنهم يقولون الوصل في قراءة ابن كثير أحسن في قراءة الباقين. وبعضهم يقول إن الوصل جائز في قراءة الجمهور ويمتنع في قراءة ابن كثير لماذا؟ لأن توجيه قراءة الجمهور أن قول موسى (رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى) جاء في معرض الردّ على هذه الفرية العريضة التي رُمي بها فلما بهتوه بهذه الفرية بادرهم بالرد فقال (رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ). أما قراءة ابن كثير التي فيها حذف الواو فكثير من الموجهين تجده يقول كأنها استئناف كلام.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: طبعاً تنبيه يا شيخ محمود قد يكون بعض المشاهدين يظن أن قراءة ابن كثير هو ابن كثير صاحب التفسير صحح لهم المعلومة.
الشيخ محمود الشنقيطي: بينهما قريب من سبعة قرون.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ذاك عبد الله بن كثير المكي.
الشيخ محمود الشنقيطي: وهذا أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: متى توفي عبد الله بن كثير؟
الشيخ محمود الشنقيطي: في القرن الأول لكن لا تحضرني سنة وفاته.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني متقدم جداً.
الشيخ محمود الشنقيطي: نعم وهو من أهل مكة والآخر من أهل الشام. الحاصل أن قراءة ابن كثير التي فيها حذف الواو قالوا كأنها استئناف كلام هي من قول موسى لكن لم تكن في وقت رميه بهذه الفرية. ومن مواضع الوصل التي نصوا عليها أن تكون الجملة الثانية جواباً لسؤال تضمنته الجملة الأولى أو مباحثة فلهذا نجد الوصل في قراءة الجمهور أحسن منه في قراءة ابن كثير لأنها حُمِلت على أنها جواب لهذه الفرية ورد على المشركين.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا من الدقائق عناية العلماء. وهذا يفتح لي سؤالاً الحقيقة وهو هل يا ترى علماء أهل الكتاب في التوراة وفي الإنجيل لهم مثل هذا العلم الوقف والابتداء في كتبهم أم أنه مختص بالقرآن الكريم فقط؟
الشيخ مساعد الطيار: هو اختصاصه بالقرآن الكريم أولى لأنه تعرف هذه كتب ترجمت لكن لا نستطيع أن نتكلم عن الكتاب الأول كيف كان؟ الله أعلم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وإلا أصلاً يعتبر علم الوقف والابتداء الحقيقة هو من لوازم الكلام المفهوم العربي.
الشيخ مساعد الطيار: هذا صحيح وعموماً قد يقع أيضاً خلط في قضية الوصل حتى في الكتب العادية.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: صحيح علامات الترقيم تعينك
الشيخ مساعد الطيار: لو وضعت علامة الترقيم في غير مكانها قد يقع إشكال مثل كتاب تفسير أبي حيان الأندلسي أذكره كنموذج.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الذي هو؟
الشيخ مساعد الطيار: تفسير أبي حيان “البحر المحيط” طبع في إحدى عشر مجلد لكي لا نقول الدار ولا المحقق من أسوء ما رأيت في علامات الترقيم، ومرة وقفت اقرأ عبارة فاستغربت العبارة أعيدها أعيدها حتى لما حذفت علامة الفاصلة انفكّت المشكلة. لكن أؤكد أيضاً على الذي ذكره الشيخ محمود في قضية كون علم الوقف والابتداء هو علم الوصل والفصل ولهذا سموه الموصول والمفصول. أيضاً نقول للباحثين هذا مجال رحب جداً جداً مثل ما ذكرنا في النحو وأنا لا أذكر إلى الآن دراسات كثيرة هناك بعض الدراسات
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بلاغية دقيقة.
الشيخ مساعد الطيار: بلاغية مرتبطة بالوقف والابتداء وهذا من باب المسائل المشتركة بين العلوم وهي مهمة جداً فلو كان عندنا أحد البلاغيين له نَفَس في علوم القرآن
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني توجيه بلاغي للوقف والابتداء.
الشيخ مساعد الطيار: والشيخ لاحظنا مثاله مرتبط بالقراءات يعني لاحظ يكون عندنا قراءات ونحو وبلاغة ووقف وابتداء في مثال واحد متداخل.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: متداخلة جداً، لفت نظري حقيقة مسألة وهي الآن نعرف أن القرآن الكريم انتقل إلينا خاصة الذي كتب في عهد عثمان رضي الله عنه انتقل إلينا غير منقوط نقط إعجام ولا نقط إعراب فكيف انتقل إلينا علم الوقف والابتداء مع خلو القرآن أو المصحف من هذه العلامات؟
الشيخ مساعد الطيار: هو الأصل في القرآن أصلاً هو قضية التلقّي بالمشافهة حتى رؤوس الآي هي متلقاة بالمشافهة ثم بعد ذلك بدأت توضع
الشيخ عبد الرحمن الشهري: علامات.
الشيخ مساعد الطيار: علامات وإلا في المصحف الأول لم يكن لها علامات. فكل هذه العلوم المرتبطة بالقراءة أصلها التلقي والمشافهة. وأنا دائماً أركز على هذا الأمر في كونها كانت بالتلقّي والمشافهة لكي لا يُفهم أو يُظن أن المسلمين يأخذون القرآن من المصحف.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا لم يحصل أبداً.
الشيخ مساعد الطيار: لم يحصل ولهذا قال لا تأخذوا القرآن من مصحفيّ.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: حتى اليوم ترى.
الشيخ مساعد الطيار: حتى اليوم مع ضبطه إلا أنه لو قرأت من المصحف بدون ما يكون عندك خلفية أو تلقي تقع في أخطاء كثيرة جداً.
الشيخ محمود الشنقيطي: يقولون أيضاً إن هذا القرآن نزل بلسان عربي هذا فاستقرؤه رجلاً عربياً، هذا شائع جداً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: فاستقرؤه.
الشيخ محمود الشنقيطي: نعم ما قال مثلاً فاستكتبوه أو استمعوه إنما قال استقرؤه رجلاً عربياً لأنه لا سبيل إلى إتقانه وإيصاله الناس إلا بهذه الطريقة التي أنزله الله عز وجل بها على النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: خصيصة.
الشيخ مساعد الطيار: تأكيد هذا لاحظ المسائل المشتركة بين علم النحو وعلم القراءة التي ذكرها سيبويه في كتابه وهو أصل في هذا الباب.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: سيبويه له عناية بهذا؟
الشيخ مساعد الطيار: نعم له عناية بالكلام العربي، كان عندي محاضرة في نفس الباب مسائل التجويد التي ذكرها سيبويه في كتابه. فهو ذكر الروم والإشمام لو ذهبت تسأل نحوياً كيف الإشمام؟ كيف الروم؟ لا يستطيع أن يعطيك إياه بدقة مثل ما يعطيك المقرئ لماذا؟ لأن المقرئ تلقى بالمشافهة أما هذا النحوي أخذها من كتاب. تضعيف الحركة يصعب على النحوي إذا لم يكن متلقياً للقرآن يصعب عليه أن يضبط تضعيف الحركة لكن تأتي لمقرئ يعطيك تضعيف الحركة ما يسمى بالرَوْم بيسر وسهولة والإشمام مثل. إذاً هناك قضايا مرتبطة بالمشافهة لا يمكن أخذها من خلال المصحف.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: المصحف أو النظر في المصحف.
الشيخ محمود الشنقيطي: وكذلك في كلام عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما ربما يكون فيه جواب على هذا السؤال قال رضي الله عنه: لقد عشنا برهة من الدهر وأحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فيتعلم حلالها وحرامها وآمرها وزاجرها، ثم قال: وما ينبغي أن يقف عنده منها. فبعض العلماء ذكر أن هذه الجملة من كلام ابن عمر رضي الله عنه يراد بها تعلم الوقف والابتداء. وهذا يعطينا تصوراً دقيقاً لمنهجية الصحابة رضي الله عنهم في تلقي القرآن أنهم كانوا يجعلون هذه الأمور كلها في مرتبة واحدة من حيث الأهمية، تعلّم الأحكام الفقهية واستنباطها وتعلّم المواعظ والوقوف عند حدود الله عز وجل وتخويفه لعباده ورحمته وغير ذلك ثم مواضع الوقف والابتداء. وإن كان بعض أهل العلم حمل قول ابن عمر رضي الله تعالى عنه: وما ينبغي أن يقف عنده منها على أنه يراد به الحلال والحرام.
الشيخ مساعد الطيار: (كلمة غير واضحة) الحلال والحرام.
الشيخ محمود الشنقيطي: نعم مثل ما قال الشيخ لو كان يراد به الحلال والحرام لما كان لتكراره داعي.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأيضاً لعل هذا يؤيده قول ابن الجزري:
وبعد تجويدك للحروف لا بد من معرفة الوقوف
ويلزم من معرفة الوقوف معرفة الابتداء، أستأذنكم نرتاح قليلاً مع الشيخ فهد الجريوي يحدثنا عن جديد كتب الدراسات القرآنية خلال هذا الأسبوع، حياكم الله يا شيخ فهد.
الشيخ فهد الجريوي: الله يحييك يا شيخ عبد الرحمن.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أهلاً وسهلاً بك تفضل ماذا عندك هذا الأسبوع؟
الشيخ فهد الجريوي: في البداية أحيي شيخنا الجليل الشيخ مساعد وأحيي أخي العزيز الشيخ الأديب محمود وإطلالة مباركة يا شيخ محمود.
الشيخ محمود الشنقيطي: الله يبارك فيك ويجزاك خير يا شيخ فهد.
الشيخ فهد الجريوي: وأشكرك يا شيخ عبد الرحمن على هذه الاستضافة للشيخ ونتمنى أن تتكرر.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بإذن الله إن شاء الله.
الشيخ مساعد الطيار: بشرط إن شاء الله أن تكون أحد
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أنت إن شاء الله ستأتي معنا يوماً.
الشيخ فهد الجريوي: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الله يوفقك ومن يسمع.
الشيخ فهد الجريوي: الله يحفظكم.
الكتاب الأول يا شيخنا “المصاحف المنسوبة للصحابة والرد على الشبهات المثارة حولها” عرض ودراسة ، للشيخ محمد عبدالرحمن الطاسان، وهي رسالته للماجستير، وقد حازت هذه الرسالة على جائزة الرسالة العلمية المتميزة في الدراسات القرآنية في دورتها الخامسة، التي تقدمها الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه (تبيان). وانحصرت محاور الدراسة الرئيسة في ثلاث جهات:
الجهة الأولى: معنى نسبة هذه المصاحف المنسوبة للصحابة رضي الله عنهم وسبب وجودها وما محتواها.
والجهة الثانية: موقف الصحابة رضي الله عنهم من تلك المصاحف بعد جمع القرآن الذي أمر به عثمان رضي الله عنه.
والجهة الثالثة: رد الشبهات المثارة حول المصاحف المنسوبة للصحابة رضي الله عنهم وتفنيدها على أسس وأصول علمية. ومن أبرز الطوائف التي أثارت شبهاً حول مصاحف الصحابة كما هو معلوم الشيعة الاثنا عشرية والمستشرقون وبعض أقباط النصارى وأصحاب القراءة المعاصرة والجديدة للقرآن كنصر حامد أبو زيد ومحمد أركون وغيرهم.
وبالمناسبة ومن باب أن الإنسان لا يحقر من المعروف شيئاً أن هذا الباحث يقول الباحث في مقدمته: انقدح في ذهني بعد قراءتي لكتاب الشيخ مساعد الطيار “مقالات في علوم القرآن والتفسير” وأصلاً أصلاً هذا الكتاب مقال كتبه الشيخ مساعد في ملتقى أهل التفسير وأظن أنه لم يُلقى في روع الشيخ مساعد حين كتابته هذه المقالات أنه سيخرج منها مثلاً رسالة أو رسائل علمية وعلى كل ليست هذه بأول بركات الملتقى وفق الله أهله والقائمين عليه.
الكتاب الثاني “جهود الحافظ ابن عبد البر في التفسير” جمع وتوثيق محمد الصوفي، وقد أشرف على الرسالة وقدّم لها فضيلة الدكتور الشاهد البوشيخي، وذكر الأستاذ محمد الصوفي في مقدمته سبب عدوله عن تسمية كتابه “تفسير الحافظ ابن عبد البر” حيث ذكر أن من العلماء من له كتب مستقلة في التفسير لكنه تعذر الحصول عليها فيقوم بعض الباحثين بجمع ما عثروا عليه منها منثوراً في طيات المؤلفات ثم ترتيبه بحسب السور والآيات في المصحف ومن ذلك مثلاً ” تفسير سعيد ابن جبير للدكتور العمراني” و”تفسير الإمام مالك لحميد الأحمر” و”تفسير الإمام الغزالي للدكتور محمد الريحاني” وكذلك “تفسير ابن خويز للدكتور عبد القادر محجوبي”. أم القسم الثاني فهناك علماء كانوا فحولاً في علوم الشريعة لكن لم يُعرف لهم كتاب في تفسير القرآن مع شهرتهم في تخصص آخر غير التفسير. فالكتب التي تجمع تفسير هؤلاء يمكن أن يصطلح عليها بنظرات أو جهود العلماء في التفسير وهذا الكتاب من هذا القسم ولذا سماه “جهود الحافظ ابن عبد البر في التفسير” والكتاب جاء في قسمين:
القسم الأول: الحافظ ابن عبد البر المفسر، وقد أتى في فصلين:
الفصل الأول: واقع التفسير في الأندلس على عهد ابن عبد البر ومدى إسهامه فيه.
والفصل الثاني: منهج الحافظ ابن عبد البر في التفسير.
أما القسم الثاني وهو لب الكتاب: نصوص التفسير في مؤلفات الحافظ ابن عبد البر المطبوعة جمع وتوثيق.
الكتاب الثالث هو بعنوان “الفكر الأصولي بالأندلس في القرن الثامن الهجري وإسهام ابن جزي الغرناطي فيه” للدكتور منير بودشيش والكتاب كما لا يخفى على شريف علمكم في أصول الفقه لكن كما تعلمون أن لابن جزي تفسيره المعروف “التسهيل لعلوم التنزيل” والكتاب تحدث عن الجانب الأصولي في هذا التفسير وغيره من كتب ابن جزي فالكتاب مفيد لمن له عناية بمناهج المفسرين.
الكتاب الرابع وأختم به “تسع أسرار لحفظ القرآن الكريم” للأستاذ مجدي عبيد ومعه سي دي يحتوي على دورة بعنوان “أيسر وأسرع الطرق لحفظ القرآن الكريم” وفكرة الكتاب تقوم على حفظ القرآن الكريم باستخدام نظرية التعلم الحديثة وقبل أن أذكر أو أختم هذه الفقرة نقول إن طرق حفظ القرآن الكريم والتأليف فيها قد تكون نضجت وربما احترقت فالكتب المؤلفة فيها كثيرة فمن ذلك مثلاً كتاب “حقق حلمك في حفظ القرآن الكريم” للدكتور عبد الله الملحم وكتاب “كيف تحفظ القرآن الكريم” للدكتور عبد الرب نواب الدين وكتاب “عون الرحمن في حفظ القرآن” لأبي ذر القلموني ومن أجود الكتب المؤلفة في هذا الباب كتاب الدكتور يحيى الغوثاني بعنوان “كيف تحفظ القرآن الكريم قواعد أساسية وطرق عملية” وقد ألقاها الدكتور في دورات على مستوى العالم الإسلامي وخرجت في أشرطة مسموعة. وكذلك كتاب “طريقة حفظ القرآن الكريم عند الشناقطة لأخينا في الملتقى إبراهيم الحسني الشنقيطي” فأقصد أن الحافظ الجديد لا ينشغل بتتبع الطرق والكتب الجديدة والإغراق في ذلك عن العزم والبدء في حفظ كتاب الله وتعجبني كلمة لابن العربي المالكي رحمه الله حيث قال: إن إبليس حين لم يستطع أن يُشغِل الناس عن القرآن شغلهم به عنه. نسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق للجميع.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الله يكتب أجرك يا شيخ فهد شكراً جزيلاً لك.
الشيخ فهد الجريوي: حياكم الله.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: شكراً جزيلاً لك يا شيخ فهد الجريوي عضو ملتقى أهل التفسير كان معنا ويتحدث عن الجديد في كتب الدراسات القرآنية. ولعلنا امتداداً عن الحديث عن الكتب يا دكتور مساعد لم تحدثنا عن كتاب ابن طيفور السجاوندي حتى الآن وأظنه من الكتب العمدة في هذا.
الشيخ مساعد الطيار: لا شك، ابن طيفور السجاوندي توفي سنة خمس مئة وستين وابتدع تقسيماً جديداً غير التقسيم الذي سار عليه جمهور العلماء من الوقف التام والكافي والحسن وجزء منها ذكرها الشيخ في بداية الحلقة. فهو قال: الوقف اللازم وعرّفه فيما لو وصل طرفاه لغيّر المرام وشنّع معنى الكلام، والوقف المطلق هو الذي يصلح الابتداء بما بعده، والوقف المجوّز لوجه والوقف الجائز المستوي الطرفين والوقف المرخّص ضرورة وهذا إذا طال طالت مقاطع الكلام، وما لا يوقف عليه هو لم يسميه لكن قال وما لا يوقف عليه ثم ذكر الذي يقال عنه الوقف القبيح، هذه وقوفه ستة أوقاف. وسبحان الله من قدر الله أن هذه الأوقاف اعتنى بها الأحناف فاعتنى بها علماء القارة الهندية وكانت موجودة في مصاحفهم من قديم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: السجاوندي من أين يا شيخ مساعد؟
الشيخ مساعد الطيار: والله لا أعرف الآن السجاوندي عموماً هي في ما وراء النهر وهو حنفي وأيضاً علماء الأتراك في الدولة العثمانية اعتنوا به.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: فانتشر.
الشيخ مساعد الطيار: فانتشر خصوصاً مع انتشار الدولة العثمانية وكانت حنفية فانتشرت هذه الوقوف وانتشرت المصاحف وأيضاً طبع في العراق بعض الطبعات قديمة أيضاً طبعت في المطابع الحديثة بوقوف السجاوندي. القارة الهندية لا تعرف إلا وقوف السجاوندي والمغاربة لا يعرفون إلا وقوف الهبطي.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لعله نتحدث عنه بعده.
الشيخ مساعد الطيار: نعم. وبداية الطباعة في مصر استفاد الحسيني
الشيخ عبد الرحمن الشهري: محمد بن خلف الحسيني.
الشيخ مساعد الطيار: نعم استفاد من وقوف السجاوندي وذكر وقف “صلى” و”قلى” مع الوقف الجائز وترك المجوز لوجه هو لم يتركه لكنه هو في الحقيقة “صلى” وترك المرخص ضرورة فلو وازنا بين وقوف الحسيني ووقوف السجاوندي سنجد أنه فقط زاد عندنا “قلى” وبتتبعي لكتاب السجاوندي وجدت أن “قلى” و”صلى” موجودة في تطبيقات السجاوندي أما “صلى” فهو المجوز لوجه يستوي تعريف المجوز لوجه و”صلى”. والوقف الأولى أشار إليه في بعض التطبيقات، والوقف الجائز هو نفسه والوقف اللازم نفسه ووقف التعانق هذا أيضاً موجود في تطبيقاته عند السجاوندي في بعض المواطن وموجود عند المتقدمين أيضاً يسمى وقف المراقبة وغيره.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: السجاوندي ألم يعتمد على من سبقه من المؤلفين؟
الشيخ مساعد الطيار: لا، لم يعتمد ابتدع طريقة جديدة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لم تصله وإلا كيف؟
الشيخ مساعد الطيار: يذكرها ذكر بعض الكتب لكنه ابتدع طريقة جديدة وذكر بعض أشياخه لكن لم نقف على كتبهم هل هم سبقوه وأضاف إليهم أما ماذا؟ الله أعلم لكن إلى ما وصلنا الآن نقول أنه ابتدع هذه الطريقة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: مبتكرة.
الشيخ مساعد الطيار: نعم مبتكرة وصار أيضاً كتب شرحته وكتب انتقدته.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هل برأيك يا دكتور مساعد هل أضاف شيء بهذه التقسيمات أو مجرد توعير لطريق الوقف والابتداء؟
الشيخ مساعد الطيار: هو الحقيقة أضاف أضاف ولكن بالفعل هو نوع من زيادة في مواطن لا يحتاج إليها، فيه تكلّف في أنواع الوقف وأيضاً تكلف في مواطنها. فالوقف اللازم عنده كثير جداً ولهذا الحسيني ثم أيضاً مصحف المدينة النبوية بدأوا يهذبون هذه الوقوف لكن يمكن نقول إن مصاحف المشارقة التي اعتمدت على المصحف المصري والمصحف الحسيني يسمى الملك فؤاد أصولها هي وقوف السجاوندي من أراد أن يعرف علل مصحف المدينة النبوية أو المصحف المصري أو من تبعها يقرأ في كتاب “الوقف والابتداء” هذا أحد أسمائه طُبِع باسم “الوقف والابتداء للسجاوندي” ويسمى ” الوقف والابتداء الكبير” لأن له أيضاً صغير طبعاً الصغير جرده من العلل والكبير فيه علل.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: حققه الدكتور العيدي.
الشيخ مساعد الطيار: العيدي نعم، وهو أحد الكتب التي شرحت فيها وقوفها ومصطلحاتها في الرسالة. فهذا الكتاب مهم أن يكون بين يدي القارئ ليعرف أحيانا ما هو سبب الوقف وهو أيضاً صالح هذا الكتاب فيه جملة من المباحث التي يمكن أيضاً أن يصنع منها دراسة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يا شيخ محمود ذكر الشيخ كتاب الهبطي أو وقوف الهبطي حدثنا عنه.
الشيخ محمود الشنقيطي: هذا الكتاب لأحد علماء المغرب وضع فيه وقوفاً في القرآن موزعة على آيات القرآن مثل باقي المصنفين واشتهر عند المغاربة جداً والتزموه في إقرائهم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني نزلوا وقوفه على المصحف.
الشيخ محمود الشنقيطي: والتزموها التزاماً حرفياً بل فيه مبالغة أحياناً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هم أهل المغرب ما شاء الله التزموا مذهب مالك وخلاص أيضاً قراءة ورش وهذا جيد من جانب.
الشيخ محمود الشنقيطي: لكن الالتزام أحياناً ربما يزيد إلى درجة أن بعضهم حرّم مثلاً أن يُقرأ القرآن بغير وقوف الهبطي فيرون مثلاً الوقف على مواضع لم يحددها أو زيادتها أو حذفها نوع من الإخلال بالأداء القرآني وأنا أحب أن أضيف إلى كلام الشيخ بالنسبة لما زاده السجاوندي
الشيخ عبد الرحمن الشهري: مع أن عليه مستدركات.
الشيخ محمود الشنقيطي: نعم جداً. كل كتب الوقف والابتداء غالباً لا تخلو ولهذا تجد المصنف في بداية الكتاب أو المقدمة عند ذكره للمصطلحات وكذا يقعد قواعد ثم إذا جئت لناحية التطبيقية تجده
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يخالفها.
الشيخ محمود الشنقيطي: يخالفها كثيراً فيجعل مثلاً الفصل بين القَسَم والمُقسَم عليه غير جائز في القرآن ثم إذا جاء أحياناً في بعض فواتح السور نسي هذه القاعدة التي قعدها في أول الكتاب. وأحياناً يمنع اتصال الجملتين بالعطف يقول إن الجملة الثانية دائماً تكون شبيهة بالاستئناف وبالتالي فيجوز الوقف على الأولى دون أن يصلها القارئ بما يليها، ثم إذا جاء إلى بعض المواضع أوجب الوصل بين الجملتين لأجل العطف ويرجع إلى القاعدة العامة أنه لا يفصل بين النسق وما نسق عليه وهكذا. لكن أنا أحب أن أضيف إلى ما ذكره فضيلة الشيخ حول ابتداع السجاوندي لبعض المصطلحات أن هذا أمر كان موجوداً عند غير واحد ومنهم أيضاً الجعبري في كتابه “وصف الاهتداء” خرج عن المألوف في تقسيم الوقف والابتداء فكان له مصطلح خاص به، التام عند الجمهور سماه هو الكامل ثم جاء بنوع آخر سماه الوقف التام والعجيب أن التام عند الجعبري هو ما كان الوقف فيه على التوابع دون ما يتبعه يعني يجعل الوقف على المعطوف دون المعطوف عليه تاماً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: غريب هذا.
الشيخ محمود الشنقيطي: وعلى التوكيد دون المؤكد تاماً وعلى البدل دون المبدل منه تاماً وهذا كثير في كتابه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأين التمام في الموضوع؟!
الشيخ محمود الشنقيطي: فالإشكال في قضية الاصطلاح وضع المصطلح أحياناً ربما يكون فيه نوع إشكال.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يكون المصطلح خاص بالمؤلِّف.
الشيخ محمود الشنقيطي: خاص بالمؤلف ومن الخلل المنهجي.
الشيخ مساعد الطيار: مقدمته صعبة جداً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الذي هو الجعبري.
الشيخ مساعد الطيار: الجعبري نعم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما عنوان كتابه عفواً؟
الشيخ محمود الشنقيطي: اسمه “وصف الاهتداء في معرفة الوقف والابتداء”.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما هو مطبوع.
الشيخ محمود الشنقيطي: لا حقق رسالة علمية في جامعة الإمام وطبع حققه الدكتور نواف الحارثي، لكن أنا أقول من الخلل المنهجي أحياناً أن يأخذ القارئ أو الباحث جملة من القرآن الكريم ثم يجري بحث مقارنة بين علماء الوقف والابتداء فيجد هذا يقول أنه وقف تام وهذا يقول أنه جائز وهذا يقول أنه حسن ويرجح هو مثلاً أنه كافي أو حسن. وينبغي عند إجراء مثل هذه النوعية من البحوث أن يميز الباحث بين مصطلحات كل قارئ يعني أنا لما أخرج مثلاً بوقف تام عند الجعبري ووقف تام عند ابن الأنباري ووقف مرخص للضرورة عند السجاوندي فلا ينبغي أن انتصب بينهم حَكَماً لمعرفة أي هذه الألقاب أصلح للآية لأن كلاً منهم له منهجه الخاص في قضية الحكم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: على الوقف.
الشيخ محمود الشنقيطي: على الوقف ولهذا لا ينبغي أن تجرى المقارنات إلا بين المتفقين في اصطلاحاتهم مثل ابن الجزري والداني الآن متفقون تماماً في تقسيم الوقف إلى تام وكافي وحسن وجائز فهذا ما فيه إشكال أن تجرى بينهم موازنة في أقوالهم. أما إذا كان المؤلفان مختلفان في اصطلاح الوقف فلا ينبغي أن تجرى بينهم دراسة مقارنة إلا إذا كان أحدهم يسمي وقف الآخر باسم آخر والمصطلح واحد.
الشيخ مساعد الطيار: ولهذا وقع خلل في بعض كتب التجويد المعاصرة ومنها كتاب شيخنا عطية قابل نصر.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: “غاية المريد”.
الشيخ مساعد الطيار: نعم “غاية المريد” أراد أن يوازن بين أوقاف المصحف والوقف التام والكافي والحسن فقال الوقف اللازم (ميم) هو الوقف التام وهذا فيه خلل كبير جداً جداً وهي نفس المشكلة هذه أوقاف لها مسار وهذه أوقاف لها مسار مختلف ليس بينهما أي تقاطع أبداً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يبدو لي أولاً كما تقدم معكم في أول الحلقة أن الالتزام بالوقوف الموجودة في المصحف هذا الأسلم والأفضل ولا سيما في بداية التعليم حتى يصل الواحد إلى مثل مرحلتكم وأنتم علماء كبار الآن ثم يجتهد رأيه أما أنه يبدأ في الاجتهاد وهو ما زال في بداية تعلم القراءة أن أعتقد أن هذه مجازفة أليس كذلك؟
الشيخ مساعد الطيار: صحيح لا شك.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما رأيتكم ذكرتم -لم يبقى معنا إلا دقيقتين ربما- كتاب “معالم الاهتداء في الوقف والابتداء” للأشموني أظن.
الشيخ مساعد الطيار: لا، الأشموني.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: له كتاب.
الشيخ مساعد الطيار: “منار الهدى” هو الحقيقة “منار الهدى” ميزته أنه جمع بين وقوف السجاوندي وعلله وبين وقوف الآخرين التام والكافي والحسن والصالح والمجوز لوجه والبيان لأنه هذا أيضاً في موضوع مصطلحاته وتعددها كبير جداً لكن وهو يجمع لم يربط بطريقة المعاصرين التي ذكرناها وإنما كان يقول ينص على وقف كذا أو هو ميم ويذكر علته لكن ما يجعل أن هذا مقابل لهذا (كلمة غير واضحة) وهو كتاب نفيس.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الكتب المعاصرة الآن في الوقف والابتداء هل هناك كتاب تنصحون به يعني جمع الوقوف كلها وبين اصطلاحاتها مرتبة على حسب المصحف؟
الشيخ مساعد الطيار: أنا أعرف ولعل الشيخ اطلع عليها غيرها أعرف كتاب الشيخ الحصري “معالم الاهتداء” كتاب لتعلم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وراعى دقة المصطلحات.
الشيخ مساعد الطيار: نعم لتعلم أصول هذا العلم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بشكل سهل وميسر.
الشيخ مساعد الطيار: واضح جداً يكاد يكون مدرسي.
الشيخ محمود الشنقيطي: ولأخينا أيضاً الشيخ جمال القرش عناية بباب الوقف تحديداً فله عدة رسائل الوقف اللازم وغيره ينصح بالرجوع إليها لأنه اعتمد فيها على طريقة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: التسهيل.
الشيخ محمود الشنقيطي: عندنا أيضاً كتاب شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله وهو “المقصد لتلخيص ما في المرشد” ولخّص فيه كتاب العُماني أو العمّاني الذي هو “المرشد” وطبعاً كتاب “المرشد” حقق في رسالة علمية في جامعة أم القرى ولا يزال أيضاً حبيساً مع الأسف حتى اليوم مع أنه كتاب نفيس جداً ومن القلائل الذين كانوا يسردون أقوال العلماء في الوقف وينقدونها ويرجّحون.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: العُماني متقدم.
الشيخ محمود الشنقيطي: متقدم نعم، لكنه يمتاز عن غيره بقضية إجراء دراسات المقارنة في الوقف والابتداء وكتابه لا يزال إلى الآن لم يطبع.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الحقيقة أنا استفدت كثيراً من هذه الحلقة وأشكركم كثيراً عليها وربما أنا أكثر استفادة من المشاهدين. وأخذنا فكرة رائعة جداً عن كتب الوقف والابتداء تعريفها نشأتها أثرها في القراءات وأثره في التفسير وأعتقد أن تطبيقاتها لو أردنا أن نطبق لكانت أخذت وقتاً أوسع. وأعتقد أنه لو يسر الله في المستقبل وأجرينا بعض الدراسات التطبيقية من خلال بعض اللوحات الالكترونية ستكون أكثر وضوحاً للإخوة المشاهدين. في ختام هذه الحلقة الحقيقة أشكركم يا دكتور مساعد شكراً كثيراً، الدكتور مساعد بن سليمان الطيار الأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود ورئيس المجلس العلمي بمركز تفسير للدراسات القرآنية، كما أشكر فضيلة الشيخ محمود بن كابر الشنقيطي المحاضِر بقسم الدراسات القرآنية بكلية المعلمين والمشرف في ملتقى أهل التفسير شكر الله لك يا شيخ محمود.
الشيخ محمود الشنقيطي: الله يبارك فيك ويجزاك خير.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأرجو أن تكون إن شاء الله استمتعت بهذه الحلقة حتى على أمل إن شاء الله الإكمال في حلقات قادمة.
الشيخ محمود الشنقيطي: إن شاء الله.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأنتم أيها الإخوة المشاهدون شكر الله لكم متابعتكم وأسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا وإياكم بهذا العلم وأن يجعلنا وإياكم من أهل القرآن المخلصين وأن ينصر إخواننا المجاهدين في الشام وأن يفرِّج عنهم قريباً بإذن الله تعالى حتى ألقاكم إن شاء الله في الأسبوع القادم وأنتم على خير أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.