سؤال: u ووردت لفظة البحر 8 مرات في القصة نفسها ووردت لفظة البحرين مرة واحدة؟
u مرة يستعمل اليم ومرة يستعمل البحر في القصة نفسها (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ (63) الشعراء) (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ (40) القصص) اليمّ كما يقول أهل اللغة المحدثون أنها عبرانية وسريانية وأكادية وهي في العبرانية (يمّا) وفي الأكادية (يمو) اليمّ وردت كلها في قصة موسى ولم ترد في موطن آخر ومن التناسب اللطيف أن ترد في قصة العبرانيين وهي كلمة عبرانية. كلمة البحر وردت عامة (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ (50) البقرة) (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ (14) النحل) عامة لكن من الملاحظ أن القرآن لم يستعمل اليم إلا في مقام الخوف والعقوبة أما البحر فعامة ولم يستعمل اليم في مقام النجاة، البحر قد يستعمله في مقام النجاة أو العقوبة. قال تعالى (فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ (7) القصص) (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ (39) طه) هذا خوف، (فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ (136) الأعراف) هذه عقوبة، (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78) طه) (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ (40) القصص) عقوبة، أما البحر فعامة استعملها في النِعم لبني إسرائيل وغيرهم (أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ (63) النمل) (وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ (67) الإسراء) في نجاة بني إسرائيل استعمل البحر ولم يستعمل اليم. استعمل اليم في العقوبة واستعمل البحر في النجاة والإغراق (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ (50) البقرة) استعملها في الإغراق والإنجاء (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر) أي أنجيناهم، (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77) طه) (فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ (78) طه) لم يقل البحر، (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ (63) الشعراء). إذن يستعمل اليم في مقام الخوف والعقوبة فقط ويستعمل البحر عامة في بني إسرائيل وغيرهم. اليم يستعمل للماء الكثير وإن كان نهراً كبيراً واسعاً. يستعمل اليم للنهر الكبير المتسع ويستعمل للبحر أيضاً. اللغة تفرق بين البحر والنهر واليم: النهر أصغر من البحر والقرآن أطلق اليم على الماء الكثير ويشتق من اليم ما لم يشتقه من البحر (ميموم) أي غريق لذلك تناسب الغرق. العرب لا تجمع كلمة يم فهي مفردة وقالوا لم يسمع لها جمع ولا يقاس لها جمع وإنما جمعت كلمة بحر (أبحر وبحار) وهذا من خصوصية القرآن في الاستعمال. كونها خاصة بالخوف والعقوبة هذا من خصوصية الاستعمال في القرآن.
سؤال: ما الفرق بين استعمال (ما) و(الذي) في الآية (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ (13) الشورى)؟
(شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ) الذي أوحينا إليك هو معروف لمحمد r كل ما جاء يعرفه، وهو القرآن الكريم أما ما وصى به نوحاً فهو غير معروف، (وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى) ما وصينا به إبراهيم وموسى غير معروف والتوراة ليست موجودة وكانت محرفة حتى في زمن الرسول r ولا يعلم كل ما وصى به من كلمات فالقرآن أعرف مما وصى به إبراهيم وموسى وعيسى ونوحاً، هذا تفسير عام وليس تحديداً نقول لا إله إلا الله كلمة عامة لكن دقائق الأمور والأحكام التي جاء بها إبراهيم موسى وعيسى ونوح لا يعرفها الرسول rr فـ (الذي أوحينا) أعرف فجاء بما هو أعرف لما هو أعرف وجاء لمن دونه في المعرفة بما هو دونه بالمعرفة (ما وصى به) وكل كلمة في مكانها بحسب القاعدة.
r استعمل (أوحينا إليك) لهذا استخدم الذي وما.
سؤال: ما دلالة استخدام كلمة ربنا في السؤال والله في الجواب وكلمة أنزل في السؤال في الآية (إِذْ جَاءتْهُمُ الرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاء رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (14) فصلت)؟
(لَوْ شَاء رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً) لو شاء ربنا دعوة الخلق وهدايتهم لأنزل ملائكة لأن الرسل دعوهم إلى عبادة الله (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ) قالوا (لَوْ شَاء رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً) لو شاء هداية الخلق ودعوتهم كان أنزل ملائكة والرب هو الهادي والموجه والمرشد لذلك أنسب أن يقول ربنا ولذلك كثيراً ما يقترن الرب بالهداية (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (161) الأنعام) (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) الشعراء) كثيراً ما يقترن بالهداية، الله سبحانه وتعالى كل شيء بيده (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء (56) القصص) لو شاء ربنا دعوة الخلق وهدايتهم فالمناسب مع الهداية الرب لأنه الهادي والمرشد والمربي، العبادة أقرب شيء لله (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ) والرب تستعمل لغير الله وهي غير خاصة بالله فنقول مثلاً رب البيت، حتى في سورة يوسف (إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ (23) يوسف) (اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ (42) يوسف) لأن الرب هو القيم والمرشد والموجه فأنسب مع إنزال الملائكة وجعونة الخلق وهدايتهم كلمة الرب.
سؤال: ما دلالة سؤال الجلود فقط دون غيرها من الأعضاء التي شهدت عليهم في الآية (حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا (21) فصلت)؟
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ (56) النساء) العذاب سيقع على الجلود فيسألونها لماذا شهدت علينا؟ أنت حق عليك العذاب فلم شهدت علينا؟ وهي ليست كالسمع والبصر، يا جلود لم شهدت علينا؟ العذاب سينالك ألم تفكري في نفسك؟ الجلود هي فعلاً الأولى بالسؤال لأن العذاب سينال الجلود وكلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها فهي مدركة للعذاب وهي تحس بالألم فيتوجه السؤال لها منطقياً لأنها تشعر بالعذاب وتحس به وتألم به فكان السؤال منطقياً للجلود (وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا) لكن هذا لا ينفي أن السؤال موجه للسمع والأبصار فهي أي السمع والبصر شهدت عليهم أما مناط الشعور والإحساس بالعذاب هي الجلود والجلود شهدت فلهذا انتقدت الجلود بالسؤال.
سؤال: ما دلالة الآية (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) بين آيات الجعل في سورة الأنبياء (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31) وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32) وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34))؟ وما الفرق بين الجعل والخلق؟
(وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) جعل منه، (وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ) هي لبيت هكذا تأتي وإنما تقتضي أكثر من شيء، (وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا) هذه حالة من الحالات لم يجعلها هكذا وإنما يمكن أن نقول خلق السموات، يتعدى بنفسه لكن لا بشيء آخر لا نقول جعلنا الماء كل شيء حي. قال تعالى (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ (12) الإسراء) لما قال آيتين قال جعل وفي آية أخرى قال (خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ). في الغالب الجعل يتعلق بشيء آخر وليس فقط جعل أي خلق هكذا لكن هنالك شيء آخر في المفعول يتعلق به. (أََنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) خلق الله الإنسان وانتهى لكن جعل تقتضي أكثر من شيء وأكثر من أن تذكر المفعول وحده وهذا ما نص عليه أهل اللغة. الجعل هو إخبار عن ملابسة مفعوله بشيء آخر بأن يكون له أو منه أو فيه أو حالة من الحالات (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) (وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ) (وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا) رواسي مفعول جعل ملابسة مفعوله بشيء آخر (في الأرض). هذا هو الفرق بين الجعل والخلق. لما قال (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) ولم يلابسه بشيء آخر قال خلق، (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ (12) الإسراء) خلق أعمّ (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً (30) البقرة) ملابسة لـ في الأرض. خلق ليس خاصاً بالله تعالى (أََنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ (49) آل عمران). فَطَر هو فعل خاص بالله تعالى.
سؤال: ما وجه الإعجاز البلاغي في الآيتين في سورة النحل (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (111) وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (112))؟
(يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (111)) قال وتوفى كل نفس ما عملت وفي آيات أخرى قال (وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ (281) البقرة) وآل عمران (فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ (25)). في آية النحل قال ماعملت. في سياق الأموال يقول (ما كسبت) وفي سياق العمل يقول (ما عملت). في آل عمران (وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (161) آل عمران) الغل هو الأخذ من المغنم قبل اقتسام الغنائم، وهو متعلق بالأموال والكسب فقال (ما كسبت)، في البقرة في سياق الأموال (وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ (281) البقرة) وقبلها أمور مادية من ترك الربا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278) البقرة) الربا كسب حرام، آية المعسِر (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ (280))، آية الدين ((282) البقرة) في سياق الأموال فناسب ذكر الكسب أما آية النحل ليس لها علاقة بالكسب وقال قبلها (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (110) النحل) ليس فيها كسب فالجهاد والفتنة والصبر ليست كسباً. ففي سياق الأموال قال كسب وفي سياق الأعمال قال عمل.
(وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (112)) نلاحظ قدّم أول مرة الأمن على الرزق قال (قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ) وبعدها مباشرة قدم الجوع على الخوف أي الرزق على الأمن فقال (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ) ليستا على نسق واحد ولو كانت على نسق واحد لقال الخوف والجوع. فيما يظن أن السياق يقتضي أن يمشي في الآية كما في الأول لكنه قال (كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا) الرزق لا يأتي إلا إذا كانت السُبُل آمنة والمدينة آمنو فإذن لما قال يأتيها رزقها رغداً من كل مكان ويسبق هذا الإتيان الأمن وإلا لا يمكن أن تصل إذا لم تكن السبل والمدن آمنة ولذلك هذا أمر طبيعي فقدم الأمن على الإتيان. (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ) الإنسان يحتاج إلى الطعام أكثر من الأمن لأنه يموت من غيره حتى لو كان خائفاً فقدّم ما هو أولى وما به دوام حياته وما يحتاجه الإنسان. في كلا الموضعين قدّم الأَوْلى. ثم نلاحظ قال (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ) لم يقل نِعَم الله أنعم جمع قِلّة ونِعم جمع كثرة، كفران أنعم الله يؤدي إلى هذا فكيف لو كفر الإنسان بالنعم؟! عندما كفروا بالقليل أذاقهم الله تعالى لباس الجوع والخوف فما بالك لو كفروا بالكثير؟!. قال (فأذاقها) للدلالة على المباشرة لأن الإذاقة مباشرة الشيء. ثم قال (لباس) لأن اللباس يشتمل (فأذاقها الله لباس الجوع والخوف) أي شملهم الجوع والخوف كما يشتمل اللباس على الإنسان. قال في آية أخرى (الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ (4) قريش) هذا من باب ذكر النعم وليس من باب كفران النعم. ثم قال (بما كانوا يصنعون) قال يصنعون ولم يقل يعملون أو يكسبون لأن الصنع هو إحسان العمل فهم كانوا يصنعون السوء صناعة وراسخون في هذه الصنعة ولذلك لم يقل يعملون ولكن شملهم العذاب كما يشملهم الجوع والخوف بما كانوا يصنعون. الفرق بين العمل والصنع أن الصنع هو إحسان العمل. و (بما) تحتمل أمرين المصدرية والموصولة (بما) لم يقل بما كانوا يصنعونه لو قال بما كانوا يصنعونه لكانت إسم موصول (بالذي كانوا يصنعونه) يذكر العائد لكن لما قال (بما كانوا يصنعون) تحتمل أمرين: بصنعهم وبالذي يصنعونه، بعموم الصنع وبالأشياء التي يصنعونها. إذن ذكر جملة أمور أدت إلى ما هم فيه.
(تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ (134) البقرة) جعلها كالأموال وككسب الإنسان.
سؤال: يميل القرآن الكريم إلى حذف ما هو معلوم أحياناً فما الحكمة من ذكر (فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَى أَبِيهِمْ (63)) في سورة يوسف مع أن هذا الأمر واضح من السياق في قوله (وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (62))؟
(وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) أي لعلهم يعودون إلى مصر مرة أخرى مرة أخرى يأتون فيمتارون. إذن لعلهم يرجعون إلى مصر مرة أخرى وليس إلى أهلهم فهم لم يعودوا إلى أهلهم فبطبيعة الحال يقول (لعلهم يرجعون).
سؤال: ما سبب سقوط التاء في اللغة العربية كما في قوله تعالى (ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا (82) الكهف) و(فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) الكهف)؟
(فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا) قلنا أن (وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا) تحتاج إلى حدث أطول وأشق ولذا قال استطاعوا أما (فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ) الحديث يحتاج إلى زمن طويل. (قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا (78)) وبعدها قال (مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا) في الأولى ذكر الآية وبدأ يتكلم (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ (79)) لم ينتهي الكلام أما الثانية انتهى كلامه ولم يتكلم بعدها بكلمة واحدة وإنما انتقل لموضوع آخر (وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا (83)) في الأولى الكلام لا يزال الكلام مستمراً فقال تستطع أما لما انتهى الكلام قال تسطع. في قوله (قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا (64) الكهف) حذف الياء، بينما قالوا (قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَـذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا (65) يوسف) الحدثان يختلفان. الذكر والحذف متعلق بالمقام الذي نتحدث عنه ولطول الحدث أو قلّته ولما كانت البغية لم تكتمل قال (قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ) لأنه كان يبتغي لقاء الخضر، لأن ربنا تعالى أخبر أنه حيث نسيت الحوت هناك ستجده. أما في سورة يوسف هم جاءوا للإمتلاء فأعطاهم الميرة وأرجع إليهم أموالهم فهذا أكثر مما يبغون أما الأولى لم تكتمل البغية لأنه لم ير الشخص الذي يبحث عنه بعد وإنما وصل للمكان فقال (قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ) لما لم تكتمل البغية حذف منها ولما اكتملت لم يحذف وهذا من خصوصية القرآن الكريم.
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 28/6/2007م:
-
(وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ (61) الأنفال)؟
-
(وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (46) الأنبياء)؟ وما اللمسة البيانية في كلمة (نفحة)؟ والعذاب أضيف إلى إسم يدل على الشفقة وهو الرب ولم يضف إلى إسم يدل على القهر والجبروت فما اللمسة البيانية في كل هذه المفردات؟
-
(اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا (2) الرعد) و (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا (10) لقمان) ؟
-
(وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) الأعراف) (فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19) النساء)؟
-
(قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) النور) ؟
-
(قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88) الكهف) لماذا قدم ذكر عذاب ذي القرنين على عذاب الله أما في الجزاء بالحسنى فقدم جزاء الله تعالى على جزاء ذي القرنين؟ ولماذا استخدم سوف والسين في جزاء وعذاب ذي القرنين (فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ) و (وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا) أما في جزاء الله ووعيده (فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا) و (فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى)؟