لمسات بيانية, لمسات بيانية - حلقات

لمسات بيانية – الحقلة 161

اسلاميات

الحلقة 161

اللمسات البيانية في سورة يس

المقدم: نكمل رحلتنا مع سورة يس مع حضرتكم متعلمين من علمكم ومما من الله سبحانه وتعالى به عليكم وكنا توقفنا في اللقاء المنصرم عند قوله تعالى (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ) تحدثنا فيها عن قوله تعالى (إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ) ولماذا جاءها وليس أتاها. اليوم إسح لنا أن نشرع مستكملين الحوار في هذه الآية الكريمة. في قوله تبارك وتعالى (إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ (14)) هنا قال ربنا تبارك وتعالى إليهم ولم يقل إليها أي القرية مع أن قبلها مباشرة قال جاءها أي القرية فكيف نفهم هذا؟.

د. فاضل: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين سيدنا محمد أفصح من نطق بالضاد وعلى آل وصحبه أجمعين ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين. نحن ذكرنا في مطلع هذه الآية قوله تعالى (إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ) أنهم ذهبوا إليهم في مسكنهم لو قال جاءهم لم يدل على أنهم ذهبوا إليهم في دارهم، وهذا دال على الاهتمام أنهم يذهبون إليهم في دارهم للمكث والتبليغ. التبليغ لهم لأن القرية قد تطلق على الأماكن

المقدم: ليس على الأشخاص الذين يسكنونها؟

د. فاضل: ليس بالضرورة، لأن أحياناً القرية هي الضيعة والدور وما فيها تسمى قرية. ذكر ربنا عن قرية وهي غير مسكونة في قصة العزير (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا (259) البقرة). (إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ) لأنهم هم المعنيون، كان الإرسال إلى أهل القرية وليس للقرية هكذا وإنما إلى أهلها لأنه كما قلنا القرية تطلق على المساكن والأبنية وما إلى ذلك. حتى قال (فَكَذَّبُوهُمَا) أرسلنا إليهم فكذبوهما لأنهم هم أهلها هم الذين أُرسل إليهم وهم الذين كذبوا. فإذن هما أنذرا أصحاب القرية فكذبوهما.

المقدم: إذن المرسلون كانوا لأصحاب القرية ولهذا قال (إليهم)

د. فاضل: نعم، حتى لاحظ هو قال (إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا) هو لم يقل أنذر أهل القرية لكننا نحن فهمنا من هذا أن هؤلاء أنذروا اصحاب القرية وبلّغوهم.

المقدم: هذا كان يدعوني لأن أسأل كذبوهما على ماذا؟ هما ماذا قال لهما الاثنان؟ قال (إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا)

د. فاضل: معناه أنهم بلّغوا وأنذروا. هذه تسمى فاء الفصيحة في اللغة تفصح عن شيء غير مذكور لكن نفهمه من السياق لأن لا حاجة إليه لأنه فُهم. لما قال (فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا (36) الفرقان).

المقدم: لم يذكر شيئاً

د. فاضل: لكن ما الذي تفهم منها؟ نفهم منها أنهم ذهبوا فلم يؤمنوا فدمرناهم. أفصحت عن شيء يعني عن محذوف دلت عليه هذا غاية الإيجاز، غاية الإيجاز أن تفهم لماذا (فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً (60) البقرة)

المقدم: ما قال فرفع فضرب فحدث، ما ذكر توصيف الحالة.

د. فاضل: ما ذكر توصيف الحالة لا يحتاجها المهم أنه يركز على المهم في المسألة. المهم الآن أنه أرسل فكذبوه يعني إذن قطعاً أنذر وبلغ لكن كذبوه.

المقدم: لكن ربما يقول قائل خارج القرآن الكريم لأنه قال في البداية (واضرب لهم مثلا) المثل يحتاج إلى التبيين والإيضاح والسرد ماذا حدث في هذا المثل لا إلى الإيجاز بهذه الصورة : أرسلنا فكذبوا.

د. فاضل: هو يفصّل فيما يقتضي التفصيل، أما هذا مفهوم. الآن لو لم أذكر هذا الأمر أنها مطلقة ولم أشر إليه إذا قلنا (أرسلنا فكذبوا) ماذا يفهم منها. آمنوا؟ لا، أنذروهم أم لا؟ أنذروهم، وبلّغوهم، إذن هي مفهومة. والآن لما أقول أنذروا وبلغوا لا أضيف شيئاً جديداً. الآن يعطيك الأشياء التي لا تعلمها ويفضل لك في الأمور التي لا تعرفها أو ما ينبغي أن تعلمها (فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ) لو قال فضرب ماذا ستزيد؟!

المقدم: تكرار، لا شي. يعني هنا ينطبق عليها البلاغة في الإيجاز

د. فاضل: حيثما يقتضي الإيجاز والتقصيل حيثما يقتضي التفصيل. مراعاة الكلام لمقتضى الحال، وحتى في التفصيل تراعي الإيجاز

المقدم: إذن للتفصيل ضوابط أيضاً وللإيجاز واضح أن له ضوابط أيضاً.

د. فاضل: طبعاً.

المقدم: قال ربنا تبارك وتعالى (فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ) فلماذا لم يقل فعززناهما مع أنه قال (إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ)؟

د. فاضل: (إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ) عززنا يعني قوّينا من عزز قوّى. لم يذكر المفعول به لأن المقصود تقوية الحق الذي جاء به وليس المقصود الشخص؟

المقدم: ماذا عزز الله تبارك وتعالى؟ الرسالة؟

د. فاضل: الحق، أطلقها حتى تفيد تقويتهم وتقوية ما جاء به من الحق. أصلاً المقصود تقوية الحق ليس المقصود الشخصين لأن الإرسال لغرض الرسالة ليس للشخصين بذاتهما.

المقدم: ليس الكلام أصلاً على الشخصين

د. فاضل: المهم التبليغ وما أُرسلوا به. (فَعَزَّزْنَا) لو قال عززناهما ما تعطي هذا المعنى لأنه أحياناً تنصر شخص وتقويه ولا تنصر فكره أسباب أخرى، تنصره ولا تنصر فكره. وأحياناً تجد إثنين متخاصمين متحاربين وفكرهما واحد وأحياناً يؤدي إلى القتل. (عززنا) مطلقة تقوية الحق وتقوية الرسول rين لو قال (فعززناهما) لا يفهم منها تقوية الحق بالضرورة.

المقدم: إذا قوّى رسوله ألا يُفهم من ذلك بالتبعية أنه قوّى الحق الذي جاء به الرسول r؟

د. فاضل: هو أطلق حتى يشملهم ويشمل الحق.

المقدم: من قبيل التوسع

د. فاضل: قد يكون الحذف من قبيل التوسع، الحذف قد يكون للتوسع لكن هو (فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ) لم يشر إلى ما هما لأن المهم نصرة الحق وليس نصرة الشخصين

المقدم: هذا أقوى في الدلالة على نصرة الرسالة ولو قال عززناهما يكون للرسول. ولهذا قال (فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ)

د. فاضل: (فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ) عززنا بثالث أي قوينا، ماذا قوّى؟ تقوية الحق الذي جاء به وتقوية حمل الرسالة.

المقدم: لما ذهب الاثنان إلى القرية قالوا (إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ) لماذا التوكيد هنا وما سببه؟

د. فاضل: (فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ) يعني صاروا ثلاثة (فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ) التوكيد حسب الحاجة. هو قال أول مرة (إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا) الآن صار المقام مقام تكذيب يحتاج إلى توكيد.

المقدم: تكذيب مع الاثنين

د. فاضل: تكذيب سابق

المقدم: ليس مع الثالث؟

د. فاضل: الثالث قوّاهم، لكن قبله تكذيب حاصل فاحتاج إلى توكيد، قال (فَكَذَّبُوهُمَا) إذن هذا ليس ابتداء وإنما هو أمر سابق هذا يحتاج إلى التوكيد، ذاك كذّب وهذا يجب أن يؤكِّد (فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ) بعد التكذيب الأول

المقدم: بعد التكذيب الأول ولهذا التوكيد هنا له سبب

د. فاضل: طبعاً. ليس هو القول الأول وإنما هذا بعد التوكيد.

المقدم: القول الأول الذي فهمناه في (فَكَذَّبُوهُمَا) في إضمار الرسالة، في حذف الرسالة. لكن قال ربنا (فَكَذَّبُوهُمَا) ولم يقل فكذبوا فلو كذبوا تعني كذبوا الحق أيضاً وكذبوا الرسالة؟ أم كذبوهما خاصة بالرسول rين؟

د. فاضل: ذاك الحق كذّب به، كذبوهما كذبوا الشخصين اللذين يحملان الرسالة، تكذب الشخص.

المقدم: هم لا يكذبون الرسالة؟

د. فاضل: هم سكتوا عنها، ما موقفهم من الرسالات سيأتي

المقدم: حجب الموقف

د. فاضل: الآن سيأتي ما موقفهم من الرسالة.

المقدم: ولهذا يتبادر للذهن لماذا كذبوا؟ وما هي الرسالة؟ ولماذا لم يقل ربنا هنا (فكذبوا) أو فأعرضوا كما قال في غير مواضع مثلاً؟

د. فاضل: سيتضح ما السبب. بقية القصة توضِّح هذا الأمر.

المقدم: عندما يقول (فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ) يعني أضاف إليهم شخصاً ثالثاً؟ أضاف إليهم واحداً لكن في عدادهم هو الثالث.

د. فاضل: نعم

المقدم: (قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ (15)) بداية نود فكرة عامة عن الآية

د. فاضل: يعني ما أنتم إلا بشر مثلنا يعن كيف اختصكم الله بالوحي وأنتم بشر؟ هذا القول فيه ثلاث مراحل القول (مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا) (وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ) (إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ). (مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا) هذا القول هو التكذيب لهم وإنكار النبوات.

المقدم: ينكرون فكرة النبي البشر

د. فاضل: نعم وهذا يعني كثير من الأمم المكذبة قالوا كيف يكون بشر؟! (ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا (6) التغابن) (قَالُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا (10) إبراهيم) (وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ (34) المؤمنون) هذا الأمر سيكون مدخلاً ليس المقصود إثبات البشرية لأنه معلوم أنه بشر لا أحد يناقش أنهم بشر مثلهم لكن يرمون من ذلك إلى إنكار الرسالات وإنكار النبوات وتكذيبهم (مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا) هذه ليست موضع نقاش.

المقدم: ولهذا المتبادر للذهن ما الذي ينفونه بالتحديد الرسالة أم الرسل؟

د. فاضل: (وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ)

المقدم: نفوا الرسالة.

د. فاضل: (إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ)

المقدم: وكذبوا الرسل. يعني هم اتهموهم بالكذب وأن الله لم ينزِّل أي شيء وهم بشر فضلاً عن كونهم بشراً

د. فاضل: (وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ) يعني نلاحظ أنهم هم يؤمنون بالله لكن ينكرون النبوات.

المقدم: النبوات البشرية

د. فاضل: النبوات عموماً

المقدم: يعني ربما لو نزل ملك رسول لا بأس

د. فاضل: هم يقولون هذا لو شاء ربك لأنزل ملائكة. إذن هم يؤمنون بالله وينكرون الرسالات (أَبَعَثَ اللّهُ بَشَرًا رَّسُولاً (94) الإسراء) كفار قريش نفس الشيء (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ (61) العنكبوت) (وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ (3) الأنبياء) (بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءهُمْ مُنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2) ق) هم يؤمنون بالله وينكرون الرسالة.

المقدم: هم ينكرون الرسالة في شخص الرسول r ولو نزل ملك رسول لآمنوا به، هم أنكروا الرسول r جملة وتفصيلاً، البشر هذا بما يأتي كذب.

د. فاضل: (مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ (91) الأنعام)

المقدم: لكن إثبات وجود الله هم مؤمنون به.

د. فاضل: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ (61) العنكبوت) ربنا أخبر عنهم هكذا،

المقدم: هم يقولون (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى (3) الزمر) هم يعرفون أن الله موجود

د. فاضل: نعم هم يؤمنون به ولكن ينكرون النبوات وهذا شأن كثير من الأقوام.

المقدم: كاستطراد جانبي إذا أذنت لنا دكتور فاضل، الأقوام التي كانت قبلهم كان لديهم تاريخ ويعلمون عنها بعض السير فأكيد أنهم يعلمون خلف الذين قبلهم أنبياء ورسل أم أنهم ما كانوا يقرأون وما كانوا يعرفون التاريخ؟ صلتهم بالماضي منقطعة تماماً؟

د. فاضل: يبدو هكذا. الذي نعرفه عن كثير من الأقوام ومنهم كفار قريش أنهم يؤمنون بالله وينكرون النبوات.

المقدم: ويؤمنون بما وجدوا عليه آباءهم، أصنام أصنام.

د. فاضل: (تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا (10) إبراهيم)

المقدم: هنا قال (وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ) هل (ما) هنا نافية؟ أن الله ما نزّل شيئاً.

د. فاضل: نعم. (من شيء) أصلاً.

المقدم: واضح أن (من) هنا لها دلالة

د. فاضل: الإستغراق. هذه تفيد التوكيد وتسمى (من) الاستغراقية،

المقدم: ألا يمكن قول ما أنزل الرحمن شيئاً؟

د. فاضل: (من شيء) آكد وأبلغ واستغراق أبداً مطلقاً لا هذا ولا سابقاً.

المقدم: هنا قال ربنا تبارك وتعالى (وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ) نقف عند أنزل وعند الرحمن. وفي الملك قال (وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ (9)) هنا قال أنزل وفي الأنعام قال (مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ (91)).

د. فاضل: نزل وأنزل نحن قلنا فيها كلاماً. يقولون نزّل تفيد التدرج وأنزل عامة. حتى كان الكلام في الآية (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (3) آل عمران) لكن قلنا هذا قسم من النحاة ردوا عليه وقالوا (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً (32) الفرقان) ذكرنا في حينها أن هذه تدل على الاهتمام والمبالغة في الشيء. أما السؤال الآخر الذي تفضلن به (الرحمن) ولم يقل (الله) كما قال في آية أخرى في الملك والأنعام.

سورة الملك يشع فيها ذكر العذاب ومعاقبة الكفار وذكر فيها مشهداً من مشاهد الكفار في النار وسؤالهم عن النُذر (وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5) وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9)) هل هذا موقف عقوبة أو موقف رحمة؟

المقدم: عقوبة

د. فاضل: إذن لا يمكن أن يذكر الرحمة هنا لأنه هم في أطباق النار.

المقدم: فاستخدم الإسم الذي يسير مع هذا السياق.

د. فاضل: الآن ليس موطن رحمة، هم الآن في أطباق النيران (كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8)). حتى نلاحظ في السياق الآخر (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16)) هل هذا موطن رحمة؟!. (أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17)) سورة الملك فيها إنذرات شديدة فلا يستقيم معها الرحمة. يأتي أحياناً بالرحمن عندما يقتضي ذلك (أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20) الملك) لأن فيها نصر. (أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21)) هذا الرزق من الرحمة وهو صورة من صور الرحمة، لكن عندما يكون الكلام عن العذاب وأطباق النيران كيف يكون؟! إلى أن تنتهي السورة (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (27) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28)) هذا إهلاك. إذن هي سورة الملك وهذه الاية لتي قيلت في سياقها لا يمكن أن تكون سياق رحمة سياقهم في النار (كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8)). وللعلم أنه في سورة الملك لم يأت بالمؤمنين وجزاؤهم إلا في الآية (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12)) فقط. بينما لاحظ مشاهد النار والتحذير والقوة.

ثم مسألة الأنعام، الأنعام يشيع فيها التحذير والتهديد كسمت عام للسورة. أصلاً ليس فيها مشهد من مشاهد الجنة فيها مشاهد كثيرة من مشاهد النار (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (22)) (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُواْ بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (30)) (وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ (70)) ليس فيها موطن واحد من مشاهد الجنة، كلها مشاهد نار. إضافة إلى ذلك لم يرد فيها إسم الرحمن على طولها، ورد فيها إسم الله 87 مرة، سورة الأنعام لم يرد فيها، يعني لا السياق ولا طبيعة السورة.

المقدم: هنا يستقيم الرحمن مع الرسالة والرسول r والإنذار؟

د. فاضل: نعم، يستقيم.

المقدم: إذن مسألة السياق أو السمت العام هذا شيء من الخطورة بمكان في فهم دلالة الكلمة لا ينبغي أن نفهمها معزولة وبالتالي من لم يفهم القرآن ما فهم السياق وما فهم الايات بعضها على بعض.

د. فاضل: لا يمكن.

المقدم: في قوله تبارك وتعالى (قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا (15) يس)، هنا في هذه الاية نفي وإثبات (ما وإلا) وفي آية أخرى يقول (إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ) النفي بـ (إن) والإثبات بـ (إلا) فلماذا الاحتلاف وما الفرق؟

د. فاضل: نحن عندنا أن (إن) أقوى من (ما) في النفي. النفي بعضه أقوى من بعض. لم يذهب ليست مثل ما ذهب، لم يكتب ليس مثل ما كتب

المقدم: إذن النفي درجات.

د. فاضل: هم يقولون: لم يفعل نفي لفعل، وما فعل نفي لـ (لقد فعل) جواب قسم، ولمّا يفعل نفي لـ قد فعل. هذا ابتداء من سيبوبه في باب نفي الفعل. فالنفي بعضه أقوى من بعض. هذا قسم، القسم (وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23) الأنعام) في القسم ننفي بـ(ما). فـ(إن) أقوى من (ما). عندنا أمرين (قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا) هل هذه فيها إشكال؟ هل الرسل ينكرون هذا الأمر؟ لا، تبقى المسألة (إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ) مسألة الكذب، أصلاً هم لما قال (مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا) يعني القصد منه التكذيب وليس القصد نفي البشرية لأنه لا أحد ينكرها.

المقدم: وكأنه لا يتبادر إلى ذهن أحد أن الرسل قالوا إننا بشر أو إننا لسنا بشر.

د. فاضل: كأنهم ضمناً ينفون النبوة والرسالة والكذب.

المقدم: مدار الكلام على قوله (مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا) لا عدم ولا إثبات وجود البشرية أو عدم وجودها؟

د. فاضل: هم يريدون أن يخرجوا منها ضمناً إنكار الرسالة وتكذيب هؤلاء هذا صرّح به فيما بعد. (مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا) ماذا نفهم منا؟ إنكار النبوات ثم تكذيبهم هم على الخصوص.

المقدم: لأنهم يحتملون ما تحتمله البشرية.

د. فاضل: هم كاذبون أصلاً، مدّعين أنهم رسل. أول مرة ضمناً ثم فصلوا هذا الأمر (وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ) هذا مما تضمنه (مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا).

المقدم: (إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ)

د. فاضل: لكن الآن فصّل.

المقدم: يعني نستطيع أن نقول (مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا) هذه إجمال وما بعدها تفصيل.

د. فاضل: إذن هي المسألة (مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا) ليس فيها إشكال، هم بشر بالفعل لكن المسألة هي (إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ) تحتاج إلى قوة في النفي والإثبات. لاحظ (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) النجم) أول مرة قال (ما) (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى) ثم قال (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى). (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى) ممكن أن يكون الإنسان مخلصاً لكن هل هو وحي؟

المقدم: وبالتالي ما قال (وما هو إلا وحي يوحى).

د. فاضل: (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) هذا هو الأصل. لكن فلان لا ينطق عن هوى أقول عن أي واحد عام أنه ينطق عن هوى أي رجل مخلص صالح لكن ليس بالضرورة أن كل ما يقوله صحيح. فرق بين الإخلاص والصحة، هذا أمر، كونه مخلصاً لا يعني أنه يقول الصحيح.

المقدم: وفرق بين الصواب والحق، ممكن أن أقول الصواب لكن حق صعب.

د. فاضل: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى) هذه هي المسألة الأساسية أنه وحي.

المقدم: إذن المعول هنا على قوله (إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ) على كذبهم أنفسهم.

د. فاضل: الآن صار تكذيبهم هم مباشرة، أول مرة عام فجاء بالنفي الخفيف

المقدم: ومع الشدة

د. فاضل: لمواجهتهم بالكذب (إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ).

المقدم: أحسنت وبارك الله فيك

المقدم: (قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16)) فكرة عامة عن الآية

د. فاضل: الحقيقة بعد أن بالغ اصحاب القرية في تكذيبهم وردهم رداً غير جميلاً الرسل لم يتركوهم وإنما بقوا معهم ولو كان غيرهم لتركوهم.

المقدم: مثل ذا النون (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا (87) الأنبياء)

د. فاضل: كلا، هم لم يتركوهم ولم يرحلوا عنهم بل استمروا على تبليغهم بالدعوة وهذا توجيه للدعاة أن لا يسأموا إذا أجيبوا إجابة شديدة أو ردوا رداً غير جميل أو اتهموا اتهامات باطلة عليهم أن يثبتوا، عليهم أن يعيدوا النصح ويثبتوا. هذا توجيه لكل متصدي للدعوة أن لا يترك بمجرد أنه سمع كلاماً.

المقدم: يعني لا نقول (اللهم قد بلغت اللهم فاشهد) من أول مرة نقول هذا الكلام!

د. فاضل: علينا أن نكرر

المقدم: سيدنا النبي عليه الصلاو السلام قالها بعد 23 عاماً

د. فاضل: هذه فيها درس كبير للدعاة.

المقدم: اختيار الرب قالوا (رَبُّنَا يَعْلَمُ) ولم يقولوا الله يعلم؟

د. فاضل: (ربنا يعلم) هو هذا التعبير، ربنا يعلم قسم عند العرب، مثلما تقول علم الله أو يعلم الله قسم ولذلك يجاب به كما يجاب القسم، ربنا يعلم لأفعلنّ كذا وكذا، ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون.

المقدم: هذا قسم بمثابة (والله)؟

د. فاضل: المسألة ليست مثل (والله). أصلاً هم يقولون من قال (ربنا يعلم) وهو غير صادق فقد كفر ليست مثل حنث اليمين لأنه نسب الجهل إلى الله. كثير من المفسرين يقولون إذا قلت ربنا يعلم وعذا الكلام غير صحيح فقد نسبت الجهل إلى الله فقد كفرت يعني ليست مثل (والله)

المقدم: ليست مجرد حنث اليمين. يعني لو سألتني عن شيء من أمور الحياة وقلت ربنا يعلم؟

د. فاضل: لا إذا إذا كنت تنوي القسم واستبدلت، يعلم الله وأنت تعلم أن هذا غير صحيح وأنت تعلم أن هذا غير صحيح، كأنك نسبت الجهل إلى الله تعالى أنت قلت ربنا يعلم فكأنه هو جاهل عنها لا يعلم.

المقدم: سلِّم يا رب. إذن هي ليست مجرد القسم

د. فاضل: ليست مجرد قسم وإنما هي مسألة خطيرة ولذلك هم قالوا (ربنا يعلم) نسبوا العلم إلى الله. أما السؤال حول اختيار الرب مع الرسالة أنسب شيء، الرب هو المربي والهادي وهو المرشد والموجِّه والقيّم، الهداية هي مقصود الرسالة ولذلك هي كثيراً ما تقترن الرسالة بالرب باعتبار مهمته رسول (لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا (134) طه) (لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي (79) الأعراف) (إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (46) الزخرف) (وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (61) الأعراف) فكثيراً ما تقترن الرسالة بالرب.

المقدم: (اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ (124) الأنعام)؟

د. فاضل: هذا كلام عام.

المقدم: لكن مع الرسالة تحديداً

د. فاضل: كثيراً ما تقترن الرسالة بالرب.

المقدم: فيها توجيه وإرشاد ونصح وهذه من سمات الربوبية، مربّي.

المقدم: في قوله تعالى (قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16)) زاد التوكيد هنا كثيراً لماذا؟ ولماذا هذه الصيغة (إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ)؟ ما دلالة التقديم والتأخير؟

د. فاضل: هما سؤالان: أما زيادة التوكيد أولئك لما أوغلوا في التكذيب (قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ (15)) زاد التكذيب فاقتضى التوكيد والزيادة في التوكيد. لما قال (إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا (14)) قال (فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ (14)) وهنا لما قال (قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ)

المقدم: ازدادت حدة التكذيب بالتالي تزداد توكيد الرسالة.

د. فاضل: (رَبُّنَا يَعْلَمُ) هذا قسم، وجملة إسمية وإنّا واللام (إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ). (قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ) لما زاد التكليف زاد التوكيد. أما لماذا (إليكم) فهي تفيد الاختصاص لأنهم أرسلوا إليهم خاصة.

المقدم: هم يؤكدوا الرسالة هم كذبوا كونهم رسل

د. فاضل: لكن هنا أمرين أن الرسل قبل الخاتَم ترسل إلى قوم خاص. مبلّغ إنا إليكم لمرسلون إليكم تحديداً لا يذهبوا لمكان آخر وإنما تحديداً لهم لأن الرسل كانت ترسل إلى أقوامهم، أما هؤلاء إنا إليكم لمرسلون خاصة بكم.

المقدم: كأنه بالمقام الأول لكم ونحن رسل

د. فاضل: نعم، مخصوصة لكم لن نفارقكم، هذا للاختصاص.

أسئلة المشاهدين خلال حلقة 6/4/2009م:

أريد أن أتكلم عن موضوع خاصة أن الدكتور السامرائي علمٌ من أعلام اللغة. هناك علمان مفقودان في اللغة العربية الأول إستعمال الجذور وهو العلم الذي يعرف به سبب تسمية الأسماء بأسمائها ويحدد الأفعال بما يميزها وهذا العلم تحول إلى التفسير بالمترادفات ويعتبر هذا العلم روح اللغة المفقود والهندسة التي قامت عليه وأنا أعمل به منذ عشرين عاماً. والعلم الثاني الحروف الهجائية حروف المباني وليس حروف المعاني وقد تمكنت من وضع معاني الحروف. مثلاً الفرق بين جاء وأتى فجيء للإلحاق وأتى الهمزة للإمتداد فلما نستعمل جاء نراعي معنى الإلحاق وصل وباشر بالحضور وليس فيه رجوع أما أتى فقد يكون أقبل ولم يصل بعد وهذه تعتمد على كل جذر في اللغة مبني على معاني حروفه الثلاثة إذا كان ثلاثياً. ما هي أسرار الرقم القرآني؟

في الحلقة الماضية فسر الدكتور أن الإمام المبين هو اللوح المحفوظ، اللوح محفوظ عن أعين الناس ولا أحد يراه في الحياة الدنيا بينما إمام مبين فهو واضح والله سبحانه وتعالى يخاطب نبيه بالقول (قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا (124) البقرة) فما هو الدور الذي يلعبه اللوح المحفوظ في الدنيا؟

(يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء) هل المقصود منها أن الله تعالى هو الذي يهدي ويضل؟

يقول الله تبارك وتعالى (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)) ويقول بعدها (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)) أسماء الله الحسنى ذكر التسبيح بالمصدر والثانية ذكر التسبيح بالفعل فما الفرق؟

سورة التكوير وسورة المدثر (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29) التكوير) وفي المدثر (فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (55) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (56) المدثر) ما اللمسة البيانية في الآيتين. وسؤال لغوي (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) هل (إلا) قضاء وقدر؟ وما دور (ما) و(إلا) لغوياً في الآيتين؟ مثال خارج القرآن أقول: الكل يسافر إلا محمد، الكل يسافر ما عدا محمد ما الفرق بين (ما) و(إلا)؟

ما هي معاني كلمة أمر في القرآن؟ (حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ (40) هود) (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ (63) النور) (فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ (71) يونس) فهل يمكن توضيح معاني كلمة أمر؟

بُثّت الحلقة بتاريخ 6/4/2009م


رابط الحلقة (فيديو)

http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=1299

http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=1300

http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=1301

http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=1302

2009-04-07 09:44:23الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost