برنامج التفسير المباشر

التفسير المباشر – وقفات بلاغية في آيات الحج

اسلاميات

وقفات بلاغية في آيات الحج

الدكتور عويض بن محمود العطوي الأستاذ المشارك في البلاغة القرآنية بجامعة تبوك

قد يكون من المناسب إخواني الكرام؛ أن نتحدث عن الآية الموجبة للحج؛ ولكن قبلها؛ نجد آية تحدثت عن قضايا لها علاقة بإيجاب الحج؛ فقال سبحانه وتعالى: “إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين “. “فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا“. ثم قال سبحانه وتعالى : “ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فأن(فإن) الله غني عن العالمين”.  الحقيقة؛ نجد هنا قبل آية الإيجاب؛ نجد حديثا عن بناء البيت؛ وليس هذا فقط؛ بل عن بناء البيت؛ وذلك خاصة في البيت؛(لا أفهم هذا المقطع) وهذا الأمر يختلف تماما عن إيجاب رمضان؛ ولذلك أنا أتمنى من الأخوة الكرام المشاهدين الكرام أن يتأملوا في إيجاب الحج؛ وإيجاب الصيام؛ إيجاب الصيام جاء مباشرة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}

  • من أول الملحوظات التي نجدها أن الله نادى المؤمنين بعنوان الإيمان مع الصيام، فقال: “يا أيها الذين آمنوا” وأما في الحج؛ فذكر الناس وهو الأكثر وجودا؛ بل إنه كثير جدا، لدرجة أن هناك أحيانا؛ تجد هو الظاهر في كل آيات الحج تقريبا. النداء بيا أيها الناس، هذه قضية حقيقة؛ يجب أن تلفت النظر، هل يعني هذا أن الحج عبادة قديمة؟ موجودة عند كل الأمم، وعند كل الديانات ؟ أو أن المقصود هو أن الحج هو مظهر عالمي؟ يجب أن نستثمره نحن المسلمين؛ في قضية يعني دعوة الناس له؛ وكان يقال: “ينبغي لكل الناس أن يحجوا وإن كانوا كفار”؛ وينبغي عليهم أن يسلموا؛ حتى يكونوا من أهل الله، ولذلك المخاطبة عامة حقيقة؛ وهذا أمر لابد من النظر فيه، والتأمل فيه، وجمع الآيات التي وردت في هذا المعنى؛
  • القضية ليست هذه الآن؛ بقدر ما هي(من الأفضل حذفها) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} الملحوظ في آيات الصيام( نقل هذه الجملة قبل الآية يوضح السياق)؛ أنه مباشرة بعد ذكر الكتابة؛ وهي الفرض، والإلزام، والتثبيت، وغير ذلك؛ جاء بعدها ما يشعر بتيسير الصيام على العكس في آيات الحج، آيات الحج الذي قبلها؛ هو الذي يُشعر بالتيسير، والتسهيل، والتشويق لهذا المكان إلى مكة قبل الإيجاب .وطبعا؛
  • لو لاحظنا القضية الزمنية، لو لاحظنا الآيات؛ رمضان طويل المدة؛ وبالتالي ستكون المشقة فيه أصعب وطبيعة الإنسان؛ إذا ألزم بزمن طويل تكون فيه المشقة أصعب .بينما لو ألزم بعمل ثقيل؛ في زمن قصير ربما يتحمله ولذلك؛ لما كانت مدة الصيام طويلة؛ جاء بعدها ما يشعر بتيسيرها؛ فيقول الله عز وجل {أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ}. وهنا أياما معلومات؛ لعلنا نوازن بينها.
  • أيضاً؛ هنا نجد الحق أيام قليلة جدا؛ ولكن المشكلة فيها؛ ما يسبق الحج، أي من المسافات الطويلة. كيف تريد الناس يصلون عبر هذه المسافات الطويلة؛ أحيانا مكلفة للمال وللجهد؛ إلا إذا كان المكان الذي يقدم إليه مشوقا فلذلك؛ يبذلون الجهد الجسدي؛ والمادي؛ للوصول إليها، ولذلك لاحظ قبل الإيجاب؛ أية الإيجاب؛ قال : {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ} تذكر الأولية؛ مو دائما أي شيء. أولا : يجب الناس أن يذهب إليه ويقصدونه ولذلك؛ تجد الناس يبحثون عن هذا المكان؛ أول.مكان أول موقع عندنا؛ أول قلعة، أول مكان؛ نحن لا نذكر هذا فقط إلا للموازنة المعنوية يعني. وضع للناس للذي” فما بالك؛ إذا كان هذا أول بيت وضع للناس كلهم؟ وواضعه؛ هو الله سبحانه وتعالى، للذي في بكة؛
  • ثم وصفها بالبركة؛ والبركة هي تدل على كثرة الخير .إذن؛ أنت تذهب الي مكان كثير الخير، وهذا أيضاً؛  دافع مهم جدا لنا، وأيضاً  هو هدى للعالمين، فهذا وصف الله أيضاً  .
  • الوصف الرابع فيه آيات بينات؛ وأيضاً الآيات البينات؛ بما أنها مبهمة في مجملها؛ أيضاً  تدعو إلى التشويق؛ لمعرفة هذه الآيات؛ ما هي ؟. هي العلامات نعم البينات؛ ثم فصل شيئاً من هذه الآيات؛ وهو مقام إبراهيم؛
  • وأهم من هذا كله؛ الحقيقة؛ أن هذا البيت أول ما وضع للناس؛ وفيه هذه الميزات كلها؛ ومن دخله كان أمنا؛ وهذه قضية حقيقية؛ أي مسافر يخاف دائما من المجهول؛ المكان الذي لم يعهد أن يذهب إليه بخصوص؛ مع طول المسافة؛ وطول المكان، ولا يعرف أحد لا يدري ما الذي سيصل إليه؛ يقول: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً}

أنا أتصور أي إنسان؛ لو جمعنا هذه الأمور الأربعة، أو الخمسة؛ لوجدناها هي الإشكالات الموجودة؛ التي تحجب كثير من الناس عن الذهاب، بالفعل. نحن نسمع بعض الناس يقولون : والله أنا أخاف يا أخي من الطريق، أخاف يا أخي الكريم من الزحام في مكة، أسمع هناك وفيات كثيرة؛ والمسافة طويلة جدا، مرهقة، ومتعبة مادية وجسديا وغير ذلك؛ لكن لما يتأمل هذه الآيات؛ وآمل من الأخوة المستمعين؛ أن ينظروا في هذا الآن؛ خصوصا الذين لم يحجوا، ولم يفكروا في الحج إلى الآن؛ يعني هذا الأمر؛ جعل الناس يأتون من مسافات بعيدة جدا؛ لهذه الأوصاف والميزات التي ذكرها الله سبحانه وتعالى لهذا البيت؛

بعد ذلك جاءت الآية الموجبة للحج بطريقة مختلفة عن إيجاب الصيام. بل ربما تكون اقوي آيات الإيجاب في كل الأحكام؛ فقال الله سبحانه وتعالي: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ} وبعض الناس يتحدث ويقول لك : علي أن أفعل كذا وكذا؛ هذا من أعمق صيغ الإيجاب؛ بل أن نجد في هذه الآية بالذات {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ} وهذه الآية موجبة للحج من عشرة أوجه :

  • أولها: التقديم؛ تقديم لفظ الجلالةولله على الناس حج البيت“؛ ممكن أن يقال حجوا البيت لله. أي حجوا البيت كائن لله؛ ولكن في التقديم فيه إشعار الحصر والإخلاص إذا كان الحج محصوراً؛ محصور الوجهة فيه لله؛ فهذا يعني أن القصد فيه لله أي الإخلاص. في هذا القصد لله سبحانه وتعالى؛ لما أظهر لفظ الجلالة بالذات؛ دون أي اسم آخر من أسماء الله، وهذا أمر يتعلق حقيقة بقضية أيضاً  ظهور هذا المشعر؛ وظهور التوحيد فيه؛ لأن لفظ الجلالة “الله” اسم لا يشاركه فيه أحد؛ والمشركون يعرفون ذلك؛ يعرفون ما معنى الله. بل أن أبا السعود في تفسيره كثيرا ما يشير إلى قضية لفظ الجلالة؛ ويقول هو لتربية المهادف في النفوس. هذا اللفظ العظيم؛ وهذا الاسم العظيم؛
  • الأمر الثاني: مجيء أمر الاستحقاق لله؛ أي له خصوصا؛ أي للمستحق وهذا مشعر بالإخلاص؛ من جانب أخر غير قضية التقديم.
  • الأمر الثالث مجيء حرف (على) بالذات؛ لأن على تدل على التمكن في بعض استخداماتها وتدل على العلو والقوة في كثير منها؛ لما تقول لك عليك كذا؛ أنت حتى أنت أوجدت نوع من الضمان العالي. في هذا الأسلوب: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ} فالإيجاب أصبح على الناس.
  • الأمر الرابع؛أن جاء الإيجاب على عموم الناس؛ وليس فقط (على المؤمنين) على عموم الناس، على وقف خاص؛ على الناس؛ وكان هذه الشعيرة ينبغي على كل العالمين أن يتصفوا بها؛ أو أن ينظروا فيها، أو أن يهتموا بها، وأن لم يكونوا من أهلها، فعليهم أن يكونوا من أهلها. فهناك سبيل الدخول في الإسلام؛ والحقيقة أن الآية مشعرة في نظري أنا؛ أننا يجب أن نستثمر الحج في الدعوة إلى الله؛ بأي طريقة من الطرق؛ المهم أن نفكر في هذه القضية، لأن تكرار كلمة الناس في أكثر من موضع؛ لم تأتي هكذا في كل المواضع؛ ” ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس “. يعني جعلناه للناس مواقع كثيرة؛ كلها تدل على الناس؛ الناس؛ الناس؛ الناس. الآن يعني في وقتنا المعاصر؛ أصبحت تنقل شعائر الحج على بعض الفضائيات للعالم فأصبحت هذه الرسالة تصل إلى غير المسلمين بخلاف الموضع الذي تقام فيه هذه الشعائر؛ فأنه لا يدخلها إلا المسلمون فلا يمكن أن يشاهدها مباشرة وهذه هي القضية؛ قضية كيف يمكن الربط بين أنه ممنوع الكفار يدخلوا موقع الشعيرة؛ وفي نفس اللحظة الآيات كلها تقريبا تخاطب الناس ولا تخاطب.. هل المقصود أيضاً  بالناس أنكم أنتم معاشر المؤمنين؟. يجب أن تكونوا من جملة الناس بوصفهم؛ ناسا لا بوصفهم متلبسين بالإيمان؛ لأن فيه من أنماط الأوصاف الإنسانية؛ من قضية المساعدة والمعاونة وبذل الجهد؛ مما يمكن أن تنتبهوا له، وأنتم مثلا تتقمصون شعيرة الحج قد يكون هذا أيضاً  ملمح من الملامح .
  • العنصر الخامس الظاهر إضافة كلمة حج إلى البيت؛ لتعيين ما هو الشيء الواجب على الناس. “ولله على الناس حج البيت”. فتعيين هذا الحج؛ وتعيين هذا المقصد، لأن ممكن تكون حج قصد؛ لكن قصد ماذا ؟ قصد العظيم عموما؛ ولكن خصص هنا المقصود وهو البيت؛ وذكر البيت يعني على؛ وقد ذكر في مواضع أيضاً  متعددة يعني هي لفظ البيت. ذكر أن ما أوهمت في أكثر من عشرة مواضع؛  أكثر من عشر مواضع في القرآن كله؛ المقصود بها هذا المسجد الحرام، أو مكة؛ فالتعيين هنا لأجل ألا يكون القصد لمكان آخر؛ هذا من باب الحصر. وأيضاً حج البيت؛ إشارة إلى أن البيت هذا معروف ومشهور عندهم بتعريفه البيت؛ بخلاف إن أول بيت أي هنا منكر(أي نكرة) حج البيت؛ ثم قال من استطاع إليه سبيلا؛
  • الأمر السادس فيه تعميم؛ أولاً : في الإيجاب؛ على سبيل العموم؛ جميع الناس يجب عليهم الحج؛ ثم قال: {مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً } على سبيل البدل وهناك فيه قسم منهم لا يجب عليه الحج وهو الذي لا يستطيع لكن الذي عُيِّن؛ هو الذي يستطيع. قد يقول قائل: لماذا ما كانت الآية مثلا {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} ؟ فتكون وصف لكلمة الناس؟. هنا؛ {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} لو وقفنا إلى هنا؛ لأشعرت الآية وجوب الحج على الناس جميعا؛ ويبدو أن هذا المعنى مرادف هنا لتعظيم شعيرة الحج؛ أنها مفترضة أن تكون على العالمين جميعا؛ ويكون المعفى من الحج بعد ذلك؛ يأتي بعد تصور أن الحج فريضة على الناس جميعا؛ لتشعر بهيبتها وعظمها؛ وبعد ذلك يكون البدل؛ لتخصيص جزء من هؤلاء الناس، لكن لو قيل : لله على الناس المستطيعين؛ لكان الخطاب من أول لحظة موجه إلى عدد من الناس؛ فغير المستطيعين أصلا لا يلتفتون، ولا يشعرون بالموضوع ولذلك ربما لا يبحثون لكن لما يسمعوا {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ} سيقول : أنا من الناس سواء مستطيع والا ما هو مستطيع؛ إلى الآن ما جاء إكمال الآية فيكون هذا الأمر مخاطب به جميع الناس؛ إذا هذا حق من أسرار البدء هنا  “من استطاع إليه سبيلا”؛
  • سابعا تنكير كلمة “سبيل”؛ لتشمل أي سبيل؛ لذلك لا يجب أن يعيقك عن الحج أيّ عائق؛ بل عليك أن تبحث عن أي سبيل يمكن أن يوصلك إلى الحج {مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً } ولكن لو قال: السبيل أو خصص السبيل، أو عرف السبيل، أو حدد السبيل؛ لكان هذا الأمر مخصوص في سبيل محدد؛ مقنن يحصل لبعض الإصلاح؛ وهذا دليل على أن لكل إنسان سبيله الخاص؛ أنا يمكن؛ أنا قد يكون عندي عائق المال؛ أنا لا أستطيع أن أحج إلا بالمبلغ الفلاني؛ لبعد مكاني، أو لمرضي، أو لاحتياجي؛ لكن الثاني قد يكون السبيل إليه أقل وذلك أكثر؛ فالسبيل لكل واحد بما يتناسب معه، ولذلك ناسبه شيوع كلمة سبيل بتنكيرها للدلالة على الشيوع والعموم يعني . إذن كلمة سبيلا نكرة؛ بمعنى ليست معرفة؛ ما قال الله سبحانه وتعالى : “السبيل” لأن لو قال السبيل لا بد من أن نعرف مباشرة نسأل نقول ما هو السبيل ؟ لازم يكون معروف لأشخاص؛ لكن أناس لا يعرفونه؛ فيسألون عنه أنه سبيلا عام؛ ومتى ذكرت أن لكل إنسان سبيله المهم إذا حصل السبيل وجب عليه الحج؟.
  • ثامنا : ذكر الله سبحانه وتعالى قضية الكفر {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ} هذه المادة أصلا؛ وفي هذا الموضع، ومن كفر بعد قضية يعني وجوب الحج. فيه حقيقة تخويف شديد وعظيم؛ ولذلك جاءت في بعض يعني؛ في بعض الأقوال المنسوبة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ” هممت أن أبعث في هذه الأمصار رجالا؛ فمن وجد جدة ولم يعني يحج؛ فأفرض عليهم الجزية؛ ما هم بمؤمنين؛ ما هم بمؤمنين ” فالقضية الحقيقة؛ ليست الحقيقة عادية؛ لأنها ركن من أركان الإسلام والإنسان لابد أن يؤديه؛ نحن لا نقول للذي لا يحج أنه كافر؛ لكن القضية حتى بعضهم ذكر أن تتعلق بقضية هل هذا المقصود به أنه ينكر بقضية الحج ؟ أو يعترض عليها أو غير ذلك؛ لكن يكفي أن الله سبحانه وتعالي بعد إيجاب الحج يجب أن يكون الإنسان في غاية الحذر لأن هذه المادة مجيئها هنا مخوف؛ ثم بعد ذلك ذكر الله سبحانه وتعالي تاسعا أو ثامنا؛ قضية الاستغناء؛ وقبلها ممكن نقول أن تكرير لفظ الجلالة ما قال؛ فإنه قال: فإن الله الذي وجب له الحج وأخلص له الحج غني عن أولئك الذين كأنهم يستغنون بعدم ذهابهم وقصدهم البيت ذهابهم وقصدهم البيت الحرام. يا إخواني الكرام؛ أحياناً المال نفسه، والجاه، والمكانة؛ تتسبب لبعض الناس أنه لا يحجون وكأنه مستغني؛ بل فقراء الناس، وبسطاء الناس؛ هم أكثر الناس حرصا وصاحب المال والثراء؛ وأحيانا قد يكون من هم قريبون من مكة فكأنه استغنى؛ وخصوصا مع ترتب الأجر الكبير جدا على الحج؛ وسبحان الله هو يأتي في نهاية السنة ليكون تطهير كامل لسنة كاملة؛ هذا أيضاً  مقصد من المقاصد الجميلة في الحج؛ فقضية لفظ ذكر لفظ الجلالة هنا أيضاً  له مغزاه غني حقيقة. ذكر الغنى هنا؛ الحقيقة أمر مخوف للغاية، إذا كان الله سبحانه وتعالى غني؛ فأنت يا أيها الإنسان الذي لم تحج، فالله عز وجل غني عن عملك هذا؛ ولكن المنفعة لك لو يعني عرفت .
  • تاسعا : التعميم في قوله تعالى: {غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ} فلما قال الله سبحانه وتعالى غني عن الناس؛ مع أنه أوجب الحج على الناس لكن العالمين معروف أن العالمين أوسع، والله سيشمل الناس الذين هم الناس؛ وسيشمل غير الناس الله غني عن هذه المخلوقات كلها؛ وما الناس إلا جزء يسير من هذه المخلوقات الهائلة فإن كان سبحانه وتعالى غني عن العالمين؛ فمن باب أولى هؤلاء؛ فأنتم أيها الناس يا إخواني الكرام بهذا العدد؛ فأحيانا يرى الناس العدد الهائل من الحجاج؛ حتى لو ما حجوا؛ الله سبحانه وتعالى غني عنهم .
  • عاشراً: تأكيد كل هذا الحكم النهائي؛ هذا بأن قال الله سبحانه وتعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ} للإشعار بأهمية هذه الجملة؛ وبهذا المعني الموجود فيها؛ هذه هي صور عشرة أجملناها في قضية الآية.

وهي الآية التي ورد فيها وجوب الحج “ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ” وفيه قراءة {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}. (ولله على الناس حج البيت)(التشكيل والفرق غير واضح) وكلاهما قراءتان صحيحتان .

ننتقل الآن: إلى الآية في سورة الحج لعلنا نقف وقفة أخرى لها علاقة بالآية التي تحدثنا عنها سابقا؛ من قضية البيت، وبعد البيت، وبعد المكان، ومشقة السفر؛ وغير ذلك. يعني إذا تصورنا هذا الأمر؛  ثم قرأنا قوله تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} إذن؛ هناك وضع البيت، لكن كلمة وضع؛ بنائها لغير الفاعل، يعني نحن لا نقول للمجهول تأدبا مع الله سبحانه وتعالى لأن الواضع معلوم؛ من هو؟ لن يكون إلا الله؛ وأيضاً: الوضع في قصد؛ لتحديد المكان الموضوع. بقي بعد ذلك؛ أن الله سبحانه وتعالى هيأ هذا المكان الخاص؛ وجعل لإبراهيم عليه السلام مكانة خاصة في معرفة هذا المكان؛ فيقول الله سبحانه وتعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} بوأنا يعني هيأنا هيأنا هذا المكان؛ وجعلناه مرجع، ومكان، ومآل.

لإبراهيم” اللام هنا؛ حقيقة هي الملحظ الذي أريد أن أشير إليه، أن ربط إبراهيم عليه السلام بقضية البيت واضحة جدا في مشاعر الحج وربما يعني إذا تأملنا سير الأنبياء؛ نجد أن إبراهيم عليه السلام هو وكل الأنبياء طبعا لاشك تجاه هذا الأمر؛ كلهم سواء في قضية التوحيد والدعوة إليه؛ لكن إبراهيم عليه السلام كان ظاهرا جدا؛ والآيات التي تتحدث عن التوحيد معه؛ ربما تكون أظهر من غيره خصوصا في القضايا التي تتعلق بالتجسيد؛ والأشياء المجسمة، والأشياء الظاهرة أمام الناس؛ وهذي قضية الحج يتحدث المتحدثون حولها يعني الطواف، والسعي، ورمي الجمرات بعضهم يقول: هذي قضايا؛ يعني كأنها نوع من أنواع التمجيد، والتعظيم لأشياء مجسمة؛ وما الفرق بينها وبين تقديس الأشياء في أماكن أخرى؟.

أنا أتصور أن هذه القضية؛ الذي يتأمل الآيات يجد فيها جدا؛ سواء في قضايا الذبح؛ وهو مختلف في مكة عنه في غيره؛ لكثرة المذبوح، صواف مشعرة؛ لها ضربات محددة؛ قضية الطواف. قضية رمي الجمار؛ قضية الإفاضة، قضية تجمع الناس في مكان واحد، لبسهم اللبس الواحد؛ هذه قضايا أنا في تصوري أنه هذا؛ هذا(حذف إحداها) الإنسان بطبعه؛ يميل إلى تقديس الأشياء الظاهرة المعظمة ولذلك تجد ألاف البشر الآن؛ يذهبون إلى مزارات، وأماكن؛ وغير ذلك؛ ولكن الوضع في الحج مختلف فعل الإنسان لهذه الأشياء؛ هذا من منطلق أن الله أمره بأن يفعل هذه ففعله؛ ولذلك تجده يطوف؛ ويسعى حول مكان معين؛ ويذهب ينتقل في مكان آخر؛ وينتقل، لو جئنا نفسر هذه الأشياء عقليا؛ ربما لا تصل فيها (إلى) تحليل معين لكن هي قضية تسليم؛ وقضية أيضاً : أنا نعظم ما عظمه الله حتى؛ لو كان شيئا مجسما؛ أو واضحا أمامنا، أو غير ذلك؛ بل الحج مبني على هذا كله. إذن؛ نقول: في هذا مندوحة عن أن يعظم المسلمين غير هذه الأماكن؛ هذه الأماكن نعظمها؛ لأن الله أمرنا أن نعظمها. وقال: “ومن يعظم شعائر الله“، وكل هذه الأشياء التي نتحدث عنها شعائر الله إذن؛ لا تعظم غيرها، لأن الله ما أمرك أن تعظمها فهي شيء قد يكون شيئاً في نفسية الإنسان؛ ودائما يتعلق بالملموسات والمحسوسات. فهذه الأشياء الموجودة؛ تعظم بالصورة التي أمرنا الله أن نعظمها بها. وهذا كان واضحا في أذهان الصحابة رضوان الله عليهم؛ يعني عمر رضي الله عنه؛ عندما قبل الحجر ثم قال: والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع؛ ولولا أني رأيت الرسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك. لكنهم أمروا إذن التعظيم هنا؛ لأنه أمر الله سبحانه وتعالى.

قول الله تعالى “لإبراهيم” اللام هنا الحقيقة؛ تدل على أنه لأجل إبراهيم عليه السلام ضوي هذا المكان؛ وهيئ وجسد؛ وغير ذلك، وهذا حقيقي فيه إبراز لمكانة إبراهيم عليه السلام ولكن أول كلمة تواجهنا؛ ” ألا تشرك بي شيئا ” إذن؛ هو من أول لحظة معلوم أيضاً؛ أن قضية الأماكن المحسوسة؛ وخصوصا إذا كانت معظمة أول ما يدخلها؛ لأن فيه إشكالية أن التعظيم هذا؛ ينحرف عن مساره الحقيقي، ويبدأ التعظيم لذات الشيء لا للآمر به؛ ولذلك هنا الخلل؛ لذلك على الأخوة الحجاج وغير ذلك؛ ينتبهون( أن ينتبهوا) إلى  القضية؛ القضية قضية تسليم؛ وليست قضية تمسح ولا تبرك؛ ولا قضية ما لا يأذن الله سبحانه وتعالى به “ألا تشرك بي شيئا” مفترض في مكة لا توجد أي مظهر من مظاهر الشرك؛ بل قل : أنني جمعت تقريبا؛ عشرة دلالات وصور؛ كلها تدل على التوحيد ألا تشرك به شيئا في آيات الحج فقط:

  1. يذكر اسم الله؛ إذن ما نذكر غير اسم الله على ذبح؛ ولا في مواقع؛ ولا غير ذلك، “فاجتنبوا الرجس من الأوثان” ابتعدوا عن هذا الطريق؛
  2. حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله ” إلى غير ذلك؛
  3. فإنها من تقوى القلوب” تقوى القلوب ما هي ؟ تقوى الأجساد ولا تقوى؛ هي تقوى القلوب، إذن قضية الإخلاص؛ والإخلاص من تقوى القلوب، وهو أمر أيضاً؛ ظاهر في قضية التوحيد
  4. {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}؛ “ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام “؛ {فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} أسلموا له .
  5. {وَبَشِّرْ الْمُخْبِتِينَ}
  6. {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} يعني مواطن كثيرة حقيقة متعددة؛ لماذا قلنا ؟ لأنه قضية التعظيم من الأشياء المجسمة؛ والموجودة مظنة الشرك لذلك؛ القضية الحقيقة مهمة جدا، وللأسف إحنا مازلنا نرى يعني بضع الحجاج؛ يعني يحرفون مسار الحج عن مساره، وربما يقعون في الإشكالية الكبرى، وهي هذه القضية قضية ال…

الحقيقة؛ لفتتك يا دكتور عويض إلى قولك: إبراهيم عليه الصلاة والسلام؛ وظهور علاقة وثيقة في مشاعر الحج بالذات؛ عندما نتأمل في الطواف، والسعي، والذبح، ورمي الجمار؛ كلها آثار إبراهيم فيها عليه الصلاة و السلام فهو واضح فعلا؛ في هذه الشعيرة بالذات.

كذلك يقول الله عز وجل {وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ} الحقيقة كلمة التطهير؛ كلمة جميلة جدا؛ تشمل التطهير الظاهري ولذلك لابد من عنايتنا بهذا؛ يجب على الإخوة الكرام الحجاج؛ يعني أن يأخذوا هذه الكلمة معهم {وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ} إخواني الكرام؛ ما يصلح أننا نرمي القاذورات في كل مكان وغير ذلك؛ ونقول المقصود التطهير المعنوي؛ التطهير المعنوي مطلوب؛ ولا إشكال فيه، والآيات واضحة فيه؛ وهذا لابد منه، ولكن أيضاً  لابد أن يكون فيه عناية خاصة بنظافة المكان؛ ولذلك قال بعضهم : لماذا قدم الله سبحانه وتعالى {وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ}على “وأذن في الناس بالحج” ؟.

قال: إنك عندما تدعو إنسان إلى بيتك؛ تهيئه، وتنظفه، وتجهزه، وبعدين تقول له تعال؛ ولذلك قدم الأمر بالتطهير؛ على الأمر بالتأذين ودعوة الناس؛ طهر بيتي للطائفين. لاحظ أيضاً؛ إضافة البيت إلى الله سبحانه وتعالى.

طهر بيتي “ وإما ذكر أصناف الطائفين، والقائمين، والركع السجود؛ فالحقيقة ذكر الطائفين أولا؛ لأن الطواف هو عبادة البيت المميزة؛ ولذلك قدمت؛ وبقية العبادات قد يشترك فيها البيت الحرام وغيره؛ ولهذا حديث الصلة؛ ربما لا يتسع الكلام له؛ الآية التي نريد أن نتحدث عنها حقيقة {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} .

في قوله تعالى {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ}: يقول الله سبحانه وتعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ}(مكررة) هذا أمر لإبراهيم عليه السلام والحقيقة(ماذا) .

بالنسبة لسورة الحج؛ هي سورة مكية وفيها سجدتين واذكر إلى من أشار إلى قضية السجدة في أولها؛ والسجدة في أخرها، وعلاقة هذا بالحج؛ وكونها من الشعائر التي تدل على التسليم والخضوع؛ والاستسلام لله سبحانه وتعالى، ثم ذكر آيات الحج في سورة الحج؛ طبعا آيات الحج طويلة جدا؛ تعتبر من أطول الموجود في القرآن؛ في سورة الحج؛ وأيضاً فيها مظاهر التسليم كثيرة لكن محتاجة التتبع؛ وأيضاً متنوعة؛ نوعية الاستسلام فيها. بين أوامر، وبين تعليلات أحيانا، وبين مظاهر، وغير ذلك .

الحقيقة؛ أنه يغفل عنها يا دكتور عويض؛ قضية التسليم في مشاعر الحج؛ لأن البعض كثيرا ما يورد، لماذا أمرنا برمي الجمار؟. لماذا أمرنا بالطواف ؟ لماذا أمرنا بكذا ؟ لماذا ؟ وعندما يغفل عن جانب التسليم في هذه الشعيرة العظيمة ولذلك أسلموا {فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرْ الْمُخْبِتِينَ} ثم ذكر الله سبحانه وتعالى بعدها أربع صفات لهؤلاء المخبتين لذلك لابد للمسلم أن ينتبه لهذه الصفات؛ الصفة الأولى: أن لله سبحانه وتعالى قال {جِلَتْ (وَجِلَتْ) قُلُوبُهُمْ} لأن إشكالية الإنسان؛ ترى إذا أحيانا ابتعد عن قضية؛ اهتم بالقضايا العقلية، فقط جمد قلبه وقسى؛ وبالتالي: الوجل والخوف من الله؛ يبتعد عنه. وهنا قضية خطيرة؛ مادام الله أمرني؛ يعني نعرف شدة عمر، وقوة عمر؛ ومع هذا يقول: لولا رأيت رسول الله  صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك لكن هنا التسليم جاه (جاه أم جاءه). رغم أنه يعرف أن هذا لا يضر ولا ينفع؛ ونحن كذلك نعرف أنه لا يضر ولا ينفع؛ لكن مادام أمرنا الله عز وجل بهذا، ثم مادام أن النبي صلى الله عليه وسلم طبق هذا أيضاً عمليا؛ فلا نجد أي مخالفة بين النص القرآني، ولا بين فعل النبي صلى الله عليه وسلم ما بقي من شيء؛ لأن بعض الناس يقول: تطبيق الآية قد لا يكون صحيح تنزيلها على الواقع؛ قد لا يكون بهذه الصورة. لكن؛ هذا النبي صلى الله عليه وسلم قال: “خذوا عني مناسككم “ وفعل كما هي دلالات الآيات تماما.

الصفة الثانية؛ الحقيقة؛ في الذين يسلمون لله سبحانه وتعالى الصابرين الحج محتاج صبر؛ صبر كبير، وأغلب وأجل مشكلات الناس في الحج أنهم لا يصبرون. ولذلك بعضهم ينسحب؛ وبعضهم يترك الطواف؛ وبعضهم لا يكمل الحج، وبعضهم يكمل الحج ولكن لا يصبر على الأذى وتحمل المشاق عند الناس؛ وقد يخطأ؛ وقد يسيء في حجه وغيره؛ وهذه أشياء يعنى لابد أن ينتبه لها؛ على ما أصابهم ستصيب  أمور كثيرة في الحج؛ فعليك أن تصبر {وَيُقِيمُونَ الصَّلاة} أنا أتصور قضية الصلاة مثلا: المحافظ عليها؛ والمستمر عليها؛ ولذلك المقيمي جاءت الكلمة بالاسم؛ وليست بالفعل أقاموا المقيمي. إذن؛ هذا ديدنهم، وهذا وصفهم الدائم لهم؛ الصلاة طبعا؛ من التدريب اليومي للخضوع لله سبحانه وتعالى، لا في زمانها تقوم من مكانك وتذهب ولا في فعلها نفسها؛ يعني لا أظن هناك صورة من صور الخضوع؛ تتجلى مثل الصلاة؛ سواء في الركوع أو في السجود؛ والكلمات التي تقال، والأذكار التي في داخلها؛ {وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُون} قد يكون الإشكالية أحيانا في عدم التسليم؛ هو المال كما قلنا. لذلك؛ من ضمن الأشياء التي يعالج الإنسان بها نفسه؛ ترى الإنفاق. الإنسان عليه أن يهتم بالإنفاق؛ أنفق من أجل أن يلين قلبك؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل الذي شكا له شدة قلبه قال له: “امسح رأس اليتيم يلين قلبك وتقضي حاجتك” أو كما قال صلى الله عليه وسلم، فأحيانا المال جمعه، والاهتمام به؛ هو قد يكون أحد أسباب الصد. {إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} مثل هذه القضايا الحقيقة مهمة في هذا الجانب.

دعنا نعود إلى قضية {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ} الحقيقة ذكر التأذين بالذات؛ يعني وأمر إبراهيم عليه السلام به التأذين لفظ خاص في النداء فهو ليس أي نداء؛ أنما هو نداء فيه تعظيم من جهة؛ وقالوا : فيه تكرار من جهة، ولذلك هو موجود في الصلاة؛ لأن الصلاة نداء متكرر، لذلك سمي آذان فيها؛ وأيضاً التأذين هنا؛ لأن المطلوب أو المنادى شيء عظيم لماذا؟  ماهو ذكر كلمة الحج في مع الناس؛ الحقيقة تشعر بالظرفية. {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ}(حجم الخط) وكان الناس يحيطون بإبراهيم عليه السلام؛ ولذلك هذه قد تكون فيها؛ أنا أقول قد تكون فيها إشارات؛ أن موقع مكة يكون في وسط الأرض، أو هذا العالم أو غير ذلك. أن تكون فيه إحاطة؛ فيكون التأذين من كل الجهات. خصوصا دلالة “في” لأنه في الدائم ما تقول فيه إلا إذا كان فيه مكان. الذي بعده؛ أنه يكون محيط بك على الأقل من زوايا معينة كثيرة .

{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً} بالحج؛ الشيء المؤذن به هو الحج القصد إلى بيت الله الحرام. “إن الله كتب عليكم الحج فحجوا” القضية التي ذكرت هنا أنه بمجرد التأذين والأمر به ذكر الله سبحانه وتعالى؛ النتيجة فقال: يأتوك كأنها جواب شرط؛ أذن يأتوك، وفعلا يأتي في جواب الأمر طلب. {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوك} ما عليك إلا أن تؤذن؛ ثم هم يأتون يستجيبون. الحقيقة؛ كلمة يأتون أيضاً؛ تشعر بأن هذا الأتي مكانه بعيد؛ فسمع الصوت واستجاب له وأتي؛ ويعني لا يمكن أن يبلغ صوت إبراهيم عليه السلام كل هؤلاء البشر  الذين يأتون؛ لكن الله سبحانه وتعالى بلغ ذلك “يأتوك رجالا وعلى كل ضامر” فذكر الله سبحانه وتعالى صنفين من الذين يأتون؛ ثم قال : يأتوك، وهذا الحق ملمح لطيف؛ له علاقة بإبراهيم؛ إحنا قلنا على إبراهيم التبوأة والتهيئة يعني التعيين وغير ذلك؛ ثم قال يأتوك هم ما يأتون إبراهيم إنما لله ولكن هذا من تكريم الله سبحانه وتعالى لإبراهيم؛ فلأجل دعوتك كأنهم يأتون إليك يا إبراهيم. وهنا حقيقة أيضاً؛ ربط إبراهيم رمز التوحيد؛ لا يصح بعد ذلك أن يأتي إنسان ويفعل ما يشاء؛ هذا إبراهيم عليه السلام؛ وهذا الرمز الذي ارتبط به كثير من أعمال الحج؛ هو في غاية التمسك بالتوحيد؛ والدعوة إليه {يَأْتُوكَ رِجَالاً} ذكر الرجال الحقيقة الذين هم يمشون على أقدامهم؛ يعني {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} يعني الذين يركبون يعني المقصود بالرجال هنا؛ ليس المقصود الرجال ضد النساء المقصود الرجال الذين يمشون على راجلين على أرجلهم.

{يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} قد يسأل سائل؛ لماذا قدم كلمة رجال على كلمة كل ضامر ؟ هذا تحدث العلماء فيها؛ وحاول كثير منهم أن يفسر لماذا تقدمت كلمة رجال، بعضهم قال : للمشقة. والمشقة ينبني عليها الأجر الكثير؛ ولذلك قدم صاحب الأجر الكثير على غيره ولأن الحج مبني على المشقة؛ فهؤلاء أولى بالتقديم،  بعضهم قال: لأن هؤلاء ضعفاء وفقراء؛ فمن حقهم أن يقدموا على غيرهم من الأغنياء الذين يركبون. والحقيقة أن ملمح نصرة الضعيف في القرآن كثيرة يعني في سورة الضحى قوله تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}.قدم الله حق الضعيفين؛ ثم ذكر حقه سبحانه وتعالى. ومواطن كثيرة الحقيقة؛ ” إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم “ كما قال صلى الله عليه وسلم. وهذا ملمح أيضاً لابد أن ننتبه إليه؛ لأن الحج أيضاً يربي فينا هذه القضية؛ قضية الاهتمام بالضعفاء والمحتاجين؛ وهي مذكورة؛ البائس الفقير، والقانع، والمعتر؛ وغير ذلك وما أكثرهم في مشاعر الحج  وهنا فرصة الحقيقة للإنفاق والعطاء

رجالا أيضاً؛ قالوا : قد يكون الرجال قدم هنا؛ لأن المعتاد أن الذي يأتي على قدميه هو القريب من مكة وبالتالي لأنهم قريبين من مكة أسرع الناس استجابة، هذا دليل {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} لذلك فهو بعيد؛ فصار التقديم هنا لا للأجر؛ ولا للمشقة، بينما على كل ضامر؛ يعني يركبون على كل مركوب ضامر؛ قالوا : يعني ضامر المقصود هذا من طول السفر.

{وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} ثم أيضاً حقيقة كلمة على كل ضامر؛ دون تحديد هذا الضامر؛ ويعني تحديده بشيء معين من بهيمة الأنعام؛ فيه أيضاً تعميم يتناسب مع كثير من وسائل يعني وصول الحجيج إلى مكة. {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} الحقيقة يأتين المتوقع أن يأتون لأنهم رجال؛ وعلى كل ضامر والذي على الضامر هو الرجل أو المرأة؛ المهم أنها الراكب. فلماذا قال يأتين؛ المتوقع يأتون لأن يأتين هذه تتوجه إلى الضامر؛ أو الضوامر أو المركوبات أو غير ذلك .

{يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} لماذا عبر فقال: يأتين ولم يقل: يأتون من كل فج عميق أولا: هذا فيه أكثر من توجيه؛ إما أن يكون المقصود الجماعات بغض النظر عن المركوب والراكب؛ وهذا إشعار بأن الذين يأتون كثير على شكل حملات أو على شكل قوافل وكثيرة فيأتون في صورة جماعات؛ وبالتالي؛ يأتين أكثر دلالة على الكثرة والتنوع وأيضاً واجتماع الناس؛ وهذا فعلا والله أعلم من قضية؛ الحج هذه ديدنها منذ قديم يعني(لم أفهمها)..

نعم؛ وإذا كان المقصود بيأتين اللي هي يعني المركوبات؛ فإذا أتت المركوبات فمعلوم أن راكبها سيأتي يعني فيعني إذا كان ذلك من العجماوات التي نسب إليها الإتيان؛ فما بالك بهذا؛ والحقيقة هذا فيه جمع؛ لأنه قال هذا أوضح للناس وللبشر وللمخاطبين؛ ويأتين تشمل كل هؤلاء. الحقيقة الدعوة يعني شملت حتى الحيوان؛ يمكن تهوي أو يهوي إلى هذا البيت العتيق ثم قال : {مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} الحقيقة دخول الكلمة هنا كل دالة على الإحاطة؛ تدل على أنه من كل أقطار الدنيا؛ سيجيب المجيبون للحج. وهذا الذي حصل؛ ولذلك يأتي الناس من كل حدب وصوب؛ ولذلك وقتت المواقيت من جميع جهات مكة. يعني الناس يأتون من كل جهة وحتى الدلالة في قوله: {مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} يعني مكان بعيد

في قوله: {مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} لماذا وصف؛ العادة أنه يقول من كل فج بعيد مثلا. لكن لماذا قال : فج عميق ؟ والعمق عندنا نحن؛ نصف به الأشياء التي في الأسفل. من كل فج؛ أولا : قلنا أنها تدل الحقيقة على كل الاتجاهات التي يمكن أن تكون. وفج يعني الطريق وفجاجا الجمع. الطريق العادة أنه يكون دائما يوصف بالبعد؛ أو يوصف بالقرب لكن ما يوصف بالعمق؛ وهذا حتى بالدلالة اللغوية؛ العميق هو دلالة تدل على النزول إلى أسفل يعني مثل بئر عميقة  وتوصف به الآبار؛ أو المحفورات أو غير ذلك؛ فلماذا إذن وصف عميق؟ أنا أتصور يعني استدلال عام؛ أنه مكة مكانها عالي الدلالة؛ تدل يعني كل الذين يذهبون إلى مكة؛ هم كأنهم يصعدون في مكان؛ يعني مرتفع عن غيره مع أنه قد يقال لك : أنك الآن في تهامة لكن هذا بالنظر إلى الأرض كلها؛ وليس في مكان معين. الله عز وجل يقول: “غلبت الروم في أدنى الأرض” هذا مقابل؛ وفعلا ثابت أن هذا أنزل مكان في الأرض هذا بالنظر إلى العام. فقد يكون عميق؛ هنا حقيقة له دلالة ولاشك؛ طبعا قضية تحتاج إلى بحث .

هي فعلا كلمة لافتة للنظر؛ فعلا لماذا عميق دون بعيد؛ ثم قال: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}؛ الحقيقة كلمة يشهد هذه؛ من الحوافز التي تجعل الإنسان يذهب إلى الحج. والعجيب لماذا يشهد دون يحضر مثلا لأن الشهادة فيها المشاهدة وهي تقتضي الحضور لكن الحضور؛ ليس شرطا أن تشاهد. فكونك رأيت المنفعة؛ هذا مختلف عن أن تحضر ولا تراها. ولذلك ليشهدوا؛ كانت أكثر دفعا لهم؛ ثم قال: “منافع لهم

{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} الحقيقة فيها أكثر من دلالة؛ أولا : كلمة {أَشْهُرٌ} هنا؛ يقول سبحانه وتعالى شهور كما في آية أخرى لأن الأشهر جمع جمع قلة؛ وأشهر الحج ثلاثة أو شهرين؛ وشيء أيضاً؛ قال:{مَعْلُومَاتٌ} وهذه تتناسب مع مع معدودات في رمضان؛ قال: معدودات؛ لأن المراد هو التخفيف؛ أما هنا فالعلم هو المطلوب. فلابد؛ متى يدخل الشهر ؟ ومتى ينتهي ؟ فالعلم بها هو المطلوب وليس العد، العد ليس المقصود .

فلماذا قال : {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ}؟ لماذا عبر بلفظ الفرض هنا ؟.

الفرض هنا؛ يدل على أن الإنسان إذا دخل في النسك؛ فإنه تحول في حقه إلى إلزام. وجاءت أكثر من أية في هذا حقيقة. (وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ * الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ)

وأتموا الحج أن الدخول في الحج؛ بالذات في هذا النسك بالتلبية؛ أو بالإكمال فيه؛ ثم قال: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} الحقيقة؛ هذه الأشياء الثلاثة أولا: منفية بلام الجنس؛ يعني جنس الرفث، جنس الفسوق، جنس الجدال منهي عنه هذا عكس ماهو موجود في الصيام {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} نفس النص. ولكن هنا؛ “فلا رفث” والذي يتأمل الحج؛ يجد هذه الكلمة أوجزت كل القضايا التي تحدث عنها الفقهاء وغير ذلك؛ “فلا رفث“؛ يعني أي شيء يتعلق بالجماع ومقدماته والنساء؛ فهو لا يعقد؛ وهذه قضية بعيدة عن قضية ملامسة النساء وغير ذلك؛ ولا يعقد لغيره؛ ولا يعقد لنفسه؛ ولا مقدمات الجماع وغيرها؛ فكل الصور هذه منفية لأن المقصود جنس الرفث يتوقف تماما لماذا؛ لأن هنا الرفث؛ لأن هنا لماذا قدم الرفث على غيره ؟ لأن الرفث  هو بكل الصور اللي ذكرناها؛ والتي تدخل فيها هو أعلى صور الترفق. والمقصود من الحج؛ أن تسطع فيه صور الترفق كلها. كذلك قضية الفسوق؛ أصلا الحج كله طاعة، أصلا كله قربى، كله استجابة، فلا يصلح معه الفسوق؛ ما تأتي من بيتك، ثم تذهب إلى مكة؛ ثم بعد ذلك تخرج المعاصي هنا .

ولا جدال: أيضاً الجدال فيه نوع من أنواع التعالي لإثبات الذات، أو الرأي؛ أو غير ذلك بأي صورة من الصور؛ والمقصود السكينة والتواضع في الحج، ولذلك؛ الثلاثة هذه من أخلاق الحج أنا أقول: هي مهمة جدا؛ التي ينبغي أن يهتم بها الحجاج الكرام؛ الحجاج الآن يهتمون بقضايا الأحكام؛ وهذا ممتاز، لكن أيضاً مهم جدا؛ أن أهتم بأخلاق الحج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “فمن حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه“. لم يذكر حقيقة الطواف وغير ذلك لا يعني أن الطواف غير مهم؛ ولكن أيضاً: يجب أن اهتم يا إخواني الكرام بقضية أمور الحج؛ حقيقة “كذكركم آبائكم” “أفيضوا من حيث أفاض الناس” هذا حق أيضاً؛ لتكريس موضوع التواضع مع الناس؛ من أين ذهبوا؛ ونذهب معهم لا فرق. هذا من مقاصد الحج الكبيرة؛ ثم قال: {كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ} أيضاً من الأمور الظاهرة في آية الحج كثيرة؛ ذكر الله سبحانه وتعالى. حتى لا تتعلق النفوس بهذا الشيء المعظم الذي أمامي؛ إما من الكعبة، أو من الحجر؛ أو من غيره، لازم يذكر الله كثيرا؛ حتى يبقى الأمر لله سبحانه وتعالى، أما لماذا “كذكركم آبائكم” كان العرب سابقا إذا انتهوا من عرفات وجاءوا وجلسوا؛ كانوا يتفاخرون بأجدادهم؛ ولذلك هذا من دلالات أن الجد يدخل في الأب. {كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ} والإنسان أيضاً؛ بعد السفر والانقطاع، ثم يجد شيئا من الراحة؛ فالغالب يذكر أهله، فالله عز وجل يقول: يعني لا يلهيكم هذا عن هذا.

{كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً} المقصود؛ أنكم تذكرون الله مثل ما تذكرون آبائكم؛ بل أزيد أو أزيد؛ يعني إن لم يكن مثله فليكن أحسن منه أكثر منه .

أسئلة:

السؤال الأول ما معنى كلمة حج لغويا ؟.

الإجابة: كلمة حج هي المقصود بها الحج؛ وهو القصد؛ وإن كان هو مخصص في اللغة بالقصد القصد يعني الاتجاه والذهاب إليه وقصد شيء معين؛ ولكنه الحج لا يكون لأي قصد. لازم يكون الشيء المقصود معظما؛ ولهذا أصبحت شبه علم على هذه الشعائر التي هي شعائر الحج؛ لأنها كلها مقصود فيها التعظيم؛ بل كلمة التعظيم وردت في النص {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ} وهي في أكثر من موضع؛ بل إن الحج كله أصلا هو مظاهر تعظيم تعظيم الله سبحانه وتعالى؛

سؤال: أنا في سورة البقرة، قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} من المعروف أن العمرة تسبق الحج؛ فهنا قدمت الحج على العمرة {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}؟

الإجابة: يبدو لي التقديم هنا؛ يعني هنا لأن مكانة الحج أعظم؛ والعمرة تابعة له، فقد يكون هنا من الفرض على النفل؛ وقد تكون أحيانا العمرة؛ قد تكون نفل لكثير من الناس؛ لأنه يعتمر كثيرا، لكن الحج قد لا يكون كذلك. فقد يكون هنا من باب التعظيم له؛

سؤال: هل أواخر سورة الحج جاءت لذكر ” وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين ؟. وفي بعض الأحيان كون أواخر السورة لها دلالة على اسم السورة؛ ومكنون السورة، هل هذا مطابق لما لما جاء في آخر سورة الحج ؟

سؤال هو: أريد الفرق بين الآيتين في سورة البقرة،{لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}؛  وفي سورة الحج {وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}؟

سؤال: قول الله جل وعلا {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ} فرض يا شيخ؛ هل معناها أنه هل من ألزم نفسه؛ أو عزم على أداء الحج ؟ كلمة “فرض”. ثم الملمح البلاغي في قول الله جل وعلا {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} يعني جمع الله الثلاثة مصطلحات؛ التي كل واحد لها من الشرح والتفسير ما لا يخفى عليكم؛ يا حبذا لو يلمح الشيخ وفقه الله؛ لمحة بلاغية حول هذه المعاني؛ التي ذكرها الله جل وعلا. ثم أختم بقوله جل وعلا: “ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس” والتي قبلها عندما قال: “كذكركم آباءكم ” كيف أن الله جل وعلا ذكر الآباء؟ يعني حافظ على ذكره جل وعلا؛ كذكر الآباء.

أذيعت يوم الجمعة بتاريخ : 30/11/1429هـ