الحلقة العاشرة:
بسم الله الرحمن الرحيم. ولا نزال نتلقى المساهمات الجادة والجدية التي تبهج القلب من المشاهدين. وفي هذه الحلقة أيضاً سأخصصها كالحلقة السابقة لعرض نماذج مما وافانا به المشاهدون والمشاهدات مما أصبنا وأصابوا فيما بعثوا وفيما قالوا.
(وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ﴿15﴾ لقمان) (وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي (8) العنكبوت):
وقبل أن ابدأ أعتذر للمشاهدة أم زيد من عمان في الحلقة الماضية سألتنا عن الفرق بين (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ﴿8﴾ العنكبوت) (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ﴿15﴾ لقمان) فأنا قلت لها باختصار هذا الموضوع ناقشناه في حلقة سابقة ولكن في الإعادة عندما شاهدت الإعادة في اليوم الثاني تبين أن المشاهِدة لا تسأل عن حُسناً وإحساناً وإنما تسأل عن بقية الآية (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ﴿15﴾ لقمان) (وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي (8) العنكبوت) الصوت كان حقيقة غير واضح فما سمعت بقية السؤال. فأنا أجيب الآن عن سؤالها ما الفرق بين (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا) والآية الأخرى (وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا) لتشرك وليس على أن تشرك وهو في سؤال في غاية الوجاهة من حيث أن هذا الأسلوب القرآني تكرر عدة مرات بل قد يكون عشر مرات في الكتاب العزيز. ولا بد أن نعرف ما الفرق (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ ﴿32﴾ التوبة) (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ ﴿8﴾ الصف)؟ وهكذا آيات كثيرة. الفرق بين هذا وذاك: عندما يأتي الفعل يريد وبعده أن وفعل آخر هذا إعلان الإرادة أريد أن أعلمك فقط أعلن نيتي أنا ما علمتك بعد، عندما أريد أن أعلمك أريد أن أعاقبك أريد أن أجزيك كل هذا إعلان للفعل أنا سأفعل هذا هذا وعدٌ سواء كان وعداً أو تهديداً أو تكريماً أو ما شاكل ذلك أريد أن أفعل كذا. إذا أقول أريد لأفعل كذا باللام المضمرة معناها إني قد اتخذت الأسباب وباشرت الفعل لما أقول أريد أن أعلمك هذا بعد ما بدأنا وعد أريد لأعلمك يعني أنا أحضرت الدفاتر والأوراق والكتب وفرشتها تعال اجلس، قلت ماذا تريد مني؟ أريد أن أعلمك أريد لأعلمك هذا في كل الآيات (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي) يعني يحاولون يا ابن الحلال أنت لازم ترجع من الإيمان وتعبد الأصنام كما هو أسباب النزول فقط إعلان أننا لا بد سنفعل ما نستطيع لكي ترجع من دينك إلى الشرك هذا (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى). (وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي) خلاص جاؤوا واستعملوا كل أساليب الترهيب والترغيب إذا ترد عن الإسلام نعطيك هكذا إذا ما ترد نعذبك جدال (مَا يُجَادِلُ فِي آَيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا ﴿4﴾ غافر) حشدنا الحشود أحضرنا أقاربك اتخذنا أسباب كثيرة وهكذا (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ) هذا تهديد وعد إعلان. (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ) هذا اتخذوا الأسباب الكاملة. فكل الأفعال على هذا النسق، مثلاً الله تعالى يقول (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ﴿27﴾ النساء) إعلان إرادة، أعلن إرادته لعبادة المؤمنين بأن إرادته سبقت أن يتوب على كل المؤمنين إذا تابوا (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ) أن يتوب، (يريد الله ليتوب) اتخذ الأسباب وتاب هذا الوعد تطبق يعني كيف رب العالمين لما أعلن هذه التوبة ثم طبقها قال من استغفر غفرت له وبين الصلاتين كفارة ورمضان لرمضان كفارة، نفائس، كظم الغيظ غفار، العفو عن الظالم كفارة، بر الوالدين كفارة كل هذه العبادات التي لا حصر لها مما جاء بها النص أنها تغفر الذنوب يعني مثلاً (ثلاثة لا يضر معها ذنب بر الوالدين) رمضان لرمضان كفارة ولا يعرف مضاعفات رمضان إلا الله هناك أعمال بمثلهما، أعمال بعشرة، أعمال بخمسة عشرة، أعمال بخمس وعشرين، أعمال بسبعمائة والصوم لا يعلم مقدار مضاعفاته إلا الله وبالتالي رب العالمين لما شرع لك عبادة بهذا الشكل تاب عليك (رغم أنف عبدٍ أدرك رمضان ولم يغفر له) إذاً الفرق بين (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) أعلن إرادته قنن القانون شرع التشريع. (يريد الله ليتوب) اتخذ الأسباب وهذه الأسباب وما أكثرها في هذا الدين. كذلك كما قلنا يعني كثيرة حقيقة ما تحصى يعني حوالي ستة عشر أو سبعة عشر آية في القرآن وتقول الآية (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿72﴾ يونس) (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ﴿12﴾ الزمر) هذا فرق وهذا فرق يعني على هذا الأساس هناك فقط إعلان الأمر (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ) اتخذ الأسباب كاملة وطبعاً نحن تعلمنا أنه الآن كل فعل أراد ويريد إذا جاء بالأن والفعل معناها إعلان إذا جاء باللام لام التعليل المضمرة بعدها قل ليتوب، ليعفو، ليضلوا، معناها اتخذوا الأسباب وطبقوا ما وعدوا به وما هددوا به.
لِبداً ولُبداً:
الآن نتكلم عن قوله تعالى لُبدا ولِبدا (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا ﴿19﴾ الجن) بكسر اللام والثانية (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴿4﴾ أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ ﴿5﴾ يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا ﴿6﴾ البلد) بضم اللام في الحقيقة هناك فرق بالفتحة والكسرة المعنى يختلف. تكديس الأموال بعضها على بعض من لبد يلبد فهو لبدا بضم اللام إذا كدست أموالك وأنفقت أموال كثيرة يقال أهلكت مالاً لبدا كان ملبداً وكثيراً والخ عندما يكون اجتماع الناس من لبد يلبِد نحن بلغتنا نقول إلبد يعني إجلس مع صاحبك. لِبداً اجتماع كثيرين من البشر من المخلوقات الحية ملائكة شياطين إنسان المخلوقات الحية إذا اجتمعوا اجتماعاً كما في الحديث والنبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من الطائف وقد فعلوا به ما فعلوا وهو جريحٌ ومدمي والخ وصلى في وادي قبل مكة حينئذٍ الجن تكدسوا عليه بشكل غير معقول، لما صلى الصبح في وادي نخلة ووادي نخلة قبل مكة والنبي صلى الله عليه وسلم خاف أن يدخلها فقريش أقسموا أن يقتلوه حتى أجاره المطعِم وأولاده فصلى الصبح فتقاطر عليه الجن من كل مكان كما قال تعالى (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا) أي أنهم كانوا من الكثرة والزحام بحيث أوشكوا أن يقعوا عليه. هذا الفرق بين لُبدا ولِبدا بالكسرة.
من عزم الأمور – لمن عزم الأمور:
عندنا بعد ذلك طبعاً هذه المساهمة من أم عبد الله الأحمر من دمشق (وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴿17﴾ لقمان) وفي آية أخرى (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴿43﴾ الشورى). الفرق بين (إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) هذه اللام تنقل صورة ثانية ليس لها علاقة بالأولى. واحد عنده سيارة جاءت عليها صاعقة وأهلكتها، واحد عنده ابن ومات، واحد عنده تجارة وخسر هذا إذا صبر هذا (إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) عزم الأمور هذا صفة العظماء (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴿35﴾ الأحقاف) وليس كل إنسانٌ له عزم حتى سيدنا آدم أبونا يقول (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ﴿115﴾ طه). لكن إذا كنت قد صبرت على المصيبة (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴿155﴾ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴿156﴾ البقرة) ولهذا الصبر من أعظم العبادات (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) لكن صابر قضاء وقدر على مصيبة قضاء وقدر لم يجني عليه أحد فالأول اضطراري والثاني اختياري، الأول كسيدنا يوسف في الجُب والثانية كيوسف في السجن. إذاً إذا كانت مصيبتك قضاء وقدر ولم يجنِ عليك أحد هذه (إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) لكن القمة لما يكون واحد اعتدى عليك وأنت قادر على أن تأخذ حقك منه، أنت ملك، أنت أمير، أنت وجيه، أنت ذو شوكة وشخص أهانك هذا الحلم (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ ﴿75﴾ هود) يا الله رب العالمين يصفه بالحلم حينئذٍ هذه (إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ). يقول رب العالمين (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴿34﴾ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴿35﴾ فصلت) ليس أي واحد يعني بالتاريخ معدودين فلان وفلان معن ابن أبي زائدة واثنين ثلاثة أربعة هؤلاء لا يغضبون ولا ينتقمون أبداً على قدرتهم (إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) فكل من يصبر على مصيبة أو أذى أو ضرر قضاء وقدر ما حد اعتدى عليه قضاء صاعقة جاءت حرب قتلت ابنه هذا (إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) لكن لا هذا فلان هذا غريمي فلان هذا غريمي هو الذي ضربني قتلني أكل مالي اشتكى علي آذاني قتل أبنائي الخ وصبرت قلت له إذهب لوجه الله، سامحتك، الله قال (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ﴿134﴾ آل عمران) (من كظم غيظه لأجلي كان حقاً عليّ أن ادخله من أي أبواب الجنة شاء أن أملأ جوفه رضى يوم القيامة) كم واحد؟ يمكن في كل مدينة واحد. أحياناً في المدينة الواحدة في كل جيل واحد كل مائة سنة يطاع واحد صابر وحليم ومهما أذيته يبتسم ويقول لك سامحك الله سامحني أنا غلطان وهذا الشيء يتطلب رجال (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) هذا الفرق بين (لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) وبين (مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).
(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا ﴿2﴾ يوسف) (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا ﴿3﴾ الزخرف)
الآية الأخرى آيتان وهذه يمكن من نفس المصدر من أم عبد الله التي تقول (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا ﴿2﴾ يوسف) وأخرى تقول (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا ﴿3﴾ الزخرف). (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا) أنزلناه، وآية أخرى (جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا). نتكلم عن جعلناه هذا الكلام كلام الله، القرآن كلام الله ليس هناك شك في هذا لكن هذا الكلام هو الذي خرج من الله بالضبط؟ لا طبعاً هذا لو هذا الكلام الذي نقرأه هو الذي خرج من الله بالضبط لما استطاع منا أحداً أن يقرأه إلا وصُعِق. لكن رب العالمين كلامه الذاتي الذي لا يمكن لنا أن نسمعه رب العالمين إكراماً لنا رحمةً بنا غيّر صيرورته ولغته وصار عربياً لماذا؟ العربي (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴿1﴾ الإخلاص) هذا بحاجة إلى لسان إلى شفتين إلى حلق ميم شفتان لام حاء حلق وهكذا رب العالمين ما عنده لا شفتين ولا حلق ولا لسان (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴿11﴾ الشورى). وحينئذٍ رب العالمين كلامه الصحيح جعله قرآناً عربياً هذا هو الفرق بين جعله ثم أنزله بهذا إلى اللوح المحفوظ. إذن رب العالمين كما في الآية (قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا ﴿143﴾ الأعراف) موسى هذا من أولي العزم من قمة الرسل هذا المشهد خرّ صعقاً وحينئذٍ قال له أنت قوانينك في الدنيا لا يمكن أن تسمع صوتي الحقيقي ولا أن ترى صورتي فلما ربه تجلّى بعض نور من وجه رب العالمين سلطها على الجبل الجبل ذاب انتهى فأنت كيف أنت البشر مخلوق من دم ولحم تريد أن تسمع كلامي الحقيقي وأن ترى وجهي؟! لا يمكن، هذا ليس من قوانينك هذا من قوانينك يوم القيامة لأن المشهد يوم القيامة بقوانين أخرى هذا قوانين طين قوانين أرضية من طين خلقنا ثم سوانا ونفخ فينا من روحه ونعيش أربعين خمسين مائة سنة ونصير تراب مرة ثانية هذا جسد طيني يعود طين مرة أخرى. ولهذا هذا القانون قانونك الطيني لا يسمح أن تراني أو أن تسمع صوتي. هكذا هو القرآن الكريم لا يمكن ولهذا الله قال (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ ﴿21﴾ الحشر) بلغة الله الأصلية بصوت الله الأصلي (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ (21) الحشر) وهو جبل صخري صار له ملايين السنين وهو واقف فكيف وأنت البشر (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴿28﴾ النساء) كيف يمكن أن تسمع صوتي؟! لا يمكن، فرب العالمين من كرمه قال (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴿22﴾ القمر) إذاً هذا القرآن هو النسخة العربية التي جعلها الله ولم يكن الأمر كذلك. رب العالمين لما نطق ما نطق بلغة عربية نطق بلغته هو التي لا يمكن لعقلك أن يدركها بهذه القوانين كما لا يمكن لعقلك أن يدرك وضعه وكونه ومثاله وحتى سمعه وبصره لا يمكن أن تدركه كيف رب العالمين يسمع كل الكون بجزء الثانية؟ إذاً كما أن عقلك لا يحيط بكل صفاته ولهذا الذين انشغلوا في التاريخ الإسلامي.بالذات والصفات كانوا يعبثون أو نقول بعد أن اكتمل لهم دينهم لا باس من أن يحاولوا التفكير في هذه القضية والحديث يقول (فكروا في الله ولا تفكروا في ذات الله) لا بأس أن تفكر كيف رب العالمين يسمع كيف رب العالمين يبصر لكن أن تجعلها قضية حساسة وكل واحد يدّعي أن كلامه هو الحق هذا أشعري وهذا معتزلي وهذا مرجئي كله كان عبثاً وناس تقتل ناس على هذا كما نفعل الآن شيعي وسني ووهابي وكذا باسم العقيدة وكلهم ضالون كل من يقتل مسلماً انتهى (لن يزال المؤمن بخير ما لم يصب دماً حراماً) ولهذا أنت قل ما الذي قال له؟ قال (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴿13﴾ الأحقاف) قل أنا الله ربي محمد نبيي أنا مسلم وهذا الحلال وهذا الحرام وانتهينا. يا أخي أنت في نفسك الله قال (وَفِي أَنْفُسِكُمْ﴿21﴾ الذاريات) أنت أين نفسك؟ قل لي ما هي روحك؟ فسر لي أين روحك؟ في أي مكان في عينك في أنفك وبعدين لما تموت ما الذي يخرج منك؟؟؟ أنت لا تعرف روحك وتريد أن تعرف رب العالمين أي عبثٌ هذا لا بأس أن تفكر أما أن تعتقد بأنك أنت أصبت بعقلك هذا المغفل الذي إلى الآن لا يدرك ثلثين الأرض تلاحظ وتريد أن تدرك رب العالمين! والآن هذا أمامك التلفزيون 99 وتسعة أعشار من المشاهدين لا يعرفون كيف تأتي الصورة ولا عقله يدركها ولو قلت لكل البشرية قبل مائتين سنة سيأتي يوم ونجعل الصندوق أمامكم تشوفون فيه لكان الرد أنك أنت مريض ومجنون وستظهر أشياء أعجب فهذا مثلاً الانترنت والموبايل هذه لو ذكرتها في العصر الحجري والبيزنطيين والمسيحيين قبل الإسلام لأعدموك لأنك كافر وقد أعدموا بعض الناس لأنهم قالوا كلاماً ثم تبين أنه حقيقة لكن ما أدركوه. من أجل هذا رب العالمين عز وجل قال (جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا) وبعد أن جعلناه قرآناً عربياً أنزلناه هكذا إلى اللوح المحفوظ حتى نقله جبريل من اللوح المحفوظ شيئاً فشيئاً بالتنزيل بالتنزيل على حسب الوقائع وهذا جداً منطقي. ورب العالمين قال (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) قال هذا اللفظ؟ أولاً الله يعرف عربي الشيء الثاني لغته عربية؟ ألا يعرف لغة أخرى! ثم عنده قاف ولام وحنجرة هذا بشر والله قال (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ). هذا الفرق بين أنزلناه وجعلناه.
ننتقل إلى قضية أخرى على سيدنا موسى وطبعاً في الحقيقة أكثر المتشابه في القصص القرآني يا الله! والله لو ينتبه قراء القرآن الكريم كيف رب العالمين ترجم لنا هذا القصص العظيم الذي فيه كل عبر الدنيا (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ ﴿111﴾ يوسف) مدرسة كاملة بالكلمة رب العالمين ليس هناك داعي أن يطيل عليك يغير بالكلمة يغير بالحرف مثل ما قلنا قبل إحساناً وحسناً. وحينئذٍ تعرف كم أن هذا القرآن معجز وأن هذا القرآن لا يمكن أن تحتمله إلا اللغة العربية. هذه اللغة المعجزة ما اختارها الله عبثاً وللأسف الشديد أنها تتقهقر الآن بفعل أبنائها لا بفعل أعدائهم ولو أن الآن الأمة بدأت تعود إليها. شرف هذه الأمة هذه اللغة وما من لغة تضاهيها وحينئذٍ اللغة الوحيدة التي تحمل المطلق الإلهي والفهم النسبي هي هذه اللغة. يعني الآية الواحدة كما تشاهدون الآن يعني هذه الآيات التي نناقشها الآن هذه الآيات المتشابهة مرت بآلاف المفسرين وملايين القراء كل واحد أخذ منهم على قدر فهمه كيف تستطيع الكلمة القرآنية الواحدة أن تخزن فيها معلومات ومعارف تعطيها لكل جيل على قدر حضارتهم ومعرفتهم واكتشافاتهم. يعني لما الله قال سبحانه وتعالى (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴿112﴾ النحل) كل جيل فسّرها على حسب معرفته ونحن الآن نقول أن هذه الصناعات الثقيلة العظيمة من درة إلى بواخر إلى بوارج إلى دبابات أفقرت شعوبها وشعوبها جاعوا. ومن أسباب انهيار الاتحاد السوفييتي صار فقيراً لأنه قضاها بالصناعات الثقيلة العظيمة (بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ). إذاً هذه الآية في كل جيل تعطيك معنى يناسب جيلك وحاجاتك واكتشافاتك وما تريد من أي لغة على وجه الأرض يمكن أن تحمل هذا المعنى الدفين وتعطيك معنى متغيراً إلى يوم القيامة إلا هذه اللغة قال (جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا).
(وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ ﴿142﴾ الأعراف) (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ﴿51﴾ البقرة)
الآن نفس الشيء الله قال (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ ﴿142﴾ الأعراف) وفي آية أخرى قال (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ﴿51﴾ البقرة) لماذا مرة أربعين ومرة ثلاثين زائد عشرة؟ نفس الشيء لكن ما الحكمة؟ فعلاً بحثنا عنها في كل مكان ما وجدناها. الذي حصل ما يلي: رب العالمين لماذا يقول له أربعين سنة روح ؟ كلهم قالوا أنه في الحقيقة قال له صم لا ينبغي ولا يليق بالله عز وجل أن تقابله وأن تكلمه وأنت مليء بالطعام والغازات وطبعاً رب العالمين سيدنا موسى فرّ يعني انهزم هرب وهو موسى لاحظ قال ما يليق أنت بطنك مليئة أشياء قد يخرج منك- بول – فهناك من عندما يخاف يبول على نفسه فرب العالمين سبحانه وتعالى أراد أن يهيأ سيدنا موسى تهيئة كاملة بحيث يستطيع أن يصمد أمام تلك الحالة الوحيدة الفريدة له في التاريخ وهو أن الله كلّمه. فرب العالمين قال له أربعين يوم تصوم صوماً كامل وتأتي ناشف ما فيك أي احتمال لأي خلل يسيء الأدب أو يفسد وجودك معي، مقابلتك لي، أربعين يوم لكن أربعين يوم الله لم يأمره بها. ففي الآية التي تسبقها الآية الأساسية الأولى (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً) الله قال يا موسى صم ثلاثين ليلة وفعلاً شهر الصوم في كل الأديان شهر وراح موسى شهر ولما صام ونشف تماماً بعقله البشري طبعاً ثلاثين يوم لم يكن في ذلك الوقت هنالك مطهر لم يكن هنالك شيء فجلس حوالي يوم كامل يفرك بأسنانه وينظفها وينظف رائحة فمه رب العالمين سيكلمه وجهاً لوجه فهذا اختراع سيدنا موسى يعني هداه عقله والتفكير البشري منطقي. كلنا لما تقابل أنت وجيه تقابل أمير تقابل شيخ تضع عطراً وتتعطر وتنظف ملابسك تكون تليق بمقابلة الملوك فما بالك بملك الملوك؟! سيدنا موسى فعلاً تعطر وتزين وغير من شكله مقابلة ملكية يا الله مقابلة تاريخية لم يحظَ بها إلا موسى من جميع بني آدم إلى يوم القيامة ونظف أسنانه بالتراب حاول بأي شيء عنده فجاء سيدنا موسى إلى رب العالمين كأنه عريس. الله قال له ما الذي فعلته؟ – بما معناه طبعاً هذا كلامنا نحن نشرح- قال له ما هذا الذي فعلته؟ قال أنا أتيت لأكلمك فقال له أنا أمرتك بالصيام لكي أشم رائحة فمك (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من رائحة المسك) كل عطور الدنيا لا تساوي عندي وأنا رب العالمين، نفحة من نفحات فمك التي ترونها غير لائقة أنا أراها مسك، أطيب عندي من رائحة المسك لأنه ما من عبادة أحب إلي من عبادة الصيام (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي) ومن ضمن ذلك فإنه لي أنا أحب أن أشم رائحته – بما يليق به سبحانه وتعالى- رائحة فم الصائم التي تضايقنا نحن هي عند الله خيرٌ من كل عطور الدنيا قال له إذهب عشرة أيام أخرى صم ولا تنظف فمك وتعال. واضح إذاً الفرق (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ) ثم قال الله (فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ﴿142﴾ الأعراف).
د. نجيب: سيدي الفاضل الإمام النووي تعليقاً على هاتين الآيتين العظيمتين يقول لما كان سفر سيدنا موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام من قبل إلى مخلوق سيدنا الخضر قال لفتاه (قَالَ لِفَتَاهُ آَتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ﴿62﴾ الكهف) فشكى الجوع وشكى التعب لكن سفره عندما كان إلى الله سبحانه وتعالى ثلاثين ليلة وأتمها عشراً لم يشكُ نصباً ولم يشكو جوعاً لأن فرط الحب قد شغله عن طعامه وعن شرابه.
الدكتور الكبيسي: الحب واللذة ومناجاة الله يا سيدي سيدنا موسى نبي ورسول ورب العالمين أسمعه صوته. هنالك صالحين في هذه الأمة للذة مناجاتهم لله في القرآن يذهل. النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعة الواحدة البقرة وآل عمران والنساء من شدة تلذذه. يقال عن جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه كان لما يصلي لا يسمع أحداً وكان فكِهاً طيباً فقالوا له: أنت عندما تصلي تصفرّ قال: أتعلمون من أُكلِّم؟ يتلذذون ولهذا سيدنا عثمان لما يقرأ القرآن بليلة في التهجد هذا لذة الخطاب مع رب العالمين نحن الآن مساكين نحن أي كلام يعني صلاتنا وقراءتنا للقرآن ما فيها هذا البعد بعد اللذة في مناجاة الله هذا لا يعرفه إلا أهل العزم:
لها أحاديث من ذكراك تشغلها عن الطعام وتلهيها عن الزاد
الإمام النووي أيضاً حمل حديث النبي صلى الله عليه وسلم (أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني) في حديث الوصال على المحبة.
إتصال من الأخت أم عامر من الأردن: هناك آيتان متشابهتان وردت إحداهما في سورة الكهف والأخرى في سورة مريم. في سورة الكهف (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴿46﴾ الكهف) وفي سورة مريم (وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا ﴿76﴾ مريم) فقد ورد في التفاسير أن الباقيات الصالحات هي الصلوات الخمس وكل عملٍ صالحٍ وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله والله أكبر فهل لنا في هذه الإضافة يا شيخنا الجليل؟ أما الباقيات الصالحات في سورة الكهف هي الأمل المرجو في الدنيا لكل مؤمنٍ من ماله وبنيه سواء في حياته أو بعد مماته سواء ما قدمت يداه أو بما يترك من إرث مال أو بنون يعود عليه بصالح الأعمال وذلك ما علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا مات ابن آدم انقطع عمل ابن آدم إلا من ثلاث صدقة جارية أو ولد صالح يدعو له أو علمٍ ينتفع به) وهي دعوة مفتوحة لكل مؤمنٍ طالما أنه على هذه الدنيا أما الباقيات الصالحات في سورة مريم فهي خاصة بالمؤمن يوم الحساب (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ﴿19﴾ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ﴿20﴾ الحاقة) فهي ما يتبقى في صحيفته من أعمال صالحة لذا جاءت نهاية الآية في سورة مريم (وَخَيْرٌ مَرَدًّا) أما في سورة الكهف (وَخَيْرٌ أَمَلًا) حيث الدعوة ما زالت مفتوحة طالما أن الإنسان يحيا في هذه الدنيا. وبالمناسبة هنالك مجاملة أنه عندما يتوفى شخص عزيز لأحد يقال له البقية في حياتك وكثير من الشيوخ والعلماء يقلون هذه مقولة خاطئة فما رأيك؟
الإجابة: الآيتان جميلتان لكن نحن نطلب من جميع المشاهدين لما ينقدح في ذهنهم شيء من هذا القبيل لا بد له من إضافة فالذي قلتيه صح لكن لا بد له من إضافة وتعديل فحتى لا نضيع وقت البرنامج ابعثيه بالفاكس ونحن نعدله إن شاء الله ونضيف إليه ونقول هذا من أم عامر. أما البقية في حياتك هي البقاء لله وحينئذٍ هذا الكلام لا يعني شيئاً.
إتصال من الأخ عبد القادر من الشارقة: عندما وصل الرسول صلى الله عليه والسلام إلى سدرة المنتهى مع جبريل عليه السلام طبعاً جبريل وقف عند حده والرسول عليه الصلاة والسلام تمتع بالنظر إلى وجه الله الكريم، ما نزل ولا صفة من الصفات التي شافها للبشر يا سيدي الشيخ؟
الإجابة: أولاً هذه قضية مختلف فيها كثيراً حتى قالت السيدة عائشة (والله إني ليقشعر بدني عندما تقولون إن محمداً رأى ربه) لا أظن هذا يا ابني. على كل حال كلام الله يكفي وتكليمه له يكفي وإن شاء الله نبحث هذا في موضوع قادم إن شاء الله.
سِخرياً وسُخرياً
المسألة السادسة جاءت من الدكتور عامر من الشارقة يفرق بين قوله تعالى (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي ﴿110﴾ المؤمنون) بكسر السين. وفي آية أخرى (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴿32﴾ الزخرف) بضم السين. سِخرياً بكسر السين وسُخرياً بضم السين والفرق بينهما كما قال الدكتور عامر (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا) من السخرية والاستهزاء كان مستهزءاً بهم يعني نحن كنا نرى صالحين وأتقياء وعلماء وكنا نضحك عليهم ونسخر منهم كما يفعلون في الأفلام المصرية يسخر من كل العلماء عن طريق النموذج أو الرمز الذي هو المأذون لكن يسخر من هذا اللبس العمامة والجبة الخ جعلوه هزؤ والمشاهدون صار لهم حوالي نصف قرن من الزمان يضحكون على هذا المنظر وبالتالي يوم بعد يوم أنقدح في ذهنهم أن هذا كل عالمٍ مسلم هو سخرية وهو هزؤ وهو يضحك عليه وفعلاً حصل هذا. الآن في مصر بدأ علماء المسلمين يخلعون هذا اللباس ويلبسون اللباس الأجنبي وهذا هو المقصود. وقلنا أن الفيلم المصري ملغوم من أول يوم وللأسف الشديد أضلّ هذه الأمة وشكّلها تشكيلاً جديداً بفعل اليهود وينفق عليه منهم. حينئذٍ الله قال (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ ﴿110﴾ المؤمنون) بالأفلام بالمسرحيات ضحك على هذا الذي يلبس العمامة أتحداهم يوم من الأيام جرأوا على أن يسخروا من قس يلبس الملابس الدينية المسيحية أو اليهودية أتحداهم فقط من المسلم لأن الذين يدفعون لهذا الفيلم هم النصارى واليهود. (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ) سِِخرياً يعني هزؤ تسخرون منهم. أما سُخرياً من السخرة والسخرة أن تكلف غيرك العمل لأجلك ورب العالمين جعل بعض الناس مسخرين للناس الحلاق والجزار والبائع والسائق وكلنا نخدم بعضنا ورب العالمين سخّر بعضنا لبعضٍ. إذن سخرياً من التسخير تسخير البعض للبعض وسِخرياً بكسر السين من السخرية والهزء هذا هو الفرق الذي جاءنا به الدكتور عامر، يقصد قول الشاعر
والناس للناس من بدوٍِ وحاضرة بعضٌُ لبعضٍ وإن لم يشعروا أو يعلموا خدم
اسجدوا – قعوا له ساجدين – خرّوا سجداً:
مداخلة من أمر راضي من الشارقة مداخلة جميلة حقيقة نادراً ما تأتي على البال. رب العالمين يقول (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا ﴿34﴾ البقرة) هذه آية وفي سورة ص لم يقل اسجدوا وإنما قال (فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴿72﴾ص) يعين انتباهة هائلة من أم راضي في الشارقة. رب العالمين يقول (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴿34﴾ البقرة) في آية ص قال (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ ﴿71﴾ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴿72﴾ ص) وآية أخرى (خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ۩﴿58﴾ مريم) ما الفرق بين سجدوا وبين وقعوا له ساجدين وبين خروا سجداً؟ والله تقتضي التفريق. وفعلاً الفرق بين (سجدوا) هذا سجود اعتيادي أنك أنت قمت بعملية السجود التي نفعلها في الصلاة هذه سجود كلنا نفعل سجود كسجود الصلاة سجدنا. في يوم الجمعة من السنن أن نقرأ سورة السجدة ونحن واقفون الإمام نحن واقفون خلفه ويقرأ هو سورة السجدة ويأتي إلى قوله تعالى (خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ﴿15﴾السجدة) خروا لماذا؟ ونحن واقفين ننزل رأساً إلى تحت (خروا). والخرّ هو الهبوط مع صوت من خرير الماء وهنالك فرق بين جريان الماء بلا صوت. الخرير من شلال نازل بصوت هذا خرّ (خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا) إما صوت البكاء مع السجود شخص قرأ آية يسجد لكن قرأ آية مؤثرة فبدأ بالبكاء وهو يبكي نزل على الأرض هبط بقوة لكي يسجد ولكن مع صوت هذا. مرة قال (خَرُّوا سُجَّدًا) ومرة قال (خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا) البكاء صوت السجود قال (خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا) من التسبيح سبحان الله وبحمده. إذاً الفرق بين سجدوا وخروا سجداً هذا. الفرق بين سجدوا وخروا سجداً وفقعوا له ساجدين كنت مشغولاً. رب العالمين يحمل عرشه ثمانية الذين حول العرش يا الله لا يحصى عددهم! (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ﴿17﴾ الحاقة) الذين يحملون العرش ومن حوله (وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿75﴾ الزمر) هذه من أعظم بشائر المسلمين (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴿7﴾ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿8﴾ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿9﴾ غافر) يعني دعاء مستجاب لأن أكرم وأعظم وأقرب الملائكة إلى الله الذين يحملون العرش ومن حوله الحافّين. الحافون كما يقول إمام الرازي وغيره ونقل هذا عن عدة مفسرين منهم الكشاف والرازي أثنى عليه قال إن لم يكن لصاحب الكشاف إلا هذه اللطيفة أنه تذكرها لكفاه. الذين يحملون العرش ومن حوله كل واحد له طريقة عبادة، ناس واقفة هكذا من الملائكة طبعاً على اليمين وعلى اليسار وناس تسبح فقط وناس راكعة فقط يقول حوالي مئات الآلاف من الخطوط حول العرش تصور لو أردنا أن نضع رجال حول دولة الإمارت جميع الحدود كم نحتاج؟ ملايين. فكيف لما مليون صف؟! هؤلاء كلهم أقرب الملائكة إلى الله (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ) (وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) رب العالمين في هذه القضايا يخاطب هؤلاء أقرب وأحب الملائكة إليه، فلما خلق آدم قال لهؤلاء أو جزء منهم (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) أنت ألست تعبدني؟ وأنت تسبح؟ اتركوا عملكم وقعوا له ساجدين. إذاً رب العالمين يخاطب هؤلاء الملائكة المشغولون فالذي يقع هو الذي كان مشغولاً بشيء ثم انتبه. يعني واحد يشتغل أو يكتب سمع ابنه وقع أو طاح رأساً ركض عليه ترك الشغل الذي بيده لأهمية الحدث الآخر. فرب العالمين قال (فَقَعُوا) بالفاء (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) من روحي، لا يستحق أن تسجدوا له لأنه طين أو أني سويته ولكن لأني نفخت فيه من روحي (فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) كلٌ ترك عمله قسمٌ منهم هو ما خاطب كل الملائكة ولكن مجموعة منهم أنتم عندما أنفخ فيه روحي رأساً فقعوا اتركوا الذي في أيديكم (فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) وهذا الفرق بين فقعوا له وبين اسجدوا وبين خروا.
إتصال من الأخت أم زيد من عمان: هناك آيتان من سورتان (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) البقرة) جاءت كلمة الصابرين بعد أنواع البلاء وفي سورة محمد (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31) محمد) فما الفرق بينهما؟
بُثّت الحلقة بتاريخ 9/5/2008م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها