الحلقة 234
اللمسات البيانية في سورة هود 15
المقدم: نكمل رحلتنا مع سورة هود وكنا فيها قبل الإجازة وقبل أن ننقطع خلال شهر رمضان وكنا توقفنا في سورة هود عند قوله تعالى (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ (42)) أود بداية فكرة عامة عن هذه الآية واللافت للنظر أن الحادثة كانت قديمة فلم عبّر عنها ربنا تبارك وتعالى بـ(تجري) بصيغة المضارع؟
د. فاضل: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين. هذه الآية جاءت بعد قوله تعالى (وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (41))، قراءة حفص (مجراها) بالإمالة،
المقدم: وهناك قراءة (مجراها) بدون إمالة، لغة هي صحيحة؟
د. فاضل: نعم، إمالة. بعد قوله (ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا) قال (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ) بعد الأمر بالركوب (ارْكَبُواْ فِيهَا) لم يقل فركبوا فيها وجرت السفينة وإنما بعد قوله (ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا) قال (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ) انتقل رأسًا إلى مشهد الفلك
المقدم: ماذا يسمى هذا في اللغة؟
د. فاضل: هذا من نوع المجاز، اختزال، لأن هذا الأمر لا يتعلق الغرض بذكره لا يذكره وإنما نعرفه من السياق من المشهد عندما قال (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ) يعني هم ركبوا فيها وقال (بهم) إذن ركبوا فيها، وجرت (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ) إذن هكذا المشهد وهذا كثيرًا ما يحصل في القصص القرآني لأنه لا يتعلق الغرض بذكره (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17) فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى (18) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (19) النازعات) (فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى (20)) لم يقل فذهب إليه وكلمه ودعاه، فأراه الآية الكبرى قطعًا بعد الذهاب وبعدما دعاه لأنها مفهومة لا يتعلق الغرض بذكرها
المقدم: ربما يكون فصلها في مواقف أخرى
د. فاضل: بحسب الغرض التي تساق فيه القصة ووضعها في سياقها وماذا يريد أن يركز عليه في هذا المشهد
المقدم: لكن خارج القرآن هذا لا يخل بالنص الذي نقرأه؟
د. فاضل: إذا كان مفهومًا واضحًا والغرض لا يتعلق به فهو من الإيجاز المحمود،
المقدم: والغرض لا يتعلق به
د. فاضل: طبعًا. سليمان عندما قال للهدهد (اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28) النمل) رأسًا قال (قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29)) ما قال ذهب وراح وألقى ووجدها المهم إلقاء الكتاب هذا هو الغرض وليس الغرض أنه كيف قطع الهدهد المسافة وكيف طار وكم قضى من الوقت وإنما الغرض إلقاء الكتاب قال (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ). فهنا أيضًا (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ) يعني ركبوا فيها
المقدم: مع أن الحديث عن حادثة قديمة والله سبحانه وتعالى يخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم هم ركبوا فيها وقام الطوفان وانتهوا لماذا عبّر عنها بصيغة المضارع (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ)؟
د. فاضل: هذا يسمونه حكاية الحال الماضية، يعني الأحداث الماضية يعبّر عنها بالفعل المضارع لأهميتها كأنها مشاهدة إما ينقل المشاهد إلى الحادثة أو ينقل الحادثة إلى المشاهد يجعلها أمامه يصورها قال (قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاء اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (91) البقرة) هم قتلوا من قبل لكن قال (تَقْتُلُونَ) لأن القتل أمر فظيع
المقدم: أم للتجدد والاستمرار لأن هذه صفة موجودة فيهم؟
د. فاضل: ممكن، لكن لما قال (من قبل). (وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ (18) الكهف) هو قلّبهم وانتهت المسألة، هذه تسمى حكاية الحال الماضية كما أنه أحيانًا الأفعال المستقبلة يعبر عنها بالفعل الماضي للدلالة على أنها واقعة بمنزلة ما وقع من الأحداث، مثل أحداث يوم القيامة (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ (68) الزمر) (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا (73) الزمر) هذا تنزيل المستقبل منزلة ما وقع من الأحداث.
المقدم: إذن المصطلح مختلف، حكاية الحال الماضية شيء وتنزيل المستقبل منزلة ما وقع من الأحداث شيء آخر لكن الغرض البياني في الاثنين واضح تقريب هذا للمتلقّي أو المتلقي للأحداث
د. فاضل: بالنسبة للأحداث المستقبلة أنها هل فيما وقع من الأحداث شكّ؟ وقع لأنه ماضي فهذه بمنزلة ما وقع من الأحداث، الساعة وأحداثها كأنها وقعت، ماضية ليس فيها شك
المقدم: كل هذا باستخدام المضارع مكان الماضي، خارج القرآن إذا قلت وجرت بهم كالجبال هل فيها بيان؟
د. فاضل: يمكن، أنت لم ترد أن تخبر عن الناحية البيانية وتتصرف من الناحية البيانية لأن أحيانًا الأحداث المهمة إذا أراد أن يركز عليها يستخدم المضارع أو ينفعل فيها. أذكر في قراءة السيرة أن أحد الصحابة لما رسول الله صلى الله عليه وسلم طلب قتل أبو رافع اليهودي الذي آذى الله ورسوله أهدر دمه فذهب أحد الصحابة ليقتله تكلم كيف قتله فقال “فناديت أبا رافع قال نعم” ناديت ماضي، “فأهويت عليه بالسيف فأضربه وأنا دهش” قال (فأهويت، فأضربه) بالمضارع لأن هذه هي التي أثّرت في نفسه
المقدم: هذه النقطة التي يحب التركيز عليها
د. فاضل: ومؤثرة فيه
المقدم: عجيب! أبو جهل وأبو لهب كان يفهم في (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ) أن في هذه حكاية حال ماضية وفيها بيان؟ ولم يؤمن ولم يسلم أيّ جبروت هذا؟
د. فاضل: نعم، هذه لغتهم، هو يفهم، (فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ (33) الأنعام) هذه النفس إذا استكبرت ربنا يذكر عن أناس يوم القيامة حتى إذا رأوا المشهد وربنا سبحانه وتعالى أرجعهم يرجعون إلى ما كانوا إليه (وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) الأنعام) (وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28) الأنعام) رأوا القيامة والنار (يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا) لكن (وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ) النفس الإنسانية عجيبة!
المقدم: (وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ (42)) لماذا استخدام (نادى) مع أن المتبادر للذهن (قال)؟
د. فاضل: النداء هو رفع الصوت، ناداه رفع صوته
المقدم: وإذا قال (قال نوح لابنه)؟
د. فاضل: دليل على أن ابنه كان بعيدًا في مكان بعيد لا يُسمِعه إلا النداء
المقدم: النداء فيه بعد
د. فاضل: هو كان في معزل،
المقدم: ما معنى في معزل؟
د. فاضل: في معزل بعيد عن الماء لمّا يصل إليه الماء بعد لا يسمعه إلا النداء لا يُسمعه مجرد القول معناه أنه كان في مكان بعيد فرفع صوته
المقدم: هو رأى ابنه والسفينة تجري فرفع صوته لكي يسمعه
سؤال: (وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ) قال (مع) ولم يقل (من)؟
د. فاضل: والملاحظ أن نوح نادى ابنه والمفروض أن الابن ينادي أباه حتى ينجو ولكن نوح نادى ابنه بالشفقة
المقدم: هم يعلم أن ابنه غير مؤمن
د. فاضل: نداء فيه حنان (يَا بُنَيَّ) ما قال له يا فلان، يستعطفه حتى يأتي معه، (يا بني) بالتصغير والتحبيب والإضافة إلى ضميره (يا بني) والتودد (يَا بُنَيَّ) لم يقل يا فلان اركب معنا
المقدم: هل الأب لا يصل إلى مرحلة أن يكون قاسيًا مع ابنه ولو لم يؤمن به؟ ه داعية هو الذي يدعو؟
د. فاضل: هو قال (وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ) هو دعاه إلى النجاة ليعيش في مجتمع مؤمن غير الذي ألِفه، غير الخُلّان الذين كان معهم، هو أراد أن يدعوه هكذا ليعيش في مجتمع آخر غير الخلان الذين كانوا معه وأثروا عليه ويحيا معهم والصديق يؤثّر (يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) الفرقان) إذن يؤثر فأراد نوح أن يقول له اركب معنا على الأقل انجو حتى يكون النجاة والعيش معهم مرقاة إلى الإيمان دعوة، يعني كن معنا، أُنج أنت الآن نحن لم ندعك الآن، اُنجُ الآن، اركب معنا حتى يكون مرقاة بعد أن يرى هذا المجتمع غير المجتمع الذي ألفه والخلان الذين ألفهم فيكون مرقاة للدخول في الإيمان
المقدم: ولم يركب ولم يؤمن به
د. فاضل: لم يركب ولم يؤمن قال (قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء) رفض الدعوة
المقدم: وزوجه لم تؤمن. رفض الدعوة فكان جزاؤه كما سنرى.
——–فاصل———-
المقدم: يستمر هذا المشهد العظيم المعبر عنه بكلمات في غاية البلاغة في القرآن الكريم تطير له القلوب بين أبٍ يدعو ابنه ليغيّر بيئته وماء يحمل سفينة وآخر يتكبر ويقول (قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء) و(قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ (43)) اللافت للنظر سؤال قول سيدنا نوح (قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ) هل هناك عاصم في أي يوم؟ لماذا اليوم تحديدًا مع أنه لا عاصم من أمر الله في أي يوم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؟
د. فاضل: لا عاصم لا نافية للجنس تنفي العاصم مطلقًا. لكن السؤال عن اليوم مع أنه كما ذكرت لا عاصم لا في هذا اليوم ولا في غيره، هذا اليوم ليس كسائر الأيام من حيث أن الله سبحانه قضى أمرًا وجاء أمره في هذا هذا اليوم لا ينفع فيه اتخاذ الأسباب لكي تنجو
المقدم: أن يبتعد أو يأوي إلى جبل أو يعتصم
د. فاضل: أنت في سائر الأيام قد تأخذ بالأسباب فتنجو، مثلًا المرض من أمر الله والدواء من أمر الله لكن أنت قد تفر من قدر الله إلى قدر الله فتأخذ الدواء وهو من أمر الله فتنجو من أمر الله
المقدم: تفر من قضاء الله إلى قضاء الله، تأخذ الدواء بقضاء الله فتفر من المرض بقضاء الله، إذا مرضت فأخذت الدواء ففيه أخذ بالأسباب للشفاء
د. فاضل: عموم الأشياء التي تقع هي من أمر الله لكن أيضًا نأخذ الأسباب أيضًا بأمر الله فتنفع.
المقدم: إذا فكرنا بعقلية ابن نوح هنالك فيضان فهو يعتصم بجبل
د. فاضل: إذن اليوم لا يننفع! في هذا اليوم لا ينفع، هذا بأمر الله ولذلك ما قال لا عاصم اليوم من الماء وإنما (قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ) هذا أمر الله لا مفرّ. (قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ) في بقية الأيام أنت تتخذ الأسباب تفرّ من قدر الله إلى قدر الله تأخذ بالأسباب، في هذا اليوم لا ينفع إلا هذا الفلك أن يركب معه في هذا الفلك فقط هذا الوحيد سبب للنجاة وليس هناك سبب آخر، (إِلاَّ مَن رَّحِمَ)
المقدم: إذن أي أخذ بالأسباب لن يجدي نفعًا
د. فاضل: اليوم لا جبل ولا غيره ينفع الذي فررت منه سيصل إليك. أنت تفرّ من الماء لكنه سيصل إليك أينما ذهبت، إذن لا ينفع. تصور أنت تذهب إلى جبل والجبل سيغرق إذن في هذا اليوم لا ينفع أما في بقية الأيام يمكن
المقدم: ونحن مطالبون بأخذ الأسباب
د. فاضل: لا بد أن تأخذ بالسبب
المقدم: هنا الملاحظ قال (قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء (43)) ذكر المهروب منه تحديدًا وسيدنا نوح قال (قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ) ما قال (من الماء) لماذا؟
