الفائدة من القصص والهدف الأسمى أن نستعد ونأخذ طريقاً واضحاً لمعاداة إبليس لنا وكيف نرد عليه. وكيف يسلم الواحد منا من محاولاته المستمرة لإيقاعنا في المعاصي. عندما أنزل الله تعالى هذا الكتاب وهذا المنهج، في عرض المولى عز وجل (قصة آدم وقعت في أكثر من سورة (7 سور)) كانت ترتيب نزول السور في القرآن عندما كان قرآناً غير ترتيب الكتاب وقصة آدم بدأت في سورة ص حسب ترتيب التنزيل لكن لا تفيد أن تكون الأولى في ترتيب الكتاب. وآخر قصة وردت في قصة آدم u جاءت في سورة البقرة بحسب ترتيب التنزيل ولكنها أهم سورة في عرض الهدف. في سورة البقرة يخبرنا الله تعالى الهدف من القصة ومن الواقعة التي حصلت، من خلق آدم u وفي طريقة سجود الملائكة ورفض إبليس للسجود وسماع آدم لكلام إبليس. يحدد المولى تعالى لنا في سورة البقرة (قلنا اهبطوا منها جميعاً) هنا الطريقة التي سنحاسب فيها والتي تنفاعل مع بعض نحن البشر ومع الإله الحق في التلقّي عنه (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) البقرة) من ساعة ومن لحظة الخروج من الجنة إلى الدنيا أنت خارج على توجيه إلهي واضح (فمن تبع هداي) وفي سورة طه (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123)) . نحن للأسف نأخذ الكلمة في القرآن دون أن نعلم توصيفها وتوقيعها. ما هو الضنك؟ الضنط هو الشدة وإن بدا حالك على ما يرام فأثرى الأثرياء يعيش في ضنك وإن كان لديه كل متاع الدنيا. الضنك هو الشِدّة المعنوية وليس الفقر إنما مع كل أسباب السعادة لا يشعر بها الإنسان فهو في ضنك.
أعمى: أعمى هنا هل هي أعمى بصر أو بصيرة؟ لما يسأل المولى عز وجل يوم القيامة (قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125)) يجب أن نفهم الكلمة. قال تعالى (قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126)) نسيه الله تعالى؟ سمعت البعض يسأل كيف ينساه الله تعالى؟ المولى لا ينسى حاشاه. لما يحشر الله تعالى الإنسان أعمى وقد كان بصيراً هذا يدل على قمة التذكّر لكنه تعالى نسيه من رحمته. فكلمة تُنسى تعني تُنسى من رحمة الله تبارك وتعالى. كل الألفاظ في الآيات تحتاج إلى شرح لأنها تتصف بكُنه الواقعة.
إبليس لما قال (رب بما أغويتني) الكثيرين يدافعون عن هذه القضية أن إبليس كان مجبراً على التصرف لكنها قدرة الخالق. هل الله تعالى يغوي الكل؟ الغواية هي جِبِلّة لكنها ليست إطلاقاً وليست فرضاً بدليل قوله تعالى (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) تخيّل إلهاً يقول هذا الكلام. نحن لا نفهم ولا نتلقى القرآن كما يجب وعلى مراد الله تعالى. هناك ألفاظ في القرآن الكريم تبيّن أن هذا الكتاب لا يمكن لأي أحد أن يتناوله!!. البعض يسأل هل يجب الوضوء عند قراءة القرآن؟ والبعض يردّ مندفعاً: أنه ليس ضرورياً. صحيح أنه يجوز قراءة القرآن بلا وضوء لكن هل سأفهمه كالمتوضيء؟ يجب الإستعداد للتلقي عند القراءة. الرسول r يعلّمنا أنه يا ليتنا نكون على وضوء دائماً. عندما نقرأ قوله تعالى (فألهمها فجورها وتقواها) يقولون الله تعالى ألهم النفوس الفجور فنسأله ما هو الإلهام؟ إلهام الفجور لو أخذنا اللفظ على ظاهره هل ألهم الله تعالى الفجور أو بيّنه؟ هو سبحانه وتعالى بيّن الفجور لنجتنبه وبيّن التقوى لنتّبعها. ألهمها: الإلهام يجب أن يُشرح والفجور يجب أن يُشرح. هل ألهم الإله الحق بالفجور بالمعنى الذي يقوله البعض؟ كلا. ألهمها أي بيّن لها. وقوله تعالى (وهديناه النجدين فلا اقتحم العقبة) أعطاه سبحانه وتعالى الطريقين والإنسان هو الذي اقتحم العقبة.
سؤال: ما الفرق بين هوى النفس والنفس الأمارة بالسوء ووسوسة الشيطان؟
النفس على الإطلاق أمارة بدليل قوله تعالى (إن النفس لأمارة بالسوء) فالنفس بإطلاقها أمارة لكن الذي يرحمه الله تعالى هو الذي ينتبه ألى تصنيف النفس وليس لتقسيم النفس كما يقولون (نفس أمارة بالسوء، نفس لوامة ونفس مطمئنة) وهذا تقسيم أرفضه تماماً لأن النفس المطمئنة لو اطمأنت في الدنيا لضاعت. النفس المطمئنة هي نتيجة النفس اللوامة بدليل قوله تعالى (يا أيها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك) إرجعي تدل على أن الكلام ساعة الموت تطمئن لأعمالها. يأني ساعة الموت فريقان من الملائكة كما في الحديث الصحيح الأوحد في هذا الباب أجمع أهل الجرح والتعديل على صحته
عن البراء بن عازب خرجنا مع النبي – صلى الله عليه وسلم – في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ؛ وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به في الأرض، فرفع رأسه فقال : استعيذوا بالله من عذاب القبر، مرتين أو ثلاثا، (وفي رواية أعوذ بالله من عذاب القبر، ثلاث مرات) ثم قال : إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة؛ نزل إليه ملائكة من السماء، بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت – عليه السلام – ؛ حتى يجلس عند رأسه، فيقول : أيتها النفس الطيبة وفي رواية : المطمئنة! اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، قال : فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من السقاء، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين، حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، قال : فيصعدون بها، فلا يمرون – يعني – بها على ملأ من الملائكة؛ – إلا قالوا : ما هذا الروح الطيب؟! فيقولون : فلان بن فلان – بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا –، حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له، فيفتح لهم، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها، حتى ينتهي به إلى المساء السابعة، فيقول الله – عز وجل : اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وأعيدوه إلى الأرض؛ فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى، قال : فتعاد روحه في جسده، فيأتيه ملكان، فيجلسانه، فيقولان له : من ربك؟! فيقول : ربي الله، فيقولان له : ما دينك؟! فيقول : ديني الإسلام، فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟! فيقول : هو رسول الله – صلى الله عليه وسلم –، فيقولان له : وما علمك؟! فيقول : قرأت كتاب الله؛ فآمنت به وصدقت، فينادي مناد من السماء : أن قد صدق عبدي؛ فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة، قال : فيأتيه من روحها وطيبها، فيفسح له في قبره مد بصره، قال : ويأتيه رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول : أبشر بالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له : من أنت؟! فوجهك الوجه يجيء بالخير! فيقول : أنا عملك الصالح، فيقول : رب! أقم الساعة، رب! أقم الساعة؛ حتى أرجع إلى أهلي ومالي.قال : وإن العبد الكافر وفي رواية : الفاجر إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة؛ نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه، معهم المسوح، فيجلسون منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت، حتى يجلس عند رأسه، فيقول : أيتها النفس الخبيثة! اخرجي إلى سخط من الله، قال : فتفرق في جسده، فينتزعها كما ينزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين، حتى يجعلوها في تلك المسوح، وتخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملإ من الملائكة؛ إلا قالوا : ما هذا الروح الخبيث؟! فيقولون : فلان بن فلان – بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا –، حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا، فيستفتح له، فلا يفتح له – ثم قرأ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : {لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط} –، فيقول الله – عز وجل– : اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحا–ثم قرأ : {ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق}-، فتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان، فيجلسانه، فيقولان له : من ربك؟! فيقول : هاه هاه، لا أدري! فيقولان له : ما دينك؟! فيقول : هاه هاه، لا أدري! فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟! فيقول : هاه هاه لا أدري! فينادي مناد من السماء : أن كذب، فأفرشوه من النار، وافتحوا له بابا إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره؛ حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول : أبشر بالذي يسؤوك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول : من أنت؟! فوجهك الوجه يجيء بالشر! فيقول : أنا عملك الخبيث، فيقول : رب! لا تقم الساعة (إسناد الرواية الأولى صحيح وأما الأخرى ففيها يونس بن خباب وهو ضعيف) المحدّث: الألباني ، المصدر: مشكاة المصابيح رقم 1573
ساعة ما ينظر ملك الموت إلى المتوفي إما يطمئن الإنسان إذا كان من الصالحين في الدنيا الذي كانت نفسه لوامة في الدنيا أو لا يطمئن إذا كانت تفسه أمارة بالسوء في الدنيا. فالنفس الأمارة تأمرك بشيء لأنها تابعة لشهوة تقول لك إسرق مثلاً فإذا ترددت تبرر لك السرقة أو المعصية فإذا أصرّت الوسوسة على معصية بعينها فهي من النفس. لكن إذا لم تصر الوسوسة على معصية معينة فتكون من الشيطان لأن الشيطان لا يهمه نوع المعصية وإنما يتمنى أن يقع العبد في أي معصية ويتمنى أيضاً أن تكون الأخيرة على أمل أن يُقبض العبد على المعصية فالمهم عند الشيطان أن يعصي إبن آدم. أما إصرار الوسوسة على معصية بعينها فهي من النفس ودائماً غالباً ما تكون في شهوة.
مسالك الشيطان في غواية بني آدم تختلف صورها في القرآن فما هي هذه المسالك والطرق التي ينفذ بها إلى الإنسان؟
قضية المسالك تختلف عن قضية الطُرُق. هو يعمل شيئاً على رأس كل هذه الأمور وهي أنه يُنسي الإنسان إستحضار العقوبة على المعصية التي يوسوس بها لأنه لو إستحضر الإنسان العقوبة ساعة المعصية لا يعصي. لو إستحضرت عقوبة الزنا لا تزني لأنك ستستحضر الجلد والرجم والفضيحة أمام الناس وغيرها فتتوقف. لو إستحضرت معيّة الله تعالى آناء الليل وأطراف النهار وعرفت أن الله تعالى يراك في كل شيء لا تعصي. نحن لا نستحضر معيّة الله تعالى ولا نعيش في واقع أن الله تعالى مطّلع علينا. إذا عصيت فأنت تستتر من الناس كلهم لكنك لا تستتر من الله تعالى. يقول تعالى يوم القيامة لمن إرتكب المعاصي أسأل الله تعالى أن لا نكون منهم: (عبدي لم جعلتني أهون الناظرين إليك؟ إستحييت من الناس جميعاً ولم تستح مني؟). إمرأة العزيز غلّقت الأبواب (غلّقت وليس أغلقت وقالت الأبواب وليس الباب) وحسبت حساب الناس واطمأنت بهذا الترتيب من تغليق الأبواب فقالت (هيت لك) لكنها لم تستحضر معيّة الله تعالى أما يوسف u فقال: (معاذ الله). كأني بيوسف u يقول: إذا كنت قد عملت حساب كل من يرى فلماذا جهلت أن الله تعالى يرى؟
سؤال: في الحوار بين الله تعالى وإبليس وآدم، الله تعالى يعلم بأن إبليس سيعصي وأخرجه من رحمته مع علمه بمعصيته، ردّ فعل إبليس كان عنيفاً بتحدّيه لأنه علم عظم العقوبة التي أنزلها الله تعالى عليه.
هل هناك إصرار من قِبل إبليس على إضلال بني آدم وما سبب هذا الإصرار؟
ساعة خلق الله تعالى آدم حصل مع إبليس مسألة حقد على خلق آدم بهذه الطريقة وأن المولى عز وجل كرّمه (ولقد كرّمنا بني آدم) قصار عنده حقد وغيرة وهذا الذي جعله يرفض السجود لأن السجود تتويج التكريم. هو عندما خلق الله تعالى آدم إستعرضه إبليس وقال لأجل شيء ما خُلِقت. الحق تعالى يقول (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) العبودية لله تعالى شرف كبيرما بعده شرف أما العبودية للناس فهي مسبّة. إبليس مشمول بالعبودية بدون تكريم أما آدم مكرّم. والمولى تعالى يقول (ولقد كرمنا بني آدم) كرّمه فعل ماضي والتكريم هو أن الله تعالى خلقه بهذه الطريقة. فالنيّة مسبقة عند إبليس بعدم السجود وكأن الأمر السجود كان الشعرة التي قصمت ظهر البعير بالنسبةلإبليس هو حقد على آدم لأن الله تعالى خلقه على هذه الطريقة لكن أن يأمره أيضاً بالسجود له!. لو لم يشكله الأمر بالسجود لما فعل هذا لكن الأمر بالسجود شمل إبليس (ما منعك أن تسجد إذ أمرتك) وهو أي إبليس وافق أن الأمر شمله (أأسجد لمن خلقت طينا) وإلا كان عليه أن يعترض ويقول أنه ليس مشمولاً بالأمر. آدم مكرّم ويسجد له أيضا؟ هذه هي مشكلة إبليس.
البعض يقول أن إبليس وقع عنده غيرة كما حصل مع الملائكة فنقول له لا. الملائكة سألت لإستيضاح الحكمة والإستفسار لكنهم غير معترضين (أتجعل فيها من يفسد فيها) ومع ذلك قالوا (سبحانك لا علم لنا إلا ما علّمتنا). هل المولى تعالى وضّح رده لهذا الإستيضاح أم وافقتهم عليه بدليل أنه قال تعالى (إني أعلم ما لا تعلمون) فسؤالهم ليس استنكاراً وإنما إستضاحاً. بينما إستنكر الله تعالى على إبليس. سؤال الملائكة إستبيان للأمر وإستفهام غرضه الإستيضاح وليس للإستنكار. فلما وضّح المولى تعالى للملائكة الأمر أن هذا المخلوق هو الذي يصلح للأرض والملائكة لا يصلحون لأنهم يقولون (ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك). الملائكة عندهم العبادة والطاعة المطلقة. وفي الحديث الشريف “كلٌ ميسّر لما خُلِق له” نفهم منه أن هناك جِبِلّة للخلق حتى الجماد ونحن نتصور أنه ليس فيه روح بمعنى الحياة. هو ليس فيه روح روح ولكن فيه قوام حياة (لازم معنى الروح) بدليل أن الزجاج إذا إنكسر يكون قد نقضت حياته ولم يعد صالحاً لأنه لا يمكن إعادته لما كان عليه. النبات فيه حياة والحيوان فيه حياة. الإنسان فيه روح وحياة. قال تعالى: (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي) ولو قال (ونفخت فيه الروح) لما غار إبليس لكنه قال (من روحي) من روح الله رب العالمين هذا الذي جعل إبليس يغار أن نفخ الله تعالى في آدم من روحه.
مناط النكليف لدى إبليس كان يقتضي السجود لأن الأمر بالسجود شمله وهو مخلوق.
لأحتنكنّ ذريته): أحتنكنّ من حنك الدابة. لما تكون متوجهاً إلى مكان محسوب تضع اللجام في حنك الدابة حتى تكون تحت أمرك فأحتنك يعني أسيطر عليها سيطرة حتى تجعلها تفعل ما تريد. البعض يسأل كيف عرف إبليس اللغة العربية؟ ومن أين أتى بهذه الكلمة؟ أقول: هذا كلام إبليس (لأحتنكن) لكنه في القرآن حتى لو قال إبليس شيئاً آخر فالقرآن يصححه والله تعالى بقدرته يجعله يقول الألفاظ التي يجب أن يقولها والدليل أن الله تعالى علّم الأسماء كلها ونحن الذين علّمنا الله تعالى، الإصطفاءات باقية إلى واقعة تعليم الرسول r. علّم الله تعالى آدم الأسماء كلها هذه قضية ونحن تعلمنا بالسليقة ومحمد r علّمه شديد القوى.
أسئلة المشاهدين خلال الحلقة:
هل شاور آدم حواء؟
أنا سبق وقلت أنه لو تشاورا لما عصيا. ساعة يوسوس إليك الشيطان بقضية لو شاورت عقلي أو شاورت أحداً فلن أقع فيها لأنه سيمنعني من فعلها (لا خاب من إستشار). نحن نقص القصص حتى نأخذ العبرة: أول ما أمرهم الله تعالى وسوس الشيطان (إليه أو لهما) وحواء بريئة والكلام الذي يقال أنها هي التي جعلته يأكل من الشجرة كلام لا أصل له ولا سند وهو من الإسرائيليات. السيناريو هذا كان يجب أن يحصل لأن هذا في قضاء الله عز وجل أزلاً. الله تعالى خلق آدم للأرض (إني جاعل في الأرض خليفة) فالجنة كانت جنة تدريب على الطاعة وعلى المعصية وعلى التوبة. معصية آدم كان يجب أن يعملها بدليل الحديث الذي ذكرناه عن محاججة موسى لآدم: عن الرسول r: “احتج آدم وموسى. فقال له موسى: يا آدم! أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة بذنبك. فقال له آدم: يا موسى! اصطفاك الله بكلامه وخط لك التوراة بيده. أتلومني على أمر قدره الله على قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ فحج آدم موسى. فحج آدم موسى. فحج آدم موسى” ثلاثا. فحجة آدم u كانت أبلغ من حجة موسىu.
سؤال: مِمَ خُلِقت حواء؟ من ضلع آدم أو من طين؟
(وخلق منها زوجها) (منها) في اللغة العربية تعني من جنس ما خُلِقت منه. يقولون من ضلع آدم. وحديث الرسول r يدخل في الإعتبار فنوفّق بين الرأيين. حديث الرسول هو مثال مجازي. آدم غير الناس والذين يقولون أن حواء خلقت من ضلع الرجل ويتحسسون أضلاعهم فيجدونها كاملة نقول له حواء خُلِقت من ضلع آدم وليس من ضلعك أنت وعلينا أن نسلّم للرأيين. لما قال الرسول r ” استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء” من ضلع أعوج لا ينفع أن أقول أنا ضلع معوج لأن غاية إستقامة الضلع أنه أعوج على وزن أفعل التفضيل لأنه لولا إعوجاج الضلع لسقط القلب في الأحشاء. وأحلى شيء في المرأة أنها من ضلع أعوج (أعوج شيء في الضلع أعلاه) حتى يقام البيت فللرجل الصرامة والقوة على الأبناء وللمرأة العطف والمحبة (وجعل بينكم مودة ورحمة) يقوم البيت على هاتين الدعامتين. إما من ضلع آدم بالمجاز أو من طين. منها قد تكون من نفس ما خُلِقت منه وجاء بها للتطابق فالمرأة نفس خلقة الرجل فقد يكون (منها) من التطابق.
سؤال: يقولون أن آدم u لما أخطأ نظر إلى العرش فقرأ (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وأقسم على الله تعالى بسيدنا محمد r . هل كان الكلام المكتوب على العرش باللغة العربية؟ وهل هذا يعني أن القرآن موجود منذ الأزل ثم أُنزِل على محمد r؟
لغة القرآن كانت أزلاً وكل شيء بالنسبة للإله الحق أزلي. وارد أن تكون أصل اللغات العربية ثم تفرعت منها اللغات واللهجات. وهذا يدل على قدرة الله تعالى زحكمته لأنه لو إختلفت اللغات فهناك مسلم أمريكي ويهودي عربي وغيرهم. لكن لا يوجد أصل في هذا الموضوع. وما زلنا نبحث عن سند. ما سمعنا أن آدم كان يقول الشعر!
سؤال: هل رأى آدم u ربه عندما خاطبه؟
ليس لهذا الكلام تأصيل وأي رد عليه سيكون بلا سند. الله تعالى غيب وهو من غيب الحاضر لأنه سبحانه وتعالى واجب الوجود. رؤية الله عز وجل نؤصلها من قضية موسى u عندما طلب الرؤية من الله تعالى (رب أرني أنظر إليك) فردّ الله تعالى عليه بواقع حال الإنسان وإختار تعالى أقوى مخلوقاته وهو الجبل حتى لايفهم موسى أن المسألة مستحيلة. وهناك فرق بين المستحيل والصعب. فقال تعالى (لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني) المولى عز وجل تجلّى للجبل (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكّاً وخرّ موسى صعقا) موسى صعق لما رأى من رأى الله تعالى فإذن لن يتحمل, في هذه الآية نقطة خطيرة قال تعالى (لن تراني) ولم يقل لن أُرى يعني يمكن أن يراه غيره حتى لا ننفي رؤية الرسول r لربه ليلة العروج على إختلاف الآراء من أهل التفسير واللغة, وأنبّه أنه علينا أن نسكت عند النقاط التي ليس فيها نص ولا محل للإجتهاد فيها .
سؤال: ما معنى المشيئة في قوله تعالى (إنك لا تهتدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) هل هي مشيئة الله تعالى؟
سؤال: ما دلالة استخدام كلمة (أبويكم) في قوله تعالى (كما أخرج أبويكم)؟ وهل لو شاور آدم حواء ما وقع في المعصية؟
سؤال: ما هو تفسير قوله تعالى (ما كذب الفؤاد ما رأى) في سورة النجم؟
سؤال: قال تعالى (ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات) لماذا جاءت صيغة الإفراد والمثنى والجمع في الآية؟
سؤال: ما هو تفسير الآية 57 في سورة الإسراء (وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها)؟
سؤال: ما هو سبب الإختلاف في ذكر إبليس في القرآن (إلا إبليس أبى واستكبر) (إلا إبليس لم يكن من الساجدين) (إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا) (إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه)؟
سؤال: لماذا يأمرنا إبليس بمعصية الله مع أنه أقرّ بالربوبية لله تعالى (رب)؟
بُثّت الحلقة بتاريخ 20/2/2006م