وأُخر متشابهات

وأُخر متشابهات – الحلقة 131

اسلاميات

الحلقة 131

(فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (29) يونس) – (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا (52) العنكبوت)

الدكتور نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. مع شيخنا الجليل الأستاذ العلامة الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله ورعاه في تأملاته القرآنية في مثاله الأخير في سورة يونس عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.

الدكتور الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. وها نحن في آخر سورة يونس عليه السلام حيث سننتقل في الحلقة القادمة إلى سورة هود الآيتان الأخيرتان في هذه السورة كما يلي: الآية 28 من يونس (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (28) فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (29) يونس) الموضوع بين (فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ) أو (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا (52) العنكبوت). في يونس قدّم الشهادة سلّط الأضواء ولفت الأنظار إلى قيمة شهادة الله عز وجل عندما ينعدم الشهيد أو الشهداء أو الشهود أو عندما لا تثق بهم أو عندما يعجزون عن الشهادة أو يخافون، هذا قدّم شهيداً (فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) المهم عليك أن تعلم قيمة أن الله شهيد، وما هي نوع شهادته؟ ما هو الإعجاز بهذه الشهادة؟ هذا عندما يكون الشهود إما معدومون أو مزورون أو شهداء زور يعني المهم نريد أن يثبت كيف أن الله شهيد يوم القيامة أعجوبة العجائب الكون كله لا يساوي حلقة. يعني هذا كله لا يساوي حلقة يعني هذا كل السموات والأرض لا تساوي عند الله هذه الشاشة التلفزيونية ورب العالمين عز وجل يرى كل واحد منا كما لو لم يكن أحد غيره في هذه الأرض (مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28) لقمان) (وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50) القمر) هناك تسليط الضوء لما يقول (فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) ثم يقول (بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ) إذاً المهم الشهادة. عليك أن تتأمل كيف أن الله شاهدٌ عليك كيف أن الله يعلم ما توسوس به نفسك وهو أقرب إليك من حبل الوريد وكأن هذا الكون كله شخص واحد (مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ) (وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) هذا الكون كله يقول (كُن) هذا واحد ،هذا لما يقدم شهيداً (فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ). في تعبير آخر في العنكبوت (كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا) انظر كيف أن النص يتحكم بالآية القرآنية (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (52) العنكبوت) قدم بيني وبينكم لماذا؟ الظلم جاء هنا ليس من قلة الشهادة الخصم الثاني هو الذي ظلمني أقوى مني عنده مال أو أولاد (أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (15) القلم) (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) الأحزاب) الخ، حينئذٍ التقديم والتأخير وكما تكلمنا من قبل في عدة أمثلة في التقديم والتأخير هارون وموسى موسى وهارون عندما يقدّم موسى فإنه يقدّم صاحب الرسالة وعندما يقدّم هارون يقدّم محبة بني إسرائيل ومدى تأثير هارون عليهم كان رحيماً ورفيقاً بهم. حينئذٍ التقديم والتأخير في كل الكتاب العزيز يغيّر المعنى ويلفت نظر القارئ إلى أن يتدبر في هذا فإن التقديم والتأخير في الكتاب العزيز فنٌ عظيم ويترتب عليه تغيير في المعاني والأفكار. إذاّ كل اثنين يختلفان إما لانعدام الشهود (قل كفى بالله شهيداً) أو لا في اختلاف لأنك أنت قوي أنت ملك وأنا من الرعية أنت غني وأنا فقير أنت عندك أنصار وأنا ما عندي أنصار قل (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا) لماذا؟ عليك أن تعرف بأن الله تعالى يراك أكثر مما ترى نفسك في المرأة بل هو أقرب من ذلك (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) ق) هذا الوضع يشمل كل مخلوق على وجه الأرض كما لو لم يكن في هذه الكرة الأرضية غيرك، من أجل هذا جاء في النص (اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) يا الله! ولهذا أنت تستطيع في مكان حيث لا يراك الله، لا يمكن. من هنا الفرق بين (فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ) وبين (كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا) إذا قدّم الشهادة فأنه يسلط الضوء على مدى قدرة الله في هذه الشهادة شهادة معجزة لا يمكن لغير الله (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59) الأنعام) يا الله! (وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61) يونس) مثقال ذرة! ولهذا لو تأمل الإنسان في هذه الشهادة وأنه وحده المقصود يعني أنت لما تصلي وطبعاً أقرب ما تكون إلى الله وأنت تصلي أنت تكلمه، طبعاً تقول أنا في صلاة الجمعة وخمسة آلاف واحد كأن الله ينظر إليكم جميعاً؟ لا، أنت كما لو لم يكن في المسجد غيرك كل واحد من المصلّين في الكرة الأرضية كلها يعني وقت الصلاة كلنا وكل من في الكرة الأرضية وهو يصلي إن الله يراه وينظر إليه كما لو لم يكن أحد في الكرة الأرضية فتأمل! ولهذا الصالحون يذوبون خجلاً من رب العالمين عندما يتأخرون عن الصلاة عندما يغفل عن ذكر الله هذا طبقة من أصحاب الفردوس الأعلى. هذا المقصود من كل تقديم وتأخير لأن كل تقديم وتأخير هناك وجهة نظر المقدّم يلفت الله النظر إليه (يخرج الحي من الميت) (ويخرج الميت من الحي) كل واحدة لها معناها هكذا كل ما في الأمر. إذاً التقديم والتأخير في كتاب الله عز وجل على هذا الأساس وكلما وجدت تقديماً وتأخيراً تأمل فيه المقدَّم في البداية يريد الله منك أن تتأمل في هذه المشكلة في هذا المقدَّم الإبداع الإعجاز الخلق عقدة الآية في هذا المقدَّم نحن الآن (فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) نتكلم عن شهادة الله (وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ) (وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا) لما نقول (كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا) عندما تتظالمان تلاحظ (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (28) فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (29) يونس) شهيداً يوم القيامة يقولون ما كنتم تعبدوننا فيقولون والله كنتم تعبدوننا فقال (كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا) فالمشكلة بينا نحن وأنتم تنكرون هذا هكذا هو الأمر في هذين الأسلوبين في كتاب الله عز وجل،

الدكتور نجيب: لفت الانتباه إلى جانب جديد من جوانب التشابه بين الآيات سبق أن ذكرت أمثلة تتعلق بالتنكير والتعريف نعم والتذكير والتأنيث وغيرها وهذه إضافة جديدة ونوع آخر

الدكتور الكبيسي: كثير جداً التقديم والتأخير وحينئذٍ لا ينبغي أن يعلم أحد أن هذا صدفة القرآن معني بكل حركة فقط الحركة حتى الحركة وحينئذٍ عليك أن تعلم لماذا قدّم هنا وأخّر هناك؟ والقرآن مليء بهذا.

د. نجيب: (ما أُهلّ به لغير الله) (ما أهلّ لغير الله به)

د. الكبيسي: الكلام في هذا يطول هذا كلام فلسفس وكتب المفسرين في (وما أمرنا إلا كزاحدة) هذا الكلام الذي ذكروه يقتضي أن تقرأه طيلة عمرك حتى تنجزه وهذا الذي ذكروه لا يشّكل إلا قطرة في بحر علم الله عز وجل وهكذا هو الأمر (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85) الإسراء) كل ما تقدمت أكثر وكلما تأملت أكثر فتحت لك أبواب وهذا معنى ما قاله المصطفى عليه الصلاة والسلام عن هذا الكتاب قال (لا تنقضي عجائبه) كل ما وصلت إلى عجيبة فتحت لك أبواب عجائب أخرى وهذا هو شأن الكتاب إلى يوم القيامة.

د. نجيب: والآيات القرآنية تفسر هذه الآية الكريمة (وشاهد ومشهود) في سورة البروج

د. الكبيسي: (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) الزمر) هذه السموات والأرض كلها لا تساوي بيده حصوة، إذن ما الذي يعزب عن ربك؟ إذن ما الذي يغيب عنه؟ وهو فعلاً يرى كل شيء كما لم يكن غيره بالرؤية الكاملة وكل هذا ليس في وسع العقل البشري بالقوانين التي خلقه الله عليها أن يفهم حقيقة الوضع إلا يوم القيامة لكنه يعني قدر الإمكان واحد يجتهد ويُعمِل العقل وإلا فعلاً كيف أن الأرض قبضته والسموات مطويات بيمينه؟!! وبالتالي هذا فوق قوانين عقلك لكن يوم القيامة شيء ثاني (فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) ق) هذا شيء آخر.

د. نجيب: ذلك الشيخ السهيلي في مناجاته يقول:

يا من يرى ما في الضمير ويسمع    أنت الملاذ لكل ما يتوقع

يا من يُرجّى في الشدائد كلها        يا من إليه المشتكى والمفزع

أبيات طويلة يتقرب بها إلى الله

د. الكبيسي: هؤلاء أهل الله عز وجل في مناجاتهم مع الله عز وجل تركوا عالَماً

د. نجيب: يتقربون إلى الله بهذه الأسماء وهذه المعاني القرآنية التي تبين الثناء على الله سبحانه وتعالى وعظمته

د. الكبيسي: ما من أحد يعجبه الحمد مثل الله عز وجل، إن الله يحب الحمد.

د. نجيب: لذلك قالوا ما أحد دعا بهذا الدعاء إلا استجيب له.

د. الكبيسي: الحمد لله رب العالمين. نكتفي بهذا لأننا فقط أردنا أن نبين أن التقديم والتأخير لا بد أن يكون فيه (وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآَتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (24) الرحمن) يعني مرة يلفت نظرك إلى البحر ومرة يلفت نظرك إلى السفينة ويقدم ويؤخر وهكذا في كل تقديم وتأخير يقول لك انتبه إلى لمقدَّم السِرّ هنا هكذا هذا الموضوع الأول.

الدكتور نجيب: الملاحظ أن هذه الآيات تأتي في معرض التهديد والوعيد

د. الكبيسي: قال (ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ) أنت مكانك، عني تصور متهم أحضروه إلى مكان الشرطة وضابط الشرطة جالس على مكتبه فجاء هذا يسلم عليه فيقول له مكانك اسكت هذا تهديد فقال (مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ). وحينئذٍ كما تفضلت رب العالمين عز وجل في كل كلمة يرسم المعنى بالشكل التي تحتويه هذه الكلمة إلى معاني متعمدة تعطي عطاءها على امتداد الزمن إلى يوم القيامة (فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) هنا إن الله هو شهيد هنا وهنا كفيل وهنا وكيل تختلف معناها من حال إلى حال ولا تنقضي عجائبه وليس معانيه بل عجائبه يعني فيه من العجائب التي تكتشفها في كل جيل يعني لو تقرأ التفاسير الآن وتدرجها التاريخي ترى كل مفسِّر سبق الذي قبله وأتى بجديد وهذا لا ينتهي إلى يوم القيامة، ويوم القيامة كما في الأثر عندما يجمع الله المفسرون ويسألهم كيف فسرتم كلامي؟ يقولون فإذا رب العالمين يبدي لهم ماذا عنى وإذا بهم لم يخطر ذلك ببال أحد (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (53) الأعراف).

د. نجيب: وإذا أتوا بالجديد فقد أتيتَ بالجديد الذي لم يسبقك إليه الكثير. لنا عودة بعد الفاصل

———فاصل——–

(لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (22) هود) (لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (109) النحل)

د. الكبيسي: انتهينا من سورة يونس، الآن ندخل إلى سورة هود. حقيقة الآية الأخيرة في يونس ما أردنا أن ندخل فيها لأنها سهلة (وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) (وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) باختصار شديد كل هذا في الكون إذا كنتم تعبدون هذا وتنكرون هذا أنا أملك كل ما في السموات والأرض  ومعنى هذا أن الله سبحانه وتعالى يقول أنا لي كل ما في الكون إذا كنتم تعبدون هذا وتنكرون هذا أنا أملك كل ما في السموات والأرض هذا ملكي وهذا الملك لا يوازي ملك آخر عبد من عباد الله يخرج من النار! انظر كم هو تافه، من هذا الملك التافه الذي أنتم فيه يقتل بعضكم بعضاًّ هذه كل العبارة.

د. نجيب: ما الفرق بين (ما) و(من) هنا؟

د. الكبيسي: من للعاقل وما لغير العاقل من بحار وسماء وأراضي وجبال ومن للملائكة والشياطين والإنسان الخ كل المخلوقات إما (ما) وإما (من) إما عاقل وإما غير عاقل كل هذا ملك الله عز وجل يقول هذا آخر واحد يخرج من النار يوم القيامة ملكه أضعاف هذا الملك الذي أنتم فيه هل يساوي هذا الملك التافه الذي لا يساوي عند الله جناح بعوضة ما تفعلون ببعضكم من قتل وإبادة وتكفير وتفجير كما يحصل الآن في العالم كله؟! دول تجتاح دول وناس تقتل ناس وقبائل تغتال قبائل ورئيس دولة يذبح شعبه وفرعون ويقتل أبناءهم ما يساوي كل هذا العذاب وهي عند الله لا تساوي جناح بعوضة هذا هو الحقيقة باختصار حتى ندخل في سورة هود عليه السلام. إذاً (وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) (وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) هذا الذي يقول وهناك مخلوقات مشتركة بين السموات والأرض هناك ملائكة وهنا ملائكة

د. نجيب: (وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29) الشورى)

د. الكبيسي: ندخل الآن إلى هود، هود الآية 22 وطبعاً تتذكرون تكلمنا في الحلقة الماضية عن قوله تعالى (كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) يونس) وهذا من إعجاز القرآن هذا الدين وكل الأديان السماوية المسيحية واليهودية والإسلام حدث أنه خرج منهم جماعة وبقوا على نفس الاسم على أساس أنهم مسيحيون أو يهود أو مسلمون ولكن حرفوا تحريفاً كاملاً حتى خرجوا من هذا الدين ولو أنهم بقوا يعني عندنا فرق إسماعيلية وقاديانية ومش عارف ايش لكن لما تروح تشوف ما في شيء من هذا الدين ما في شيء بس الاسم. يقول رب العالمين هؤلاء لا يمكن أن يعودوا ولا يؤمنوا وهذا حادث يعني تحدثنا أن بعض الفرق الدينية العقل لا يقبلها ولا حتى المجنون ناس تعبد الشيطان! ناس تكفّر أشخاصاً رب العالمين ذكرهم بالقرآن قال رضي الله عنهم ورضوا عنه (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) التوبة) يعني واحد في القرآن سماه قال رضي الله عنه وتقول أنت كافر وتلعنه!! ما هذا هؤلاء الذين خرجوا مع بقاهم يحملون الاسم ولكنهم فسقوا أي خرجوا من هذا الدين لن يتوبوا ولن يعودوا وهذا ثابت فعلاً وهذا من إعجاز القرآن. تكملة لذلك الموضوع بسورة هود في عندنا خاسرون وفي الأخسرون، ما الفرق؟ آية تقول مثلاً (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (19) أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (20) أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (21) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (22) هود) الأخسرون وفي الآية الأخرى في النحل قال (أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (108) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (109) النحل) الخاسرون على هذه الطوائف التي خرجت من الإسلام أو من المسيحية أو من اليهودية مع بقائها على أنها من دعواها على نفس هذا الدين هؤلاء الذين انسلخوا وفسقوا أي خرجوا من البناء الأصلي لذلك الدين مرة قال عليهم (هُمُ الْخَاسِرُونَ) ومرة قال عليهم (هُمُ الْأَخْسَرُونَ) طبعاً الكلام طويل وباختصار ونأخذ من الآخر ما الفرق؟ الفرق بين الاثنين كما في القرآن الكريم هو خرج يعني واحد قاعد في بيته ثم فكر بالدين ما الإسلام وما يوم القيامة؟ وبعد ما كان يصلي ويصوم وهذا حصل كثيراً في كل العصور حتى المتنبي هذا الشاعر حسب ما يقال من بعض الرواة أنه رجل مسلم ولكنه قال ما هذا الدين؟ أنا لا أؤمن به هكذا قال بعض الرواة. لكن نحن في زماننا رأينا جماعات وأحزاب وفرق أشكال ترك وقال ما في الله حتى في أوروبا وفي أميركا وفي كل مكان ناس ملحدين أما الآن الرأي الشائع في الغرب ما هذا الإيمان بالغيب وما غيب والآخرة والخ ما في حتى يوم الأحد لا تجد أربعة خمسة يذهبون إلى الكنيسة ولهذا قاموا يبيعون الكنائس التي بعضها تحولت إلى مساجد وأخرى مقاهي والخ وهذا موجود مع بقائه مسيحي بالجنسية ويهودي بالجنسية ومسلم يعني نحن في العراق مثلاً صار عندنا حزب شيوعي يمكن فيه خمس ملايين مسلم كان يصلي ويصوم وفيهم معممين طلعوا جماعة يسمونهم العلماء الأحرار هو عالم مطوع ولحية وكذا لكن يقول أنا شيوعي طب اخلع روح صير أفندي لا هو بقي لابس عمامة وجُبّة ويصلي بس يقول الله مش موجود، هذا البلاء هذا الخبل وحينئذٍ الخاسرون واحد ما اقتنع جالس في البيت أو في ووظيفته وقال يا أخي شو آخرة وما آخرة ما أؤمن بهذا! أو هذا الدين خطأ القرآن فيه أخطاء الإنجيل الخ ولكنه لم يبشر لا بهذا الذي يجري ولا كوّن حزب ولا قام يفسد الناس هذا (هُمُ الْخَاسِرُونَ). في ناس لا شكلت أحزاب وبثتهم في العالم وأفسدوا ملايين الناس أولئك ضلوا وأضلوا هناك من ظل فقط وهناك من ضل وأضل لما ترك الدين أو شوهه بما لا يقبله العقل ولا يقبله النص وإذا به يبشر به صار عنده أنصار فعلاً أنصار كما قلنا في الحلقة السابقة هناك شيوعيون وعلمانيون ودهريون ووجوديون وفي المسلمين هناك نواصب وروافض وزنادقة وخوارج ويقول لك أنا مسلم بس خرج من الإسلام وما بقى عنده شيء من الإسلام إذا كان هو خرج وحده وشفنا ناس واحد يقول لك أنا هذا أبوي أو ابني أو أخوي قاعد ويقول ما في الله خلاص لكنه ما عمل دعاية لهذا الموضوع هذا (هُمُ الْخَاسِرُونَ) أما الآخر لا، نشط، أحزاب وجماعات وأفكار ومدارس وإعلام وفضائيات وكتب مثل لينين وستالين وخالد بكداش في سوريا وعبد الرحمن مش عارف ايش في العراق والشرقاوي في مصر ومحجوب في السودان أقاموا حزب شيوعي أفسدوا آلاف والأحزاب المعاصرة في هذا العصر حتى نكون واقعيين يعني أنت تأمل في كل الأحزاب التي قامت عليها الحكومات العربية في القرن العشرين في تونس حزب مش عارف ايش الصوم في رمضان ممنوع زواج اثنتين ممنوع السفور واجب الحجاب ممنوع وإذا كان هناك من هو متزوج اثنتان يحبسونه ولكن إذا كان له صديقة يزني فيها معليش هذا جائز وهكذا في مصر هذا التحرير وفي العراق أحزاب قومية وبعثية وكلها وقس على هذا آلاف مؤلّفة بل ملايين هذا ضل وأضل قال (هُمُ الْأَخْسَرُونَ).

أحمد من إيطاليا: يا شيخ أنا عندي مداخلة حول أسلوب التقديم والتأخير في القرآن أحياناً يأتي الأسلوب على سبيل الاختصاص مثل قوله تعالى (إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آَذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47) فصلت) أو مثل قوله (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59) الأنعام) أي هذا يختص به سبحانه وتعالى فهل ممكن أن نطبق هذا على الآية التي تقول (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) الضحى) هل هذا من الاختصاص؟

الإجابة: بالضبط كما تفضلت هذه الأساليب التي بالتقديم والتأخير معظمها إما قصرٌ وإما اختصاص أو لفت نظر كما تفضلت وأنت صحيح

د. الكبيسي: وهناك فرق كبير بين فلا تنهر السائل وبين وأما السائل فلا تنهر فرق كبير وفرق كبير بين إياك نعبد ونعبدك كما تعرف إياك نعبد أي لا نعبد غيرك أبداً ولكن لما تقول نعبدك ممكن نعبد غيرك أيضاً أنا أعبدك وأعبد غيرك إياك نعبد أي فقط أنت وبالتالي لما قال (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ) فقط السائل ينبغي أن لا تنهره انهر ابنك صديقك أي احد مش مشكلة لكن السائل إياك واليتيم إياك أن تقهره اقهر أخوك اقهر عمك اقهر زوجتك لا تقهر اليتيم إطلاقاً كما تفضلت. قال تعالى (هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآَتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ (38) الأعراف) لم يكتفوا بكونهم ضالون بل ضلوا وأضلوا هكذا إذاً هذا الفرق

الدكتور نجيب: وهذا من تمام كمال عدل الله سبحانه وتعالى كما تفضلت أن هناك كفر دون كفر وفسق دون فسق كذلك العقوبات ليست متساوية لجميع الكفار يوم القيامة فهذا خاسر وذاك أخسر ومن هنا كانت جهنم دركات وليست كلهم في مكان واحد

الدكتور الكبيسي: تأييد لكلامك شيخي أن النار دركات أعجوبة وطبعاً كل ما جاء في الكتاب العزيز لا يدركه العقل والتي جاءت في الأحاديث وأحاديث متفق على صحتها والله ترعب على حكاية التدرج يعني مثلاً يقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث متفق عليه (إن أهون أهل النار عذاباً رجل في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل بالقمقم ما يرى أن أحداً أشد منه عذاباً وأنه لأهونهم عذاباً) يعني هذا العذاب لما يصير عليه يتصور ما في أشد من هذا، هذا واحد يعني هذا عذاب هذا (هُمُ الْخَاسِرُونَ) ويقول صلى الله عليه وسلم عن سويد بن غفل’ يقول (إذا أراد الله أن يُنسَى أهل النار) يعني يرميهم متروكون يعني لا أحد يهتم بهم انتهينا كما تترك الأشياء التي لا تريدها بالمخزن ترميها نفس الشيء (إذا أراد الله أن ينسى أهل النار جعل للرجل فيهم) وفي رواية (منهم) (صندوق على قدره من نار لا ينبض منه عرق إلا فيه مسمار من نار ثم تضرب فيه النار ثم يقفل بقفل من نار ثم يجعل ذلك الصندوق في صندوق آخر من نار ثم يضرم بينهما نار ثم يقفل ثم يجعل ذلك الصندوق في صندوق من نار ثم يضرب بينهما نار ثم يطرح في النار فذلك قوله تعالى (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16) الزمر) تخيل منظر هذا صندوق داخل صندوق داخل صندوق وكلها مشتعلة نار يبقون خالدون فيها هؤلاء (هُمُ الْأَخْسَرُونَ) هذا خالد في النار ولهذا شيخي النار لبشاعتها يقول صلى الله عليه وسلم إنها (تخف على المؤمن حتى تكون كحر الحمام) وبعدين المؤمن ما يدخل داخل هذه النار لأنها مغلقة (إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) الهمزة) في عذاب خارج النار الجمرة والنعال من نار والخ هذه للمؤمن الذي هو موحد.

أماني من الأردن: ذكرت عن دعاء إذا قلناه مستجاب فهل ممكن أن تذكره لنا؟

الدكتور الكبيسي: كثيرة الأدعية المستجابة أولاً أوقات الاستجابة وهي كما تعرفين إما قبل الصلاة أو بعد الصلاة (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) الشرح) وبين الحيعلتين وإذا وقع المطر وقبل الشروق ويوم الجمعة والصائم عندما يفطر والدعاء بعد الصلاة يكون بعد التسليم وقبل التسليم وهناك أحاديث نعرفها كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني بعد ما تنتهين من التحيات قولي (ربي إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني أنك أنت الغفور الرحيم) (ربي اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت) هذه أدعية مستجابة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمها لأصحابه وهكذا ولا بد لكل مسلم الآن أن يشتري كتاب من كتب الأذكار وهي تملأ السوق بدرهم ودرهمين وسيرى فيها عجب ما من منجيات يوم القيامة كذكر الله (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45) العنكبوت) ولذكر الله أكبر.

———-فاصل———-

إذاً الأخسرون هم الذين ضلوا وأضلوا كما قال تعالى في عدة آيات من أجل هذا عليك أن تعرف أن كل الآيات والأحاديث الواردة في هذه العقوبات (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) الكهف) وماتوا عليها ولذلك هذا المؤمن لا يمكن أن تمر به هذه النار كما قال صلى الله عليه وسلم قال على الكفار قال (إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9) الهمزة) (وإنها لتخف على المؤمن حتى تكون كحرّ الحمام) ما لم يصب دماً حراماً! إياكم والدم الحرام! الدم الحرام من بشاعته يكاد أن يلحقك بالمشركين لولا أن الله سبحانه وتعالى وهبك لا إله إلا الله محمد رسول الله فأخرجك منهم ولكن العقاب شديد. إذاً عليك أن تعلم أن الأخسرين أعمالاً غير الخاسرين. الخاسرون منا نحن الخاسرون منا نحن ولا نقول كلنا إن شاء الله أكثر الأمة ناجية لكن منا من عنده كبيرة ومات عليها إلا إذا شفع له النبي صلى الله عليه وسلم .ولكن عليك أن تعلم بأن الله سبحانه وتعالى عدد الأخسرين شيء عجب كما في الحديث هذا عن العباس في قوله تعالى (فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (41) الرحمن) قال (يجمع بين رأسه ورجليه ثم يقصف كما يقصف الحطب) يعني وضعوا رأسه إلى الوراء ورجليه يربطها بالرأس ثم يكسرونه هكذا كما يكسر الحطب ثم يلقى في النار يا لطيفّ وكل هذا للمشركين كل هذا لأهل الشرك. ما دمت تقول لا إله إلا الله الموحد يوم القيامة أعجوبة لا إله إلا الله لها مقامها يوم القيامة ومحمد رسول الله كما في الكتاب العزيز إن الذين يؤمنون بالله ورسله ويفرقون بين الله ورسله الخ لا بد أن تؤمن بالله ورسله جميعاً إياك أن تفرق بينهم.

أم محمد من دبي: بعض الناس عندهم معاصي أو أغلبية من يكون عندهم معاصي لا يحضرون مثل هذه البرامج التوعوية وبعضهم يحضرون صلاة الجمعة لكن خطبة الجمعة ليس فيها تهديد بحيث يحرك قلبوهم قليلاً، يعني أغلبية الذين يتصلون بالبرنامج ناس متفقهين ومطلعين وفي إيمان في قلوبهم يحثهم على أن يتابعوا البرنامج ويسألوا عن الحلال والحرام وحتى في المساجد خطبة الجمعة حتى الصوت لا يصل إلى أغلبية الناس؟

الدكتور الكبيسي: ما دام المؤمن يصلي إلى القبلة هذه الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر من حيث أنك كلما أذنبت استغفرت ما من مسلم إلا بعد الصلاة يستغفر الله والاستغفار بعد الصلاة مستجاب والدعاء مستجاب (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) إذا فرغت من صلاتك انصب وتعب نفسك بالدعاء فكان سيدنا عمر إذا رأى أحد سلّم وقام كان يجلسه بالقوة ويقول له (اجلس أليس لك عند الله حاجة؟) إذاً هذا المؤمن لا تخافين عليه صلاة الجمعة ما شاء الله يصلي في المسجد هؤلاء بإذن الله لن يكون عليهم إلا الرحمة يوم القيامة ما لم يصب أحدهم دماً حراماً وإلا بين الوقتين كفارة الجمعة إلى الجمعة كفارة رمضان إلى رمضان كفارة ليلة القدر النصف من شعبان عرفة الخير كثير كل ألم كل حمى كل صداع تربية الأولاد الهمّ للمسلمين الخ ولهذا قال (لا يدخل النار إلا شقي) ما معقولة كل هذه الامتيازات ولم يحصل على واحدة منها فالمؤمن على خير وكما تفضلت المفروض أننا لا ننشد فقط أن نخلص من النار هي اثنتين (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185) آل عمران) دخول الجنة هو في الحقيقة بالبداية سهل كلنا يمكن أن ندخل إلى دبي بالطائرة على المطار ولكن عندما تدخل إلى دبي وإذا بها ناس وعالم في قصور وفي عشش وفي بيوت فقيرة وناس تشتغل بالشمس في البناء وناس جالسة في دوائر وناس يركبون باص وآخرون في سيارتهم هكذا يوم القيامة (فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا (75) طه) المفروض المسلم الذي يصلي لا ينبغي أن يحصر كل جهده فقط أن لا يدخل النار وإنما عليه أن يرقى (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) المطففين).

أمين من رومانيا: سؤالي بالنسبة لمراتب الجنان وهي سبعة المقام المحمود جنات النعيم الغرفة الفردوس الخ لماذا جاء في القرآن (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) المائدة) مع النبي عليه الصلاة والسلام قال (إذا سألتم الله فأساله الفردوس الأعلى) وما قال اسأله جنات النعيم هل يمكن الحصول على جنات النعيم بالدعاء؟

الإجابة: نعم ولمَ لا؟ والنبي قال (سلوا الله الفردوس الأعلى فأنها مقصورة الرحمن) ويأتي الاثنان يوم القيامة فيدخل كل منهما إلى جنته فيرى أحدهما وهو الذي كان أشد عبادة من صاحبه في مرتبة أدنى فيقول يا ربي بما غلبني هذا وكنت خيراً منه؟ قال له (أبخستك من حقك شيء) قال لا، هذا حقي قال (أنه كان يدعوني) ما سبقك بالعبادة ولكن سبقك بالدعاء يا رب أسألك الفردوس أسألك الفردوس أسألك الفردوس مش معقول أني في يوم من الأيام ما صادفت ساعة استجابة، أنت ما دعوتني ولهذا قال (الدعاء مخ العبادة) توكل على الله.

نعود لنقول إياك أن تصبح يوم من الأيام سبباً لأن يظل إنسان وهذا الآن شائع جداً جماعات وأحزاب شوفوا بالصومال ناس تذبح ناس وكلهم مسلمين شباب الإسلام الحزب الإسلامي الجهاد الإسلامي والله كله من باب النفاق وكله من باب الغرور إياكم وهذا إياكم وهذا ناس تقتل ناس بالآلاف تفجر بالآلاف ويصيح الله أكبر وهذا الآن شائع (لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم الهرج القتل القتل القتل) وحينئذٍ إذا كنت من القتلة الذين ليس لهم عذر في هذا والعذر إما أن يكون مرتداً عن الإسلام أو أن يكون قاتلاً للقصاص إما الدم النفس بالنفس أو التارك لدينه ومفارق للجماعة أما مخالفك بالحزب ومش عارف ايش ولهذا شاع في هذا الزمان هذا المكر الإلهي أن هناك أسماء إسلامية في كل مكان في العراق وفي كل مكان في الصومال وفي كل مكان دعاوى الإسلامي وكلهم والعياذ بالله معظمهم والعياذ بالله من أهل النار بنص الآية القتل والبغضاء والحسد وشهادات الزور البغضاء وحدها تدخل النار وحدها فكيف مع القتل أيضاً.

محمد من الكويت: سؤالي عن آية في القرآن (لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آَتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (233) البقرة)؟

الدكتور الكبيسي: هذه الآية عن الرضاع لما يتطلقان الرجل والمرأة حينئذٍ عليهم أن يجتمعوا عندهم طفل كيف يرضعوه وكيف تدفع لها أجرة وعليه أن لا يضر بها هذه أحكام فقهية فيما يتعلق بالحضانة والإرضاع،

محمد من الكويت: إذا الزوجة منعت هذا الزوج من رؤية أبنائها تحت أي ظرف من الظروف خصوصاً أنه لا يغضب الله في أي شيء؟

الدكتور الكبيسي: لا تستطيع فعل ذلك ولو فعلت ذلك فأنها آثمة إثماً عظيماً ولكن حتى نكون منصفين رُبّ زوج فيه من الأذى ومن سوء الخلق ومن القسوة على هذه الزوجة حتى أنه أشبعها كراهية وإلا فإن الأم بطبيعتها حنينة على طفلها ولا تمنع أب الطفل منه لكن إلا إذا كان قد ورم قلبها مما آذاها وكثير من الرجال بل تسع وتسعين بالمائة من الرجال يؤذون نساءهم وهذا قدر ولذلك رب العالمين (الجنة تحت أقدام الأمهات) لشدة ما تعانيه الأمهات من أذى وقسوة الأزواج.

نخلص من ذلك إياك وأن تكون مُضِلاً فالله أعطاك عقل وكتاب وسنة وما عذرك؟؟ تغير

ينك لشفاهات؟ التاريخ مليء (قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) الحجرات) إياكم وهذه الدعاوى التي تملأ الأسواق والله هذه الدعاوى الآن أخرجت ملايين من دينهم تنطبق عليهم هذه الآيات بالضبط وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً والعياذ بالله

د. نجيب: من زمن نوح (إنه لن يؤمن من قومك) (ولا يلدوا إلا فاجراُ كفاراً) هي جينات

د. الكبيسي: وهذه قاعدة أنهم لا يسلموا كما في الآية (كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) يبقوا أجيال! ما هذا! هذا مكر الله عز وجل نعوذ بالله ولهذا هذا الذي يضل هذا من الأخسرين فقد أضل أمة فمثلاً هذا لينين أضل مليارات من البشر وهذا شمس أضل ملايين وهذا إسماعيل الصفوي أضل أمة كاملة أضل فارس التي هي درة الإسلام وقس على هذا.

الدكتور نجيب: وبمناسبة ذكرنا لسورة هود عليه السلام لعل هذه السورة هي بيت القصيد لهذا البرنامج لأن هذا البرنامج عبارة عن الآية وأخواتها كما في برنامجنا السابق الكلمة وأخواتها والنبي صلى الله عليه وسلم يقول (شيبتني هود وأخواتها) فهو الذي قرر عليه الصلاة والسلام هذه الأخوات وكما أن هناك تشابه بين الآيات فهناك أيضاً تشابه بين السور وتشابه بين الكلمات.

د. الكبيسي: كلامك يقتضي أن نمعن النظر جيداً في هذه السورة

د. نجيب: ونلتمس الإخاء بينها وبين هذه السور التي ضمها النبي صلى الله عليه وسلم لها. تسمح لي أن أعيد الأبيات الجميلة التي ذكرها الإمام السهيلي لا أدري إن كانت له أو لعبد السلام بن عز

يا من يرى ما في الضمير ويسمعذ أنت الملاذ لكل ما يتوقع

يا من يرجى في الشدائد كلــــــها      يا من إليه المشتكى والمفزع

يا من خزائن فضله في قول كن      .فإن الخير عندك أجمع

ومن الذي أدعو وأهتف باسمه      إن كان فضلك عن فقيرك يُمنع

فحاشا لله سبحانه وتعالى أن يمنع عباده فضله وخاصة أولئك الذين يطرقون باب الرجاء أناء الليل وأطراف النهار ويلتمسون كما تفضلت الساعات التي يستجاب فيها الدعاء والأوقات وخاصة في مواسم الطاعات ونحن الآن بين موسمين عظيمين الصوم في شهر رمضان وموسم الحج في ذي الحجة لعله يكون إعداداً واستعداداً إن شاء الله للدخول في الأيام المباركة القادمة علينا إن شاء الله. وفي هذه الأيام المباركة يعدّ كثير من المسلمين عدّتهم لكي يضموا إلى فريضة الصيام فريضة الحج والأمر يحتاج إلى تهيئة وإلى استعداد قبل أن يقبل الإنسان لأداء هذه الفريضة يطهّر نفسه ويلتمس السماح والعفو ممن له حق عليه من الأقربين وخاصة كما تفضلت مراراً وتكراراً وهي حقوق العباد. باسمكم جميعا أتقدم بالشكر الجزيل إلى شيخنا الجليل العلامة الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله في هذه البدائع القرآنية الجليلة الجديدة داعين الله سبحانه وتعالى أن يوفقه في التماس أسرار التي أودعها الله تعالى في هذه السورة المباركة والتي سماها النبي صلهم “شيبتني هود وأخواتها” والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بُثّت الحلقة بتاريخ 7/10/2011م وطبعتها الأخت الفاضلة نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها.

يمكنكم التواصل مع البرنامج عبر البريد الالكتروني

[email protected]

===================

الحلقة 131 (7-10-2011)

http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=2618