الحلقة 135
سؤال: هل يجوز أن أقول: مررتُ بمآذنَ وقُبَّةِ المسجد النبوي؟ (مآذنَ) بالفتح؟
أظن هذا السؤال أثير في نهاية الحلقة السابقة وأجبت بوجه سريع أنه يجوز لكنه يجوز بوجه آخر ولكل منهما معناه. (مررت بمآذنَ وقبةِ المسجد النبوي) هذا التعبير صحيح ولكن له معنى لأن هنالك في هذا التعبير دلالتان. هذا التعبير عموماً له دلالتان وكل دلالة تختلف عن الأخرى بحركة (مآذن). (مررت بمآذنَ وقبةِ المسجد النبوي) معناه مررت بمآذنَ وبقبة المسجد يعني مآذن منفصلة ليست مآذن المسجد النبوي، مررت بمآذنَ ومرتت بقبةِ المسجد النبوي، في هذه الحالة لا بد من فتح النون لأنه ممنوع من الصرف. لو قلنا (مررت بمآذنِ وقبةِ المسجد النبوي) المقصود هذا المعنى لا بد أن تكون مآذنِ (مررت بمآذنِ وقبةِ المسجد النبوي) إذا كانت المآذن عائدة للمسجد النبوي هذا من باب حذف المضاف إليه فلا بد أن تُصرف، مضاف إليه محذوف يدل عليه المذكور هذه قضية نحو يضربوها لنا سيبويه: “قطع الله يدَ ورجلَ من قالها” يعني قطع الله يد من قالها ورجل من قالها هنا المضاف إلى مذكور لكن لو قال قطع الله يداً ورجلَ من قالها هذا يعني يد شخص آخر غير الذي قالها ورجل من قالها فإذن هو يجوز التعبير لكن ما دلالته؟ فإذا قال (مررت بمآذنَ) يعني ليست مآذن المسجد النبوي قد تكون في غيره ومعناها (مررت بمآذنَ وبقبةِ المسجد النبوي) وإذا كان المقصود بمآذنِ المسجد النبوي وقبته يقال بمآذنِ لأنه على تقدير مضاف إله محذوف.
سؤال من المقدم: هل يجوز في اللغة تأخير المضاف إليه؟ أليس الأصح أن نقول مررت بمآذنِ المسجد النبوي وقبتِه؟
هذا التعبير موجود في اللغة يدرسه الطلبة في باب المضاف والمضاف إليه (قطع الله يد ورجل من قالها).
سؤال: في سورة يوسف قال تعالى (قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ (14)) ويقال في اللغة افترسه الذئب فما دلالة استخدام أكله في الآية؟
معنى افترس ليس معنى أكل. إفترس يعني دقّ عنقه وكسره والافتراس أصلاً معناه الكسر ودق العنق ليس معناه الأكل أصلاً في اللغة. وفي اللغة الفرس والافتراس معناه الكسر وليس الأكل وهو مقدمة للأكل. افترسه دق عنقه وكسره هذا في اللغة فإذا افترسه ليس شرطاً أنه أكله ومحتمل أن يُنقذ منه لكن في الآية ذكر الأمر النهائي أنه أكله، افترس ليس معناه أنه أكل كل كلمة لها دلالة. لذا قال أكله لأنه لم يفترسه فالدلالة مختلفة تماماً.
سؤال: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33) الأنبياء) لماذا لم يقل يسبح مع أنها لغير العاقل؟
(كل) لها قواعد في التعبير. (كل) إذا أضيفت إلى نكرة هذا يراعى معناها مثل (كل رجل حضر) (كل امرأة حضرت) (كل رجلين حضرا) إذا أضيف إلى نكرة روعي المعنى وإذا أضيفت إلى معرفة يصح مراعاة اللفظ ومراعاة المعنى، مثال: (كل اخوتك) اخوتك جمع يجوز أن يقال كل إخوتك ذاهب ويقال كل إخوتك ذاهبون، يجوز مراعاة اللفظ ومراعاة المعنى. إذن إذا أضيفت إلى نكرة روعي المعنى كل رجل حضر، كل رجلين حضرا، كل امرأة حضرت. (كل) لفظها مفرد مذكر ومعناها تكتسبه بحسب المضاف إليه. إذا أضيفت لنكرة يراعى المضاف إليه وإذا أضيفت لمعرفة يجوز مراعاة اللفظ والمعنى. نوضح القاعدة: كل الرجال حضر وكلهم حضر، إذا قطعت عن الإضافة لفظاً جاز مراعاة اللفظ والمعنى (كلٌ حضر) (كلٌ حضروا) يجوز، (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ (285) البقرة) (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33) الأنبياء) (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14) ق) مجموعة قوم نوح وعاد وفرعون قال كلٌ كذب الرسل، (كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ (116) البقرة). إذن من حيث القاعدة النحوية أنه إذا قطعت عن الإضافة هذا سؤال (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) لفظاً جاز مراعاة اللفظ ومراعاة المعنى يمكن أن يقال كلٌ في فلك يسبح وكلٌ في فلك يسبحون لكن هل هنالك اختلاف في المعنى في القرآن ليختار هذا أو ذاك؟ هذا هو السؤال. من حيث اللغة جائز. القرآن استخدم الاثنين (كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (93) الأنبياء) (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ (84) الإسراء) (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14) ق). مما قيل في هذا الخلاف قال: الإخبار بالجمع يعني عندما يقول قانتوت حاضرون يسبحون يعني كلهم مجتمعون في هذا الحدث ولما يفرد يكون كل واحد على حدة ليسوا مجتمعين. لما يقال كلٌ حضروا يعني مجتمعون ولما يقال كلٌ حضر يعني كل واحد على حدة. قال تعالى (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) كلهم يسبحون في آن واحد، (كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ) يوم القيامة كلهم مع بعضهم، (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ) كلٌ على حدة، (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ) كلٌ على حدة كل واحد في أزمان مختلفة.
سؤال من المقدم: هل هي لغوية معروفة أو خصوصية في القرآن الكريم؟
أصل اللغة ما ذكرنا والقرآن كسى بعض الكلمات دلالات خاصة به في سياق القرآن.
سؤال: ما هو إعراب وما هي اللمسات البيانية في الآية (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) هود)؟
الإعراب: قيل فعل مبني للمجهول ويا حرف نداء وأرض منادى مبني على الضم محل النصب وابلعي فعل أمر مبني على حذف النون وماء مفعول به والكاف مضاف إليه والواو عاطفة ويا سماء مثلها يا حرف نداء وسماء منادى مبني على الضم وأقلعي فعل أمر مبني على حذف النون والجملة كلها (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي) في محل رفع نائب فاعل لفعل (قيل) هذا مقول القول، لو كان الفعل مبنياً للمعلوم تصير الجملة مفعولاً به ولما يكون الفعل مبني للمجهول تصير نائب فاعل. (وَغِيضَ الْمَاء) الواو عاطفة وغيض فعل ماضي مبني للمجهول والماء نائب فاعل و (وَقُضِيَ الأَمْرُ) الواو عاطفة وقضي فعل ماضي مبني للمجهول والأمر نائب فاعل واستوت فعل ماضي والتاء تاء التأنيث، على الجودي جار ومجرور وقيل مثل قيل الأول وبعداً مفعول مطلق لفعل محذوف وجوباً للقوم الظالمين جار ومجرور يقال الظالمين صفة مجرور بالياء مذكر سالم.
اللمسات البيانية: هذه الآية كتبت فيها رسائل من الناحية البيانية، يقولون “أجمع المعاندون على أنه ليس في طوق البشر أن يقولوا مثل هذه الآية”. نحن الآن نذكر شيئاً من هذه الأمور البيانية.
أولاً بدأ بفعل القول (قيل) والقول يقال لمن يسمع ويعقل. ثم نادى (يا أرض ويا سماء) والمنادى أيضاً ينبغي أن يعلم أنه نودي لسماع شيء ما أو عليه أن يفعل شيئاً ما خاصة إذا كان نداء حقيقياً ليس مجازياً، النداء المجازي ليس له علاقة (ألا يا ليل طُل، ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي) هذا مجازي لكن في الآية يتكلم عن أمر حقيقة عندما تنادي المنادى ينبغي أن يكون يسمع ويعقل وإذا نودي لطلب شيء يلبّي. ثم أمر (ابلعي واقلعي) وأيضاً الأمر هنا على سبيل الحقيقة وليس المجاز وأيضاً المأمور ينبغي أن يكون عالماً بما أُمر به خاصة إذا طلب الآمر منه شيئاً. إذن هذا يدل على أن الأرض والسماء سمعتا (لأنه يقول لهما ويناديهما)، عقلتا، وامتثلتا. وهذا كله القول والنداء والأمر كله على سبيل الحقيقة. مع أن النداء للأرض والسماء وهما ما هما من الكبر والعظمة الفعل كان مبنياً للمجهول لم يفصح القائل عن نفسه (قيل) معناه أن السماء والأرض تعلم من هو هذا القائل الذي يقول فيجاب له وإن لم يذكر اسمه هذا يدل على عظمته أن السماء والأرض علمت من القائل فاستجابت له، أنت لو قلت للأرض والسماء لا تفعل شيئاً. قيل فاستجابتا له وإن لم يذكر اسمه معناه أن السماء والأرض علمتا هذا القائل الذي نادى من وراء حجاب.
سؤال من المقدم: في مكان آخر قال تعالى (وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ (116) المائدة)؟
هذا في غير مقام ليس في هذا المقام الذي يدل على العظمة والأمر الشديد ويدل على سطوته تستجيب الأرض والسماء لمن ينادي.
سؤال من المقدم: إذن لا ينبغي أن نقطع آية ونفهمها في سياقيات آية أخرى؟
لا، كلٌ في سياقه هو والمقام.
سؤال من المقدم: ولا يجوز لي أن أجمع كل (قيل) وأقول قال هنا وقال هنا؟
لا، ضعها في سياقها ومقامها، قد يكون في مقام التعظيم (قلنا) وفي مكان آخر في مقام التوحيد يقول قال أو قلت.
ثم لاحظ النداء قال (يا أرض) ناداه بحرف النداء (يا) وفي القرآن لم يرد غير (يا) للنداء ناداها باسم الجنس.
سؤال من المقدم: حروف النداء هل ترتبط ببُعد أو قرب المسافة من المنادى؟
(يا) يقولون في أصلها للبعيد وقد تكون للجميع و(أي) للقريب، (أيا وهيا) للبعيد لأن فيها مد الصوت.
هذا النداء (يا أرض) هذا يدل على عظمة المنادي لأنه ناداها باسم الجنس (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ) كما تقول يا رجل افعل كذا، يا أرض، يا رجل افعل كذا أو لا تفعل كذا ولم يقل يا أرضي بالتكريم أو يا أرض الخير أو يا سماء الخير وإنما ناداها مجرّدة يا أرض ويا سماء دلالة على عظمة المنادي وكلها في مقام عظمة المنادي بعد هذا الذي حصل في قصة نوح (قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ (43) هود). يعني (يا أرضي) فيها مقام ترقيق كما نقول يا أخي، يا صديقي، فيها تودد وتقرب، يا رجل الخير، قال يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي فيها قوة وشدة. ثم لم يقل يا أيتها الأرض لو قالها تصير (أي) منادى لكن الغرض منها التوصل للمنادى يا أيها الرجل والهاء للتنبيه حتى إذا كان غافلاً ينتبه. لم يقل يا أيتها الأرض (ها) للتنبيه و(أي) يعني هي ليست غافلة ينبغي أن تكون واعية لكل ما يقول ليس هناك داعي للتنبيه، السماء والأرض نحن نقول الهاء للتنبيه فإذا كان غافلاً فالذي قبله ينبهه لكن الأَوْلى أن تكون واعية لكل حرف يصدر عن هذا الخالق العظيم وكأنها جاهزة للأمر وهي ليست غافلة حتى تحتاج إلى التنبيه، هذا أمر إضافة أن الآية بنيت على الإيجاز. ثم قال ابلعي ولم يقل ابتلعي لأن ابتلعي فيها مدة طويلة وجهد لكن الآن ابلعي في أقصر وقت. ابتلعي فيها وقت أطول من قبيل زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى ابلعي وابتلعي من حيث الدلالة واحدة وإنما من حيث الزمن مختلف، ابلعي الأمر ينفذ بسرعة وابلعي أوجز من ابتلعي. ثم قال ابلعي ماءك لم يقل ابلعي كما قال أقلعي بل ذكر مفعول البلع لأن بلع الماء هو المقصود لو قال ابلعي تبلع الأشجار والناس وما عليها هي تنفذ ما تسمع لذلك حدد ما تبلعه (ماءك).
سؤال من المقدم: بلع فعل متعدي وأقلع فعل متعدي بحرف الجر (عن) لكن قال في السماء أقلعي؟ هل تقلع عن المطر؟
في السماء قال أقلعي في الأصل السماء فيها مطر ليس فيها غير المطر.
ثم قال (ماءك) أضاف الماء إليها لأن الماء أصبح ماءها هي لأنه ما نزل من السماء هو لها سيكون في الأرض وهو في الأصل من الأرض تبخر وصعد من البحار ورجع لها فالماء ماءها سواء كان نازلاً من السماء أو كان فيها لم يقل ابلعي الماء وإنما ماءك. قبلها قال (وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ (43) هود) لأن الموج عامة للبحار. ولكن قال ابلعي الماء ولم يقل ماء الموج وإنما الماء عموماً الذي نزل من السماء والذي تفجر من الأرض. نادى السماء فقال اقلعي يعني أمسكي وكُفّي لأنه معلوم القصد منه.
نلاحظ قدّم أمر الأرض ببلع الماء ثم السماء (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي)، ابلعي ماءك حتى ترسو الفينة هذا هو الأول وهذا المهم حتى ينزل الركاب فبدأ بما هو مطلوب لهم فقدّم البلع حتى السفينة ترسو إذا لم تبلع الأرض فما ترسو السفينة ثم إن الماء بدأ من الأرض أصلاً (حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ (40) هود)
سؤال: في موقع آخر قال (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) القمر) هنا قدم السماء على الأرض؟
في سورة القمر (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ). حتى تستكمل القصة لماذا بدأ بها (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ (10) القمر) الآية هي (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ) دعا ربه والداعي تفتح له أبواب السماء، دعا ربه ففتح أبواب السماء بماء منهمر هذه الإجابة كانت فعلية، الدعوة تفتح لها أبواب السماء دعا ربه ففتحنا أبواب السماء هذه الإجابة، في سورة هود ليس هناك أصلاً دعاء؟ (فَدَعَا رَبَّهُ) هذه الإجابة والفاء للسرعة، هذه الإجابة لم يقل فتح أبواب السماء لدعوته فاستجبنا له وإنما قال (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ). في سورة هود ليس هناك دعاء (حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ (40) هود).
ثم قال (وَغِيضَ الْمَاء) أي ذهب ونشف ما يقول استجاب على الفور. (غيض) فعل مبني لما لم يسمى فاعله أصله غاض متعدي الملازم، غاض الماء وغاض الله ماءً وأغاض موجود أيضاً، (وَغِيضَ الْمَاء) كلها على الإيجاز. الماء نائب فاعل، هم يقدروها غاض الله ألرض أو غاضت الأرض الماء. كل الأفعال مبنية للمجهول (قيل وغيض واستوت) وهذا كله في باب الإيجاز في باب العظمة. لما قال (وَغِيضَ الْمَاء) معناه أن السماء والأرض امتلثتا واستجابتا على الفور لم يقل فبلعت الأرض ماءها وأقلعت السماء. (وَغِيضَ الْمَاء) أيضاً البناء للمجهول. ثم قال (وَقُضِيَ الأَمْرُ) الأمر الذي أراده ربنا (حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ) الأمر هذا نجاة من نجى وإهلاك من هلك بأوجز عبارة (قضي) بمعنى انتهى.
سؤال من المقدم: هذا هو المقصود بقوله (حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ (40) هود)؟
هذا هو الأمر نجاة من نجى وإهلاك الظالمين.
ثم قال (وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ) أيضاً لم يذكر الفاعل لأنه معلوم (السفينة) وهو ذكر (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ (42) هود) ذكر الفاعل في الأول فقال (وَاسْتَوَتْ) وكان استواؤها بعد انقضاء الأمر، استوت بمعنى وقفت، رست. والجودي قالوا جبل قالوا في الموصل أو تركيا. استوت على الجودي بعد قضاء الأمر. (وَقُضِيَ الأَمْرُ) يدل على الأمان. (وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أيضاً بنى الفعل للمجهول، من القائل؟ القائل هو الله والملائكة والصالحين كلهم يقولون بعداً للقوم الظالمين،
سؤال من المقدم: ما دلالة هذا التركيب (وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)؟
بعداً يعني هلاكاً وبعداً وسحقاً لهم. (بعداً) أيضاً على الإيجاز لم يأت بالفعل وإنما جاء بالمصدر بدون ذكر فاعل وهي أوجز حالة. بعداً (المصدر) أبلغ من يبعد (الفعل). ثم قال (لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) وصفهم بالظلم كما وصف في الأول (وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ (27) المؤمنون). ولم يقل بعداً لهم وإنما قال (بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ذكر الوصف الذي استحق به القوم العقوبة وهو الظلم أعاد التأكيد على أن ما حصل لهم بسبب ظلمهم. هذه أبرز الأشياء المهمة في الآية على وجه السرعة.
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 14/7/2008م:
-
الإنسان يدعو وهو على يقين باستجابة رب العالمين فما هي بوادر استجابة الدعاء؟ وما هي شروط استجابة الدعاء؟
-
(وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاء قَوْمٌ لَّا يُؤْمِنُونَ (88) الزخرف) هل (قيله) فعل مبني للمجهول أو مصدر؟ هذا ليس فعلاً وإنما إسم.
-
(الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) المطففين) قرأت في التفسير انه اكتالوا على الناس يعني اكتالوا منهم فما دلالة استخدام (على) بدل (من)؟ (الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ) غير اكتالوا من الناس لأن (على) فيها استعلاء أي تسلطوا عليهم بالاكتيال يعني لم يعطوهم حقهم. (اكتالوا منهم) بدون تسلط أما هنا فجاء بـ (على) للإستعلاء وهو التسلط فقال (اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ) فيها تسلط. وقال (وَإِذَا كَالُوهُمْ) لم يقل كالوا لهم لأن اللام للاستحقاق لم يعطوهم حقهم. لم يقل كالوا لهم وإنما كالوهم.
-
هل المنصوب بنزع الخافض محدد في القرآن الكريم؟ فيها قواعد وفيها خلاف أنه إذا كان القياسي عندهم رفع الخافض القياسي الذي عليه أكثر النحاة أنه إذا كان المصدر المؤول بـ (أن) وأنّ وما وقسم قال (كي) أيضاً إذا اللبس مأمون فيجوز نزع الخافض وقسم قالوا لا ليس مختصاً بهذا وإنما كل تعبير فيه أمن للبس (هذا قول الأخفش الصغير علي بن سليمان) كل مأمون اللبس يجوز نزع الخافض واستشهد بالآية (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً (155) الأعراف) أصلها واختار موسى من قومه. قالوا إذا كان اللبس مأمون فيجوز حتى قال إذا عُرِف الحذف مكان الحذف وأُمن اللبس موطن الحذف ومكان الحذف. الخافض هو حرف الجر أصل الآية خارج القرآن واختار موسى من قومه سبعين رجلاً، (تمرون الديار ولم تعودوا يعني تمرون بالديار). القياس عندهم هذا الكلام نصّاً “إذا تعيّن الحرف ومكان الحذف جاز نزعه بدون شرط” لكنهم مثلاً رغب لأن هناك رغب عن ورغب في. تقول رغبت زيداً لأنك لا تعلم رغبت فيه أو رغبت عنه لأنه لماذا قال تعالى (وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ (127) النساء) أهي في أو عن؟ المقصود كلاهما يعني ترغبون فيهن لجمالهن ومالهن أو ترغبون عنهن لدمامتهن وفقرهنّ ترغبون فيهن أو عنهن فجمع المعنيي بحذف حرف الجر بدل أن يقول ترغبون فيهن وترغبون عنهن قال ترغبون فجمع المعنيين في آن واحد توسعاً في المعنى.
-
ما الفرق بين المستضعفين والذين استضعفوا في القرآن الكريم؟
بُثّت الحلقة بتاريخ 14/7/2008م
2009-01-23 22:39:11الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost