الفاء المباركة

الفاء المباركة – فناداها من تحتها

اسلاميات

الفاء المباركة – فناداها من تحتها

بسم الله الرحمن الرحيم. ما من مصيبة أعظم من مصيبة إمرأةٍ تتهم فى عرضها بأن تكون إبتليت ببلاء كالسيدة العذراء عليها السلام (فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا (23) مريم) هذه المرأة الطاهرة التى رباها سيدنا زكريا (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً (37) آل عمران) هذه حملت ثم جاءها المخاض فانكسر قلبها وقالت من أعماقها (يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا) وأنتم تعلمون ما من إنكسار قلب كهذا الإنكسار للمرأة الحرة البنت العظيمة السليلة النقية أن تتهم بتهمة فى عرضها ما في بلاء على وجه الكون أبشع من هذا لا فقر ولا مرض ولا حرب ولا سرطان ولا أي شيء، ولهذا قالت هذا من أعماقها مع أنها تعرف أن الذى جرى شرعي جاءها سيدنا جبريل. حينئذ ومع كل هذه الدلائل لكن خافت من الناس خافت على عرضها وعلى سمعتها بإنكسار هائل قالت في ما بينها وبين نفسها (يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا)، (فـ) جاءت فاء النجدة الفاء المباركة الفاء الشريفة (فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) مريم) .

إذا كل من ينكسر قلبه لمصيبة لإعتداء لضعف أمام قوى بفقر شديد بمرض في أحد أحبابه أو أبنائه أو أولاده أوما شاكل ذلك يعني ما أكثر ما ينكسر قلب الإنسان في حالة ضعف شديد ليس لمصيبته من دون الله كاشفة، ليس لها من دون الله كاشفة. إذا إنكسر قلبك فإن الله معك (أنا مع المنكسرة قلوبهم) فعليك أن تناجي ربك فتقول يا رب أنت أعلم بحالي قل له ما تشاء قل له كما قالت مريم (يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا)، واحد إتهم تهمة في محكمة أحضروا شهود باطل عليه وثبتت عليه التهمة فقال (يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا). أي إمرأة تصيبها مصيبة تصيبها كارثة يصيبها أي شيء مما تكرهه وهي عاجزة عن حله وقالت كما قالت مريم (يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا) إلا بعث الله ملكاً لها يقول لها لا تحزني ولا تخافي ولا تقلقي ولا تتعبي فإن الله قد سمع هذه الإستغاثة لأن الله مع المنكسرة قلوبهم. حينئذ عليك أن تعلم بأن الله معك إذا انكسر قلبك، إذا حزنت، إذا إعتورتك الخطوب إذا تكاتفت عليك الألسن البذيئة إذا أحاط بك الحسد من كل مكان والغيرة من كل جانب وتعاون الإنسان والشيطان على هضمك وهضم حقوقك فقل (يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا) وأنت فكرك مع الله عز وجل سيبعث الله لك ملكاً يقول في قلبك لا تحزن، لا تحزن إن الله معك سبحانه وتعالى والفرج قريب كما في الحديث (إن الله ليضحك من يأس عبده وقرب غِيَره) أحد العباد يائس من حالته عنده مصيبة كبيرة همّ عظيم وهو يائس ورب العالمين يعلم أن الفرج أقرب مما يتصور فإن الله يضحك كما يليق بذاته -ضحك الله دليل على فرحه بهذا الأمر والله يفرح كما تعرفون – حينئذ قال (إن الله ليضحك من يأس عبده وقرب غِيَره)، فالفرج هذا يستمطر بالإستغاثة والإستغاثة عند الله عظيمة، وتضرع أصحاب الحاجات ورب العالمين يحبه أكثر ما يحب الذاكرين وتضرع الناس الصالحين أحب إلى الله من زجل المسبحين، أصحاب المصائب، أصحاب المشاكل، أصحاب المآسي كل منكسر قلبه في محنة فإن الله معه كالسيدة العذراء عليها السلام تأمل حالها وحالتها وهي من هي، حملت وجاءها المخاض ستلد ولا يعرف أحد لها زوج ماذا تقول للناس (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) مريم) مع كل هذه الأيات قال (أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) ولداً شريفاً كريماً سوف يملأ الأرض عدلاً وسوف يكون من أحباب الله عز وجل وسينزل الله تعالى عليه كتاباً عظيماً هو الإنجيل. حينئذ عليك أن تعلم أن الله معك إذا إنكسر قلبك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.