الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين امام البلغاء سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين
لمسات بيانية في سورة الإنسان للأستاذ الدكتور فاضل صالح السامرائي استاذ النحو في كلية الآداب في جامعة الشارقة
هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً {1}
u لم يكن شيئاً مذكوراً عندما خلقه الله تعالى من الطين إلى قبل نفخ الروح فيه كان شيئاً ولم يكن مذكورا، وقسم آخر يقول هو الإنسان بدليل قوله تعالى (لقد خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج) يشمل ذرية آدم u وليس آدم لأن آدم من تراب فكل واحد من البشر كان شيئاً في الرحم لكنه لم يكن مذكورا. لكن الذي يترجح والله أعلم أن الإنسان في الآية يشمل آدم u ويشمل ذريته أي جنس الإنسان عموماً. ويأتي سؤال هنا في الحقيقة ما المقصود بـ (لم يكن شيئاً مذكورا)؟ هل المقصود أنه لم يكن شيئاً أصلاً كقوله تعالى في سورة مريم(ولقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا) في خطابه لزكريا u أو قوله تعالى (أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا) أو المقصود أنه خلقه أي كان شيئاً لكنه لم يكن مذكورا؟ فما دلالة كلمة (مذكورا) هنا؟ وهل هي منفية أو مثبتة؟ مثل هذا التعبير في اللغة يحتمل معنيين وهذا من باب التوسع في المعنى، فهو يحتمل نفي القيد أصلاً (لم يكن شيئاً) لا مذكوراً ولا غيره كما في قوله تعالى (لا يسألون إلحافا( (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف) بمعنى أنهم لا يسألون لا ملحفين ولا غير ملحفين فيتعففون ولا يسألون الناس. وكذلك يحتمل نفي القيد فقط بمعنى كان شيئاً لكنه لم يكن مذكورا كما في قوله تعالى (وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين) لم ينفي خلق السموات والأرض لكنه نفى اللعب. وعليه فإن قوله تعالى (لم يكن شيئاً مذكورا) تحتمل أنه أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً أصلاً مذكوراً أو غير مذكور وتحتمل أن يكون شيئاً لكنه غير مذكور.
u عندما دعا ربه ليهب له غلاماً فقال تعالى (إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى) فيتعجب زكريا (أنّى يكون لي غلام) فقال تعالى (ولقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا) بمعنى أن الله تعالى خلقه ولم يكن شيئاً أصلاً ولو قال شيئاً مذكورا لا تظهر قدرة الله تعالى لأنها ستفيد أنه كان شيئاً لكنه لم يكن مذكورا. فالخلق من أبوين أيسر عند الله من الخلق من العدم لكن الله تعالى يريد أن يُظهر أنه خلق زكريا ولم يكن شيئاً مذكوراً أي خلقه من العدم وهذا أصعب من الخلق من ابوين وكله عند الله تعالى سهل لكننا نتحدث من منطق البشر. والعموم يدلُ على القدرة الأكبر ولو قال في آية سورة مريم (شيئاً مذكورا) لم تؤدي المعنى المطلوب في الآية. وهذا أدلُ على القدرة، كذلك في قوله تعالى (أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا) لم يأت بكلمة مذكورا هنا أيضاً لأن الخطاب في الآية للذبن أنكروا البعث فهم يسبعدون أن يعيدهم الله بعد موتهم فيخبرهم الله تعالى أن الإعادة أيسر من الإبتداء بالخلق من عدم ونفي الشيء هو أبلغ من الذكر.
ِإنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً {2}
الإنسان: قال تعالى (إنا خلقنا الإنسان) وهنا نسأل من هو الإنسان الذي ورد ذكره في الآية؟ في الآية الأولى (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكورا) اختلف في مدلول كلمة الإنسان أهو آدم u أم ذريته؟ أما في هذه الآية فالمقصود قطعاً هم ذرية آدم لأنه تعالى ذكر أنه خلقه من نطفة أمشاج وهذا لا يكون لآدم الذي خلقه من تراب. المرجّح في الآية الأولى أن المقصود بالإنسان المذكور في الآيى هو آدم u وفي الآية الثانية ذرية آدم u فذكر الإنسان الأول ومن بعده وهذا يدل على القدرة وعلى الإيجاد والإستمرار ولذلك لم يذكر الضمير في الآية الثانية التي تدل على الإنسان فلم يقل مثلاً إنا خلقناه من نطفة أمشاج باستعمال الضمير بل قال تعالى (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج) وهذا يدل على أن المقصود قطعاً ذرية آدم. وهذا كله يرجّح أن الإنسان في الآية الأولى يقصد بها آدم u والإنسان في الآية الثانية يقصد بها ذرية آدم uنطفة أمشاج: الأمشاج لغة هي الأخلاط وكلمة أمشاج تستعمل مفرداً وجمعاً (مشيج ومشج والجمع أمشاج، مشيج تجمع على أمشاج مثل شريف وأشراف، ومشج تجمع على أمشاج مثل بطل وأبطال ومشج ومزج متشابهتان في المبنى والمعنى)، وفي اللغة العربية كلمات عديدة تستعمل مفرداً وجمعاً مثل كلمة بشر وقد استعملت في القرآن الكريم للمفرد (أبشراً منا واحداً نتبعه) والجمع (ما أنتم إلا بشر مثلنا) سورة يس، وكذلك كلمة الفلك استعملت في القرآن للمفرد (وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون) سورة يس، وللجمع (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة) سورة يونس، وكذلك كلمة طفل تستعمل للمفرد والجمع وقد يستعمل جمعها أيضاً لأنها تجمع على أطفال (والطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء) و (وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم). والأمشاج هي الأخلاط وكما قلنا تستعمل للمفرد والجمع ونسأل لماذا اختار الجمع على المفرد في هذه الآية؟ كان من الممكن القول (نطفة مشيجة أو مشج) لكن اختيار الجمع لكثرة ما فيها من أخلاط وامتزاجات وهذا موجود في اللغة فيقال : بلد سبسب (أي قفر) وبلد سباسب، يمكن القول بلد سباسب إذا كثر فيه القفر كأن كل جزء من البلد هو سبسب والسبسب هي الأرض الواسعة الصحراء. كذلك نقول أرض قفر وأرض قفار والجمع تعني أن كأن كل جزء من الأرض قفر على حدة، ولهذا قال تعالى إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج من كثرة ما فيها من أخلاط.
نبتليه: بمعنى نختبره ونمتحنه. الفعل المجرّد بلى يبلو أما فعل ابتلى يبتلي ففيه مبالغة أكثر من فعل بلى مثل صبر واصطبر لأن صيغة افتعل فيها مبالغة مثل كسب واكتسب. إذن قال تعالى نبتليه وليس نبلوه دلالة على المبالغة في الإختبار. وقد استعمل القرآن الكريم نبلو وابتلى في مواضع عديدة فبعد غزوة أحد قال تعالى (وليبتلي الله ما في صدروكم) سورة آل عمران ثم بعد غزوة الأحزاب قال تعالى (هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديدا) سورة الأحزاب. والقول أن الزيادة في المبنى تفيد الزيادة في المعنى غير مضطرد لأنه أحياناً يكون الأقل في المبنى أبلغ في المعنى مثل فعل حذر (صيغة مبالغة) وحاذر (إسم فاعل)، حذر أبلغ من حاذر وفيها صيغة مبالغة (وهذه الأمور تُعرف في أبنية الفعل وفي معانيه في علم الصرف ودلالة الصيغ مثل صيغة فعّل وافتعل وتفاعل واستفعل وغيرها)
1. مثل جاء ماشياً أو شربت الماء بارداً وهذه أكثر أنواع الحال.
2. تقع في الإستقبال يعني الفعل في زمن والحال في زمن آخر في المستقبل كما جاء في قوله تعالى (وبشرناه باسحق نبياً من الصالحين) وهناك فرق بين الزمن عند تبشير ابراهيم باسحق ولم يكن عندها موجوداً حتى في رحم أمه، أو كقوله تعالى (لتدخلنّ المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلّقين رؤوسكم ومقصرين) والحلق والتقصير هي آخر الشعائر بعد الطواف والسعي. إذن الفعل يأتي في زمن والحال تأتي في زمن آخر في المستقبل.