د. فاضل: (حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ (40) هود) هذه عقوبة خاصة وليست مياه كسائر المياه، هذا أمر الله الذي أنزله ليس كسائر المياه
المقدم: وإن كانوا هم يعتقدون أنها مياه كسائر المياه
د. فاضل: هذا أمر الله الذي أنزله
المقدم: هنا فرق بين مياه الفيضان وأمر الله؟
د. فاضل: هذا أمر خاص لهذه المسألة، أمر خاص لهؤلاء القوم ولهذه المسألة لنجاة المؤمن وإغراق الكافرين إذن ليس ماء عاديًا أمر خاص كُلّف برسالة معينة، إلتجاء إلى جبل لا ينفع هذا أمر الله وليس كما يظن
المقدم: وهذا ما عناه سيدنا نوح في هذه الآية (قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ) ما هذا الاستثناء؟ وما معنى (إِلاَّ مَن رَّحِمَ)؟
د. فاضل: فيه أكثر من كلام لكن باختصار لا نطيل (قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ) (إِلاَّ مَن رَّحِمَ) قد يراد به احتمال من رَحِم هو الله، إلا الراحِم (الفاعل) إلا الذي يرحم، العاصِم هو الراحِم، (إِلاَّ مَن رَّحِمَ) هذا معنى واضح. ومحتمل أن يكون (إلا من رحمه الله)
المقدم: يعني إلا من ركبوا معه في السفينة
د. فاضل: يعني إلا المرحوم فيكون استثناء منقطع
المقدم: هي تحتمل الوجهين؟
د. فاضل: تحتمل لكن واحدة استثناء منقطع وواحدة استثناء تام، تحتمل، وإن كان قسم قال عاصم بمعنى معصوم يعني يحولها إلى إسم مفعول مثل دافع مدفوع وعيشة راضية مرضية، الأمر على ظهره واضح
المقدم: وطالما لم يحدد معنى بعينه فالأمر يحتمل
د. فاضل: لو قال إِلاَّ مَن رَّحِمَه مثلا كان الأمر يحتمل لكنه قال (إِلاَّ مَن رَّحِمَ).
المقدم: (وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ) ما دلالة المغرقين؟ لماذا قال مغرقين وليس مغرقًا؟
د. فاضل: يعني هو كان من المغرقين وليس مغرقًا يعني هو ليس وحده وإنما معه كثير من لم يؤمن بسيدنا نوح. ولم يقل (فغرِق) لو قال فغرق أولًا لم يشر إلى الآخرين (فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ) يصير إخبار عنه وغرق يعني غرق بنفسه لكن مغرقين يعني هناك من أغرقه وأغرق الآخرين مُغرَق وليس غرِق، هذه عقوبة أغرقه من أغرقه هو والآخرين لم يغرقوا هكذا وإنما أُغرقوا عذابًا وعقابًا (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا (25) نوح) ليس غرقوا، تعدية. (فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ) أفاد على أنه هو ليس وحده وإنما معه من لم يؤمن (وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ (40)) هذا أمر والأمر الآخر أنه أُغرق، هناك ذات أغرقتهم أجمعين لم يغرقوا بأنفسهم وإنما أُغرقوا، ليس أنه سبح وغرِق، لا، إنما أُغرِق عقابًا لم يغرق هكذا بنفسه.
المقدم: من خلال تجوال حضرتك وتطوافك هل لنا أن نسأل لماذا اختار الله سبحانه وتعالى الطوفان للقضاء على قوم سيدنا نوح دون غيره من أنواع العذاب؟
د. فاضل: كأنما أراد أن يغسل الأرض من أدرانهم وذنوبهم
المقدم: لأنه بعدها قال (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44)) سمعنا عن هذه الآية كلامًا طيبًا من الأقدمين حدثنا ماذا قال العلماء الأقدمون عن هذه الآية
د. فاضل: قالوا الكثير، هم يقولون أجمع المعاندون
المقدم: المعاندون وليس المؤمنون
د. فاضل: المعاندون الذي لا يقول بالإعجاز، أجمع المعاندون على أن طوق البشر قاصر عن الإتيان بمثل هذه الآية لما فيها من أمور بيانية وحشد عظيم من التعبير والبيان ولذلك أُلِّفت فيها رسائل تحديدًا في هذه الآية كتبت فيها كتيبات في السابق وكلام كثير ويقولون فيها أمر وأخبر
المقدم: واضح أن فيها أمر ونداء وإخبار وإبقاء وإسعاد وإشقاء وأمور كثيرة لكن اسمح لنا أن نرتشف من هذا المنبع الجميل (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ) قال (يا أرض) لماذا لم يقل يا أيتها الأرض؟
د. فاضل: قبل هذه الآية أحب أن أذكر أمرًا، أقول أن الأمر ليس فقط في هذه الآية لكن كل عبارة قرآنية بمقدار أقصر سورة في القرآن، لو أخذت أي تعبير قرآني بمقدار أقصر سورة هو معجز للثقلين إلى قيام الساعة وليست فقط هذه الآية. قد تكون هذه الآية ظاهرة، يكون الأمر البياني ظاهر واضح يؤثر في الآخرين ولهذا يحتاج إلى استنباط ولذلك قال (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ (83) النساء) هناك أحكام تحتاج أحيانًا إلى استنباط وأحيانًا تكون واضحة
المقدم: حتى لا يظن ظانّ أننا نفضل كلام الله على كلام الله، كل كلام الله خير
د. فاضل: لكن يبقى استخلاص هذه الأمور قد تخفى في جانب وتظهر في جانب
المقدم: وقد يكون هذه فيها فتح وهذه فيها فتح أيضًا، لا حرج في هذا.
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 18/9/2010م
خالد من سوريا: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا (14) العنكبوت) لماذا أورد سنة وعام؟
د. فاضل: في الكثير يقولون أن السنة في اللغة في الغالب تكون في سنوات القحط والجدب يقولون أسنت الناس أصابتنا سنة، والعام في الخير (عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49) يوسف). هو لبث فيهم ألف سنة التي كان يؤذى فيها وخمسين عاما هي التي ارتاح فيها فقط.
المقدم: فعبّر عن طريقة العيش بالعام والسنة.
عارف من عمان: رجاء بالنسبة لموعد البرنامج فهو وقت إقامة صلاة العشاء
بكر من الأردن: الآية (73) من سورة الزمر (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) والآية رقم 71 (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) ما دلالة ذكر وحذف الواو في (فتحت)؟
د. فاضل: في الجنة (وَفُتِحَتْ) وفي النار (فُتِحَتْ) النار سجن فهي مغلقة (إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ (8) الهمزة) حتى تبقى النار محصورة، هي مغلقة والسجن مغلق إلا لداخل أو خارج (حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) سجن، مغلقة. أما الجنة مفتحة لهم الأبواب،
المقدم: أساس أبواب الجنة مفتّحة وأبواب النار مغلقة
د. فاضل: (وَفُتِحَتْ) يعني واو حالية جاؤوها وقد فتحت (جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ (50) ص) ليست مغلقة بينما النار حتى إذا دخلوها تغلق عليهم، جاء قوم دخلوها تفتح لهم الأبواب، هي سجن. جاؤوها وقد فتحت الأبواب أما أبوبا النار مغلقة. وإن قسم يقولون واو الثمانية لكن النحاة رفضوا هذا الأمر قالوا لأن أبواب الجنة ثمانية جاؤوا بالواو كما قالوا (وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ (22) الكهف) رفضوها النحاة وقالوا هذا لا يعوّل عليه، لا يوجد ما يسمى بواو الثمانية وقالوا هذا قاله نحوي ضعيف.
أبو أحمد من ألمانيا: السؤال الأول أنا أتصور والله أعلم أن القرآن يتفاضل بعضه على بعض فمثلًا عندما نقرأ آية الكرسي أفضل من تبت يدا أبي لهب وكذلك الفاتحة أفضل القرآن هي سورة الفاتحة وآية الكرسي فيها أسماء الله الحسنى وصفاته بينما سورة المسد تتحدث عن أبي لهب، فالقرآن يتفاضل ولكن كله خير.
د. فاضل: ليس كلامنا في التفاضل وإنما كلامنا في الإعجاز، نحن عندنا سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن، سيدة آي القرآن آية الكرسين فليس كلامنا في التفاضل وإنما كلامنا في الإعجاز، القرآن كله معجز تبت يدا أبي لهب معجز وآية الكرسي معجزة كله معجز، وأنا لا أتكلم عن التفاضل وإنما عن الإعجاز وإلا فسيدة آي القرآن آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة فيها كلام وسورة الفاتحة لا شك هي في كل صلاة، ليس هذا قصدي وإنما قصدي فقط بما يتعلق بالإعجاز،
المقدم: ربما لما قلت لا نفضل كلام الله على كلام الله،
د. فاضل: من حيث الإعجاز.
المقدم: هذا برنامج لغوي
د. فاضل: نحن مقرون به، آية الإخلاص تعدل ثلث القرآن والكافرون ربع القرآن.
المقدم: نوضح للأخ أبو أحمد بارك الله فيه أننا ما قصدنا، نحن نقصد التفاضل البلاغي والبياني فقط بقطع النظر عن أي شيء آخر .
د. فاضل: سورة الإخلاص ثلث القرآن والكافرون ربع القرآن وآية الكرسي سيدة آي القرآن.
السؤال الثاني كيف يمكن الحصول على بعض كتب الدكتور فاضل التي ألّفها عن اللمسات البيانية وإعراب القرآن؟
——فاصل———-
عبد المجيد من السعودية: أعتقد الدكتور قرأ الآية (وقيل اركبوا فيها) وهي (وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا) فهل هذه قراءة أم أنها زلة لسان أو الخطأ والله أعلم؟ أقولها محبة لكم.
المقدم: هي (وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا) سامحنا.
أبو نضال من سوريا: يرد في القرآن الكريم الفعل (اشتروا) سبع مرات أربع مرات تأتي واو الجماعة مضمومة وثلاث مرات ترد ساكنة، فأرجو من الدكتور توضيحها.
د. فاضل: اشترَوْا فعل ماضي، اشترُوا فعل أمر، هل يمكن أن يعطينا أمثلة
أبو نضال: الآية 16 في سورة البقرة والآية 86 في البقرة (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى) جاءت الواو مضمومة
د. فاضل: هذه ليست ساكنة (اشترُوا).
المقدم: الفعل معتل يكون له ضوابط نفصِّل فيها في الحلقة القادمة. إسناد الفعل الماضي المعتل واو الجماعة هل فيه ضابط معين؟
د. فاضل: إذا كان آخره ألف مثل قضى قضوا، اشترى اشتروا، إذا كان آخره ياء أو واو يضم ما قبله (نسي نسوا) (نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ (67) التوبة)، (خشي خشُوا)
المقدم: لا تخشوا
د. فاضل: هذا مضارع، هذا ألف، خشي ماضي
المقدم: أصل حرف العلة يأتي في الماضي أو المضارع؟.
د. فاضل: يأتي في الماضي والمضارع والأمر. إشتروا فعل أمر من يشتري، لا يجوز أن يقال هم اشترُوا وإنما هم اشترَوْا إذا كان آخره ألف بالماضي أو بالمضارع يُفتح ما قبله ينأى وينأون يسعى ويسعون
المقدم: أما يشتري يشترون
د. فاضل: يدعو – يدعون
المقدم: نفصّل فيها في الحلقة القادمة بإذن الله.
خالد من السعودية: ما اللمسة البيانية بين انفجرت وانبجست؟
المقدم: موعد البرنامج مساء الجمعة والسبت الساعة السابعة بتوقيت مكة المكرمة.
بُثّت الحلقة بتاريخ 18/9/2010م
من قسم الفيديو
http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=2318
تحميل الحلقة من إحدى هذه الروابط
جودة عالية
http://ia360703.us.archive.org/16/items/thexinxway_00046/lamasat170910.AVI
جودة متوسطة
http://ia360703.us.archive.org/16/items/thexinxway_00046/lamasat170910.rmvb
جودة موبايل
http://ia360703.us.archive.org/16/items/thexinxway_00046/lamasat170910_512kb.mp4
جودة صوت
http://ia360703.us.archive.org/16/items/thexinxway_00046/lamasat170910.mp3
الرابط علي موقع
blip.tv
http://blip.tv/file/4140036
الرابط علي موقع مشاهد
http://www.mashahd.net/view_video.php?viewkey=ea0337b5c6963469aee0
2010-09-19 11:30:13الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost