التفسير المباشر – الحلقة 65:
بسم الله الرحمن الرحيم
الجمعة 3/7/1430هـ
تفسير سورة ق.
الآيات محور الحلقة : 24- 35
د. عبد الرحمن الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أيها الإخوة المشاهدون الكرام في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً وسهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامجكم المتجدد التفسير المباشر الذي يأتيكم على الهواء مباشرة من استديوهات قناة دليل الفضائية بمدينة الرياض. هذه هي الحلقة الختمسة والستون من حلقات برنامج التفسير المباشر واليوم هو الجمعة الثالث من شهر رجب من عام 1430 للهجرة وقد وقفنا في اللقاء السابق عند قول الله سبحانه وتعالى (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ﴿٢٤﴾ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ ﴿٢٥﴾) من آيات سورة ق هذه السورة المباركة التي ابتدأنا فيها منذ عدة حلقات وسوف نكمل بإذن الله تعالى في هذا اللقاء بقية آيات سورة ق حتى نتوقف عند نهاية سورة ق بإذن الله تعالى. باسمكم جميعاً أيها الأخوة المشاهدون الكرام أرحب بضيفنا في هذا اللقاء فضيلة الشيخ الدكتور مساعد بن سليمان الطيار، الأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود وعضو مجلس إدارة مركز تفسير للدراسات القرآنية فحيّاكم الله يا أبا عبد الملك.
د.. مساعد: حيّاك الله.
د. عبد الرحمن: وسوف نوجز الكلام في هذه الحلقة أيها الأخوة المشاهدون حول آيات سورة ق المتبقية حيث بقي معنا ما يقارب العشرين آية تقريباً أو أقل من ذلك لكننا لا نريد أن نتوقف في منتصف السورة. بدأنا يا أبا عبد الملك في أول حلقات هذه السورة تحدثنا عن موضوعها وعن مقاصدها وشرعنا في تفسيرها تفسيراً تحليلياً وتوقفنا عند قوله تعالى (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ﴿٢٤﴾) قبل أن نبدأ بتفسير هذه الآية أريد أن أنبه أيها الأخوة المشاهدون إلى التواصل مع هذا البرنامج لمن أراد التواصل معنا بالأسئلة والمداخلات يمكن التواصل عن طريق الهاتف على الأرقام التي تظهر تباعاً على الشاشة:.
من داخل السعودية الرقم الموحد: 920009599
ومن خارج السعودية: 00966920009599
وللتواصل بالرسائل القصيرة على الرقم: 0532277111
أو يمكن التواصل أيضاً عبر منتدى البرنامج [email protected]
(أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ﴿٢٤﴾ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ ﴿٢٥﴾ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ ﴿٢٦﴾ قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ﴿٢٧﴾ قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ﴿٢٨﴾ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴿٢٩﴾ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ﴿٣٠﴾ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ﴿٣١﴾ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ﴿٣٢﴾ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ﴿٣٣﴾ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ﴿٣٤﴾ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴿٣٥﴾ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ ﴿٣٦﴾ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴿٣٧﴾ وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ﴿٣٨﴾ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ﴿٣٩﴾ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ﴿٤٠﴾ وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ﴿٤١﴾ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ﴿٤٢﴾ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ ﴿٤٣﴾ يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ ﴿٤٤﴾ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴿٤٥﴾)
د. عبد الرحمن:. نريد أن نبدأ يا دكتور مساعد الآن في تفسير هذه الآيات (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ﴿٢٤﴾) هذا حوار مع الكافر عند إلقائه في نار جهنم فتفضل حفظك الله.
د. مساعد: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله. أولاً أستميحك عذراً أن أتقدم بكلام قبل هذا وأحمد الله سبحانه وتعالى الذي منّ علينا وعليك بشفائك فقد انقطعت عن هذا البرنامج في الأسبوعين الماضيين بسبب مرضك الحمد لله الذي أتم نعمته بشفائك وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك لي ولك وللمستمعين في أعمالنا وأعمارنا. كما قلن لعلنا نأخذ سريعاً هذه الآيات لأن الآيات طويلة لكن نقف عند بعض الألفاظ وبعض المقاطع لنلقي الضوء عليها. في قوله سبحانه وتعالى (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ﴿٢٤﴾ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ ﴿٢٥﴾) يلاحظ الخطاب للملكين الذين سبق ذكرهما في الآيات ويأمر الله سبحانه وتعالى هذين الملكين بإلقاء من وصفه سبحانه وتعالى بأنه كفار أي كثير الكفر، صيغة مبالغة وعنيد أي مع كفره أنه معاند ومعتد أي متجاوز للحدود، مناع للخير أي لا يعطي خيراً بل إنه يمنع أن يصل الخير إلى الغير ومريب أي كثير الارتياب. ومن هذه صفته فإن الله سبحانه وتعالى يأمر بإلقائه في النار (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) هذه الأوصاف الخمسة لمن ذكره الله سبحانه وتعالى أنه يُلقى في النار ولا يعني هذا أن غيره لا يلقى ولكن تخصيص هذا بالذات أن يُلقى دليل على بشاعة وشناعة هذا الصنف من الكفار.
د. عبد الرحمن:. وألاحظ يا دكتور وهو سؤال يُطرح دائماً عند الحديث عن هذه الآية عندما يقول الله سبحانه وتعالى (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ) لماذا يقول المفسرون أن المقصود قد يكون الملكين وقد يكون مفرد فهو الملك الموكل بعذاب الكفار، ملك خازن جهنم. فالمقصود بالقيا يعني ألقِ وأن الخطاب هنا للمثنى لكن المقصود به مفرد، لماذا يُلجأ إلى هذا التفسير مع أن هذه ظاهرة أن المقصود هما الملكين؟
د. مساعد: .هو لا شك إذا كان الظاهر خطاب الملكين فالأولى البقاء على الظاهر لكن نقول أن الوجه الآخر هو صحيح من جهة اللغة لكنه ليس صحيحاً من جهة السياق
د. عبد الرحمن: طبعاً هم يستشهدون بقول امرئ القيس (قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل)
د. مساعد: نعم، وغيره (خليليّ )
د. عبد الرحمن: أيضاً هنا يا دكتور في قوله (الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26)) ما دلالة تخصيص الشرك هنا؟
د. مساعد:. بعد أنذ ذكر هذه الأوصاف ذكر وصفاً آخر فقال (الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ) هذا الذي وصف بهذه الأوصاف هو الذي جعل مع الله إلهاً آخر يعني أشرك ولهذا أعاد فقال (فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ) ألقياه مرة أخرى، (ألقيا في جهنم) وقال (فألقياه في العذاب الشديد) وهذا بيان لفظاعة الشرك كونه يخص بالذكر ثم يُعقّب بالإلقاء الخاص بأن يكون في عذاب شديد.
د. عبد الرحمن: .ثم ياتي الحوار بعده (قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27)) من هو المقصود بالقرين؟
د. مساعد: .القرين كما يقول المفشرون من الشياطين، (قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ) هو يتبرأ منه في هذا الموقف كما ذكر الله سبحانه وتعالى في عدد من الآيات ويقول أنه هو سبب هذا الإضلال ولذا قال (وَلَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ) يعني بسبب ضلاله وقع منه الإضلال كأنه يزعم هذا وإن كان لا شك أنه هو أحد أسباب الضلال.
د. عبد الرحمن: قال (قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (29)) هذا كلام الله سبحانه وتعالى
د. مساعد:.نعم هذا كلام الله في أن الله سبحانه وتعالى نهاهم عن المخاصمة بين يديه لأن الله سبحانه وتعالى يقول أن هذه المخاصمة بينكما لا تنفع لأن الله سبحانه وتعالى قدم بالوعيد كما قال سبحانه وتعالى يعني في الدنيا قد أظهر الله سبحانه وتعالى الهدى وبينه فمن يتنكب الطريق ولا يتبع سبيل الهدى فإنه لا تنفعه هذه الخصومة فالله سبحانه وتعالى يقول (وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ) قدمه للشياطين كما قدمه للإنس لأن من اتبع أو عبد غير الله سبحانه وتعالى فإن مآله ومصيره إلى النار. (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ) أي ما يبدل هذا القول لدي والقول هو أن من أشرك بالله لا بد أن يدخل النار.(وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ) أي أن ما أصابكم من العذاب الشديد ليس فيه أي ظلم إطلاقاً لأن الله سبحانه وتعالى قد بين لكم البيان التام والكافي والشافي أنكم تنكبتم الطريق.
د. عبد الرحمن: ثم قوله هنا (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ) ظلام أنت عندما قلت كفار قلت صيغة مبالغة وظلام صيغة مبالغة من الظلم فهي صيغة مبالغة في إسم الفاعل ظالم وظلام، لماذا قال هنا وما أنا بظلام للعبيد ولم يقل وما أنا بظالم للعبيد مع أن التعبير بظالم في ظاهر اللغة أنه أكثر بعداً أو دقة؟
د. مساعد:. بعض المفسرين يذكرون أنه لو قال بظالم فهو نفى أي نوع من الظلم لكن ظلام قد يكون يقع منه الظلم. لكن هذا ليس منضبطاً وإنما لأن السياق سياق العذاب الشديد لذلك قال كفّار فجاء بالصيغة المتناسبة مع السياق أنه هذا العذاب الشديد الذي أُوقع بهذا الكافر لم يكن بسبب ظلم الله سبحانه وتعالى له ولذلك نفى عنه أن يكون ظلاماً صيغة مبالغة تناسباً مع السياق الذي ورد في هذه الآيات خصوصاً أنه منذ أن بدأ بقوله سبحانه وتعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)) يتكلم عن هذا الإنسان الكافر الذي قد عبد غير الله سبحانه وتعالى وكفر بالله كفراً شديداً فجاء هذه الصيغة متناسبة مع هذا السياق.
د. عبد الرحمن:. وهذه فائدة يا دكتور مساعد عندما يقال أن ظلام صيغة مبالغة للدلالة لكن ربما تتخلف دلالتها في بعض السياقات لأسباب أخرى، للسياق
د. مساعد:..ولهذا نقول دائماً أن السياق محكّم في فهم المعنى. الآن يقول (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ (30)) وما أنا بظلام للعبيد يوم نقول أو واذكر يوم نقول لجهنم هل امتلآت. بعض المفسرين يحكي هنا أقوال بعض المعتزلة وغيرها ممن يرى أن مثل هذه قول حالي وليس قول مقالي،
د. عبد الرحمن: يعني لم يقل هذا بلسانه
د. مساعد: أي ولم تقل جهنم وهذا لا شك أنه مخالف لنص القرآن وظاهر القرآن، أنا أقول بل هو قول من الله سبحانه وتعالى وخطاب مباشر لجهنم وقد أعطى الله سبحانه وتعالى هذا المخلوق القدرة على فهم هذا الخطاب وترد بكلام يُفهم فتقول (وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ) وهذا الذي ثبت في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في إثبات هذا الكلام لجهنم وكذلك ثابت في الآيات وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لما تلا هذه الآيات قال يضع الجبار قدمه حتى تقول قط قط، معنى ذلك أن هذا السؤال عندما تقول (هل من مزيد) يعني أنه ما زال لدي متسع فأعطني ما شئت من الكفار فيقول الله سبحانه وتعالى بعد قوله هذا سبحانه وتعالى وهو أعلم أنه قد انتهى كل الكفار وقد دخلوا فيها وهو أعلم لما يقول لها (هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ) فإذا وقع هذا الحدث وضع سبحانه وتعالى كما في حديث التبي صلى الله عليه وسلم وضع رجله حتى تنزوي النار بعضها على بعض.
