الحلقة 186
إجابة على أسئلة المشاهدين
سؤال: (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) البقرة) ومرة (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (6) إبراهيم) ما الفرق بين يذبّحون و (ويذبّحون)؟
د. فاضل: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين. هما آيتان إحداهما في البقرة والأخرى في سورة إبراهيم. الآية في البقرة يقول تعالى (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (49))، في إبراهيم (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (6)) الفرق من حيث اللغة (يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ) جعل سوء العذاب هو التذبيح، هذا بدل.
المقدم: ما معنى يسومونكم؟
د. فاضل: بمعنى يذيقونكم. ما هو سوء العذاب؟ يذبحون أبناءكم، فهي بَدَل. في إبراهيم (يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ) إذن هما أمران سوء العذاب وتذبيح الأبناء، وهناك أمر واحد. ذكر أمرين في إبراهيم سوء العذاب يجعلهم عبيد وخدم ويستعبدهم والتذبيح بينما في البقرة ذكر أمراً واحداً (يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ)
المقدم: وكأن تذبيح الأبناء واستحياء النساء هذا هو سوء العذاب.
د. فاضل: نعم. قد يسأل واحد لماذا هناك ذكر أمرين وفي موضع آخر ذكر أمراً واحداً؟ هذا الذي سأل عنه القدامى، قال آية البقرة من كلام ربنا سبحانه وتعالى يمتن على بني إسرئيل (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ) وفي إبراهيم هذا قول موسى يعدد عليهم (اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ) يعدد عليهم نعم الله تعالى عليهم (اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ) يذكِّرهم بالنعم، فلما يذكرهم بالنعم يذكر لهم أموراً أكثر (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ) ليس هذا فقط (وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ)، بيس فقط هذا الأمر، ربنا قال في البقرة (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم) وفي إبراهيم قال (إِذْ أَنجَاكُم)
المقدم: هل هناك فرق؟
د. فاضل: طبعاً. نجّى فيها تلبّث وتمهل فيها وقت أطول، أنجى فيها إسراع. يستعمل أنجى في المواطن الأسرع، في المواقف التي تحتاج إلى سرعة، (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ (50) البقرة) تلك سنين إستمر فرعون مع موسى وهنا مقدار عبور البحر (فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ) كم يستمر هذا؟ ليست مثل تلك. في إبراهيم قال (قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ (24) العنكبوت) فيها سرعة. إذن نجّى (فعّل) فيها تلبّث.
المقدم: مع ذي النون قال (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ (88) الأنبياء) ليست فيها سرعة؟
د. فاضل: بقي أكثر في بطن الحوت. هي بحسب الموقف والمقام. لما ذكر العذاب إشتد على بني إسرائيل معناه ينبغي الإسراع فيها فلما كان ما ذكره في إبراهيم أشد مما ذكره في موسى (يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ) والتذكير بالنعم فذكر (أنجاكم) لأن الموقف اشتد، تعذيب وسوم سوء العذاب وتذكير بالنعم.
المقدم: هل واقع الأمر نجاهم أم أنجاهم؟ هم ظلوا عند آل فرعون يسامون سوء العذاب.
د. فاضل: حسب الوقت، في أول مرة كانوا يسامون سوء العذاب، في الآونة الأخيرة صار إنجاء في آخر الوقت.
المقدم: إذن لا نعمم الفعل على مدة بقائهم تحت سلطة آل فرعون؟
د. فاضل: لا، وإنما متى قالها؟ تلك عامة طويلة.
سؤال: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (66) البقرة) على من يعود الضمير في (جعلناها)؟.
د. فاضل: العقوبة، الحادثة. قال (فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ) هذه عقوبة، ثم قال (فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً) جعل هذه الحادثة والعقوبة نكالاً.
المقدم: لغوياً ماذا تسمى هذه الظاهرة؟ هو لم يذكر إسم العقوبة لكنه ذكر بالفعل (كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ).
د. فاضل: الضمير يعود أحياناً على المفهوم من السياق.
المقدم: ليس بالضرورة على كلمة ظاهرة
د. فاضل: (اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى (8) المائدة) الضمير (هو) يعود على العدل، (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) الضمير (هو) يعود على العدل، لم يذكر كلمة العدل ولكنها مفهومة من السياق، أي واحد يسمعها يفهم المقصود، المقام يوضح المسألة. هذه عقوبة (فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ) هذه حادثة وعقوبة فقال (فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً).
سؤال: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ (54)) وفي آية أخرى (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً (67)) فما اللمسة البيانية في إضافة يا قوم في الآية الأولى؟ متى يأتي بـ (يا قوم) ومتى لا يأتي بها في حوار سيدنا موسى مع قومه؟
د. فاضل: حسب الموقف، إذا كان الموقف يتطلب إثارة حميّتهم وتليين قلوبهم أو كان في موقف تذكيرهم بالنعم التي أنعم الله بها عليهم يقول يا قوم. إذا كان في موقف تقريع وذم لا يقولها وإنما يبلغهم مباشرة، أو تذكيرهم بما يسوؤهم لا يقول يا قوم. مثال (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ (5) الصف) هذه يليّن قلوبهم، بينما (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً (67) البقرة)، (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ (20) المائدة) يذكِّرهم بالنعم فأن تنتسب إلى هؤلاء أمر مشرّف، (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) المائدة) يثير حميّتهم. لكن (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (6) إبراهيم) هذا لا يشرِّف، فيه إذلال فلا يقول يا قوم. في موطن الإذلال والتذكير بما يسوؤهم لا يقول يا قوم.
المقدم: لأن ذكر (يا قوم) فيه تودد وتقرّب وتحبب لهم وإذا لم يذكر فالموقف لا يحتمل.
د. فاضل: (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ (150) الأعراف) جاء يقرِّعهم فلم يقل يا قوم. الموقف والمقام ماذا يقتضي هو الذي يحدد.
سؤال: في سورة النمل (إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (80) وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ (81)) وتعاد نفس الآيات في سورة الروم (فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52) وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ (53)) الفرق فقط أنه في سورة الروم تبدأ الآية الثانية بالحرف (فاء) فما دلالة هذا الاختلاف؟ ما هو القصد من إعادة آيات كاملة في القرآن في سورة مختلفة وما هو تأثير استخدام الفاء في سورة الروم وكيف تغير المعنى بها؟ وما الفرق في المعنى في سياق السورتين؟
د. فاضل: لو قرأنا الآيتين يتضح الأمر. الآية الأولى (وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (51) فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52) الروم)
——-فاصل———
د. فاضل. قال في الروم (وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (51) فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52) الروم)، في النمل قال (وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ (77) إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (78) فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (79) إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (80)) إذن آية الروم في سياق الكافرين والتهديد والعقوبة (وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا) هذا تهديد، آية النمل في الكلام عن المؤمنين والهدى والرحمة (وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ (77)) إذن اختلف السياق. فلما كان كذلك إذن في آية الروم اقتضى أن يكون هنالك توكيد أكثر لأن فيها عقوبة فجاء بالفاء الدالة على السبب وإنّ الدالة على السبب جاء بحرفين يدلان على السبب والتعليل، (إنّ) تفيد التعليل (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ (103) التوبة) يعلل، (وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً (37) الإسراء) (إنّ) تأتي للتعليل أحياناً والفاء كثيراً ما تأتي للتعليل والسبب (فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) طه)، تقول “لا تأكل هذا فهو يضرك”، (فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ (106) يونس) الفاء للسبب والتعليل وإنّ للتعليل فإذن جمع حرفين للتعليل الفاء وإنّ هذا في الموطن الذي استدعى هذا التأكيد وهو سياق التهديد والعقوبة عندما قال (وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (51) فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52) الروم) هذه ليست مثل (وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ (77) النمل) أيها تحتاج توكيد أكثر؟ الموقف الذي في مقام التهديد والعقوبة، فجاء بالحرفين الدالّين على السبب (فإنك) وفي الأخرى جاء بحرف واحد (إنك) بحسب ما يقتضيه السياق والمقام.
سؤال: إذا فهمنا السياق فكيف نفهمه في آية سورة يوسف (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ (94))؟ ما دلالة استخدام الفعل أجد مع الرائحة مع العلم أنها تُشم؟
د. فاضل: هو كأنه كان الريح ضائعاً فوجده. هو فعلاً كان ضائعاً فوجده، يوسف كان ضائعاً، هذه حصلت في ضياع يوسف لا يعلم أين هو (يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ (87) يوسف) إذن كان ضائعاً ورائحته ضائعة معه فوجده.
المقدم: مع أن الريح كانت في القميص وهم تُشمّ؟!
د. فاضل: هي تُشمّ ولكن هذه إلتفاتة لطيفة للدلالة على أن الريح كانت ضائعة فوجدها. ثم وجد هي ليست للأشياء المادية فقط، ليس بالضرورة (لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا (64) النساء) (وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ (39) النور) (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا (44) ص) (وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً (77) الإسراء) (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6) الضحى) وجد عامة، وجد تأتي للأمور المادية وتأتي للأمور القلبية والأمور الأخرى. وهي من أفعال القلوب.
المقدم: ما أفعال القلوب؟
د. فاضل: ظنّ وأخواتها، قلبية، الظن أمر قلبي والعلم أمر قلبي ليست ملموسة. بعض الأفعال قد يكون أصلها مادي.
المقدم: حسب وظن وزعم وخال
د. فاضل: هذه قلبية. وجد تكون للأمور المادية مثل وجدت الكتاب، هذا يأخذ مفعول به بينما إذا صار قلبياً يأخذ مفعولين.
المقدم: وجدت الكتاب هذا ليس قلبياً،
د. فاضل: وجدت الحق واضحاً، هذا قلبي ليس ملموساً. إذن وجد ليست بالضرورة لأشياء مادية ملموسة. فالمقام يقتضي، كان يوسف ضائع إذن رائحته ضائعة غير موجودة، لما جاء القميص ووُجِد وجدت رائحته معه دلالة على ضياع. الشمّ ليس فيه هذا الأمر، يشم عادي لكن أجد كان ضائعاً فوجده. وجدت الشيء يعني كان ضائعاً.
المقدم: بعد بحث وانتظار وترقب.
د. فاضل: الشم لا يؤدي هذا المعنى وليس فيه ناحية نفسية التي تدل على الضياع أنه كان مفقوداً ضائعاً فوجده.
المقدم: ليس فيها البعد النفسي، لا يتوفر في أشمّ ريح يوسف.
د. فاضل: كان مفقوداً فوجده.
سؤال: ما الفرق بين التمام والكمال كما في الآية (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي (3) المائدة) وما دلالة استخدام الكمال للدين والتمام للنعمة؟
د. فاضل: يسأل عن الفرق بين (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي (3) المائدة) أكثر ما يثار السؤال في هذه المسألة. التمام نقيض النقص، ناقص – تام، الكمال الحالة المثلى. التمام لا يقتضي الكمال. يعني الآن وُلِد إنسان تام له عينان وله أذنان وله أعضاء كاملة تامة تقوم بواجبها ليس فيها نقص بغض النظر عن العينين كبيرة أو صغيرة جميلة أم قبيحة، شكل الفم
المقدم: هو مستكمل من حيث الأعضاء
د. فاضل: الأعضاء كلها تامة لكن الكمال الحالة المثلى في العين والأنف. إذن هناك فرق بين الكمال والتمام.((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي (3) المائدة) أعطاهم من النعم ما يحتاحون ليس فيها نقص لكن ممكن الزيادة في النعمة يمكن أن يعطيه أكثر ما يحتاجه. النعمة إذا أعطاك في كل ما تحتاجها أتمها لا تحتاج بعدها لشيء لكن ممكن أن يزيد عليها إذن ممكن أن يزيد على ما تحتاج إليه. الكمال هي الحالة المثلى (أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) لا يمكن أن يزاد عليه، الدين لا يُزاد عليه أعطانا الأصول والفروع كاملة لا يُزاد عليها، أما النعمة فيمكن أن يُزاد عليها ويعطيك أكثر مما تحتاج. ولذلك في القرآن الكريم لم يستعمل مع النعمة إلا التمام أو الإتمام فقط (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ (6) يوسف) لا يستعمل الكمال مع النِعم وإنما يستعمل التمام لأنه يمكن أن يزيد في النعم.
المقدم: التمام مع النعم
د. فاضل: يزيد في النعم ما يشاء وهي لا تحصى أما الكمال فهي الحالة المثلى ولذلك قال (أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) وهذا لا يمكن أن يزاد عليه
المقدم: حتى في المثل يقال الكمال لله وحده. إنما التمام يمكن أن يكون للجميع
د. فاضل: أكثر الناس الذين تراهم تامّين خلقة لكن الكمال ليس بالضرورة، عقله تام لكن هل هو كامل؟ ليس بالضرورة.
المقدم: إذن من الخطأ أن نقول كامل الأوصاف.
د. فاضل: يمكن أن تقال من باب المجاز.
سؤال: ما الفرق بين الصحة والعافية وفقير ومسكين والضعفاء والمستضعفين؟
د. فاضل: الصحة خلاف المرض وخلاف السقم، العافية أعمّ من الصحة، العافية تكون من الأسقام والبلايا.
المقدم: العافية أعم من الصحة،
د. فاضل: العافية من الأسقام ومن الأوجاع.
المقدم: كان مريضاً فشفي هذه الصحة
د. فاضل: العافية من العِلل ومن البلايا والفتن التي تصيب الإنسان “لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية”. العافية من الفتنة، الصحة ليس لها علاقة بهذا. الرسول r صلى الله عليه وسلم كان يمر على القبور فيقول: أسأل الله لنا ولكم العافية” حتى في الأثر أن السيدة عائشة رضي الله عنها سالته يا رسول الله أتسأل لهم العافية وهم موتى؟ قال يا عائشة العافية من النار.
المقدم: يعني يبعدهم عن النار. منها عفى؟
د. فاضل: عافاه. في الأثر أن الرسول r صلى الله عليه وسلم مرّ بواحد قال اللهم إني اسألك الصبر، قال لقد سألت البلاء سلِ الله العافية، لأن الصبر على البلاء. هو قال اللهم إني أسألك الصبر فقال له صلى الله عليه وسلم لقد سألت البلاء إسأل الله العافية، قل اللهم إني أسألك العافية. إذن العافية أعم العافية في الأموال والأبدان
المقدم: نقول الله يعافيك.
د. فاضل: هي تشمل الصحة وغير الصحة.
المقدم: هل نقول عوفي المريض أم صحّ؟
د. فاضل: هي تشمل، في اللغة العافية هي من الأسقام والبلايا الصحة فقط من الأسقام، العافية من الأسقام والبلايا، عموم ما يصاب به الإنسان وما يبتلى به فهي أعمّ.
المقدم: قل للمريض نجا وعوفي بعدما عجزت فنون الطب من عافاك
د. فاضل: الصحة الشفاء من المرض والعافية من كل شيء وهي أعمّ
الفرق بين الفقير والمسكين
د. فاضل: أهل اللغة مختلفين فيها من هو الفقير ومن هو المسكين؟. قسم يقول الفقير من له دون النصاب، يعني أدنى الشيء، قليل هذا الفقير والمسكين من لا شيء له.
المقدم: الفقير عنده قوت يومه مثلاً؟
د. فاضل: عنده دخل لكن لا يكفيه، دون النصاب. المسكين ليس عنده شيء يستدل بقوله (أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) البلد)
المقدم: ما المتربة؟
د. فاضل: متربة يعني لاصق بالتراب. قسم يذهب ويقول لا، يقول المسكين عنده شيء بدليل قوله تعالى (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ (79) الكهف) عندهم لكن لا يكفيهم.
المقدم: لكن عندهم سفينة ما شاء الله!
د. فاضل: هي ليست لواحد وإنما لمجموعة كثيرة يعتاشون منها.
المقدم: ماذا تقول اللغة؟
د. فاضل: هذه اللغة، أهل اللغة مختلفين من هو الفقير ومن هو المسكين؟. يقولون المسكين من السكون والسكينة كأنه لاصق بالتراب لا يتحرك. المسكين صيغة مبالغة من سكن (على وزن مفعيل) هناك أكثر من 16 صيغة مبالغة، (مفعيل) صيغة مشهورة مثل منطيق قوي الحُجّة، معطير، فالمسكين من أوزان المبالغة.
المقدم: إذن هي أقوى في الدلالة من فقير ليس عنده شيء.
د. فاضل: ويقولون أنها من السكون والمبالغة فيها.
المقدم: وحضرتك تميل إلى أيّ الرأيين؟ لكن قدم الفقير على المسكين؟
د. فاضل: ليس بالضرورة التقديم هو للأفضل. ربنا سبحانه وتعالى أراد أن يقول لنا أن المحتاج جداً الذي ليس عنده شيء أو الذي عنده شيء كلاهما ممن تجب لهما الزكاة، ممن ليس عنده شيء ومن عنده ما دون النصاب مما لا يكفيه الدخل كلاهما تجب له الزكاة. المسكين هي صيغة مبالغة من السكون عدم الحركة.
المقدم: يعني المسكين أشد فقراً من الفقير؟ ومن هو العائل؟
د. فاضل: المحتاج.
المقدم: إذا حاولنا أن ننظمهم في سلسلة من الأقوى العائل أم الفقير؟
د. فاضل: يدخل في أحد هؤلاء، هو محتاج عموماً فقير أو مسكين، كل الأشياء التي تذكرها ستدخل فيها، قسم الفقير من الفقار كأنما فقرته مكسورة من الفقر
المقدم: هل لها علاقة بالفقرة؟
د. فاضل: كأنما هكذا. هكذا يقولون الفقير كأنما فقرته مكسورة.
المقدم: أليست هذه أقوى من المسكين؟
د. فاضل: على أي حال، قسم ذهب إلى أن الفقير ليس عنده شيء والمسكين عنده شيء ولكن لا يكفيه وقسم قال الفقير عنده والمسكين ليس عنده شيء
المقدم: وحضرتك تميل إلى أي رأي؟
د. فاضل: أنا أميل أن الفقير أقوى من المسكين، أبدأ بما بدأ الله تعالى به، لما ذكر الحاجة بدأ بمن هو أحوج (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا (60) التوبة)
المقدم: إذن حضرتك تميل إلى أن الفقير أشد فقراً من المسكين.
د. فاضل: ربنا تعالى بدأ بأولي الحاجة فبدأ بالفقير.
الفرق بين الضعفاء والمستضعفين
د. فاضل: المستضعفين الذين يستضعفهم غيرهم أما الضعيف فهو ضعيف. المستضعف من غيره، بني إسرائيل استضعفهم فرعون (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ (5) القصص) حاكم أو سلطان استضعفه، الضعيف هو ضعيف بنفسه (وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء (266) البقرة)
المقدم: ما معنى استضعفهم؟
د. فاضل: تسلّط عليهم
المقدم: بغض النظر إن كان ضعيفاً أو لم يكن ضعيفاً. لكن هناك قوة جائرة جبارة أملت شروطها عليهم.
د. فاضل: نعم، مثلاً حكمتهم بالحديد والنار وأذلتهم، هضمتهم حقوقهم، كلفتهم واجبات لا يطيقونها.
المقدم: يعني بني إسرائيل ليسوا ضعفاء لكن فرعون استضعفهم بما له سلطة وغلبة وقوة.
د. فاضل: لو تدخل الآن في السياسة وتنظر، هنالك جماعات في دول تستضعفهم الدولة وتستغلهم لسبب من الأسباب وتجور عليهم فهؤلاء مستضعفين.
المقدم: مستضعفين نتيجة وجودهم تحت وطأة جهة أخرى أما الضعفاء فهم من أساس حالهم ضعفاء
د. فاضل: (قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ (97) النساء).
المقدم: أليست السين والتاء تدل على الطلب؟
د. فاضل: هذا واحد من المعاني.
سؤال: في سورة النساء (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56)) والآية بعدها (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِـلاًّ ظَلِيلاً (57)) ما الفرق بين سوف والسين في الآيتين؟
د. فاضل: الفرق بين السين وسوف هذا فيه كلام. لكن بخصوص الايتين قسم يذهب إلى أن سوف فيها نفس أطول وتراخي أطول في المدة والسين أقل بدليل أن سوف حروفها أكثر والسين مقتطعة منها فقسم يذهب لما قال (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ) جاء بالسين لأن المؤمنين يدخلون الجنة قبل جميع الفرق الناجية فقال (سندخلهم). لكن بغض النظر عن كل هذا نحن نعرف أن سوف أكثر توكيداً من السين لكثرة حروفها. لو أخذنا هاتين الايتين قال (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56)) (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِـلاًّ ظَلِيلاً (57))، معناه أن الأولى آكد، لماذا؟ نأخذ آيتين لنوضح الأمر ثم نعود (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10) النساء) جاء بالسين، (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا (30) النساء) أيّ الأشد جرماً القاتل أو الذي يأكل كال اليتيم؟ القاتل فقال (فسوف) (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا) بينما أكل مال اليتيم جاء بالسين (وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) إذن سوف آكد. ثم لاحظ قال (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا) وفي الثانية قال (وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا) زاد العدوان على الظلم فقال (فسوف) أكّد المسألة لأن فيها عدوان وظلم وقتل تحتاج لتوكيد أكثر. حتى في الآية قال (وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) والثانية قال (فََسَوْفَ نُصْلِيهِ) تكون آكد. أما الآية نفسها (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا) التهديد أكثر وأشد (كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ) أما الثانية (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ)
المقدم: هل دخولهم الجنة غير مؤكد؟
د. فاضل: لا هي بحسب السياق، ما هو السياق؟ هل السياق سياق توكيد؟
المقدم: سندخلهم ليس فيها شك بأنهم سوف يدخلون الجنة بإذن الله تعالى؟
د. فاضل: السين وسوف كلاهما للتأكيد. ما قرره النحاة أن السين وسوف كلاهما للتوكيد لكن إحداهما آكد من الأخرى بحسب السياق، في التوسع والإطالة سوف أطول من السين فإذن لما يكون الموقف فيه إطالة وتوسع يأتي بسوف. هذه الايات التي ذكرناها هي في سياق تسع آيات ابتداء من (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا) تسع آيات في هذا السياق وتلك آية واحدة في سياقها ليس قبلها ولا بعدها شيء. إذن أولاً في مقام التوكيد آكد أن تسع آيات في هذا الأمر، ثم في مقام التفصيل أكثر تفصيلاً.
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 6/8/2009م:
قصي من الشارقة: سمعت الفرق بين الفقير والمسكين فذكر أن المسكين من السكون وفي رأيي أن المسكين هو الذي لا حول ولا قوة له هو يحاول أن يعمل ولا يستطيع أن يعمل شيئاً من قلة العمل أو لا يجد له لا حول ولا قوة في العمل، أما الفقير كما ذكر هو الذي انكسرت فقراته أو تعبت فقراته هذا الذي يعمل ولا يجد قوت يومه كاملاً، يعمل ويجد ويكد لكنه يبقى فقيراً، هذا رأيي.
محمد من الشارقة: كفالة اليتيم تدخل تحت بند زكاة المال؟
الدكتور قال أن الفقير هو الذي ليس عنده نصاب فما هو المقصود بالنصاب؟ نصاب الزكاة؟
د. فاضل: نصاب الزكاة. كثير من الموظفين الذين لا يملكون نصاب الزكاة فقراء تحل لهم الزكاة. الموظف مع أنه يتقاضى راتباً لكنه لا يكفي عائلته هذا فقير تحل له الزكاة. النصاب هو نصاب الزكاة.
أحمد من سوريا: إعراب كلمة (كلالة) في سورة النساء (وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً (12)) هل هي تمييز؟ وما هو المقصود بالمعنى؟
د. فاضل: الآية (وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً) الأرجح هي حال ويجوز التمييز. الكلالة هو الذي يموت وليس له عقب. إعرابها حال أو تمييز والأقوى حال كونه. لكن تحتمل تمييز وتحتمل حال.
عبد المحسن من الكويت: الله ذو الرحمة، الله إسم العلم يقول أبو بكر إبن عربي أن إسم الله غير مشتق والاشتقاق يستلزم مادة يُشتق منها وإسم الله قديم والقديم لا مادة له ويستحيل الاشتقاق. وهناك من يقول أن الرحمن نعتاً لله وقسم يقولون الرحمن ليس نعتاً وإنما إسم علم والبعض يقول الرحمن بدل من إسم الله لأن الرحمن إسم لا يشاركه أحد فيه، حتى في سورة الفرقان قال (قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ (60) الفرقان) فما الفرق بين الإسم والتسمية والمسمى؟ وهل نستطيع أن نقول أن الله هو الرحمن أو أن الرحمن هو الله؟
د. فاضل: الله في أرجح الأقوال أن أصلها الإله من المعبود، أله بمعنى عبد، قسم يقول بمعنى تحير يعني متحير فيه، الإله المعبود من ألِهَ يأله. من حيث الناحية اللغوية الهمزة الوسطية لـ(إله) حُذفت وأدغمت اللام باللام فصارت الله أصبحت علماً على ربنا سبحانه وتعالى. ليست بمعنى الإشتقاقات المعروفة إسم فاعل، إسم مفعول ليست بهذا المعنى وإنما مأخوذة من ألِه. الرحمن قطعاً أصلها صفة مشبهة على وزن فعلان مثل عطشان غضبان، ذجرها صفة مشبهة مثل عطشان وغضبان، لكن قسم يقول الرحيم يوصف بها حتى الخلق (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (128) التوبة) أما الرحمن فلا يوصف بها إلا الله سبحانه وتعالى. الرحيم يوصف بها غير الله عز وجل أما الرحمن فلا يوصف بها إلا الله عز وجل. والأرجح في تقديرنا أن الرحمن نعت. هو الإسم واحد والبقية هي صفات، هي أسماء له وهي صفات. (ولله الأسماء الحسنى) الصفات له، القابض، المميت هذه صفات إسم فاعل، الرزاق القهار مبالغة، صفاته وأسماء له سبحانه وتعالى هي صفات وأسماء. إسمه الله والباقي صفاته وأسماؤه سبحانه وتعالى. الرحمن قطعاً صفة مشبهة لكن لا يوصف بها غير الله ولذلك قسم ذهب إلى أنها عَلَم لأنها خاصة بالله وهؤلاء قِلّة والأكثرون على أنها صفة.
بُثّت الحلقة بتاريخ 6/8/2009م
aviفيديو جودة
http://ia301513.us.archive.org/2/items/lamasat060809/lamasat060809_chunk_1.AVI
mp4فيديو جودة
http://ia301513.us.archive.org/2/items/lamasat060809/lamasat060809_chunk_1_512kb.mp4
صوت جودة mp3
http://ia301513.us.archive.org/2/items/lamasat060809/lamasat060809_chunk_1.mp3
2009-08-06 20:33:59الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost