الحلقة 145 – سورة الذاريات
ضيف البرنامج في حلقته رقم (145) يوم الأحد 21 رمضان 1432هـ هو فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور نبيل الجوهري، أستاذ التفسير بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة .
وموضوع الحلقة هو :
– علوم سورة الذاريات .
– الإجابة عن أسئلة المشاهدين
د. الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أيها الإخوة المشاهدون في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً وسهلاً بكم في برنامجكم اليومي التفسير المباشر والذي يأتيكم في هذا اليوم الواحد والعشرين من شهر رمضان للعام 1432 للهجرة. وباسمكم أرحب بضيفي الذي قدم إلينا من المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام فضيلة الأستاذ الدكتور نبيل الجوهري، أستاذ التفسير والدراسات القرآنية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وأستاذ بجامعة الأزهر. سوف يكون حديثنا بإذن الله تعالى في هذه الحلقة حول سورة الذاريات.
بداية دعنا نبدأ بالحديث عن اسم السورة وإذا كان هناك مناسبة بينها وبين سورة ق التي سبقتها فيا حبذا أن نبينها للمشاهدين.
د. نبيل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين رحمة الله للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً وبعد. فسورة الذاريات من السور التي لا يوجد لها إلا اسم واحد وهو اسم (الذاريات) أو (والذاريات) بعضهم يذكرها بالواو وبعضهم لا يذكرها والبخاري ذكرها في تبويبه في الصحيح بالوا (والذرايات) وبعض المفسرين ذكرها هكذا. والتي تثبتت في المصاحف القديمة كلها (الذاريات) بدون الواو وأياً يكن فلا تخرج عن هذه التسمية. والذاريات وصف لموصوف محذوف فلا هي اسم معنى ولا اسم ذات لأن أغلب سور القرآن إما أسماء معانٍ أو أسماء ذوات.
د. الشهري: لو تبين الفرق بين أسماء المعاني وأسماء الذوات
د. نبيل: اسم الذات هو الذي يدل على عَلَم مثل سورة البقرة تدل على اسم جنس، اسم علم أو اسم جنس أو تدل على اسم معنى اسماء المعاني التي تدل على العلم والمعرفة والذوات عندنا سورة مريم اسم ذات، سورة ابراهيم اسم ذات، الكهف اسم مكان، لكن عندنا أسماء معاني فمثلاً سورة الفلق سورة الاخلاص هذه من الأسماء التي تدل على معاني لا تدل على ذوات لكن هذه السورة التي بين أيدينا من السور القلائل التي لا تدل على اسم معنى ولا اسم ذات إنما تدل على صفة لموصوف محذوف الذاريات، المرسلات، الصافات، هذه صفات لموصوف محذوف وإنما جاءت على هذه الوتيرة لتكون دالة على جملة من المعاني تتحملها هذه التسمية. فإذا قلت المُسرعات، جاءت المسرعات، سألتني ما هي المسرعات؟ أهي وصف لجماعة؟ أهي الفئات المسرعات؟ أهي الجماعات المسرعات؟ أو وصف لأفراد مؤنثة جاءت النساء المسرعات؟ ثم ما هو تعلق هذا الاسراع أهو إسراع إلى النوم؟ أهو إسراع إلى الأكل؟ أهو إسراع إلى العمل؟ إلى أي إسراع هو؟ فكأني أبهمت لك المجال ليعم كل ما يمكن أن تتخيله أنت وهكذا الذاريات فجاء وصف الذاريات لتتحمل كل موصوف ممكن أن يكون فيمكن أن تكون الرياح ذاريات وأن تكون السحاب ذاريات حدد ما شئت فإذا حًذف الموصوف احتمل ذلك دلالة العموم لكل ما يصلح له من معنى. ثم حُذف موصوف اسم السورة في اسمها وفي الآية الأولى منها، تذرو ماذا؟ (وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا) هل هي تذرو التراب؟ هل تذرو ذرات الماء في السحاب؟ هل تذرو الأولاد كما سيأتي من معاني الذاريات؟ كل ذلك دل على عمومها من موصوفها المحذوف ومن متعلقها المحذوف من جهتين.
هذا جانب، أما اسمها فهو واحد لم يتكرر وهذا الذرو أو الذري له دلالة تنتشر في كل جزئيات السورة فإذا كان المكذبون كثرا وذكر الله لنا نماذج منهم في هذه السورة في جانب من القصص وفي مقدمتهم القرشيون الذين كذبوا أو الكفار الذين كذبوا فإن هؤلاء يوم القيامة يُذرون لا قيمة لهم (فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) الكهف) هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى فنحن نرى الذرو في التراب وفي السحاب نماذج حية فهو ذرو في الأمور المحسوسة وذرو في الأمور المعنوية. فالاسم الذي تدل عليه السورة يتناول كل جزئية منها كل آية وكل قصة وكل حدث في هذه الدلالة التي تثبت لنا أن الله كما قدر على إيجاد ما يذري به أو يذرو به غيره كالريح التي تذرو التراب أو الريح التي تذرو السحاب أو السحاب الذي يذرو المطر فهو قادر كذلك على أن يهوّن ويضعِف كل شيء لا أساس له من الاعتقاد فيجعله كالشيء الضعيف الذي يُذرى في الهواء فهو ذرو حسي في الدنيا ومعنوي يوم القيامة.
د. الشهري: متى كان وقت نزول السورة؟
د. نبيل: السورة مكية وهذه السور بما تحملته من هذه القصص المقتضبة والآيات السريعة ولا تشير إلى أي إشارات التي هي من متطلعات الهجرة هناك سورة مكية بعضها فيه إشارة إلى الهجرة مثلاً سورة العنكبوت مع أنها مكية إلا أن فيها إشارة خفيفة عن النفاق فتكون من أواخر السور المكية فهذه السورة فيما يغلب على ظني أنها من أوائل أو من أواسط السور المكية في حجم آياتها في قوة كلماتها في جرسها في نغمتها في موضوعاتها في قصصها في قصر الجُمَل في القصص كلها تدل على أنها من أوائل أو من أواسط ما نزل في مكة.
د. الشهري: هل ورد في فضل سورة الذاريات أحاديث خاصة بها؟
د. نبيل: لم أقف على شيء في فضل سورة الذاريات
د. الشهري: تدخل ضمن حزب المفصل
د. نبيل: نعم هي داخلة في المفصّل
د. الشهري: ما هو موضوع السورة الرئيسي الذي يمكن أن نتلمسه من خلال آياتها؟
د. نبيل: إذا نظرنا إلى السورة بين السور الثلاث التي تحيط بها سابقاً ولاحقاً فهي تتحدث عن البعث والاستدلال عليه تتحدث عن الألوهية والاستدلال لها تتحدث عن صدق النبي صلى الله عليه وسلم والدلائل على ذلك لكن إذا نظرنا إليها منفصلة وجدناها تكون أدخل في جانب من هذه الجوانب وهو الاستدلال بخلق السماء والأرض والنفس خاصة وما يتعلق برباط النفس والسماء إما من ناحية الغيب وإما من ناحية الرزق وإما من نواحٍ أخرى متعددة تشير إليها السورة في أكثر من إشارة في مواطن مختلفة ومتباينة
د. الشهري: دعنا نتلمس هذا الموضوع من خلال الآيات ونبدأ من أولها (وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا)
د. نبيل: إذا نظرنا إلى جانب البعث وجدناه واضحاً في الاستدلال في أول السورة حين أقسم بهذه الأمور الأربع على صدق ما يوعدون به وعداً أو وعيداً
د. الشهري: ما تفسير الذاريات؟
د. نبيل: أكثر المفسرين على أن الذاريات هي رياح وأن ما بعدها متعلق بها (وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ﴿١﴾ فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا ﴿٢﴾ فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا ﴿٣﴾ فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا ﴿٤﴾) الذاريات هي الرياح التي تذرو التراب وتذرو غيره والحاملات هي السحاب التي تحمل الماء وهو الودق الحمل الثقيل والجاريات هي السفن التي تجري بمقتضى هذا الماء الذي ينزل من السماء والمقسمات هم الملائكة هذا هو المشهور عند كثير من المفسرين وهذا هو المروي من روايات متعددة عن عليّ وعمر وغيرهما من الصحابة رضي الله عن الجميع. وقد ثبتت صحيحة في مستدرك الحاكم وغيره والأسانيد صحيحة لكنها موقوفة عند هؤلاء. لكن إذا توقفنا عند تفسير النبي صلى الله عليه وسلم فأحب أن أشير أن هذا تفسير بالمثال وليس تفسيراً بالدلالة المطابقة بمعنى حين يفسر النبي صلى الله عليه وسلم (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) بأنهم اليهود والنصارى فهذا تفسير بأبرز مثال موجود لا يمنع من وجود غيره فهناك من غضب الله عليهم مع اليهود إذا ذكر الغضب على الاطلاق ذكر اليهود وكذلك النصارى إذا ذكروا ذكر الضلال والعكس. وهناك فئات كثيرة ضلّت لم يضل إلا النصارى؟ لم يقل بذلك أحد، وتدخل تحت الآية لكن فسّرت بأبرز مثال إذا قلنا الذاريات هي الرياح فهو أبرز مثال للذر وإذا قلنا إن الجاريات هي السفن فهذا أبرز مثال للجري وإذا قلنا إن المقسمات هي الملائكة فهذا أبرز مثال للتقسيم وهكذا في بقية الآيات المتشابهة وإلا فالنبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح قال إنما أنا قاسم والله عز وجل معطي فأعطى لنفسه صلى الله عليه وسلم صفة المقسِّم فهو من المقسمين والملائكة تقسّم والله يجري أرزاق بني آدم على يد بعضهم بعضاً فيقسم لبعضهم من بعض فيكون بعض بني آدم بهذا الوصف قاسمين فلا يقف القسم عند الملائكة ولا يقف الجري عند السفن فالجري يُطلق على البنت الصغيرة فهي جارية وعلى الأمَة التي تخدم سواء صغيرة أو كبيرة فهي جارية وعلى السفن فهي جارية، تطلق على كل ذلك طالما أن الموضوف محذوف والمتعلق محذوف. ولا يمكن أن يتعين واحد من هذه الأقوال في التفسير إلا بقيد كما قال الله عز وجل (وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (24) الرحمن) لما قال في البحر هذا القيد قصره على السفن لكن حين يقول الجواري أو الجاريات فقط وحينما جعلها من آياته جاء بها جمع تكسير (الجاريات) ولم يأتٍ بها جمع سلامة، هنا (الجاريات) وهناك (الجواري) لأن جمع التكسير يدل على الكثرة وجمع السلامة مؤنث أو مذكر يدل على القّلة وهذا من الفوائد هذه السورة أنه حينما أقسم أقسم بالقليل الذي يوجد منه الكثير فكأنه قال أنا أقسم بما يكفي في القسم وإن كان منه الكثير.
د. الشهري: أين جواب القسم؟
د. نبيل: جواب القسم في هذه الآيات (إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ ﴿٥﴾ وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ﴿٦﴾) و(توعدون) هنا تصلح لأن تكون وعداً أو وعيداً فيوعد المؤمنون بالجنة ويوعد الكفار بالنار لكن لما كان الخطاب موجهاً إلى الكفار أصالة كان الأغلب هنا في الوعيد باعتبار أنها مكية وأن سياق الآيات كلها تشير إلى محاورتهم وإثبات الدلائل على صدق البعث والمؤمنون لا يناقشون في مسألة البعث هم يؤمنون به ولذلك غلي الوعيد على الوعد هنا في مطلع الآيات.
د. الشهري: إذن هذا مطلع السورة وهذا القسم وهذا دلالته أن الله أقسم بالذاريات والجاريات والحاملات على أن البعث حق
د. نبيل: بكل ما تحمله هذه الآيات من معاني بل إن بعض المفسرين ذكر أن هذه الأوصاف الأربع خاصة بالمرأة فقال الذاريات هي المرأة التي تلد كثيراً فيحصل منها الذرية والحاملات وقراً فإنها إذا اشتد حملها ثقل حملها عليها والجاريات يسراً فإن الله يجري هذه الذرية عليها بسهولة مع ما فيها من تعب، بعضهم أجراها على النساء وبعضهم أجراها على الرياح وبعضهم أجراها على السحاب وعمومها يحتمل هذا وهذا. بل إن عطفها بالفاء يرشح أن تكون متقاربة في المعنى فقد جرت عادة العرب أنهم إذا عطفوا أموراً مختلفة بالفاء متتالية أن تكون لها وتيرة واحدة إما أن تكون أماكن أو أزمنة أو أو أن تكون لها صلاة أو علاقة وطيدة ببعضها
د. الشهري: بعد هذا القسم وهذه المقدمة التي بدأت بها السورة بداية قوية القسم دائماً ًفيه إنكار شديد استدعى القسم
د. نبيل: الإنسان لا يقسم إلا إذا اشتد به الأمر، ناقش إنساناً أخبره بخبر فلم يقبله أو تردد فأكده بعدة مؤكدات لم يقبل فنفد صبره فبدأ بالقسم فلا يقسم الإنسان إلا حين يشتد به الأمر جداً.
د. الشهري: مما يدل على شدة التكذيب لهذا الموضوع
د. نبيل: لم يقف الأمر عند هذا القسم بل جاء بقسم آخر، إنتهى من قسم ليتبعه بقسم آخر (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ﴿٧﴾ إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ﴿٨﴾ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ﴿٩﴾)، هذا القَسَم الثاني في السورة
د. الشهري: وهذا يكاد يكون نادراً في السور يقسم في أولها ثم يقسم بعده
د. نبيل: هذا قليل جداً في السور. القَسَم الثاني جاء بعد القسم الأول ولو لاحظنا لوجدنا أن القسم الأول بعمومه أو بما يدخله من معان يمكن أن تدخل فيه كلها من الممكن أن يراها الإنسان أو يلحظها لكنه انتقل إلى السماء في القسم الثاني وكأنه انتقل مما هو على الأرض إلى السماء بعد ذلك. فهذا النقلة قوية جداً في خطاب المشركين أو بمناقشتهم: أنتم ذكرنا لكم من الاستدلال بالقسم والمقسم به ما ترونه فسننتقل معكم إلى شيء ترونه مع بعد ترونه مع غيب وهي السماء كأنه يقول هناك ما لا يمكن أن تقفوا عنده وهو أعظم من ذلك، ما لا يمكن أن تصلوا له.
د. الشهري: ما معنى الحبك؟
د. نبيل: أصل الحبك هو شدة الفتل والنظم يقال فلان قال قولاً محبوكاً أي قوياً متيناً ونسج محبوكاً أي ثوباً منسوجاً قوياً لا يمكن أن يُفتل والفعل المحبوك أو القول المحبوط أي المتقن الجميل الذي يجمع بين قوة الفعل وجمال الشكل. واختلف المفسرون في (وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ) أي ذات الطرائق المختلفة؟ وأصل الحبك في الطرائق إنما يكون مع الماء والرمل في استخدام اللغة أصلاً يكون مع الماء والرمل. الرمل حين تأتي عليه المياه حتى دون فعل فاعل تراه له طرقاً على جانب البحر متعرجة بفعل الماء مع أن الرمل مادة لينة ويمكن أن تتبعثر بسهولة ومع ذلك فعل بها الماء هذا الفعل. وهذا من المرشحات التي قالوا إن المقسم به في الأول كله هو للرياح والمياه قالوا إن الذي رشّحه كلمة الحبك وهي أصلاً الطرائق التي تكون في رمال الماء
د. الشهري: وكأنهم يقصدون بالمرشحات القرائن التي تعين على اختيار قول على قول
د. نبيل: لكن الكلام في معناها بالنسبة للسماء فإما أنها ذات القوة كما قال البعض أو ذات الحبك والاتقان والاحكام ذات الزينة وإما أنها ذات الزينة والجمال والنجوم والمسارات التي فيها، كل هذه من الأمور التي قيلت في معنى (وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ) ولا مانع من وجود كل هذه في وصف السماء.
د. الشهري: تؤسدها آيات أخرى إن قلنا السماء المزينة وردت آيات أخرى تثبت ذلك (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) الصافات). في قوله (إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ﴿٨﴾ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ﴿٩﴾) هل المقصود به الاختلاف في النبي صلى الله عليه وسلم أو الاختلاف في اليوم الآخر؟
د. نبيل: هو لم يأت بالقول نفسه إنما ذكر صفته (إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ) أيّ قول هذا؟ ثم هذا الاختلاف هل هو اختلاف يمكن أن يُجمع أو لا يمكن فيكون اختلاف تناقض؟. أغلب المفسرين على أنه اختلاف تناقض وهذا يتناسب مع طبيعة المشركين ومع القسم المتعدد الذي جاء في أول السورة سواء كان هذا القول المختلف في النبي صلى الله عليه وسلم بين مصدق ومكذب أو التهمة التي يريدون أن يلصقوها به حتى يدفعوا الناس عن اتباعه ساحر كاهن كذاب، أو قول مختلف في القرآن إنه سحر أو كهانة أو شعر أو أساطير الأولين أو قول مختلف في البعث فمنهم من يصدق ومنهم من يتردد أو قول في ذات البعث نفسه هل يكون أو لا يكون ولذلك هو أبهم ليجمع كل اختلاف حدث من المشركين (إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ) ولأن هذا القول المختلف متناقض جداً قال قال (يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ) المشهور في (يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ) أي يصرف عنه من صُرف. الأفك أمر له دلالة متعلقة بالكذب ومنه قصة الإفك وأصل الإفك هو الكذب الذي يُصرف الناس عن قائله وعنه لصراحة الكذب فيه الإنسان أحياناً يكذب فيمكن أن يقول كلاماً يمكن أن يصدق “كذبة معقولة” إنما أن يكون الكذب مفضوحاً فهذا ما يعرف في عرف القرآن واللغة الإفك هذا هو الكذب المفضوح الذي ينصرف الناس عنه. لأن عندنا كذب والكذب هو على عكس ما يفهمه الناس الكذب مخالفة الكلام للاعتقاد الناس تفهمه أنه مخالفة الكلام للواقع، لا، القرآن استخدمه على أنه مخالفة الكلام للاعتقاد (إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ) هذا مطابق للواقع (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) فحين قالوا نشهد إنك لرسول الله قالوا كلاماً مكابقاً للواقع فيما يظهر وليس مطابقاً الاعتقادهم ومع ذلك كذبهم الله فالأصل في الصدق أن يكون مطابقاً للاعتقاد وفي الكذب أن يكون مخالفاً للاعتقاد. وأضرب مثلاً من الواقع حتى أرتب عليه الإفك والخرص الذي سيأتينا في السورة قد يكون لي صديق مسافر إلى جدة وأنا أوصلته إلى المطار ورجعت ودخل صالة الطيارة وبعد أن رجعت بنصف ساعة سألني أحد أصدقائي أو إخواني أين فلان؟ قلت لعله ذهب إلى جدة الآن، بعد ساعتين هو الآن في جدة، الذي حدث عكس ذلك، الذي حدث أن الطائرة تأخرت وآثر الرجوع إلى الرياض مرة ثانية فأنا أخبرته عن غلبة الظن والاعتقاد فأنا صادق في إخباري و مع أنه مخالف للواقع لكنه مطابق للاعتقاد، هذا يسمى صدقاً فالصدق والكذب يتعلقان بالاعتقاد ويلزمه من الاعتقاد الواقع ولكن لا يتعلقان بالواقع أصالة.
د. الشهري: هذه فائدة مهمة جداً.
د. الشهري: في سورة الذاريات هناك من يرى أن موضوعها موضوع الرزق باعتبار أنها تتحدث عن الريح والسحب والسفن وهي مسائل تتعلق بالرزق وقوله تعالى (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴿٢٢﴾ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ﴿٢٣﴾) فما تعليقكم على هذا؟
د. نبيل: هذا ملمح واضح في السورة إذا كانت السور المتعاقبة تتحدث عن البعث فهذه السورة بالذات لها خصيصة وهي أنها تتحدث عن الرزق كمانع للمشركين من قبلو البعث لأن المشركين حين رفضوا أن يدخلوا هذا الدين رفضوه لأنها ستسقط زعامتهم وسيسقط حظم من البيت وسيسقط حظّهم بين العرب وسيفقدون ما يمكن أن يحصّلوه من تجارات فكانت التُكأة التي يتكلون عليها هي حرمانهم من أرزاقهم التي يرزقونها ولذلك جاء القرآن في هذه السورة وفي غيرها يخاطبهم (أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَّدُنَّا (57) القصص) فلم يقف عند حد البيت في هذه السورة إنما تطاول هذا الأمر أو زاد عليه فانتهى إلى تأصيل هذه المسألة في القلوب إلى جعلها يقيناُ في النفوس وهو أن الرزق لا علاقة له بإنسان ولا بحدث ولا بإيمان ولا بكفر وإنما الرزق من الله تعالى وكل إنسان يطلبه رزقه كما يطلبه أجَله. هذا واضح جداً من القَسم في أول السورة سواء كان المراد بالذاريات الرياح فهي التي تحمل الأرزاق أو الماء فهو رزق أو النساء فهي رزق للإنسان والولد رزق كذلك فكل هذه المقسم بها أرزاق. ثم يأتي هذا القسم الذي لا نظير له في القرآن أبداً (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴿٢٢﴾ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ﴿٢٣﴾) وهو يتحدث عن الرزق (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴿٢٢﴾ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ﴿٢٣﴾) وبالمناسبة قليل جداً ما يقسم الله بكونه رباً، وهذه لا يقسم بها إلا في مواطن لها خطورتها (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ (65) النساء) (فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) مرات قليلة يقسم الله بوصفه رباً هذه قليلة فهنا يقول (فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) للمفسرين في هذا التشبيه كلام جميل جداً يقولون شبّه أحقية الرزق وثباته بالنطق لأنه الحالة الوحيدة التي لا يمكن أن يدخلها شبهة ولا يمكن أن يرتاب فيها أحد فكل شيء في الإنسان قد تدخله العلّة إلا النطق فلا يشك إنسان من نطق صاحبه
د. الشهري: ولذلك المَناطِقة (علماء المنطق) سموا الإنسان حيوان ناطق
د. نبيل: لم يجدوا صفة للإنسان أقوى من نطقه فوصفوه بأنه حيوان ناطق. (فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) بل هذه الشبهة تعتري كل إنسان يريد أن يقيم طاعة يأتيه الشيطان أو يدخل إلى دين الإسلام يأتيه الشيطان (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ (268) البقرة) من باب الرزق يخوفكم الفقر ومنذ زمن طويل كنت أقرأ في أدب الأندلسيات فوقفت على معنى من لطيف معاني الرزق هو مرتبط معنا في السورة سيأتينا في (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ) يتحدث عن رزق الضيف، كثير من الناس حين يأتيه الضيف يمتعض سيتكلف للضيف وسيكلفه ذلك كثيراً فهذا الرجل يستشعر هذا المعنى فيقول
“عجباً لمن طلب المحامد”، طلب جملة من المحامد لكن لم يقدّم لهذه المحامد ثم يقول جملة من الشعر طويلة
ولباسط آماله في المجد لم يبسط إليه
يسائل نفسه
والضيف يأكل رزقه عندي ويحمدني عليه
انظر إلى هذا المعنى! الضيف لا يأكل رزقي أنا إنما ياكل رزقه هو ثم يحمدني أنا على أن أوصلت له رزقه كم منا يحصل رزقه ولا يحمد غيره؟ الضيف يحصّل رزقه عند مضيفه ويحمد مضيفه عليه.
د. الشهري: وهذا من فضل الله
محمد من العراق: تفسير سورة الأحزاب (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)) الأمانة معرّفة بـ (أل) ومفردة وفي التفاسير يقولون الأمانة العهد والعهد يخص المؤمنين فقط فهل (أل) هنا للعهد؟ كما جاء الخطاب للأنبياء بالعهد (ولقد عهدنا إلى آدم) التكاليف الشرعية لم تسمى أمانة. (أل) في الأمانة هل هي للعهد أم للعموم؟
د. نبيل: فسروها بالتكاليف والأمانة واحدة. (أل) الاستغراقية إذا دخلت على المفرد أفادت على العموم ولو كان مفرداً ولذلك يصح الاستثناء من المفرد بـ(أل الاستغراق) (إن الإنسان لفي خسر إلا الذين لذلك يقولون الاستثناء أمارة العموم فإذا وجدت استثناء فاعرف أن ما قبله عام. فكذلك هنا حين يقول (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ) الأمانة هاهنا هي جملة التكاليف أو جملة الأمانات وإذا كانت عهداً فالله عز وجل أخذ العهد على عباده قبل ذلك وإذا كان المراد بها العهد فهي الأمانة المطلقة التي هي جملة الأوامر والنواهي وهي المعهود في كل شرع وهي لا تخرج عن العموم سواء كانت (أل) استغراقية أو (أل) العهد.
د. الشهري: نتوقف عند سؤال أحد الإخوان قال جاء في سورة الذاريات (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) وفي المعارج (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ (24)) لماذا جاء لفظ معلوم في المعارج دون الذاريات؟
د. نبيل: المعارج من السور التي نزلت في آخر العهد المكي وكأنها إشارة إلى إيجاب الزكاة وهي لم تجب الزكاة وكأنها توطئة للمؤمنين أن يحددوا مقداراً معيناً من المال من عند أنفسهم حتى إذا ما شرعت الزكاة كانوا مؤهلين كشيء من التدريب، شيء من التعوّد. فمثلاً عندنا سورة الكوثر هذه سورة مكية وكثير من الناس تظن أنها سورة مدنية لأنها تتحدث عن الصلاة والنحر (فصل لربك وانحر) وكثير من خطباء العيد يذكرها على أنها علامة على النحر وعل صلاة العيد لا، هي سورة مكية وليست مدنية لكنها توطئة
د. الشهري: تقصد سورة مكية يعني قبل التشريع
د. نبيل: قبل تشريع صلاة العيد وقبل تشريع الأضحية كل هذا كان في المدينة، فهي سورة مكية فحين يقول (فصل لربك وانحر) أي اخصص ربك بالصلاة وبالنحر هذا أصل المعتقد ثم إذا أصّلت المعتقد في النفس وتعوده الانسان في أنه لا يصلي إلا لله ولا ينحر إلا لله جاء النحر المخصوص والصلاة المخصوصة بيوم العيد فكأنها توطئة لحكم شرعي سيأتي وكذلك سورة المعارج توطئة حقيقية لحكم شرعي سيأتي فأراد أن يعوّد الناس أن يحددوا قدراً مما في أموالهم ليخرجوه دون أن يكون واجباً عليهم حتى إذا ما جاء هذا التحديد من قبل الله سبحانه وتعالى كانوا متعودين عليه. هذا في المعارج أما في سورة الذاريات فهي من السور المتقدمة فلم يأتي فيها مثل هذا، هذا من جانب، الجانب الثاني أن هذه الأوصاف على سبيل الاجمال في السور التي معنا ولذلك سنجدها ثلاث أو أربع آيات فقط لكن سنجدها هناك جاءت على سبيل التفصيل وهذا التفصيل المذكور في الدنيا وهنا التفصيل الذي كانوا عليه في الدنيا (إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ) فالحديث عن اليوم الآخر ثم يذكر ما كانوا عليه في الدنيا، أما في سورة المعارج فيذكر حالهم في الدنيا ثم يذكر ما يوعدونه بعد ذلك في الآخرة (أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ (35) المعارج) فهي من عدة محاور تتناسب هناك.
د. الشهري: هل يمكن أن نقول أن سورة المعارج تتحدث عن الأركان عن الصلاة ثم عن الزكاة المفروضة
د. نبيل: هي توطئة
د. الشهري: فناسب أن يقول معلوم لأنها محدودة الزكاة بخلاف الذاريات تتحدث عن التطوع (كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ)
د. نبيل: تتحدث عن النوافل عموماً لكن هناك توطئة
د. الشهري: وأسلوب التوطئة موجود في القرآن بكثرة، التوطئة للهجرة التوطئة للصلاة التوطئة للزكاة
د. نبيل: سورة العنكبوت فيها توطئة للنفاق وما سيلاقونه من المنافقين.
د. الشهري: ننتقل إلى موضوع (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ) وهذه القصة فيها كثير من الفوائد والاستنباطات كما ذكر ابن القيم. ونبدأ بسؤال: سورة ابراهيم ما المقصود بقوله تعالى (ضيف ابراهيم) من هم؟
د. نبيل: وارد أنهم ملائكة جبريل واسرافيل وميكائيل ليس هذه المهمة لكن أحب أن اقف في هذه الآية عند عدة وقفات: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ) الحديث غير الذكر الحديث مقصود به تكرار الذكر ولذلك حين أراد الله سبحانه وتعالى أن يمتن على نبيه صلى الله عليه وسلم بالنعم أردفه بقوله (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) الضحى) أي اجعله حديثك المعتاد لا تذكره مرة ولا اثنتين ولا ثلاثاً وإنما حدّث به كأنه الحديث الذي تعتاد أن تحدث به أو تحب أن تحدث به الناس جميعاً، هذا جانب. فكلمة الحديت تشعر بالتكرار لأنه كلما قدُم أردت أن تحدثه، أردت أن تحدث له ذكراً في نفسك فهو يشعرك بالتكرار يشعرك بالأنس فهنا عندما يقول (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ) أمر يجب أن لا يغفل عنه أحد ويجب أن لا ينساه أحد ويجب أن يتكرر ذكره بين الناس في أول الذكر حديث (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ) في حين في بقية القصص لم يذكر هذا (وَفِي مُوسَى (38)) (وَفِي عَادٍ) (وَفِي ثَمُودَ) إنما هنا قال (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ) ثم هذا حديث الضيف
د. الشهري: إشارة إلى التنويه بهذه القصة التي وقعت لسيدنا ابراهيم عليه السلام
د. نبيل: وتكرار التنويه بها. ثم حديث الضيف وحديث الضيف مما يلتذ به أصحاب الكرم وحديث الضيف مما يستملحه أصحاب الجود لأنهم يستشعرون بالعطاء الدائم (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ) ولاحظ إذا قلت ضيف ابراهيم وهو الكريم وهو الذي كان يفتح بابه لكل الناس فيدخل عليه هؤلاء بلا استئذان ويقري هؤلاء. ثم هؤلاء الضيف مكرمون ويختلف الناس في إكرامهم هل لأنه خدمهم بنفسه؟ هل لأنه لم يتكلّف لهم؟ هل لأنه لم يعرض عليهم ماذا يأتي به؟ وهذه من آداب الضيافة العالية جداً حين يأتيك ضيف فتقول له ماذا تحب أن تأكل؟ تأكل كذا؟ تأكل كذا؟ أنت تخيره وتحرجه في نفس الوقت طالما أنه ضيف، هذا من جانب. هو لم يخيرهم حتى لا يشعرهم بالمنّة لأن المضيف واحد من اثنين إما أن يأتي بالموجود فيأتي بأعز ما عنده وإما أن يتكلف لضيفه ولو تكلّف لضيفه لا يخبره لأنه إن أخبره أشعره بالمنّة واشعره بالخجل فهو أتى لهم بأعظم ما هو موجود في بيته وفي خارج بيته. ثم انسلّ منهم دون أن يشعروا حتى لا يزيدهم خجلاً، ثم جاء به على أحسن حال كما في سورة أخرى جاء به مشوياً (فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) هود) حنيذ يعني مشوياً. لم يقل هؤلاء أربع ضيوف آتيهم بعجل صغير، لا، إنما جاء بعجل سمين ثم أعدّه لهم على خير ما يعد وهو بالشوي ثم جاء بدون أن يشعروا لا بخروجه ولا برجوعه وهذا عبر عنه القرآن بقوله (فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ) الروغان هو خروج دون احساس كروغان الثعلب لأن الثعلب يمر دون أن تشعر به.
اتصال من أبو معاذ من السعودية: في الآية (إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا (6) الحجرات) قرأت عنها فأشكلت عليّ ، دائماً نستدل عليها حين يأتينا الخبر فدائماً المقابِل الذي أطلقنا عليه هذه الآية يقول كيف تشبهني أني فاسق؟ وكيف نقول عن صحابي أنه فاسق؟ ليس هناك صحابي فاسق، قرأت تفسير لها لكن لم أجد ملخص يشفي الخاطر في هذا وهو مفيد لي وللعامة فإذا أفدتونا جزاكم الله خيراً.
د. نبيل: الفسق في أصل دلالته اللغوية هو الخروج مطلقاً الخروج عن الطبيعة المعتادة فإذا خرج المؤمن عن الطاعة كان فاسقاً وإذا خرج المؤمن عن الإيمان كله كان فاسقاً فأغلب استعمال القرآن للفسق إنما هو بمعنى الكفر إلا في آيات قليلة هذه منها وهو (إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا (6) الحجرات) أو قتثبتوا على القراءتين. هنا الكلام بـ (إن) التي تفيد الشك وهي تشير إلى قلة الفسقة من المؤمنين أو أن الأصل أن يكونوا قلة، هذا جانب فلم يقل “إذا جاءكم فاسق” إنما قال (إن جاءكم). الفسق هاهنا هو خروج عن الصدق ليس مطلق الخروج فهو ليس الفسق الشرعي الذي نفهمه بدليل ما في الآية بعدها (فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ) والجهالة هنا ليست في ما يقابل العلم وإنما فيما يقابل الحِلْم وجملة من العلماء قديماّ ذكروا أن العرب تستعمل العلم والحلم بمعنى واحد. هنا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا لئلا تصيبوا قوماً بتسرع بسفه بعد تروٍ بعدم حلم وتؤدة (فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) فهنا فسق مخصوص وهو خروج عن الصدق والذي يؤكد ذلك أن الإنسان في بعض الأحداث لا ينتبه في هذه الأحداث إلى الدقة فيتسرع في نقل الأخبار وهذه وقفة ونهاية الآية فيها لطيفة تؤكد هذا المعنى حين قال (فتصبحوا) فكأنه كان في ليل دامس لا يرى معه شيء ثم جاء ضوء الشمس وانقشع الظلام فبدأ يرى ثم رأى أنه أتلف زرعاً مشى فيه فندم لأنه كان في ظلام. وكذلك قال قولاً أو نقل قولاً كان على غلبة الظن وليس على يقين فيندم، هذه العبارة في الجملة هي خروج عن الصدق خاصة، هذا جانبز الجانب الثاني كونها أنها نزلت في صحابي لا يعني أن اللفظ مرتبط به فالصحابة لا يوصفون بالفسق بل كلهم عدول إنما هنا يأتي هذا فهو حكم عام وإن كان السبب خاصاً لا علاقة له بوصف الصحابي بالفسق أبداً.
د. الشهري: ولعل لضيق الوقت أرشد الأخ الكريم إلى كتابين وهي رسائل صغيرة الأول “الصحابة والمنافقون شبهات وردود” لعبد الله الشايع
http://www.tafsir.net/vb/attachment.php?attachmentid=4472&d=1313948295
والكتاب الثاني “براءة الصحابة من النفاق” للاستاذ منذر الاسعد
http://www.tafsir.net/vb/attachment.php?attachmentid=4473&d=1313948295
وهي موجودة في الانترنت ويمكن أن يبحث عنها ويقرأ التفاصيل.
د. الشهري: نعود إلى قصة ابراهيم والفوائد التي فيها ووصلنا إلى أنه عندما أراد أن يحضر الطعام انسل بهدوء حتى لا يثير الضيوف ويشعرهم بالحرج فقال تعالى (فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ)
د. نبيل: كلمة أهله المراد بالأهل عند العرب الزوجة في الغالب أو الزوجة والأولاد لكن العرب تكني عن المرأة بالأهل كثيراً وهذا موجود (إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ (33) العنكبوت) هذا موجود في القرآن كثيراًز وهنا (فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ) أي إلى أهل بيته ومعنى هذا أن العجل كان موجوداً عنده وتلك طبيعة أهل الكرم أنهم يوجدون من الطعام والشراب لا ما يكفيهم فقط بل ما يكفيهم ويكفي ضيوفهم لأيام ليس أنهم يخزنون الطعام، لا، بل يوجدون من الطعام ما يمكن أن يسد رمق ذي الحاجة الطارق المفاجئ وهذه طبيعة أهل الكرم تدخل في أي وقت يأتي لك بطعام كثير من أين لا تدري هو موجود في بيته.
د. الشهري: وهم يفاخرون بذلك والعرب في الجاهلية يفاخرون بالكرم
د. نبيل: بأبسط شيء عنده، كان العجل موجوداً في بيته (فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ) ومن أدب الكرم أن يخدمهم بنفسه فجاء يحمله ووضعه أمامهم ولم يطلب منهم أن يأتوا إلى مكان الطعام، لا، نقل الطعام أمامهم فقربه إليهم ثم لم يقل لهم كلوا بل حثّهم على الأكل بطريقة الحضّ هلّا تأكلون، ألا تأكلون، وهذه طريقة من أدب المضيف أن يدعو ضيفه إلى الطعام بأدب وتلطف حتى لا يوقعه في حرج
د. الشهري: والمضيف هو نبي والضيوف ملائكة
د. نبيل: بعض الروايات لم أقف على صحتها تذكر قالوا لا نأكل شيئاً إلا بثمنه قال كلوا وأدوا ثمنه، قالوا وما ثمنه؟ قال تسمون الله عند البدء وتحمدون الله عند الختم، أو في معنى الروايات. المضيف يتلطف مع ضيوفه حتى إن كلبوا منه شيئاً شاقاً يجعله غير شاقّ هو يلطف عليهم الطعام يهوّن عليهم كل شيء حتى يخرجوا من حدة الخجل أو الحرج الذي يقع فيها الضيف عندما ينزل ضيفاً على بعض إخوانه.
سؤال: تكرر في القرآن غلام حليم وغلام عليم هل هناك فرق بين هذه الأوصاف؟ (وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ)
د. نبيل: جمهور المفسرين على أن عليم إشارة إلى اسحق عليه السلام هذا جانب. ولم يرد حليم إلا في سورة الصافات والكلام هناك عن اسماعيل عليه السلام والذي يتناسب مع اسماعيل عليه السلام الحلم لأنه أمر بذبحه فالذي يتناسب مع الذبح الحلم وليس العلم (قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) الصافات) وهذا هو الحلم إنما اسحق لم تأت له فتنة ولم يأت له ابتلاء إنما إسحق كان عليماً ولذلك في قصة يوسف عليه السلام كان يقول دائماً (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ (38) يوسف) كأن امتداد هذا العلم الواصل خاص بهذا لكن مع اسماعيل زاد عن العلم حلماً فجمع العلم والحلم ومن هذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم من نسل اسماعيل ليجمع بين العلم والحلم معاً.
د. الشهري: في قوله (فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ) ما معنى الآية؟
د. نبيل: القرآن حين يتحدث عن القصص لا يتحدث عن واقع ظاهر وإنما يخبر عن مكنونات النفس وهي التي لا يعرفها البشر فهنا يتحدث عن خصيصة متعلقة بالمرأة، ما هي؟ المرأة حين يأتي زوجها ضيوف أغراب تخاف عليه، فتكون على مقربة منه أذنها بسمعهم وبصرها برؤيتهمهي لا تقصد التجسس وإنما تخاف على زوجها فتتحسس أن يفعل الضيوف به شيئاً بطبيعة المرأة وأي زوجة تسمعني تفهم هذا الكلام. حين يأتي ضيوف أغراب لزوجها تكون خائفة متوجسة تذهب وتروح عند الباب تحاول أن تتسمع من هؤلاء ماذا يقولون هذه طبيعة المرأة. هنا كثير من المفسرين قالوا (فأقبلت) قلوا أنها لم تقبل من بُعد كانت قريبة حتى يمثلون “أقبل يشتمني يعني بدأ يشتمني” الاقبال هنا ليس من إدبار وإنما من وجود وكأن هذه الخصيصة متابعة لخبر هؤلاء الضيوف بأذنها فبمجرد أن سمعت الخبر صكت وجهها لم يبحث عنها أين هي ويخبرها الخبر ولم تسمع من بعيد هي موجودة عن قريب خوفاً على زوجها. (صرة) الجلبة والصياح والصوت الشديد ومنه الريح الصرصر الذي يشتد صوتها والتكرار فيه قوة في صرصر، فالصرة هي الجلبة والقوة والصياح. فصكت وجهها والصك لون من الضرب الشديد يحدث منه اصطكاك هناك ضرب لا يحدث صوتاً لكن الضرب الذي يحدث صوتاً يحدث منه اصطكاك تحس بصكّ كأنك توجد معدناً على معدن من قوة الضرب. فالصك صوت شديد من أثر الضرب. ويختلفون صكت بوجهها بماذا؟ هل ضربت على جبهتها؟ هناك رواية عن ابن عباس تقول إنها لطمت وأنا لم أقف على صحتها ولعلها صحيحة ولا مانع فهو تصرف عفوي لا تقصده. أقول دائماً العفويات في المعاصي ممحوة ولو كانت كبائر وشاهدي على ذلك قول الله سبحانه وتعالى (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ (32) النجم) مفهوم عندنا وشائع أن اللمم هو الصغائرن لا، اللمم ولو كان كبيرة هو الذي يلم به الانسان من غير قصد ومن غير تعمد إذا كانت صغيرة وتعمهدها وقصدها لا تكون لمماً بالاصرار والتعمد إنما التي هي اللمم ولو كانت كبيرة يعفو الله عنها والذي يؤكد أن اللمم هو ما لا يقصده الانسان ولو كان كبيرة تتمة الآية لم يقل الله إن ربك عفو غفور وإنما قال (إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ (32) النجم) سعة المغفرة لا تتناسب إلا مع عظم الذنب لكن أن تكون لمماً.
د. الشهري: لا زال حديثنا حول قصة ابراهيم مع الملائكة وقصة زوجته سارة عليها السلام عندما بشرت باسحق في هذه الآية، قلت أقلبت امرأته في صرة أي جلبة وصياح وصكت وجهها
د. نبيل: صوتها يعلو من بعيد
د. الشهري: وهذا تصرف عفوي تفعله النساء وغيرهم
د. نبيل: عند الشدة تتصرف المرأة هكذا (فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ)
د. الشهري: نريد أن نتجاوز القصة إلى غيرها
د. نبيل: أضيف لفتة هنا وهي تقول (عَجُوزٌ عَقِيمٌ) نذكر الريح العقيم وكأن المرأة التي لا تلد مع كون آدميتها في الحياة لا نفع لها وكأن القرآن يشير إلى الذين يمنعون الولد وعندهم خاصية الولد إلى الذين عندهم خاصية العطاء ويمنعون العطاء فكأنه لا خير فيها وهي قادرة تمنع الخير الذي أعطاه الله إياها.
د. الشهري: (وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا (50) الشورى)
د. نبيل: أنا لا أقصد هذا وإنما أنا أقصد لمن يقدر كالذي يقدر أن يضيف الضيف ولا يضيفه كالذي يقدر أن ينتج ولا ينتج.
د. الشهري: انتقل إلى الحديث عن قصة موسى عليه السلام فقال (وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ) لم يقل حديث موسى
د. نبيل: وفي موسى آيات كما في الأرض آيات كما في السماء آيات وفي موسى آيات. هنا تحدث بعبارتين (وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ) نحن عندنا سلطان وحجة والآية والبينة في موسى بالذات جمع له بين السلطان والبينة لأنه يواجه فرعون لا يواجه أيّ إنسان فيحتاج إلة قوة في البيان وقوة في الحجة والسلطان هو الحجة التي تتسلط على الرقاب لا يستطيع أحد أن ينكرها أبداً فإذا جاءت الحجة التي يقبلها الصغير والكبير هي السلطان ومع ذلك هو ينكرها وليس سلطان فقط بل سلطان مبين بيّن واضح. (وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ﴿٣٨﴾ فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ﴿٣٩﴾) الركن هو موطن القوة حتى في البيت الإنسان حتى المهندس لما يصمم البيت يقول هذه الواوية سنزيد فيها الحديد لأنها هي التي ستمسك الزاوية دائماً يهتموا بالأركان والأعمدة أساس السقف هي التي تحمله ويضعها في الأماكن التي يكون فيها حوانب لا تكون في وسط الجدار وإنما تكون في منتهاه
د. الشهري: كذلك في الجيوش يسمونه الركن، قائد أركان
د. نبيل: كلمة الركن تعني موطن القوة في الأمور المادية سواء في الجدار سواء كان في الجيش سواء كان في الأرض الركن تعني موطن القوة يركن إليه. يمكن أن تركن على جدار ضعيف يهبط بك. الركن موطن القوة، البعض يسال لماذا كلمة ركن بالذات؟ فتولى بركنه أي بكل مجامع القوة عنده نظر إلى أقوى شيء عنده وتولى إليه. (فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ) الباء هنا تشعر بالاستعانة وكأنه هو الذي ادعى الألوهية وادّعى الربوبية انتفت عنه كل هذا وأحس بالضعف وأحس بالذل والخذلان فاستشعر هذا الجانب فأراد أن يتقوى فتأتي باء الاستعانة هذه فتولى بركنه فتقوى مستعيناً بركنه.
د. الشهري: لا أريد أن نتجاوز الآيات في آخر السورة (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٥٥﴾ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴿٥٦﴾) هذه الآيات العظيمة ما علاقتها بموضوع السورة؟
د. نبيل: ليس بموضوع السورة فقط بل بالسور الثلاث ففي سورة ق (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ (45)) وهنا (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) وفي سورة الطور (فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (29)) هذه السور كلها مبنية على التكذير. ثم يأتي بعد ذلك (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) العبادة هي حب يدعو إلى الذل والانقياد، كثير من المفسرين يهملون جانب الحب. مع أن هذا الحب هو الذي يدعو إلى الذل والذل هو الذي يدعو إلى الانقياد حتى في تعبراتنا العامية يقولون فلان يحب امرأته حب عبادة. كأن حب العبادة أقوى حب عرف في الدنيا لأن الحب نوعان حب فطرة جُبِل عليه الإنسان لأهله وقمه وذويه وحب عبادة يستصغر الإنسان فيه نفسه ويستشعر بضعفه وذله فيركن إلى القوي العزيز الذي ينقاد إليه ويأتمر بأمره.
د. الشهري: الله أكبر. نسأل الله أن يرزقنا حبه وحب من يحبه. شكر الله لك دكتور نبيل.
*****************
الفائز بحلقة الأمس: مريم عبد الله أخضر
سؤال الحلقة: ذكر الله أن الخلق والرزق والإحياء والإماتة صفات به وحده لا يشركه بها غيره ومن ادعى ذلك فقد أشرك به. ما الآية التي تدل على ذلك من آيات الجزء الحادي والعشرين؟