سؤال: ما دلالة كلمة جنحوا (وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ (61) الأنفال)؟
جنحوا أي مالوا من جنحت السفينة إذا مالت.
سؤال: ما اللمسة البيانية في استعمال مسّتهم في الآية (وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (46) الأنبياء)؟ وما اللمسة البيانية في كلمة (نفحة)؟ والعذاب أضيف إلى إسم يدل على الشفقة وهو الرب ولم يضف إلى إسم يدل على القهر والجبروت فما اللمسة البيانية في كل هذه المفردات؟
الآية الكريمة (وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (46) الأنبياء)المسّ طبعاً دون النفوذ في اللغة يكفي فيه أيّ إتصال هذا هو المسّ. المسّ خفيف أخف من اللمس. أما بقية الآية نتكلم أن الآية فيها جملة مبالغات في بيان العذاب: (وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ) أولاً قال مسّتهم والمسّ قلنا يكفي في تحققه أيّ إتصال وليس النفوذ. ثم قال (نفحة) والنفح هو الشيء أو النزر اليسير تقول نفحه أي أعطاه شيئاً يسيراً والنفحة هي هبوب رائحة الشيء. نفح هو الفعل والنّفْح هو المصدر. لما تقول نفحه أي أعطاه شيئاً يسيراً من المال، فيها قِلّة وقلنا نفحة هي هبوب رائحة الشيء. إذن مسّ يكفي ونفحة قليل ثم قال نفحة إسم مرّة، إذن المسّ قليل والنفح قليل وبِناء المرّة قليل لأن هذه الأمور (لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ) سيضجّون بهذه الأمور فكيف لو أصابهم العذاب؟! المس خفيف والنفحة الواحدة خفيفة وهي رائحة العذاب وليس العذاب، نفحة واحدة أي مرة واحدة (نفحة إسم مرّة) رائحة العذاب تمسهم مرة واحدة سيضجون ويقولون (لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ) مؤكدة باللام ونون التوكيد الثقيلة فكيف بالعذاب؟! هذه مبالغة فظيعة لمن يعلم (وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ) الويل بمعنى الهلاك، يا ويلنا أي هَلَكنا بنفحة من ريح العذاب واحدة تمسّهم فكيف إذا أصابهم العذاب وليست النفحة؟ هذا تصوير هائل للعذاب يوم القيامة وريح العذاب يمسهم مسّاً خفيفاً مرة واحدة فلماذا أضاف ربك ولم يقل الجبار القهار؟ هذا من عذاب ربك والرب يعاقب ويؤدب هذه معاقبة التأديب معاقبة الربّ فكيف بعذاب الله الجبار القهار فكلمة ربك فيها حنان ورحمة ورأفة فكيف لو أضيفت إلى كلمة القهار أو الجبار كيف سيكون ذلك؟ إذن هذه كلها النفحة الواحدة والمسّ فكيف لو كان العذاب؟ كيف لو غضب الجبار المنتقم فكيف سيعاقب؟
سؤال: (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) آل عمران) ما الدلالة والإعراب لقائماً بالقسط؟
قائماً بالقسط أي قائماً بالعدل القسط هو العدل. قَسَط جار وظلم مصدره القَسْط بفتح القاف وهو الجَوْر والظلم. أقسط أزال الجور والظلم (همزة السلب) إسمه القِسْط بكسر القاف والمصدر إقساط (أفعل إفعال). القِسط هو العدل (وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15) الجن) القاسطون أي الظالمون، (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42) المائدة) أي الذين يعدلون. إذن قائماً بالقسط أي قائماً بالعدل شهد الله وشهدت الملائكة وشهد أولو العلم شهدوا أنه لا إله هو أي شهدوا له بالتوحيد والقيام بالقسط، كونه قائماً بالقسط، (قائماً) في أشهر الأعاريب أنها حال لازمة. الأصل في الحال التحول والإنتقال سمي حالاً لأنها تتحول، أقبل راكباً أقبل ضاحكاً، الأصل فيها التحول وقد تأتي الحال لازمة ثابتة في مواطن. الحال يتعلق بالفعل أو ما يشبه الفعل أو فيه معنى الفعل. والأصل فيها أن تكون منتقلة وقد تكون ثابتة لازمة كما قال (قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى (36) آل عمران) أنثى حال ثابتة لأن الأنثى لن تتحول إلى ذكر، جاء مبتسماً سيتحول الآن مبتسم وسيتغير. إذن هنالك حال لازمة ويقولون خلق الله الزرافة يديها أطول من رجليها (أطول) حال لن تتحول. مسألة اللزوم والانتقال في الحال مخصوصة بالحال نفسها. يقول تعالى (وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا (28) النساء) لن يقوى، ولدته أعمى لن يُبصر هذه لازمة لا تتحول. إذن ربنا قال قائماً بالقسط لا ينفك “هو الحق صادقاً” الحق لا يكون كاذباً إذن هذا الحق لا يتغير إذن (صادقاً) حال لازمة، (وَهَـذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا (126) الأنعام) لن يعوجّ. هذه الشهادة أنه لا إله إلا هو قائماً بالقسط في هذه الحال اللازمة التوحيد والقيام بالقسط على اللزوم. شهدوا على أمرين لا إله إلا هو مع القيام بالقسط على وجه الدوام وإن كان والبعض يجوّز إعراب (قائماً) صفة لكلمة إله التي هي مبنية (لا إله) مبنية، إسم لا النافية للجنس. إذن على الإعراب المشهور أن (قائماً) حال وصاحب الحال الله سبحانه وتعالى.
سؤال: ما معنى هذه الآية (وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ (53) سبأ)؟
(وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ (51) وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ (52) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ (53)) هذه فيها احتمالان أو دلالتان: الأولى قال (وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ) هم الآن في الآخرة ((وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ (51) وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ (52)) وحتى قيل (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ (54)) كفروا بالله، ليس هذا فقط وإنما ذكروا من صفات الله والشرك، قسم قال الملائكة بنات الله وقسم قال لله إبن وقسم ذكروا في صفاتخ من الأمور مثل واحد يقذف لا يعلم أين هو الشيء والمكان بعيد. أنت تريد أن ترمي شيئاً ما يجب أن تعرف أين هو حتى ترميه ويجب أن تكون المسافة معقولة حتى توصله، أنت تقذف بالغيب، لا تعلم أين هو؟ والمكان بعيد فكيف يصل إليه؟ هؤلاء حالهم في الكلام على صفات الله وما هم فيه مثل هذا. (وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ) كفروا بالله، (وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ) هم هكذا في الدنيا، يقذفون بالغيب أي يرجمون الكلام عن الله تعالى جزافاً فهذا هو حالهم أولاً كفروا ثم ذكروا من الصفات في الله فيذكرون من صفات الله كأنهم يقذفون بالغيب من مكان بعيد هذا تصوير عجيب لا يعلمون بما يرمون ولا أين يرمون ولا يعلمون هو في أي وجهة ومن مكان بعيد! والقذف في اللغة هو الرمي.
سؤال: الفرق بين قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (14) الحج) (إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء (18) الحج)؟
يقولون الإرادة لا تقتضي وجود الشيء. مثال: ربنا سبحانه وتعالى يريد من عباده أن يعبدوه (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) الذاريات) هل فعلوا ذلك؟ لا، إذن هو أراد شيئاً هناك إرادة إلزام إذا أراد شيئاً إرادة إلزام يقول له كن فيكون (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) يس)، هذه إرادة العبادة وإرادة الناس ربنا يريد من عباده المكلفين أشياء لا يفعلونها، يستحبها لهم ويريدها منهم وهم يعصونه وهو لا يريد المعصية، المعصية وقعت إذن خلاف ما أراد الله لأنها ليست إرادة إلزام. هناك إرادتان إرادة إلزام وهناك إرادة أخرى إرادة مناط التكليف. يريد منهم شيئاً لكنهم لا يفعلوه، يحب لهم أن يفعلوه مثل قوله تعالى (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) النحل) يحبهم أن يفعلوا هذا، هذه ليست إلزاماً. المشيئة ملزمة ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، هذه مشيئة. يفعل ما يريد إذا أراد إلزاماً. الإرادة نوعين: إرادة الإلزام التي يريد ربنا أن يفعلها (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) مثل قوله (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ (33) الأحزاب) هذا ما أراد ونفذ وأحياناً يريد من عباده والعباد يعصون إذن لم يلزمهم بذلك ولو أراد أن يلزمهم لألزمهم. المشيئة إذا شاء حصل ليس فيها وجهان أو جانبان. (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) هذه إرادة ملزمة، المشيئة لا تتخلّف قالوا ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. قسم قالوا الإرادة كالمشيئة هناك خلاف فيها وقسم قالوا الإرادة ليست كالمشيئة، المشيئة مُلزمة والإرادة نوعان. المشيئة لملزمة إذا أراد ربنا شيئاً من عباده لو شاء يفعل ولو يريد إرادة إلزام لفعل.
سؤال: ما الفرق بين خشعاً ابصارهم وخاشعة أبصارهم وأبصارها خاشعة (خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ (7) القمر)، (خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (44) المعارج)، (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43) القلم) (أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ (9) النازعات)؟
خُشّع هذا الجمع على وزن فُعّل. والخشوع هو الإنكسار والذلة ويكون للإنسان عموماً وللقلوب وللأبصار والوجوه (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) الغاشية) يظهر فيها الذلة والإنكسار، (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) المؤمنون) خشوع عام في القلب والجوارح. خُشّع جمع مفردها خاشع مثل سُجّد ساجد. قال خاشعة أبصارهم وخشّعاً أبصارهم، في الايتين في السؤال (خاشعة أبصارهم) (خشعاً أبصارهم) خشع جمع على وزن فعل هذا الوزن يفيد التكثير والمبالغة نظير قولنا في المبالغة مثل قُلّب، نقول هذا رجُل قُلّب أي كثير التقلب وسريع التقلب، وبَرْق خُلّب أي ليس فيه مطر، ورجُل حُوّل أي كثير التحوّل. هذه من صيغ المبالغة وهي أكثر من فُعَلة هُمزة لُمزة. في المفرد من صيغ المبالغة، هذه جمع خشعاً ابصارهم أي فيها مبالغة الخشوع. هذا المعنى اتضح الفرق بين خاشع وخُشّع، خاشعة إسم فاعل وخُشّع هي جمع يفيد التكثير ومفرده في الأصل على وزن فُعل يفيد المبالغة والتكثير مثل خُلّب وقُلّب. هذا الفرق في الدلالة، يبقى سبب الإختيار لماذا هنا قال خُشّعاً وهنا خاشعة؟ نقرأ الآية في سورة القمر (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (6) خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (7) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8)) أولاً قال (شيء نكر) نُكُر أي شديد النكارة غير مألوف ولا معروف صيغة فُعُل من صيغ المبالغة الدالة على شدة النكارة غير المألوفة وغير المعروفة، هذا واحد ثم تقديم الحال (خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ) وفي الآية الثانية كلها مؤخرة (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (44)) الحال متأخرة بينما في القمر الحالة المتقدمة لشدة الأمر (خشعاً) حال دالة على الكثرة وشيء نكر ومتقدمة. (يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (7) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8) القلم) مهطعين أي مسرعين مادّي أعناقهم خائفين ولم يذكر في الآية الثانية مثل هذه الأشياء. (يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ) كلها تدل على الموقف والهول وشدة النكارة فقال (خشعاً أبصارهم) فجاء بالصيغة التي تدل على الكثرة والمبالغة وقدّمها. أقصى ما قال في الآية الثانية في سورة المعارج (كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ) هذه يشاهدونها، يسرعون إلى أصنامهم حالة مألوفة لكن لما قال (إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ) هذا غير مألوف شديد النكارة غير معروف (يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (7) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8)) أيها الإنسب لمن يعرف اللغة أين نضع خشعاً وخاشعة؟ يضعها في مكانها هذه موازين كالمعادلة الرياضية قدم خشعاً وخاشعة على الإبصار أما في آية (أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ (9) النازعات)هذه إخبار مبتدأ وخبر.
سؤال: ما الفرق بين لا جناح عليكم وليس علكم جناح؟
(لا جناح عليكم) جملة إسمية، (لا) النافية للجنس وجناح إسمها، وإسمها وخبرها جار ومجرور (عليكم). ليس عليكم جناح جملة فعلية (ليس فعل ماضي ناقص من أخوات كان) وقاعدة عامة الجملة الإسمية أقوى من الفعلية لأنها دالة على الثبوت الإسم يدل على الثبوت والفعل يدل على الحدوث والتجدد والوصف بالإسم أقوى وأدوم من الوصف بالفعل. إذن لا جناح عليك أقوى بالإضافة إلى أن لا جناح عليكم مؤكدة. (لا رجل) فيها توكيد وجملة إسمية فستكون أقوى. (لا) أقوى في النفي من (ليس) والنفي درجات. اللغة العربية سهلة ولكنها واسعة تعبر عن أمور كثيرة لا يمكن للغات أخرى أن تعبر عنها (كيف تعبر بالانجليزية بين لن يذهب ولم يذهب ولما يذهب وليس يذهب، لا رجل حاضراً، ليس رجل حاضراً، ما رجل حاضراً) أدوات النفي لها دلالاتها. قال (قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ (66) الأنعام) وقال (وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ (108) يونس) إذن هناك فرق وللنفي درجات ودلالات، هذا خط بياني في التعبير. محمد حاضر، إن محمد لحاضر، إنّ محمد حاضر، إن محمد لحاضر، إن محمد لحاضر كيف تعبر عنها وكل واحدة لها دلالة وكلها تدل على حضور محمد؟. في القرآن (هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2) ق) (إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) ص) (إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) هود) مساحة تعبيرية واسعة هائلة يتبعها مساحة من المعاني وهي موجودة في واقع الحياة فكيف تعبر عنها باللغات أخرى؟!.
نضرب أمثلة حتى نرى كيف يقول ليس عليكم جناح ولا جناح عليكم (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158) البقرة) هذا أمر في العبادة استخدم لا جناح، (وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ (233) البقرة) هذا تنظيم أسرة، (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ (234) البقرة) يتعلق بتنظيم الأسرة، (لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء (236) البقرة) تنظيم الأسرة. بينما (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ (93) المائدة) طعام هذا أكل لا يتعلق في العبادة، (لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ (29) النور) هذه ليست في العبادة (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا (61) النور) ليست في العبادة. حتى لو الدلالة واحدة وهي النفي لا بد أن يغاير بين الأدوات الموجودة العربي كان يفهم هذا الكلام وأكثر من هذا وكانوا يتكلمون بها لكنهم لا يضعوها في مكانها في كلامهم يأتوا بجمل لكن لا يمكن أن يرتبوا كلاماً بمستوى القرآن لذلك هم قالوا أي كلام بمقدار أقصر سورة في القرآن (الكوثر) هو مُعجِز لأنه كيف يجمع كل هذه الأمور وهذا الحشد البياني الهائل في هذا؟! ذكرنا سابقاً أنني أذكر أستاذاً في الأدب العربي في جامعة بغداد سأل لماذا القرآن كلام معجز مع أن العرب فهموه وهو كلامهم؟ أستاذ آخر يُدرِّس اللغة قال ألا يفهم أستاذ الأدب كلام المتنبي ويشرح مفرداته للطلاب؟ فلماذا لم يفعل مثله؟
سؤال: (وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) فاطر) (إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ (14) فاطر) ما دلالة استعمال أداة النفي (ما) و(لا)؟
(ما) التي تدخل على المضارع هي لنفي الحال، (لا) يقولون للإستقبال وقسم من النُحاة يقولون قد تكون للحال وللاستقبال (وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً (48) البقرة) هذا استقبال. ننظر كيف تستعمل في القرآن (وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) فاطر) هذا مشاهَد في الدنيا (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ (12) فاطر) هذا مُشاهَد (وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَاتُ (22) فاطر) هذا مُشاهَد، (لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ (95) النساء) عدم الإستواء هذا في الآخرة غير مشاهَد فقال (لا يستوي)، (لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ (10) الحديد) عدم الإستواء هذا في الآخرة، (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ (20) الحشر) هذا في الآخرة غير مُشاهَد. (لا) تدل على النفي في الإستقبال (نفي غير مشاهد) وقسم يقولون قد تكون للحال وأكثر النحاة يقولون هي للإستقبال لكن قسم يقول قد تكون للحال والأكثر للإستقبال بدليل قوله تعالى (فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ (20) النمل) هذه حال وليس استقبال فقال قد تأتي للحال أيضاً وهم متفقون على أنها للإستقبال. الأصل أن تكون للإستقبال لذلك يقول الزمخشري لا ولن أُختان في نفي المستقبل إلا أنّ في لن تأكيداً.
سؤال: هل نقول الرجل داعي إسلامي أم داعية؟
ليس بينهما تعارض لكن الداعية فيها مبالغة إذا كان مكثراً من الدعوة يقال له داعية لأن (فاعلة) من أوزان المبالغة. الأصل داعي إسم فاعل (يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ (108) طه) فإذا أردنا المبالغة نقول داعية كما نقول داهية. هذا ليس مؤنثاً، التاء يؤتى بها للمبالغة وتاء التأنيث هي ليست فقط للتأنيث (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ (1) الهمزة) التاء تدل على التكثير، فاعلة وفعّالة من أوزان المبالغة رجلٌ علّامة وفهّامة من أوزان المبالغة، علاّم وعلاّمة من لأوزان المبالغة، داهية من أوزان المبالغة.
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 16/8/2007م:
-
في سورة الإخلاص لماذا قيل (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)) أدخل لم النافية التي تنفي الماضي ولم يقل لن لينفي المستقبل مثل لم يلد ولن يولد؟ لماذا استخدم لم فقط دون لن؟
-
عبارة عليم وحكيم وردت في معظم الأماكن في القرآن الكريم باستثناء مواطن جاءت حكيم قبل عليم (إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83)، إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ (128)، إِنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ (139) الأنعام) (إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (25) الحجر) (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6) النمل)؟ فمتى تأتي حكيم قبل عليم والعكس؟ في سورة هود كلها حكيم قبل عليم وفي سورة يوسف كلها عليم قبل حكيم.
-
كلمة ضرب تكررت في القرآن كثيراً بمعاني مختلفة فكم معنى لها في اللغة؟
-
الوفاة والموت، هل لحظة الوفاة تعتبر هي اللحظة التي لا تقبل فيها التوبة؟ (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) الواقعة) أي في حالة الغرغرة؟ هذا سؤال فقهي لكن نقول أن الوفاة حالة غير إختيارية أي أنه ليس عالماً بما يفعل لأنهم يقولون الوفاة هي النوم فإذا لم يكن عالماً ما يفعل أو مختاراً فالتوبة لا تقع.
من قسم الفيديو
http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=2075
الحلقة 51
الرابط علي الارشيف
http://www.archive.org/details/lamasat51
رابط جودة عالية
http://ia360943.us.archive.org/3/items/lamasat51/lamasat51.AVI
رابط جودة متوسطة
http://ia360943.us.archive.org/3/items/lamasat51/lamasat51.rmvb
mp4 رابط
http://ia360943.us.archive.org/3/items/lamasat51/lamasat51_512kb.mp4
رابط صوت
http://ia360943.us.archive.org/3/items/lamasat51/lamasat51.mp3
رابط الحلقة 51
http://www.mediafire.com/?myy1mjihmij
2009-01-21 06:02:37الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost