الحلقة 150
اللمسات البيانية في سورة يس
(تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5))
الحلقة الماضية شرعنا في ذكر هذه الآية وبيان قسم مما فيها وهو قوله (تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5)) ذكر القرآن (وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5)). وذكرنا أن فيها إشارة إلى تعظيم القرآن من عدة نواحي أولاً القسم به أولاً (والقرآن) ثم وصفه بأنه حكيم (الحكيم) ثم (تنزيل) معناه أنه في مكان عالي وأضافه إلى نفسه بوصفين العزيز والرحيم وهذان الوصفان ينبئان عن الترغيب والترهيب فالعزيز فيه ترهيب ما فيه من عزة وقوة والرحيم فيه ترغيب. إختيار العزيز الرحيم فيه أكثر من دلالة في السورة، لا شك العزيز هو الغالب، لكن الملاحظ أن هذه السورة طُبعت بطابع هذين الإسمين الكريمين، الجو العام للسورة، جو السورة يشع فيها ذكر العزة والرحمة، العزة تظهر في نصر أوليائه ومحق أعدائه هو أهلك أصحاب القرية بصيحة واحدة، ذكر القرية التي كذبت (إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29)) هذه عزة، ذكر أن آلهتهم التي يعبدونها من دون الله لا تغني شفاعتهم شيئاً ولا ينقذون إن أرادها الرحمن بضُّر (أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23)) ليس لها وجاهة ولا قوة لأن الشفيع له وجاهة وإلا كيف يشفع عند واحد؟! لا تغني شفاعتهم شيئاً يعني ليس لها وجاهة. الآلهة لو اجتمعت لا تغني شيئاً عند صاحب العزة لا تنفع شفاعتها عنده ولا ينجّونهم إذن كيف تكون العزة؟! وما قيمة هذه الآلهة؟! مع اجتماعها ليس لها وجاهة ولا قوة، هذا عزيز. ذكر أنه إن شاء أغرقهم فلا معين لهم ولا يتمكن أحد من إنقاذهم إلا إذا أراد هو (وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (43)) لا صريخ لهم يعني لا معين لهم ولا هم ينقذون إلا رحمة منا هذا فيه عزة (إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا (44)) فيها رحمة. ذكر أنه تأخذهم صيحة واحدة تأخذهم جميعاً فلا يبقى منهم أحد ويجمعهم بصيحة واحدة، يأخذهم جميعاً بصيحة واحدة ويجمعهم بصيحة واحدة قال (مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49)) ثم قال (إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (53)) فهل هناك أعظم من هذه العزة؟! ذكر أنه لو شاء نطمس على أعينهم أو يمسخهم على مكانتهم فلا يستطيعون مضياً ولا يرجعون (وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66) وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (67)) المسخ يعني يجعلهم على حالة يحّولهم، المسخ التحويل يمسخه يجعله إلى شيء جامد أو حجر يحوّله تماماً. ذكر أن أمره بكلمة واحدة ينفذ في الجميع يفعل ما يشاء ويكون ما يريد (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)) هذه العزة ظاهرة واضحة في جميع السورة. والرحمة أيضاً واضحة مترددة في السورة تتردد كثيراً، الرحمة ومقتضيات الرحمة (تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5)) (وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ (11)) (وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ (15)) (إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ (23)) (إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44)) (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (45)) (هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52)) (سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58)) ثم ذكر عدد من مظاهر الرحمة، من مظاهر الرحمة التي شاعت في السورة أو ذكرها في السورة ما جعل في الأرض لعباده من جنات وأنهار وما أخرج منها من حبوب يأكلون منها قال (وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33)) وأنه حمل ذريتهم في الفلك المشحون وخلق لهم من مثله ما يركبون (وَآَيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42)) خلق لهم أنعاماً فهم لها مالكون وذللها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون، لهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (73))، كيف تكون مظاهر الرحمة؟ جعل لهم من الشجر الأخضر ناراً (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80))، أرسل رسلاً فحذّرهم من عبادة الشيطان وهداهم الصراط المستقيم، هذه كلها من مظاهر الرحمة. إذن شاع مظاهر هذين الإسمين ومقتضياتهما في السورة كثيرة (تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5)). حتى هذان الإسمان لهما علاقة بالآية التي بعدها ليس فقط بجو السورة، هو قال بعدها (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7)). الملاحظ أنه سبحانه وتعالى يذكر هذين الإسمين بعد إنزال العقوبات بالأقوام الآخرين قال (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) هذه في الشعراء عندما يذكر كل رسول ويعاقب أقوامهم يقول (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) بعد ذكر كل عقوبة في الأقوام يقول العزيز الرحيم، قوم نوح قوم شعيب، كلهم وراءها يقول (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ) يعني (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7)) وقال (وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ). (تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5)) تنزيل العزيز الرحيم بما بعدها (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7)) هذا ترابط. حتى لما ذكر أهل مكة في سورة الشعراء لما قال (فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (6) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (7) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (8) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (9)) ثماني مرات تكررت في السورة ذكر هذين الإسمين بعد العذاب (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) كقوله تعالى (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7)). من مقتضيات العزة أن يعزّ المؤمنين وينصرهم وتكون العزة في حق المؤمنين نصراً وتأييداً وفي حق الكافرين محقاً وهلاكاً، مقتضيات الرحيم أن يرحم المؤمنين ويكرمهم وأن يقيم الحجة على الكافرين لا يعذبهم بدون إقامة الحجة عليهم يعني يبين لهم الحجة الواضحة ويهديهم إلى الصراط المستقيم حتى تقوم عليهم الحجة ثم يعذبهم بعد ذلك هذا من رحمته تعالى لا يعذبهم هكذا بدون إقامة حجة.
نلاحظ أنه ذكر ثلاثة أسماء له سبحانه وتعالى واحداً بالتضمّن وهو الحكيم (يس (1) وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (2)) وصف القرآن بالحكيم فصاحبه حكيم لأن قائل الحكمة هو حكيم، وآخران بالتصريح (تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5)). إذن واحداً بالتضمن وهو الحكيم وآخران بالتصريح وهما العزيز الرحيم. كمال الاتصاف بهذين الإسمين أن العزيز الرحيم أن تكون الحكمة معهما، العزيز الغالب والرحيم فيه رأفه فكمال الإتصاف أن تكون معهما الحكمة يعني العزيز لا بد أيضاً من تمام الحكمة ولا بد أن تجتمع فالعزيز إذا لم يكن حكيماً يكون متهوراً وإذا لم يكن رحيماً تكون وبالاً على جماعته إذن الحكمة بمثابة الضابط للعزة والرحمة فهو عزيز رحيم بحكمة. الرحمة من دون عزّة ضعف ومن دون حكمة نقص، إذن هذه الصفات يكمل بعضها بعضاً. لا خير في رحمة من دون عزة ولا حكمة ولا خير في عزة من دون حكمة ولا رحمة ولا خير في حُكم (حكيم) من دون عزة ولا رحمة. حكيم تجمع الحكم والحكمة، إذن من متطلبات الحُكم أن يكون فيه عزة ورحمة. إذن هذه أكمل ارتباط وأكمل اتصال. إذن العزيز الرحيم والحكيم هو كمال الإتصاف ولا يصح إفراد إحداهما على الأخرى وإلا يكون نقصاً أو عيباً أو تهوراً وضعفاً لأن الرحمة من دون عزة ضعف والرحمة من دون حكمة نقص لأنه لا يعرف أين يضعها وكيف يضعها قد يضعها في غير مكانها وأحياناً الرحيم يحتاج إلى القوة والشدة ينبغي أن يضعها في مكانها الرحيم ينبغي أن يكون حكيماً فيعلم أين يضع هذه الرحمة.
(لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آَبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6))
(لتنذر) هذه اللام حرف جر وما بعدها منصوب، هذه لام التعليل هي حرف جر وكل لام تنصب المضارع هي حرف جر، كل لام ينتصب بعدها المضارع هي حرف جر لأن النصب بـ(أن) المضمرة بعدها فيكون مصدراً مأولاً (لأن تنذر) فحذف (أن) وكل لام ينتصب بعدها مضارع هي حرف جر هذا عند الجمهور لأن النصب سيكون بتقدير (أن) وأن مصدرية يكون مصد مأول مجرور باللام. الفعل هنا ليس منصوباً باللام وإنما بـ (أن) مضمرة، (أن) والفعل مصدر مجرور باللام إذن هذه اللام حرف جر وكل لام ينتصب بعدها المضارع هي حرف جر هذه قاعدة سواء كان الإضمار واجباً أو جائزاً. إذن أصبح عندنا الآن جار ومجرور، هذا الجار والمجرور متعلق بشيء إما متعلق بنزّل أو تنزيل يعني نزّله لتنذر، أو تنزيل العزيز الرحيم لتنذر، أو بالفعل المحذوف (تنزيل) نعربه مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره نُزِّل تنزيل العزيز الرحيم اللام إما متعلقة بالمصدر أو بالفعل المقدر ويجوز الوجهان. أو يمكن الاحتمال أن يكون متعلقاً بالمرسلين (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3)) لماذا أُرسِل؟ لينذر قوماً. إذن فيها احتمالان أنه نُزِّل لينذر وأنت من المرسلين لتنذر، ليست هناك قرينة سياقية تحدد مهنى معيناً لأن القرآن أُنزل لينذر والرسول r ليُنذر، لماذا أنزل القرآن؟ لينذر، ولماذا أرسل الرسول r؟ لينذر، لا نحتاج لقرينة سياقية، هذا توسع في المعنى. الخطاب في الآية للرسول r (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آَبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6)). إذن إما من المرسلين لتنذر وإما أنزل لينذر. و(ما) نافية (لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آَبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6)) يعني لم ينذر أباؤهم فهم غافلون.
سؤال من المقدم: من هم الغافلون؟
هؤلاء القوم المنذَرين ما أنذر آباؤهم، آباؤهم عبدة أصنام
سؤال من المقدم: ألم يكن لديهم نبي؟
أقرب واحد هو سيدنا عيسى وبينه وبين الرسول r خمسة قرون هؤلاء سموهم أهل الفترة ثم عيسى جاء لبني إسرائيل قسم من العرب كان له علاقة معهم ولم يبعث للعرب تحديداً فهم غافلون.
سؤال من المقدم: غافلون عن ماذا؟
غافلون عن الدين الحق، ربنا تعالى قال للرسول r (وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) يوسف) هذا قبل أن تأتيه النبوة الغفلة عن الحق وعن الطريق المستقيم ليس كوصف عام لأن هذا هو المقصود ما يتعلق بالشريعة الحقة الطريق المستقيم الذي يريده ربنا، من أين يعلم هذا الشيء؟
سؤال من المقدم: إذن (لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آَبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6)) لا نأخذها على مدار السب والقذف لكنها توصيف حالة بأنهم غافلون عن طريق الله.
لا شك هم غافلون عن الشرائع الحقة الني أنزلها ربنا وهي متضمنة في قوله (لِتُنْذِرَ) يعني هم غافلون عن هذا النذير الذي أتى به سيدنا محمد r حتى يذكرهم ويهديهم إلى الطريق لأنهم غافلون عن هذه الطريق لا يعلمون. إذن سبب الغفلة أنهم لم يُنذر آباؤهم، هذا سبب الغفلة عاشوا على ما عاش عليه الآباء وهم لم يُنذروا هم قالوا (بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ (22) الزخرف) لم يُنذروا. هذا أرجح قول وقسم ذهب أن (ما) إسم موصول أو مصدرية وهذا يحتاج إلى تكلّف كثير هذا يعني أهل اللغة ولا يعني المشاهدين كثيراً. (ما) إسم موصول بمعنى الذي أي الذي أنذر آباؤهم، قالوا لتنذر آباؤهم يعني الذي أنذر آباؤهم الأقدمون إسماعيل لكنهم غفلوا فهم غافلون يعني نفس الإنذار الذي أنذر به آباؤهم الأولون لكنهم غافلون كما تقول إنصح فلاناً كما نصحت أباه فإنه غافل عن ذلك، الغفلة هنا يقصد بها القوم وأنا أميل أن (ما) نافية.
(لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7))
سؤال من المقدم: ما معنى حق القول؟
حق القول في القرآن معناه ثبت لهم العذاب. القول هو قوله تعالى (وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) السجدة). كلمة حق القول إشارة إلى حق القول مني. الذي ورد في القرآن الكريم طبعاً عموم النحاة كلهم يذكرون أن حق القول المقصود به (وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) السجدة) أو (قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85) ص) حق القول في القرآن الكريم وكذلك حقت الكلمة لم ترد إلا في ثبوت العذاب هذا يمتد في جميع القرآن استقصاء بإلا بمعنى وجب لهم العذاب أو ثبت لهم العذاب مثال (قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاء الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (63) القصص) (وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (25) فصلت) (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (18) الأحقاف) (وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) السجدة) (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7) يس) (لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (70) يس) (فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ (31) الصافات) (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ (19) الزمر) (وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) الزمر) (وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (6) غافر) (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ (97) يونس) (كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُواْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (33) يونس) كلها لم ترد في القرآن لم ترد إلا بهذا المعنى وهذه الدلالة، حق القول أو حقت الكلمة لم ترد إلا بهذه الدلالة.
بُثّت الحلقة بتاريخ 8/9/2008م
2009-01-22 06:32:17الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost