الحلقة 162
(فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59) إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً (60) مريم)، – (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70) الفرقان)
د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. هذه حلقة جديدة مع شيخنا الجليل الأستاذ العلامة الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله.
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. الآية الأخيرة في سورة مريم (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59) إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً (60) مريم)، في الفرقان (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70)الفرقان) في مريم (إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً) وفي الفرقان (إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحاً) يعني فيها زيادة كلمة عمل عملاً وفي مريم (عمل صالحاً) يعني أنت مثلاً لو تتوضأ وليس وقت صلاة ولكن توضأت من باب الدوام على الوضوء أنت عملت صالحاً لكن أنت مثلاً أنقذت واحداً من الموت واحد كان سيغرق وأنقذته أنت عملت عملاً صالحاً. إذن هناك ذنوب أيّ عمل صالح تفعله يغفر لك وهناك ذنوب لا، لا بد أن تعمل عملاً ضخماً عظيماً شاقاً نادراً يرضى به الله ويفرح به حينئذٍ يغفر لك الله ما يغفر لك بأيّ كلام. وهذا الفرق بينهما ونحن عندنا في الحديث أن المسلم يتوضأ وتتساقط ذنوبه مع الماء لكن في ذنوب لا، تلك للصغائر من الذنوب اليومية لكن كالمشرك أو القاتل
د. نجيب: كالصفات التي وردت في نفس الآية يزنون ويقتلون
د. الكبيسي: كواحد قاتل وتاب كهذا الذي قتل مائة واحد وتاب وهذا ما الذي يجب أن يفعله حتى تقبل توبته؟؟ يعني الإحصاء في سوريا 9850 قتيل افرض تاب والله يرزقه التوبة يعني هل هذا يكفيه أن يتوضأ ويصلي ركعتين سنة المسجد وغفر له كما غفر للآخرين؟؟!!!! بل يجب أن يعمل عملا صالح، ينقذ الأمة يعني عمل عظيم
د. نجيب: ولذلك رب العالمين قال (وأتبع السيئة الحسنة تمحها) أما الحالة الثانية فعلوا أسوأ الأعمال فلا بد أن يعمل مقابلاً لها أحسن الأعمال
د. الكبيسي: فإياك أن تغتر بحلم الله فإن الموت يأتي بغتة. ولذلك عليك أن تعرف بأنه ينبغي أن تكون توبتك على مستوى ذنبك
الدكتور نجيب: ويجزيهم بأحسن ما كانوا يعملون مقابل أسوأ الذي عملوا. لا بد أن يكون لحسن أما الحسنة فتمحو السيئة (أبتبع السيئة الحسنة تمحها) (إن الحسنات يذهبن السيئات) أما الثاني قتل وزنا وفعل ولا بد أن يأتي بأحسن الأعمال. هناك شواهد كثيرة بل معظم الصحابة والتابعين وغيرهم استشهدوا واستعانوا بل توسلوا بمثل هذه الأعمال.
الدكتور الكبيسي: نعم، قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) المائدة) اتخذ لك وسيلة يعني كما قلنا مرة مرتين اِعرف بعض الشيء عن كل شيء واعرف كل شيء عن شيء واحد، نحن نصلي ونصوم ونحج ونذكر يعني بحدّ الخمسين بالمائة ولكن ينبغي لك أن تتقن عبادة اتقاناً بالمائة مائة صلاة ليل، كظم غيظ، عفو عن من ظلمك، اكرام جار، جهاد في سبيل الله، موقف يشهده الله عز وجل
د. نجيب: كموقف حاطب بن أبي بلتعة
د. الكبيسي: مثلاً، هذا عمل جريمة كبرى لكنه هو من أهل بدر “لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم قد غفرت لكم” إلى اليوم الملائكة الذين نزلوا من السماء يوم بدر ملائكة بدر، إذن هذا عمل عظيم. وبالتالي عليك أن تبحث في هذا الدين عندما واحد يقع في مصيبة ذنب كبير من الكبائر قتل وشرك، الشرك الآن كما في الحديث المخيف {لا تقوم الساعة حتى يصلي في المسجد المائة والمائتان والألف والألفان ليس فيهم مؤمن} {لا تقوم الساعة حتى تُرفع الأمانة من صدور الرجال حتى يقال إن في بني فلان أميناً واحداً} والخيانة مصيبة خيانة الأمانة يعني الأحاديث على خيانة الأمانة تلعب في الخائن في الأمانة في الحشر والعرض لعباً. فهذا الفرق وكما في الحديث {اتبع الحسنة السيئة تمحها} هذا يقول (إلا من تاب وعمل صالحاً) لكن هذه قتل وشرك وزنا حينئذٍ لا بد أن تعمل عملاً
د. نجيب: كقصة الغار الذين غلِّق عليهم الغار فتوسل كل واحد منهم بأعظم الأعمال فالأول كان بر الوالدين
د. الكبيسي: بر الوالدين هنا كان يحمل العشاء والحليب عند رأسهما طول الليل حتى يستيقظ أبوه. والثاني كان يتعلق بامرأة جميلة وصلت إلى عنده ولما قرب منها بكت فقال لها أكرهتك؟ قالت لا والله ولكن هذا ما عملته إلا اليوم وما دفعني إليه إلا الحاجة فقام
د. نجيب: وما أكثر الناس الذين يستغلون حاجات الأرامل والضعفاء
د. الكبيسي: ولما قام ليس فقط امتنع بل بدأ يتضرع قال يا ربي هذه تخافك وأنا لا أخافك وبدأ يتضرع إلى الله عز وجل قال والله لن أعصيك بعد اليوم
د. نجيب: وانفرجت الصخرة قليلاً والأعجب من هذا الحالة الثالثة وهي من الأمور التي تتعلق بمجال المعاملات وحفظ حقوق الناس وكذلك الأجير الذي حافظ على الأمانة
د. الكبيسي: إلى أن صارت ثروة هائلة مئات من الإبل والبقر فلما قال أريد أجرتي، قال له خذ هذا، قال أتسخر مني؟ قال له لا والله هذه كل أموالك كان يبيع ويشتري فيها وساقها كلها.
د. نجيب: هذا هو العمل الصالح
د. الكبيسي: فكل شيء يتعلق بالمال والتضحية به في سبيل الله صعب ولهذا رب العالمين قال (الْمَالُ وَالْبَنُونَ (46) الكهف) (وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ (72) الأنفال). يا شيخي المال أغلى من النفس فكثير من الناس يفدي المال بنفسه وليس العكس كما فعل المتنبي عندما خرج عليه قطّاع الطرق وطالبوه بأمواله رفض قالوا له سنقتلك قال اقتلوني وفعلاً قتلوه المال غالي،
الدكتور نجيب: هناك شواهد أخرى سبق لك أن ذكرتها شيخي في مواطن أخرى من القرآن الكريم فالقرآن يفسر القرآن الكريم سبق تحدثت في موضوع الذين يعملون الصالحات وآخرون لا، لندخلنهم في الصالحين. هؤلاء الذين ذكرت أنهم داوموا وتدربوا وتروضوا على أعمال أصبحت صفة ملازمة لهم
الدكتور الكبيسي: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (9)العنكبوت) الصالحون شريحة راقية جداً وقلة معدودة (وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً (69) النساء) وهم البدريون والأنصار والمهاجرون والصديقون فحينئذٍ أنت في هذه الدنيا ممكن أن تعمل أعمالاً عظيمة وتبعث معهم فالنبي صلى الله عليه وسلم قال {أقربكم مني مجلساً أكثركم علي صلاة} {أحاسنكم أخلاقاً} وعدّد عدة صفات فأنت ستكون مع هؤلاء فالفردوس مقصورة الرحمن فيها الصديقون والنبيون والصالحون الذين صار الصلاح سمتهم بطولة في الصلاح يعني مثل أبو بكر وعمر وعلي وعثمان هؤلاء هم الصالحون لماذا؟ لأنهم بلغوا من الصلاح القمة أحياناً أنا وأنت وأيّ واحد من الناس قام بعمل وهذا رزق جاء لك موقف إلى عندك وأنت تفلح فيه تصعد فوق بعمل واحد بوسيلة ترتفع من واحد كونه فراش يصير فريق ركن، الآن في دول الجمهوريات فراش أو جندي يصير وزير دفاع بقفزة عالية دون ترقية بنسبة لمقاييسهم له ميزة حزبية طائفية أسرية قفز. هكذا يوم القيامة لك قفزة فلا بد أنت أن تكون بطلاً في أي شيء فهناك بطل في الرياضة، بطل في الاقتصاد في السياسة في الغناء في كل شيء فاعمل لك عملة صير بطلاً في شيء أن هذا الذي قام به فلان لكل عبد منكم صيت كصيته في الدنيا اعمل لك صيت اعمل عملة فلانية عظيمة تقفز رأساً (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ) الذين هم طبقة الفردوس الأعلى المنصوص عليهم أنصار مهاجرون رضوان صديقون حواري سيدنا عيسى الخ
الدكتور نجيب: والعجيب أن كثير من هؤلاء الذين ذكرهم الله سبحانه وتعالى ممن أسرفوا على أنفسهم بمثل هذه الكبائر العظيمة عندما يتوبون ويعودون إلى الله تكون عودتهم قوية وكانوا يُعرفون بعظائم الأمور! ليس كالمسلم الذي عاش في بيئة مسلمة في روتين معتاداً عليه كمالك بن دينار الذي كان يعرف والعياذ بالله بما يعرف من الكبائر كيف كانت عودته.
الدكتور الكبيسي: شيخي هذا أعجوبة العجائب يعني هذا الرجل صار إمام عصره وبعدين هذا الرجل يوم من الأيام في البصرة يلقي درس ويأتي عليه أعيان البصرة كلهم ولا أحد يفوّت درسه وصار عنده كرامات بحجم السموات والناس تأتي إليه من كل مكان في العالم الإسلامي لكي تتلمذ عليه وهو يدرِّس أعجبته نفسه قليلاً فرأى العالم كله عنده من حكومات ووزارات الخ أعجبته نفسه قليلاً فانظر ماذا فعل؟ قال قبل أن أبدأ الدرس عندي حادثة سأحدثكم بها وأخبروني كيف تعالجونه، قال جاءتني امرأة قالت لي أنا زوجي مريض واليوم اعتقلوه ولما اعتقلوه وهو مريض لا يأكل إلا أكل معين إذا ما أكله يموت فرحت على الشرطي الذي على باب السجن وقلت له أنه يجب أن يأكل هذا الأكل أو سيموت فقال لها أفعل على شرط تسلميني نفسك قالت له اتق الله أنا مسلمة مثلك ومظلومة والخ ورفض وذهبت ثاني يوم جاءت تتوسل إليه يا ابن الحلال هذا سيموت فقط اعطه هذه اللقمة وأنا مسلمة مثلك وتبكي وتصيح بدون فائدة رفض إلا أن تسلمه نفسها في اليوم الذي بعده سلمته نفسها وهي تبكي وفعلاً زنا بها وذهبت ثم لم يذهب بالطعام إلى السجين وإنما أكله هو، فما حكمكم عليه؟ قالوا والله هذا لا بد أن نقتله ولا بد أن نحرقه وقل لنا عليه ودلنا عليه وقام المسجد يضجّ فلما سألوه من هذا؟ قال الشيخ مالك بن دينار أنا، قالوا يا شيخ لا، قال والله العظيم أنا، سألوه كيف؟ قال أنا كنت شرطياً في بداية حياتي وفعلت هذا، أذلّ نفسه لأنه رأى شوية عُجب في نفسه فلما يتوبون هؤلاء يصعد ويصعد هذه (ومن تاب وعمل عمل صالحاً)
د. نجيب: ويهيأ الله سبحانه وتعالى لهم أسباب هذه التوبة يسر الله تعلى لنا مثل هذه الأسباب. نعود بعد الفاصل
———–فاصل————-
د. نجيب: وهذه البلدة التي تعرف بالمليبار في بلاد الهند أدخل الإسلام فيها هذا الرجل وهو مالك بن دينار والآن ملايين من المسلمين أسلموا على يد هذا الرجل العظيم. هو بنفسه يذكر قصة توبته
د. الكبيسي: ويكسر نفسه فهذا كان لما يلقي الدرس يبلغون لشدة الازدحام وكل هذا العلم تاب بعد الأربعين
د. نجيب: ويقول في قصة توبته أنه ذات ليلة كانت لديه بنيّة صغيرة وكانت متعلقة به تعلقاً كبيراً ثم توفيت هذه البنيّة وذات ليلة رأى هو في المنام أن أسداً حصوراً يلاحقه كلما يهرب يجد هذا الأسد أمامه كلما يدخل في مكان يجد هذا الأسد إلى أم دخل في حديقة وفجأة رأى ابنته فقالت له يا أبتي لما أنت خائف؟ قال أنا خائف من هذا الأسد الذي يلاحقني قالت أتعرف هذا الأسد يا أبي؟ قالت هذه هي النار وهي تلاحقك وعملك لا يكفي لكي يدفع عنك شر هذه النار، فاحتضن ابنته في المنام وقام وتاب توبة نصوحة. القضية شيخ هي التوبة النصوحة كلنا نخطئ ونتوب ولكننا سرعان ما نغفل ونقصِّر في جنب الله سبحانه وتعالى
د. الكبيسي: شيخي رب العالمين من رحمته {إن عبداً أذنب ذنباً فقال يا ربي اغفره لي فقال رب العالمين علم عبدي أن له رباً يغفر الذنوب قد غفرت لعبدي} ثم كل ما يذنب يقول هذا الكلام قال {فليفعل عبدي ما يشاء} هذه معروفة التوبة مقبولة دائماً من رحمة الله عز وجل. نحن نتكلم كما تفضلت عن الذين بلغوا من الذنب القمم يعني الفضيل بن عياض كان من أصحاب الكرامات وكان إمام عصره وكان قاطع طريق وفي يوم من الأيام كان يترصد لأحد القوافل من العراق لفارس أثناء راحتهم في الليل وأحد الذين في القافلة كان يقرأ قوله تعالى (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16) الحديد) فقال الفضيل بلى يا ربي لقد آن، فلما دخل عليهم قال السلام عليكم ورأوا الفضيل خافوا فقال لا تخافوا وأصبح الفضيل وكثير غيره إلى عصرنا نحن رأينا ناس كان لا صوم ولا صلاة وملحد ورب العالمين أراد في لحظة غلب الجميع غلبنا جميعاً وهذا موجود،
الدكتور نجيب: أحد الدعاة المشهورين في الولايات المتحدة كان زعيم عصابة في أول عمره والشرطة تلاحقه ذات يوم يجلس في إحدى المطاعم يتناول طعاماً وكانت الغانيات والغواني يتمنينه لكثرة ماله وعطائه فحاول أن يستميل فتاة فأبت وحاول معها فأبت فتعجب لما هي تأبى وهو يغدق عليها العطاء فأخبرته أنها مسلمة أمريكية ولكنها مسلمة فتعجب من هذا الأمر وهذا الصمود أمام هذا الموقف وأخبرته عن الإسلام وكانت سبباً في توبته فجاء وسلم نفسه ثم تاب والحمدلله ونشر هذا الدين في ربوع الولايات التي لا تزال والحمد لله ينتشر فيها الإسلام.
الدكتور الكبيسي: إذا حلّت الهداية قلبك نشطت للهداية أعضاؤك فهو توفيق من رب العالمين. على كل حال إلا من تاب وعمل عملاً إذا كان أحدنا قد أسرف في الكبائر فعليه أن يعمل عملاً موجعاً له ومؤلماً ومكلِّفاً ومتعباً ليرضي الله عز وجل به فإن الله يتوب عليه وإن كان عظيماً ولو أن سيدنا عبد الله بن عباس كان من أقواله التي ردّت عليه كان يقول أن توبة القاتل غير مقبولة فهناك حديث عن القتل أعجوبة {لن يزال المؤمن بخير ما لم يصب دماً حراماً} لكن هذه الآية وآيات أخرى أن التوبة تشمل الجميع فالشرك أكبر من القتل ومع هذا يتوب الله فالتوبة لا تستثني أحداً إذا تاب وآمن وإذا كان ذنبك عظيماً فاعمل عملاً عظيماً فهذه بتلك.
يقول سيدنا سعيد بن المسيب ومكحول وغيرهم من أسياذ التابعين {إن الله يمحو السيئة عن العبد ويثبت له بدله الحسنة} بحكم هذه الآية (يبدل الله سيئاتهم حسنات) واضحة وضوح الشمس ويحتجون بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال {ليتمنينّ أقوامٌ أنهم أكثروا من السيئات قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات} سبحان الله. أما قوله تعالى (إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً (71) الفرقان) كررها مرة ثانية وهنا بيت القصيد! هذه الآية تقول وتفسر هذه الأعمال العظيمة التي أوصلت أصحابها إلى القمة هذه الآية، نحن عندنا آيات لا زالت بكراً لم ينتبه بعد إليها، الآية تقول (لاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً) أي لن يرجع عن هذا الكرم الذي صار فيه أبداً. وفعلاً اِقرأ التاريخ كل هؤلاء الذين كانوا مجرمين وقتلة ومرابين وحكام ظالمين مثل ابن أدهم الذين كانوا ملوكاً وتركوا الملك وتابوا إلى الله وعبدوا عبادات شاقة ثم وصلوا بهذه التوبة إلى أعلى الدرجات وذاع صيتهم وكثرت كرماتهم وخوارقهم ما ثبت عليهم أنهم عادوا إلى معصية أبداً وماتوا على التوحيد وعلى هذا الكرم الإلهي وقد كانوا قد ملأوا الدنيا فساداً وإجراماً ولكن تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً وقسوا على أنفسهم من أجل هذه التوبة أصبح بهذه التوبة الموجعة القوية التي هي معروفة عملاً وحينئذٍ هذا أصبح في ضيافة الله {إن الله أفرح بتوبة عبده من صاحب الراحلة} وتعرفون الحديث (والله يحب التوابين) فكيف بهذه الذنوب؟ فبإكرام هذا الذي كان مجرماً إلى هذا الحد ثم تاب إلى هذا الحد أن يعصمه الله من العودة إلى هذا الحدّ فهو يتوب إلى الله متابة بشارة عظيمة ولهذا لا يبقى عذر مهما عظم ذنبك ما هو أكثر من هذا؟ مهما عظم ذنبك اِعلم أن عفو الله أعظم وكرم الله أعظم وأشدّ {يا عبدي لو جئتني بمثل قراب الأرض خطايا لغفرت لك على ما كان منك إذا أحسنت التوبة ولا أبالي. إذاً (وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً } توبة نهائية لن تكسر ولن يعود عنها لماذا؟ سيذيقه الله لذة هذه التوبة ثم يُمعن يبدأ تعبه وسهره في سبيل الله عز وجل وإهلاك ماله وإهلاك نفسه حتى بشدة العبادت لماذا؟ لأنه يتلذذ بها لذة خيالية يعني هذا الذي يشرب الخمر إلى أن ينحل جسمه ولا يتوب تعود صار مدمناً وهو على فراش الموت يقول شوية اعطيني لماذا؟ لأنه تلذذ بها، أدمن. هذا الذي فعل هذا ثم تاب رب العالمين يجعله يدمن على طاعة الله إدمان لا يستطيع أن يعصي الله بعد ذلك هذا من كرم الله ومن جزاء الله لهذا الخطاء الشديد بعد أن تاب توبة نصوحة إلى هذا الحد يمن عليه بأنه يتلذذ بهذه التوبة .
د. نجيب: كانت نفسه في بداية الأمر مذنبة أمّارة ثم أصبحت لوامة ثم أصبحت مطمئنة كالسفينة التي تمخر عباب البحر في خضم الأمواج العاتية ثم بعد ذلك تطمئن وتهدأ وتسكن الريح وترسو على بر الأمان.
د. الكبيسي: في حياتنا رأينا أناس تابوا من هذا القبيل سبحان الله تجد في الجلوس معهم راحة عجيبة وفقط بالنظر إلى وجوههم تراه في غاية الوداعة والبركة تشع منه وتشوف خلقه الرفيع وتشعر أنك معه في أمان وتشعر بأن الله سبحانه وتعالى قد أضفى عليه هالة الرضا حتى في كلامه تبديل 180 درجة فالله اجتباه
د. نجيب: وأحد العلماء يقول كلما لمست في نفسي ضعفاً ذهبت إلى محمد بن الواسع ونظرت في وجهه فكفاني بهذهالنظرة موعظة أربعين يوماً بنظرة واحدة، لذلك النظر إلى وجوههم عبادة.
د. الكبيسي: ليرحمنّ الله الناس رحمة يوم القيامة يتطاول لها إبليس، فعلاً لا يدخل النار إلا شقي. إن الله فتح الجنة على مصارعها هلموا إليها بأقل شيء لكن الشقاء إذا أحد مكتوب عليه نعوذ بالله (إذ انبعث أشقاها).
نتجول في بعض الأعمال الكبيرة إن كان خطؤك عظيماً ومن الأشياء الصعبة علينا كلنا كل من يسمعني الإخلاص في العمل هذه هي العملة النادرة اليوم ووالله إن عملاً واحداً صغيراً بإخلاص يساوي عمل مائة سنة بدون إخلاص فعلى كل منا إذا أراد أن يغفر الله له أن يكون عمله بإخلاص كامل ما يخطر بباله لا سمعة ولا شهرة ولا لكي يقال ولا يدري به أحد يعني تصدق صدقةفأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما أنفقت شماله، إذا واحد أساء له يقول له مسامح من قلب مسامح لوجه الله، يعني إذا واحد أغضبه يكتم غيظه بقوة ويعامله عادي وليست سهلة أبداً. وقس على هذا إياك أن يخطر ببالك أن ترضي أحداً بالعمل الصالح حتى يقال وهذه مصيبة سوداء يوم القيامة باطل زاهق فالعمل محبط فعليك بالإخلاص أخلص يكفك العمل القليل
د. نجيب: ولذلك قالوا نيّة المرء خير من عمله
د. الكبيسي: إياك وأن يميل قلبك إلى غير هذه الأمة، عليك بما تركه رسول الله لأصحابه الذين تعرفهم جيداً وإياك والإنحراف عن هذا الطريق مع فلان وعلان وفلان طائفة وفلان فئة إياك وأي عنوان إلا العناوين التي ذكره الله في كتابه والرسول في سنته كما قلنا أنصار مهاجرون رضوانيون ذاكرون الخ
د. نجيب: ما أحيلى ما تتحدث به سيدي الشيخ، سنعود بعد الفاصل إن شاء الله
———-فاصل———
د. نجيب: نعود لأحسن الأعمال التي تقابل أسوأ الأعمال والعياذ بالله.
د. الكبيسي: أفضل الأعمال الاخلاص عوّد نفسك على أن لا تعمل شيئاً من العبادات إلا لوجه الله سبحانه وتعالى فمن الإجحاف أن تساوي بين مخلوق خلق من مجرى البول مرتين ويصير تراب في القبر وهو وإياك سواء تعمل من أجل هذا وتترك الله سبحانه وتعالى فيه إجحاف وفعلاً الرياء مصيبة المصائب المراؤون هؤلاء من أسوأ الذنوب كيف تساوي بين الخالق والمخلوق يا رجل عوّد نفسك أن هذا عمل لله فلا ينبغي أن تشرك به أحداً. وكما قلنا إياك وأن تتورط بأن تنتمي إلى حزب أو طائفة لها عنوان غير الإسلام لا بد أن تضلك حتى لو كانت بصبغة إسلامية في مشاكل كما ترى في العالم الإسلامي اليوم تحت الإسلام طوائف وأفكار وأحزاب دمرت الدنيا وهناك بالتاريخ أخرجتهم عن الإسلام كما قلنا يزيدية والخ {تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما الكتاب والسنة}
كذلك كما قلنا من ضمن الأعمال العظيمة للمسلم لكي يغفر له دوام الاستغفار ذكرنا في حلقة ماضية عن الذين تحدثوا بعد الموت يقول كل ذنب استغفرت الله منه وجدته بشيء مكتوب بأن هذا مغفور موجود ولكن عليه خط كأن هذا لا يحاسب عليه انتهى غفر لك ولكنه موجود (مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (49) الكهف) موجود لكن مكتوب عليه إشارة عليه أن هذا قد غفر له لأنه استغفر منه.
عندنا دوام الصدق لو تعرفون رب العالمين كم يحب الصدق إن الله يكره الكذب بشكل خيالي إياك والكذب كن صادقاً حتى لو قطعت إرباُ ماذا يعني؟ كن صادقاً في مالك في نفسك في وظيفتك إياك والكذب هناك أشياء الله يحبها وإذا أحب الله عبداً تعرفون ماذا يعطيه؟ أي ملك من الملوك إذا أحب أحد من الرعية يغنيه فالله يحب الصادقين الصدق أن تقول الصدق دائماً {لا يزال العبد يصدق ويترى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً} فيكون من الصديقين.
المرأة إذا حفظت المرأة زوجها ماله وعرضه وشرفه وسمعته ستدخل الجنة مع الصديقين ما من عمل أرجى للمرأة من أن لا يحاسبها زوجها يوم القيامة على عمل لا خيانة في مال ولا عرض ولا نفس حينئذٍ بهذا العمل وهذا عناء تحافظ على ماله وسمعته وكرامته هذا عناء إذا غاب عنها وهذا طبعاً مشقة وبحاجة إلى امرأة متربية وأصيلة ذات نفس عالية وإذا فعلت هذا كل ذنب من ذنوبها حاشاها حتى لو بغياً يوماً. فهذه المرأة التي دخلت البئر لعبة؟! والله ما أستطيع ولا نصفكم ما يستطيعون، في الصحراء وتعرفون آبار الصحراء عميقة وكلها أفاعي ومن أجل كلب تروح تنزل البئر لكي تسقيه والله ما أسويها. فهذه المرأة بهذا العناء غفر لها وهي مومس والحمد لله نساؤنا صالحات طاهرات لكن ذنوبنا كثيرة فإذا غاب عنها زوجها وحفظته في مالها ونفسها لا يبقى عليها ذنب.
بعدها حقيقة إيانا جميعاً أن يكون في قلبك ذرة من كِبْر على غيرك على فقير أنت مدير عام أنت وزير أنت غني إياك كلنا أولاد تسعة وكلنا مصيرنا إلى التراب كل هذا رايح و{رب أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره} رب فقير ما يملى عينك وقد تتعالى عليه لكي يفسح لك الطريق وهو عند الله يوم القيامة من الصديقين. إياك والكبر إياك أن تشارك الله في صفاته {الكبرياء ردائي والعظمة إزاري من نازعني فيهما قصمته ولا أبالي}.
الورع، نحن نتكلم عن جرائم عظيمة لا يزني ولا يقتل ولا يشرك والخ، أن يتحرى الورع في كل أمره وأن يتحرى الأخلاق التي ذكرها الله في القرآن (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) آل عمران) ما هي سهلة أنك أنت تكظم غيظك كلما أثار غيطك عدو أو صديق أو جار أو متعامل معك أغاظك غيظ عجيب وكلنا نغتاظ وتستطيع أن تمسح به الأرض وقد تمسح به الأرض لكن هناك غيرك من أصحاب الذنوب الكبيرة حاول الشيطان أن يلعب فيه قم اذبحه اقتله ما هذا! وعفوت عنه لوجه الله يا الله يوم القيامة هذا العمل يغفر لك كل الكبائر حتى لو ارتكبت كل هذه الثلاثة.
أن تمشي على الأرض هوناً كما قلنا حكاية الكبر أن يكون فيك تفاخر يعني أنت تزعل إذا دخلت المجلس وما قام أحد يرحب بك تزعل إذا فلان ما بدأك بالسلام تزعل إذا فلان تكلم معك ببساطة لا أنت بذلك ضيعت على نفسك الفرصة، إذا فعلت هذه يوم بين يوم الذي بينك وبين الولاية أن تكون ولياً كثرة الذكر اذكر الله عز وجل استغفر كثيراً لا إله إلا الله هذه مأثورات إذا فعلتها انتقلت من جهة أهل الإجرام والكبائر ولو الله عفى عنك لكن انتقلت من هذا الجانب إلى الجانب الآخر وأصبحت من الصالحين (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ (35) الحج) تصبح أنت صالحاً ورب العالمين يملأ قلبك رحمة وإيمان ويملأ وجهك نور والناس يحسون أنك أنت والله غير عادي وحينئذٍ أنت إذا ذكر الله سبحانه وتعالى أو الجنة أو النار لا تمر عليها مرور الكرام بل تتغير قلبك يقفز يا الله أذا ذكرت النار استرنا يا رب عافينا يا رب وإذا ذكرت الجنة يارب اجعلنا من أهلها بتضرع بصوت خافت وخلاص قلبك مع الله عز وجل. وحينئذٍ يوم بعد يوم تدخل عالم الصالحين ولو كنت من أعظم المجرمين كما في بعض الحكايات المروية الصادقة والحقيقية عن ناس كانوا في غاية الإجرام فأصبحوا في غاية القرب من الله عز وجل حتى أنعم عليه كما قال {عبدي أطعني تكن مثلي تقول للشيء كن فيكون} ووالله رأينا أناساً يقولون للشيء كن فيكون وأنا رأيت واحداً في حياتي يقول للشيء كن فيكون لما عرفنا كيف جاهد نفسه في شبابه لا أحد أن يستطيع أن يفعل فعله
الدكتور نجيب: هذه الأيام التي تمر فيها الأمة الإسلامية بكثير من المحن والشدائد أحوج ما يحتاجون للأعمال الصالحة العظيمة كإغاثة الملهوف والمساعدات المالية ورعاية الأيتام وكسوة الأرامل والإنفاق ليس كالنفقة المعتادة وهذه من الأعمال العظيمة
الدكتور الكبيسي: فعلاً إياك أن تكون من أمة محمد وأن تيأس أو تقنط إياك، لا تيأس إطلاقاً ما دام باب الرحمة مفتوحاً ولا تدري بأي عمل يمكن رب العالمين سبحانه وتعالى يفتح عليك كل هذه الكرامات والعطايا. إذاً مهما عظم ذنبك أو جرمك إياك أن تقفل الباب وتقول خلاص لا فائدة لا، في فائدة والله قبل الموت بثواني إذا فعلت شيئاً عظيماً والأحاديث في هذا الباب {ومنكم من يعمل بعمل أهل النار حتى لا يقى بينه وبين النار إلا ذراع فيسبقه عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها} فلا ننسى رحمة رب العالمين وكرم رب العالمين ولا تيأسوا ولا تقنطوا فاليأس والقنوط من رحمة الله من الجرائم التي تهلك الإنسان يوم القيامة. من أجل هذا في أي لحظة حتى لو رأيت نفسك متمادياً قول وخلي قلبك يقول يا ربي اهدني يا ربي خلصني من هذا الذي أنا فيه يا ربي تب علي ولهذا إياك أن تأخذ على خطاء ذنبه فترى نفسك خيراً منه فاعلم أن الله سيدخله الجنة ويدخلك النار هذه قاعدة ثابتة إذا شفت نفسك رجل صالح وتقي وشفت واحد خطاء ولما مر بجوارك احتقرته وقلت ما هذا السكير العربيد المنافق وشفت نفسك أنت أحسن انتهيت لأن هذا من الأخلاقيات الأساسية في التعامل مع الله. إياك أن تتأله على الله عز وجل وكأنك تسيّره بنفسك ولهذا من أدب الملوك إذا استشارك لا تقول افعل فلان شيء لا، أنت بهذا تكون قد أهنت هذا الرجل العظيم قل والله يا صاحب السمو أنت أدرى وأنت مرة نصحتنا قلت سووا فلان شيء يعني أسند الأمر إليه وهذا عبد يأمرنا الله ورسوله والأخلاق أن نفعل هكذا مع الملوك ومع من يحكمنا بالأدب الراقي ولهذا إذا أردت أن يرضى الله عنك وأنت من الصالحين والحمد لله فتضاءل أمام الله وكل ما تفعله اعتبر أن هذا صغير بجنب نعم الله والله لو عبدت الله ألف عام لا تساوي نعمة واحدة من نعمه فبإستصغار عملك أمام الله وأن لا تزدري أحداً غيرك وتظن أنك خير منه وحاول أن تعين هذا الخطاء بالنصيحة بالكلام بالمحبة بالمساعدة أعنه. هكذا هو الأمر وادعوا الله له بالهداية فهذه الأثمان هي التي تشترى فيها سلعة الله وسلعة الله غالية فعلينا جميعاً أن ننتبه من هذا وأن باب التوبة مفتوح وأن فضل الله عظيم وكبير ومن دخل النار فلا يلومنّ إلا نفسه،
الدكتور نجيب: هذا يقودنا إلى استنتاج أن هناك أولويات في الطاعة وأولويات في العمل فكثير من الأحيان ننشغل بشيء من صغائر الأمور فضلاً عن كبائرها والنوافل عن الفرائض. على سبيل المثال نحن في الخليج أنعم الله علينا بالقرب من البيت الحرام نستطيع أن نذهب إلى بيت الله الحرام في أي وقت أذهب وأعود ولا شك أن هذا عمل عظيم ولكن أيضاً في المقابل هناك أعمال أخرى قد تكون في وقت من الأوقات وساعةمن الساعات أكثر أجراً وإلحاحاً
الدكتور الكبيسي: نعم وتركها قد يمحق كل حسناتك يحبط كقضية الجار وتربية الأولاد والانفتاح قضية تماسك المجتمع والإخلاص في التعامل مع الآخرين هذه كلها عجائب ثم عدم استعمال الطاعة في معصية الله سبحانه وتعالى وحينئذٍ هذه التي تديم النعم بالطاعة تدام النعم إذا أنت أطعت الله فالنعم تدوم
د. نجيب: كما قال الشافعي:
إذا كنت في نعمه فارعَها فإن المعاصي تزيل النعم
وداوم عليها بشكر الإله فإن الإله سريع النقم
باسمكم جميعاً أتقدم بالشكر الجزيل لفضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله وزاده بسطة في العلم والجسم على أمل اللقاء بكم في الحلقة القادمة ليفتتح سورة طه المليئة بالعجائب القرآنية بعد أن انتهينا من سورة مريم عليها وعلى نبينا أفضل صلاة وسلام.
بُثّت الحلقة بتاريخ 15/6/2012م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها
————————
الحلقة 162 (15-6-2012)