د. عبد الرحمن:. ويبدو يا دكتور أن هذا أولاً من باب تهديدهم لأن مثل هذه العبارة تصيب بالهلع الشديد
د. مساعد: لا شك
د. عبد الرحمن: والنقطة الثانية أثناء الحساب أثناء إدخال الكفار فيها أن الله سبحانه وتعالى يخاطبهم ويقول (هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ) وهم يسمعون
د. مساعد: وهذا أكثر تبكيتاً لهم
د. عبد الرحمن: أيضاً في قوله في سورة الملك (تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8)) فيبدو أنها كلها مع بعضها تدل على المعنى الذي ذكرته. ثم ينتقل الحديث الآن للحديث عن أصحاب الجنة
د. مساعد:. نعم، قال (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31)) نلاحظ من طرائف القرآن من قضية الفعل ما يسمى الفعل المبني للمعلوم والفعل المبني للمجهول. أن (وأزلفت) الفعل مبني للمجهول، لكل حال مقاله. فالآن لما ذكر هؤلاء الكفار وما يحصل من عذابهم في هذه النار وهذا التبكيت الذي يقول الله سبحانه وتعالى (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ) بيّن حال الآخرين أنهم أناس تقدّم إليهم الجنة لا يتعبون (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ) مع أننا نجد في آيات أخرى في سورة الفجر وهو يتحد عن النار (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ (23)) وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه جيء بجهنم لها لها سبعون ألف زمام لكل زمام سبعون ألف ملك لكن مجيء جهنم لهؤلاء والعياذ بالله ليس كتقريب الجنة لهؤلاء لأن هذا مجيء عذاب وهذا تقريب رحمة. قال (لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ) يعني أنها قرّبت لهم من مكان ليس بعيداً عنهم. (هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32)) أي هذا الذي وعدكم الله سبحانه وتعالى وهو الجنة، (لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ) الأواب الذي هو الرجّاع كثير الرجوع لكن من باب الفائدة لا يلزم في (أواب) أن يكون مذنباً فيتوب نقول لأن هذه الصفة صفة أواب قد تأتي آب من الذنب إلى التوبة أو قد تكون أواب بمعنى رجع إلى ربه مرة بعد مرة ولا يلزم منها ذنب ولهذا سيد الأوابين محمد صلى الله عليه وسلم وقد وصف بعض الأنبياء بالأوبة ولم يذكر لهم بذلك ذنب. فهذا دلالة على أن صفة الأواب لا يلزم منها أن تكون مقابل التوبة. قال (لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ) الحفيظ هو من خشي الرحمن بالغيب يعني حفظ الله في سره وعلانيته (مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ (33))
د. عبد الرحمن:. هذا يصلح مثالاً على تفسير القرآن بالقرآن مباشر.
د. مساعد: نعم، (وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ)
د. عبد الرحمن: يعني لو سئل سائل من هو الأواب؟ قد يقول هو من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب
د. مساعد:.. ولاحظ أن أواب ومنيب معناهما متقارب، أناب بمعنى رجع وآب بمعنى رجع فهذا القلب قلب منيب يعني كثير الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى. ثم يخاطبون فيقول (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34)) وكأن السلام هذا سلام من كل آفة لا يلحقهم نقص ولا كدر ولا يلحقهم همّ ولا غمّ وهذا كله من معاني السلام الذي يقال لهم (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ). وأيضاً يقال لهم سلام (سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) الرعد) فإذن تلقى لهم تحية السلام ويحصل لهم السلام حسياً ومعنوياً وهذا يدخل في قوله (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ) يعني يلابسكم السلام. (ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ) وهذه نعمة، تصور لما يدخل هؤلاء يقال له ادخلوها بسلام فسلموا من جميع الآفات والنقص ثم أضيف لهم الخلود الدائم ولا شك أن هذا مزية يطلبها كل مسلم وإنما يعمل المسلم من أجل أن يقال له (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ). قوله (لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)) هذه الاية سبحان الله فيها إطلاق، ماذا تتمنى؟ ما تشاء؟ وفوق ما تشاء شيء لا تتصوره أنت يأتيك مزيد ولهذا (وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ) فتحت مجالاً كبيراً جداً لتفضل الله وإنعامه على العبد في ما لا عين رأت ولا أذن سمعت وعلى خطر على قلب بشر ولا شك أن أكبر نعيم يدخل في المزيد هو رؤية الله سبحانه وتعالى، رؤية الباري سبحانه وتعالى هي أعلى ما يمكن أن يقع من نعيم للعبد في الدنيا والآخرة.
د. عبد الرحمن: ومثلها الآية التي في سورة يونس (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ (26))
د. مساعد: ولهذا فسرت في بعض الآثار النبوية أن الزيادة مراد بها رؤية الباري سبحانه وتعالى بل هي تكاد تكون اتفاق عند السلف أن المراد بالزبادة رؤية الباري سبحانه وتعالى.
د. عبد الرحمن:. ولكن لا شك أن هذه الاية أبلغ منها (لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ)
د. مساعد: نعم فيها إضافة (لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ)
د. عبد الرحمن: ثم انتقل الحديث الآن انتقالاً جديداً في الحديث عن إهلاك الأمم المكذبة والوعظ بالقرآن وما يتعلق به
د. مساعد: يبدو أن الخطاب هنا الآن رجع إلى أو المراد به أهل مكة الذين نزل عليهم (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ (36)) وهذا الإشارة إلى شدة البطش أو القوة ربنا سبحانه وتعالى لما يذكر الأقوام يبين على أنه كان هناك أقواماً عندهم قوة واقوى منكم لكنه ينبه أن القوة لا تنفع إذا حل! عذاب الله سبحانه وتعالى لا تنفع قوة.
د. عبد الرحمن:. يعني (كم) هنا خبرية (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ) يعني أهلكنا قروناً كثيرة
د. مساعد:. (فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ) أي قال سبحانه وتعالى أن هؤلاء القوم الذين أهلكهم قد نقبوا ومادة النقب كما هو معروف هو الخرق كأنهم خرّقوا هذه البلاد وعمّروها وأنهم أكثروا فيها البناء ومع ذلك ومع كل ما عملوا لم يكن لهم محيص من عذاب الله سبحانه وتعالى بمعنى لا مفر من عذاب الله سبحانه وتعالى. يقول سبحانه وتعالى (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)) يعني في ذلك الذي ذكره من قبل من هذه المواعظ وكذلك من المواعظ الأخيرة ذكرى بمعنى موعظة (لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ) قد يقول قائل ليس هناك أحد ليس له قلب، نقول إذن ما دام كل واحد له قلب إذن هنا يتكلم عن نوع القلب وليس عن ذات القلب. إذن (لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ) هو القلب الذي يتعظ بالمواعظ الذي إذا سمع المواعظ أثرت فيه.
د. عبد الرحمن: هذا المقصود بالقلب.
د. مساعد: هذا هو المقصود بالقلب ولذلك القلب الحيّ قلب المؤمن الذي إذا ذُكّر بالله سبحانه وتعالى تذكر. والحالة الثانية (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) بمعنى استمع استماع متقبل لهذا الخطاب وهو شهيد أي حاضر الذهن وهو يستمع إلى هذا الخطاب ولهذا إذا نظرنا إلى هذه الآية وهي من الآيات التي يمكن أن تعتبر من مفاتيح فهم القرآن ومفاتيح تدبر القرآن كيف أفهمه؟ تأمل هذه الاية إجمع ما قاله علماء التفسير ولابن القيم أيضاً رحمه الله تعالى كلام جميل جداً حول هذه الاية وقبله شيخه إبن تيمية وغيره من العلماء الذين يتحدثون عن هذا التنويع (لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) يعني هي منافذ الفهم.
د. عبد الرحمن:. كنا تحدثنا في حلقة فيما أذكر مع الدكتور محمد القحطاني حول حديث القرآن الكريم عن وسائل فهمه فكان منها هذه الآية.
د. مساعد: هذا جميل.
د. عبد الرحمن:. أستأذنك يا دكتور مساعد وأستأذنكم أيها الإخوة المشاهدين الكرام في فاصل قصير ثم نعود إليكم بإذن الله تعالى..
——————–فاصل——————-
د. عبد الرحمن: مرحباً بكم أيها الأخوة المشاهدون الكرام مرة أخرى ولا زال حديثنا متصلاً عن سورة ق في آخرها في الآية السابعة والثلاثين ولا يزال الحديث متصلاً مع ضيفنا الكريم فضيلة الدكتور مساعد الطيار. وقفنا يا دكتور عند قوله (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) وأشرتم حفظكم الله إلى عناية العلماء بتفسير هذه الاية وأنهم قد توقفوا عندها كثيراً وذكرت إبن القيم وابن تيمية رحمه الله وأيضاً يحضرني قوله سبحانه وتعالى في سورة الأعراف (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ (179)) يبدو لي والله أعلم أنها نفس الفكرة (لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ) أي قلب حيّ يفقه به ويعي أما مجرد القلب نفسه لضخ الدم فهذا ليس هو المقصود .
د. مساعد:. وهناك آيات في الحيقية لو جمعنا هذه الايات التي في هذا الموضوع سنجد مجموعة من الآيات مثل قوله تعالى (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ (22) الأنفال) (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) الملك) مع أنهم كانوا يسمعون لكنهم لم يقصدوا مجرد السماع وإنما سماع الاستجابة
د. عبد الرحمن: جميل جداً. وهذا يفتح الحديث للحديث عن القلب في القرآن الكريم وكيف جاء الحديث عنه وفيه كتابات متواترة ويمكن موضوع أوسع من هذا وهو حديث القرآن الكريم عن الحواس وفيه بحث أيضاً. ثم قال الله سبحانه وتعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ (38)) كلمة لغوب كأنها هي الكلمة الغريبة في الآية.
د. مساعد: اللغوب بمعنى الإعياء والنصب والتعب وهذا كله وارد عن السلف في تفسيرهم وهو المعنى اللغوي لمادة اللغوب
د. عبد الرحمن: هل لها علاقة بكلام اليهود في قولهم أنه قد خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استراح في اليوم السابع؟
د. مساعد:. قد يكون قد رد عليهم رداً غير مباشر لكن فيها غشارة وتنبيه لما تكلم الله سبحانه وتعالى عن الأقوام الذين أهلكهم وقال (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم) بيّن قدرته سبحانه وتعالى في الخلق فبيان قدرته في خلق السموات والأرض ليس بعاجز سبحانه وتعالى على أن يهلك هؤلاء وغيرهم يعني من أنتم أمام هذا الخلق الكبير؟!
د. عبد الرحمن: أستأذنك يا شيخ مساعد معنا إتصال من الأخ أبو غادة من السعودية
الأخ أبو غادة من السعودية: عند قول الله جل وعلا (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ (30)) ما هو نوع الاستفهام هنا؟ وفي قول الله جل وعلا (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31)) هل الجنة تكون قريبة من أهل الموقف؟
الشيخ فهد الوهبي من المدينة المنورة: أولاً أحمد الله على سلامة الدكتور عبد الرحمن. وأحببت أن أضيف في نقطة (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ) أن بعض الناس يظن أن الخلاف مع من ينكر أو من يثبت الإعجاز في القرآن الكريم هو خلاف اعتقادي صرف وفي الحقيقة أنه ليس كل من يثبت المجاز في القرآن الكريم هو معتزلة، يوجد من يثبت المجاز في القرآن الكريم كأبي قتيبة صاحب ” في مشكل القرآن الكريم” أثبت المجاز في هذه الآية وأثبت المجاز في مكان آخر في القرآن الكريم فليس كل من يثبت المجاز في القرآن الكريم ينسب إلى المعتزلة بل هذه الآية وغيرها الخلاف فيها ليس خلاف إعتقادي وإنما خلاف في أسلوب القرآن أو أسلوب العرب في الخطاب. فهذا الذي أحببت أن أضيفه في قضية المجاز في هذا الموضوع وأسأل الله لكم دوام التوفيق.
الأخ نايف من السعودية: لدي ثلاثة أسئلة، السؤال الأول فكرة الدكتور مساعد في قوله (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ) أحب أن أعرف كيف فسر الشيخ القول في هذه الآية مع أن المفسرين اختلفوا في المراد في القول فما هي الطريقة التي بواسطتها فسر بها الشيخ القول في هذه الآية. والسؤال الثاني هل هناك وجه مقابلة بين صفات الكفار في قوله (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ (25)) وبين صفات أهل الجنة (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ (33)) والسؤال الثالث ألا يمكن أن يقال أن (مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ) هي صفة ثالثة وليست تفسيراً أي تكون مبنية على التأسيس وليس على معنى بيان ما قبلها؟
الأخت ليلى من السعودية: عندي ثلاثة أسئلة، السؤال الأول (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ (41)) من هم المخاطَبون؟ السؤال الثاني ما المقصود بلغوب؟ والسؤال الأخير كيف يتدبر الإنسان القرآن؟ نحاول أن نتدبر القرآن كثيراً في كتب التفسير وهل إذا لم نتمكن من التدبر فهل هذا يدل على غفلة في القلب؟ وما هو قولكم في تفسير السعدي في كلمة مناع؟
د. عبد الرحمن: نعود يا دكتور مساعد لحديثنا. هل ترى أن نكمل الآيات أم نجيب على الأسئلة؟
د. مساعد: نكمل الآيات.
د. عبد الرحمن: نكمل الآيات ثم نجيب على الأسئلة. وصلنا إلى قوله تعالى (وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ) وانتهينا منها.
د. مساعد: قلنا اللغوب هو النصب والإعياء والتعب. (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ (39)) الخطاب الآن موجه للنبي صلى الله عليه وسلم يا محمد اصبر على ما يقولون أي قول أهل الإشراك ولم يحد القول فدل على أنه أي قول كان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم مما يقولونه سواء مما كان يؤذيه في نفسه أو مما كانوا يقولونه في ذات الله سبحانه وتعالى من الإشراك وغيره. قال (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40)) هذه الآية استبط منها ابن عباس وغيره من السلف أن المراد بها أوقات الصلوات فسبّح هنا المراد به الصلوات ويطلق على الصلاة التسبيح في القرآن في أكثر من موطن وهذا أحد المواطن. مواطن الصلاة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى هنا: قبل طلوع الشمس الفجر وقبل الغروب الظهر والعصر ومن الليل المغرب والعشاء فشملت جميع أوقات الصلاة. وقالوا (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) قالوا هذه إشارة إلى التطوع، أدبار السجود يعني سبِّحه بعد أنت تنتهي من الصلاة إشارة إلى التطوع قالوا كأنه ذكر الصلوات المفروضة والتطوع. وقوله تعالى (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ (41)) هذا أيضاً خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ومن لطائف ما ذكره أبو جعفر النحاس وغيره عن الإمام يعقوب وهو أحد القرّاء العشرة أنه كان يقف عند قوله (وَاسْتَمِعْ) لأنه لو تأملنا ما الذي دعاه ليقف هنا (يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ) ليس المراد أنه استمع ذلك النداء لأن الآن المطلوب (إستمع) أي إستمع في هذا الوقت ولهذا بعض المفسرين قال استمع بقلبك.
د. عبد الرحمن: كأنها (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40) وَاسْتَمِعْ) واستمع معطوفة على هذه الأوامر كلها
د. مساعد:. وبعضهم قال استمع بقلبك يعني كأنه يقول هذا ليس المراد منه الاستماع بالأذن.
د. عبد الرحمن: وكأنه يؤيدها ما سبقه في قوله (لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37))
د. مساعد: فإذن المقصد فقط التنبه إلى هذا أنه حينما قال يعقوب رحمه الله تعالى أنه تقف على (وَاسْتَمِعْ) تنبيه على أن ما بعدها مفصولة عما قبلها.
د. عبد الرحمن: هل انفرد يعقوب في هذا القول؟
د. مساعد: لا لم ينفرد ولكنه أشار إليها من المتقدمين الذين أشاروا وأنا قصدت أن أذكر هذا الأمر لكي ينتبه إلى أن العلماء المتقدمين في معالجاتهم للوقف كانوا يتتبعون المعاني وينظرون ما هو المعنى لأن بعض المعاصرين صار عنده وقوفات يكون فيها شذوذات ومناكير وهو لا ينتبه إلى المعنى ولا إلى نظم القرآن ولا إلى إعرابه ولكنه يقف تذوقاً ولكنه تذوق ناقص وليس هذا مجال الحديث عنه ولكن أقصد أن ينتبه لمثل هذا الوقف وإن كان ليس موجوداً في المصحف، قد يقول قائل في المصحف بين يدينا ليس فيه علامة وقف هنا نقول نعم لكن نلاحظ أن الشهادة لهذا العالِم وهو من القراء أراد أن ينبه إلى أن هذه مفصولة عن هذه فتقول (وَاسْتَمِعْ) وتقف وأن (يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ) هذه جملة مستأنفة
د. عبد الرحمن: إذن يعني كلمة (يوم يناد المناد) هذه ظرف ليست مرتبطة بـ (وَاسْتَمِعْ)
د. مساعد: لا ليست مرتبطة. (يَوْمَ يَسْمَعُونَ (42)) بدل من قوله (يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ) يعني يوم يناد المناد هو نفس يوم يسمعون الصيحة بالحق.
د. عبد الرحمن:.من هو المقصود بـ (يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ) من هو المنادي؟
د. مساعد:. المنادي هنا إسرافيل ولهذا قال (يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ) والصيحة هي صيحة إسرافيل، نفخ الصور. قال (ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) معنى الآن أن الحديث هنا عن بعث الناس عن النفخة التي ينفخ بها إسرافيل فيقوم الناس من قبورهم ويسمى ذلك يوم الخروج أي يخروجون من قبورهم. (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43)) لو تأملنا الآن إذا كان ذلك يوم الخروج (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي) متناسبة مع الخروج كأنه يقول ذلك يوم الخروج لأننا نحن نحيي، لكن (وَنُمِيتُ) ليس هناك موت بعدها، بعض العلماء يقولون هذا من باب التتميم لبيان قدرة الله سبحانه وتعالى أنه هو صاحب الإحياء والإماتة وهو القادر على الإحياء وعلى الإماتة ولذا قال (وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ) وقد تكرر هذا المعنى (وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ) في القرآن كثيراً. ومع كثرة وضوحه إلا أنك لما تنظر إلينا ونحن نعمل في هذه الدنيا نعمل وكأننا لن نموت ودون شك هذا نقص في الإنسان نسأل الله سبحانه وتعالى يرفعه عنا. (يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا (44)) يوم يسمعون الصيحة هو يوم تشقق الأرض عنهم سراعاً، كأنها شرح لذلك يوم الخروج كيف يخرجون؟ تتشقق الأرض عنهم سراعاً. قال (ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ) وقد تكرر أيضاً هذا المعنى في إن الحشر على الله سبحانه وتعالى يسيروالإعادة وهو أهون عليه. فهذه الأشياء وهذه الأعمال التي لو نظر إليها المخلوق الضعيف نظره الخَلْقي هو نفسه كيف يكون من مخلوق يجد أنها يسيرة إعادة الشيء فكيف بالخالق سبحانه وتعالى الذي لا يحتاج إلى معالجة مثلما يحتاج المخلوق.
د. عبد الرحمن: خاصة وأنه سبق في أول السورة وفي سورة كثيرة استنكارهم لهذا واستعظامهم له (أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3)) وقال (وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (47) الواقعة) فهذه يقول (ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ) رد على هذه التساؤلات.
د. مساعد:. هذا ملحظ جيد وهذا من باب رد العجُز على الصدر، لما ذكر في بداية السورة (بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءهُمْ مُنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3)) لما بدأ الحديث بإنكارهم للبعث ختمه (ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ) الحشر بمعنى الجمع. قال (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ (45)) نلاحظ هنا (بما يقولون) هذا القول بالذات القول من إنكار البعث وغيره مما كان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم من كثرة ما كانوا يكذبونه وينكرون عليه صلى الله عليه وسلم. (وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ) هذا تطمين للنبي صلى الله عليه وسلم مثل قوله تعالى (فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ (8) فاطر) (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ (6) الكهف) التي تنبه على أن مهمة النبي صلى الله عليه وسلم التذكير لذا قال (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ) فكأنها إشارة إلى أن من سيتذكر القرآن هو الذي يخاف وعيد فمن لا يخاف من الوعيد لن يقع له تذكر، فمن استجاب لهذا التذكر هو الذي قال عنه الله سبحانه وتعالى (مَن يَخَافُ وَعِيدِ) وهو الذي وصف في الآيات السابقة (مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ (33)). لكن (وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ) هنا ملحظ مهم جداً، الله سبحانه وتعالى لما أرسل رسله بيّن هذا المعنى في أكثر من آية في أن مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم التذكير فهل نحن ونحن ندعو الناس نتصور هذه الآية وأمثال هذه الآية؟! ما هو المطلوب مني؟ المطلوب مني أن أبلغ، بلغت إنتهت المهمة، لا أُسأل بعد ذك عن شيء. لكن لو قصرت بالتبليغ تكون هنا المؤاخذة والنبي صلى الله عليه وسلم قال في أكثر من موطن “ألا هل بلّغت؟” ومات صلى الله عليه وسلم وقد بيّن البيان التام والصحابة شهدوا له بذلك ونحن نشهد أيضاً له صلى الله عليه وسلم أنه بلّغ البلاغ التام. المشكلة أننا نلاحظ أن بعض من يدعو إلى الله سبحانه وتعالى أنه يريد أن يلزم الناس ويرغمهم على ما يريده هو على التدين الذي يراه أنه هو التدين ونقول أن هذه ليست من منهج النبي صلى الله عليه وسلم إطلاقاً. ولهذا أنت إذا كان قلبك لا يتحمل هذه الواردات وينزعج وإذا بلّغت ووجهت رسالتك إما مكتوبة وإما مسموعة إما أن تحضر مشهداً ويقع فيه منكر وتنكر عليك أن تذهب، أما أن يقع منك أخطاء فوق هذا البلاغ فهذا سوف ينعكس على البلاغ الذي اردت أن تبلّغه إلى منكر آخر هذا لا شك أنها ليست من منهج النبي صلى الله عليه وسلم وهذه لا شك أنها من فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي بعض الأحيان وبعض الذين عندهم نوع من الحماس خصوصاً في بداية الشباب أو يكون قد جبله الله على نوع من الخُلُق الذي قد يدفعه إلى مثل هذا فيقع منه الأخطاء التي نحمد منه غيرته ولكننا لا نوافقه على ما يقع من أخطاء بسبب طريقته واصوله.
د. عبد الرحمن:.جميل جداً. ونكون بهذا قد انتهينا يا دكتور مساعد من الحديث عن الآيات. ولعلنا مع أسئلة الإخوة نعود فنقف بعض الوقفات في آيات السورة فيما بقي من الوقت. أبو غادة يقول في قوله سبحانه وتعالى (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ) ما هو نوع الاستفهام؟
د. مساعد:. لا يبين ولكنه قطعاً ليس إستفهام مستخبر، هو خرج عن استفهام مستخبر، لكن هل هو إستفهام تقريري؟
د. عبد الرحمن: ألا يمكن أن يقال أن هذا تهديد لهؤلاء الكفار؟
د. مساعد: كأنك تقول وجّه الخطاب إليها والمراد يحتمل،
د. عبد الرحمن: (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ) حتى يستمع هؤلاء؟
د. مساعد: هذا ممكن لكنه يحتاج إلى مراجعة. لكن قولها (هَلْ مِن مَّزِيدٍ) هذا استخبار واضح. والأخ ينبه غلى ملحظ مهم جداً وهو حينما يأتي الاستفهام من عالمٍ بالشيء فإن فيه دلالة عن الخروج عن الاستخبار ومعنى الاستفهام نفسه
د. عبد الرحمن: والاستفهام يخرج إلى ما يقارب 15 نوع؟ أيضاً يسال في قوله (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ) هل معنى أن الجنة كانت قريبة؟
د. مساعد:. هذا الظاهر من الخطاب أنها هكذا.
د. عبد الرحمن: الشيخ فهد الوهبي نشكره على اتصاله حفظه الله والشيخ كان ممن شارك معي كثيراص في هذا البرنامج. أراد أن يضيف إضافة في قوله (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ) يقول أنك ذكرت المعتزلة فكأنه قد يُفهم من هذا لقولهم بالمجاز أنهم قد نفوا أن يكون هذا القول على حقيقته وأنه من باب المجاز فيقول أن هناك من أهل السنة مثل الإمام إبن قتيبة يقولون بالمجاز في القرآن الكريم لكنهم في هذه الاية لا يقولون أنها من باب المجاز وإنما هي من باب الحقيقة.
د. مساعد: طبعاً لا شك هو تنبيه جيد وهو كما قال ليس كل من قال بالمجاز فهو معتزلي وهذه قاعدة جيدة ولكن دائماً الإنسان وهو محصور في لقاء لا يستطيع أن يستوعب فجيد أن يأتي من مثل الأخ فهد وينبه على مثل هذا.
د. عبد الرحمن: الأخ نايف يقول (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ) أنت ذكرت أن المقصود بالقول هنا القول الذي تقدم وهو (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) فيقول ما هو الذي جعلك ترجح هذا الاختيار؟
د. مساعد: أنا ما رجحته ولكنه أحد ما يحتمله (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ) لأن القول كما تلاحظ لم يحدد قول معين وإنما هو مطلق (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ) لا يدخله بعض القول ونحن نعرف أن الله سبحانه وتعالى من كرمه ومن فضله أنه قد يخلف بعض وعيده. لكن السياق كما هو واضح مع إنسان جعل مع الله إلهاً آخر، إنسان أشرك بالله سبحانه وتعالى. قوله (قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ) أيضاً هذا محتمل أن يكون داخلاً في قوله (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ) فالسياق يخدم هذا وذاك.
د. عبد الرحمن: ايضاً يمكن أن يقال أن الله سبحانه وتعالى قبل أن يخلق السموات والأرض قد كتب مقادير الخلائق وكتب من هو من أهل الشقاء ومن هو من أهل السعادة وقدّر لكلٍ عمل و قد عمل الرجل الكافر بالكفر في الدنيا وكتب عليه كل هذا فقلوه (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ) ينطبق على كل هذا.
د. مساعد: هذا أيضاً ممكن لكن أقول كما سبق ما ذُكر في السياق الأولى أن يرجع إليه أولاً.
د. عبد الرحمن: سأل الأخ نايف سؤالاً جيداً قال الصفات التي ذكرها للكفار (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ (25)) وقال في المتقين (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ (33)) ل هناك ما يمكن أن نسميه تناسب بين الصفات؟
د. مساعد: هو يحتمل، أنا ما أرى هناك تناسب أن هذه صفة وهذه ضدها لكنها محل بحث. وهو الحقيقة يلفت إلى ملحظ مهم إلى أنه أحياناً تكون الصفات متضادة متقابلة ولكن لا يلزم دائماً.
د. عبد الرحمن: ويمكن أيضاً أن يستفاد منها أن هذه الصفات التي توعد الله بهذا الوعيد الشديد عليها وهذه الصفات التي وعد الله بهذا النعيم عليها أنها من أبرز الصفات التي ينبغي أن يحرص عليها المؤمن من جهة الإيمان والكافر.
د. مساعد: هذا لا شك أنه مراد في الآيات لكن أن يكون تقابل كما ذكر الأخ نايف هذا قد يحتاج إلى تأمل مع أننا نقول أنها ليست قاعدة.
د. عبد الرحمن: الأخت ليلى سألت في قوله (واستمع يوم يناد) أجبت عنه واللغوب أجبت عنه. وسألت عن تفسير السعدي وهو التفسير الذي بين يديك.
د. مساعد: نعم هذا تفسير الشيخ عبد الرحمن السعدي لا شك أنه من التفاسير النفيسة جداً التي يُنصح بقراءتها ولله الحمد والمنة أنه قد منّ على الشيخ بعد وفاته بطبع كتابه ونشره ما شاء الله نشراً فائقاً لكن أنا لا أحب النقد ولكن أريد أن ينتبه إلى أن الشيخ رجمه الله تعالى في كتابته استخدم الأسلوب الإنشائي وهذا الأسلوب الإنشائي أحياناً والقارئ يقرأ قد لا يستطيع أن يفهم المعنى مباشرة ولذلك أنا أقول يُجعل كتاب الشيخ مرحلة لاحقة يقرأ الإنسان والآن ولله الحمد والمنة الآن طبع التفسير الميسر وقد رأيناه رأي العين وتحققنا منه، الطبعة الثانية بعد فترة انقطاع طويلة جداً فأقول يقرأ هذا الكتاب التفسير الميسر ثم بعد ذلك يقرأ كتاب الشيخ السعدي. التفسير الميسر ميزته أنه يعطيك المعنى مباشرة والشيخ يعطيك فوائد ولطائف وهذا الأسلوب الإنشائي الذي فيه تكون أنت قد استطعت أن تفهم المعاني وتعرف ما هو المعنى قبل أن تقرأه في كتاب الشيخ.
د. عبد الرحمن: فتح الله عليك يا دكتور مساعد ونفع الله بك. أيها الإخوة المشاهدون الكرام في نهاية هذه الحلقة نحمد الله سبحانه وتعالى الذي وفقنا لانجازها وختام هذه السورة وإن كان ختامنا لها في هذه الحلقة على وجه الإيجاز والاختصار مراعاة للوقت. كما أشكر باسمكم أيها الأخوة المشاهدون فضيلة الدكتور مساعد بن سليمان الطيار الأستاذ المساعد بجامعة الملك سعود وعضو مجلس إدارة مركز تفسير للدراسات القرآنية. هذه هي الحلقة الخامسة والستون وهي الحلقة الأخيرة وسوف نتوقف أيها الإخوة المشاهدون عن بث الحلقات المباشرة لهذا البرنامج حتى بداية شهر رمضان القادم بإذن الله تعالى إذا أحيانا وأحياكم وبلّغنا ذلك الشهر نسأل الله أن يبلغنا إياه سوف يعاد بث بعض الحلقات المختارة التي اخترتموها أنتم من خلال البرنامج طيلة شهر رجب وشعبان. حتى نلقاكم بإذن الله تعالى في بداية شهر رمضان أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه وأشكركم شكراً جزيلاً على متابعتكم ومقترحاتكم وإلى ذلك الحين أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
=======================================
رابط الحلقة (فيديو)
جودة متوسطة
http://www.archive.org/download/eltafseerelmobasher260609/eltafseerelmobasher260609.WMV
جودة عالية
http://www.archive.org/download/eltafseerelmobasher260609/eltafseerelmobasher260609_512kb.mp4
رابط الحلقة (صوت)
http://www.archive.org/download/eltafseerelmobasher260609/eltafseerelmobasher260609.mp3