3. قد يكون زمنها ماضي.
فجعلناه سميعاً بصيرا: قدّم تعالى السمع على البصر في هذه الآية كما هو شأن الكثير من آيات القرآن في تقديم السمع على البصر لأن السمع أهم في باب التكليف والإختبار من البصر لأن فاقد السمع من الصعب تكليفه بخلاف فاقد البصر الذي يكمن تبليغه وتكليفه بشكل أسهل. والأمثلة في القرآن الكريم عديدة عن تقديم السمع على البصر كقوله تعالى (وهو السميع البصير) (إنني معكما أسمع وأرى) (إن السمع والبصر والفؤاد).
إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً {3}
(اضغط هنا للرجوع إلى سورة الفاتحة). وفي هذه الآية قال تعالى (إنا هديناه السبيل) لأن التعدية بالفعل بإلى تقال لمن لم يكن في الطريق فتدله وترشده إليه فإذا وصل إلى الطريق يحتاج لمن يعرّفه به وبماذا في الطريق فحينها يتعدى الفعل باللام أما تعدية الفعل بدون حرف جر فتقال لمن كان في الطريق فتبين له مراحل في الطريق ومن لم يكن في الطريق أو كان بعيداً عنها فترشده اليها وتدله إليها. وقال تعالى مخاطباً رسوله r (ويهديك صراطاً مستقيما) والرسول r سلك الطريق وقال تعالى على لسان الرسل (وقد هدانا سبلنا) وهم أيضاً كانوا في الطريق. وقال تعالى (فاتبعني أهدك صراطاً سويا) في خطاب ابراهيم u لأبيه الذي لم يكن في الطريق وكذلك قال تعالى مخاطباً المنافقين (ولهديناهم صراطاً مستقيما). إذن عدم تعدية الفعل في الآية بحرف جر جمعت المعنيين وبذلك أتمّ تعالى نعمته على الإنسان بأن يدلّه ويرشده إلى الطريق لما كان بعيداً عنها ويبيّن له معالم ومراحل الطريق عندما يصل إليها وقامت الحجة على الجميع إذن فالله تعالى يستحق الشكر على ذلك.
إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالاً وَسَعِيراً {4}
إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالاً وَسَعِيراً {4}
إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً {5} عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً {6}
r في أعلى مقام قال (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ {1} الإسراء) وقال في نوح u (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً {3} الإسراء) وهناك عبودية إختيارية وعبودية قسرية وهذه هنا عبودية اختيارية. إذن هناك نوعين من المكلّفين وهم أولهم الأبرار وهم يشربون من كأس كان مزاجها كافورا، وثانيهم المقرّبون الذين يشربون من العين خالصة.
يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً {7} وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً {8}
َإنمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً {9} إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً {10} فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً {11} وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً {12} جَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً {12} مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلَا زَمْهَرِيراً {13} وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً {14} وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا {15} قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً {16}
و
uوَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20) ) وص وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا هي صيغة مبالغة على وزن فعول بمعنى الطاهر والمطهِّر والمبالغة فيهما والعرب استعملت كلمة طهور للشيئين وطهور مشتقة بالأصل من الفعل الثلاثي طهُر. ذكر تعالى في الآيات السابقة من السورة (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5)) و (وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17)) و(وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا) ذكر لنا تعالى ثلاثة أنواع من الشراب كل منها أعلى من الذي سبقها أولاً ذكر أنهم يشربون من كأس (كافورا) ثم في الثانية ذكر أنهم يُسقون كأساً (زنجبيلا) هنا الفعل مبني للمجهول وذكر الساقي (ولدان مخلدون) والآنية التي يُسقون فيها (آنية من فضة) ثم الثالثة ذكر تعاله أنه سقاهم ربهم وهذه أعلى الدرجات لم يثل يُسقون ولا يشربون وإنما سقاهم ربهم فهذا الشراب هو أفضل من السابقين لأنه أسنده تعالى إلى الربّ سبحانه وتعالى وهذه الآيات دلّت على أن الشراب أنواع مختلفة. إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (22) ؟ قبل التقديم لما ذكر تعالى أن هؤلاء لا يريدون جزاء ولا شكورا (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9)) جزاهم ربنا أحسن الجزاء وشكر لهم لذا قدّم (لكم) على جزاء فصار جزاء بالفعل وشكر باللسان. u لكن السفينة لم تحمله وحده وإنما كان معه من آمن معه والجزاء لهم أيضاً لذا أطلق ولم يُخصص فكما كان الجزاء لنوح u كان للمؤمنين. إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ تَنْزِيلًا (23) بينما جاء في أول السورة توكيد واحد في قوله تعالى (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2))؟ في الآية (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ تَنْزِيلًا (23)) ذكر تعالى ثلاثة أمور ذكر المنزِّل (الله تعالى) وذكر المنزِّل (القرآن) والمنزِّل عليه (الرسول r) وأكّد ثلاثة توكيدات (إنّا، نحن، والضمير المتصل في نزّلنا (نا) والسبب أن في الآية أول السورة أمر الخلق لم يُختلف فيه ذلك الإختلاف أي كون الله تعالى هو الخالق فهذا أمر لم ينكره كفار قريش بدليل قوله تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (25) لقمان) و (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38) الزمر) لكن مسألة التنزيل هي التي اختلفوا فيها وأنكروها أشد الإنكار فالتوكيد إذن يعتمد على شدة إنكار الشخص للأمر ولهذا يحتاج للتوكيد أكثر في حالة الإنكار الشديد لأن قريش لم يكونوا يُقرّون بأن الله تعالى نزّل القرآن وهذا يختلف تماماً عن قضية الخلق التي لم يكونوا ينكرونها أصلاً. والأمر الآخر أن التنزيل هو أهم من الخلق لأن الغاية من الخلق العبادة والغاية من التنزيل هو تنزيل كتاب العبادة التي يردها الله تعالى فالتنزيل هو القصد الأول في الخلق فهو أولى بالتوكيد. والتوكيد جاء كما يقتضيه السياق والمقام من جهة الأهمية والإختلاف والتنازع فيه. r بالأوامر والنواهي (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا (24) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26)) وهناك أمور تتعلق بالرسول r المخاطب لذا استخدم (عليك). أما في آية سورة الحجر فلم يرد في الآيات التي سبقت أو تلت ما يتعلق بالرسول r لكن الكلام متعلق بالقرآن (كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12)) وكل الكلام عن الذكر وليس عن الرسول r. r هو (القرآن) ولم يرد في سورة الإنسان له ذكر إلا في هذا الموضع وهذه الآية (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ تَنْزِيلًا)، أما في سورة الحجر فقد ورد ذكر القرآن والذكر والآية في سورة الحجر (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6)) ثم قال تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)) فلمّا سماه كفار قريش ذكراً ردّ عليهم اللته تعالى بكلمة (الذكر) ولهذا فهي أنسب للآية التي قبلها من استعمال كلمة القرآن رغم أنها وردت في سورة الحجر كثيراً. فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا (24) في اللغة قد يكون الحكم بمعنى الحكمة (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21) الشعراء) وقوله تعالى (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) مريم) أي الحكمة. وقد تأتي بمعنى القضاء أو الفصل (قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ (48) غافر) وهنا أمره بالصبر لهما معاً أي أن يصبر لحكمة أرادها الله تعالى ولحكم الله وقضائه لأن قضاءه له حكمة بمعنى اصبر لحكم الله وقضائه لحكمة أرادها الله تعالى وهذا ما يُسمى التوسع في المعنى. هو الذي يرتكب الإثم والإثم قد يكون ظاهراً وباطناً بدليل قوله تعالى (وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ (120) الأنعام) أو من أعمال القلب أو أفعال الجوارح. وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26) r بالذكر والتسبيح بعد الأمر بالصبر (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) والنهي عن طاعة الآثم والكفور (وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا) أمره بالإكثار من الذكر. وفي القرآن نلاحظ أن الله تعالى يأمر بالإكثار من التسبيح والذكر في المواطن التي تحتاج إلى صبر وفي الأزمات (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) الحجر) وأمره بالتسبيح في قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) الأنفال) ومداومة التسبيح تفرّج الكروب كما جاء في قصة يونس وهو في بطن الحوت (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) الصافات) فالذي نجّى يونس من بطن الحوت هو مداومته على التسبيح (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87)) والتسبيح وذكر الله هي أزكى الأعمال وأرفعها عند المليك. فهو ترتيب منطقي جداً بعدما تضيق الصدور والقلوب نذكر اسم ربنا. وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26) وجاءت الواو قبلها أيضاً (ومن الليل فاسجد له) ولا يصح أن نقول (واسجد له من الليل) لأنها تفوت أهمية السجود (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) قريش) وقوله تعالى (وربّك فكبّر) فلا يصح التقديم بدون الفاء. أفاد التقديم الدلالة على أهمية السجود ومنزلته ويفيد الإهتمام لأن أصل التقديم يفيد الإهتمام وهو الذي يُسوّغ إدخال الفاء في كل أحوالها تدل على عظم منزلة السجود. r أن يقوم الليل (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4) المزمل) هنا أخّر الليل كما يقتضي الترتيب النحوي فلماذا لم يأتي بمثل ما جاء في آية سورة الإنسان؟ r أن يبدأ بالتدرج وينتهي بالكثرة. إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (27) نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (28) قال تعالى في هذه الآية (نحن خلقناهم) وفي الآية السابقة قال تعالى (إنا نحن نزّلنا عليك القرآن تنزيلا) وهذ يدل على أن الذي خلقهم وشد أسرهم (نحن) هو الذي أنزل عليهم القرآن (نحن) فينبغي لهم أن يسمعوا لكلام خالقهم ويطيعوا تنزيله فكأن الآية التي سبقت هي مقدمة لهم بأن يسمعوا ما أُنزل على الرسول r بمعنى أحكمنا خلقهم أي أحكمنا توصيل مفاصلهم وأحكمناها وثبتناها (أي إحكام الربط). والأسر هي المفاصل والعظام وما إلى ذلك. فهو الذي أحكم خلقهم وشد أسرهم وقد قال تعالى في آية أخرى (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) وهذا من تمام النعمة على الإنسان ومن تمام النعمة أن يطيعوه، فالخلق نعمة وشد الأسر نعمة وهو القادر أن يفعل ما يشاء (وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا). شدّ في اللغة بمعنى ربط وأحكم وأوثق وشدّ. وشدّ مضعّف والتضعيف في الغالب فيه قوة وشدّ فعل ثلاثي ليس مزيداً لكن من الناحية الصوتية تجعل حرف في حرف فتعطيه قوة. في اول السورة أكّد بـ(إن) وهنا لم يؤكّد لأنه في أول السورة تحدث عن خلق الإنسان بعد أن لم يكن شيئاً مذكورا وهي أصعب من الخلق من أب وأم ثم يضع فيه القابلية على التوالد (وهذه هي البداية) وهي أصعب مما بعدها (نحن خلقناهم) فهذه تأتي من سلسلة الآباء من الأبناء. هذا أمر والأمر الآخر كونه خلقهم أمر غير منازع فيه عند كفار قريش وكثير من الكفار لو سألتهم من خلقهم ليقولون الله. لكنهم ينازعون في أن الخلق لم يكن ثم كان بمعنى أنه ليس له بداية كما يقول الفلاسفة والدهريون وينسبون الخلق إلى سلسلة الوجود ليس له بداية فينكرون (وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر). فالذي ينازع فيه الفلاسفة إذن هو كون هناك بداية للمخلوقات والخلق (سؤالهم هل هناك بداية؟) وعليه احتاج الأمر إلى توكيد في الآية أول السورة (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج). وهناك أمر آخر قوله تعالى (نبتليه) ذكر تعالى أن الخلق الأول للإبتلاء وهذا أيضاً أمر منازع فيه وكفّار قريش كانوا ينكرون هذا ويقولون هل خلق الله الإنسان ليبتليه ثم يحاسبه؟ (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7) سبأ) وكثير من الناس ينكرون هذا الأمر أيضاً حتى لو اعتقدوا فعلاً أن الله هو خالقهم. ونلاحظ من كل ما ذكرنا أن الآية في أول السورة احتاجت إلى توكيد فجاء بـ (إن) في قوله تعالى (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج) وهو الخلق الأول والبداية وخُلق للإبتلاء وكلها تقتضي التوكيد بخلاف الآية الثانية (نحن خلقناهم وشددنا أسرهم). وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (29) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30) يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31) ذكر تعالى أمرين يرفعان هذا الإحتمال: الأمر الأول أنه قال الله تعالى قبل هذه الآية (إن الله كان عليماً حكيما) يفعل ذلك لعلمٍ وحكمة ولا يفعل سبحانه إلا لحكمة. ومعناها أنه لا يُدخل في رحمته إلا من علم سبحانه أنه يستحق. والأمر الآخر قال بعدها (والظالمين أعدّ لهم عذاباً أليما) استثنى سبحانه من دخول رحمته الظالمين. فقوله تعالى يُدخل من يشاء في رحمته استثنى الظالمون ولا يُدخل سبحانه إلا من يستحق واقتضاه العلم والحِكمة. هذا يسموه الإشتغال في باب النحو. وكلمة الظالمين مفعول به مقدّم لفعل إما أن يكون من نفس الفعل أو أن يكون بمعناه كأن نقول مثلاً زيداً سلّمت عليه بمعنى حييت زيداً سلّمت عليه لأن فعل سلّم لا ينصب مفعولاً به. وكذلك قوله تعالى السماء رفعها بمعنى رفع السماء رفعها. فإذا كان الفعل يصحّ أن يتسلّط على الأول يُقدّر نفسه وإذا كان لا يصحّ يقدّر ما هو قريب منه. فالنصب هنا من باب الإشتغال وله أغراض عديدة وربما نُفرد له حلقة خاصة لاحقاً. الخطوط التعبيرية في السورة: و r الصلاة والتسبيح في النهار والليل. وهذه إجابة الدكتور فاضل على سؤالين حول السورة وردا خلال الحلقات: ما اللمسة البيانية في قوله تعالى (عيناً يشرب بها) مع أنها وردت في آية أخرى (يشربون من كأس) في سورة الإنسان؟ تفسير سورة الانسان لأننا تحدثنا عن هذا بالتفصيل ولا بأس من الإعادة هنا. قلنا أن الله تعالى قسّم الناس إلى قسمين في الجنة فذكر الأبرار (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5)) وذكر صنفاً آخر وهم عباد الله (عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6)) الذين يقول المفسورن أنهم المقرّبون وهم أعلى درجة من الأبرار وقالوا أن حسنات الأبرار سيئات المقربين. ميف؟ لأن الأبرار قد يصلون ركعتين في جوف الليل ويظنون أنها حسنة أما المقربون فلا يكتفون بركعتين وإنما قد يصلون ثمان ركعات أو أكثر وقد يتهجدون ويسبحون ويذكرون الله تعالى أكثر فلو صلوا فقط الركعتين واقتصر عليها واكتفى لكانت في حقهم سيئة. ثم إن المقربين يُحسنون لمن أساء إليهم مع قدرتهم على العقاب وهم لا يكتفون بأن يأخذوا حقهم ممن أساء إليهم أو يعفون عن المسيء فقط وإنما يحسنون إليه ولهذا فهم أعلى درجة عند الله تعالى. v v v v r :” اللهم إني أسألك الفردوس الأعلى”. ما الفرق بين استعمال جاء وأتى في القرآن الكريم؟ r إلى هذه الدرحة فهذا أمر شاق لذا وردت كلمة جاءهم في الآية الأولى أما في الثانية فالتكذيب هو أمر طبيعي أن يُكذّب الرسل لذا وردت أتاهم وليس جاءهم. بُثّت من تاريخ 23/2/2004م إلى تاريخ 10/5/2004م أسأل الله تعالى ان يتقبل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وما توفيقي إلا بالله العزيز الحكيم. فله الحمد والمنة.
: أنه يذكر الأحداث المستقبلية بالفعل الماضي: (إنا أعتدنا للكافرين) (كان مزاجها) (كان شره مستطيرا) (فوقّاهم) (ولقّاهم) (وجزاهم) و(ذُللت) (كانت قواريرا) (قدّروها) (حُلّوا) (سقاهم) (كان لكم جزاء) (كان سعيكم) (أعدّ لهم).