لمسات بيانية, لمسات بيانية - حلقات

لمسات بيانية – الحلقة 43

اسلاميات

الحلقة 43

سؤال: هل ورد التنازع في القرآن الكريم؟

(هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ (19) الحاقة) هاؤم هذا اسم فعل بمعنى هاتوا، اقرأوا فعل أمر، كتابيه، هاؤم اقرأوا كتابيه، تنازعوا الكتاب، هاؤم اقرأوا الكتاب هاتوا الكتاب واقرأوه وإسم الفعل يعمل عمل الفعل. (آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) الكهف) قطراً مفعول به هل هو للفعل آتوني أو الفعل أُفرغ؟ النحاة يجيزون أي واحد منهم لكن الإختلاف فقط في الترجيح فعند الكوفيين الأول هو الأولى في الإعمال وعند البصريين البصريين الثاني هو أولى بالإعمال وعند الفرّاء كلاهما يعملان معاً. عند النحاة كلاهما جائز لكن هناك مرجحات وكل واحد يحتج فالأول يقول الأول هو أولى باعتبار سابق والبصريين يقولون الثاني لأنه أقرب ولو كان الأول لكان هناك فاصل بين العامل والمعمول ولو كان كذلك لقال ربنا آتوني أفرغه عليه قطراً لأنه إذا أعملنا الأول يجب أن نضمر في الثاني وفيها كلام طويل لكنهما متفقان على أنه يجوز. في المعنى هو يعمل للإثنين لكن في الإعراب عند الكوفيين الأول هو الأولى وعند البصريين الثاني هو الأولى وعند الفراء يقول سيان. أكثر من عامل يشترك في معمول واحد وبدل أن يكرر جملة المعمولات (تسبحون ويحمدون وتكبرون الله ثلاثاً وثلاثين بدل أن يقول تسبحون الله وتحمجون الله وتكبرون الله فيجمعها كلها ويأتي بمعمول واحد لها يصلح لها جميعاً.، (وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا (7) الجن) خارج القرآن يقال أنهم ظنوا أن لا يبعث الله أحداً كما ظننتم أن لن يبعث الله أحداً.

سؤال: هل الإستثناء في لا إله إلا الله مفرّغ؟

سؤال من المقدم: في إعراب أشهد أن لا إله إلا الله قدّرتم الباء بعد أشهد مع أن حرف الباء لا تدخل إلا على الإسم فكيف ذلك؟ هي داخلة على إسم لأنها داخلة على أن المصدرية، أن حرف مصدري والمصدر المؤول هو الذي يدخل عليه حرف الجر مثل (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) النساء) (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (47) الأحزاب) سقط على نزع الخافض الباء داخلة على المصدر والمصدر إسم فصار مصدر مؤول (أن وما بعدها مصدر). الحروف المصدرية (أنّ) حرف مصدري وإسمها وخبرها علمت أنك مسافر أي علمت سفرك. الحروف المصدرية: أن وأنّ ولو وما وكي فإذن هي لم تدخل على الفعل كما ظنّ السائل. دخلت على المصدر المؤول وهذا جائز وعلى نُزِع الخافض في الأصل هي موجودة مثل (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) نُزِع الخافض. إذن هي أشهد بأن لا إله الله، نُزِع الخافض فصارت أشهد أن لا إله إلا الله. والخافض هو حرف الجر على مصطلح الكوفيين والخفض هو الجرّ.

سؤال: نعرف بعصمة الأنبياء وننزههم عن وجود نقص فكيف وصف سيدنا موسى بأنه قاتل وأنه لا يُبين الكلام وأن أخاه هارون هو أفصح منه لساناً فكيف نفهم هذه الأمور؟

(فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ (15) القصص) هذا مظلوم، هناك ظالم ومظلوم، قوي ومستضعف فأراد موسى أن ينصر المستضعف فوكزه والوكز ضربة خفيفة وليست ضربة تميت وهذا من باب القتل الخطأ ولم يكن قاصداً لقتله. الظاهر مما نقرأ من قصة سيدنا موسى أنه عندما ذهب إلى مدين وجد امرأتين تذودان (وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا (23) القصص) فلم يتحمل أن يراهما هكذا ومن دون طلب ومن دون أجر سقى لهما ثم تولى إلى الظل (فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ (24) القصص)، هذا دافع في نفسه حب الإعانة وحب نصر الضعفاء والمستضعفين هذه ناحية إيجابية عنده. ليس هذه فقط وإنما هذه الناحية نلاحظها مع العبد الصالح كان ينكر عليه أفعالاً ليست مناسبة في نظره فاستنكر خرق السفينة واستنكر قتل الغلام واستنكر إقامة الجدار إذن هو لا يحب الظلم ويحب نصر الضعيف والله تعالى يقول (وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ (75) النساء) إذن هو نصير المتستضعفين. ولقد لاحظت في كتب التفسير يعقدون مشابهة لطيفة بين ما حصل بين موسى والعبد الصالح وبين ما حصل مع موسى في ماضيه يقولون هو أولاً اعترض على السفينة ألم ينظر إلى التدبير الذي دبره له ربه عندما وضع في التابوت، ثم مسألة القتل فقد قتل نفساً مع القبطي وهذه تشبه تلك وهو اعترض هنا على فعل العبد الصالح وهو قد فعلها لكن لم يعلم الحكمة لكن العبد الصالح فعلها عمداً لحكمة يجهلها موسى وكذلك الجدار لم يأخذ أجراً وهو سقى للمرأتين بدون أجر. إذن موسى سقى مجاناً وقتل نفساً وألقي في التابوت كما ركبا في السفينةفيعقد القدامى هذه المشابه وحتى يقال أن الخضر ذكره بها. ننظر نظرة أخرى إلى الموقف أن موسى u نصير الضعفاء (فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ) إستغاث به وهو لم يتدخل معه تحزباً.

(وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (52) الزخرف) في لسانه عقدة أو حُبسة أو رُتّة أي عجلة في الكلام أو تعتعة أحياناً أو ثِقَل في الكلام أو تلعثم في الكلام. أولاً الله تعالى أعلم حيث يجعل رسالته ورب العالمين ذكر أناساً في القرآن الكريم حسان المنظر وذوي منطق سليم وذمّهم (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (4) المنافقون) يخافون بينما موسى كان يبادر فالمسألة ليست بالمنظر وإنما هي بالمخبر هذا الأصل. في غير مقام سيدنا موسى u العرب تقول:

u ذكر حججاً وحاجّ فرعون وكان يلقي بالحجة ويتكلم معه هذا إشارة أن الواحد عليه أن لا يخجل مما يراه فيه ليس كاملاً ولا يجعله ينزوي فإذا رأى الإنسان في نفسه شيء من هذا فعليه أن يكون إيجابياً وهذا ليس الأمر الذي يقاس به الرجال وموسى u كان يأتي بالحجج. يقولون هارون أقوى من موسى لكن هارون استُضعِف (قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي (150) الأعراف) موسى شخصيته قوية وتختلف عن شخصية هارون في بني إسرائيل وكانوا يهابون موسى أكثر مما يهابون هارون (قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي) فهي ليست مسألة إحسان النطق فقط، هارون أفصح منه في النطق لكن من يقول أنه يأتي بحجة أقوى من حجته؟ الفصاحة أن يُحسن القول لا يأتي بكلمة غريبة لا يأتي بكلمة خطأ في اللحن فقط لكن يحسن النطق فصيح في اللسان فصيح في الكلام وليس كل فصيح بليغاً وكل بليغ فصيح. عدم وجود الفصاحة مثلاً في موسى ليست منقصة فيه وليس معناها أن هارون أقوى منه حجة وإنما يعني أنه يتكلم، طلق اللسان. في سورة الشعراء الحجة كانت بين موسى وفرعون وليس بين هارون وفرعون (قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ (24) الشعراء).

سؤال من المقدمu نجد أنه أسمر أجعد الشعر قوي يسارع إلى النهضة، قاتل وأخوه أفصح منه وهو يكاد لا يبين ومع هذا يقول تعالى عنه (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41) طه) والأنبياء عنادنا لديهم صورة وحسن الطلة فكيف نوفق بينها؟ هل الأسمر لا يصلح أن يكون نبياً؟ رب العالمين ذكر امتحان كبير لأيوب حتى عافه الناس وصار خارج المدينة. الأنبياء والرسل ليس فيهم صفات بدينة إذا رأيتهم أعجبتك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم ليس هذه الصفات ولكن فيهم صفات أخرى لذلك الله تعالى قال (اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ (124) الأنعام) الذي يحملها ويؤديها ليست بالمنظر معناه أن الرسول r هو أجمل الناس ليس بالضرورة ذلك. نتعلم أن الموضوع كله يكمن في الجوهر وليس في المظهر وعلى كل إنسان أن يفعل وسعه ولا يصده عن فعل الخير ما يرى في نفسه شيئاً ليس كاملاً وإنما عليه أن يفعل وسعه في الخير وهذا مثل يعطينا إياه ربنا تعالى حتى لا نخجل من هذه الأشياء وإنما نسعى في الخير وندخل في المجتمع وقد رأيت في حياتي شخصاً كان كلامه ثقيل لكن كان كل جماعته يهابونه وإذا قال تكلم كلمة يهابونه.

سؤال: (وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (8) الأنبياء) هل هناك جسد لا يأكل الطعام ولماذا الجسد مفرد ويأكلون جمع؟

(فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ (88) طه) ليس بالضرورة أن الجسد يأكل الطعام ثم أصلاً العرب يقولون أن الجن والملائكة جسد لا تأكل الطعام فإذن كلمة جسد في العربية لا تعني أنه يأكل الطعام. الجسد في اللغة لا ينحصر فينا قطعاً وإنما أي شيء مجسد فهو جسد حتى قالوا الجن جسد والملائكة جسد. (جسداً) أي مستغنين عن الطعام لأنه ملك.

(إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) العصر) وكلمة جسد هو جنس لما قال (وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ) يتكلم عن جماعة وليس عن واحد (فمنهم شقي وسعيد فأما الذين شقوا). جسد جنس وبالتالي تجمع، رجل رجال والرجل جنس، الإنسان ربنا جمعها أناسي جمع الجنس إذن ليس فيها إشكال.

سؤال: آية السجدة في سورة النحل لماذا أفرد الحق تعالى كلمة اليمين وجمع كلمة الشمال (أَوَ لَمْ يَرَوْاْ إِلَى مَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلاَلُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَآئِلِ سُجَّدًا لِلّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (48))؟

(عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَآئِلِ سُجَّدًا لِلّهِ) ففي اليمين كأنه ظل واحد ينقُص والشمائل زيادة في جهة زيادة في جهة الشمال، هذا ينقص منه وهذا يزيد منه فكأنما صارت أكثر من جهة. اليمين عند العرب يُقصد بها جهة اليمين جهة طلوع الشمس والشِمال جهة المغرب (هذه شِمال والشَمال هي الريح) الظل ينقص جهة اليمين والجهة الأخرى الظل يزداد فتصير شمائل. ثم قالوا اليمين هو جهة مطلع الشمس أي المشرق والمغرب جهة الظلمة فكما أن الله تعالى في القرآن أفرد النور حيث وقع وجمع الظلمة حيث وقعت يقول النور والظلمات أفرد اليمين وجمع الشمائل. ثم التفتوا وقالوا جهة النور واحدة لأنه ليس هناك إلا نور الله أما الظلام فهو كثير مثل النفس والشيطان والهوى. ثم يقولون سجداً مع الشمائل (سُجَّدًا لِلّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ) ويأتون بمناسبة لطيفة ويقولون جهة اليمين مطلع الشمس ليس فيها حُكم شرعي يتعلق بالصلاة ليس هناك صلاة واجبة من طلوع الشمس إلى الظهر وفي الشمائل يكون هناك صلوات تبدأ من الظهر ثم العصر ثم المغرب ثم العشاء فإذن السجود سجداً لن يكون باليمين ولذا قال سجداً بالشمائل.

سؤال: في سورة مريم لماذا ذكر كلمة الرحمن 16 مرة؟ في آخر سورة مريم (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88)) (أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91)) ما دلالة لفظ الرحمن؟

(فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى (11)) وفي النمل قال (فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ (8)) طبعاً هنالك سبب في إختيار أتاها وجاءها لكن مما ذكر أن لفظ الإتيان في طه أكثر من لفظ المجيء ولفظ المجيء في النمل أكثر من لفظ الإتيان. يقولون ورد لفظ الإتيان في طه 15 مرة وفي النمل 13 مرة، ولفظ المجيء في النمل 8 مرات وفي طه 4 مرات إذن هذا إضافة إلى الأمور التي ذكرت بالنسبة للمجيء والإتيان أن جاءها في الأمور الشاقة وأتاها في الأمور السهلة هنالك سبب آخر مع كل ذلك أن السمة التعبيرية للسورة أيضاً حسّنت هذا الأمر. في البقرة (إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (173)) وفي الأنعام (فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (145)) في الأنعام كلمة الرب أكثر من لفظ الله وفي البقرة لفظ الله أكثر من الرب. ورد لفظ الله في البقرة 282 مرة وفي الأنعام 87 مرة وكلمة الرب في البقرة 47 مرة وفي الأنعام 53 مرة، إضافة إلى أنه في كل مسألة هنالك سبب خاص بالسياق لكن عندنا السمة التعبيرية للسورة أيضاً حسّنت أنه في البقرة (إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) وفي الأنعام (فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). (إنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (17) الحج) (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (25) السجدة) لفظ الرب ورد في السجدة أكثر مما وردت في الحج ولفظ الله في الحج ورد أكثر مما ورد في السجدة، لفظ الله في الحج مرد 75 مرة وفي السجدة مرة واحدة، لفظ الرب في السجدة 10 مرات وفي الحج 8 مرات، هناك فرق كبير بين آيات الحج والسجدة. الآن نأتي إلى الرحمة نجد أن الرحمة شاعت في سورة مريم سياق السورة والسمة التعبيرية الرحمة شائعة من أول السورة إلى آخرها (ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2)) (سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96)) لا تدانيها سورة في ذكر الرحمن (قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا (18)) وفي البقرة (قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67)) حتى لو أخذنا اللفظة الرحمن في مريم وردت في 16 مرة ووردت في البقرة مرة واحدة فقط (وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)) فإذا أخذناها من السمة التعبيرية فالرحمن أكثر. هناك أمر آخر إضافة إلى السمة التعبيرية بين الآيتين (قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا) (قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) أصلاً السياق في البقرة سياق عقوبة ومسخ وتنكيل (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (66)) لفظ الرحمن لا يناسب المسخ والتنكيل فقال (أعوذ بالله) بينما في مريم (أعوذ بالرحمن) هي تستجير وتطلب من الرحمن أن يرحمها لأن لفظ الرحمن مناسب للحالة التي هي فيها تريد أن يرحمها ربها ويخلّصها مما هي فيه فإذن كل لفظة هي مناسبة في سياقها. سياق المسخ والعقوبة لا يتناسب مع الرحمة والرحمن فكيف مسخهم وهو الرحمن وكيف جعلهم قردة وخاسئين وهو الرحمن لا يستوي. مع أن الآيتين فيهما أعوذ وأعوذ ولكن ننظر السياق التي وردت فيه اللفظة. أنت لما تطلب الرزق تقول يا رزاق ارزقني ولا تقل يا قابض فكل كلمة لها مغزى ودلالة.

سؤال: ورد في سورة الكهف في إجابة العبد الصالح لموسى u قال له في المقام الأول (فأردت) ثم (فأردنا) ثم (فأراد ربك) ما الفرق بين الإجابات الثلاث؟

(أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا (79)) تأدباً لا يحسن إسناد العيب إلى الله سبحانه وتعالى ونلاحظ حتى في إبراهيم قال (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) الشعراء) لم يقل يُمرضني لأن العيب لا ينسبه الله تعالى إلى نفسه. نلاحظ في القرآن يقول (إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (4) النمل) لكن لن تجد في القرآن زينا لهم سوء أعمالهم وإنما زُيّن لهم سوء، ذكر السوء فما قال زيّنا حتى مه الشهوات قال (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ (14) آل عمران) هو كلٌ من عند الله لكن الأدب في التعبير (مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ (79) النساء) إذن مع السفينة نسب العيب إلى نفسه. (فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81)) لقي غلاماً فقتله هو باشره بنفسه لكن التعبير يختلف (فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا)، فأردنا فيها جانبين جانب قتل نفس هذا شر في نظر الشخص من دون أن تعرف بواطن الأمور وأي واحد يراه يعترض عليه ويحاسب عليه وفي ميزان الأبوين عندما يقتل ابنهم هذا شر، إذن هذا جانب وجانب إبدال خير منه، إذن هناك جانبين قتل وإبدال صار مشتركاً لذا قال (فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا) خيرٌ محض (فأردنا) إذن هذا مشترك بين الخضر وبين الله سبحانه وتعالى قال (فأردنا) لأن فيها أمرين القتل نسبه لنفسه والإبدال نسبه لله تعالى وهو قال (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي (82)) إذن هو باشر القتل لكن الإبدال من الله تعالى. (فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا (82)) هذا كله خير ليس فيه سوء، الجدار يريد أن ينقض فأقامه هذا خير، (فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا) هذا كله خير فالخير المحض نسبه إلى الله تعالى. العيب نسبه إلى نفسه والمشترك جاء بضمير المشترك وحتى في المشترك نسب جانب الشر إليه والخير إلى ربه والخير المحض الذي ليس فيه مظهر سوء أو شر نسبه لله سبحانه وتعالى.

أسئلة المشاهدين خلال حلقة 19/7/2007م:

  1. (فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ (47) طه) (فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (16) الشعراء)؟

  2. (ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا (44) المؤمنون)؟ تترا إسم ممنوع من الصرف أصلها من وَتَر أصل التاء الأولى واو وتر، تتراً أي متواترين هذا أصلها والواو تقلب تاء كثيراً في اللغة مثل تجاهك أصلها وجاهك، تُخَمة أصلها وُخَمة، تُهَمة أصلها وُهَمة من التوهّم، تراث من وَرِث، مثل إرث وأحد وتقلب الواو تاء. تترا إسم ممنوع من الصرف أصلها وتراً.

  3. (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) الشمس) (فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32) النجم)؟

  4. (مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ (98) البقرة)؟

  5. (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26) النور)؟

  6. (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) البقرة) المفروض هنا الظالمين فاعل فلماذا جاءت بالنصب؟ هي مفعول به.

  7. (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42) المائدة) وفي آية أخرى (وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15) الجن) ما الفرق بين اللفظتين المقسطين والقاسطون؟

  8. (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (11) الشورى)؟

  9. (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) مريم)؟