الحلقة (9)
عنوان الحلقة: البدع العملية المتعلقة بالقرآن الكريم
ضيف الحلقة:
الشيخ أحمد بن عبدالله بن محمد آل عبدالكريم ، المحاضر بقسم القرآن وعلومه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ومؤلف كتاب “البدع العملية المتعلقة بالقرآن الكريم” الذي سبق التعريف به في الموضوع التالي
صدر حديثاً (البدع العملية المتعلقة بالقرآن الكريم) للباحث أحمد العبدالكريم
http://www.tafsir.net/vb/tafsir29210/
ويدير اللقاء د. عبدالرحمن بن معاضة الشهري، الأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود.
—————–
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أيها الأخوة المشاهدون الكرام في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير ومسرّة. اليوم نرحب بكم في حلقة جديدة من برنامجكم “أضواء القرآن” وسوف يكون حديثنا بإذن الله تعالى في هذا اللقاء حول موضوع يهمنا جميعاً في تلاوة كتاب الله وفي التعامل معه وهو موضوع “البدع العملية المتعلقة بالقرآن الكريم” وهو موضوع نحتاجه جميعاً حتى نتنبه إلى مثل هذه الممارسات التي قد يتلبس بعضنا بها وهو لا يعلم، قد يقع فيها وهو لا يعلم أثناء قراءته للقرآن الكريم أو أثناء تعامله مع القرآن الكريم. حول هذا الموضوع أيها الأخوة المشاهدون يسعدني أن أرحب بأخي الكريم فضيلة الشيخ أحمد بن عبد الله آل عبد الكريم المحاضر بقسم القرآن وعلومه بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حياكم الله يا شيخ أحمد.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: أهلاً وسهلاً وحياكم الله.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أهلاً وسهلاً بك، وفضيلة الشيخ أحمد بن عبد الله آل عبد الكريم يعمل محاضراً بقسم القرآن وعلومه وقد كتب رسالته للماجستير في موضوعنا هذا اللقاء “البدع العملية المتعلقة بالقرآن الكريم” وقد طُبِعت رسالته في دار المنهاج بالرياض وهي مطبوعة ومتداولة وفيها توسيع لموضوع هذه الحلقة فلعلنا في هذا اللقاء بإذن الله نأخذ خلاصة مركزة لموضوع رسالته بإذن الله تعالى. وسوف يكون معنا مداخلات مع بعض أصحاب الفضيلة في نقاط محددة من نقاط هذا الموضوع وأرجو إن شاء الله أن تستمعوا بهذا اللقاء. أكرر الترحيب بك يا شيخ أحمد وأسأل الله أن يتقبل منك.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: جزاك الله خير.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ودعنا يا شيخ أحمد ونحن في برنامج أضواء القرآن نتناول موضوعات علوم القرآن. انتهينا في الحلقات الماضية من موضوعات نزول القرآن الكريم وما يتعلق به ثم توقفنا مع موضوع فضائل القرآن الكريم وكنا في الحلقة الماضية تحدثنا عن آداب تلاوة وقراءة القرآن الكريم. واليوم نتحدث عن البدع العملية المتعلقة بالقرآن الكريم وبعضها يتعلق بتلاوته وهي مسألة متعلقة بالآداب أيضاً التي تحدثنا عنها في اللقاء الماضي. بداية يا شيخ أحمد علاقة موضوع بِدَع القرآن الكريم بعلوم القرآن الكريم التي هي موضوع برنامجنا بصفة عامة كمدخل لهذا الحوار.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد. فأشكر لكم فضيلة الدكتور كريم دعوتكم وهذه الاستضافة أرجو إن شاء الله أن ينفع الله جل وعلا بها المتحدث والسامع وأسأله سبحانه وتعالى بمنّه وكرمه أن يبلّغ هذا الصوت الذي نرجو إن شاء الله أن يكون تطهيراً لبعض المعتقدات وتطهيراً لبعض المعلومات التي ربما تستند إلى إما استحسان لا يستند إلى دليل أو أنها ترجع إلى أصول ضعيفة، فلعل الله جل وعلا أن يبلغ هذا الصوت للأمة الإسلامية حتى نحن وإياهم نتعاون على اتباع سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام. وبعد فقضية تعلّق هذا الموضوع البدع العملية المتعلقة بالقرآن الكريم بعلوم القرآن هو في حقيقته فرع عن هذا العلم، وربما أن بعض الأخوة المشتغلون بقراءة كتب علوم القرآن لا يجدوا فصلاً ظاهراً من الفصول يتعلق بهذه البدع لكن دائماً صاحب الحاجة يفتش حتى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يجد.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: يجد نعم معلومة في ثنايا كتب علوم القرآن. الإمام النووي رحمه الله صنف كتاباً في علوم القرآن عنوانه “التبيان في آداب حملة القرآن” وهو رحمه الله عالم موسوعي ودائماً هؤلاء النخبة هم الذين يفيدون من ورائهم في كل العلوم التي يشتغلون بها، هو محدِّث رحمه الله ومفسر وأيضاً هو رحمه الله فقيه ويكفي المجموع عَلَماً على فقهه رحمه الله، فجعل رحمه الله فصلاً من الفصول في كتابه عن البدع المُنكرة هكذا قال التي ربما يتعاطاها الناس أو تقع في مساجدهم وهم لا يعلمون عن بدعتها. الباقلاني رحمه الله متقدم كتب كتاباً في هذا الجانب اسمه “الانتصار للقرآن الكريم” تعرض لشيء من أطراف هذا الموضوع. الإمام السيوطي رحمه الله عقد فصلاً فيما يتعلق بالآداب والمستحبات وهو مشهور معروف ذكر فيه بعض الجوانب.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: في كتاب الإتقان.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: نعم في كتاب الإتقان، ذكر بعض الجوانب التي ربما يظن الظانّ أنها تعتمد إلى سنة من السنن وسنأتي ربما عليها في قضية صيام يوم الختم مثلاً أو نحوه وهذا الحقيقة علق أهل العلم عليها بأنها لا تندرج في المستحبات ولا في السنن وإنما ترجع إلى البدع. أبو شامة رحمه الله شارح الشاطبية له كتاب في هذا اسمه “المرشد الوجيز” تكلم عن طرف من أطراف هذا الموضوع وله كتاب “الباعث على إنكار البدع والحوادث” والإمام رحمه الله موسوعي نقل عن ابن تيمية وأمثاله من شيوخ الإسلام. فبهذا ربما نعلم جميعاً بأن هذا الموضوع له فصول وتواجد في كتب علوم القرآن جدير بالباحث أن يُخرِج بعض ما ربما لا يظهر لسائر طلاب العلم وإن شاء الله غير خافٍ على عموم طلاب العلم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: دعنا يا شيخ أحمد ما المقصود بالبدع العملية المتعلقة بالقرآن الكريم؟ يعني قد يقول قائل هل تقصدون أن هناك بدع اعتقادية، هناك بدع قولية، فقلتم بدع عملية هل هذا هو المقصود؟
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: نعم هذا هو المقصود، البدع العملية هي كل فعل ظاهر لا يستند إلى شرع والأصل في هذا قوله عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ» فالأعمال الظاهرة في الأقوال أو في الأعمال هذه هي التي أريد بها قضية البدع العملية، هناك بدع اعتقادية بدعة الخوارج والمرجئة، بدعة القول بخلق القرآن، نفي الكلام عن الله جل وعلا، هذه بدع اعتقادية وإن كان العلماء لا يفرّقون تفريقاً واسعاً بين بدع الأقوال وبدع الاعتقاد بل هي وليدة أخرى كما يقول ابن القيم رحمه الله يقول: إن بدع الأقوال وبدع الاعتقاد تناكحا فأظهرا من أولادهم هذه البدع التي ملأت بعض البلاد الإسلامية.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يأتي سؤال يا شيخ أحمد وهو أن المعروف أن البدعة هي طريقة كما يقولون مختَرعة في الدين.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: نعم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يُقصد بها التعبّد، هل كل البدع التي صنفت تحت البدع العملية المتعلقة بالقرآن الكريم فيها هذا الضابط؟
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: نعم، هي لا يمكن أن يطلق على البدعة هذا الاصطلاح العلمي إلا وصاحبها يريد التقرب من ورائها، ولهذا العلماء يفرقون بين البدعة وبين المعصية.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: جميل.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: نعم، فالمعصية لا يقال بأنها بدعة لأن مرتكبها يعلم أنها معصية إذا كانت لا تخفى عليه الأدلة. أما البدعة فإن صاحبها يريد منها أن يتقرب إلى الله جل وعلا بها ولهذا كانت من هذا الجانب أعظم من المعصية لأنها استدراك على الشارع الحكيم وافتراء ولهذا الله جل وعلا عاب على المشركين قضية الافتراء وعاتبتهم عليه في سورة الأنعام عتاباً شديداً وكذلك في سورة المائدة (مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ) كل هذه مما أرادوا بها.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: تقصد يا شيخ أحمد استدراك على الشارع كأن الدين ناقص وهذا المبتدِع يريد أنه يكمل.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: نعم يقع في هذه البدعة قد يكون داعٍ لها وهذا أعظم وقد يكون مصدِّق بها ومطبِّق لها فمن واقعهم نرى بأن هذه البدع يراد بها التقرب إلى الله جل وعلا، وأما التي لا يريد منها صاحبها التقرب إلى الله يرتكبها هكذا فهذه تكون تجاوز ومعصية.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: دعنا قبل أن ندخل يا شيخ أحمد إلى ذكر أمثلة للبدع المتعلقة بالعملية المتعلقة بالقرآن الكريم باختصار الأسباب التي أدت برأيك وحسب بحثك إلى انتشار البدع العملية المتعلقة بالقرآن الكريم، ما هي هذه الأسباب؟
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: هو الحقيقة حصر الأسباب لكن هناك أبرز ما يمكن أن يشار إليه بأنه سبب، التنشئة في بيئة تمارس هذه البدع، لما ينشأ الصغير في بيئة تحيط به وهي تعتقد بعض الاعتقادات أو أنها تسبِّح بطريقة بدعية أو تقرأ بطريقة بدعية فينشأ هذا الناشئ وربما يتعلم أحياناً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: فيألف هذا الجو.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: يألف هذا الجو ومن ثم يصدق بأن هذا هو الجو الشرعي إن لم يتداركه الله جل وعلا، من المهم في قضية الأسباب ويجب الحقيقة الإشارة إليها لا سيما في وقتنا هذا مسألة وسائل الإعلام، وسائل الإعلام تساهم في يومنا هذا مساهمة كبيرة جداً في قضية نشر البدع المتعلقة بالقرآن أو بغيره لكن لما كان هذا موضوعنا أشير إلى بعض الأمثلة والنماذج يعني لما يحصل مثلاً مأتم وتنقل فيه الجنازة بصورة مترسّلة جداً قارئ القرآن يحيط بهذه الجنازة يرتل الآيات والحقيقة لما كنا نشاهد هذه المشاهد لا نظن أن لها امتداد في السابق، النووي رحمه الله ينتقد أبناء زمانه عندما يشيعون الجنازة بقوله جل وعلا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ).
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) أو (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) فالحقيقة ولله الحمد بلادنا هذه سالمة من هذه المظاهر وكبار علمائنا وأئمتنا نجد أنهم يُدفنون بطريقة ليس فيها زيادة عن غيرهم من سائر الناس. لكن لما نشاهد بعض البلاد الأخرى ربما تجد هذه المظاهر سائدة وهي امتداد ولا شك مما تقدم في العصور السالفة التي نجد أهل العلم قد أنكروا فيها هذه الطريقة التي ليست على نهج الشريعة وربما سيأتي إن شاء الله مزيد حديث عن هذه البدعة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: تعتبر برأيك هذه الأسباب يعني من أبرز الأسباب قضية الإلف والعادة والنشأة في بيئة وأيضاً الوسائل التي تنشر مثل هذه البدع.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: صحيح هناك أيضاً سبب وهو واقع عند بعض من يلتمس للبدع سبيلاً علمياً وهو أن يقيس على ما لا يصح القياس عليه، وهذه الحقيقة لما تشاهد بعض الممارسات للبدع وترجع إلى أصولها تجد أنهم يشرّعون لها قياساً ليس له أصل.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: مثل ماذا؟
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: مثل قضية من يرى مثلاً سنية تقبيل المصحف وهذه مسألة خلافية وإن كان الأثر الوارد فيها لا يصح والعلماء على أن هذه المسألة ليس لها أصل يعتمد عليه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني لمن يتخذ ذلك ديدناً وعادة.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: لمن يتخذ هذا أو يداوم عليه فِعله مرة واحدة لا يلحق في قضية البدعة لكن مع الإصرار والمداومة عليه يصنف في هذا الباب. فمن رأى هذا العمل ذهب إلى قضية القياس على تقبيل الحجر الأسود وقال هذا جماد وهذا جماد فلماذا فرّقتم بين أن يقبل الحجر الأسود ويتخذ عبادة ويزاحم عليه وبين تقبيل المصحف الذي لا يزاحمك عليه أحد؟!.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: مع أن القياس يقول أن المصحف أشرف.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: والمصحف أشرف، هذا حجر وهذا كلام الله. فالواقع الحقيقة أن مثل هذه الممارسات بحاجة إلى تنبيه. ابن عباس رضي الله عنه كان يطوف مع معاوية بن أبي سفيان والحديث في صحيح مسلم فمعاوية رضي الله عنه كلما مر على ركن من الأركان الركن العراقي والركن الشامي واليماني كل ما مر على ركن قبله كتقبيل الحجر الأسود فقال له ابن عباس مُنكراً: ليس هذا العمل من السنة كونك تقبل جميع أركان البيت فقال رضي الله عن معاوية: ليس شيئاً من البيت مهجور لماذا أقبل الحجر وأترك سائر الأركان؟ فقال له ابن عباس رضي الله عنه قاعدة يجب أن تكون عند كل مسلم (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) النبي عليه الصلاة والسلام هل تجاهل هذه الأركان؟ مرّ بها مسح على اليماني وقبل الحجر الأسود وترك الركن العراقي والشامي، ولهذا الحقيقة يجب أن يكون هناك اتباع وامتثال ولا يفرق المسلم يقول لماذا شُرِع هنا ولم يُشرع هنا؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأيضاً موقف عمر رضي الله عنه مع الحجر الأسود المشهور عندما قال: والله إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك. نفس الفكرة مسألة اتباع لا أقل ولا أكثر.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: اتباع لا أقل ولا أكثر. السيوطي رحمه الله في هذه المسألة قال: والولد كذلك يقبل فلماذا تفرقون بين تقبيل الولد وبين تقبيل المصحف، المصحف أعظم عندنا من أولادنا.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: وهذا أيضاً يقال بأن تقبيل المصحف هو من باب العبادة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: صح.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: وتقبيل الولد هو من باب العطف والرحمة ثم إن النبي عليه الصلاة والسلام أنكر على الأقرع بن حابس لما قال: يا رسول الله لي عشرة من الولد ما قبلت واحداً منهم. فقال النبي عليه الصلاة والسلام والحديث في الصحيحين «من لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ» ففرق بين المسألة التي ثبتت لها الأدلة والمسألة الأخرى التي لم تثبت بها أدلة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هل بقي شيء من الأسباب التي ترى أنها كانت سبباً؟
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: ربما ما أشرنا إليه فيه كفاية، هناك سكوت بعض أهل العلم عن البدع، أهل العلم إذا كانوا في مجتمع يرون البدع يجب عليهم أن ينبهوا، الجهل كذلك والمشروع في العبادة وهذا الحقيقة سائد مع الأسف عند الأوساط الدينية.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: طيب دعنا يا شيخ أحمد نبدأ في نماذج أو ذكر بعض البدع العملية المتعلقة بالقرآن الكريم ونبدأ ببدعة في قراءة القرآن الكريم وفي ترتيله يعني هل هناك بدع تتعلق بترتيل القرآن الكريم وتلاوته؟
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: هو ترتيل القرآن شريعة وسنة والأدلة دلت عليه قال ربنا سبحانه (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) وربنا سبحانه يقول (وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (عَلَى مُكْثٍ).
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: (عَلَى مُكْثٍ) يعني على تمهل وتَرَسُّل وترتيل. النبي عليه الصلاة والسلام أشاد ببعض أصحابه ابن مسعود رضي الله عنه «من أراد أن يقرأ القرآن غضاً طرياً كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد رضي الله عنه ابن مسعود»، أبو موسى الأشعري لما استمع النبي عليه الصلاة والسلام «لو رأيتني البارحة وأنا استمع إلى صوتك قال: لو علمت يا رسول الله لحبّرته لك تحبيرا» كان رضي الله عنه قارئاً مرتلاً قد شهد له النبي عليه الصلاة والسلام بأنه يملك مزماراً من مزامير آل داود. تسلّلَ إلى قضية الترتيل مسألة قراءة القرآن على أوزان وقوالب موسيقية معينة دخلت ولها تاريخ في دخولها لعل من المناسب الإشارة إليه هي ما يسمى القراءة بالألحان أو القراءة بأنغام الموسيقى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: المقامات.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: أو المقامات نعم كل هذه الاصطلاحات تصح على قضية دخول هذه البدعة على ترتيل القرآن. الترتيل كان سالماً من قضية هذه الأنغام، لكل قومٍ طريقة في ترتيلهم، ومن المعلوم حتى في علم الموسيقى أن كل قطر من الأقطار لهم أنماط معينة ولهم أيضاً درجات موسيقية إن صح التعبير يرتلون عليها ويقرؤون وهذا مميز حتى في بلادنا.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني دون تكلّف.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: دون تكلّف، لما مثلاً يرتل النجدي خلاف ترتيل الحجازي، خلاف ترتيل اليمني، هذا وارد حتى في عُرْفِنا، ونتكلم مثلاً عن النشيد بشكل عام. فدخل إلى أبناء العرب مع الفتوحات الإسلامية الغناء الفارسي وهو الذي تسلّلَ إلى أبناء المسلمين بأنظمة معينة دخل إلى ترتيل القرآن الكريم، فاتخذوا منه قوالب معينة وصبوا قضية الترتيل في هذه القوالب فهناك أنماط معينة يعرفون صوت القارئ هذا يقرأ بالمقام الفلاني والآخر بالمقام الفلاني وهكذا، كان هذا في أواخر عهد الدولة الأموية.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: متقدم يعتبر.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: متقدم جداً بل امتد به الأجل من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام أدرك هذا كأنس بن مالك رضي الله عنه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: حدود سنة 120 و 110.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: تقريباً، جيء لأنس رضي الله عنه برجل يُطَرِّب القرآن وكانوا أدخلوه إليه فرحين بهذا الصوت، فأنس رضي الله عنه كان في آخر عمره يتخذ خرقة سوداء على وجهه حتى إذا رأى -من كبر سنه- حتى إذا رأى ما يكرهه أو يتضايق منه كشف الخرقة عن وجهه وأنكره فجيء له بهذا القارئ فقرأ عنده فكشف الخرقة عن وجهه وقال: يا بني ما هكذا كانوا يقرؤون، ما هكذا.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: كانوا يقرؤون.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: كانوا يقرؤون. فدخلت هذه الأنغام ازدهرت في العهد العباسي ونقل عن هارون الرشيد أنه كان مفعماً بحب الأنغام الموسيقية حتى إنه اتخذ محمد بن سعيد الترمذي وكان على وصفهم قارئاً لا يشق له غبار في قضية الترتيل حسب هذه الأنظمة الموسيقية.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: عجيب!
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: نعم فاتخذه وكان يقرأ عنده (انقطاع في الصوت).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: معنا الدكتور إبراهيم بن سعيد الدوسري الأستاذ بجامعة الإمام حياكم الله يا دكتور إبراهيم.
أ.د. إبراهيم بن سعيد الدوسري: الله يحييكم، مرحبا فيكم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: دكتور إبراهيم نحن نتحدث مع الشيخ أحمد آل عبد الكريم عن موضوع البدع المتعلقة بترتيل القرآن الكريم وهو أطلق عليها الشيخ أحمد وصف بدعة وهي قضية القراءة على وفق المقامات واللحون التي يذكر أنها دخلت في آخر الدولة الأموية تقريباً. الآن يا دكتور نحن نشاهد الآن يا دكتور إبراهيم توسع في قضية دراسة أو قراءة القرآن الكريم بالمقامات حتى أصبح يُعقد لها مسابقات على بعض القنوات الفضائية وسمعت أن هناك بعض المعاهد التي تدرِّب على مثل هذا الأمر وهو تلاوة القرآن الكريم بالمقامات المقام الحجازي، ومقام النهاوند، ومقام الصبا، ومقام السيكا، ما رأيك يا دكتور إبراهيم بمثل هذا وما هو الرأي الصحيح والصواب في مثل هذا الموضوع؟
أ.د. إبراهيم بن سعيد الدوسري: بسم الله والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن نبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أرحب بكم فضيلة الشيخ.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الله يحييك.
أ.د. إبراهيم بن سعيد الدوسري: الدكتور عبد الرحمن وبفضيلة الضيف الشيخ أحمد والأخوة المشاهدين والمشاهدات، وفضيلة الشيخ أحمد أفاض بهذا الموضوع وأتى بما لا مزيد عليه لكن لا بأس من المشاركة بما يتيسر. موضوع الألحان أو موضوع قراءة القرآن الكريم محله كتب التجويد وكتب القراءات ونحن اليوم إذا نظرنا إلى هذه الكتب وتأملناها فإننا نجد أن هذه الكتب لا تذكر هذه الألحان أو التلحين أو المقامات -كما تفضلتم قبل قليل- لا يذكرونها إلا على وجه التحذير منها، وهذا بعد إطلاع على هذه الكتب لم نقف على عالم معتبر من الأئمة الذين يعتد بهم من اعتبر هذه العلوم من علم التجويد أو أنها من علوم القراءة بل يصنفونها من الأساليب الممنوعة كما جاء عن ابن الباذش والأهوازي والشهرزوري وغيرهم من علماء القراءات فيعدون من الأساليب الممنوعة ويعدونها معيبة ومذمومة بهذه التعابير من ضمنها قراءة التلحين أو الألحان أو التطريب أو التحريف وهو أن يرجِّع الصوت وتُحَسّن القراءة على طريقة الشعراء والمغنين ويترنمون بالتلاوة بحيث يزيدون في المد أو ينقصون منه أو يزيدون في الغُنّة أو يقصرون منها وهكذا، ومثل هذا في كتب التجويد وهي التي عليها المعوّل هي في محل الذمّ.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: دكتور إبراهيم هل يمكن يا دكتور بعض الذين يسمعون مثل هذا الكلام قد يقع في أذهانهم نوع من التعارض بين هذا الذي تقوله الآن من أنه ذمّ مثل هذه اللحون المذمومة وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم «ليس منا من لم يتغنّى بالقرآن» والحث على التغني بالقرآن كيف نزيل هذا الالتباس؟
أ.د. إبراهيم بن سعيد الدوسري: التغني غير الغناء، يعني التغني طبعاً ذكر له العلماء عدة معاني من ضمنها كما لا يخفي على شريف علمكم وعلم فضيلة الضيف والأخوة المشاهدين أن من ضمنها التغني بالقرآن الكريم هذا واحد من المعاني المعدودة وإن كان يعني عليه بعض الاعتراض وأيضاً ذكروا من ضمن التغني هو المقصود تزيين صوت، هو تزيين الصوت، وتزيين الصوت يحصل بدون دراسة هذه الأنغام والتقيد بها وذلك أن النغم حينما يلتزم به صاحبه فإنه لا بد أن يخرج عن قواعد التجويد المعتبرة وخاصة ما يعرف بالنغم المركّب، فإن النغم المركب يقتضي حذف بعض المدود وقصرها ولهذا بعض الناس يقولون إننا نقرأ بالأنغام أو المقامات أو التلحين في الحقيقة لا يعرفون هذه الأشياء كثير منهم، لا يعرفون أصلاً علم الموسيقى فلذلك هم ربما فقط يحاولون أن يجملون قراءتهم ويزينونها لا أكثر ولا أقل وتزيين القراءة أمر محمود وتفضل الشيخ أحمد قبل قليل بأن هذا أمر مطلوب وتزيين القراءة أمر من الأمور المستحسنة. وأذكر أن الإمام أحمد بن حنبل لما سأله أحد الناس عن قراءة الألحان قال له: ما اسمك؟ قال: اسمي محمد، قال: أتحب أن يقال لك يا مُـــحَــــمّـــــــد فزاد في المدود أو مد الحروف يعني طول في الحركة فقال: لا، قال: فكذلك كتاب الله، فلهذا كتاب الله عز وجل الأصل أن يتعبد به وأن يرفع به عن مثل هذه الأشياء وهذه الظواهر التي حصلت أخيراً في مثل بعض المسابقات التي تعقد وتنظم في مثل هذه الأشياء لا شك أن هذا مخالف للمنهج الذي عليه علماء القراءات وعلماء التجويد المعتبرين وممن يتوقع عنه العلم، لا نعرف من علماء القراءات ممن يُقرئون القرآن من يلتزم بهذا النغم ويقول اقرأ بهذا النغم واترك هذا النغم وافعل هذا ولا تفعل هذا، كل ما نعرفه من علماء القراءات أنهم ربما لهم معرفة كسائر الناس بهذا العلم لكنهم يقولون اقرأ والتزم بالتجويد أما النغم فخذ منه ما شئت ودع منه ما شئت المهم أنك تقرأ بالتجويد، تقرأ قراءة صحيحة ومن يقرأ بالتجويد فإنه لا يمكن أن يتراكب وأن يتطابق مع الأنغام، فلهذا لا يمكن أن يجتمعا، لأنه متى قرأ بالنغم والتزم به فلا بد أن يُخِلّ.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الله يجزاك خير، نختم بهذه الفكرة يا دكتور وهي بعض الذين يدعون لقراءة القرآن بهذه المقامات يقول: غاية ما يمكن أن يستفيد منه القارئ أو التالي بهذه المقامات هو أنه يتجنب النشز في قراءته، ما يصير عنده نشز ينتقل من مقام إلى مقام بطريقة غير مقبولة، فما تعليقك على هذا؟
أ.د. إبراهيم بن سعيد الدوسري: قابلنا بعض علماء القراءات يذكرون مثل هذا ويقولون هو ما أشبه ما يكون بالملح يعني يُسَمّ سمّاً ويتذوق تذوقاً يعني هذا العلم لا بأس أنه يتذوق منه ويسمن ولهذا ابن حجر رحمه الله في “فتح الباري” ذكر أنه ليس جائزاً بل مستحباً على هذا الأساس، على هذا الوجه قال بشرط أن لا يخرج عن قواعد التجويد، ولهذا نحن من قابلناه من علماء القراءات على اختلاف أنواعهم من الكبار الذين يعتد بأقوالهم نعرف أنهم يعرفون هذه العلوم لكنهم لا يطبقونها في علم التجويد والقراءات وإنما يرون أن معرفتها والإلمام بشيء منها ربما يساعد على تحسين الصوت بشرط أن لا يكون ذلك على حساب التجويد، وعلى حساب وجوه الأداء. وإذا كان الأمر كذلك فيكون الخلاف صوري بين الناس ويكون الأمر سهلاً إن شاء الله. لكن إشاعة هذا العلم وشهرته بأنه علم المقامات والأناشيد ومثل هذه الأشياء وربطها بكتاب الله عز وجل هذا هو المعيب، وهذا هو الأمر المذموم، كتاب الله عز وجل ينبغي أن يؤخذ على وجه التقدير والتعظيم لا على وجه الغناء والألحان.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: شكر الله لكم يا دكتور إبراهيم، جزاكم الله خيراً. الأستاذ الدكتور إبراهيم بن سعيد الدوسري الأستاذ بجامعة الإمام شكر الله لكم. استمعت يا شيخ أحمد إلى كلام الشيخ إبراهيم في قضية المقامات يعني كلام الحقيقة لا مزيد عليه هل هناك تعليق؟
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: نعم، أشكر فضيلة شيخنا الدكتور إبراهيم الدوسري وفقه الله والحقيقة أنا أقول بأن مثل الشيخ حجة في هذا الباب لأن الرجل وفقه الله متضلع من علم القراءات قرأها على كبار شيوخ أهل هذا الزمان وهو إضافة إلى ذلك مقرئ ومشتغلٌ أيضاً بتدريس علم القراءات وعلم التفسير، فأنا أقول الحقيقة للجيل القرآني أن ينصرف إلى أمثال هؤلاء العلماء ليستمعوا إلى مثل أحكامهم لا سيما في مثل هذا الباب.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الحقيقة لفت نظري دليل ممتاز جداً ذكره الدكتور إبراهيم حفظه الله وهو شيخنا أبو سعيد وهو أن كتب التجويد المعتبرة وكتب القراءات المعتبرة لا تذكر مثل هذا إلا على وجه التحذير منه وهم أهل الاختصاص في هذا الفنّ فعندما يأتيك واحد غير مختص بالقراءة والإقراء والتجويد ثم يحسن مثل هذه الأشياء نقول له: ليس هذا هو تخصصك.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: هو الحقيقة مثل ما ذكرت ولو كان التعليم لهذا وأيضاً تقليب الأصوات عليه في باب الإنشاد مثلاً لكان الأمر سهلاً، الإنشاد بابه واسع ولا أتحدث عن قضية جوازه وحرمته وما يضاف إليه، لكن قضية ترتيل الصوت في غير القرآن هذا باب آخر.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني القرآن له خصوصية.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: له خصوصية، كلامنا هذا وكلام فضيلة شيخنا الدكتور إبراهيم كله عن ما يتعلق بالقرآن. ابن الباذش رحمه الله امتداداً لكلام الشيخ في مسألة مما يشم من رائحة هذه الأصوات الجميلة يقول رحمه الله فيما يتعلق بقراءة التحزين وهو معروف عند أهل الفن يقول: ما سهُل منها فحسنٌ لصاحب الصوت الحسن.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بدون تكلف يعني.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: صاحب الصوت الحسن والحقيقة أنا أتساءل لما أرى بعض من يتحمس لقضية أن هذه المقامات يجب أن يتعلمها كل قارئ يقرأ القرآن حتى يحسن صوته، والسؤال الذي يطرح نفسه هل الصوت مكتسب أم جبلّي؟ هذا أمر مهم جداً، هل رأينا يوماً شاباً له صوت سيء ثم في الغدو بعد التمرس انتقل إلى صوت حسن؟! هو الحقيقة هبة من الله جل وعلا.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني يضبط قليلاً يمكن.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: ربما شيئاً يسيراً جداً لكن لا يفرق الحقيقة، وكم نعلم من أصحاب الأصوات الحسنة ممن لم يتعلموا هذه المقامات ولهذا ابن الجوزي رحمه الله في تأويل قول الله جل وعلا (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ) ذكر قراءةً فيها شذوذ قال: يزيد في الحلق ما يشاء، وقال: هو الصوت الحسن ذكره من ضمن الأقوال في الآية. ولهذا حتى فيما يتعلق بالأمور الجبلية بشكل عام لا في جمال الأجساد والأشكال والألوان التي خلقها الله جل وعلا متى ما أراد الإنسان أن يغير فيها ربما يكون الأمر يفضي إلى ..
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هناك مسألة يا شيخ أحمد وهي مسألة أن الذين يدعون إلى القراءة بالنغم والمقامات يقولون أن كل قارئ للقرآن الكريم شاء أم أبى هو ملتزم بمقام من المقامات يقرأ به فمثلاً بعضهم لا يعرف المقام الحجازي ولا مقام الصَبَا مثلاً لكنه يقرأ به دائماً فهؤلاء يقولون أنت شئت أم أبيت أنت تقرأ بنغم من هذه الأنغام التي تعرفها العرب ولذلك العرب كما تفضلت لها لحون معروفة في إنشادها وفي قراءتها وفي تطريبها فالذي يقرأه يقرأ القرآن الكريم بلحون العرب دون تكلّف وهذا هو مقتضى الأمر بالترتيل والتغني وتجميل الصوت وتزيينه، لكن هناك شيء أدهى من هذا ربما يظن بعض المشاهدين أننا نقصده هذاك خارج محل النزاع وهو الذي يلحن القرآن الكريم ويغنيه على ألحان الموسيقى طبعاً هذا لا خلاف في حرمته وهناك من فعل ذلك. أذكر أنا قرأت في أحد المجلات قديماً في مصر هناك من رتل سورة الفاتحة وقصار السور رتلها كما ترتل الأغنية عفواً غنّاها على العود وعلى الكمان وعلى فرقة موسيقية وهذا لا شك في حرمته ونحن لا نتحدث عن هذا، نحن نتحدث عمن يُلزم بالتزام المقامات. هل ننتقل عن هذا المحور أم ما زال عندك فيه إضافة؟
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: قضية ما تحدثت عنه في الأخير من قضية العزف ونحوه هذا ليس المجال في قضية دخوله في المحرم من عدمه وإلا الكلام يخشى عليه من الكفر لأن الاستهزاء بالقرآن كفر بالإجماع.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا شك صحيح.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: الاستهزاء بالقرآن كفر بالإجماع، ولهذا أفتى عدد من العلماء أن من يعزفه على هذا فقد وقع في الكفر نسأل الله العافية والسلامة والمسألة خطيرة جداً، يعني قضية أن يرتله بدون الآلات هذا باب هو الذي نتحدث فيه أما أن يصل إلى الاستهزاء والسخرية.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذه مسألة.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: هذه أعظم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعود يا شيخنا إلى مسألة من مسائل البدع العملية المتعلقة بالقرآن الكريم. تحدثنا عن المتعلقة بالتلاوة والترتيل وقلنا وذكرتم أبرزها وهي مسألة المقامات وما يتعلق بها وأرجو أن تكون الرسالة وصلت إلى الأخوة الذين يناقشون مثل هذه المسألة. هناك مظاهر للبدع متعلقة بالقرآن في المساجد غالب تلاوات الأئمة في المساجد والصلوات وهم يقرؤون خاصة التلاوة الجهرية أو من يقرأ القرآن الكريم في المساجد هل هناك من بدعة تتعلق بهذا المظهر ينتبه لها الأخوة الذين يفعلون ذلك؟
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: المساجد شاءها الله جل وعلا رفعة للعُبّاد وقد أذِن الله جل وعلا في رفعتها كما في قوله (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ (37) النور). لما بال الأعرابي في حديث أنس الوارد في الصحيحين لما بال الأعرابي في المسجد قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «إن هذه الأقذار لا تصلح في المساجد إنما هي للصلاة ولذكر الله وقراءة القرآن» فالمساجد مخصوصة بهذه العبادات، ولهذا لا يخفى على الجميع أن الله جل وعلا حرّم فيها ما يتعلق بنشد الضالة ونحوه من المسائل التي لا تصلح للمساجد إنما هي مناسبة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: للأسواق.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: الأسواق، البيع والشراء، ونحوه. من الأمور المحدثة في قضية المساجد ما يتعلق بالجهر بالأذكار ومنها كما نعلم جميعاً قراءة بعض الآيات أو السور بعد الصلوات فيوجد في بعض المجتمعات الإسلامية من يقصد أن يرتل هذه الآيات بعد الصلاة فيكون الذكر جماعياً من الجميع يشتركون فيه وهذا الواقع الحقيقة أنه خلاف ما كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه كلٌ منهم يسبِّح
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بمفرده.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: لوحده، وأيضاً النبي عليه الصلاة والسلام حذر من الجهر بالقراءة قال: «لا يجهر بعضكم على بعض في القراءة» فهي عبادة لم تشرع بهيئة الجماعة كما سنأتي إن شاء الله عليه في مسألة قراءة القرآن بالإدارة وإنما شرعت ليقرأها القارئ لوحده، فيوجد في بعض المساجد من يقصد هذا الأمر. والذكر الجماعي هو في حقيقته قديم يعني وجد على عهد الصحابة رضي الله عنهم روى أبو البحتري عن ابن مسعود رضي الله عنه خرج إلى قوم يجتمعون على الذكر فقال: ما لكم؟ قالوا: نجتمع على ذكر الله، فذكر بأن النبي عليه الصلاة والسلام لا يزال أصحابه متواجدون ومع ذلك يقع مثل هذا الأمر في حياة أصحابه فأنكر رضي الله عنه عليهم. ثم بعد ذلك وقع الأمر بالذكر الجماعي في الدولة العباسية أمر به المأمون فأرسل في وزرائه ونوابه أن تقام في المساجد الأذكار بصفة شرعية أو بصفة معلنة فمن هنا نشأ عند أجيال أو أبناءهم قضية ومشروعية الذكر الجماعي وتتابعوا عليه، ولذلك العلماء ينبهون على ضرورة التنبيه إلى أن مثل هذه الأذكار إنما هي مشروعة على سبيل الإفراد لا على سبيل الجماعة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: إذن هذا من الأشياء التي تتعلق بالبدع العملية المتعلقة بالقرآن في المساجد والقراءة في المساجد وهي القراءة الجماعية أو الأذكار التي تشتمل على قرآن.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: نعم. هناك الحقيقة مما يضاف في قضية المساجد وهذا الحقيقة مع توسع البناء وتطوره أصبحنا نشهده في أكثر المساجد كتابة القرآن الكريم على المساجد.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: صحيح، بخطوط جميلة.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: المساجد تجد أنها تطرّز بهذه الخطوط الجميلة، تعلو المساجد، أحيانا يكتبون سورة يس، أحيانا يجعلون في المحراب آية (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) أو (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: صحيح.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: وبالمناسبة كثيرٌ من الكتّاب ربما يجهل معنى هذه الآية.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: المحراب ليس المقصود.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: ليس المقصود بالمحراب الوارد في قصة مريم عليها السلام أنه محراب مساجدنا أو محاريب مساجدنا اليوم وإنما المحراب هو الغرفة العالية،
ربة محرابٍ إذا جئتها لم أدنو حتى ارتقي سُلَّما
وهذا يبين من شواهد العرب أن الغرفة العالية تسمى محراباً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: محراب.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: نعم، وفي سورة ص.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ).
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: (مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ) وأيضاً في قضية في ذكر.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: زكريا.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: زكريا أو ذكر داود عليه السلام في سورة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ).
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: نعم (إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ) فالتّسور هنا يدل على أنه يحتاج إلى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ارتقاء.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: إلى ارتقاء، نعم، فليس المراد بالمحراب الوارد في الآية.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: المشكلة يا دكتور أحمد هذا الذي تقوله موجود حتى في المسجد النبوي، يعني جدران المسجد النبوي كلها كتابة.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: نعم وقيل إن المصحف بأكمله قد كتب في المسجد القديم العثماني ولكن هو ملحق بهذه الأمور أحياناً ربما لا يتنبه إلى مسألة كتابته، الإمام أحمد رحمه الله سئل عن كتابة القرآن على الحيطان؟ فقال: لا يكتب، ونهى عنه رضي الله عنه قال: لا يكتب لا في الخرق ولا في.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الجدران.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: الجدران نعم، ونبّه عليه نقله ابن مفلح رحمه الله في الآداب الشرعية وأكّد عليه قال: لأن حرمة القرآن لا تتناسب بأن يكون مزخرفاً تزخرف به البيوت أو المساجد.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أيضاً يشْغل المصلين.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: يشْغل المصلي، (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ) جمع الله الحكمة من إنزاله في التدبر، والتدبر يشمل سائر ما كلّف الله جل وعلا به عباده، ولذلك من غير المناسب الحقيقة حتى الآن بعض البيوت إذا دخلتها تجد أنه يكتب من هنا سورة العصر ومن هنا كفارة المجلس ومن هنا.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ).
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: ومن هنا (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) ومن هنا ما شاء الله لا قوة إلا بالله، وتجد أن مثل هذه الأمور بغض النظر عن ما يكتب في سور القرآن لكن الكلام على هل يجوز كتابة القرآن على الجدران؟.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: جدران المساجد خصوصاً.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: نعم، حتى لما ظهرت هذه الظاهرة رفع للجنة الدائمة عندنا هنا في السعودية سؤالاً حول ظاهرة توسع كتابة القرآن في جُدُر البيوت فأفتت اللجنة الدائمة بأنه يمنع والشيخ ابن عثيمين رحمه الله له كلام أيضاً في هذه المسألة متفرق يؤكد فيه على المنع وأكثر البيوت الحقيقة ربما أنهم بحسن نية لا ينتبهون إلى مثل هذا، والمرجع إلى علمائنا.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أحسنت وأيضاً نحن من مقاصد هذه الحلقة يا شيخ أحمد لا نتهم من يقوم بذلك بأنه على عمد ولكن قد يقع فيها جهلاً أو لعدم الانتباه أو يظن أن هذا من توقير القرآن أيضاً.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: نعم صحيح.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أنا التقيت بأحد الخطاطين يوماً في تركيا وهو من الممارسين يكتب يقول: كتبت في المسجد الفلاني وكتبت في المسجد الفلاني وأذكر هاشم البغدادي رحمه الله أيضاً كان يقول: كتبت في مسجد من مساجد العراق المشهورة في سامرّاء أظنه أو في بغداد لكن من حسن نية يعني قلت له لماذا لا تكتب يعني مثل الشعر أو الأدب يعني تحسنه؟ فقال أنا عندما أكتب أرى أن أفضل ما يمكن أن أكتبه هو القرآن الكريم وأحتفي به وأجمله ولذلك أكثر اللوحات جمالاً في الخط العربي هي الآيات القرنية. هل بقي شيء من البدع المتعلقة بالقرآن في المساجد؟.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: هو الحقيقة ربما ما أشرنا إليه فيما يتعلق
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذه من أبرز ما يمكن
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: يمكن أن تكون من أبرز ما يشار إليه
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هناك أيضاً يلفت نظري يا شيخ أحمد في قضية لاحظتها وهي قضية قراءة القرآن الكريم في المحافل وفي مجامع الناس ويعني ربما كما تفضلت في بداية حديثك أن الإعلام كان له دور في نشر مثل هذه الظاهرة وأصبحنا بعض القراء الكبار المشهور كالشيخ عبد الباسط عبد الصمد رحمه الله وأمثاله وهم يقرؤون القرآن في مجامع الناس وفي محافلهم وحتى لما أصبحنا نسافر إلى بعض المسافر أنه يقرؤونه حتى في صلاة الجمعة قبل صلاة الجمعة ترى من يقرأ فهل هناك من حديث حول هذه النقطة في قراءة القرآن في المحافل؟.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: قراءة القرآن في المحافل يعني الأمر بحاجة إلى قضية دليل يدل على أفضليته لا يوجد دليل يدل على أنه يستفتح بالقرآن في كل محفل أو في كل مجمع وإن كان من الخير ولا شك ولا يشك أحد في فضيلة القرآن وأنه خير من كلام الناس لكن هل يدل دليل على أنه يستحب في كل مجلس أن يفتتح؟ لأن بعض الناس يعتقد أن المجالس، أن العقود، أن الزواجات تفتتح بالفاتحة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: صح.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: لا دليل على هذا.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بل حتى في احتفالات كثير منا الآن خير ما نستفتح به لقاءنا هذا آيات من القرآن.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: وأصبح كالنسخ خير بداية لكل بداية فالخيرية هذه نحن بحاجة إلى دليلها إن أضيفت إلى الشارع الحكيم فما دليلها؟ الواقع أنه لا دليل عليها لكن
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لكن إن اتخذت ديدناً هذا الذي يُمنَع.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: نعم هذا الذي يمنع ولا شك لا استنقص المجالس التي يقرأ فيها القرآن.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بالعكس.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: بل هي من خير ما تُشغَل به المجالس، هذا أمر مهم يجب على الأخ الكريم المتلقي أن يفرق بين أمرين: بين إشغال الناس في مجالسهم بقراءة القرآن في جزء من أجزاءه، وبين قضية أخرى أن يقال بأنه من السنة أن يستفتح المجلس بالقراءة، واضح؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: فرق بين هذا وهذا.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: فرق بين هذا والآخر، ولهذا كان الشيخ ابن باز رحمه الله دائماً ما يَشْغَل رحمه الله مجالسه بمثل هذه القراءة ونحسبه من أعلم الناس بالسنة رحمه الله. في المحافل قضية استئجار القراء كانوا ولا يزال أظن في بعض البلاد أن القارئ تُعلم ساعته ويُعلم كم يدفع له فيأتي وهم درجات منهم من يرضى بالقليل ومنهم من لا يرضى إلا بالكثير، فإذا كان حسن الصوت قال ساعتي في المحفل الفلاني تتجاوز المبلغ الفلاني وهكذا، الاستئجار هذا منع منه الفقهاء واستدلوا عليه بقول الله جل وعلا (وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (ثَمَنًا قَلِيلًا).
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: (ثَمَنًا قَلِيلًا) فالقرآن لا يباع بهذه الطريقة هو أجَلُّ وأعظم والله عز وجل وصف حملته بقوله (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) فهذه الآيات البينات وهؤلاء الذين أوتوا العلم لا يمكن أن يقبل منهم قضية بيع الصوت به أو القراءة به في محفل مقابل أجرة. يقول شيخ الإسلام رحمه الله: استئجار الناس ليقرؤوا القرآن ويهدوه إلى الميت ليس بمشروع لأنه كان مشتهر في المآتم يأتون بقارئ ويقرأ ولا استحبه أحد من العلماء. وذكر رحمه الله أنه لا يصح وذكر الشيخ محمد بن مانع من شيوخ نجد وقطر أن عقد الأجرة هذا باطل. السيوطي رحمه الله له كلمة في الإتقان يقول: يكره أن يتخذ القرآن معيشة يتكسَّب بها، إنسان يذهب في الأسواق والمجامع من أجل أن يقرأ ويعطوه مقابل، هناك استثناءات لهذه المسألة في التعليم، من أهل العلم من قال: إذا علّم الناس فلا بأس أن يأخذ الأجر على تعليمه وليس على جلوسه للقرآن على تعليمه يعلّم الناس المخارج يعلّم الناس كيف يقرأ، يصحح لهم، بقدر ما يجلس لهم للتعليم يأخذ هذه المكافأة وإن كان بعض العلماء قال: إن لم يوجد غيره فيكون عليه فرض عين ولهذا لا يأخذ عليه أجرة فالحديث عن قضية الاستئجار يجب على من تربص بمثل هذه العقود أن ينتبه إلى..
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أذكر يعني شيخنا حضرت نور حفظه الله يوماً يحدثنا في أحد المجالس كان يقرئنا القرآن فيذكر بعض الطرائف من هذه القصص قضية الذين يستأجرون بعض القراء لحفل زواج مثلاً أو مأتم في عزاء فيقول جيء برجل في حفل عزاء ولكن ما أعطوه المبلغ الذي كان يتوقعه فقرأ آيات (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31)).
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: في زواج؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا، في مأتم.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: في مأتم، نسأل الله العفو والسلامة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: فقال: لما قيل له في ذلك قال: والله على قد
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: الأجرة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الأجرة التي أعطيتوني.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: ولو أتي به في زواج يمكن يقرأ (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ) وأمثالها.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ) نستأذنك يا شيخ أحمد في فاصل قصير ونستأذنكم أيها الأخوة المشاهدون في فاصل قصير ثم نواصل حديثنا مع الشيخ أحمد بإذن الله.
*.*.*.*.*.*.*.* فاصل *.*.*.*.*.*.*.*
إعلان جوال تفسير
*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*
الشيخ عبد الرحمن الشهري: حياكم الله أيها الأخوة المشاهدون الكرام ولا زال حديثنا متصلاً مع ضيفنا فضيلة الشيخ أحمد آل عبد الكريم المُحاضِر بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حول موضوع البدع العملية المتعلقة بالقرآن الكريم. ننتقل يا شيخ أحمد إلى موضوع من الموضوعات المرتبطة بما ذكرت قبل قليل وهو قراءة القرآن الكريم في المآتم، وفي العزاء، في المقابر قبل ذلك يعني عندما يدفن الميت هناك من يستأجر من يقرأ على قبر قريبه مثلاً يستأجر قارئ ويقول أنا أريدك أن تقرأ سورة يس مرة أو مرتين أو ثلاثة أو في أوقات محددة على هذا القبر، كم تأخذ على هذا؟ وما تعليقك على مثل هذا يا شيخ؟
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: قبل المقابر ربما يعني هناك مسألة مهمة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ربما وقت الاحتضار.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: نعم أحسنت يا شيخ قضية وقت الاحتضار، ورد في مسند الإمام أحمد وسنن ابن ماجه حديث معقل بن يسار وهو مشهور أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «اقرأوا على موتاكم يس» وهذا الحديث يستشهد به ويأخذ به بعض الفقهاء في سنيّة قراءة سورة يس على الميت قالوا: بأن القراءة لهذه السورة فيه مبشِّرات للميت وبأنه سيلقى من رضوان الله ما يلقى وفيه ذكر لأهل الجنة وشغل أهل الجنة (إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ) إلى آخر الآيات فقالوا لعلها بهذا تؤنس للميت أو من كان في سياق الموت على ما هو قادم عليه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: إذاً فليست من البدع يا دكتور.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: هذا عند من يرى مشروعيتها والواقع أن الحديث لم يصح، الحديث رواه أحمد وابن ماجه من طريق سليمان التيمي عن عثمان أو عن أبي عثمان عن أبيه وأبو عثمان هذا وأبوه كما يقول الذهبي مجهولان لا يُعرفان.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: إذاً الحديث لا يصح.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: فلا يصح، ولهذا أنكره أو قال بضعفه جمع من أهل العلم من المحققين الذهبي قبله ابن قطان وكذلك الدارقطني والذهبي وابن حجر إلى معاصرينا الألباني رحمه الله والشيخ ابن باز على ضعفه، ولهذا الشيخ ابن باز رحمه الله يؤكد في مجموع الفتاوى على أنه لا يقرأ على الميت. من الفقهاء من قال بقراءة سورة الرعد وسورة الفاتحة وغيرها وهذه لم يرد عليها أي أثر فلذلك من باب أولى أنها تُردّ، لقائل يقول وما المانع أن يقرأ على الميت؟!.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: سورة يس أو غيرها.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: القرآن بشكل عام لا نخصص هذه السورة لكن لو جاء ميت ونعلم أن الميت هو في شغل، في نزع، وفي سكرات، وفي صعوبة، نسأل الله جميعاً أن يسهل علينا وييسر عنا جميعاً، فهو شغل الميت ولهذا يصفه القرطبي يقول: هو الأقطع للذّات، وهو القادم لك بالكريهات في النزع وكذا المسألة ليست بالسهلة فلو قرئ على هذا المحتضر بعض الآيات لعلها تسليه، وأيضاً ترضيه، وتزيد عنده حسن الظن بالله. النبي عليه الصلاة والسلام والحديث في مسلم قال في حديث أم سلمة: «إذا حضرتم الميت فلا تقولوا إلا خيراً» وخيراً هذه نكرة تعمّ كل خير، وخير ما ينطق به الإنسان هو كلام الله جل وعلا، فلو قيل به لا على سبيل التسنن لكن يقرأ بعض الآيات، يرقيه، ونحو هذا، فيقال بأن هذا من جملة المشروع، وإلا فالنبي عليه الصلاة والسلام مات بين سحر عائشة رضي الله عنها ونحرِها وكانت قبل موته بمرضه ترقيه ولم يرد أنها قرأت عليه سورة يس ولا غيرها، فلذلك لا يقال بأنها سُنة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: جميل جداً، إذا هذه مسألة. يعني هل هناك بدع أخرى متعلقة بقضية الموتى بعد الاحتضار.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: وقضية أحياناً وهذا وارد حتى عند بعض من نعرفه، يظن أن المصحف أنه يؤثر على الميت فمباشرة من حين أن يموت الميت يأتي بمصحف عند رأسه، يسنده على المصحف، يفتح المصحف على صدره، ويظن أن هذا ينفعه، والواقع أن هذا
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ليس هناك دليل على ذلك.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: لا، ليس هناك أي دليل على ذلك، وإن كان الميت في شغل الموت فهو في سياقه ربما يكون منشغلاً، المريض وهو مريض لا يريد أن يتحدث إليه ولا يريد أن يتكلم فكيف بمن كان في سياق الموت؟! ولهذا سعيد بن المسيب رحمه الله كره أن يلقّن الميت الشهادة تلقيناً فيه نوع من
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الشدّة.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: نعم من التأكيد عليه قل لا إله إلا الله، ثم يعيدها عليه قل لا إله إلا الله، يقول ربما أنه ينطق أحياناً بكلمة لا تسر من يسمعه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: جميل جداً، أستأذنك يا شيخ أحمد معنا فضيلة الشيخ الدكتور سهل بن رفاع العتيبي حياكم الله يا دكتور سهل.
د. سهل بن رفاع العتيبي: حياكم الله.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أهلاً وسهلاً. نحن نتحدث يا دكتور سهل عن موضوع البدع العملية المتعلقة بالقرآن الكريم وذكر ضيفنا عدداً من هذه البدع والحقيقة أن هذا يوحي بأن هناك بدع كثير منتشرة متعلقة بقراءة القرآن الكريم. كونك يا دكتور سهل من المتخصصين في العقيدة والمعنيين بها، يعني هذه البدع وانتشارها كيف يمكن التصدي لمثل هذه البدع يا دكتور سهل خاصة مع هذه الوسائل التي أدّت إلى نشرها في الفضائيات والانترنت وغيرها؟ وأيضاً ما هو المنهج الصحيح يا دكتور سهل في التعامل مع المبتدع أو المتلبِّس بشيء من هذه البدع سواء كان عالماً أو جاهلاً.
د. سهل بن رفاع العتيبي: بسم الله الرحمن الرحيم، أولاً أرحب بك يا دكتور عبد الرحمن وبضيفك الكريم وبالأخوة المشاهدين وأشكر لكم اختيار هذا الموضوع المهم المتعلق بالقرآن الكريم وخاصة مع وجود العاطفة بحمد الله لدى كثير من المسلمين تجاه القرآن الكريم وتوقيره وتعظيمه وإجلاله وإكرامه، لكن هذه العاطفة قد تتجاوز أحياناً الحدود الشرعية إلى البدع التي أشرتم إلى شيء منها. ما يتعلق بالسؤال الأول يا دكتور عبد الرحمن حول كيفية ومواجهة هذه البدع عبر معطيات العصر لا شك أن معطيات العصر لها فوائد إيجابية كما لا يخفى على أمثالكم في نشر العلم وسرعة انتشار المعلومة لكن أيضاً هناك جوانب سلبية أيضا لهذه المعطيات في سرعة انتشار هذه الخرافات والبدع والشائعات وربما تستغل أحياناً من قبل بعض ضعفاء النفوس وأصحاب الباطل لترويج هذه البدع لأي سبب من الأسباب التي أشار ضيفك الكريم إلى شيء منها. ولذا ينبغي أن توضع الضوابط والقيود التي تمنع من انتشار هذه البدع والخرافات عبر المواقع أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي وهذا واجب على جميع المشرفين والمؤسسين لهذه المواقع ووضع الضوابط التي تمنع من انتشار هذه البدع والتي يروِّج لها من يروِّج لها بأي مسمى أو بحب القرآن وإكرام القرآن وإجلال القرآن. هناك طبعاً يا دكتور عبد الرحمن وقاية وهناك علاج، فالوقاية تكون بضبط هذه المواقع ووضع القيود والضوابط لما ينشر فيها والعلاج يكون بنشر العلم الشرعي والتحذير من البدع وما يترتب عليها بجميع أصنافها، فينشر العلم الشرعي ويبين مضار البدع لأن البدعة كما أشار الضيف الكريم إلى أنها:
- تستلزم تكذيب القرآن الكريم فالله عز وجل يقول في كتابه: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) فهذا الدين كامل لا يحتاج إلى مبتدع يأتي ويضيف إليه ما لم يشرعه الله عز وجل. فمقتضى هذه البدع أن الدين لم يكتمل فجاء هذا المبتدِع ليكمل الناقص.
- أيضاً هذه البدع تستلزم القدح في الشريعة وأنها ناقصة جاء هذا المبتدع بمثل هذه البدع ليستكمل النقص وأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يبلِّغ البلاغ المبين فجاء هذا المبتدع بمثل هذه البدع للاستدراك على النبي عليه الصلاة والسلام إلى غير ذلك من اللوازم، بنشر العلم الشرعي ووضع الضوابط والقيود لما يُنشر يكون بإذن الله وقاية وعلاج.
- ثم ليعلم أن ما ينشر من علم عبر هذه المواقع هو دين، العلم دين، ولهذا ورد عن بعض السلف أنه قال: العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم، فينبّه الناس إلى وجوب التثبت لما ينشر في هذه المواقع وعبر وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة فيما يتعلق بالقرآن، هذا هو الشق الأول، أما سؤالك الثاني كان عن ماذا؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: عن كيفية التعامل مع من يتلبس بشيء من هذه البدع؟
د. سهل بن رفاع العتيبي: إيه نعم، طبعاً المتلبس بهذه البدع يختلف حاله، هناك الجاهل الذي أشرتم إلى أن كثير ممن يقع منه هذا الشيء عن جهل، وعن عاطفة نحو القرآن، وهناك الداعي إلى هذه البدع والذي يتعمد نشرها بين المسلمين لإفساد عقائدهم، ولذلك يختلف الحال بحسب نوع الداعي ونوع المتلبس بهذه البدع، فإن كان عن جهل فيحتاج إلى التوجيه والتعليم والرفق به والبيان بأضرار هذه البدع ومفاسدها وإن كان داعياً ومروجتً لها يحتاج إلى شيء من الحزم والجد في التعامل معه ولذلك المتأمل في واقع السلف نجد أنهم يتعاملون مع مروّج هذه البدع بحسب حالهم هل هو يقع فيها ويدعو إليها عن جهل أو هو يدعو إليها عن علم وإصرار والحكمة مطلوبة، الحكمة في الدعوة إلى الله عز وجل مطلوبة، فالله تبارك وتعالى يقول في كتابه: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) فيختلف حسب نوع البدعة وحسب حال المتلبس بهذه البدعة هل هو جاهل؟ هل هو داعي لها؟ وكذلك أنواع البدع فهناك بدع مفسِّقة وهناك بدع مكفِّرة يختلف الحال بحسبها.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الله يفتح عليك يا دكتور سهل شكراً جزيلاً لك يا دكتور.
د. سهل بن رفاع العتيبي: وشكر الله لكم ولضيفك الكريم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الدكتور سهل بن رفاع العتيبي أستاذ مشارك بقسم الثقافة الإسلامية بجامعة الملك سعود شكراً جزيلاً لكم، هل من تعليق يا شيخ أحمد على ما ذكره الدكتور.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: شكر الله لفضيلة الشيخ الدكتور سهل ونفع به، هناك الحقيقة تأكيد لما قاله وفقه الله في مسألة التعامل مع المبتدِع لأن من الناس من يظن أن الإنسان إذا تلبس ببدعة فإنه يجب الهجر له، وتجب منه البراءة، ويبتعد منه شر الابتداع، وربما يحمل بعض النقول عن السلف فيما يتعلق بما أشار إليه فضيلة الشيخ في البدع المكفِّرة، فهناك بدع مكفِّرة وهناك بدع غير مكفِّرة، وما نتذاكره اليوم في قضية بدع الأعمال لم يقل قائل بأنها.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: مكفِّرة.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: بأنها مكفِّرة كل إنسان يلتمس خيراً فيقع في بدعة أو أنه يدعو إليها بطريق البحث والاستقراء فيصحح حديثاً هو عند أهل التحقيق ضعيف ونحوه فلا يقال بأن هذا يجب هجره وبراءته، شيخ الإسلام رحمه الله يؤكد على هذا المعنى كثيراً يقول رحمه الله: وإذا اجتمع في الإنسان خيرٌ وشر، وفجور وطاعة، وسنة وبدعة، استحق من الموالاة والخير بقدر ما فيه من الخير والموالاة، واستحق من البراءة أيضاً بقدر ما فيه من الشر والفجور والفسوق وهذا معنى الحقيقة دقيق.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: جداً.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: ونفيس ويحتاج إلى أن الإنسان يتنبه إليه، يقول هذا مثل الفقير السارق تقطع يده ويعطى من بيت المال، يقول: فقسونا عليه من هنا ورحمناه من هناك، فالمسألة تحتاج إلى اعتدال.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: والحقيقة يعني التوازن في هذا يعني عزيز، ويعني بعضنا يغلِّب جانب إنكار البدعة على جانب ما فيه من الخير وما فيه من المعروف.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: وليس ترك الهجر له أو البراءة منه رضىً بهذه البدعة، لكن هذه وسطية أهل السنة والجماعة التي ربما أننا نقرأها في كتاب الله ونتعلمها لكن تطبيقها يحتاج إلى هذه النفس أن تقوى على هذا.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: دعنا يا شيخ أحمد نغلق محور مظاهر بعض البدع المتعلقة بالمقابر وهل بقي فيها شيء في دقيقة حتى ننتقل إلى بعض الأشياء الأخرى؟.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: نعم هناك الحقيقة مسألة مشتهرة في بعض البلدان أن يكتب القرآن على الأكفان، الكفن يكتب عليه أو يطرز ببعض.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الآيات
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: ظاهر نعم الكفن يكتب عليه الآيات، وهذا الحقيقة غير لائق بالقرآن وكان مشتهر قبل زماننا هذا ولا يزال له بقايا تأتي الجنازة وقد كتب عليها يعني بعض الآيات القرآنية مثل ما أشرت إليه (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ) ونحو من الآيات التي تُطَمْئِن أهل الميت بأن هذا إلى خير وهذا الحقيقة
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا من اجتهادات الخياطين يا شيخ أحمد
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: والله هو من اجتهادات الخياطين وخلف.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يروّج كفنه ويقول هذا كفن مكتوب عليه آيات وسعره كذا.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: والله هو أصحاب البضائع لهم فنّ ربما لا يتلفتون إلى مسألة حرمة الدين وحرمة الشريعة لكن هو بكل حال مخالفة لما أمر به النبي عليه الصلاة والسلام قال: «لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سريعاً».
الشيخ عبد الرحمن الشهري: تأكله الأرض.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: تأكله الأرض وهو خِرقة ولهذا أبو بكر رضي الله عنه لما حضرته الوفاة التمسوا له ثوباً نظيفاً جديداً فقال: ألجأ الحيّ أحقّ بالجديد، التمسوا لي ثوباً كان يمرض فيه فقال هذا هو الذي كفنوني فيه، فلا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سريعاً، ثم أيضاً فيه امتهان القرآن ربما يكون فيه نوع من النزيف، الحروق، التقرحات، تسيل على كلام رب العالمين، هذا غير مناسب.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: مسألة مرتبطة بهذا ولا نريد أن نطيل يا شيخ أحمد وهي سؤال يرد كثيراً وهو هل يصل ثواب قراءة القرآن الكريم للميت؟ يعني هؤلاء الذين يقرأون عند المحتضر وإلا عند الميت وإلا أثناء غسيل الميت أو أثناء تكفينه أو بعد وفاته هل قراءة القرآن الكريم يصل ثوابها له؟
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: هذه المسألة خلافية والخلاف مقرر عند الفقهاء وعند علماء العقيدة أيضاً هل القراءة للميت بعد موته تصل إليه؟ من أهل العلم من اختار وصولها إليه وقال: يقرأ القارئ ثم يهدي ثواب القراءة إلى الميت، وعلى هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وابن القيم واستدلوا بأصول منها حديث أم سلمة رضي الله عنها عندما قالت: إن أمي ماتت وعليها صوم أفأقضيه عنها؟ فقال: «دين الله حق ذي القضاء» وأيضاً حديث شبرمة وإن كان فيه كلام قال: «أحججتك عن نفسك. قال: حُجّ عن نفسك ثم حُجّ عن شبرمة» قال: وقع عليه أو صدق أن يقع الحج عن شبرمة بعد أن يحج الإنسان عن نفسه، فأخذوا بهذه الأدلة إلى وصول ثواب القراءة إلى الميت، ومن أهل العلم -وهذا القول اختاره من معاصرينا الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله، الشيخ ابن عثيمين غفر الله له وجمع من أهل العلم- وهناك فريق آخر أخذ بالمنع وقال: إنه لا يصل إليه وعلى هذا القول الشافعي رحمه الله واختاره ابن كثير ومن معاصرينا الشيخ ابن باز رحمه الله والألباني وقالوا بأنه لا يصل واستدلوا بأدلة وأصول منها قول الله جل وعلا: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى)، «إذا مات ابن آدم – أيضاً في صحيح مسلم – انقطع عمله إلا من ثلاث» وهناك أيضاً ردود من أصحاب القول الأول وقالوا: إن عمل الإنسان بإهداء غيره إليه إهداء الثواب إليه هو من كسبه في واقع الأمر هو من كسبه، وبكل حال فالذي عليه جمهور السلف كما ينسبه ابن أبي العز رحمه الله هو قضية وصول ثواب القراءة للميت واختاره أيضاً من المعاصرين الشيخ محمد بن إبراهيم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: جزاك الله خيراً يا شيخ أحمد دعنا نكتفي بهذا وننتقل معنا فضيلة الشيخ عبد العزيز الطريفي، حياكم الله يا شيخ عبد العزيز.
الشيخ عبدالعزيز الطريفي: حياكم الله، أهلاً وسهلاً بك وبضيفك الكريم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الله يحييك يا شيخ عبد العزيز نحن نتحدث عن البدع العملية المتعلقة بالقرآن الكريم. من الأشياء المتعلقة بهذا الموضوع يا دكتور عبد العزيز هو موضوع دعاء ختم القرآن الكريم يعني هذا الموضوع يتكرر الحديث عنه ربما كل سنة في رمضان خصوصاً عندما يختم القرآن الكريم في الحرم أو في غيره من المساجد ثم يدعى بدعاء ختم القرآن الكريم ويطال فيه جداً، ما هو الرأي الفقهي في هذا الموضوع وحول اختلاف المذاهب في هذا الموضوع باختصار يا شيخ عبد العزيز؟
الشيخ عبدالعزيز الطريفي: الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد. ما يتعلق بهذه المسألة وهي مسألة ختم القرآن في الصلاة وكذلك أيضاً دعاء ختم القرآن في رمضان، بالنسبة لختم القرآن في الصلاة هذه المسألة العلماء يفرقون بين صلاة الفريضة وصلاة النافلة فيرخِّصون في صلاة النافلة باعتبار أن الشريعة ما جاءت بضبط قراءة معينة للنافلة بخلاف الفريضة فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بسور معينة إما أن يكون بقصار المفصّل أو أواسطها أو طوالها على اختلاف الصلوات الخمس، والنبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في بعض الصلوات بالطوال، فإذا كان الإنسان مثلاً يريد أن يأتي على القرآن على سبيل التمام والانتظام في الفريضة لا بد أن يُخِلّ بشيء من السنن التي كان النبي صلى الله عليه وسلم أن يعملها من جهة قراءة أجزاء القرآن وأحزابه. ومن أراد أن يأتي بالقرآن في صلاة الفريضة ثم يدعو بختم القرآن فيه الذي يظهر لي والله أعلم أن هذا خلاف السنة ولم يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام وذلك من وجوه متعددة منها ما تقدم الإشارة إليه وهو أن الإنسان إذا قرأ القرآن على سبيل الترتيل أن هذا يفوت السنن ويفوت الأدلة الثابتة عن النبي عليه الصلاة والسلام وختم القرآن في الفريضة مسكوت عنه فلا يترك سنة ثابتة إلى مسكوت عنه ولو كان أصلها محموداً في خارج الصلاة. أما بالنسبة الأمر الآخر في هذا الباب أن صلاة الفرائض مشهودة ويشهدها الناس ومع ذلك لم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في هذا، هذا بالنسبة لختم القرآن في الفريضة وهذا ما يفعله مثلاً بعض الأئمة يحاول أن يقرأ القرآن في الفريضة فإذا بلغ نهاية القرآن دعا ختم القرآن في الفرائض فيكون هذا النوع مما يخالف سنة النبي عليه الصلاة والسلام. أما بالنسبة للنوع الآخر وهو النوافل ويدخل في هذا مسألة التراويح وكذلك أيضاً سنن الإنسان في ذاته أو قيام الليل للإنسان فنقول في مثل هذا الأصل فيه الجواز ولا نقول بسنيته ولا نقول ببدعيته وذلك لثبوت هذا عن بعض السلف الصالح منهم سفيان بن عيينة كما نقله عنه الإمام أحمد رحمه الله وذلك أن مثل هذه الأعمال إذا جاءت خاصة عن فقهاء وقراء مكة والمدينة فالغالب أنهم يكونون على شيء من الأثر وإنما قلنا بعدم سنية ذلك باعتبار أن السنة لا تثبت إلا بشيء قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن تنزلنا في شيء من هذا قلنا بأقوال الخلفاء الراشدين الأربعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي» وإذا كان كذلك أيضا فنقول في مثل هذا أنه ليس من السنة وإنما هو على الجواز ولا نقول ببدعية باعتبار أن ثمة أدلة عملوا بهذا كما تقدم الإشارة إليه كسفيان بن عيينة عليه رحمة الله فإذا فعل ذلك لا بد غالباً أن يكون من أهل الأثر وسفيان بن عيينة فقيه محدِّث أيضاً مشربه الفقهي إنما يأخذ مشربه الفقهي من عمرو بن دينار، وعمرو بن دينار يأخذ مشربه الفقهي من عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عباس لا شك أنه من أهل الاختصاص بالقرآن الكريم. أما بالنسبة لاختلاف الفقهاء المتأخرون في هذه المسألة في مسألة ختم القرآن في صلاة النافلة وخاصة قيام رمضان نقول إن العلماء عليهم رحمة الله منهم من مال إلى الترخيص وهذا ظاهر قول الإمام أحمد رحمه الله بل كأن الإمام أحمد رحمه الله في بعض المسائل كما في مسائل مهنا أنه يميل إلى استحباب ذلك بل يرى المبادرة فيه أن يبادر الإنسان بدعاء ختم القرآن وأن يكون ذلك قبل الركوع فيبادر بعد قراءته (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) فيقرأ دعاء ختم القرآن. وأما جمهور الفقهاء فالفقهاء في ظاهر أقوالهم أنهم يميلون إلى عدم مشروعية ذلك وأن الأصل يبقى منهم من يبقيه على الجواز ومنهم من يقول أنه على الكراهة باعتبار أنه من العبادات والعبادات في مثل هذا توقيفية ولكن الذي يظهر لي والله أعلم أن ما كان من أمر ختم القرآن في النوافل أنه جائز لا يقال بسنتيه ولا يقال بكراهته وبدعته.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: شكر الله لكم يا شيخ عبد العزيز وفتح الله عليكم. كان معنا الشيخ عبد العزيز الطريفي الباحث بوزارة الشؤون الإسلامية جزاه الله خيراً. بقي معنا وقت يسير وبقي معنا مداخلة هاتفية نختم بها مع الشيخ فهد الجريوي تعودنا عليها. التعامل مع المصحف يا شيخ أحمد له آداب كثيرة لكن نريد أن نركز فقط في الدقائق المتبقية حول ما هي البدع التي تتعلق بالتعامل مع المصحف؟
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: هو المصحف من المقرر أنه لم يُجمع إلا متأخراً بعد النبي عليه الصلاة والسلام ولهذا استلهام سنن فعلية من النبي عليه الصلاة والسلام ربما أنه متعذر في التعامل مع المصحف المجموع لهذا ابن حجر رحمه الله يقول فرق بين المصحف وبين الصُحُف، فرق بين المصحف والصحف، الصُحف وجدت في عهد النبي عليه الصلاة والسلام كان يكتب في رقاع.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: متفرقة.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: نعم متفرقة، أما المصحف فإنه قد جمع متأخراً والمصحف الإمام في زمان عثمان رضي الله عنه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يمكن أن نسميها آداب التعامل مع المصحف.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: نعم فيما يتعلق بآداب التعامل مع المصحف لا شك هو له حق الإكرام والعلماء أوجبوا له الرفع وعدم الإهانة لأنه كلام الله جل وعلا وهذا متقرر في النفوس بحمد الله، لكن الإشكالية في قضية
الشيخ عبد الرحمن الشهري: المبالغة.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: أن هناك غلو في مسألة التوقير والاحترام. هناك من أهل العلم وهذا أكثر علماء علوم القرآن يشير إليه يستحبون القيام بالمصحف إذا قُدِم به، فإذا قدم في مجلس بمصحف استحبوا أن يقوم أهل المجلس كلهم لهذا المصحف.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: توقيراً له.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: توقيراً له واحتراماً وهذا ذهب إليه جمع منهم النووي والسيوطي رحمه الله والزركشي في البرهان وغيرهم من أهل العلم، بل إن شيخ الإسلام غفر الله له ورحمه لم يؤيد القيام له قال: إلا أن يعتاد الناس قيام بعضهم لبعض فيستحب أن يقام للمصحف، وإن كان هذا محل نظر في مسألة أن يقام للمصحف لأن القيام هيئة جسمية لا تعلق لها عند النظر إليها بمجردها لا تعلق لها بالعبادة، فإذا أضيفت إلى عبادة كان عبادة، وإذا أضيفت إلى عادة كان عادة. والمصحف القيام له هو من باب العبادات والقيام للناس إذا اعتادوا كما يقول شيخ الإسلام فهو من باب العادات.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ففرق بين هذا وهذا.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: فرق بين هذا وبين الآخر، ولهذا حتى ابن مفلح رحمه الله لما نقل في الآداب الشرعية عن شيخ الإسلام قال: والأولى أو الأظهر والله أعلم أنه لا يُقام للمصحف، الصحابة رضي الله عنهم كما يقول أنس لم يكن شيء أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا والله جل وعلا قد أمر بتوقيره (وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ) قال: لم يكن شيء أحبَّ إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا رأوه لم يقوموا له.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: إذاً لا يمكن أن نقول بأن هناك سنن متعلقة بالمصحف لأنه لم يجمع إلا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وهذه مسألة مهمة جداً.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: فعل الصحابة رضي الله عنهم ألحقه العلماء بالسُنّة «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» ولذلك من طعن في جمع عثمان وتصرفه رضي الله عنه في الأحرف السابقة وإحراقها فإنه يرد عليه بهذه السنية «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» فعليه يقال بأن عملهم ألحقه العلماء بالسُنة ولهذا يقول علي رضي الله عنه كما خرّج ابن أبي داود في المصاحف قال: لا تقولوا في عثمان إلا خيراً، فوالله ما فعل الذي فعل إلا عن ملأ منا، بمعنى إجماع.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولم يفعل ذلك إلا على بيّنة.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: إلا على بيّنة وإجماع ومشورة عمر وفعل أبي بكر، والجمع الثاني لعثمان رضي الله عنه، وهذا عليّ يقول: ما فعله إلا عن ملأ منا، فإذا كان الخلفاء الأربعة أطبقوا على هذا فكيف لا يمكن أن يضاف إلى السنية؟ فهو وقضية الجمع على التراويح برأي عمر رضي الله عنه ونحوها وإن كانت متأخرة عن فعل النبي عليه الصلاة والسلام إلا أنها تُلحَق بسنته لهذا الحديث. وابن القيم له إشارة في “المنار المنيف” حول مسألة الخلفاء الراشدين يعني يقول: المراد بقوله عليه الصلاة والسلام «الخلفاء الراشدين» أنه كل خليفة راشد حتى إنه أضاف عمر بن عبد العزيز في مسألة الأئمة الكبار المتبوعين حتى لا
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ليست مرتبطة بأربعة فقط.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: نعم هذا قول عند ابن القيم وهو قد اختاره رواية عن أحمد رحمه الله، وإن كان بعض العلماء يجعلها محصورة في هؤلاء الأربعة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: دعنا في أقل من دقيقة نأخذ البدع المتعلقة بالقراءات، يعني قراءات القرآن الكريم ولعلنا إن شاء الله نفرد حلقة من حلقات البرنامج القادمة عن موضوع القراءات وأصل هذه القراءات لكن هل هناك بدع متعلقة بموضوع القراءات يا شيخ أحمد؟
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: هو حقيقة فيما يتعلق بالقراءات هنا تنبيه لأهل العلم عن جمع القراءات في أثناء الصلاة. عندما يقرأ القارئ فهل له أن يقرأ بقراءة نافع مثلاً، ثم في أثناء قراءته يعيد الآية لعاصم، ثم يرجع ويعيدها مثلاً لحمزة وهكذا، هل له هذا؟ إن كانت على سبيل التكرار فهذا ممنوع بالإجماع، يقرأ قارئ مثلاً (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) ثم يقول: ما بالنا لا نُسمِع الأخوة أيضاً
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (ملك).
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: قراءة (ملك) وهي قراءة الأكثر فيقرأ بها على سبيل التكرار فهذا ممنوع بالإجماع.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: في الصلاة أو في غير الصلاة؟
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: في غير الصلاة يذكر العلماء أن دخول الجمع على مدرسة الإقراء متأخر، دخل في المئة الخامسة كما يذكره السيوطي رحمه الله ومن قبله دخل في المئة الخامسة قالوا: وكانوا لا يأذنون به إلا لمتأهل. من جمع القراءات وأحسن عرضها وأجاد عند العلماء بالإفراد، يبدأونها بالإفراد ثم إذا أراد أن يعرض على شيخ متقدم في إسناده أو نحو ذلك أو أحب أن يعرضها مرة أخرى فأذنوا لهذا المتأهل أن يجمعها. أما غير المتأهل فكانوا لا يأذنون له إلا بالإفراد، فجمعها بهذه الطريقة التكرار هذا ممنوع.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الذي يفعل ذلك في محفل وفي مجمع وربما في وسائل الإعلام؟
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: هذا الحقيقة أيضاً مما نبهوا عليه وذكروا خطأه وقالوا لأن العامة لا يستوعبونها. ثم إن جمع القراءات أذنوا به للمتعلم أما القرآن هل يُقرأ بهذه الصورة؟ لا يُقرأ لا يسند بهذه الصورة، يعني لما شخص يقرأ مثلاً نخلط القراءات بعضها مع بعض ثم في النهاية تقول هل بالإمكان إسناد هذه القراءة إلى النبي عليه الصلاة والسلام بهذه الأحرف جمعاً واحداً؟ يقال لا يمكن، لكن هذه قراءة رواها فلان وهذه الأخرى رواها فلان وهكذا. فإن كانت على سبيل التكرار فكما تقدم يمنع، أما إن كانت على سبيل البدل يقرأ في حرف بقراءة عاصم، ثم يتقدم بعد آيتين ثلاث يقرأ بقراءة نافع فهل له ذلك؟ العلماء فرّقوا قالوا: إن كانت القراءة الثانية مبينة على الأولى فإنه يُمنع لأن المعنى سيتغير.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: طبعاً صحيح.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: وإن كانت القراءة الثانية غير مبينة على الأولى لا يتغير المعنى فالفقهاء جوزوا والقراء منعوا.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: والقراء هم أهل الاختصاص.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: هم أهل الاختصاص، وابن حجر رحمه الله يقول: فإن علم الحلال والحرام من اختصاص الفقهاء فيعترض على من منع. وبكل حال الذي يوجب أو يصرف الإنسان إلى المنع هي مسألة الحقيقة عند التأمل تظهر للإنسان، لما يقرأ إنسان يخلِّط فقرأ بالسبع كل سطر بقراءة لما ينتهي نقول الآن قرأت سبع أسطر، السبعة أسطر هذه هل نستطيع أن نقول هذه الأسطر رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم مجموعة هكذا بتتابع متواصل؟ فالجواب يقول حتى العلماء لم يرتضوا هذا ولم يسندوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فابن القيم رحمه الله يؤكد على هذا ويقول: فإن القراءات شرعت على سبيل البَدَل لا على سبيل الجمع، على سبيل البدل تقرأ قراءة مكان قراءة أما على سبيل الجمع فهذا يُمنع. ومما يشار إليه فيه الباب قضية أنه من السنة أن يقرأ القارئ القرآن بهذه الأحرف وأن لا يتجاهلها أو أنه يعرف بعضها ثم لا يقرأ بها، يعني مثلاً كلنا يعرف الآن أن قراءة (ملك) و(مالك) واردة وثابتة (الصراط) و(السراط) أو (الزراط) كلها ثابتة، فلو نوّع الإنسان حتى لو في النافلة فهذا الحقيقة مما يؤكد عليه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بقي معنا بعض المحاور يا شيخ أحمد ولم يبقى معنا إلا ثلاث دقائق هناك بدع متعلقة برسم المصحف رأيتك ذكرتها في كتابك، أيضاً بدع متعلقة بقراءة القرآن في الرقى والتمائم ليتك تذكرها في أقل من دقيقة، وأيضاً أريد أن لا نغفل مسألة أن هناك سنن للقراء وللمجودين وأيضاً نذكر بعض الكتب التي صُنِّفت في هذا على سبيل الإيجاز ليتك تذكر ما يتعلق بالرقى والتمائم ما هي أبرز البدع المتعلقة بها؟
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: فيما يتعلق بالرقى والتمائم الرقية تعلقها بباب البدع وبباب علوم القرآن يدخلها من جهة الخصائص.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: خصائص القرآن.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: خصائص القرآن وهذا باب عظيم في علوم القرآن ولا يذكر فيه في الغالب إلا ما يتعلق بالرقية، والرقية سنة يجب على المؤمن أن يتلقاها من مشكاة النبوة ولا يصح له أن يتلقاها بطريق آخر. الحقيقة أعظم ما يجب إبرازه في هذا الجانب قضية إقرار الرقى بالتجارب.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أنا جربت الآية الفلانية وضبطت معي في كذا.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: هذا الحقيقة هو أمر مهم جداً والكلام فيه يطول. يعني يأتي إلى راقي يقول أنا جرّبت أن تقرأ مثلاً يوم الجمعة بعد صلاة الفجر سورة (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) عشر مرات ثم تنفث بها على المريض وأنا جربتها يبرأ، فهذا الحقيقة من الخطأ حتى لو جربها فنفع معه ربما لا ينفع.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: مع غيره.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: مع غيره وأيضاً لا تصل إلى قضية أنها رقية أو أنها سنة، والقول بمنعها الحقيقة ذكره جمع.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لعل إن شاء الله أخصص حلقة مع زميلنا الدكتور تركي الهويمل لأنه كتب في هذا الموضوع.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: صحيح موضوع الخصائص.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لكن دعنا نذكر بعض المؤلفات انتهى الوقت الحقيقة لكن كتابك “البدع العملية المتعلقة بالقرآن الكريم” لعلك تعرضه أمام الشاشة وهو مطبوع في دار المنهاج، أيضاً لعل كتاب الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله الذي هو كتاب “بدع القراء”.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: نعم الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله له كتاب “بدع القراء” هو في جزء لطيف.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: رسالة هو.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: نعم رسالة صغيرة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هل هناك كتب أخرى؟
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: أيضاً ابن الكيال الدمشقي ألّف كتاباً
الشيخ عبد الرحمن الشهري: “الأنجم الزواهر”.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: الأنجم الزواهر نعم، هناك الحقيقة بعض المشاركات لكنها ربما أنها هي التي دفعت ربما الباحث إلى أن تنهض همته ليجمع هذا الكتاب وفي المقابل رسالة الدكتوراه وأرجو أن تكون على وشك هي
الشيخ عبد الرحمن الشهري: السنن.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: في السنن المتعلقة بالقرآن.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: جميل جداً، أسأل الله أن يفتح عليك وتنجزها إن شاء الله وتطبعها قريباً.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: إن شاء الله تعالى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: انتهى الوقت أيها الأخوة المشاهدون مع ضيفنا فضيلة الشيخ أحمد بن عبد الله آل عبد الكريم حول موضوع “البدع العملية المتعلقة بالقرآن الكريم” وقد ألقى الضوء على عدد من البدع العملية المتعلقة بالقرآن الكريم، واستمعنا إلى عدد من المداخلات من أصحاب الفضيلة: الدكتور إبراهيم الدوسري، والدكتور سهل العتيبي، والشيخ عبد العزيز الطريفي، شكراً لهم جميعاً، وشكراً لكم أيضاً، وشكراً لك مرة أخرى شيخنا.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: جزاك الله خير وشاكر لك يا شيخ عبد الرحمن.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: على هذه التلبية وأسأل الله أن يتقبل منك.
الشيخ أحمد آل عبد الكريم: بارك الله فيك.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأنتم أيها الأخوة المشاهدون أراكم بإذن الله الأسبوع القادم مع موضوع آخر، حتى ذلك الوقت أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.