الحلم– الرؤيا – المنام –
هذه الكلمات تتناول منظومة الحلم وهو من عالم الأمر الذي فيه الالهامات والاشراقات ونحن عبارة عن شاشة في هذا العالم اللامتناهي وفيه من الاعجاز واللامعقول الشيء الكثير.
المنام: هو ما تراه في نومك والنوم وعاء المنام (وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23) الروم) والنوم هو حالة السبات وهو إبطال حركة الحواس عن العمل وهو الوفاة كما جاء في القرآن الكريم (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42) الزمر). والوفاة هي المرحاة الأولى التي تسبق الموت يكون النَّفَس لا يزال في صدرك ولكنك لا تشعر بمن حولك (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85) الواقعة) تصبح في عالم خارج الحواس والبث يكون مباشراً إلى الدماغ. وأنت نائم ترى أشياء كثيرة منها مفرح ومنها مخيف حسب ظرف النائم وحسب حالته وثقافته واهتماماته ودينه وما يراه النائم في المنام يتكيّق مع معتقداته الدينية فالعقل الباطن هو الذي يفرز.
الحلم: هو ما لم يكن له قيمة كما جاء في القرآن الكريم (قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44)) . ضغث هي مجموعة النبات الطري الذي لا وزن له (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44) ص) فقد ترى في منامك أشياء لا ارتباط لها هذا يسمى حلماً.
الرؤيا: إن كان لما تراه في المنام معنى ومرتّب ويقوم على أسس عالية فهو الرؤيا. والتميّز في الرؤيا يعود إلى ما في النفس من استقامة (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64) يونس). وعندما سُئل رسول الله r عن البشرى في الدنيا قال r هي الرؤيا الصالحة. من حيث أن كل انسان أحلامه ورؤاه تتفق مع تربية الشخص وومدى إيمانه ومدى انسجامه مع قوانين الله تعالى. وكما يقال أن العقل السليم في الجسم السليم نقول أن الرؤيا السليمة في العقل السليم المنضبط مع قواعد الكون الموحى بها والمستكشفة من قِبل البشر. والرؤيا شيء مقدّس لهذا حذّر رسول الله r من شخص يقول رأيت وهو لم ير ومن أوّل رؤيا وهو لا يعلم بها فهذا أمر خطير.
ومن كان صادقاً في حياته كان صادقاً في حلمه فرؤيا يوسف u وهو النبي ابن النبي دليل على هذا (قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5) يوسف) (وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا). حتى الرجل العادل وإن لم يكن مسلما كرؤيا الملك في قصة يوسف u (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) يوسف) كان ملكاً صالحاً عادلاً. والمعتقدات الدينية لها تأثير كبير في الرؤيا والذي يعبّر الؤيا يجب أن يفعل ذلك من الكتاب والسنة وتعبير الرؤيا تختلف من شخص إلى آخر بحسب دينه ومعتقداته وحالته.
الرؤيا والأحلام قانون بشري فقط وهذه النعمة دليل عمل وكلنا رأينا في حياتنا رؤى كانت دليلاً على شيء في الحياة والرؤى هي من أعظم أسباب الهداية والدلالة. يقول بن القيّم: من طابت يقظته طاب منامه ومن ساءت يقظته ساء منامه. وفي عهد الرسول r جاءته امرأة تخبره أنها رأت في منامها كأن الجنة فُتحت وعددت 12 اسماً من الصحابة فوضعوا في نهر فرجعوا كأنهم أقمار، وفي اليوم الثاني جاءت الأخبار للرسول r أنه استشهد 12 رجلاً من المسلمين كانوا في سريّة وأسماؤهم كما ذكرت المرأة في رؤياها.
ومن الأحاديث النبوية الشريفة في الرؤيا: ” لا تقوم الساعة حتى لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب”.
بُثّت الحلقة بتاريخ 31/12/2004م