الحلقة 195
إجابة على أسئلة المشاهدين
سؤال: توقفنا في اللقاء السابق عند الفرق بين نزّل وأنزل؟ هل هي متعلقة بالكيفية، بالمكان أو بالزمان؟ ولماذا يستخدم القرآن الكريم مرة أنزل ومرة نزّل في الآيات؟
د. فاضل: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين. نحن ذكرنا في الحلقة السابقة أن نزّل آكد وأهم من أنزل وضربنا أمثلة (مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ (40) يوسف) قول يوسف فلم يردوا عليه شيئاً. وذكرنا نزّل. لكن هنالك من ذكر من القدامى أن نزّل تفيد التدريج في مراحل النزول وأنزل جملة واحدة. الآية الأولى استدل القدامى لمن قال هي للتدريج قوله تعالى في آل عمران (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (3) مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ (4)) عندما ذكر التوراة والإنجيل قال أنزل لأنهما نزلا دفعة واحدة بينما لما ذكر الكتاب قال (نزّل) قسم من القدماء إستدل بهذه الآية على أن نزّل للتدريج وأنزل جملة واحدة.
المقدم: والفرقان؟
د. فاضل: الفرقان ليس معناه القرآن الفرقان هو الذي يفرق بن الحق والباطل. الفرقان ليس معناه بالضرورة القرآن لأنه تعالى يذكر الفرقان مع موسى ومع غيره. هو الآيات الدالة التي تفرق بين الحق والباطل عموماً والقرآن هو فرقان. لكن هنالك من ردّ من القدامى على هذا الاستدلال فقالوا قال ربنا سبحانه وتعالى (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً (32) الفرقان) جملة واحد واستخدم (نُزّل) إذن هذا ليس فيه دليل على ذلك.
المقدم: وقوله تعالى (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) القدر)؟
د. فاضل: أنزل عامة يكون لما فيه تدريج وغير تدريج.
المقدم: إذن لِمَ المواضع التي تأتي فيها نزّل وأنزل في القرآن الكريم؟
د. فاضل: ذكرنا في حينها أمثلة أنه ما كان الكلام فيه أهم يأتي بـ (نزّل) بحسب السياق.
المقدم: حضرتك لا تميل إلى تحديد النزول المكاني من علو إلى سِفل بالتدريج، لا تحبِّذ هذا الإتجاه؟
د. فاضل: لأن هذا الاستدلال ردّ به أيضاً القدامى أنه (لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً) هذا دليل لغوي.
سؤال: حينما نقرأ القرآن الكريم نلاحظ أن عموم الآيات تنتهي بغفور رحيم عندما يضفي سبحانه وتعالى بعض الصفات على ذاته تبارك وتعالى إلا في آية في سورة سبأ (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2)) عكس الترتيب الذي نحفظه في القرآن، فلماذا؟ وما السر واللمسة البيانية في هذا الترتيب واختلافه عن سابقه؟
د. فاضل: أظن هذا السؤال أثير في ختام الحلقة السابقة ولم نكمل الإجابة. قلنا إذا كان هنالك عمل أو عندما يتكلم يسبق الكلام على المكلَّفين يذكر غفور رحيم، وعندما لا يتقدم الكلام على المكلَّفين يقول رحيم غفور وهو في سبأ خاصة. في جميع القرآن تقدّم ذكر المكلّفين على الآية إلا في آية سبأ وهي قوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ (3)) تأخر ذكر المكلَّفين لأن المغفرة للمكلَّفين.
المقدم: وتقدم ذكر الله عز وجل
د. فاضل: طبعاً. الرحمة عامة للكل حتى الحيوانات تتراحم وربنا يرحمها لكن الغفران خاص بالمكلَّفين.
المقدم: الغفران خاص بارتكاب الذنوب والآثام.
د. فاضل: خاص للمكلَّفين ولذلك في جميع القرآن تقدم ذكر المكلَّفين فتتقدم المغفرة إلا في آية سبأ تأخر ذكر المكلَّفين فأخّر المغفرة. مثلاً (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (173) البقرة)
المقدم: باغٍ وعادٍ مكلّف
د. فاضل: (أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (74) المائدة) (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) الزمر) في جميع القرآن ما عدا سبأ.
المقدم: المتعلَّق هو ما يتحدث عنه الله سبحانه وتعالى في طيات الآيات القرآنية إذا كان المكلّفين يقدّم المغفرة على الرحمة وإذا كان يتحدث عن ذاته تبارك وتعالى يقدِّم الرحمة
د. فاضل: وهو في آية سبأ خاصة.
المقدم: لماذا تقترن الرحمة والغفران في معظم القرآن؟
د. فاضل: ليس دائماً (إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (90) هود) ليست دائماً
المقدم: اقتران الرحمة بالغفران
د. فاضل: الغفران من الرحمة، أن يغفر له من الرحمة.
المقدم: هل هناك ترتيب لغوي بينهما إذا غفر رحم؟ أو إذا رحم غفر؟
د. فاضل: إذا رحم غفر لأنه قال “رحمتي سبقت غضبي” الرحمة سابقة إذن.
سؤال: ما الفرق بين الزوج (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا (1) المجادلة) والبعل (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ (228) البقرة) وفي سورة النور (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ (31) النور) فكيف نفهم الفرق بين البعل والزوج في طيات هذه الآيات؟
د. فاضل: أظن في كلام سابق ذكرنا أن البعل في اللغة حتى يأتي الأرض المستعلية، البعل هو السيد والمالك حتى بعل الدار سيدها ومالكها. في اللغة البعل هو السيّد والمالِك. الزوج ليس فيها شيء وإنما النظير (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) الصافات). يبقى لماذا يختار في موطن بعولتهن ولماذا يختار في موطن في موطن أزواجهن؟ إذن من حيث المعنى اللغوي البعل هو السيد والمالك بعل الدار سيّدها
المقدم: وهل الزوج سيد المرأة ومالكها؟
د. فاضل: طبعاً الرجل قوّام على النساء، قال تعالى (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء (34) النساء)
المقدم: وقال (بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ)
د. فاضل: الرجل هو القائم الذي بيده العقد
المقدم: ليس النساء؟ حتى لو كانت المرأة هي التي تنفق؟
د. فاضل: هو المكلف في الإنفاق وليست هي هذا في أصل التشريع، هذا في اللغة. إذن البعل هو السيد والمالك والقائم على الشيء. كيف تم هذا الاختيار مرة يقول بعولتهن ومرة يقول أزواجهن؟ هذا من حيث اللغة، الزوج هو النظير.
المقدم: حتى للزوجة نقول زوج؟ هل المرأة زوج والرجل زوج؟
د. فاضل: طبعاً. قسم من اللغويين يقولون (زوجة) ضعيف وقسم أنكره والله سبحانه وتعالى قال (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ (35) البقرة)
المقدم: هل هي اللغة الأعلى؟
د. فاضل: قسم قال زوجة ضعيفة وقسم قال خطأ أن نقول زوجة
المقدم: هل أقول زوجي أو زوجتي؟
د. فاضل: زوجي، هذه اللغة الفصحى. (وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ (90) الأنبياء) (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ (35) البقرة). والزوج هو النظير (وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (58) ص) (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) الصافات) قرناء. لماذا الاختيار؟ (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا (228) البقرة) الكلمة الآن والحق للبعل، للسيد والمالك، الكلمة له.
المقدم: يكون سيداً ومالكاً حين يُصدر الكلام.
د. فاضل: هو صاحب الكلمة الآن مستعلي. (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ (232) البقرة) ما قال بعولتهن. من بيده الأمر هنا؟ لمن الكلام في (فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ)؟ لولي الأمر إذن الآن الكلام ليس للسيد أو البعل وإنما المخاطب الولي وصاحب الأمر، ذاك كان البعل هو صاحب الكلمة أما هنا فليس البعل هو صاحب الكلمة الآن وإنما صاحب الكلمة الآن هو الولي (فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ) إذن هو الآن ليس مستعلياً.
المقدم: هو يتكلم عن المطلقات
د. فاضل: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ) من صاحب الكلمة؟
المقدم: ولي الأمر
د. فاضل: إذن ليس الرجل وهناك كان الزوج صاحب الكلمة.
المقدم: فأضفى عليه صفة السيادة وأن له الكلمة
د. فاضل: الآن ليس له الكلمة. كلمة بعل معناها المستعلي صاحب الكلمة المالك، الآن ليس بيده هذا وهذا الخطاب ليس له
المقدم: هو في هذا الموقف ليست فيه هذه الصفات السيادة والملك.
د. فاضل: الخطاب ليس له. في قوله (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا (128) النساء) البعل هو المستعلي هنا والنشوز والإعراض منه فقال (بعلها).
المقدم: ما معنى النشوز؟
د. فاضل: تركها وخروج عن الطاعة.
المقدم: والآية (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ (31) النور)؟
د. فاضل: أصلاً في اللغة لو فتحنا المعجم نجد “تبعّلت المرأة يعني تزيّنت له”
المقدم: حتى يقال حُسن التبعّل
د. فاضل: إذا كانت محبة له مطيعة، حسن التصرف. التبعل التزيّن للزوج والآن في مقام الزينة (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ) الآن في مقام زينة فأتى بالكلمة المناسبة.
المقدم: حتى في اللغة لا يصح أن نقول أزواجهن خارج القرآن
د. فاصل: ليس في اللغة وإنما بلاغة. في اللغة الكلام يستوي لكن الآن من حيث اختيار الكلمة الدقيقة. تبعّلت معناها تزيّنت وأطاعته وأحسنت التصرف هذا التبعّل وهو الآن في مقام زينة فقال (لِبُعُولَتِهِنَّ) هذا أنسب شيء.
المقدم: الرجل بعل والمرأة بعلة أم بعلولة؟
د. فاضل: وردت المرأة بعلة. قالوا بعلة لأنها قد تملكه بهواها، قد تكون هي المسيطرة.
المقدم: إذا سيطرت المرأة تكون بعلة.
د. فاضل: تملكه بهواها.
سؤال: ما اللمسة البيانية في سورة الطور (أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37))؟
د. فاضل: (أم) هنا يسمونها أم المنقطعة معناها (بل والهمزة) بل أعندهم خزائن ربك؟. بل معها همزة الاستفهام بل أعندهم خزائن ربك؟ (أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (39) الطور) بل أله البنات؟
المقدم: أليست (بل) تفيد الإضراب؟
د. فاضل: هذه (بل) معها همزة وليست (بل) وحدها، (بل) في مقام الاستفهام. قال (أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ) يتكلم عن هؤلاء الكفار والعصاة (أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (38) الطور) هؤلاء ليس عندهم مال (أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ) ولا قوة (أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ) ولا علم (أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (41)) ولا استخبارات (أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ) ولا كيد ولا حيلة (أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا (42)) وهذه مقومات الدولة الآن المال والقوة والعلم والاستخبارات والكيد هذه أسس في كل وقت الآن وفي المستقبل.
المقدم: بهذا نفهم أن الله تعالى نفى عنهم كل هذه الصفات
د. فاضل: كلها لأنه ذكرها (أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (38) أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (39) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ (40) أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (41) أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (42)) جمعها كلها لا مال ولا قوة ولا علم ولا مخابرات ولا كيد ولا حيلة. ليس فقط هذا، ليس فقط ليس عندهم خزائن لم يكتف بهذا وإنما قال (أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ) ليس فقط ما عنده مال وإنما هو مثقل بالمغارم والديون. وليس فقط ليس عندهم حيلة وإنما (أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ) إذن ليس عندهم كل شيء فلماذا إذن الاعتداد؟!
المقدم: وبالتالي هم ضعفاء أقل من أن يؤبه بهم.
د. فاضل: نلاحظ في سورة ص قال (أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (9) أَمْ لَهُم مُّلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ (10) جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّنَ الْأَحْزَابِ (11)) قال (أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ) هناك ما قال (رحمة ربك) إنما قال (أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ).
المقدم: في ص زاد (رحمة)
د. فاضل: طبعاً لأنه لما قال الوهاب ماذا يهب؟
المقدم: رحمة.
د. فاضل: إذن ذكر (أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ) أما تلك فعامّة (أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ)
المقدم: لما ذكر في فاصلة الآية (الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ) فاقتضت الرحمة فقال (خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ) وكأنه الرحمة هبة من الله عز وجل. والآية (أَمْ لَهُم مُّلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ (10))؟
د. فاضل: هذا أمر. هو قال في ص (خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ) وفي الطور قال (خَزَائِنُ رَبِّكَ) أيُّ الأوسع؟ خزائن ربك لأنها تشمل خزائن الرحمة وغيرها. قال (الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ) في ص وقال (أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ) في الطور، أيُّ الأشد سيطرة وقوة المسيطر أو العزيز؟ المسيطر لأن السيطرة عزة وزيادة ليس كل عزيز مسيطر لكن كل مسيطر عزيز. لما عمم الخزائن عمّم السيطرة ولما خصّصها خصّصها بالعزة.
المقدم: إذن في الطور (أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ) لما أطلق السيطرة أطلق الخزائن
د. فاضل: ولما خصص الخزائن خصص (أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ)
المقدم: خصص السيطرة بالعزّة فخصص الخزائن فقال (خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ) ولما أطلق السيطرة أطلق الخزائن (خَزَائِنُ رَبِّكَ). هل هذا له إسم في اللغة؟
د. فاضل: هذا البلاغة والبيان. الخزائن مطلقة أطلق السيطرة، الخزائن مقيدة قيدها بالرحمة وهّاب، عزيز. مسيطر، خزائن ربك.
المقدم: لكن بعدها قال (أَمْ لَهُم مُّلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) ملك السموات والأرض كثير
د. فاضل: خزائن الله أكثر أم هذه؟
المقدم: الخزائن أكثر
د. فاضل: إذن تبقى أكثر.
المقدم: هل (أم) تفيد التخيير؟
د. فاضل: تلك (أم) المتصلة.
المقدم: (وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (10) يس)؟
د. فاضل: هذه المتصلة
المقدم: يسموها المتصلة وهذه ماذا؟
د. فاضل: منقطعة.
المقدم: متصلة بماذا ومنقطعة بماذا؟
د. فاضل: المتصلة تقتضي شيئين يجب أن تذكرهما لما تقول سواء يجب أن تذكر أمرين فإذن هي تتصل لا تكتفي بواحد، يجب أن تذكر أكثر من أمر..
المقدم: وهذه؟
د. فاضل: هذه ممكن أن تكتفي تذكر واحدة.
المقدم: كافي أن نقول (أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ) اللغة تتحمل؟
د. فاضل: هذه هي اللغة لما تكون متصلة أنت لا بد أن تذكر أمرين أو أكثر حتى تكون (أم) المتصلة.
المقدم: هل لها إعراب معين؟
د. فاضل: نحن نقول هي اللام المتصلة، المتصلة عاطفة والمنقطعة ليست عاطفة “أجاء زيدٌ أم عمرو؟ أرأيت زيداً أم عمراً” متصلة عاطفة. (قَالُوا سَوَاء عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ (136) الشعراء)
سؤال: عندما تكلم الحق سبحانه وتعالى عن سيدنا عيسى في سورة آل عمران قال (إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55) فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ (56) وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57)) ما دلالة تقديم الذين كفروا على الذين آمنوا؟ وما دلالة فيوفيهم بدل فأوفيهم على غرار فأعذبهم؟
د. فاضل: التقديم والتأخير حسب السياق قد يقدم المفضول وقد يقدم الفاضل بحسب السياق
المقدم: ليست هنالك قاعدة أن المقدم دائماً أفضل؟
د. فاضل: لا، ليس بالضرورة قد يأتي لكن ليس في السياق (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ (32) فاطر) وكذلك قال (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ (2) التغابن) (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) هود) الحَكَم هو السياق. في الآية بدأ بالذين كفروا (فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمْ) السياق في الذين كفروا وهم اليهود الذين هموا بقتل عيسى عليه السلام. قال ربنا قبل الآية (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53) وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54) إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55)) السياق في هؤلاء فإذن اقتضى أن يتقدم الذين كفروا (فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا).
المقدم: لأن منشأ السياق في حال بدايته يهتم بهذه الطائفة.
د. فاضل: (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ)
المقدم: مع العذاب قال أعذبهم ومع الأخرى قال فيوفّيهم فلماذا قال فيوفيهم ولم يقل فأوفيهم باختيار ضمير واحد؟
د. فاضل: (فَيُوَفِّيهِمْ) هذه فيها أكثر من قراءة متواترة، فيها (فَيُوَفِّيهِم) وستة من القراء السبعة قالوا (فنوفيهم)، حفص قرأ (فَيُوَفِّيهِمْ) والستة الباقين من القُراء السبعة قالوا (فنوفيهم). هذه قراءتان متواترتان نزل بهما جبريل فنوفيهم، فيوفيهم. معناه إذن صارت التوفية صارت في الغيبة والحضور، توفية الأجور في الغيبة والحضور على القرآءتين المتواترتين. أما العذاب فربنا يتولاهم تحديداً. الله سبحانه وتعالى يرسل لهم الملائكة فيوفيهم أجورهم. فيها قراءتان متواترتان.
—–فاصل——-
سؤال: في سورة الكهف عندما تكلم عن العثور عن أهل الكهف قال (إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ (21)) وفي سورة طه عندما تكلم عن الحوار بين موسى وفرعون قال (فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62)) ما دلالة التقديم والتأخير؟ وما اللمسة البيانية الموجودة في الآيتين؟
د. فاضل: في طه قال (فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62)) وفي الكهف (إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا (21)) الأمر في طه الأمر يتعلق بأمر موسى وفرعون وقومه في مغالبة موسى تناظروا، تشاوروا ماذا سنفعل؟ وهذا الكلام جعلوه سراً (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى) حتى لا يطلع عليه موسى ولا غيره هو سرّ إذن الأمر هنا مهم. بينما في الكهف (إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ) أمر الفتية وأمر الناس كلهم مؤمنون، الفتية ماتوا والقرية كلها مؤمنون الأمر واحد وليس هنالك سر في الأمر، أمر الفتية وأمر الناس كله واحد فهم كلهم مؤمنون.
المقدم: هو في طه قدّم الأمر لخطورته وأهميته
د. فاضل: طبعاً، هم يتشاورون ماذا نفعل في هذا الأمر؟ ما هو الأمر؟ كيف نفعل؟
المقدم: فقدّمه.
د. فاضل: بينما في سورة الكهف الأمر ليس مهماً فالفتية ماتوا ليس هنالك ما يدعو لذلك والناس يتشاورون فيما بينهم
المقدم: فقدّم البينية الخاصة لأن هذا ربما يصل إلى قرار وهذا ما عليه المعوّل أيضاً. اللغة تتحمل حتى لو عسكنا الترتيب خارج القرآن؟
د. فاضل: اللغة تتحمل لكن البيان يختلف.
المقدم: برغم جهابذة اللغة وعلماء اللغة الذين أوصلوا إلينا كل هذه المعلومات ما استطاع أحد منهم أن يأتي بتركيب لغوي فيه قمة البلاغة كما أتى القرآن الكريم.
د. فاضل: بمقدار سورة لا يمكن أبداً
المقدم: مع أنها لغتهم ولسانهم ويفهمونها
د. فاضل: ليس بالضرورة، كون الإنسان يفهم الآخرين لا يعني أنه يمكن أن يتكلم بأعلى الكلام، نحن نفهم كلام المتنبي وكلام البحتري لكننا لا نستطيع أن نصوغ مثلهم.
المقدم: ربما يكون الأمر مرجعه إلى الموهبة أو الفطرة لكن مجرد رص الكلمات بعضها بجانب بعضها لا يفي بالغرض أن نقول هذه جملة بيانية أو بلاغية؟
د. فاضل: لا يكفي حتى تبين المثل. لا يمكن لا بد أن تبين كيف هذه. ولذلك أحياناً القدامى اعترضوا على الشعراء في بعض الكلمات قالوا هذا ليس مناسباً وأذكر بعض الأبيات (لا أذكرها الآن)
سؤال: (وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70) الأنبياء) (فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98) الصافات) فهل هناك في السياق ما يدل على الخسارة والعلو والسفلية في هاتين الآيتين؟
د. فاضل: الآية الأولى في الأنبياء قال (قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (68)) قال تعالى (وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70) الأنبياء) عندما قالوا (وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ) قال (فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ) يعني خسروا الحرب.
المقدم: إذن المسألة مسألة حرب تحولت من نصرة الآلهة إلى خسارة.
د. فاضل: هم الأخسرين لأنهم لم ينتصروا في الحرب.
المقدم: بمناسبة الأخسرين هل خسران وخسارة واحد؟ من نفس المادة؟ من حيث اللغة؟
د. فاضل: نعم، لكن في القرآن استعمالها مختلف.
المقدم: لغة نفس المعنى خسران وخُسر وخسار
د. فاضل: يستعمل في القرآن الخُسْر والخُسران والخَسَار. في الصافات قال (قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (97) فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98)) هو ذكر البنيان وهو ما ارتفع من البناء والذي يلقى من البناء العالي يهوي إلى الأسفل فقال (فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ).
المقدم: وكأنهم هم الذين هووا وسقطوا من البنيان.
د. فاضل: هم الذين سقطوا، طلبوا النصر فكانوا هم الأخسرين
المقدم: قد يتساءل سائل بِمَ عُبِّر عن الموقف في المرة الأولى وللوهلة الأولى (فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ) أم (فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ)؟
د. فاضل: هو في الحالتين الأخسرين هم أسفلين لكن التعبير مناسب. قال (فَجَعَلْنَاهُمُ فَجَعَلْنَاهُمُ) إذن هو جعلهم الأخسرين فكانوا هم الأسفلين.
المقدم: لكن أصل القصة ماذا؟ ربما يقول قائل الموقف أنهم أرادوا بسيدنا إبراهيم كيداً فردة الفعل من قِبَل الله سبحانه وتعالى جعلهم الأخسرين أم جعلهم الأسفلين؟
د. فاضل: كلاهما. الأخسرين والأسفلين.
المقدم: مع أنه ربما يكون موقفاً واحداً لكن لما تتغير الصورة أو يتغير الملمح تتغير الكلمات. إذن الأخسرين لأنهم قالوا (وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ) والأسفلين لأنهم قالوا (ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا)
د. فاضل: الأخسرين مناسب للنصر والأسفلين مناسب للرمي من البنيان.
سؤال: (وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51) الأنعام) كيف نفهم ختام الآية (يتقون) مع أن المولى أثبت لهم التقوى في صدر الآية؟ فما أفادت (لعلهم يتقون)؟
د. فاضل: ربنا لم يثبت لهم التقوى. نقرأ الآية (وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) ذكر في الآية الذين يؤمنون بالحشر سواء كان من أهل الكتاب أو من المشركين الذين يعترفون بالحشر أو من المترددين أو من المؤمنين الذين هم مفرِّطين، أليس من هؤلاء يخافون أن يحشروا إلى ربهم؟ هم يؤمنون بالحشر. وقسم من المشركين يؤمنون بالحشر. مؤمن مفرِّط يؤمن بالحشر إذن هو لم يثبت لهم التقوى، ترجى لهم التقوى ينذرهم لعلهم يتقون، لم يثبت لهم التقوى، هو أثبت لهم الإيمان بالحشر وهذا ليس بالضرورة أن يكون من التقوى.
المقدم: التقوى أعم وأشمل
د. فاضل: كونه مؤمن بالحشر لا يعني أنه متقي. هنالك أناس كثيرين يؤمنون بالحشر لكنه ليس تقياً
المقدم: وكأنه يريد أن ينذرهم بهذا ربما يتقون.
سؤال: ما الفرق بين سارعوا إلى مغفرة من ربكم وسابقوا في الآيات والفرق بين عرضها السموات وكعرض السماء (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) آل عمران) (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ (21) الحديد)؟ كيف نفهم الفرق بينهما؟ واللمسة البيانية الموجودة في كلا الآيتين؟
د. فاضل: ذكرنا من زمن قديم الآيتين. الآيتين في آل عمران والحديد (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) آل عمران) (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ (21) الحديد) في أكثر من مناسبة تعرضنا لذكر السموات والسماء وقلنا أن السماء تأتي في اللغة وفي القرآن بمعنيين الأول إحدى السموات السبع (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ (5) الملك) والسماء لكل ما علاك،
المقدم: يعني هذا السقف سماء؟
د. فاضل: نعم. السقف سماء والسحاب سماه سماء
المقدم: كل ما علاك فأظلك هو سماء
د. فاضل: حتى لو لم يُظلّك (أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاء (79) النحل) الطير، (كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء (125) الأنعام)، كل ما علاك. إذن السماء أشمل لأنها تشمل السموات وكل ما أظلك من السحاب وغيره. قال تعالى (قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاء وَالأَرْضِ (4) الأنبياء) وقال (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ (6) الفرقان) (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (6) الفرقان). (قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاء وَالأَرْضِ) القول أوسع من السر لأن القول قد يكون سراً وقد يكون جهراً (وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ (8) المجادلة) فلما كان القول أعمّ جاء بالسماء ولما كان السِرّ أخصّ جاء بالسموات. هذا يُطبّق على الآيتين. قال (عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ) وقال (كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ) جاء بكاف التشبيه إذن أوسع. هناك قال (عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ) وفي الآية الأخرى قال (كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ) يعني أوسع.
المقدم: هل هي عرضها السموات والأرض أم أكبر أم أقل أم ماذا؟
د. فاضل: هي عرضها ولكن جاء بالكاف.
المقدم: هو يشبِّه.
د. فاضل: يشبِّه كعرض السماء والأرض. يبقى لماذا؟ يعني (كعرض السماء) أوسع من (عرضها السموات) هذه أقل والأولى مشبه أوسع. يبقى لماذا؟ لما قال (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) آل عمران) وتلك (أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ) أيُّ الأكثر؟ الذين آمنوا، فإذن ينبغي أن يتسع المكان لهم فقال (كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ) لأن العدد صار أوسع وأكبر فينبغي أن يكون المكان أوسع فقال (كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ). العدد أقل جعل المكان لهم، حتى في آية آل عمران قال سارعوا وفي الحديد قال سابقوا لأن المسابقة تشمل المسارعة وزيادة لأنهم صاروا كثيرين تحتاج إلى مسابقة. أصلاً لم يقل عملوا الصالحات وإنما قال (لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ) لم يذكر عمل هذا فضل لإدخالهم الجنة فقال (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء (21) الحديد) هناك لم يقل ذلك فضل الله.
المقدم: لكن لا نفهم وإن لم يعمل؟
د. فاضل: هو لم يذكر العمل، إذن الآن لم يذكر قال (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) الحديد) هناك لم يذكر.
المقدم: آية آل عمران كلها فيها عمل (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)) كلها عمل.
د. فاضل: بينما الآية في سورة الحديد لم يذكر فيها عمل. يعني كعرض السماء والسماء فيها السموات وزيادة، والمسابقة هي المسارعة وزيادة والمؤمنين هم المتقون وزيادة وذلك فضل الله زيادة.
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 15/10/2009م:
د. فاضل: ذكرت الآن البيتين الذين كنت أريد أن استشهد بهما سابقاً:
فما نبتةٌ بالحَزْن طيبة الثرى يمجّ الندى جثجاثها وعرارها
بأطيب من أردان عزّة موهنٍ وقد أوقِدت بالمندل الرطب نارها
قال له يا هذا لو كانت عبدة حبشية وقد تبخّرت بالطيب لصارت طيبة. هذا ليس فيه مدح.
أبو باسل من الأردن: في سورة البقرة (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا (26)) ما هو إعراب (ما)؟
د. فاضل: تعرب زائدة عند كثيرين.
أبو خالد من السعودية:
هدية لكم بيتان من الشعر:
الله أعلم بأن الروح قد (..) شوقاً إليكما ولكني أمنّيها
فنظرة منك يا محمد ويا فاضل أشهى إليّ من الدنيا وما فيها.
بُثّت الحلقة بتاريخ 15/10/2009م
روابط الحلقة 195 فيديو وصوت
جودة عالية avi
http://ia311035.us.archive.org/0/items/lamasat151009/lamasat151009.AVI
جودة متوسطة wmv
http://ia311035.us.archive.org/0/items/lamasat151009/lamasat151009.WMV
mp4جودة عالية
روابط الحلقة من قسم الفيديو:
2009-10-16 09:32:43الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost