برنامج أضواء القرآن

أضواء القرآن – الحلقة 5 – الوحي والمسائل المتصلة به

اسلاميات

الحلقة الخامسة:

عنوان الحلقة: الوحي والمسائل المتصلة به والشبهات المثارة حوله .

 

ضيوف الحلقة :

د. مساعد بن سليمان الطيار، الأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود .

ويدير اللقاء د. عبدالرحمن بن معاضة الشهري.

محاور الحلقة:

  • المحور الأول: تحرير معنى الوحي وأنواعه
  • المحور الثاني: كيفيات تلقي الوحي

———————————–

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أيها الإخوة المشاهدون الكرام في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا وسهلًا بكم في برنامجكم الأسبوعي “أضواء القرآن”. اليوم، بإذن الله تعالى سوف نتوقف مع مسألة مهمة من مسائل علوم القرآن وهي موضوع الوحي وكيف تلقّى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الوحي وكيف كان عليه الصلاة والسلام يستقبل جبريل عليه الصلاة والسلام وهو يتلقى هذا القرآن العظيم من جبريل عليه الصلاة والسلام. سوف نعود بكم إن شاء الله إلى تلك اللحظة التاريخية في تاريخ البشرية وهي لحظة لقاء جبريل عليه السلام مع نبينا محمد عليه الصلاة والسلام في غار حراء لأول مرة وكيف تلقّى النبي صلى الله عليه وسلم الوحي بعد ذلك على مدار ثلاث وعشرين سنة من بعثته عليه الصلاة والسلام. باسمكم جميعًا أيها الإخوة المشاهدون يسعدني أن أرحب في هذا اللقاء بضيفي الكريم في هذا اللقاء فضيلة شيخي الدكتور مساعد بن سليمان الطيار رئيس المجلس العلمي بمركز تفسير للدراسات القرآنية والأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود الإسلامية، فحياكم الله يا دكتور مساعد.

د. مساعد بن سليمان الطيار: وحياكم الله

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: ويسعدنا أن نتلقى إتصالاتكم وأسئلتكم على هاتف البرنامج الذي يظهر على الشاشة وعبر موقع البرنامج على الفايسبوك والتويتر وسوف نجيب عنها بإذن الله تعالى في أثناء هذا اللقاء مع ضيفنا الكريم.

نبدأ يا دكتور مساعد في موضوع تعريف الوحي، المقصود بالوحي في اللغة ثم في الاصطلاح الشرعي ثم نتدرج إن شاء الله في مسائل هذا الموضوع. دعنا نبدأ بتعريف الوحي.

د. مساعد بن سليمان الطيار: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين. موضوع الوحي كما ذكر بعض أهل اللغة أنه يرجع إلى ثلاثة أصول التي هي الإعلام والسرعة والخفاء. والأزهري في “تهذيب اللغة” ذكر أن أصل الوحي في اللغة كلها “إعلام في خفاء” ولهذا بعضهم قد يعترض على إدخال السرعة وهناك من اعترض عليه لكنه أُخذ من الحالات التي تقع للوحي وأغلب حالات الوحي يكون فيها سرعة وكذلك فيها الخفاء وهي في الحقيقة إعلام. لكن حينما يأتي التعريف الإصطلاحي قد يأخذ بعض هذه المعاني اللغوية ويذكرها في الاصطلاح. في الاصطلاح أو ما ورد من كيفيات للوحي في الشرع يمكن أن نجمعها بطريقة مثل ما ذكر الزهري رحمه الله تعالى لما ذكر تعريفاً كبيراً جداً عاماً لأنواع الوحي ويمكن أن نختصرها من خلال المعنى اللغوي وأذكر أني ذكرت هذا في كتابي “المحرر في علوم القرآن” اجتهاد في عبارة جامعة للتعريف الاصطلاحي للوحي: “إعلام الله لنبي من أنبيائه بكيفية معينة بنبوّته وما يتبعها من أوامر ونواهي وأخبار“. فاختير من الألفاظ الثلاثة اللفظ العام الذي هو الإعلام، بكيفية معينة هذه يدخل فيها قضية الخفاء، قضية الأنواع التي تكون في الوحي وهذا الإعلام قد يكون بنبوته وقد يأتي بعد النبوة بأوامر ونواهي وأخبار، وهذا تعريف شامل في نظري لتعريف الوحي أو ما هو الوحي.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: نحن نقول الآن للمشاهدين أن أيّ إعلام فيه خفاء وفيه سرعة يقال له وحياً ولذلك الله سبحانه وتعالى ذكر (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا (112) الأنعام) سمى الوسوسة وحياً لأن فيها خفاء وفيها سرعة وفيه إعلام، هذا في التعريف اللغوي. أما التعريف الإصطلاحي قلنا أنه “إعلام من الله سبحانه وتعالى لنبي من أنبيائه بنبوته وما يتبعها من أوامر ونواهي بكيفية مخصوصة” وهذه سوف تأتي معنا. الآن نحن نتحدث بالوحي ونقصد به الوحي بالقرآن الكريم لأننا نحن في برنامج “أضواء القرآن” فحديثنا عن الوحي بالقرآن الكريم على وجه الخصوص. والقرآن الكريم ورد فيه الحديث عن الوحي في مواطن كثيرة كقوله سبحانه وتعالى (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا (7) الشورى) (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163) النساء) وقال في سورة يونس (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ (2) يونس) وأيضاً في قوله (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) يوسف) فهي كلمة ترددت كثيراً في القرآن الكريم. لكن ورد الوحي أيضاً في القرآن لمعانٍ غير معنى الوحي بالنبوة وهنا أمثلة (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11) مريم) أي أشار إليهم إشارة خفيّة سريعة وأيضاً في قوله (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) النحل) يعني ألهمها يسمى الإلهام وحياً، وأيضاً في قوله تعالى في سورة الزلزلة (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5)) ألهمها وأيضاً في قوله (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ (121) الأنعام) يوسوسون لهم تسمى أيضاً وحياً، وكذلك في قوله (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا (112) الأنعام) هذا هو ما يتعلق بالتعريف اللغوي ومعنى الوحي في اللغة وفي الاصطلاح إعلام من الله سبحانه وتعالى لنبي من أنبيائه بنبوته وما يتبعها من أوامر ونواهي بكيفية مخصوصة وستأتي معنا كيفية الوحي

د. مساعد بن سليمان الطيار: أهم شيء في تعريف الوحي اللغوي أو الاصطلاحي هي معرفة مسألة الإعلام أن الأصل في الوحي هو الإعلام من الله إلى البشر أو الإعلام من الله إلى غير البشر مثل ما ذكرت (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ)

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: نعود إلى كيفية تلقي الوحي، الآن نحن تحدثنا عن تعريفه، كثير من المشاهدين ينتظر منا أن نبيّن له كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو بشر يتلقى القرآن الكريم والوحي من جبريل عليه السلام والمعروف أن جبريل عليه الصلاة والسلام ملك من أعظم الملائكة إن لم يكن هو أعظم الملائكة، فكيف تلقّى النبي صلى الله عليه وسلم الوحي؟

د. مساعد بن سليمان الطيار: أول لقاء بين جبريل عليه السلام والنبي صلى الله عليه وسلم كان في غار حراء كما هو معلوم ونزل بأول خمس آيات من سورة العلق، في هذا اللقاء لم ينصّ النبي صلى الله عليه وسلم على هيئة جبريل هل كان جبريل بصورته الملكية أو كان بصورة بشرية وهذه فيها مجال لأخذ والعطاء لكن الذي يبدو إذا نظرت إلى حدث الوحي كأن هيئة جبريل الملكية هي التي أدخلت الفزع على الرسول صلى الله عليه وسلم لما جاءه هذا الشيء فجأه ولم يكن يعرفه قبل بخلاف لو كان إنسياً قد يكون الأمر أخفّ لكن حالة الفزع التي تحدث عنها النبي صلهم كأنها تشير إلى أن جبريل عليه السلام جاءه بصورته الملكية لكن ليس هناك إلى الآن لا أعرف أن هناك حسماً لهذا الموضوع نقطع به جازماً لكن من الإشارات التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: الحديث حديث بدء الوحي

د. مساعد بن سليمان الطيار: قبل حديث بدء الوحي حديث الحارث ابن هشام[1] لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم كيف يأتيك الوحي؟ فأشار إلى أنه يأتيه مثل صلصلة الجرس وهو أشدّ عليّ ثم يفصم فأعي ما يقول. والثاني أن يأتيه بصورة بشرية يأتيه بصورة رجل فيفهم منه عليه الصلاة والسلام وكان كثيراً ما يأتيه بصورة دحية الكلبي. هذا الحديث الآن لما سأل الحارث بن هشام كيف يأتيك الوحي؟ الكلام إذن مخصوص بالوحي الذي يتلقاه النبي عليه الصلاة والسلام من جهة القرآن وإلا صور الوحي كثيرة ولو كان المراد كيف يأتيك الوحي عموماً لذكر النبي صلى الله عليه وسلم جميع الصور وإنما تخصيص هاتين الصورتين إشعارٌ بأن المراد كيف يأتيك القرآن؟ فما دام يأتيه بهاتين الصورتين هذا يردنا إلى بدء الوحي كيف كان؟ هل كان بالصورة الملكية أو كان بالصورة البشرية؟

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: وهذا يدعونا إلى أن نذكِّر بحديث بدء الوحي[2] وهو أن عائشة رضي الله عنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم حدّثها ذكر لها أنه كان صلى الله عليه وسلم يتحنث في غار حراء الليالي ذوات العدد وينقطع عليه الصلاة والسلام في غار حراء يتعبّد لربّه حتى جاءه جبريل عليه الصلاة والسلام بقوله سبحانه وتعالى “إقرأ باسم ربك الذي خلق” وأنه قال له جبريل: إقرأ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما أنا بقارئ، فغطّه قال أخذني فغطّني حتى بلغ مني الجهد

د. مساعد بن سليمان الطيار: يعني ضمّني

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: نعم، ضمّني ضمة شديدة وكرر عليه الطلب مرة أخرى إقرأ فقال ما أنا بقارئ. بعض الناس يفهم (ما أنا بقارئ) يعني أنا لن اقرأ، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم يعاند ويقول أنا لن اقرأ ولكن الصحيح أنه يعني أنا لا أحسن القرآءة لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعلاً هو لا يُحسِن القرآءة ولا الكتابة (وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) العنكبوت). قال: فغطّني الثالثة ثم أرسلني قال: (إقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق) الآيات الخمس. هذه اللحظة هي اللحظة الأولى في تاريخ هذا القرآن العظيم الذي نتحدث عنه والذي نتفيؤ ظلاله اليوم، كانت تلك اللحظة الأولى التي بدأ بها الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم يتتابع. النبي صلى الله عليه وسلم ما كان ينتظر هذه اللحظة وما كان يخطر على باله أنه سيأتيه وحي وما كان يترقّب نبوة أبداً. ولذلك البعض الذين يقولون أن الوحي رياضة نفسية وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتدّرب

د. مساعد بن سليمان الطيار: هذا كلام بعض غُلاة المتصوفة والفلاسفة الذين يدّعون مثل هذه الدعوى.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: لعلنا نتوقف دكتور مساعد إن شاء الله معها، لكن دعنا نأخذ الاستطلاع نشاهده ثم نعود إليكم.

إستطلاع حول موضوع الحلقة

أسئلة الإستطلاع:

  • ما الفرق بين الوحي لغة والوحي في المفهوم الشرعي
  • ما هي أنواع الوحي؟

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: مرحباً بكم أيها الإخوة المشاهدون بعد أن شاهدنا هذا الاستطلاع الذي أخذنا فيه آراء بعض طلابنا في الجامعة وهي تدل على معرفة طيبة لطلابنا بهذه المسائل المتعلقة بالقرآن الكريم ولعلك دكتور مساعد ما تعليقك؟

د. مساعد بن سليمان الطيار: من حيث العموم جيدة، المعلومات لا بأس بها أحياناً بعض الاستطلاعات تجد النتيجة 10% لكن ما شاء الله معلومات جيدة

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: لاحظت أن بعضهم يخلط بين المعنى اللغوي والمعنى الإصطلاحي

د. مساعد بن سليمان الطيار: أنتم تفاجئونهم بالسؤال لكن لو فكّر وقدر ربما يُخرج شيئاً أحسن من هذا

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: ولعلنا من خلال هذا البرنامج وأمثاله نجعل مثل هذه الأشياء التي هي متخصصة إلى حد ما نجعلها ثقافة لكل مسلم يعني يعرف معنى الوحي لغة واصطلاحاً، كيف نزل الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم؟ لأن البعض قد يشاهد بعض القنوات أو يدخل على بعض المواقع على الانترنت فيشككونه بالوحي ويشككون يقولون القرآن الكريم ليس من الله وإنما هو من محمد أو من نصراني كان يعمل في مكة أو من بحيرى الراهب وهذه لا بد أن نناقشها وأن نردّ عليها. وأشكر الإخوة الذين شاركوا بهذا الاستطلاع والأخ الذي أعدّ لنا هذا التقرير.

كيفية تلقي الوحي: ذكر أحد الشباب خلال التقرير الآية التي هي آية هذا الباب وهي الآية 51 في سورة الشورى (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) فهذه الآية تبين لنا الطرق التي يوحي بها الله للأنبياء، حدّثنا عن هذه الطرق دكتور.

د. مساعد بن سليمان الطيار: أنا حقيقة عملت لها جدولاً شاركت في وضع جدول لها يسميه شيخ الإسلام ابن تيمية التكليم العام، يفرّق بين التكليم الخاص والتكليم العام. التكليم العام من خلال هذه الاية قُسِّم إلى ثلاثة أقسام:

(وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا) هذا النوع الأول، الوحي قد يكون في اليقظة وقد يكون في المنام ويمكن أن يقال عنه الإلهام الذي يمكن أن يقع في اليقظة أو في المنام. وهذا النوع التي يقع في اليقظة قد يقع للنبي وقد يقع لغيره من البشر وقد يقع على غير البشر مثل ما ذكرت في بداية الحلقة: للنحل، وللجبال، وللسماء (وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا (12) فصلت) ولغير البشر (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى (7) القصص) وللنبي وهذه واضحة، فهذا الإلهام الذي يقع سواء كان في اليقظة أو في المنام هو يحصل للبشر وأما غير البشر فلا علاقة لهم بالمنام لكن للبشر يحصل للأنبياء ويحصل لغير الأنبياء قضية المنام وأيضاً في اليقظة يحصل للأنبياء وغير الأنبياء ويقع الإلهام لغير البشر، هذا القسم الأول الوحي.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: الوحي في الآية (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا) وحياً أي إلهاماً الوحي هنا بمعنى الإلهام

د. مساعد بن سليمان الطيار: صار بمعنى خاص.

النوع الثاني: (أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ) مثل تكلم موسى عليه السلام وهو أشهر من وقع له ذلك وقبله آدم أيضاً عليه الصلاة والسلام وكذلك تكليم محمد صلى الله عليه وسلم لما صُعِد عُرج به إلى السماء كلمه الله سبحانه وتعالى من وراء حجاب قال نور أنّى أراه، كان حجابه النور سبحانه وتعالى.

النوع الثالث هو إرسال الرسول، والرسول قد يأتي بالصورة الملكية وقد يأتي بالصورة البشرية والصورة البشرية قد تكون للنبي أو لغير النبي مثل ما تمثل لمريم (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) مريم) أو غيره من الملائكة قد يتمثلون أيضاً للبشر كما هو ثابت في الأثر. وقد يقع بالقذف في الروع “إن روح القدس قذف في روعي” فهذه تقريباً أقسام الكلام الذي ذكره الله سبحانه وتعالى،

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: تكليم الله العام.

د. مساعد بن سليمان الطيار: التكليم العام ولهذا قد يكون بين التكليم والوحي عموم وخصوص فمثلاً نقول من الوحي تكليم الله لعباده ونحن نقول من التكليم الوحي فإذن بينهما خصوص، فإذا كنا نقول الوحي على أنه الأمر العام كما نحن نسير عليه الآن في التقسيم سيدخل التكليم على أنه قسم من أقسام الوحي، لكن الآية جعلت هذا الوحي الذي تكلم عنه قسماً من أقسام تكليم الله فهناك تكليم عام وتكليم خاص، التكليم الخاص يكون مباشر بين الله وعباده من وراء حجاب والتكليم العام إما يكون بواسطة جبريل أو عن طريق الإلهام، فإذا عكسنا في الوحي سيكون عندنا أيضاً الوحي الخاص لأنبيائه والوحي العام لغيرهم من البشر أو غيرهم من المخلوقات

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: إذن هذه كيفية وحي الله إلى البشر أو إلى غيرهم وهذا التكليم العام. تأتي مسألة وهي الملك المختصّ بالوحي جبريل عليه الصلاة والسلام هذا هو الثابت المشهور هل هناك أحد من الملائكة كان يقوم بهذه المهمة أن يكون رسولاً بين الله وبين أنبيائه؟

د. مساعد بن سليمان الطيار: الوحي فيما يبدو من الآثار وحيان وحي خاص بالشرائع وهذا مختص به جبريل وهناك وحي عام بإخبارات أو غيرها هذا قد يدخل فيه غير جبريل مثل “إن الله أرسل في مدرجة رجل ذهب يزور أخاً له في الله ملك” ولم يُذكر أنه جبريل أو غيره، ومثل هذا من باب الإخبارات. أو جبريل لما ذكره صلى الله عليه وسلم أنه نزل وميكائيل نزل يبشره بخواتيم سورة البقرة أنه كنز من عند الله، قد يحصل أما الشرائع فإنما تكون من طريق جبريل

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: الشيخ محمد عبده رحمه الله عرّف الوحي تعريفاً غريباً وقال: أن الوحي هو عبارة عن عرفان يجده النبي في نفسه كما يجد الجوع ويجد العطش ولا يملك إلا تصديقه ولا يشكّ في صدقه. طبعاً هذا الكلام بغير دليل لأن حديث هذه الأشياء عندما تتحدث عن كيفية تلقي الوحي لا يوجد أدلة فيها وهذه سنتحدث عنها الآن في قضية كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يتلقى الوحي من كلام النبي صلى الله عليه وسلم نفسه، فما تعليقك على كلام محمد عبده؟

د. مساعد بن سليمان الطيار: قبل هذا لماذا يتكلم محمد عبده بهذه الطريقة؟ وهذه فيما يبدو هي أثر من آثار ضغط الحضارة الغربية على المسلمين خاصة حضارة مادية فاجتهد بعض الباحثين وعلماء المسلمين في تلك الفترة وإلى الآن يحتهدون في محاولة تقريب الصور الروحانية أو الصور المرتبطة بالاعتقاد الغيبي يقربونها بصور محسوسة مادية أو أشياء محسوسة وهذا فيه خطأ لأنه يورث مثل هذا التعريف الغريب الذي فيه خلل كبير جداً، ولهذا قوله أنه “عرفان” النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على حاله أول ما تلقى الوحي هذا الأمر، ولم يكن مستقبلاً له ولا كان متهيئاً له بل فجأه الوحي ولو كان بالفعل يجده في نفسه هو لم يعرف هذا إلا بعد أمارات ظهرت له أنه بالفعل رسول من الله سبحانه وتعالى وإلا في أول الأمر نزل من الغار وهو يرتجف ويرتعد وذهب إلى خديجة ويقول زملوني زملوني، لو كان بالفعل يترقب أو يجده ضرورياً في نفسه ما حصل منه هذا الشيء ولاستقبله دون استغراب

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: وأيضاً من الأشياء التي تؤكد هذا أنه لم يتأكد له أن الذي جاءه ملك حتى ذهب إلى ورقة بن نوفل وورقة بن نوفل ابن عم خديجة بنت خويلد رضي الله عنه كان نصرانياً وكان عنده خبرة بنبوة عيسى ونبوة موسى وكيف جاءتهم، رجل مثقف فلما وصف له النبي صلى الله عليه وسلم ما حدث له في غار حراء قال له: هذا الناموس الذي أنزل على موسى، نفس المواصفات ونفس الصفات، موسى لما تلقى الوحي لأنه ملك واحد. فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بأي حال من الأحوال يترقب هذه النبوة حتى جاءه جبريل مرة أخرى وثالثة ورابعة وتتابع الوحي بعد ذلك.

عندي مسالة أخرى وهي كيفية نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة رضي الله عنهم كانوا يريدون أن يتعرفوا كيف تتلقى الوحي يا رسول الله؟ هم يأتيهم في الصباح فيقول أوحي إليّ كذا وبعضهم كان قريباً منه وهو يوحي إليه. يمكن تقسيم هذا يا دكتور مساعد وأنا وضعت هذه الدوائر إن ضح التعبير وهي أنه يمكن أن ننظر إلى الوحي من أربع زوايا:

  • الزاوية الأولى هي الزاوية التي يصف فيها النبي صلى الله عليه وسلم كيف يتلقى الوحي عندما سأله الحارث بن هشام: يا رسول الله كيف يأتيك الوحي؟ فشبهه بصلصلة الجرس.
  • والزاوية الثانية هي الزاوية التي يصف فيها المقرّبون من النبي صلى الله عليه وسلم الوحي، الحارث بن هشام وصف، عمر بن الخطاب، عبد الله ابن مسعود بعض الصحابة كانوا يشاهدونه وهو ينزل عليه الوحي
  • الزاوية الثالثة هي كيف يصفه المعارضون؟
  • الزاوية الرابعة: ما هي حقيقة هذا الوحي فعلاً؟

دعنا نأخذها واحدة واحدة يا أبا عبد الملك، الزاوية الأولى وهي كيف يصفه الرسول نفسه؟

د. مساعد بن سليمان الطيار: الرسول صلى الله عليه وسلم كان واضحاً في حديث الحارث بن هشام أنه شبهه بصلصلة الجرس فمعنى ذلك الرسول صلهم وهو يتلقى الوحي ويسمعه من جبريل سماعاً حقيقياً ولكن مع هذا السماع يحس بأن الصوت الذي ياتي مثل صلصلة الجرس، الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يقرِّب لهم ذلك الحدث الغيبي فهذه الكيفية التي وصف بها النبي صلى الله عليه وسلم تلقيه الذي إذا كان الملك بطبيعته الملكية. أما إذا كان بطبيعته البشرية فلا، لذا قال “فيفصم عني” ولاحظ قوله “يفصم” يدل على أنه في شدة قوية كأنه نزع عنه قال فأعي ما يقول. قال سبحانه وتعالى (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) القيامة) ما إن ينزع عنه جبريل عليه السلام إلا ويكون النبي صلى الله عليه وسلم قد حفظ كل ما سمعه من جبريل. بما أنك ذكرت كلام محمد عبده هناك أيضاً مشكلة في نفس الموضوع ذكرها ابن خلدون في “المقدمة” وهو يتكلم عن تلقي الوحي من النبي صلى الله عليه وسلم. قال وهو يتكلم عن أنصاف الروحانيات: وصنف مفطور على الانسلاخ من البشرية جملة جُسمانيّها وروحانيّها إلى الملكية من الأفق الأعلى لتصير في لمحة من اللمحات ملكاً بالفعل ويحصل له جهود الملأ الأعلى في أفقهم وسماع الكلام النفساني والخطاب الإلهي في تلك اللمحة (طبعاً الكلام النفساني معروف على رأي الأشاعرة) وهؤلاء هم الأنبياء صلوات الله عليه جعل الله لهم الإنسلاخ من البشرية في تلك اللمحة وهي حالة الوحي فِطرةً فطرهم الله عليها وجبِّلّة صوّرهم فيها ونزّههم عن موانع البَدَن وعوائقه ما داموا ملابسين لها بالبشرية بما ركّب في غرائزهم من العِصمة والاستقامة التي يُحالون بها تلك الوجهة وركّز في طبائعهم رغبةً في العبادة، إلى آخر كلامه، وكرر هذا الكلام مرتين هذا في الطبعة الأخيرة في الصفحة 176 وسبق أن طرحه في صفحة 173 نفس الفكرة مما يدل على أنها فكرة موجودة عنده قال: فوجب بذلك أن يكون استعداداً للإنسلاخ من البشرية إلى الملائكية لتصير بالفعل من جنس الملائكة وقتاً من الأوقات وبلمحة من اللمحات وذلك بعد أن تكمل ذاتها الروحانية بالفعل إلى آخر كلامه فيما ذكر. فهو كأنما يرى أن النبي عليه الصلاة والسلام حينما يتلقى الوحي كأنه ينسلخ من الحالة البشرية ويكون في حالة ملكية

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: ما الدليل؟

د. مساعد بن سليمان الطيار: لا دليل على ذلك. ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم ما ذكره من قريب ولا بعيد ولا ذكره الذين شاهدوا التنزيل وأخبروا عن حاله صلى الله عليه وسلم فأنا أستغرب الكلام من ابن خلدون وكنت أتمنى لو كان معنا د. عبد الله القرني لعله يكون عنده بصر بهل هناك أصول فلسفية انطلق منها ابن خلدون أو هل الكلام الذي ذكره ابن خلدون هل له صورة فلسفية منطلق منها أم لا؟ لأن هذا الكلام أيضاً موجود عند صاحب “مناهل العرفان”

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: عبد العظيم الزرقاني

د. مساعد بن سليمان الطيار: وانتشر في بعض علوم القرآن المعاصرة وهذا لا دليل عليه البتّة بل لو كان النبي صلى الله عليه وسلم يترقّى من حالة بشرية إلى حالة ملكية ما صار هذا الذي يحصل له والجهد الذي يحصل له أبداً كان يكون هناك نوع من التتناسب لكن كون جبريل بملائكيته والنبي صلى الله عليه وسلم ببشريته هو الذي يوجد هذا الجهد الذي يحصل للنبي صلى الله عليه وسلم حالة تلقي الوحي.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: فتح الله عليك. لعلنا إن شاء الله نواصل الجديث عن هذه الكيفيات التي كان يتلقى بها النبي صلى الله عليه وسلم الوحي، لكن لدينا فاصل تقرير ثنأخذه ثم نكمل حوارنا مع د. مساعد.

*.*.*.*.*.*.*.*فاصل*.*.*.*.*.*.*.*

في قوله تعالى (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ (51) العنكبوت) فائدة ذكرها المفسرون وهي أن القرآن معجزة في كونه يتلى على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتلوه على الناس من غير نسيان أو تحريف وأكثر انتفاع العالمين به مقرون بتلاوته وسماعه. إن القرآن هو المعجزة الوحيدة من معجزات الأنبياء التي بقيت بعد وفاة صاحبها صلى الله عليه وسلم ظاهرة قائمة لقرون متتالية كثيرة لأنها معجزة تُتلى وتبلغ آفاق العالمين وليست مشاهَدةً لبعض العصور أو الأقوام دون غيرهم كعصا موسى وطبّ عيسى وناقة صالح وجنود سليمان إن القرآن موصوف بأنه يُتلى وهذه إشارة إلى أنه معجزة علنية يجهر بها أهله في كل زمان ومكان فتصل مسامع المؤمن والكافر حتى يتحقق بها البلاغ المبين لكل العالمين.

*.*.*.*.*.*.*.*

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: حيّاكم الله أيها الأخوة المشاهدون مرة أخرى ولا زال حديثنا متصلاً مع ضيفنا مساعد الطيار حول الوحي والمسائل المتصلة به وبعض الشبهات المثارة حوله. هناك يا دكتور مساعد من يقول نحن تحدثنا عن الوحي الآن الوحي يعني حالة لا تحدث إلا للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، إنقطع الوحي بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم أليس كذلك؟

د. مساعد بن سليمان الطيار: هذا صحيح.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: الوحي إنقطع بموت النبي صلى الله عليه وسلم ولم يوحى إلى أحد بعده وجبريل هو الذي كان ينزل عليه بالوحي، هذه هي حقيقة الوحي، نحن عندما نريد أن نتحدث عن الوحي كما نفعل الآن نحن نتحدث من خلال الآثار التي وردتنا فعندما يأتي شخص ويجتهد في أنه يفلسف مسألة الوحي ويقول والله هذا عرفان هذه حاجة يشعر بها النبي في نفسه مثل ما يشعر بالجوع أو العطش إذا ما فيه دليل نردّها وهي باطلة جملة وتفصيلاً

د. مساعد بن سليمان الطيار: هذا صحيح.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: فهنا من يقول أذكر قرأت لبعض المستشرقين والمستشرقون بالمناسبة يتكلمون عن الوحي وهم خارج منظومة الدين الإسلامي كه.

د. مساعد بن سليمان الطيار: هذا صحيح.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: فبعضهم ينظر إلى الوحي ويقول أن هذا أشبه ما يكون بمرض الصَرَع، يعني هذه حالة صَرَع كان يصاب بها محمد ونحن نقول عليه الصلاة والسلام فعندما يصحو ويفيق من هذه النوبة فإنه يتكلم بهذا الكلا .

د. مساعد بن سليمان الطيار: عندنا “تاريخ القرآن” لنولدكه

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: تكلم بها نولدكه في كتابه “تاريخ القرآن”

د. مساعد بن سليمان الطيار: إي نعم “تاريخ القرآن” ونفس القضية في الفكرة هنا يقول: جوهر النبي يقوم على تشبع روحه بفكرة دينية ما، تسيطر عليه أخيراً، فيتراءى له أنه مدفوع بقوة إلهية ليبلِّغ من حوله من الناس تلك الفكرة على أنها حقيقة آتية من الله. ويرى في النهاية أن هذا مفهوم النبوة عنده. ولهذا لما ذكرت قضية الصرع طبعاً هناك تكلم عن موضوع أو مفهوم الوحي في أكثر من موطن ولكنه مضطرب في موضوع الوحي كما أنه مضطرب في غيره إنما ذكرت أنت قضية نقول مهم جداً إذا كان الحديث مع مثل هؤلاء المستشرقين والسؤال أولاً هل هو يؤمن أصلاً بالنبوات أو هو من ملاحدة المستشرقين أو الذين حتى لا يعتبرون اليهودية ولا النصرانية لأنهم هم ينقسمون قسمين، فإذا كان يعتبر النصرانية واليهودية فهنا سيقع في مأزق وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأتي ببدعٍ من الأمر بل هو في طريقة تلقي الوحي هو نفس ما هو موجود عند اليهود والنصارى، فإذا كنت تؤمن بنزول الوحي ونبوة هؤلاء الأنبياء فما الذي يجعلك تنكر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم؟! فهذا فارق مهم أو قضية مهمة جداً فيما يتعلق بمناقشة هؤلاء المستشرقين. فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يأتي ببدعٍ إنما هو موجود بكتبهم. والقضية الثانية في نفس الموضوع أن النبي صلى الله عليه وسلم تنبّأ وبقي في دعوته ثلاث وعشرين سنة وصار له أتباع كثر إلى اليوم ولو كان كاذباً في ادعاءه الوحي لما تركه الله وأنتم عندكم في كتابكم أن الأنبياء الكذبة يأخذهم الله سبحانه وتعالى ويعاقبهم فهذا مات معززاً مكرمًا.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: دعني يا دكتور الآن في مسألة بدايات تلقي الوحي دعني أتحدث فيها قليلاً وهي الآن عندما ذكرت في القضية الأولى وقلنا أن الصحابة رضي الله عنهم الذين كانوا حوله سألوا النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: كيف يأتيك الوحي؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم كما في حديث الحارث بن هاشم: «أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس» التي ذكرتها «وهو أشدّه عليّ» يعني يقول هذه أشد الأنواع التي تأتيني قال: «فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال» يعني ينقطع عني هذا الأسلوب في الإيحاء وقد وعيت عنه ما قال. أولاً تعبيره بـ(يفصم فيه) إشارة إلى ما تفضلت فيه أنه كان شديد فعلاً الوحي لأن الفصم يستخدم في الأشياء الحديد مثلاً فصم الحديد أو فصم حلقة الحديد أو نحو ذلك، قال: «وأحيانا يتمثل لي الملك رجلاً، فأعي عنه ما يقول»

د. مساعد بن سليمان الطيار: لكن لم يذكر الفصم ولا غيره لأن هذا يدل على أنها حالة عادية.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: عادية. وعن عبد الله بن عمرو قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله هل تحس بالوحي؟ قال: «نعم أسمع صلصلة ثم أسكت عند ذلك» وهذا في “مجمع الزوائد”. وروى الآجري هذا أثر وجدته في كتاب الشريعة للآجري عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من الأنبياء من يسمع الصوت فيكون بذلك نبياً، وكان منهم من يُنفَث في أذنه وقلبه فيكون بذلك نبياً، وإن جبريل عليه السلام يأتيني فيكلمني كما يكلم أحدكم صاحبه» إذاً هذه يقول النبي صلى الله عليه وسلم لم ير جبريل عليه الصلاة والسلام في صورته الملكية إلا مرتين حيث سأل مسروق بن أجدع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن معنى قوله تعالى (وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) التكوير) وقوله (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) النجم) فقالت عائشة أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إنما هو جبريل لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين، رأيته منهبطاً من السماء سادّاً عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض» وهذا الحديث في مسلم وفي الترمذي وغيره. فهذه الزاوية النبي يصف

د. مساعد بن سليمان الطيار: ما يحصل له.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: ما يشعر به هو عندما ينزل عليه جبريل بالوحي وينفرد بسماعه والعجيب فيها فيما يبدو له والله أعلم أنه هو الذي يسمع صلصلة الجرس.

د. مساعد بن سليمان الطيار: صحيح.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: من حوله لا يسمعون صلصلة.

د. مساعد بن سليمان الطيار: يسمعونه.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: كدويّ النحل.

د. مساعد بن سليمان الطيار: إي نعم فعبّروا عنه بدويّ النحل.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: نعم وأحياناً يأتيه جبريل في هيئة رجل فيكلمه وهذه واضحة. النقطة الثانية الزاوية الثانية يا دكتور من خلال وصف الصحابة رضي الله عنهم لما يشاهدون حال نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم من آثار نزول الوحي أو آثار على دابته التي يركبها، جمعت آثاراً من ذلك قول عائشة رضي الله عنها في حديث الإفك أو في غيره: “ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه” ولاحظت أنها استخدمت كلمة فيفصم نفس.

د. مساعد بن سليمان الطيار: نفس العبارة نعم.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: “وإن جبينه ليتفصّد عرقاً” وفي رواية ” في اليوم الشديد البرد”.

د. مساعد بن سليمان الطيار: هو نفس الرواية.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: نعم ، وقالت عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك : “فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم وما خرج أحد من أهل البيت حتى أُنزل عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البُرَحاء، حتى إنه ليتحدر منه مثل الجُمان من العرق وهو في يوم شاتٍ من ثقل القول الذي ينزل عليه” وهذا في البخاري. وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: “أُنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفخذه على فخذي” يعني جاءه الوحي وأنا جالسة بجنبه “وفخذه على فخذي فثقُلت علي حتى خفت أن ترضّ فخذي ثم سُرّي عنه” وهذا في البخاري.

د. مساعد بن سليمان الطيار: هذا إشارة إلى الثقل.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: إلى الثقل نعم، وعن زيد أيضاً ولذلك يبدو والله أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتعبه هذا وحطمه كثرة نزول الوحي عليه فتأثر. وعن زيد أيضاً قال: “إني قاعد إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم إذ أوحي إليه وغشيته السكينة فوضع فخذه على فخذي، قال زيد: فلا والله وجدت شيئاً قط أثقل منها”. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه دويٌ كدوي النحل” يبدو أن هذه التي يسمعها النبي صلصلة جرس. وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: ” كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه كُرِبَ لذلك” يعني يتعب أي ظهر عليه أثر الكرب والشدة. وعن أبي أروى الدوسي قال: “رأيت الوحي ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم وإنه على راحلته، فترغو وتفتل يديها” يعني.

د. مساعد بن سليمان الطيار: تنزل

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: مرة مرة “حتى أظن أن ذراعها ينقصم فربما بركت، وربما قامت موتدة يديها” يعني شدت يديها مرة “حتى يسرى عنه من ثقل الوحي، وإنه ليتحدر منه مثل الجُمان”. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “كان إذا جاء الوحي لا يخفى علينا” عارفين يعرفون كيف “فإذا جاء فليس أحد يرفع طرفه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ينقضي الوحي” وهذا وجدته في مسلم وفي دلائل النبوة للبيهقي أيضاً. وكل هذه الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم تدل بوضوح على وصفهم الدقيق لما كان يعتري النبي صلى الله عليه وسلم أثناء تلقي الوحي عن جبريل.

د. مساعد بن سليمان الطيار: فيه أثر أيضاً مهم ما أدري كنت أترقبك تذكره.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: ما هو؟

د. مساعد بن سليمان الطيار: الذي هو أثر عمر بن الخطاب.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: عندما نادى الحارث.

د. مساعد بن سليمان الطيار: إيه نعم.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: وقال له هل تريد أن ترى رسول الله؟

د. مساعد بن سليمان الطيار: صفوان بن يعلى.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: أو صفوان نعم صح.

د. مساعد بن سليمان الطيار: لا هو الحارث نعم.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: هو الحارث نفسه في حديث الحارث ويحدث عن أبيه عندما قال في سفر أن عمر رضي الله عنه قال له هل تريد أن ترى رسول الله؟

د. مساعد بن سليمان الطيار: صفوان بن يعلى نفسه نعم وهو بالجعرانة قال: أيسرك أن تنظر النبي وقد أنزل عليه الوحي؟ فقلت: نعم، قال: فرفع طرف الثوب فنظرت إليه له غطيط وأحسبه قال: كغطيط البكر.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: كغطيط البكر.

د. مساعد بن سليمان الطيار: إيه نعم

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: معناها أنهم كانوا يغطون الرسول أحياناً

د. مساعد بن سليمان الطيار: إيه نعم لأنه يبدو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حالة حتى أبو هريرة يقول: ما كنا ننظر إليه.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: يا سلام! إجلالاً له

د. مساعد بن سليمان الطيار: إجلالاً لأنه في حالة فيها كرب كما ذكر في الآثار.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: إذن هذه الحالة الثانية يعني الصحابة وصفوا ما كانوا يرون لم يقل منهم أحد أنه صرع ولم يقل أحد أنه مسٌّ من الجن لأنها كانت حالة فريدة من نوعها.

د. مساعد بن سليمان الطيار: صحيح.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: وليس المصروع إذا استيقظ من الصرع كيف يكون حاله؟ هل يتكلم بمثل القرآن؟

د. مساعد بن سليمان الطيار: أبداً

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: المصروع يتكلم بكلام أو المجنون يتكلم بكلام آخر.

د. مساعد بن سليمان الطيار: ولهذا هي الفائدة الحقيقة في هذه الآثار التنبيه على أن حالة الوحي حالة غيبية لا يدركها إلا النبي حال التلقي، والنبي لما أراد صلى الله عليه وسلم أن يبين هذه الحالة بيّنها بشيء من الآثار التي.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: تظهر عليه.

د. مساعد بن سليمان الطيار: الآثار التي تظهر عليه.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: صلصلة الجرس.

د. مساعد بن سليمان الطيار: إيه نعم، الصحابة أيضاً كانوا يرون الآثار التي تظهر على النبي صلى الله عليه وسلم أما حقيقة الوحي فلا يمكن إدراكها أبداً، وهي التي حاول محمد عبده الإشارة إليها أو غيره أيضاً.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: وهذه التي يمكن أن نسميها أيها الأخوة المشاهدين الزاوية الثالثة وهي حقيقة الوحي نفسه وكيفية انتقاله من جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم هذه منطقة مجهولة

د. مساعد بن سليمان الطيار: صحيح.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: لا أحد يعلمها ولا يوجد أي دليل عليها لا في القرآن ولا في السنة ولا في آثار الصحابة أبداً.

د. مساعد بن سليمان الطيار: ولا تكلم عنها النبي صلى الله عليه وسلم.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: ولا تكلم عنها ولذلك نحن نغلق هذا الباب تماماً، نحن نؤمن بأن هذا الوحي تلقاه النبي صلى الله عليه وسلم من جبريل بكيفية مخصوصة لا نعرفها، النبي ذكر لنا كيف كان يشعر عندما يأتي عليه الوحي، الصحابة ذكروا لنا كيف كانوا يشاهدونه وهي كلها مسجلة. تأتي الزاوية الرابعة يا دكتور كيف كان ينظر الأعداء إلى هذا الوحي؟ وصف المشركون هذا الوحي بأنه سحر قال تعالى (فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ) في سورة المدثر، وقال تعالى (وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) ص) وجمع المعاندون بين وصفه بالسحر والجنون وذكر الله أن هذا الموقف من الأنبياء وحقيقة الوحي الإلهي المنزل عليهم موقف واحد متكرر.

د. مساعد بن سليمان الطيار: صحيح.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: فقال تعالى (كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) الذاريات) وقد برأ الله نبيه صلى الله عليه وسلم من هذه التهم الباطلة فبرأه من الكهانة وبرأه من الجنون (فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (29) الطور) وقال سبحانه (مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) القلم) وقال (وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) التكوير) ودافع عن القرآن من أن يكون شعراً فقال (فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43) الواقعة) وكما ذكرنا قبل قليل بعض المستشرقين، الملحدين بعضهم، بعضهم لا يؤمن بالأديان، يرى أن هذه حالة من الهلوسة، أن هذه حالة من الصرع، أن هذه أشبه ما تكون بتمرينات اليوغا تمرينات الصفاء النفسي وهذا كله غير صحيح، كل الذي وصفه به الصحابة رضي الله عنهم وهم يشاهدونه طيلة نزول الوحي كانوا يرونه، يجلسون معه حتى كما قال عبد الله: كان إذا أنزل عليه لم يستطع أحد منا أن يرفع طرفه إليه إجلالاً وتكريماً للنبي صلى الله عليه وسلم. هذه هي أبرز ما يمكن أن نتحدث عنه في قضية كيفيات تلقي الوحي بين الله ورسله وأيضاً كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يشعر أثناء تلقي الوحي هل من تعليق يا دكتور مساعد على هذه؟

د. مساعد بن سليمان الطيار: التعليق قليل فقط على رأي المستشرقين وغيرهم من النصارى الذين يعادون الدين الإسلامي أن كلامهم الحقيقة نوع من السفسطة وهو غير منطقي إطلاقاً وأحياناً الدعوة تدل على تهافتها من نفسها، فإن زعموا أنه صرع أو مثل ما زعم نولدكه قبل قليل أنه شيء يتراءى له أو غير ذلك هو أن مثل هذه التجارب لو كانت موجودة أنا نجد رجلاً منذ أن كان عمره أربعين سنة إلى أن يكون عمره في الستين وهو يأتيه نوبات صرع ويُخرِج مثل هذا الأمر أو على الأقل يُخرِج كلاماً مستقيماً لجاز أن من باب التنزّل مع الخصم أن نقول جاز أن يفكر بهذه الطريقة لكن لا يُعرف في العالم أن الإنسان يأتيه صرع وهو نوع من الجنون ويخرج مثل هذا الكلام المنظوم، الكلام الموزون، الكلام الذي يحتوي على معاني كبيرة جداً، هذا لا يمكن أن يكون عن صرع، فإذاً القول بأنه عن صرع هو نوع أو هو يدخل أو يندرج في قول المشركين.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: بأنه سحر.

د. مساعد بن سليمان الطيار: أنه مجنون.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: أو مجنون.

د. مساعد بن سليمان الطيار: مجنون لأنه الحقيقة نوبة من نوبات الجنون الصرع.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: نعم ألا تلاحظ يا دكتور مساعد كيف أن الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم قد ذكر لنا الطعون التي طعن بها المكذبون في الوحي وفي القرآن الكريم وأجاب عنها وردها وكذبها ودافع عن النبي صلى الله عليه وسلم دفاعاً واضحاً.

د. مساعد بن سليمان الطيار: صحيح.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: ولذلك حتى الآن أيّ شبهة تجدها الآن سواء الشبهات التي تجدها في الانترنت أو تجدها في القنوات الفضائية المنتشرة الآن أو التي يكتبها بعض العلمانيين والحداثيين في الطعن في القرآن الكريم ومحاولة تهوين شأن القرآن الكريم في عين المسلمين، لأنهم يعلمون أن القرآن الكريم له قدسية، وأنه كتاب المسلمين الأول، أنهم يتعبدون لله به صباح مساء، فيسعون بطرق مختلفة من قديم للطعن فيه وتشويهه وتصويره بأنه كلام غير منظّم وكلام غير مرتّب وأصلاً هو عبارة عن تجميع من النصارى واليهود وأن محمداً كان يجمعها من بعض الموجودين في مكة وأنه كان عبارة عن حالات صرع تنتابه فيتكلم بمثل هذا الكلام، طبعاً كل هذه أشباه باطلة طبعاً هذا لا شك فيه وأنا لا أشك لكن المشكلة أحياناً تروج مثل هذه الشبهات يا دكتور مساعد على بعض المسلمين الذين ليس لديهم ثقافة عن القرآن الكريم، علوم القرآن الكريم مغيّبة، لا يعرف لا مكي ولا مدني، ولا معنى الوحي، ولا كيف نزل الوحي؟ ولا متى نزل؟ ولا متى بُعث الرسول؟ ولا كم كانت مدة بعثته؟ كيف كان يتلقى الوحي؟ مع أن هذه أشياء تدخل في صلب دينك.

د. مساعد بن سليمان الطيار: هذا صحيح.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: نعم لأنك الآن عندما تتعبد لله بهذا الكتاب لا بد أن تتعلم عنه كل هذه التفاصيل، تاريخ الكتاب، كيف نزل؟ كيف كُتِب؟ كيف جمع؟ كيف أوحي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟

د. مساعد بن سليمان الطيار: ولعلك أنت ما أكملت الفكرة أن كل شبهة تجدها اليوم في النت.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: موجودة في القرآن.

د. مساعد بن سليمان الطيار: موجود أصلها في القرآن.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: ورد عليها.

د. مساعد بن سليمان الطيار: لكن تختلف طريقة عرض الشبهة أو تكون تجزيئات وتفصيلات للشبهة كبرى موجودة في القرآن.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: يعني هناك كتاب قيم لزميلنا الدكتور عبد المحسن المطيري بعنوان “دعاوى الطاعنين في القرآن الكريم في القرن الرابع عشر الهجري” كل الطعون التي ذكرها موجودة في القرآن نفسه ذكرها الله وردّ عليها.

د. مساعد بن سليمان الطيار: نعم ولذا لاحظ من لطائف الرد في قوله سبحانه وتعالى (وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ) لما تكلم عن الوحي، لما قال في الوحي قال (وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) التكوير) قال (وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) التكوير) عبارة (صَاحِبُكُمْ) هي تتضمن الرد لأنه إذا كان الصاحب هو الملازم لك الذي تعرف تفاصيله تماماً، فإذا كان صاحبكم وأنتم تعرفونه أربعين سنة وأنتم تقولون له الصادق الأمين كيف يكون مجنوناً؟! من أين جاءه الجنون؟! فلاحظ أيضاً حتى طريقة القرآن في الرد طريق العقلاء من كان عنده عقل وبصر وينظر يقتنع بها، لكن كما قلنا قبل قليل الذي يطعن لا يبحث عن الحق.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: صحيح.

د. مساعد بن سليمان الطيار: فبما أنه لا يبحث عن الحق فهو يتشبث بأي شبهة ضعفت أو حتى دعاوى عند النصارى على الرسول صلى الله عليه وسلم أو على القرآن أو على الإسلام دعاوى غريبة جداً، جداً، جداً، يعني لو واحد قرأ في بعض نقد النصارى للإسلام يعني على سبيل المثال فقط لكي يفهم بعض هذه الأفكار يرى أن الكعبة معلقة بين السماء والأرض وهو لم يرى الكعبة يوماً ما ولا يدري عنها أبداً من أين جاءه هذا الأمر؟ هذا هو صاحب الصرع والجنون على الحقيقة وليس الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا يأتي بكلام ليس له زمام ولا خطام.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: ولا خطام، صحيح.

د. مساعد بن سليمان الطيار: من أين جاء بمثل هذا الخبر؟ فكيف بمثل هذا أو غيره يُحكَّم في الوحي أو غيره.؟!

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: دعنا نفيد الأخوة المشاهدين يا دكتور مساعد يعني بعض المشاهدين قد يسأل ويقول هل هناك مصادر يمكن أن نقرأ فيها في موضوع الوحي وما يتعلق به؟ طبعاً نقول له كتب علوم القرآن كلها تتكلم عن هذا الموضوع في بداية الحديث عن الوحي عن نزول القرآن الكريم تتحدث عن هذا الموضوع لكن هناك كتب أيضاً أفردت لهذا منها كتاب “الوحي والقرآن الكريم” للدكتور محمد حسين الذهبي، صاحب كتاب “التفسير والمفسرون”، وهناك كتاب بعنوان “وحي الله – حقائقه وخصائصه في الكتاب والسنة نقض مزاعم المستشرقين” للدكتور حسن ضياء الدين محمد عتر وهو مطبوع طبعاً، وهناك كتاب صدر مؤخراً يا دكتور مساعد لعلك اطلعت عليه وهو كتاب “تاريخ القرآن لنولدكه” الذي عندك هذا ترجمة وقراءة نقدية للدكتور رضا محمد الدقيقي طبعته دار النوادر في ثلاثة أجزاء الأول “الوحي إلى محمد صلى الله عليه وسلم بين الإنكار والتفسير الفلسفي” ترجم فيه الجزء المتعلق به بكتاب نولدكه وردّ عليه وناقشه، والثاني “الوحي إلى محمد صلى الله عليه وسلم هل هو صوت داخلي؟” أيضاً في الجزء الثاني، الثالث “النبي محمد صلى الله عليه وسلم والمرجعية هل ثمة تحول؟” هذه الثلاثة خصصها للحديث والنقاش مفهوم الوحي والشبهات التي أثارها نولدكه وردّ عليها ردّاً أرجو أن يكون جيداً لعلك اطلعت على الكتاب يا دكتور؟

د. مساعد بن سليمان الطيار: والله أن بدأت أقرأ طبعاً فيه ملحوظة ولكن ليس هذا مجال ذكرها كنت أتوقع الكتاب أن يكون بما أن المؤلف عاش في.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: طبعاً هو لو تذكر قصته يا دكتور.

د. مساعد بن سليمان الطيار: طبعاً هو المؤلف حفظه الله الحقيقة عمل نموذجاً أنا يعجبني مثل هذا النموذج أنه يشرف هو أصلاً رسالته أشرف عليها أحد المسلمين في الأزهر وهو ذهب سنتين.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: لألمانيا.

د. مساعد بن سليمان الطيار: لألمانيا وجلس مع المستشرقين.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: ودرس في نفس الجامعة التي درس فيها نولدكه.

د. مساعد بن سليمان الطيار: درس فيها نولدكه ورجع إلى المصحف الذي رجع له نولدكه لأن عدد آياته غير عدد الآيات الذي وضعه المستشرق عدد الآيات من رأسه.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: جميل.

د. مساعد بن سليمان الطيار: فالفكرة جيدة لكن أنا لا أستطيع أن أضعه نقداً كاملاً ولكن بداية الكتاب هناك ردود عقلية أو تنزيل مناهج البحث الاستشراقي ونقدها من خلال الكتاب لم أجدها وإنما أجد كلام نولدكه ثم يرد عليه بأن الحديث الفلاني يرفض كذا، الحديث الفلاني لا يدل على كذا، هل المستشرق الآن.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: يؤمن بهذا الحديث.

د. مساعد بن سليمان الطيار: يؤمن بهذا الحديث، أريد أن أعرف كيف يتعامل مع هذا الحديث؟ ما هي نظرته إلى الحديث؟ كيف أستطيع أرد عليه من الحديث؟ كيف أستطيع أن أرد عليه من القرآن؟ هذه القضايا لم يشر إليها، قد يقول أن هذا أمر بُحِث وانتهى لكن تنزيلها في الردود مهم جداً، تنزيل مثل هذه القضايا في الردود والإشارة إليها مهم جداً، طبعاً هناك كتاب عندي الحقيقة نفيس في هذا الباب.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: وهو؟

د. مساعد بن سليمان الطيار: ولم يكن طبعاً أصل الكتاب الذي هو “المعرفة في الإسلام مصادرها ومجالاتها” للدكتور عبد الله بن محمد القرني، وهذا الكتاب مقدمته قرابة المئتين صفحة كانت عن الوحي.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: عن الوحي نعم.

د. مساعد بن سليمان الطيار: والكلام الحقيقة كان نفيس جداً في تعريف الوحي وأنواعه.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: كونه مصدر للمعرفة.

د. مساعد بن سليمان الطيار: نعم كونه مصدر معرفة وكذلك ردود على بعض ما ذكرناه فيه ردود تفصيلية على بعض ما ذكرناه في النظرة إلى الوحي.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: وأذكر تكلم بكلام جميل أولاً وقال: نحن منهج أهل السنة والجماعة أنهم يثبتون الكلام لله سبحانه وتعالى.

د. مساعد بن سليمان الطيار: هذا صحيح.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: أن الله سبحانه وتعالى يتكلم كلاماً حقيقاً.

د. مساعد بن سليمان الطيار: وهذا مرتبط بالوحي حقيقة.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: نعم وهذا مرتبط فيما بعد ذلك بالوحي، نحن نقول أنه يوحي إلى أنبيائه ويتكلم سبحانه وتعالى متى شاء وكيف شاء وأنه لم يزل متكلماً.

د. مساعد بن سليمان الطيار: صحيح.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: إيه نعم فهذا ينبني عليها الذين أنكروا الوحي ولذلك تكلم بكلام جميل وقال: إن الذين يفهمون الوحي فهماً خاطئاً ويظنون أنه عرفان نفسي أشد خطراً من الذين ينكرون الوحي جملةً وتفصيلاً. نعود أيضاً إلى كتاب “آراء المستشرقين حول مفهوم الوحي” وهو لزميلنا الدكتور إدريس حامد محمد رحمه الله كان معنا في قسم الثقافة الإسلامية توفي رحمه الله له كتاب قيم اسمه “آراء المستشرقين حول مفهوم الوحي” وهو مطبوع في مجمع الملك فهد، وأيضاً هناك بحث بعنوان “مصادر القرآن الكريم عند المستشرقين”

د. مساعد بن سليمان الطيار: هذه كلها بحوث صغيرة.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: بحوث صغيرة، صدر الدين بن عمر كومش مجمع الملك فهد أيضاً، و”مصدر القرآن الكريم” للدكتور عبد الودود مقبول حنيف، و”مصدر القرآن الكريم في رأي المستشرقين” للدكتور محمد السيد راضي جبريل، وهناك كتاب قيم أيضاً بعنوان “مصدر القرآن” لصديقنا الدكتور إبراهيم عوض الذي يكتب معنا في ملتقى أهل التفسير.

د. مساعد بن سليمان الطيار: صحيح.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: له بحث قيم بعنوان أو كتاب مطبوع من قديم في مكتبة زهراء الشرق “مصدر القرآن” تكلم فيه عن هذه النقطة كلاماً جميلاً. أستأذنك يا دكتور مساعد وأستأذن الأخوة المشاهدين في فاصل نستمع فيه إلى سؤال هذه الحلقة ثم نعود إليكم إن شاء الله.

* * * * * * * *

سؤال المسابقة

اذكر أثراً يدل على سماع الصحابة رضي الله عنهم للوحي وهو ينزل.

لاستقبال أجوبة المسابقة عبر الطرق التالية:

جوال المسابقة 0533200575

بريد البرنامج [email protected]

*.*.*.*.*.*.*.*

إعلان جوال تفسير

*.*.*.*.*.*.*.*

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: حياكم الله أيها الإخوة المشاهدون بعد هذا الفاصل ولا زال حديثنا متصلاً مع ضيفنا الدكتور مساعد الطيار حول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن والكيفيات التي كان ينزل بها على النبي صلى الله عليه وسلم. إستعرضنا فيما مضى من الحلقة التعريفات واستعرضنا أيضاً بعض المؤلفات التي ننصح بإستعراضها ولعلنا يا دكتور مساعد نتوقف مع مسألة مع ضيفة معنا الآن على الهاتف الدكتورة هدى دليجان، حياك الله دكتورة هدى.

د. هدى الدليجان: أهلاً وسهلاً حياكم الله.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: الدكتورة هدى دليجان الأستاذة المشاركة بجامعة الملك فيصل حياكم الله، نحن نتحدث يا دكتورة هدى حول موضوع الوحي وما يتعلق به ولعله جاء مسألة لدينا الآن أثناء الحوار وهي كان الوحي ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم قلنا أنه كان ينزل عليه في المنام وفي اليقظة كما ذكر الدكتور مساعد في بداية اللقاء لعلك تحدثينا عن هذه النقطة بالذات هل كان شيء من القرآن الكريم يا دكتورة هدى نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم؟

د. هدى الدليجان: نعم، طبعاً نحن لو تتبعنا لفظ التنزيل في كتاب الله عز وجل لوجدناه ثلاثمائة مرة ذكر التزيل بعدة إشتقاقات ومصادر وهذا دلالة على أن القرآن الكريم كله منزّل. طبعاً من صور التنزيل وهي من أهم الأمور التي ناقشها العلماء والباحثون في علوم القرآن الكريم هي صورة الوحي في المنام النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر عن نفسه قال الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة فمنها سورة الكوثر وقيل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان نائماً فاستيقظ فقرأ سورة الكوثر فأوحي إليه مناماً وهذا دلالة على عظم مقام النبوة عند الله عز وجل بأن يكون النبي نائماً فيوحى إليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن نفسه بأنه تنام عيناه ولا ينام قلبه، فهذا محل أو مكان التنزيل أحد الأبواب التي تطرّق إليها بعض الباحثين المعاصرين فقسموا التنزيل إلى أربعة أقسام:

  1. مصدر التنزيل وهو الله جل جلاله.
  2. محل التنزيل وهو النبي صلى الله عليه وسلم.
  3. مكان التنزيل وهو ما تطرق إليه كثير من العلماء السابقين واللاحقين.
  4. موضوع التنزيل وهي الآيات والسور وهذا الكتاب العظيم الذي بين أيدينا.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: جميل، وأيضاً يا دكتورة هدى أيضاً فيما ذكره الله سبحانه وتعالى عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه رأى رؤية في المنام أنه يذبح إبنه إسماعيل ويعتبر العلماء أن رؤيا الأنبياء وحي.

د. هدى الدليجان: نعم، (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ (102) الصافات).

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: إذاً لم يثبت معنا في الرواية ولعل الدكتور مساعد يشاركنا هنا أن عبد الله بن مسعود أنه ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذته سنة أو أنس رضي الله عنه أغفى إغفاءة ثم قال للصحابة رضى الله عنهم وهم جلوس معه “أُنزلت علي الساعة أو الليلة أو آنفاً سورة الكوثر” هل معنى هذا أنها فعلاً نزلت في المنام أم يعتبر يا دكتورة هدى إنها إغفاءة عادية أثناء الجلوس يعني؟

د. هدى الدليجان: لو تتبعنا حالة الوحي التي كانت النبي صلى الله عليه وسلم تعترضه عندما ينزل عليه جبريل عليه السلام وهي حالات شديدة جداً حتى أنه كان يشتد به العرق في اليوم شديد البرد يتفصّد صلى الله عليه وسلم عرقاً وتعلوه الرحضاء كل هذه الأمور تدل على أنه هناك حالات معينة يصاب بها النبي صلى الله عليه وسلم لعظم هذا الكتاب العظيم الذي ينزل عليه من جبريل عليه السلام. طبعاً قد تكون الروايات فيها بعض الإختلافات لكن هذا ليس هو محل التعبد، التعبد أن هذه السورة نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهي قرآن من عند الله عز وجل يتعبد بها تلاوة ولفظاً ومعنى لأننا لو لم نقر بذلك قد والعياذ بالله تعالى نصل لدرجة الإلحاد.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: لعله يا دكتورة هدى مفهوم كلامك حفظك الله الآن أن معظم القرآن الكريم نزل على النبي صلى الله عليه وسلم يقظة.

د. هدى الدليجان: نعم يقظة.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: ما دام أن هذه الرواية لم ترد إلا في سورة الكوثر.

د. هدى الدليجان: وفي كامل وعيه وكان يعلم صلوات الله وسلامه عليه بدليل أن الله جل جلاله عاتبه فقال (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) القيامة) دلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعي كل ما يحصل في هذا المقام العظيم وهو تنزيل رب العالمين عليه بهذا الكتاب العظيم (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) المزمل)

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: جميل، في ختام المداخلة دكتورة هدى وأنت أستاذة في الجامعة تدرّسين علوم القرآن وتدرّسين التفسير يعني بحكم خبرتك هل تجدين أن مادة علوم القرآن تعتبر من المواد الصعبة عند الطالبات بحكم خبرتك فيها؟

د. هدى الدليجان: بحسب المواضع هناك بعض الكتب ما سهلت في حال توصيف المقرر إذا كان المقرر يتناول بعض المسائل دون النقاش وإثارة الشبهات للطالب أو للطالبة سيكون هذا المقرر سهلاً لأن هناك بعض المسلمات البديهية التي يؤمن بها جميع المسلمين بحمد لله تعالى بهذا الكتاب العظيم جداً لكن عندما نرتقي بالطالب إلى بعض المسائل المعاصرة من إثارة بعض الشبهات حتى يكون الإنسان على بيّنة خاصة الطالب المتخصص الذي يجب أن يعي ما يدور حوله سواء كان في كتب أو مصادر ثقافية أو في الصحف أو في بعض الوسائل الإعلامية خاصة الآن مع الإعلام المفتوح حين يتكلم الجميع فيما يُحسنه وفيما لا يُحسنه فأعتقد نحن بحاجة إلى تأهيل بعض المتخصصين والمتخصصات في بعض المسائل الفقهية وليس نشرها على العامة كطالب مقرر عام وإنما طالب تخصص علوم القرآن يجب أن يعي كثيراً من المسائل التي قد لا تعترضه. يعني أسأل كثير جداً سؤال بسيط جداً (ما الفرق بين المكي والمدني؟) تجد أن هناك إختلاف كبير جداً في هذه المسألة، (آخر آية نزلت في كتاب الله عز وجل؟) تجد أن هناك لغط كبير جداً في هذه المسألة مع أن بحمد لله تعالى دراستنا المنهجية خاصة عندنا في المملكة العربية السعودية هي دراسة نظامية منهجية قائمة بحمد الله تعالى على أصول علمية ومناهج مقررة لكن تجد أن هذه الثقافة لا زالت تحتاج إلى كثير من الوعي كثير من الدفع إلى الأمام بإذن الله تعالى وهذا جهدكم بدليل هذا البرنامج القيم نسأل الله أن يتقبله منكم.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: رضي الله عنك يا دكتورة. سؤال أخير يا دكتورة هدى هل مرّ عليك وأنت في الجامعة من سنوات شبهات تثيرها بعض الطالبات مثلاً يسألونك أو يسألون إحدى الزميلات فيها شبهة حول الوحي حول نزول القرآن أو شيء من هذا القبيل؟

د. هدى الدليجان: يحصل أحياناً خاصة عند تدريس بعض المقررات العامة لغير المتخصصات في قسم الدراسات الإسلامية نجد أن كثيراً من الأمور تخفى على كثير من الطالبات مع أنها تكون قد دُرِّست لهم من قبل ولكن للأسف كل إنسان لما يصل مرحلة معينة يبدأ يناقش بعض الأمور بطريقة عقلانية يحتاج إلى نوع من التبصّر والبحث خاصة كثير عندنا من طرق التدريس لا تدعم البحث العلمي وإستقاء المعلومة والتعلّم الذاتي فيجد الطالب أنه يأخذ المعلومة تلقينية من أستاذه ولكن نحن بحمد لله ندفع الطلبة إلى البحث والتنقيب ورد الشبهات حتى ولو كان طالب غير متخصص.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: الله يفتح عليك، شكراً دكتورة هدى بنت الدليجان الدليجان أستاذة مشاركة بجامعة الملك فيصل شكراً جزيلاً لك. نعود يا دكتور مساعد إلى الحديث ولم يبقى معنا من الوقت إلا القليل لعله مستهلك في بعض الفقرات القادمة إن شاء الله، في موضوع الإلهام يا دكتور مساعد الإلهام هل كان شيء من الوحي الذي يوحى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن شيء منه روي بهذه الطريقة طريقة الإلهام؟

د. مساعد بن سليمان الطيار: لا لم يرد طبعاً حديث الحارث هو أصل في الباب وما ذكرناه قبل قليل من حديث أنس في إغفاءة سورة الكوثر هذا الذي وقع فيه خلاف هل كان مناماً أو كانت هذه حالة من حالات الوحي؟ أو هذا تعبير أنس لما رآه من حالة الوحي؟ فهذا أيضاً محتمل لأنه يبعد أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم بين ظهرانيهم وينام مثل هذا النوم لم يُذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذه الحالة الغريبة. فحملها على أنها إغفاءة وحي هذا أولى لكن أيضاً كما ذكرت الدكتورة حتى لو أثبتنا أنه نزلت هذه الآيات بالذات في حالة الوحي فإنها ليس لها أي أثر سلبي فيما يتعلق بحفظ القرآن وأن هذه الآيات من القرآن لأنه قد قضي الأمر وانتهى على أنها من القرآن فلهذا ليس عندنا أي إشكال في هذا. ولهذا لاحظ لو أردنا أن نتحدث عن موضوع دلالة الوحي على صدقه سواء من داخله وهذا له أثر على الكلام الذي تكلمنا عنه في المحور الذي تكلمنا عنه قبل قليل في قضية أنواع الوحي أو الصور أو الكيفية كيف كان الصحابة يرون هذا الوحي الذين شاهدوه كيف نقلوه ثم بعد ذلك كيف جمعوه لعله سيكون هناك حلقة عن الجمع ستلاحظ عندنا أن الوحي نفسه بداخله يدل على صدقه فمثلاً بكل العظمة يقول الله سبحانه وتعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ(9) الحجر) وإلى اليوم لم يستطع أيّ واحد من المحرِّفين أو الملحدين أن يحرّك حرفاً واحداً هذا لا شك أنه دليل تاريخي واقعي يدل على أنه من عند الله سحانه وتعالى وإلا فلاحظ عندنا القراءات متعددة وروايات لهذه القراءات متعددة ومع ذلك لا يزال عندنا إلى اليوم من يضبط هذه القراءات ضبطاً متقناً ويميز بين هذه القراءة وهذه القراءة وهذا أمر لو أنت نظرته صعب جداً، كتب القراءات وكنت أتساءل مع بعض الإخوة من المتخصصين أقول لهم أعطوني فائدة أن يكتب عالم في القرن الرابع عشر إسناده في القراءات وقد كفانا ابن مجاهد وغيره ما الفائدة التي يمكن أن نستنبطها؟ فقال لي هذه الفائدة قال إن هذا القرآن محفوظ ويدل على ذلك أن هذا الذي كتب متأخراً لو فتشنا في الكتب عن مخطوطات لوجدناه يتوافق تماماً فلا شك أنه دليل على صدق هذه الكتاب.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: جميل، وهذا إن شاء الله تسمع ما يصدّقه كتاب صدر مؤخراً بعنوان “السند القرآني” وهذا سيحدثنا عنه الأستاذ فهد الجريوي، شيخ فهد السلام عليكم ورحمة الله.

الشيخ فهد الجريوي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: حياكم الله يا أبا عبد الله.

الشيخ فهد الجريوي: حياكم الله يا شيخنا.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: نحن الأن نستمع إليك ونستمع إلى جديد الدراسات القرآنية منك فتفضل.

الشيخ فهد الجريوي: إن شاء الله لكن قبل ذلك أحيي الشيخ مساعد الطيار وفقه الله.

د. مساعد بن سليمان الطيار: حياك الله يا أبا عبد الله.

الشيخ فهد الجريوي: حياك الله يا شيخنا.

د. مساعد بن سليمان الطيار: الله يبارك فيك.

الشيخ فهد الجريوي: إتفقنا يا شيخنا في اللقاء الماضي أن يكون الحديث عن جديد الإصدارات القرآنية ثم نختم بكتاب وندل المشاهدين عليه ونوصيهم به.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: بسم الله.

الشيخ فهد الجريوي: وفي هذا اليوم سنقلب الأمر فسنبدأ بالكتاب الذي نوصي ثم بعد ذلك جديد الإصدارات. الكتاب الذي ندل عليه وننصح به متضمن لمقترح لكن قبل أن أذكره أود أن أقدم بمقدمة قبل عرض المقترح والكتاب فأقول: إن من أعظم أبواب العناية بكتاب الله جل وعلا هي تلاوته آناء الله وأطراف النهار ولذلك يقول الإمام الآجري في كتابه “أخلاق حملة القرآن” وقد أعلم الله خلقه أن من تلا القرآن وأراد به متاجرة مولاه الكريم فإنه يربحه الربح الذي لا بعده ربح ويعرّفه بركة المتاجرة في الدنيا والآخرة ولما قال جل وعلا للنبي صلى الله عليه وسلم (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ (61) يونس) علّق الألوسي رحمه الله في تفسيره روح المعاني بقوله: والتلاوة أعظم شؤونه صلى الله عليه وسلم ولذا خصت بالذكر. ويكفي هذا شرفاً لمن كان هذا حاله مع كتاب الله قول العلامة الحافظ الحكمي في ميميته:

هو الكتاب من قام يقرؤه      كأنما خاطب الرحمن بالكَلِم

ولكن المؤلم أن تكون العناية بكتاب الله مقتصرة على تلاوته دون فهم لمعانيه وصور الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله هذا الألم في كتابه “فصول إسلامية” يقول: لو رأيتم رجلاً قعد يقرأ جريدة حتى أتمها كلها من عنوانها إلى آخر إعلان فيها فسألتموه ماذا فيها؟ فقال والله ما أدري لم أحاول أن أتفهم معناها، فماذا تقولون فيه أما تنكرونه وتنكرون عليه؟! كيف لا تنكرون من يعكف على المصحف حتى يختم الختمة وقد خرج منها بمثل ما دخل فيها ما فهم من معانيها شيئاً؟! فمن أين جاءت هذه المصيبة؟ مسألة عجيبة جداً والله!. ويقول إبن تيمية رحمه الله تعالى في “مجموع الفتاوى”: إذا سمع المتعلم من العالم حديثاً فإنه يرغب في فهمه فكيف بمن يسمعون كلام الله من المبلِّغ عنه بل ومن المعلوم أن رغبة الرسول صلى الله عليه وسلم في تعريفهم معاني القرآن أعظم من رغبته في تعريفهم حروفه، قال تعالى (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) يوسف) فبين أنه أنزله عربياً ليعقلوه والعقل لا يكون إلا مع العلم بمعانيه. بهذه المقدمة أخلص إلى المقترح وهو أن يجعل الإنسان لنفسه ختمة للقرآن تسمى ختمة غريب القرآن. وقبل أن أورد طريقتها أشير إلى معنى الغريب، الغريب في اللغة الغامض الذي يخفى معناه وفي الحقيقة قد يستشكل بعض الناس لفظة (غريب) وكيف يطلق على ألفاظ الكتاب العزيز؟ يجيب على هذا الإستشكال أستاذ العربية مصطفى صادق الرافعي في كتابه “إعجاز القرآن” حين قال: في القرآن الكريم ألفاظ إصطلح العلماء على تسميتها بالغرائب وليس المراد بغرابتها أنها منكرة أو ناكرة أو شاذة فإن القرآن منزّه عن هذا كله وإنما اللفظة الغريبة هاهنا هي التي تكون حسنة مستغربة في التأويل بحيث لا يتساوى في العلم بها أهلها وسائر الناس. ومن أراد الإستزادة في تأصيل لفظ الغريب والكتب المؤلفة فيه فهناك كتاب بعنوان “الجهود اللغوية في القرون الثلاثة الأولى للهجرة وتأثرها بالقرآن الكريم” للدكتور عبد الرحمن الحجيلي- من إصدارات الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وصدر في عام 1431هـ. الدافع لهذا المقترح انه في أثناء قراءتنا لكتاب الله تمر بنا كلمات قد لا نفهم معناها من ذلك مثلاً قوله تعالى في سورة المائدة (مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ (103) المائدة) فما الحام وما الوصيلة وما البحيرة؟ ومثل قوله سبحانه وتعالى في سورة فاطر (وَغَرَابِيبُ سُودٌ (28) فاطر) ما المراد بالغرابيب؟

المقترح شيخنا الكريم أن يجعل الإنسان له ورد ثابت يومياً لا يتنازل عنه مثلاً أربعة أوجه ويجعل عنده دفتر ويضع أوراقه كالجدول الكلمة ومعناها ورقم الأية وبالمناسبة هذا الجدول موجود في ملتفى أهل التفسير تحت موضوع “هل جربت ختمة غريب القرآن؟” فإذا قرأ الإنسان ستمر به كلمات غريبة قد لا يفهم معناها فيكتبها في الدفتر ثم يذهب إلى “كتاب السراج في غريب القرآن” وهذا الكتاب الذي ننصح به الإخوة المشاهدين وهو كتاب حديث للدكتور محمد الخضيري فيستخرج معنى الكلمة ثم يكتبها في دفتره ويسمي هذا الدفتر غريب القرآن. وأقترح أن يبدأ الورد من سورة (ق) ثم يتدرج حتى يصل إلى سورة (الناس) والسبب في ذلك أن أكثر الكلمات الغريبة موجودة في هذه السور وكذلك هي أكثر ما يمر بنا سماعاً، ثم بعد ذلك يتقل إلى سورة البقرة ويتدرج حتى يختم القرآن. قد يقول قائل لماذا دفتر وكتابة؟ أقرأ مباشرة من كتاب غريب القرآن ويكفي؟ فأقول إن من أعظم عوامل رسوخ المعلومة الكتابة وستجد بإذن الله حين تفرغ من بعض الأجزاء أن نصف ما كتبت أصبح محفوظاً في الذاكرة من الوهلة الأولى ومن جرّب عرف. هذه الختمة إذا داوم الإنسان عليها وكان جاداً فيها ستكون عنده معرفة بجميع غريب مفردات القرآن في بضعة أشهر فإذا ختم الإنسان القرآن بهذه الطريقة يعض بناجذه على هذا الدفتر الذي هو من صنع يده ويكون له ورد يومي يقرأ فيه.

وبالمناسبة كتاب السراج في غريب القرآن نعطي لمحة عنه يقول المؤلف وفّقه الله: وضعت هذا الكتاب يكون تذكرة لمن يريد معرفة معاني غريب ألفاظ القرآن وقد جمعته من كتب التفسير وكتب غريب القرآن القديمة والمعاصرة وسهلت العبارة وحاولت صيغة الأقوال المختلفة في عبارة واحدة جامعة متى كان ذلك ممكناً وإلا لجأت إلى الترجيح. ولو أتانا شخص وقال إن كتاب الشيخ محمد هو مقتصر على معاني كلمات القرآن نقول له صدقت وإذا أتانا شخص آخر وقال إن هذا الكتاب يعتني بالغريب نقول له صدقت فالكتاب حوى على أكثر من خمسة آلآف كلمة وليس كل ما في الكتاب غريب لكن في الجملة أن الغريب لا يخرج من هذا الكتاب.

إذا أضاف الأخ الذي إستحسن هذه الطريقة كتاباً آخر مع هذا الكتاب وهو كتاب مستملح مستظرف وهو كتاب إسمه “وجه النهار الكاشف عن معاني كلام الواحد القهار” للدكتور عبيد الحربي فنورٌ على نور لأن في كتاب الدكتور الحربي هو لم يكون هذا الكتاب متعلق بغريب القرآن فقط يقول هو عن كتابه: لم أشرح آيات القرآن ولم أعمد إلى ألفاظه الغريبة فأبينها ولكنني جمعت بين تفسير مفردات القرآن وبين جمله الغريبة وحليته بفوائد ونكات وإستنباطات مما قرأته وإطلعت عليه في كتب التفسير وغيرها من كتب الفقه والأصول والمعارف. وأذكر لك شيخنا الكريم فائدتين من هذا الكتاب طريفة ومشوقة ربما للمشاهدين:

  • ما أتى عند قوله تعالى (وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) النمل) قال وليس في القرآن شين مضمومة منونة غير هذه.
  • ولما أتى إلى قوله تعالى (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا (41) النساء) يقول عند هذه الكلمة ذرفت عين رسول الله صلى الله عليه وسلم وإستوقف ابن مسعود وهو يقرأ عليه وفيه دليل على جواز قطع القراءة ولو كان المعنى متعلقاً بما بعده.

وبالمناسبة شيخنا الكريم هذه الختمات كانت شائعة عند السلف فقد كان أبو العباس عطاء يختم القرآن كثيراً إلا أنه جعل له ختمة يستنبط منها معاني القرآن فبقي بضعة عشر سنة فمات قبل أن يختمها وهذا أيضاً ذكره أبو نعيم في “حلية الأولياء”. وأقول شيخنا الكريم هذه الختمة ربما أن الإنسان يبذل فيها جهداً ووقتاً طويلاً ونقول له لا بأس في ذلك ولا يستصعب الإنسان هذا الأمر ويستثقله ويستطل الطريق فكما قال بن الجوزي رحمه الله في “صيد الخاطر”: من لمح فجر الأجر هان عليه ظلام التكرير” وكما يقول الشيخ سيد في الظلال: الحياة في ظلال القرآن نعمة نعمة لا يعرفها إلا من ذاقها نعمة ترفع العمر وتباركه وتزكيه والحمد لله لقد من الله عليّ بالحياة في ظلال القرآن فترة من الزمان ذقت فيها من نعمته ما لم أذقه قط في حياتي. ويقول الفخر الرازي رحمه الله في تفسيره الكبير: وقد جرت سنة الله تعالى بأن الباحث والمتمسك به أي القرآن يحصل له عز الدنيا وسعادة الآخرة

أخلص الآن يا شيخنا الكريم إلى جديد الإصدارات القرآنية وأعتذر عن الإطالة وقد أخذنا نصيب الأسبوع الماضي.

الكتاب الأول: “السند القرآني دراسة وتأصيل السند الشنقيطي نموذجاً” إعداد الدكتور سيد محمد ولد عبد الله وهو من إصدارات دار المخطوط العربي وبين الدكتور سيد أسباب إختياره لهذا الموضوع حيث قال في مقدمته: جد الموضوع حيث لم تتم دراسته من قبل في هذا القطر وقلة الدراسات حول السند القرآني عموماً وإنقطاع التأليف منذ عصور كذلك حاجة الأمة في هذه الظرفية بالذات لمعرفة الإسناد وضبطه والمحافظة عليه في ظل ما يتعرض له القرآن من محاولات لرفع القداسة عنه وذلك بالتشكيك في طريق نقله ثم محاولة بعض أعداء الإسلام محاكاة القرآن وتحريفه وليس كتاب فرقان الحق الذي ظهر في الآونة الأخيرة إلا نموذجاً من ذلك، ويهدف الكتاب إلى:

  • تأريخ السند القرآني والتأصيل له.
  • ودراسة السند الشنقيطي والتعريف به.
  • جمع ما أمكن من الأسانيد القرآنية في بلاد شنقيط وتصنيفها وأخذ نماذج منها وتصحيحها.
  • التعرف على القراءات الموجودة اليوم في موريتانيا عددها وتاريخ دخولها.

وبالمناسبة يا شيخنا.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: الوقت يا شيخ فهد، الوقت ضيق معنا إختصر هل لديك إصدار آخر؟

الشيخ فهد الجريوي: نعم أختم فقط بعناوين الكتاب:

  • “فتح السميع العليم في الفوائد المنتقاة من تفسير علاَّمة القصيم”.
  • “أحكام التجويد في كلمات العزيز الحميد” للشيخ أحمد الطويل وفقنا الله وإياه لكل ما يحب ويرضى.

وشكر الله لكم.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: شكر الله لك يا شيخ فهد الجريوي الباحث الشرعي وعضو ملتقى أهل التفسير شكر الله لك على هذه الفقرة وعلى هذه المعلومات الممتعة. ننتقل الآن أيها الإخوة المشاهدون الكرام إلى الفقرة الأخيرة من هذه الحلقة الممتعة التي أرجو أن تكونوا قد إنتفعتم بها إلى سحب جوائز للمسابقة في الحلقات الثلاث الماضية.

* نبدأ بالحلقة الأولى كنا سألنا سؤالاً في الحلقة الأولى وقلنا ذكر علماء القرآن ثلاثة تنزّلات للقرآن الكريم فما هي هذه الثلاثة تنزلات التي ذكرها العلماء؟

الجواب: أنها اللوح المحفوظ وبيت العزة في السماء الدنيا إلى قلب النبي صلى الله عليه وسلم وقد بيّنا في الحلقة التي تحدثنا فيها عن نزول القرآن الكريم أن هذا تقسيم غير صحيح وأن الصواب أن القرآن الكريم له تنزلان فقط التنزل الأول إلى بيت العزة في السماء الدنيا والتنزل الثاني إلى قلب الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا هو الصحيح لكن أردنا أيضاً أن نصحح هذه المعلومة الخاطئة، تفضل يا أخي الكريم أعطي الدكتور مساعد أجوبة الحلقة الأولى تختار يا دكتور مساعد وتُعلِن الفائز لو تكرمت.

د. مساعد بن سليمان الطيار: أبشِر.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: طبعاً الجائزة هي نسخة من كتاب “الزيادة والإحسان في علوم القرآن” لإبن عقيل المكي.

د. مساعد بن سليمان الطيار: الأخ علي العمري – الرياض.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: ما شاء الله! مبروك علي العمري، إذاً هذا هو السؤال الأول يا دكتور مساعد جزاك الله خيراً الفائز علي العمري من الرياض وسوف نتواصل معك يا أخ علي إن شاء الله ونوصل لك جائزتك بإذن الله تعالى.

السؤال الثاني كنا ذكرنا في الحلقة الثانية فقلنا أذكر مثالاً على أثر جاء فيه (فأنزل الله كذا) نتحدث عن سبب النزول ولم يعتبر من أسباب النزول.

الجواب: في صحيح البخاري قال بن مسعود رضي الله عنه: “جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيّ الذنب أكبر؟ فقال أن تدعو لله نداً وهو خلقك، فقال ثم أيّ؟ قال أن قتل ولدك خشية أن يأكل معك، قال ابن مسعود: فأنزل الله (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ (65) الفرقان)”. وطبعاً هذه ليست من أسباب النزول وإنما هي يحملها على التفسير، لو تكرمت تعطي الدكتور مساعد الحلقة الثانية جزاك الله خيراً لعله يختار الفائز الثاني طبعاً نحن جمعناها لك جمع تأخير يا دكتور مساعد.

د. مساعد بن سليمان الطيار: نعم، حلقتين مع بعض.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: هي ثلاث حلقات.

د. مساعد بن سليمان الطيار: ما شاء الله!.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: لكن هذا من حسن حظنا.

د. مساعد بن سليمان الطيار: ريم خالد – جدة.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: نعم الفائزة في الحلقة الثالثة الأستاذة أو الأخت ريم خالد من جدة إن شاء الله الأخت ريم سنوصل لها جائزتها بإذن الله تعالى.

السؤال الأخير: أيضاً كنا سألنا سؤالاً فقلنا ما هي طرق السلف في التعبير عن المكي والمدني؟ هذا السؤال كان في الحلقة الماضية

والجواب أنهم كانوا لا يقولون هذه مكية وهذه مدنية ما يوجد وإنما كانوا يقولون نزلت هذه بمكة نزلت هذه بالمدينة كنا في المدينة يذكرون مكان النزول والعلماء يستنبطون ذلك إستنباطاً. نأخذ أوراق الأجوبة التي وصلت إلينا والحقيقة أن الأجوبة لم تكن بتلك الكثرة التي كنا نتوقعها باعتبار أن الإخوة الذين يضعون الأسئلة يبدو أنهم متشددين قليلاً.

د. مساعد بن سليمان الطيار: إي والله، في صعوبة هذه أسئلة للمتخصصين.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: لكن لعله إن شاء الله الذين شاركوا فيها يكون فيها فائدة.

د. مساعد بن سليمان الطيار: نوال العلي – الخبر.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: جميل جداً، إذاً واحد من الرياض وواحدة من جدة وواحدة من الخبر، هناك تنويع جيد، عفواً لو تخليها يا شيخ حتى يرونها على الشاشة الأخت نوال العلي من الخبر هي التي فازت بالحلقة الماضية، شكراً جزيلاً لكم وأسأل الله أن يبارك للإخوة والأخوات الفائزين والفائزات. باقي معنا خمس دقائق دعونا نلخص الحلقة تسمح لنا يا دكتور مساعد.

د. مساعد بن سليمان الطيار: تفضل

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: طبعاً هنا الإخوة والأخوات في الإعداد جزاهم الله خيراً يلخصون لنا الحلقة

ملخص الحلقة:

  • كنا قد تحدثنا عن الوحي في اللغة وقلنا أنه الإعلام والسرعة والخفاء، الإعلام في سرعة وخفاء.
  • وتحدثنا عن التعريف الشرعي للوحي وقلنا أنه إعلام الله لنبي من أنبيائه بكيفية معينة بنبوته وما يتبعها من أوامر ونواهي.
  • ثم تحدثنا أن جبريل عليه الصلاة والسلام وأنه الملك الموكل بالوحي وهو الذي كان سفيراً بين الله وبين رسله وأنبيائه عليهم الصلاة والسلام وكان يأتي على حالتين إما أن يأتي على حالته الملكية وإما أن يأتي على حالته البشرية وكان كثيراً ما يتمثل في هئية الصحابي الجليل دحية بن خليفة الكلبي.
  • كيفية وحي الله، تحدثت يا دكتور مساعد عن التكليم العام وقلت أنه يأتي الإلهام في اليقظة وإلهام في المنام ويقع للنبي صلى الله عليه وسلم ويقع لغيره من البشر ويقع لغير البشر أيضاً كالجبال والنحل وغيرها.
  • تحدثت عن الوحي من وراء حجاب وهذه أيضاً نؤكد عليها أنه ليس أحد من البشر كلمه الله مباشرة بحيث يراه وإنما كلمه مباشرة ولكن من وراء حجاب ولم يثبت هذا إلا في موسى وفي محمد عليهما الصلاة والسلام.

د. مساعد بن سليمان الطيار: وفي آدم في السماء.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: نعم وآدم في السماء.

  • أيضاً إرسال الرسول بصورة ملكية أو بصورة بشرية.
  • أيضاً تحدثنا عن كيفية تلقي الرسول صلى الله عليه وسلم الوحي من أربع زوايا وكيف وصف الرسول كيف يأتيه الوحي ووصفه المقربون من الصحابة كيف يتنزل عليه الوحي، الزاوية الثالثة وصف المعارضين للرسول وإتهامهم له بالسحر والزاوية الرابعة حقيقة الوحي نفسه كيف ينقل وقلنا أن هذه لا دليل عليها والكلام فيها كلام بغير علم.
  • ذكرنا بعض الشبه للمستشرقين أنهم كانوا يتهمون النبي بأنها حالات من الصرع وحالات من الوسوسة وحالات من الصفاء النفسي وحالات من الحديث النفسي وقلنا أن هذا كله باطل ليس عليه دليل.
  • إستعرضنا أهم المصادر والمراجع وإستمعنا من الأخ فهد الجريوي الجديد في الدراسات القرآنية وبعض النصائح والتوجيهات الجميلة التي أتحفنا بها

لم يبقى معنا إلا أقل من دقيقتين يا دكتور مساعد ماذا تختم به هذه الحلقة؟ معك الأي باد وأكيد عندك فوائد كثيرة.

د. مساعد بن سليمان الطيار: لكن الحلقة تكون دائما قليلة لكن أنا أشكر حقيقة الشيخ المفيد فهد الجريوي على هذه الإضافة ولكننا فقط أريد أن أنبه إذا ذكر كتاباً يكون منتشراً ما يكون خاصاً عنده.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: مثل ماذا؟

د. مساعد بن سليمان الطيار: مثل كتاب الأسانيد.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: “السند القرآني” هذا كتاب جديد صدر أمس أو قبل أمس.

د. مساعد بن سليمان الطيار: أول مرة أسمع به وهذه فائدة الحقيقة.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: “السند القرآني السند الشنقيطي نموذجاً.”

د. مساعد بن سليمان الطيار: إذا كان فقط كان بودي لو أكدنا على أن الوحي يتضمن دلالة صدقه من ذاته لما تكلمنا عن الدليل الأول، ومن الأدلة أيضاً كون الله تحدّى به ولم يأتي إلى اليوم من يستطيع أن يخرق هذه التحدي ولن يستطيع أحد كما أخبر الله سبحانه وتعالى.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: سنخصص لها حلقة عن إعجاز القرآن إن شاء الله.

د. مساعد بن سليمان الطيار: جميل. والدليل الثالث كونه أخبر بغيوب وقد وقعت ومن أغرب الغيوب أنه قال (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) المسد) وهذه نزلت في مكة لما أعلن النبي صلى الله عليه وسلم دعوته وبقي أبو لهب وزوجه بعدها بفترة لم يستطع أبو لهب أن يقول إن محمد صلى الله عليه وسلم قال لكم كذا وإني قد آمنت به فمات على الكفر وهذا من أدل الدلائل. أغرب من ذلك الله سبحانه وتعالى لما قال (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ (52) الحج) قال (فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ (52) الحج) فلاحظ حتى لو إجتهد الشيطان في أن يتلبس أو أن يلبس على الناس فإن الله سبحانه وتعالى لا يبقي لتلبيسه أي أثر وينفيه وهذا كله حفاظ على الوحي منذ أن أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: وحماية له.

د. مساعد بن سليمان الطيار: نعم.

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: فتح الله عليك دكتور مساعد وشكر الله لك. أيها الأخوة المشاهدون الكرام أتينا إلى نهاية هذه الحلقة باسمكم جميعاً أشكر ضيفي الأستاذ الدكتور مساعد بن سليمان الطيار أستاذ الدراسات القرآنية المشارك بجامعة الملك سعود ورئيس المجلس العلمي في مركز تفسير للدراسات القرآنية. أشكر الإخوة في الإعداد الأستاذ محمد العبادي وفريقه الأخ عبد الله أبو حيان، الأستاذة سمر الأرناؤوط وأم الحارث والأستاذة أنهار المحيسن وكل من شاركنا وأشكر الدكتورة الدليجان على مداخلتها القيمة وإضافتها وأشكر كل من يشاركنا من وراء هذه الكاميرات وأشكر الأخ المخرج وفريق العمل وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من أهل القرآن العاملين به والمتدبرين له وأن يجعلنا من الموقنين به العاملين به إن شاء الله تعالى حتى نلقى الله سبحانه وتعالى غير مضلين ولا مفرطين. ألقاكم الأسبوع القادم بإذن الله تعالى وسوف نتحدث عن جمع القرآن الكريم حتى ذلك الحين أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


[1] أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، كيف يأتيك الوحي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس ، وهو أشده علي ، فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال ، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا ، فيكلمني فأعي ما يقول .الراوي: عائشة المحدث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري – الصفحة أو الرقم: 2 – خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

[2] كان أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصادقة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب إليه الخلاء ، فكان يلحق بغار حراء ، فيتحنث فيه – قال : والتحنث التعبد – الليالي ذوات العدد قبل أن يرجع إلى أهله ، ويتزود لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة ، فيتزود بمثلها ، حتى فجئه الحق وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فقال : اقرأ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما أنا بقارئ ) . قال : ( فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال : اقرأ ، قلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال : اقرأ ، قلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال : اقرأ باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . اقرأ وربك الأكرم . الذي علم بالقلم . الآيات إلى قوله : علم الإنسان ما لم يعلم ) . فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ترجف بوادره ، حتى دخل على خديجة ، فقال : ( زملوني زملوني ) . فزملوه حتى ذهب عنه الروع . قال لخديجة : ( أي خديجة ، ما لي ، لقد خشيت على نفسي ) . فأخبرها الخبر ، قالت خديجة : كلا ، أبشر ، فوالله لا يخزيك الله أبدا ، فوالله إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق . فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل ، وهو ابن عم خديجة أخي أبيها ، وكان امرأ تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العربي ، ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخا كبيرا قد عمي ، فقالت خديجة : يا ابن عم ، اسمع من ابن أخيك ، قال ورقة : يا ابن أخي ، ماذا ترى ؟ فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى ، فقال ورقة : هذا الناموس الذي أنزل على موسى ، ليتني فيها جذعا ، ليتني أكون حيا ، ذكر حرفا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أو مخرجي هم ) . قال ورقة : نعم ، لم يأت رجل بما جئت به إلا أوذي ، وإن يدركني يومك حيا أنصرك نصرا مؤزرا . ثم لم ينشب ورقة أن توفي ، وفتر الوحي فترة ، حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

الراوي: عائشة المحدث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري – الصفحة أو الرقم: 4953 – خلاصة حكم المحدث: [صحيح]