سورة إبراهيم
إسم السورة:
د. صواب: هذه السورة هي سورة إبراهيم عليه السلام لم يذكر العلماء إسمًا آخر غير هذا الإسم سميت بإسم إبراهيم عليه السلام والعلة في ذلك ما حكاه الله سبحانه وتعالى عن إبراهيم عليه السلام (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ (35)) إلى آخر الآيات التي ربما نقف عندها. وهذه الآيات هي آيات مميزة في قصة إبراهيم وفي حياة إبراهيم عليه السلام ذلك أن هذه الآيات تتعلق بالتوحيد الخالص بينه وبين الله تعالى فهو توجه إلى الله سبحانه وتعالى ودعاء إلى الله سبحانه وتعالى وكأنه تأسيس وهذا لا شك أنه أهم مما جرى بينه وبين قومه من حوار سواء كان بينه وبين النمرود أو بين وبين قومه. فهذه السورة جاءت بهذا الإسم. إبراهيم عليه السلام هو كما ذكر الله عز وجل أمّة، إبراهيم عليه السلام هو ذلك النبي الذي انتقل من بلد إلى بلد وعاشر أقواماً مختلفين في العراق كانت له قصة في مصر كانت له قصة في الشام كانت له قصة ثم في البلد الحرام وفي البيت الحرام وكان يتنقل أيضًا بين هذه الأماكن، إبراهيم عليه السلام هو أبو الأنبياء لم يأت من بعده أحد من الأنبياء إلا كان من ذريته عليه السلام، كل الأنبياء من ذريته وكان معه في عصره لوط عليه السلام وكان ابن أخيه لكن بعد ذلك كل الأنبياء كانوا من سلالة إبراهيم عليه السلام.
المقدم: وأشرتم ضمنًا إلى التوحيد في قصة إبراهيم وإبراهيم عليه السلام عندما يُذكر إسمه يرتبط بالحنيفية وهو أبو الحنفاء هل نستطيع أن نخلص من هذا إلى موضوع السورة الرئيسي؟
د. صواب: قبل ذلك يأتي سؤال وقد طرحته إحدى المشتركات في شبكة التفسير هو لماذا سميت هذه السورة بإسم إبراهيم وقد ذكر إبراهيم عليه السلام في سور كثيرة وربما كانت قصة إبراهيم في بعض السور أطول وأكثر تفصيلًا مما جاء هنا أجاب على ذلك بعض العلماء أولًا السور التي افتتحت بـ(ألر) سميت بأسماء الأنبياء فجاءت معنا سورة يونس عليه السلام وهود ويوسف وجاءت أيضًا هذه السورة وجاءت سورة الحجر والحجر هو نسبة إلى الحجر الذي يسكنه قوم صالح عليه السلام فإذن جاءت بهذا الإسم فكان هذا من باب الإشارة إضافة لما ذكرنا أن الموضوع الذي اشتملت عليه السورة هو أهم من هذه الموضوعات.
السورة مكية بإجماع المفسرين وإن كان هناك خلاف في آيتين وهي قول الله عز وجل (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29)) لكن ليس هناك ما يدل على كونها مدنية وإن قال بعضهم أنها نزلت في مشركي مكة إنما السورة هي سورة مكية.
موضوع السورة:
هناك علاقة كبيرة بين إبراهيم عليه السلام وبين موضوع السورة. موضوع السورة أرى -وإن كان البعض يقول التوحيد- لكن إنه الإيمان والإيمان أعمّ من التوحيد لأن التوحيد توحيد الله عز وجل أما الإيمان فهو الإيمان بالله عز وجل والإيمان بالرسل والكتب واليوم الآخر وهذه السورة سورة شملت وتحدثت عن الإيمان بهذه الأمور كلها ابتداء من الإيمان بالله عز وجل الإيمان بالكتاب الإيمان بالرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين والإيمان باليوم الآخر وما يقع في ذلك اليوم. ثم كان حديثًا مركزًا في كل نقطة من هذه النقاط:
تحدثت عن الكتاب في قول الله عز وجل (الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1))
وتحدثت عن الأنبياء ووظيفة الأنبياء والرسل (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4))
وتحدثت عن التمايز بين هؤلاء القوم وهؤلاء القوم وضرب الأمثلة لهؤلاء وهؤلاء (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25)) (وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ (26)) وهذا إشارة مهمة.
تحدثت السورة عن مسألة مهمة جداً وهي مرتبطة بما سبق وهي نِعَم الله سبحانه وتعالى. هناك من شكر هذه النعم وهناك من كفر بهذه النعم والنعم نوعان نعمة الهداية وهذه هي من أبرز النعم واقوى النعم (الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)) ونعم أخرى جاءت الآيات الأخرى الكثيرة في بيانها (اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ (32) وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33) وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34))
ثم تأتي نهاية المطاف في يوم القيامة وبيان مصير أولئك الكفار والحوار الذي يدور بينهم ومعاتبة بعضهم لبعض فيكون الحوار بين الضعفاء الأتباع وبين الرؤساء وهم المتبوعون (وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ (21))
وفي وسط هذا الحوار يظهر المسؤول الأول إذا كان هؤلاء الضعفاء قد ألقوا بالتبعية على أولئك الرؤساء المتبوعين وقالوا أنتم الذين أضللتمونا فيأتي المضل الأكبر وهو الشيطان ويظهر فيقول لا يلوم بعضكم بعضًا ولا يعاتب بعضكم بعصًا حتى الشيطان يقول لهم لا تلومونه فيظهر ويخطب فيهم وهم في نار جهنم (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ (22)) المُصرِخ هو المنقذ المُغيث، (إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22)).
إفتتاح السورة والاستهلال كان استهلالًا قويًا وذلك بعد بعد قول الله عز وجل (الَر) هذه الحروف هذا القرآن هذا الكتاب هو مكون من هذه الأحرف التي تتكلمون بها (ألر)، (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) لو تصفحنا الآية الأولى والثانية من سورة الأعراف (ألمص (1) كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ (2)) أُنزِل على البناء للمجهول كما يسميه البعض لكن على الأصح مبني لما لم يسمى فاعله لأن الفاعل معلوم في الحقيقة. أما هنا فقال (أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ) لأن هذه السورة جاءت في تعداد النعم هذه النعم التي أنعم الله عز وجل بها على عباده فنسبها الله تعالى إلى نفسه ثم تأمل قوله (لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) هذه تحتاج إلى تأمل الأمة اليوم تعيش وهذا الكتاب بين يديها وهي تستفيد منه وتستنير بنوره وتهتدي بهديه لكن كثيراً من أبناء الأمة إلى اليوم لا يدركون الهدى الذي جاءهم من هذا الكتاب (لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ). تصور لو أن الأمة تعيش بدون هذا الكتاب كيف سيكون حالها؟! كما كان حالها سابقًا -ولا نريد أن نطيل في الحديث عن حالها سابقًا – لكن أيّ هدي؟! يكفي أنهم لن يخرجوا من الظلمات إلى النور وأنهم سيعيشون في هذه الظلمات.
المقدم: لفت نظري في بداية السورة (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ) الناس عمومًا لكن بعدها بآيتين (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ (4)) ما الفرق بين نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ونبوة بقية الأنبياء؟
د. صواب: بعدها أيضًا (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ (5)) هناك أولًا تناسب وكأنه يقول إن رسالة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين هو إخراج من الظلمات إلى النور. إذن (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ) يا محمد، لماذا؟ (لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) لست وحدك (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) هذه واحدة. أما الأخرى التي سألت عنها فقد جاءت هذه السورة لتقول (لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ (1)) ذلك أن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم رسالة إلى الناس كافة فهي رسالة لكل العالمين يعني فلن يبقى أحد إلا ويدخل في هذه الرسالة بخلاف رسالة الأنبياء السابقين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فكانت رسالة خاصة لأقوامهم.
المقدم: (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ (5)) في قصة موسى هل هذا أيصًا يندرج في ذكر النِعَم؟
د. صواب: نعم، تستطيع أن تقول سواء في الافتتاح (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ) نوع من النعم ثم انظر إلى الربط القوي (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ) لماذا؟ لأن الناس أمام هذه النعم، أمام هذه الأيام والأيام هنا بمعنى الوقائع وبنو إسرائيل كانت لهم أيام وأيام كما ذكر الله عز وجل في هذه السورة (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (6)) فهذه الأيام أنجاهم الله عز وجل من فرعون، أنجاهم من الغرق ةمن البحر، أنجاهم من التيه وآتاهم الطعام وآتاهم أشياء كثيرة فهذه الأيام أمره أن يذكرهم بها لكي يشكروا هذه النعمة ولأن الناس بعد ذلك ينقسمون إلى شاكر وكافر بالنعم.
المقدم: في قول الله عز وجل في الآية الثانية (اللّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ) ما السر في خفض كلمة (اللهِ)؟ وهل هناك قرآءة أخرى؟
د. صواب: هذه الآية فيها قراءتان متواترتان إحداها قراءة حفص التي نقرأ بها (إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) اللّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ (2)) صراط مضاف، العزيز مضاف إليه، الحميد هي صفة للعزيز، والله هنا بدل من العزيز الحميد لكن هناك قراءة أخرى وهي أيضًأ متواترة وقرآءة صحيحة برفع لفظ الجلالة (اللهُ الذي له ما في السموات) وهي مبنية على أنها خبر لمبتدأ محذوف كأنه قال هو اللهُ الذي له ما في السموات.
المقدم: في قصة موسى عليه السلام لما قال لقومه (وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ (9)) هل هذا الكلام على لسان موسى عليه السلام؟ أم هو استئناف لكلام كفار قريش؟
د. صواب: هذه محتملة للأمرين جميعًا ومن العلماء من ذهب إلى أنها على لسان موسى ولكن الظاهر أنها خطاب لقريش والخطاب لهم هنا قد أتتهم الأنبياء وكانوا يشاهدون جميع هؤلاء الذين من قبلهم وهم قريبون منهم، منهم من هو في شمال الجزيرة ومنهم من هو في جنوب الجزيرة وكلهم موجودون قريبًا منهم.
المقدم: المحاورة غير الموضوعية من قِبَل المعاندين للرسل إلى أن قال الله عز وجل (وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15)) ذكرتني بسورة الأنفال (إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ (19)) هل هناك ارتباط؟
د. صواب: الإستفتاح هو طلب الفتح (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ (89) الأعراف) والاستفتاح هنا كل منهم يريد أن ينتصر على الآخر. لكن مهما كان هذه الاية تحتاج إلى وقفة لأنه بعد هذا الحوار وهذا التكذيب يأتي الرسل ويدعونهم إلى الله تعالى ويشككون في ذات الله عز وجل ويسألونهم (قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ (10)) بمعنى أفيه شك؟ لا يمكن أن يكون فيه شك وقد خلق هذا الكون ومع ذلك يقولون حجة ميتة (قَالُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (10)) فيأتي الرسل فيقولون (قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ (11)) هذه من قوة المحاجة، أنتم تريدون أن تقفوا عند نقطة أننا بشر نعم نحن بشر لكن ما هو وجه الدلالة بعد ذلك؟ ماذا تبنون عليها كوننا بشر؟ (وَلَـكِنَّ اللّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ (11)) نحن مقرون بأننا بشر لكن هذه منّ’ من الله سبحانه وتعالى. لكن مع ذلك يجري الصراع وهو صراع بين الحق والباطل لكن النتيجة (وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17)) فهذا هو جزاؤهم
المقدم: الحوارات التي تحصل بين الرسل وأقوامهم كلها بهذا الشكل عناد وتكذيب
د. صواب: عناد وتكذيب وأسلوب يكاد يكون متطابقاً إلى حد كبير لأن الله سبحانه وتعالى يقول (كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) أَتَوَاصَوْا بِهِ (53) الذاريات) في عهد محمد يقولون ساحر ومجنون وفي عهد موسى يقولون ساحر ومجنون ويقولون لصالح وهود ونوح وسائر الرسل يقولون هذه المقالة (أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53)) فالطغيان جمعهم على هذا الشيء.
المقدم: آية فيها مثل (مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ (18)) ما دلالتها؟
د. صواب: هذا من الأمثال العجيبة ومن التشبيهات الحسنة في كتاب الله سبحانه وتعالى. الكفار لهم أعمال ظاهرها الصلاح أن يطعم فقيرًا، أن يحض على طعام مسكين أحيانًا، أن يكرم ضيفًا إلى غير ذلك من الأعمال التي ظاهرها الصلاح وهي أعمال صالحة لو أريد بها وجه الله سبحانه وتعالى لكن الله سبحانه وتعالى يقول (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا (23) الفرقان) ما مصير أعمال هؤلاء الكفار؟ لا شك أن الله عز وجل أحبط أعمالهم, انظر إلى هذا المثل العجيب مثل أعمالهم (مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ) مثل ماذا؟ كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف وأنت تعلم أن الرماد لا يثبت في الأحوال العادية فكيف إذا كانت هناك ريحًا فكيف إذا كانت هذه الريح في يوم عاصف؟! هل يمكن أن يبقى من هذا الرماد شيء؟! هل يمكن أن يعتمد عليه؟! لا يمكن، وهكذا أعمال الكفار تكون بهذا الشكل فهذه من التشبيهات العجيبة والجميلة جدًا في كتاب الله عز وجل
المقدم: سؤال عن المحاجة بين الضعفاء التابعين وبين المتبوعين أين كانت هذه المحاجة؟ في النار؟ أم قبل دخولهم النار؟ بالإضافة إلى المحاجات الأخرى في سبأ وغافر.
د. صواب: بالنسبة لهذه المحاجة أنها في النار والله ذكر لنا في سورة أخرى (وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ (47) غافر) فهم يتحاجون في ذلك ويحاول كل منهم أن يحمل الآخر المسؤولية
المقدم: (سَوَاء عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ (21)) هل هذا فيه دلالة على أنهم أرادوا أن يصبروا؟
د. صواب: الأمران مستويان كلاهما سواء، سواء جزعنا أم صبرنا فليس لنا مخرج فلا ينفعهم الجزع ولا ينفعهم الصبر في الخروج من النار اصلوها، فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم.
المقدم: ضرب المثل بالكلمتين الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة
د. صواب: هذه ضرب مثل لكلمة التوحيد كما يذكر بعض العلماء وليس هناك ما يمنع أن تلحق بها كلمات طيبة أخرى. لكن هنا يصور لك القرآن ثبات الإيمان والمؤمن واهتزاز الكفر والباطل، فأما المؤمن فهذا مثله (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء (24)) وهذه كما بيّنها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها هي النخلة، هذه النخلة أصلها ثابت وفرعها في السماء لا يضرها ريح ولا يضرها ما حولها فهي ثابتة ودائمة بخلاف الأشجار التي تنبت ثم تزال وتجتث وهو مثل للكلمة الخبيثة قال العلماء هي شجرة الحنظل (وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ (26))، اجتثت قلعت أزيلت من فوق الأرض ما لها من قرار. ليس المهم أن ننظر إلى النخلة والشجرة الحنظل وإنما المهم أن ننظر إلى الإيمان وثبات الإيمان ثبات المؤمنين وصبرهم وإيمانهم بهذا المبدأ ثم ننظر في الجهة المقابلة إلى زيف الكفر وإلى زيف الكفار مهما ظهر لنا أنه متكاثر وأنه قوي فهو في الحقيقة لا أصل له والشيء إذا لم يكن له أصل يمكن أن يزول في اية لحظة من اللحظات.
المقدم: في أول السورة قال تعالى (لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ (1)) وهنا (وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء (27)) فالهداية إنما تحصل بتوفيق من الله عز وجل
د. صواب: الهداية إنما تحصل بتوفيق الله ولكن اشير إلى ملمح مهم جدًا: البعض قد يتحرج من نسبة الهداية إلى محمد صلى الله عليه وسلم والآية هنا نصّت على (لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ (1)) ولا يكون ذلك إلا بإذن الله عز وجل فهو هادٍ كما وصفه الله عز وجل (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) الأحزاب) (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (52) الشورى) (رَّسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ (11) الطلاق)
المقدم: أيضًا سنقف مع آية ضرب المثل في النعمة وتبديل النعمة لكن قبل ذلك (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا) ما الإشكال في كونها مكية أو غير مكية؟
د. صواب: ليس هناك إشكال كما قلنا لكن البعض رأى أنها تتحدث عن أهل مكة وعن يوم بدر ومعلوم أن ما حصل في بدر كان بعد الهجرة ومن ثمّ فقالوا إذا كان المقصود (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28)) وقد أنعم الله عز وجل على أهل مكة بنعم كثيرة الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف وأعطاهم الأمن فإذا كان الحديث عنهم بعد حادثة بدر فتكون الآيتان مدنيتان.
المقدم: وما يروى عن علي وعمر كأنهم بنو أمية وبنو المغيرة هل في هذا شيء؟
د. صواب: ليس من هذا شيء
المقدم: الوقفة مع النعم وعدم تبديلها
د. صواب: آيات جميلة نقف عنها ونتأملها وهو الحديث عن النِعَم يقول الله عز وجل (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29) وَجَعَلُواْ لِلّهِ أَندَادًا لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30) قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ (31) اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ (32)). لكن قبل أن نسرد النعم (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا) ثم جاء الحديث عن النعم وبين هاتين الآيتين (قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ (31)) ما علاقة الأمر بإقامة الصلاة والإنفاق في الحديث عن النعم؟ لأنه من لوازم شكر النعمة أن تقيم الصلاة وأن تنفق (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا) فلم يشكروها أما أنت أيها المؤمن فعليك أن تشكر هذه النعم ومن شكر هذه النعم (قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ (31)) وهذا لا شك شكر للنعمة. ثم بيّن الله تعالى جزءًا من هذه النعم (اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ (32)) الفلك ما أدراك ما الفلك اليوم! والسفن أصبحت اليوم أكثر من الماضي (وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33)) لا يمكننا مطلقًا أن نستغني عن الشمس والقمر (وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)) وأنا أتامل دائمًا هذه الجملة وأراها أعجازاً من الإعجاز في كتاب الله عز وجل من ذا الذي يستطيع أن يعد نعم الله عز وجل؟ من ذا يستطيع أن يعد نعم الله في ذاته (وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) الذاريات) فكيف بالنعم الخارجة عنه؟ من يستطيع؟ فهي إعجاز جميل (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا)
المقدم: (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) إبراهيم) وفي سورة أخرى قال تعالى (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (18) النحل)
د. صواب: يقول الله سبحانه وتعالى في هذه السورة (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) إبراهيم) وفي الآية الأخرى (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (18) النحل) نعرض جانبين: الجانب الأول فإن الله سبحانه وتعالى قد جمع بين وصفه سبحانه وتعالى وبين وصف المخلوق فأما المخلوق ظلوم كفار (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) إبراهيم) وأما الخالق سبحانه وتعالى (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ) هذه واحدة. لكن المسألة الأخرى لماذا وردت في هذه السورة (إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) وفي السورة الأخرى التي جاء فيها تعداد كثير من النعم وتسمى سورة النعم لماذا ورد (إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ)؟ الآية تتحدث هنا عن النعم (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28)) هؤلاء المشركون الكفار بدلوا نعمة الله كفرا (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)) لأنها جاءت متناسبة مع هذه.
المقدم: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا (35)) وفي البقرة (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَدًا آمِنًا (126)) هل هناك فرق بينهما
د. صواب: في سورة البقرة (رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا) سأل الله أن يجعله بلدًا لأنه لم يكن حينئذ بلداً لم يكن فيه أحد فكان التركيز على كونه بلدًأ، أما هنا في هذه السورة فليس الهدف أن يكون بلدًا وإنما الهدف الأمن طلب الأمن لهذا البلد بعد أن أصبح بلدًا.
المقدم: دعاء إبراهيم عليه السلام إمام الحنفاء (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ (35)) بعدما جاء إبراهيم وإسماعيل وبنى البيت هل كان يتخوف على نفسه وذريته من عبادة الأصنام؟
د. صواب: طبعاً بنيه وأولاده وذريته لكن هذا يبين لنا أن الإنسان لا يستغني عن الله عز وجل ولا ينفك عن الالتجاء إلى الله عز وجل فالقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن وهكذا كان الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ولاحظ كثرة الدعاء ربنا، ربي، يجب أن نتأسى به.
سؤال الحلقة
جاء قوله تعالى (وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)) في سورة إبراهيم ففي أي سورة من سور الجزء الرابع عشر ورد قوله تعالى (إ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ) وما رقم الآية؟
————————————————————
روابط الحلقة على اليوتيوب
—————————–
رابط جودة عالية
http://ia360707.us.archive.org/11/it…4/tafsir13.AVI
رابط جودة متوسطة
http://ia360707.us.archive.org/11/it…/tafsir13.rmvb
رابط للجوال
http://ia360707.us.archive.org/11/it…ir13_512kb.mp4
رابط صوت
http://ia360707.us.archive.org/11/it…4/tafsir13.mp3