الردة – الكفر – الفسق – العصيان – المرود أو التمرد – المروق – الفجور -النفاق
الخروج عن الشرعية قانون من قوانين هذه الدنيا من حيث أن كل ابن آدم خطاء وما من إنسان إلا ويرتكب ذنباً أو خطأً أو خطيئة هذه من قوانين هذا الكون الذي نحن فيه الآن. ومن أخطر الذنوب أو الخطايا أو الخطيئات هو الخروج عن الشرعية وكل شرعية الخروج عليها يأخذ أسماً في لغة العرب كما هو في لغة الكتاب العزيز. فالخروج عن الحكم الشرعي يسمى ذنباً والخروج عن الحاكم الشرعي يسمى بغياً والخروج عن القائد العسكري يسمى تمرداً والخروج عن القانون يسمى عصياناً والخروج عن الأسرة يسمى عقوقاً والخروج عن العهود يسمى نكثاً وهكذا كل شرعية لا بد أن يخرج عليها خارج. في التاريخ كله ومن قوانين هذا البشر ما من أحدٍ يلتزم بالشرعية بالإجماع أي أمة أو جماعة أو شعب. ولهذا شرعت القوانين قوانين العقوبات السماوية والأرضية في كل مكان لهذا الاعتبار. الآن في هذه الحلقة نتكلم عن الخروج عن الإيمان ولا بد أن يخرج قومٌ عن الإيمان (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴿103﴾ يوسف) كلامنا هذا في هذه الحلقة ليس على الذين لا يؤمنون أصلاً وإنما عن الذين آمنوا ثم كفروا (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ (106) النحل) (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ (137) النساء)( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ (54) المائدة) هكذا. كلامنا في هذه الحلقة عن من كان مؤمناً ثم خرج من هذا الإيمان ما هي أسماؤه وكلماته في كتاب الله عز وجل وهذه الكلمات دخلها سوء فهم كثير مع أن فيها ككل كلمات القرآن دقة عجيبة إعجازية كل كلمة منها ترسم زاوية في الصورة لا ترسمها الكلمة الأخرى. ولهذا كما قلنا سابقاً إن هذه اللغة لغة القرآن الكريم لا تجعل المتكلم بها يحتاج إلى أن يستعمل يديه عندما يتكلم لكي يشرح المراد من كلامه كما هو في عدة لغات في عالمنا ترى المتكلم يستعمل إشارات يديه بكثرة لكي يوصل للسامع مراده من هذا الكلام أما لغة القرآن الكريم الكلمة بذاتها تعطيك الحد الدقيق للمعنى وهذا معنى قوله تعالى (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ﴿122﴾ النساء) ( قُرْآَنًا عَرَبِيًّا (2) يوسف) (حُكْمًا عَرَبِيًّا (37) الرعد) (لِسَانًا عَرَبِيًّا (12) الأحقاف). كلمات الخروج عن الإيمان الردة والكفر والفسق والعصيان والمرود أو التمرد والمروق والفجور والنفاق هذه الكلمات التي تدل على أن صاحبها كان مؤمناً ثم خرج من هذا الإيمان.
الردّة: الارتداد نوعان: ارتداد كلي كان مسلماً فكفر (مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ) كان مسلماً مؤمناً فخرج من هذا وقال أنا لا أومن بالله. وهناك ارتداد جزئي أي أنه مؤمن بالله لكنه يقول أن الصلاة ليست واجبة أو الزكاة ليست واجبة أو أن الخمر حلال فهو ينكر حكماً شرعياً ثابتاً ثبوتاً قطعياً وحينئذٍ هو مرتد لهذا ولذلك بعض الفرق الإسلامية عندما أنكرت نصاً قاطعاً هي ارتدت من حيث لا تعلم ولذلك سميت حروب الردة فهم بقوا مسلمين لكنهم قالوا أن الزكاة ليست واجبة فبالتالي لأنهم أنكروا الزكاة فإنكار حكماً شرعياً ثابتاً بنص ثابت قطعاً حينئذٍ يكون هذا ردة. الأمثلة على ذلك كثيرة وسنذكر بعضها بعد قليل.
الكفر: بعد الارتداد يأتي الكفر. نحن قلنا أن الردة قد تكون جزئية كأن ينكر صلاة الجمعة إنكاراً كاملاً، ينكر أن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام رضي الله عنهم، ينكر براءة السيدة عائشة رضي الله عنها مع أنها ثبتت بنص القرآن، ينكر حق آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام مع أن حقهم ثابت بالقرآن، ينكر أن قتل المؤمن مخلد في النار مع أنه ثابت في القرآن، وهكذا هذا المرتد الجزئي يصل من ردته الجزئية إلى أن يكفر من حيث أن الكفر هو الخروج عن التوحيد بعد أن كان قد خرج عن حكم من الأحكام، أنكر حكماً ثابتاً ثبوتاً قطعياً بنص من كتاب أو سنة إلى أنه يوماً بعد يوم لأن هذا كيف فعل ذلك؟ لا بد أنه اتبع مخلوقاً فلا يوجد هنالك من يرتد إلا قد اتبع مخلوقاً وعبد مخلوقاً ووثق بمخلوق سواء كان حجراً أو مدراً أو قبراً أو حبراً من الأحبار (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ (31) التوبة) الردة الجزئية تؤدي إلى الكفر كما قال تعالى (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ (217) البقرة) لم يرجع وإنما تمادى في الردة حتى وصل إلى الكفر ومات وهو كافر (فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ (217) البقرة). وأكثر استعمال كلمة الكفر في كتاب الله وسنة رسول تستعمل في كفران النعمة (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴿151﴾ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴿152﴾ البقرة) لا تكفروا نعمتي. وكفران النعمة أو أكثر جحود النعمة مصدره أن كفر يكفر كُفراً هذا كفر الدين، كفر يكفر كُفراناً هذا كفر النعمة (فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ﴿94﴾ الأنبياء) ولدينا كفور يستعمل في الأمرين (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ﴿89﴾ الإسراء) ممكن أن تكون كفران نعمة الكفر وممكن أن تكون كفران ملة. طبعاً الكفر الذي يخرجك من الملة كما يقول علمائنا أن تجعل لله نداً وهو خلقك، الباقي كله من كفر النعمة: الخمر من الكفر، الطعن في الأنساب من الكفر، النياحة من الكفر، كفر النعمة لا تخرجك من الملة ولهذا بعض الناس البسطاء ولا نقول كلمة أخرى يفتي بأن هؤلاء جميعهم كافرون ثم تطور الأمر حتى حكم قومٌ بتكفير المسلمين كلهم كما هو الحال في بعض الفرق جميع المسلمين ما عداهم كافرون وهذا هو الشقاء بعينه.
الفسق: لدينا الردة التي توصل إلى الكفر. الكفر يوصل إلى الفسق. والفسق هو الكافر الذي لا يعود والآية تقول (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا) أي أن هنالك كافرون عادوا مؤمنين، إذا وصل الكافر إلى مرحلة الفسق فلن يعود. الفسق هو خروج الثمرة من قشرتها، كل ثمرة لها قشرة عندما تنمو فإن القشر ينفتح لكي تفسق الثمرة أي تخرج. نحن نتكلم عن الخروج والخروج منه ما هو فسقٌ أي خروج من إيهاب، من إطار، من حدود، من سياج، من قشرة. وحينئذٍ أنت عندما تكفر بالله خرجت من حدود الله عز وجل، فإذا وصل الكافر إلى أن يكون فاسقاً فلن يعود. فالفستق هذه الثمرة إسمها مأخوذ لأن القشرة تفتح وإذا فتحت القشرة وبرزت الثمرة فلن تعود إلى القشرة أبداً فلم نسمع عن فستقة إلتأمت مرة ثانية. فالفسوق في المعنى الذي نريده هنا وكما قلنا قبل قليل أن الكلمات فيها متشابه الفسق والكفر لها أكثر من معنى. كل كلمة قرآنية لها أكثر من معنى فكما أن القرآن ليس فيه مترادف ولكن فيه مشتركاً ومتشابهاً فالفسق والكفر والعصيان لها معان أخرى. هنا في المعنى الذي نريده هو الكفر الذي لا يعقبه إيمان (إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ (50) الكهف) ليس هناك احتمال أن يتوب إبليس ويعود إلى الإيمان أبداً. ويقول رب العالمين (بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ (11) الحجرات) فالفسوق أي أنك خرجت من الدين بلا عودة وكم من المسلمين صاروا يهوداً وصاروا نصارى وصاروا وثنيين وصاروا ملحدين وصاروا شيوعيين بحيث لن يعود، هذا فسوق. أصبح لك اسم آخر، هذا شيوعي، هذا ملحد، هذا كذا، هذا كذا (بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ (11) الحجرات). ولهذا رب العالمين عندما كرّم هذه الأمة وكرم صفوتها قال (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ﴿7﴾الحجرات) لو تتبعت هذه الأمة منذ أن جاء الإسلام وإلى يومنا هذا عن الذين خرجوا من هذا الدين ولم يعودوا تجدهم أفراداً قلائل لا يمكن أن يعدوا ولا أن يذكروا ولا أن يحصوا ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم قال “لا أخاف عليكم أن تشركوا بعدي”. هذه من التزكية التي وهبها الله لهذه الأمة بمبعث النبي عليه الصلاة والسلام، بمجرد إتباع هذا النبي وملته أنت في عصمة من الكفر ومن الشرك ومن الفسوق لأن الله كرمك بهذا النبي وقال (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴿164﴾ آل عمران) فأنت زاكي، طيب الرائحة، ودود، رحيم، شفوق، قريب الدمعة، قريب الإيمان، غالباً ما ترجع عن خطيئتك، عن ذنبك، ما أن تسمع كلمة حتى تثوب إلى رشدك (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ (2) الأنفال) هذا في هذه الأمة فقط وهذا أمر نشهده على الأرض. الفسق إذاً تطور المرتد إلى أن صار كافراً بحيث صار فاسقاً بحيث لا يرجع أبداً التمرد: هذا الفاسق إذا وصل إلى هذا الحد يصبح مارداً. المارد يستعمل العنف فتأتي مرحلة التحدي، لدينا مارد ولدينا عاصي ما الفرق بين العاصي والمتمرد؟ المتمرد بعد أن كفر وفسق رجع عليك يقاتلك فهو مقبل عليك بهجوم فهو مارد (مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ﴿7﴾ الصافات) (وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا (101) التوبة) أتوا لكي يقاتلوا بأسلحتهم. العاصي يهرب عندما شخص يعصي القائد العسكري يهرب، يختفي منه. هذا الفرق في القرآن الكريم بين من يعصي وينزوي وبين من يتمرد ويقبل عليك لكي يقاتلك. وكل المتمردين في الجيوش قاموا بانقلاب فهو عندما تمرد على الحاكم أو في المعركة لا يريد أن يهرب بل يريد أن يقلب النظام. هذا الفرق بين المارد وبين العاصي. ومن ذلك الشخص يصبح مرتداً ثم كافراً ثم فاسقاً ثم مارداً جاء لكي يقاتل وقد حصل هذا في التاريخ فمسيلمة الكذاب مارد لأنه أولاً آمن ثم ارتد ثم كفر ثم فسق ثم جاء لكي يقاتل وقد مات الكثير من المسلمين في معركة اليمامة حوالي الثمانية آلاف أو أكثر. فهو مارد لأنه استعمل القوة والعنف متوجهاً إليك ولو كان عاصياً لهرب هذا هو الفرق. بعد كل ما مضى يصبح هذا هارب ولهذا رب العالمين قال (وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ).
المروق: عندنا المروق ونقول مارق هو نفسه المرتد ثم الكافر ثم الفاسق ثم المارد أو العاصي. ويسمى مارق إذا كان خروجه بسرعة متناهية كما يمرق السهم من الرمية وهنالك أناس بثانية يكفرون ومن واقع الحال سيدنا علي رضي الله تعالى عنه وكرم الله وجهه أراد أن يحقن دماء المسلمين وصار اقتراح بأن جيش معاوية يبعث حكماً وسيدنا علي كرم الله وجهه يبعث حكماً والحكمين يقرران وظهر أناس باللحظة، بالثانية، قالوا أنت لست مسلماً ويجب أن نقاتلك وأنت مرتد لأنك حكّمت غير الله وبسرعة قرروا، لم يفكروا ولم يسألوا علماء بل حمقى جهلاء أغبياء رأساً بسرعة كفّروا كل المعسكر وكفّروا المسلمين وأفتوا بجواز قتل علي وجيشه وفعلاً فتنوا المسلمين فتنة عظيمة وسهلوا لبني أمية ولمعاوية وجيشه وهم البغاة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم “تقتلك الفئة الباغية” أن ينتصروا على علي بقولهم أنه كيف تحكِّم غير الله؟ رغم أنه يحكّم اثنان في سبيل وحدة الأمة رب العالمين أجاز التحكيم بين اثنين لإصلاح بين الزوجين (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴿35﴾ النساء). إذن رب العالمين أجاز التحكيم لغير الله بحكمين يصلحان بين زوجين فما بالك بالإصلاح بين أمة؟ فريقين من الأمة يتقاتلان بالسيوف بهذا الغباء وهذه السرعة وبدون سؤال أو تروي رأساً دخلوا يسمون مارقين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وهذا حديث صحيح رواه الإمام علي كرم الله وجهه وهو متفق على صحته عند جميع أهل الصحاح والسنن وهو حديث طويل ومنه “سيكون في آخر الزمان قومٌ أحداث الأسنان سفاه الأحلام سمتهم التحليق يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يحقر أحدكم صلاته إلى صلاتهم وصيامه إلى صيامهم” أي يصلي ويمثل الخشوع وهو ليس خاشعاً لأنه لا يفقه شيئاً وكما قال أهل الحديث لا يجاوز حناجرهم أي لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، قال صلى الله عليه وسلم “يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية” خرج من الدين بسرعة ولذلك لم يقل عصاة أو مرتدين أو كفرة بل مارقين لسرعة خروجهم من الدين فهم لسنين يصلّون ويصومون وأتقياء ولكنهم في ثانية يكفرون فهؤلاء مارقين “يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية”. إذاً كل كلمة تعطي زاوية لا تعطيها الكلمة الأخرى. إذن الردة هي إنكار حكمٌ شرعي ثابت بنص قطعي هذه الردة تؤدي إلى الكفر بأن تطول الردة فلم يعد صاحبها موحداً (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ ) هذا الكفر يؤدي إلى الفسوق. إذا كان الفسوق مما لا يرجع عنه عندما يكون الكافر لن يرجع عن كفره يسمى فاسقاً (إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ ﴿18﴾ السجدة) والفسق في مقابل الإيمان وليس في مقابل الطاعة فهناك فسق في مقابل الطاعة لكن هنا في مقابل الإيمان وهو الكفر الذي لن يرجع عنه صاحبه. ثم هذا الفسق إذا كان فيه تحدي وهجوم مضاد يسمى مرد أو تمرد لكن إذا كان هذا الفسق أدى إلى هروب الفاسق فترك الدين ولحق بالأعداء يسمى عصياناً. هذا كله إذا حصل بسرعة هائلة بدون تروي، بدون سبب، بدون وجاهة، بدون وجه حق وإنما نزق أو تفاهة أو غباء أو حمق يسمى هذا مروقاً “مروق السهم من الرمية” الفجور: إذا كان هذا كله أدى إلى أن يشن الفاسقون والمتمردون والكافرون الذين كانوا مؤمنين يشنوا حرباً هوجاء على المسلمين لإبادتهم أو استئصالهم فهم الفجار (أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ ﴿42﴾ عبس) كفرة ولكنهم حصلوا إلى حد الفجور كما حصل في البوسنة والهرسك وكما يحصل الآن في كل مكان وكما يحصل من الخوارج. الخوارج في البداية مرقوا من الدين ولكن بعد عقد أو عقدين أصبحوا قتلة كما هم الآن في أكثر من مكان في العالم الإسلامي يقتلون المسلمين بغير أن يطرف لهم جفن، هؤلاء هم الفجار. فالفاجر هو أن تتوفر فيه كل القائمة الماضية إضافة إلى أنه حمل السلاح وجيّش الجيوش لاستئصال المسلمين كما قلنا كمسيلمة الكذاب ونحوه (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ﴿7﴾ المطففين) كما أن الفردوس الأعلى أعظم مكان في الجنة فسجين أسوء مكان في النار لمن يكفر ثم يرتد ثم يكفر ثم يتمرد ثم يفسق ثم يفجر بالمسلمين إبادة، تقطيعاً، ونرى الآن كيف الناس يقتلون في العراق وغيره شر قتلة، تقطيع الأيدي والأوصال، يلقون في الأفران، تخرق أعينهم بالمثقاب الكهربائي، أمر خيالي وهذا فجور. إلى هنا القائمة نكون انتهينا.
النفاق: هنالك نوع آخر من الخروج وهو النفاق وهذا المسالِم الذي يبطن الكفر ويظهر الإسلام (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴿1﴾ المنافقون) ثم يقول (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ﴿3﴾ المنافقون) إذاً المنافق هذا أخطر الجميع. المنافق على جبنه وخوره وعدم أذيته العلنية لا يحارب ولا يقاتل إنما يدّعي أنه مع المسلمين (وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ ﴿56﴾ التوبة) خائفين هذه هي الخطورة هنا. وهذه كانت آفة الإسلام من زمن النبي صلى عليه وسلم إلى هذا اليوم جميع الفرق هذه التي نشأت وقتل بعضهم بعضاً وعوق الإسلام تعويقاً هائلاً هم كانوا أحد المندسّين أعلن الإسلام في الظاهر ثم بدأ ينخر كالجرثومة، كالسرطان في جسد هذه الأمة فقامت حروب وأنشأوا فرقاً وحرضوا أناساً على أناس كما يجري الآن علناً هذا هو النفاق (وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ (101) التوبة) أي أصبحوا بارعين وقائمين على هذا الأمر. ومثال ذلك شخص كان اسمه بشر المريسي كان أبوه يهودياً في الكوفة والكوفة كانت عبارة عن مدينة جامعية فيها العلم كله والعراق إذا قيل العراق أي الكوفة والبصرة حتى في الحديث عن أهل العراق من مدح وذم العراق يعني في التاريخ وفي الاصطلاح اللغوي الكوفة والبصرة أي جنوب العراق فقط. بغداد إلى المغرب ليست من العراق كلها محدثة وكانت تسمى بادية السماوة إلى الآن في كتب التاريخ ككتاب معجم البلدان وغيره تسمى بادية السماوة إلى الشام تسمى هذه البادية ولسنا من العراق. فالعراق مدحاً وذماً من الكوفة والبصرة وما بينهما فالكوفة والبصرة كانت مدناً جامعية كل العالم الإسلامي بعلمه وعلمائه هو في الكوفة والبصرة. وفيها أشكال من كل مكان وجاء الناس من كل مكان بين هادم وقادم وبانٍ والخ واليهود تعرفون تأثيرهم في تاريخنا كما ذكر الله عز وجل. فكان هذا بشر المريسي يعمل سقاء يبيع الماء على الناس ويوصله البيوت وكلها بيوت علماء، علماء لغة ونحو وصرف وفقه وتفسير وحديث فكانوا مثل ورشة العلم فبثّ فيهم حكاية خلق القرآن هل القرآن مخلوق أو لا؟ وهذا ابن بشر كان قد ادعى أنه مسلم ونحن كمسلمين إذا أحد نطق بالشهادتين فإذا قال لا إله إلا الله محمد رسول الله فهذا يكفيه “إذا قالوها عصموا مني دمائهم إلا بحقها” “أقتلته وقد قالها” وهذه عقيدة المسلمين فهم بهذه الكلمتين يصدقون أنه مسلم ويكفونه ولكنهم مأجورين على هذا فالله قد أمرهم بأن من قال لا إله إلا الله محمداً رسول الله فقد عصم دمه وإياكم وأن تفعلوا له شيئاً. وهذا أسلم وبث فيهم خلق القرآن وجعلها فتنة وأعمل الحكام أعمل خلفاء بني العباس سيوفهم برقاب العلماء وقُتِل عشرات العلماء من كبار العلماء كما يقتلون الآن في العراق وغيره وخاصة في العراق ما بقي عالم من العلماء قتله الناس، أفهموهم أن هؤلاء كلهم كفار شيوخ، صالحون، علماء من أهل الله عز وجل، ربوا أجيالاً، أعمارهم في السبعين والثمانين قضوا أعمارهم في تخريج الأفواج من الطلاب حفظوا للبلد دينه واستقراره وعقيدته ذبحوا كما تذبح الخراف أنتم مشركون وأنتم كفرة تماماً كما حصل من بشر المريسي. وهناك فعلها اليهود وفي العراق يفعلها اليهود علناً. وهؤلاء الخوارج الذين قال النبي صلى الله عليه وسلم عنهم “يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية” وفي بعض ألفاظ هذا الحديث “يقتلون إمام المسلمين” أي علي بن أبي طالب. ومع هذا عندما قتلهم صلّى عليهم صلاة الجنازة، هذا هو الفرق بين المسلم الملتزم من أهل السنة والجماعة الذي يقول لك حسابهم على الله وبين هذا الذي لا تدري من أين أتى ووضع لنفسه عنواناً والمسلمين كلهم كافرون ويعمل سيفه فيهم. وبعد قليل سنذكر كيف تضمن أنك لست واحداً من هؤلاء الناس.
إذاً هذا الذي قلناه هو من سنن هذا الكون كل جماعة شرعية وكل أمر شرعي لا بد أن يخرج عليه خارج وكل خارج له اسم كما ذكرنا والخارجون عن الدين لهم أسماؤهم وعناوينهم والكلمات التي استعملها القرآن وكل كلمة تعطي نوعاً أو أسلوباً من أساليب الخروج عن هذا الدين وهذه قضية قانونية لا يمكن أن يكون هناك دين إلا ويخرج عليه خارج (وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴿35﴾ الأنعام) ويقول الله تعالى (فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴿8﴾ فاطر) (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴿3﴾ الشعراء) فالله لا يريدهم (لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا (31) الرعد) وبالتالي إذا عوفيت فاحمد الله عز وجل. إذن أن تخرج فرقة على هذا القانون كما في الحديث الصحيح “انقسمت بنو إسرائيل بضعاً وسبعون شعبة وستنقسم أمتي بضع وسبعون شعبة كلها في النار إلا واحدة” كل من اتهم المسلمين بالكفر وأعمل فيهم سيفه فهذا خارج على الدين بلا أي نقاش مهما ادّعى، حتى لو كانت صلاته وصيامه مما تبهرك حتى لو قرأ القرآن كله، حتى لو فتح الدنيا كلها. ومن قدر الله وقواعده ما من فرقة أو جماعة اتخذت قتل المسلمين وسيلة إلا أبيدت وانتهت ولم يعد منها نفر واحد. قد يعودون بعد مائتي عام ثم يلاقون نفس المصير ونفس الفناء. لو جمعنا مجموع الذين ارتدوا عن الإسلام من أول الإسلام إلى الآن لا يتجاوز أصابع اليدين فقسم منهم يرتد لمصلحة إما لملك أو لمال وهذا موجود الآن ففي بعض الدول في هذا الزمان الردة كثرت لفقر الناس فمثلاً حوالي خمس ملايين ارتدوا عن الإسلام وذلك بسبب الجوع فتأتي الإرساليات التبشيرية فيعطونهم الأموال ويبنون لهم مدارس ومستوصفات وفي إفريقيا بعض الناس ارتدوا أيضاً من الجوع فهذا موجود ولكن الله عز وجل أخبرنا أن من أراد الله أن يثبته سيثبته ورب العالمين جعل هذا الدين ينفي خبثه (وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴿23﴾ الأنفال) (الم ﴿1﴾ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ﴿2﴾ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴿3﴾ العنكبوت) وهذه قاعدة (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ (179) آل عمران) في كل التاريخ الإسلامي المرتدين عن الدين معدودين ولا يتجاوزون العشرة. الآن كما نعرف الظرف مختلف، السطوة العالمية مختلفة، ضعف المسلمين، تفككهم، ومع هذا هؤلاء جميعاً مرتدون لكنهم سيعودون وقد عاد منهم الملايين بعد أن ذهبت مأساتهم.
في سؤال لمشاهدة من العراق عن أن الشيعة يقولون أن فاطمة عليها السلام هي ابنة الرسول r والباقيات هم بنات خديجة رضي الله عنها من زوج آخر، أجاب الدكترو الكبيسي: كما أن هنالك سنة وهنالك نواصب من السنة والرسول صلى الله عليه وسلم لعنهم وقال( لعن الله من ناصبكم العداء) هناك شيعة وهناك روافض الشيعة هم أنصار علي وكلنا أنصار علي رضي الله عنه كل المسلمين أنصار علي استقر الأمر على هذا هناك من الشيعة روافض كما أن من السنة نواصب وكما قلنا كل جماعة لابد أن يخرج عليها قومٌ إما بأن يتبعوا شخص كالتشيع العربي شيء والتشيع الصفوي شيء آخر كم أن التسنن الذي هو عليه الأمة كلها شيء والإسلام الناصبي الذين كان يلعن علي على المنابر شيء آخر نحن نبرأ من ذلك كما هم يبرءون من ذلك أيضاً، لكن نعم هناك بعض الشيعة قالوا الله ليس موجوداً وعلي هو الله وهؤلاء طبعاً قلة ومنبوذون من الشيعة أنفسهم وهناك من قال أن محمد عليه الصلاة والسلام ليس بالنبي وإنما علي هو النبي وهكذا وأن الصحابة كلهم كفار وهذا من قسم من الشيعة الروافض ولا علاقة لهم بالتشيع الحقيقي الذي هو مذهب المسلمين جميعاً. ما من مسلم إلا ويتشيع لعليّ وإلا كان ناصبياً فأن تتشيع شيء وأن تلغي الدين كله كما يفعل بعضهم وكما يقولون من كلام لا يجوز على الله سبحانه وتعالى وعن أن محمد صلى الله عليه وسلم ليس النبي وأن الصحابة كلهم كفار وبيت آل النبي كلهم بغاة وطغاة وهذا كلام سقط وهو من تاريخ معروف ولم يعد سراً من الذي فعله.
نحن الآن على هذه الأرض مسلمون أي أن رب العالمين بعث لنا محمداً صلى الله عليه وسلم ومعه الكتاب العزيز ولا نختلف في هذا وإن كان بعض الشيعة ينكرون أن هذا هو القرآن بل أن القرآن عند فاطمة مختفي وهذه أمور ساقطة لم يعد يتداولها أحد أبداً وإن كانت في التاريخ أثارت حروباً. فبغداد حرقت عدة مرات ومن ضمن هذه المرات التي خربت فيها بغداد بسبب هذه الحرب بين من يزعمون بأن القرآن عند فاطمة وهذا ليس هو القرآن وبين المسلمين الذين يقولون أن هذا هو كتاب الله عز وجل والآن كل أئمة الشيعة كتبوا كتباً كما هو كتاب الإمام الخوئي الذي يحوي الأدلة القاطعة أن هذا القرآن الذي بين أيدينا هو القرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم من أوله إلى آخره.
الآن كيف نحفظ أنفسنا نحن الآن ندعي الحق كما هو حال جميع الفرق وهنالك فرق أبيدت بالثلاثين والأربعين فرقة لم يعد منها أحد. فمنهم من أدعى النبوة ومنهم من أدعى الربوبية وآخرون جاءوا بقرآن من عندهم وغيرهم من عبد علياً ومن عبد زيداً الخ لكن الفرق الرئيسية موجودة التي اختلفت إما على الذات والصفات، أو اختلفت على الإمامة والخلافة، أو اختلفت على استعمال العقل ما هو المدى الذي تستعمل فيه أنت عقلك؟ نحن الآن نحمد الله عز وجل على أننا على السبيل لا نكره أحداً ولا نقتل أحداً إذا أدركت أن الله هو رب العالمين ومحمد هو عبده ورسوله وهذا القرآن هو كتاب الله عز وجل وأن أركان الإسلام خمسة وأن الحلال والحرام بيِّن كما هو في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه ثم ليس في قلبك غلٌّ لمؤمن كما قال رب العالمين (وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴿10﴾ الحشر) وحينئذٍ أن تطلب المغفرة لك ولمن سبقوك بالإيمان حينئذٍ أنت على السبيل وأنت آمن من مكر الله عز وجل لأن هذه قضية لا تدخل تحت إرادتك إن من هو أعلم منك وأذكى منك انحرف. فهنالك من صار يزيدياً أو خارجياً أو مرتداً أو مارداً أو ناصبياً وحينئذ برغم كل النصوص وبرغم كل الأدلة يمرق هذا ويتمرد ذاك ويكفر هذا ويفسق هذا وأنت ثابت في مكانك تحب النبي وأهل بيته وأصحابه الذين زكاهم الله الأنصار والمهاجرون والرضوانيون الذين قال الله تعالى عنهم (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ (8) البينة) وأن بيت النبوة بيت طاهر (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴿33﴾ الأحزاب) وأنك لا تبغض مسلماً ليس مارداً. إذا كان هنالك مسلمون مردة وقتلة وفجرة يقتلون المسلمين يجب ألا تحبهم بل عليك أن تقاتلهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه علي بن أبي طالب “اقتلوهم فإن في قتلهم أجراً من الله عز وجل يوم القيامة”. هذا الذي يشن الغارة على المسلمين يفجر فيهم ويقتل فيهم وينسف فيهم ويعذبهم أشد العذاب تحت أي ذريعة إذا كان هنالك من يفعل ذلك فاعلم أن هذا مرتد وكافر ومارد وفاسق ومارق وفاجر كلها تتوفر فيه إذا استعمل سيفه على هذا الذي نشهده الآن كما هو في أول الحكم الإسلامي عندما قتلوا آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وأسرته وقتل المسلمين وتعقبوهم عقود حتى ضاقت الأرض بالمسلمين بما رحبت.
من استمطار كرم الله عز وجل فإن لم يكن من الله لك توفيق (قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿17﴾ الحجرات) كيف تستمطر هذه الرعاية؟ كيف تستمطر هداية الله لك بأن يبقيك على الإيمان وأن لا تنحرف كما انحرف الآلاف من أمثالك؟ أولاً أن تكون متواضعاً لله إياك أن تدعي أو أن تقول أنا أعلم الناس، أنا عالم، أنا مفكر، وتلغي كل من قبلك وتلغي كل العلماء وتترفع عليه. إعلم أنك فتحت على نفسك أبواب الشيطان لأن هذا هو سمت الشيطان قال أنا أفضل الناس وأنا أفضل من آدم. ثانياً وهذا في غاية الأهمية كثرة الذكر ولتبدأ بالاستغفار إن في الاستغفار أسراراً عجيبة إذا أكثرت من الاستغفار ليل نهار فاعلم أنك أصبحت مصوناً عند الله عز وجل. فيكثر رزقك ويفرج همك ويزال كربك وتوفق وتسدد ولا يبقى عليك ذنب “من سره أن يرى صحيفته يوم القيامة فليكثر من الاستغفار” وكم من استغفار تبعد عنا كل الشياطين وكما يقول إبليس ورفاقه “أهلكنا الناس بكثرة الاستغفار”. ومن لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب. فلنبدأ من الآن يومياً على الأقل كبداية أولى يومياً تقول استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه هذه تفعلها مائة مرة في اليوم وسترى آثار ذلك مما لا يصدقه عقلك على كل شؤونك، على نفسك إن كانت كئيبة، على مالك إن كان قليلاً، على رزقك إن كان ضيقاً، على كربك، على همك، عجائب ثم لا يبقى عليك ذنب وحينئذٍ كما في الحديث “إن أدوائكم الذنوب ودوائكم الاستغفار” هذا أولاً. ثانياً صباحاً ومساءاً اقرأ سيد الاستغفار (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي أبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) إذا فعلت ذلك فقد أمنت كل هذه الشرور التي امتلأت بها الأرض الإسلامية وهي تمتلئ بها اليوم فاستمطر رحمة الله عز وجل وحمايته وهدايته بكثرة الذكر.يقول ابن حزم الأندلسي في (الملل والنحل) إن أبا بكر الصديق هو أول من انتبه أن الأمة ستصاب بهذا الداء داء الخروج عن الدين ذلك من خلال قوله تعالى (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴿16﴾ الفتح) قال هذا جاء بعد غزوة تبوك وغزوة تبوك كانت آخر غزوات النبي صلى الله عليه وسلم فأي قتالٍ هذا؟ فبعد وفاته صلى الله عليه وسلم علم أن امتناعهم ومنعهم وإنكارهم لدفع الزكاة هم المقصودون لأن الله خيّرهم بين القتال والكفر ولو أن هذا كان عن الكفار لخيرهم بين الإسلام والجزية والكفر.
بُثّت الحلقة في 23/3/2007م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها