روح – نفس –
الإنسان أو البشر، الروح أم النفس قضية شغلت أذهان العلماء و الفلاسفة و الباحثين منذ فجر التاريخ و لم يحدث منهم تصور واضح أو إتفاق على فكرة تفرق بين البشر و الإنسان وبين الروح و النفس و هذه كلمات قرآنية قال تعالى:( إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي 72 ص) (يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الذي خلقك فسواك فعدلك 6 الإنفطار). رب العالمين سبحانه و تعالى خلق بشراً ثم جعله إنساناً و خلق نفساً ثم أتبعها بروح. فكيف نستطيع من خلال الكتاب العزيزأن نصل إلى حل لهذه المعضلة التي لا تجد لها حلاً إلا في هذا الكتاب. رب العالمين خلق جسد زائد نفس متحرك يساوي حيوان،.جسد زائد نفس زائد عقل يساوي بشر (إني خالق بشراً من طين) فالفرق بين البشر و الحيوان هو أن الحيوان ليس له عقل لا يعقل و لكن له غريزة و البشر له عقل، (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) ص) إذن البداية خلق الله تعالى جسداً + نفساً يسمى حيواناً، جسد + نفس+ عقل يسمى بشراً. وكونه بشر أي أنه المخلوق الحيواني الوحيد الذي تكون بشرته ظاهرة فجميع الحيوانات الأخرى تكون بشرتها مغطاة إما بالصوف أو الشعر أو الريش أو ماشاكل ذلك. هذا البشر رب العالمين خلقه فسواه.خلقه أولاً ثم سواه أطلق يديه من الارض.فهو الحيوان الوحيد قبل أن يكون إنساناً لا يزال بشراً والبشر تابع للملكة الحيوانية.قبل أن يصبح إنساناً أطلق يديه من الأرض فيمشي على رجلين و هذه قوة هائلة تعطي لهذا المخلوق ميزة على جميع المخلوقات الحيوانية الأخرى.الحيوان المخلوق يمشي على أربع أو على إثنتين. حينئذ المشي على إثنتين بإطلاق يديه من الأرض هذه تسوية (مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ 7 الإنفطار) بعد أن خلقك أطلق يديك. الطفرة الهائلة العظيمة التي جعلت من هذا البشر إنساناً هي نفخة الروح.( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك) من جسد ونفس (فسواك) أطلق يديك من الأرض (فعدلك) جعلك عدلاً قال تعالى:( وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً 115 الأنعام) فالعدل هو الإنسان الخيّر الطيب وهو كل شيء خيرو طيب و كريم و فاضل و نقي و نزيه.ورب العالمين سمى نفسه العدل.
أصبح لدينا الأتي الجسد، النفس وهي كل مجموعة عواطفك وأحاسيسك كل سلوكك، كل حركة تتحركها هي من نفسك لا علاقة للروح بحركاتك ولا بحياتك،.الروح ليست هي سر الحياة أنت لست تحيا بالروح أنت تحيا بالنفس كما يحيا الحيوان بنفسه ولو كانت الروح هي سر الحياة لما كان للحيوان أن يعيش. إذن النفس هي سر الحياة إذا هلكت نفسك هلكت لذا جميع الهلاك على النفس قال تعالى:( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ 185 آل عمران).( من قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا).إذن انت تحيا بالنفس كنت جسداً ثم نفساً فأنت من المملكة الحيوانية أطلق الله يديك فسواك فوقفت على رجليك وهذه ميزة هائلة أطلقت لك السرعة في الحياة و السيادة على المملكة الحيوانية كلها. ثم عدلك بعد أن كنت مجرد بشر.جسد + نفس + عقل تميزت عن الحيوانات بالعقل صرت بشراً عاقلاً أي حيوان عاقل الإنسان حيوان ناطق كما يقولون هذا جزء منه.وهذا خطأ البشر حيوان ناطق وليس الإنسان وهذه أخطاء شائعة جداً ليس صحسحاً أن الإنسان حيوان ناطق وإنما البشر حيوان ناطق،.الإنسان حيوان ناطق فاضل نقي كريم حينئذ فرقنا بين أن تكون حيواناً مجرداً جسد ونفس ثم خلق الله بشراً بشرته ظاهرة جسد + نفس +عقل فأنت بشر. هذا البشر تأنسن أي أنسنه الله وجعله إنساناً بنفخة الروح (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) فالسجود ليس لمجرد خلق آدم ولكن بعد أن إنتقل من بشريته إلى إنسانيته بنفخة الروح حينئذ بهذه النفخة تفوق على الملائكة وصارت له طاقة هائلة فاضلة حينئذ إستحق أن تسجد له الملائكة. نصل من ذلك إلى أن كل سلوكياتنا هي من النفس. هذه النفس شريرة بطبعها لأنها خلقت بالشهوات الكاملة لا تحركها إلا الشهوة قال تعالى:( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا 14 آل عمران) إذن كل شهواتك كل حركاتك وسلوكياتك وتصرفاتك تصدر من نفسك و عن نفسك فالنفس هي المحرك لك وهذه النفس مادامت موجودة فأنت على قيد الحياة فإذا قتلت أو تلفت أو بليت و لم تعد صالحة للحياة تفارقها الروح التي هي خالدة. .الفرق بين النفس والروح أن النفس مخلوقة و الروح قديمة لأنها جزء من الله عز وجل ولذلك الروح لا تفنى ولا تقتل ولا تموت التي تقتل هي النفس. هذا المخلوق الذي يدفن تلفت نفسه لم يعد هو يشعر بالحياة لأن نفسه لم تعد صالحة إما لخراب جسد لكبر أو مرض أو بقتل..( من قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا). هذه هي النفس كل شرورك و آثامك منها أعدى أعدائك نفسك التي بين يديك..( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ 16 ق) الوسوسة بالشر و الشهوات و المطامع و كل الشرور من نفسك وحينئذ (وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ 79 النساء). هذا الإنسان بعدما صار إنساناً بالروح ، الروح كلها فاضلة فهي التي تأمرك بالخير. الحديث يقول أن كل إنسان فيه ملك ملهم أو شيطان موسوس.كناية أو رمز عن طاقة روحك الفاضلة و طاقة نفسك الشريرة (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً 35 الأنبياء) هذا الصراع يحكم به العقل.نحن الأن أمام ثلاث مراحل كونك إنسان لك روح فاضلة تأمرك بالخير ولك نفس شريرة تأمرك بالشر ولك عقل هو الفيصل بين هذا و ذاك الميزان الذي تزن به أعمالك من حيث كونها خيراً أو شراً ولهذا قال ( أفلا تعقلون) (أفلا تتفكرون) (لقوم يتذكرون) (لقوم يفقهون) و كل هذه أنشطة عقلية. الميزان بين الخير و الشر على العقل،الروح تأمرك بالخير.كل إنسان منا يعيش هذا الصراع كشخص عرضت عليه رشوة فيدور حوار بين نفسه وروحه في داخله.الأولى تدفعه لأخذها وتعلل ذلك بحاجته لها و الأخيرة تنهاه عن ذلك وتذكره بأنها حرام.و هكذا هذا الصراع يكون في كل حركاتك كل شهواتك و في كل شيء وفي كل سلوكك في الحياة هناك هذا الهاجس أفعل أو لا أفعل إن كان خيراً و أمرت به فهو من روحك وإن كان شراً وأنت تشتهيه فهذا من نفسك (زين للناس حب الشهوات) هذه وظيفتها وفطرتها.النفس فطرت على هذا. الفرق بين الروح والنفس أن الروح هي الطاقة الخيرة فيك والنفس الطاقة السلبية ولهذا يسموها علماء النفس الأنا العليا والأنا السفلى وبينهما العقل، الأنا العليا هي طاقة الخير والأنا السفلى طاقة الشر هكذا هو ما يقول علماء النفس وهذا ينطبق تماماً على كتاب الله عز و جل. لهذا رب العالمين سمى جبريل عليه السلام الروح لأنه ملك الخير والخصب والنماء والرزق والوحي الرسالات.ملك كله خير على خلاف ملك الموت قال تعالى:( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ193 الشعراء) القرآن كله خير ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا 52 الشورى).الروح هي القاسم المشترك بينك و بين ربك و لهذا لا تفنى عندما تموت تفارق روحك هذا الجسد الذي لم يعد صالحاً للحياة، نفسك التي كنت تعيش بها لم تعد صالحة للحياة إما لأنها قتلت (من قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا (23) المائدة) أو أنها ماتت (كل نفس ذائقة الموت) أو أنها توفيت كالنوم (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42) الزمر) فأنت تكون متوفى و أنت نائما.فنفسك نائمه ولكن روحك متيقظة أنت ترى الرؤى بروحك لا بنفسك يصبح الضخ و المعلومات و المعارف على دماغك و عقلك و روحك مباشرة و لهذا الرؤى معرفة و ثقافة ورسائل من رب العالمين من أجل هذا حرم الإسلام الكذب فيها.ترياً أو تأويلا.(لعن الله من تريا و لم يرى) كأن يخبر برؤيته لشيء وهو لم يره فهذا كذب على الله عز و جل و كذلك الذي لا يحسن التأويل فيأول بأي كلام هذا أيضاً لا يجوز.لأنها رسائل من رب العالمين تضخ إلى روحك مباشرة.كما يضخ الوحي إلى روح الأنبياء مباشرة.هكذا النبي r كان يضخ الوحي إلى روحه هو الفرق الواضح جداً بين الروح و النفس قال الرسول صلى الله عليه و سلم( أتعلمون لما يرفع الميت عينيه إلى السماء ساعة الموت؟ قالوا:لا قال: يتبع روحه) والروح هذه طيف جميل جداً ولا تستقل بحالها إما أن تكون بهذا الجسم الطيني والذي سيصبح تراب و ينتهي أمره ولن تعود له بعد اليوم ثم تحل بعد خرابه كما كانت قبل مجيئها إليه وهي موجودة قبل أن نخلق قال تعالى:( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا 172 الأعراف) قالوا بلى لأن أرواحهم فاضلة فلما دخلت مع الجسد صار هذا الصراع النفس كانت أقوى وكل عاصٍ يجد أن نفسه أقوى من روحه.روحه تأمره بالخير و لهذا كل منكر لوجود الله عز و جل إلا و في أعماقه يؤمن به (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ 14 النمل) هكذا هو، فروحه قد تغلبها نفسه .فالذي يشرب الخمر نفسه غلبت روحه ومن أجل هذا هنالك أساليب لتقوية الروح و لتقوية النفس..إذن إذا كان الشر كله من نفسك فماهوعمل الشيطان؟.الشيطان والنفس كلاهما يوسوسان (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) (فوسوس له الشيطان) والفرق بين وسوستهما أن وسوسة النفس فقط لمتعة الشهوة.هذه إمرأة جميلة تزني بها ، هذا مال حرام تأخذه.فالنفس توسوس بأن ترتكب الشهوة فقط لذاتها وليس لأي غرض أخر، أما الشيطان فيستغل هذه الوسوسة من نفسك إلى الشهوة لكي يوسوس هو لك وأن يستعمل هذه الشهوة لتعطيلك عن واجب من واجباتك الدينية أو عن الأمر كما قال تعالى:( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ 91 المائدة) كأن توسوس لك نفسك بشرب الخمر فقط لأن النفس تشتهيه ويستغل الشيطان سكرك بأن يلهيك عن الصلاة حينئذ تدرك أن الوسوسة نوعين وسوسة النفس لمجرد الفعل لذاته، للشهوة والشيطان يستغل هذه الشهوة لكي يلهيك عن واجب من حيث يخلدك في النار بشرك أو كفر أو ردة وكل ذنب عظيم من الذنوب أصله شهوة..وكل هذا يفسر المعضلة: النبي صلى الله عليه وسلم يقول:(أن الشياطين تصفد في رمضان) مع هذا نرى الناس تذنب فالنفس لا تصطلح في رمضان إنما الشيطان مصفد.فالذي يذنب في رمضان ذنبه لا يتطور إلى معصية أخرى لأن الشيطان يعجز عن توظيف هذه المعصية لصالحه.فالذي يغتاب في رمضان لا تستطيع الشياطين أن تستغل هذه المعصية و تلهيه عن الصوم أو الصلاة لأنها مصفدة.فوسوسة الشيطان ووسوسة النفس أحدهما مؤسس للأخر .الشيطان يستغل معاصي الإنسان و شهواته ليخرجه من دينه.أن ترتكب كبيرة، أن تظلم، أن تقتل، هذا العبث الذي في العالم اليوم ناس تقتل ناس طائفياً ومذهبياً وحزبياً وظلماً على مستوى العالم وعلى مستوى الدول الكبرى وعلى مستوى الأفراد هذا التعذيب الذي في كل الدنيا و السجون السرية التي في كل العالم بالبر والبحر والطائرات هذا عمل إبليس وليس عمل النفس.فهو يوظف شهواتك ومعاصيك بأن ينقلك من حالة مقبولة أو يمكن لها حل كأن يكون ذنباً يمكن التوبة منه إلى ذنب لا يغفر أو إلى ذنب تصعب التوبة منه و الخلاص منه هذا الفرق. (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ 82 ص) الإغواء هنا قضية عقيدة ليست قضية فسوق فهو لم يقل لأفسقنهم كأن يقول إشرب خمر لأن نفس الإنسان كفيلة بذلك. فهذا هو الفرق بين وسوسة النفس (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ 16 ق) وبين وسوسة الشيطان الذي أخرج آدم من الجنة وغيّر مصيرنا وتاريخنا كله لأننا كنا في الجنة (إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَىوَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى 119 طه) ومع ذلك قال اخرجوا منها لأن الشيطان إستطاع أن يغويكما وهذا أيضاً من قوانين البشرية التي خلقها الله سبحانه وتعالى للبشر الذي أنسنه بنفخ الروح فيه. الإنسان هو المخلوق الكامل ولهذا كمال الإنسان بقدر كمال روحه،كلما كانت روحك قوية كلما كنت عظيماً وأعظم الأرواح أرواح الأنبياء يأتيهم الوحي ولا يرتكبون دنباً، ثم أرواح الصالحين والأولياء .هذا الإنسان التي تتقمصه فضيلة هائلة حتى يعرف بها بين الناس مثل الكرم عند حاتم الطائي والدنيا فيها آلآف الحواتم وأبو بكر الصديق كان أشد سخاءاً من حاتم لأن حاتم كان للفخر وأبو بكر كان لله وهذا أعظم سخاء وأكبر مثال على ذلك عندما خرج مع الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة ولم يترك لأهله درهماً واحداً إذن كم تحتاج انت إلى قوة في الروح وجلد لتفعل هذا؟. قوة الروح لا تعني كثرة العمل. هنالك النفس الأمارة التي تأمرك بكل سوء وهذا هو أصل خلقتها وأصل وظيفتها والشيء الذي خلقت من أجله أن تأمرك فتفعل ما تريد. إذا كانت روحك قوية تصلح نفسك إلى أن تصبح لوامة تذنب ولكن تندم وتستغفر والنبي صلى الله عليه و سلم يقول (الندم توبة) ورب ذنب أورث ندماً خير من عبادة أورثت عجبا ، بعد أن ترقي نفسك وتنهرها عن المعاصي بغضب وتصميم وعزم حينئذ أصبحت روحك لوامة.تتطور هذه الروح تطوراً عجيباً بحيث تصبح روحاً مطمئنة كاملة لا يستطيع الشيطان ولا النفس الأمارة أن تزحزحها ولو شعرة. .طبعاً اللوامة مشقة هائلة لأن الإغراءات من النفس عظيمة بالشهوات كلها مقاومات فمشقة النفس اللوامة أعظم بكثير من النفس المطمئنة الراقية ومع كونها بلا مشقة بحيث صارت طبعاً ولكن هي أرقى بكثير من النفس اللوامة. مثال على ذلك الحاج الذي يتعنى و يكابد المشقة على الإبل و لمدة شهور ليصل إلى مكة في الحر والخوف من قطاع الطرق حتى تصل إلى الكعبة وقد نضب جسمك وجلدك وصبرك وطبعاً الأجر على قدر المشقة وعلى هذه الحالة تصلي وتصوم وتؤدي الشعائر كلها المفروض أنك مأجور أجراً ما فوقه أجر.وفي نفس المكان والزمان شخص آخر من أهل مكة يصلي بكل راحة في مكة لا تعب ولا شقاء بيته مقابل للحرم و لكن صلاته خير صلاة فيكون أفضل من الأول. فالمشقة لا تكفي وحدها لأن تكون خير العابدين.هناك عابدون بينهم و بين الله لقاء ومشاعر لا يمكن لك أن تشعر بها حتى لو حججت سبعين مرة. ولو سألنا أيهما أشق الجهاد أم الإيمان؟؟؟ الجهاد أشق لأنه يواجه الموت. وأيهما أفضل الجهاد أو الإيمان؟؟؟ الإيمان وهو لا إله إلا الله محمد رسول الله.فالمطمئن وصل إلى مرحلة تتساوى عنده الدنيا بشرها وبخيرها وعذابها وراحتها بل إن عذابها وشقائها أحب إلى نفسه. الذي يقرأ القرآن بركعة في الليل،.النبي صلى الله عليه وسلم عندما يصلي في الليل يقرأ البقرة وآل عمران والنساء وهو واقف ثم يركع بقدر ماقرأ ثم يسجد بقدر ماقرأ ويفعل هذا إثنا عشرة مرة ولا يشعر بالتعب لشدة الإطمئنان.ولا يشعر بالتعب. .قال صلى الله عليه و سلم (ما سبقكم أبوبكر بكثير صيام أو صلاة و لكن بشيء وقر في قلبه) هذا القلب الذي وقر فيه شيء أصبح كل قلبه وفكره وعقله ونفسه و روحه مشغولة بشيء معين لا يزعزعه عن ذلك شيء.وهذا لا يكتسب ولكن تأتي منحة من رب العالمين.قال تعالى:( وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ 8 الحجرات) عليم حكيم: فهو عليم بمن يستحق ذلك فيجعله يحب الإيمان عشقاً.والتاريخ مليء بالعشق الإلهي، وهناك أناس عندهم الصلاة متعة في حياتهم وأناس عندهم الصوم متعة ما بعدها متعة (فضل من الله ونعمة) والله تعالى عليم بهذا. وحكيم لعلمه بأن هذا الإنسان سوف يقوم بهذا خير قيام.وحينئذ هذا الرشد كله من الله عز وجل، وبهذا نفهم الآن معنى قوله تعالى:( مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ 79 النساء) فرب العالمين إذا أوكلك إلى نفسك فقطعاً كل ما يصيبك من سوء فمن نفسك وإذا أصابك خير فكنت مصلياً تقياً زاهداً ورعاً فمن الله فرب العالمين هو الذي طور روحك حتى غلبت نفسك الشريرة وصارت نفساً مطمئنة وهذا فضل من الله ونعمة ولو تركك الله على حالك فأنت لا تستطيع أن تصل إلى هذا الحد كما في الحديث: (رفع الله يديه عن الخلق فلا يبالي بأي واد هلكوا). هذه الروح نفخة الله في الإنسان جعلت هذا البشر إنساناً وأسجد له الملائكة (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين).
(ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها) الإلهام هو أن تفعل الفعل من غير تأثير من الخارج وإنما من الداخل. الملهَم شيء من داخلك يأمرك بفعل شيء. فهذه النفس أحياناً تأمر بالشر تماماً و أحياناً إذا ترقت حتى صارت لوامة أو مطمئنة تأمرك بالخير كله من الداخل فرب العالمين زرع فيها هذه القوة وهذه القوة.قال تعالى:( فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا 10 الشمس) حينئذ رب العالمين سبحانه وتعالى جعل في كل نفس وظيفتها. والنفوس كثيرة وإن كنا قسمناها إلى مجاميع والعلماء يقسمونها إلى 50 – 60 قسماُ. والقرآن قسمها إلى أمارة ولوامة ومطمئنة.
القرآن الكريم تعامل مع النفس: النفس تؤمن فالإيمان منها (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ 100 يونس) وتحشر(يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ 105 هود) ( وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ 21 ق) وتكتسب (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ 25 آل عمران) وتكلف(لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا286 البقرة) وهكذا تعلم أن كل حركاتك وسكناتك إنما هي نفسك ولكن أن تكون هذه الحركات سيئة فهي من نفسك أو أن تكون حسنة فهي من روحك وهذا من فضل الله عز وجل ولا تستطيع النفس أن تترقى بحيث تأمرك بالخير وتصبح مطمئنة إلا بفضل الله عز وجل فقط. كل دعء الرسول r (آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها) (نعوذ بك من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا) وأُمرنا أن نستعيذ بالله من شرور أنفسنا وينصرنا على أنفسنا.
فالنفس ظالمة جاهلة خطائة (إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا 72 الأحزاب) والجهل والظلم يصدر عنهما كل قول وعمل قبيح حينئذ التكليف يوجب بذل الجهد. والله سبحانه وتعالى جعل لهذه النفس كابحاً وهي الروح و جعل الحكم بين الروح و النفس هو العقل…ولهذا فاقد العقل غير محاسب:.إذا أخذ ماوهب سقط ماوجب. فالتكليف شرطه العقل فالعقل هو الذي يقول لك هذا صواب وهذا خطأ فالروح تدفعك إلى الصواب والنفس تدفعك إلى الخطأ وهذا هو الصراع الأبدي وهذه هي المجاهدة.وكيف أن من صالحي هذه الأمة من جاهدوا نفوسهم حتى جعلوها نفوسهم تحت أقدامهم يأمرونها كما يأمرون الخادم فتطيع بينما الضعفاء من جيلنا هذا فنفوسنا تأمرنا بالشر وبالفسق وبالخطأ فيفعلونه بلا تردد وهذا هو الفرق.
قال تعالى: ( وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداًً 21 النور) لأن النفس خلقت خطائه خلقت على هذه الوظيفة فرب العالمين جعل الطاقة المطلقة الإفسادية في هذه النفس ونتغلب على هذه النفس بفضل الله ورحمته عندما نفخ فيك من روحه وجعل هذه الروح هي القوة التي تزحزحك عن أن تنصاع لنفسك الأمارة بالسوء.
الفرق بين الآدمية والإنسانية: بني آدم نسبة إلى آدم من ناحية النسل والآدمية عبارة عن سلالة أنت من سلالة آدم والإنسانية وصف.
الله تعالى قائم على كل نفس بما كسبت رقيب على كل جارحة المطلع على ضمائر القلوب يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وقال تعالى (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47) الأنبياء)
قال تعالى:( فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا 10 الشمس) دساها أي خلط عملها الصالح والطالح حتى غلب الطالح. والتزكية تزكية الجوارح كتزكية العين بالنظر الطيّب وأهمها النظر إلى المذنبين وأهل البلاء بالرحمة إذا أردت أن تكون عينك زكية إياك أن تنظر إلى غيرك بإحتقار حتى ولو كان فاجراً فانظر إليه بالرحمة والشفقة اللهم إغفر له اللهم أصلحه اللهم إهديه حينئذ تكون عينك زاكية. كذلك تزكية الأذن فتشعر بتقزز إذا سمعت غيبة و تتلذذ بذكر الله تسمعه من غيرك. تزكية اللسان و أهمها الذكر بأنواعه، تزكية البطن فأنت تشعر بألم وتريد أن تتقيأ إذا أكلت لقمة حرام. وكذلك لجميع باقي الأعضاء. النفس المطمئنة ملكة. أحد الصالحين مات فسمع الناس هاتفاً يقول من أربعين سنة لم ترفع صحيفة لهذا الرجل وفيها ذنب. ومن أساليب النفس المطمئنة أن تزكيها وأن تراقبها كأنك ترى الله فإن لم تكن تراه فأنه يراك.
حينئذ هذه النفس تزكو بعدة وسائل من ضمنها:
1. الصحبة الصالحة.فإن قلت الصحبة الصالحة كما في زماننا فعليك بقرأة سير الصالحين لأنها تغير نفسك ولو نسبياً.أما في السابق كانت الصحبة الصالحة إذا سمعوا غيبة يتقززون ويستغفرون الله لشدة زكاة نفوسهم. دخل قوم على عمر بن عبد العزيز يعودونه وقد كان مريضاً وكان بينهم شاب ناحل الجسم تماماً قال: يا فتى مالذي بلغ بك ما أرى؟ قال:الأسقام والأمراض قال:أقسم عليك بالله أن تخبرني بالذي أصابك قال: أما وقد أقسمت يا أمير المؤمنين فقد ذقت حلاوة الدنيا ووجدتها مرة وصغر عندي زهرتها وحلاوتها وإستوى عندي ذهبها وحجرها وكأني أنظر إلى عرش ربي والناس يساقون إلى الجنة والنار فأظمأت لذلك نهاري وأسهرت ليلي.
2. ومن أسباب تزكية النفس: أن تعرف متى تتكلم و متى تصمت ومع من تتكلم ومع من تصمت.يقول أصحاب الطريق إلى الله عز وجل:.فإذا كنت مع العلماء فاحفظ لسانك وإذا كنت مع الأولياء فاحفظ قلبك وهذا من أسباب تزكية النفس
3. ومن زكاة النفس أن لا تنظر إلى أحد المذنبين بإحتقار وكل ما تراه من صلاحك إنما هو وهم كما في الحديث عن رجل من الصالحين له أخ من الطالحين نصحه فلم ينتصح فقال: واله ليدخلنك الله النار فقال تعالى: من الذي يتألى عليّ؟ وعزتي وجلالي لأدخلنّه الجنة وأدخلنك النار مكانه. شعورك بأنك أفضل من هذا فيه كبر وعجب ومن يعرف كيف تكون الخاتمة؟ ألم يحدث أن صالحاً مات طالحاً والعكس؟ النظرة المتعالية التي هي سمت الناس اليوم هذا كله من هذه النفس الخبيثة التي تصور له أنه داعية ومتزن وهو هالك لا محالة ، هو يعمل ونفسه غير زاكية مدسّاة (قد خاب من دساها).
كان مسروق رضي الله عنه لا ترى قدماه إلا منتفخة من كثرة الصلاة. وأحد الصحابة يقول ( لولا ثلاث ما أحببت العيش يوماً واحداً الظمأ لله في الهواجر (الحرّ الشديد) والسجود لله في جوف الليل ومجالسة أقوام ينتقون أطايب الكلام كما ينتقى أطايب الثمر)، هذه من أسليب تزكية النفس. يقول الجنيد رحمه الله ما رأيت أعبد من السري أتت عليه ثمانون و تسعون سنة ما رؤي مضطجعاً إلا في علة الموت.أي ثمانون سنة لا ينام على الأرض بل جالساّ أو متكئاً لكي يواصل العبادات.
4. من أسباب التزكية أن تعاقب نفسك فكرة الكفارات كلها..فإن جامعت في رمضان تصوم شهرين…تشرب خمر تجلد أربعين جلدة. وهكذا.فهذه النفس الأمارة قبل أن ترشد عليك أن تعاقبها.كما يقول الشاعر:
والنفس راغبة إذا رغبتها وإذا ترد إلى قليل تقنع.
فمثلا إذا أكلت لقمة حرام تعاقب نفسك بأن تجوعها لمدة أسبوع.حتى تتوب تماماً .نامت نفسك عن صلاة تحرمها من النوم أسبوعين أو ثلاثة وهكذا كان حال الصالحين. منصور بن إبراهيم يقول: رجل من العُبّاد كلّم إمرأة فلم يزل حتى وضع يده على فخذها فوضع يده على النار حتى نضجت وصرخ من الألم، أحد الصالحين أصابته جنابة فحدّثته نفسه أن لا يغتس فعاقب نفسه بأن أقسم يميناً أن يستحم بملابسه لا يخلها حتى تجف على جسده فبقيت ملابسه عليه ثلاثة أيام في ذلك البرد الشديد حتى جفّت. أحد الصالحين نظر إلى إمرأة بشهوة فعاقب نفسه أن لا يشرب الماء البارد لمدة عام فكان يتعمد أن يشر الماء الحار في اليوم الشديد الحر لكي يؤدب نفسه :قال البوصيري:
والنفس كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم.
وهكذا كان حال الصالحين: حسان إبن أبي سنان إرتكب معصية فعاقب نفسه بصيام سنة، وآخر لم يقم للتهجد ليلة فبقي شهراً يصلي الليل كله، مالك بن ضيغم قال جاء أحد الصالحين يسأل عن أبي فوجده نائم قال أنوم بعد العصر؟ فخرج وبدأ يلوم نفسه إلى أن قال والله لا أوسّد نفسي الأرض حولاً كاملاً يعاقب نفسه كيف زكّى نفسه. أبو طلحة رضي الله عنه قال: إنطلق رجل ذات يوم فنزع ثيابه وتمرغ في الرمضاء فكان يقول لنفسه ذوقي و نار جهنم أشد حرا.فبينما هو كذلك إذ أبصره النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه النبي فقال غلبتني نفسي فعصيت فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ألم يكن لك بد من الذي صنعت؟.أمّا وقد فعلت لقد فتحت لك أبواب السماء و لقد باهى الله بك الملائكة ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: تزودوا من أخيكم فجعل الرجل يقول له يا فلان إدعُ لي، يا فلان إدعُ لي فقال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل: أومهم-أي إدعوا لهم فقال :اللهم إجعل التقوى زادهم و إجمع على الهدى أمرهم فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم سدده فقال الرجل اللهم إجعل الجنة مآبهم). معنى ذلك أن أصحاب النفوس الزاكية ملوك الجنة يحاسبون ويعاقبون أنفسهم.
أويس القُرني كان لما يصلي العشاء يقول هذه ليلة الركوع فيبقى راكعاً إلى أن يطلع الفجر وفي ليلة أخرى يقول هذه ليلة السجود فيبقى ساجداً حتى يطلع الفجر. رجل من النُسّاك رأى إبن أدهم صلّى العشاء ثم لفّ نفسه برداء لم يتحرك وقبل الفجر قام فصلّى فقال له أحدهم: قد نمت الليل كله مضطجعاً ثم لم تتوضأ؟ فقال له: كنت الليل كله أفكّر في رياض الجنة أحياناً وفي أودية النار أحياناً فهل مع ذلك نوم؟ الذي يفكر حقيقة بالجنة والنار كيف ينام؟
سيدنا علي رضي الله عنه عندما صلى بالناس فجراً ثم إنفتل إليهم فبدأ يحدثهم: قال والله لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا يصبحون شعثا غبرا صفرا قد باتوا لله سجدا وقياما يتلون كتاب الله. يراوحون بين أقدامهم وجباههم من كثرة الصلاة و كانوا إذا ذكر الله مادوا كما يميد الشجر في يوم الريح وأرى القوم اليوم باتوا غافلين. تأمل هذا الرعيل الأول كيف كان!؟ ولا نقول هذا كان في السلف فأين نحن منهم الآن وفي الواقع أن هناك العديدات من نسائنا الصالحات فيهن الخير الكثير فإذا كان هكذا حال النساء فأين الرجال؟ ومثل هؤلاء الصالحين الكثير من الصالحات. حبيبة-أحد الصالحات-كانت إذا سنت العتمة قامت على سطح لها و قال(إلهي قد غارت النجوم ونامت العيون وغلّقت الملوك أبوابها وخلا كل حبيب بحبيبه وهذا مقامي بين يديك، ثم تُقبل على صلاتها حتى مطلع الفجر فتقول (إلهي هذا الليل قد أدبر و هذا النهار قد أسفر فليت شعري أقُبِلت من ليلتي فأهنأ أم رُددت فأُعزّى).
أسئلة المشاهدين:
-
سؤال من إحدى المشاهدات عن قوله تعالى (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) البقرة) فكيف علمت الملائكة أن هذا المخلوق سيفسد في الأرض؟
-
الله تعالى قال: بشراً من طين والملائكة رأوا الطين شهوة وشهية والنفس أمارة بالسوء كما جاء في القرآن الكريم (إن النفس لأمارة بالسوء) فالمعصية تبدأ بشهوة نفس ثم الشيطان يستغل هذه المعصية لمعصية أكبر فيذهب به إلى النار خالداً فيها أبداً. وأساس كل المصائب في العالم والشرور هي النفس. إذا قتل مسلم مسلماً لإتهامه بأمر إعتقاده بأنه مشرك فهو في النار.
-
في سؤال لأحد المشاهدين عن رأي الدكتور بما ذكره إبن تيمية عن الروح أنها ليست قديمة وأنها ليست من روح الله وإنما إضافة الياء (روحي) إنما هي إضافة تشريف فأجاب الدكتور: لم يفرق إبن تيميه رحمة الله عليه بين الروح والنفس وهذا خطأ فالقرآن والسنة فرقا بينهما .ورب العالمين يقول (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي ) إبن تيميه يقول هذا تشريف وهذا رأي خاص وهو مسؤول عنه وكلامه ليس وحياً وإنما هو عالم في زمانه.في ذلك العصر كانوا يقولون أن الأرض على قرني ثور كلما تحرك حدثت الزلازل، وعليه أن يثبت أنه تشريف. والروح لا تفنى وهي خالدة إذا مات الإنسان تموت نفسه ولا تموت روحه لانها من الله عز وجل و هذا رأي
-
كل ذي نفس تموت الحيوانات والإنسان والله تعالى يقتص للحيوانات من بعضها يوم القيامة ما في الحديث. النفس تموت والروح باقية ولو كانت مخلوقة لأصابها الموت.
-
يقال الإنسان عدو نفسه : إما أن تكون عدو نفسك المطمئنة فهذا مذموم وإما أن تكون عدو نفسك الأمارة فهذا محمود.
-
هل تحاسب النفس بعد الدفن أو عند الدفن؟ النفس تحاسب بعد الموت بجزء الثانية ثم يستقر في المكان الذي خصصه الله تعالى له والجُثّة لم تُغسّل بعد والميت ينظر إلى موقعه والناس يغسلونه ويكفنونه ويرى حال أهله ولذا فإن الميت ليتأذى ببكاء أهله أي البكاء غير المشروع مثل الصراخ وليس المقصود البكاء المشروع.
بثت الحلقة بتاريخ 31/3/2006م وطبعتها الأخت الفاضلة نوال من المملكة العربية السعودية جزاها الله عني كل خير وتم تنقيحها