وأُخر متشابهات

وأُخر متشابهات – الحلقة 158

اسلاميات

الحلقة 158

(هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا (44) الكهف) – (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46) الكهف)

د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. مع شيخنا الجليل الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله ليتنقل بنا إلى سورة جديدة وهي سورة الكهف إن شاء الله.

د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم ننتقل إلى سورة الكهف والمتشابهات في سورة الكهف كثيرة ولكن منها والله أعلم لا تخفى على أي قارئ لهذه السورة العظيمة والتي هي نور للمسلم إذا قرأها في ليلة الجمعة أو في يوم الجمعة. وكما قلنا أنها تكملة لسورة الإسراء، نبدأ بالآية 44 (وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (43) هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا (44) الكهف) في مكان آخر في سورة الكهف (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46) الكهف) مرة قال (وخيرٌ عقباً) وبعدها بآيتين قال (وخيرٌ أملاً)، لماذا هناك عقباً وهنا أملاً؟ في الآية 44 يقول لك رب العالمين هو الولي عندنا قرآءة للآية (هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ) الوَلاية بفتح الواو بمعنى أنه وليُّك وهو الذي يتولى أمرك وهو الذي يسعدك وينقذك ويعطيك والخ (الله ولي الذين آمنوا). وقرآءة (الوِلاية) بكسر الواو يعني الملِك، الولي هو الملك رئيس الدولة وحينئذٍ رب العالمين صاحب القدرة هو الملِك الديّان ويقول رب العالمين (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) غافر) وأما هذه الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة!. إذاً هنالك الوَلاية وهناك الوِلاية وفي كلتا الحالتين سواء كان وَلاية أو وِلاية فإن الله سبحانه وتعالى (خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا) من أي شيء، هذه عقبا. في الآية الأخرى (وَخَيْرٌ أَمَلًا)، هناك خير عقباً على الله عز وجل، أنت عندك أمل بشفاعة، عندك أمل بعمل صالح أمل عندك أمل بدعاء صالحين عندك أمل أمل بصلاح أبويك (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) الرعد) (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ (21) الطور) الآمال كثيرة ولكن أعظمها وأكثرها يقيناً وقوة هو أنك تؤمن بقدرة الله سبحانه وتعالى على نجاتك وعلى أن يغفر لك. عقبى الله سبحانه وتعالى أن تكون عاقبتك عند الله هو الذي يحددها لك وهو الذي يحسّنها ويحسنها لك هذا أعظم ضمان هذا من حيث أن الله سبحانه وتعالى عملك بالآخرة ويقيني. عليك أن تكون متيقناً 100% وأنت تقول أن الله سيغفر لي (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة) وإذا أيقنت أن الله سيغفر لك في الآخرة أسبابك المشروعة برحمته وكرمه وعفوه والخ ثم استقر عندك هذا اليقين واليقين أعجوبة العجائب يوم القيامة عين اليقين أعجوبة، اليقين في كل شيء. وحينئذٍ إذا كان عندك اليقين بأن ما عند الله خير فإن هذا هو الذي ينجيك يقيناً (لا يموتنّ أحدكم إلا وهو يُحسن الظن بالله). لكن في الآية الأخرى في سورة الكهف لا يتكلم على رب العالمين نتكلم عن أسباب أخرى عندك ولد يدعو لك أو مال تصدقت به (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا) أنت تعمل صالحاً وابنك يدعو لك وعند صلاة وعندك حج وكل شيء عندك ما شاء الله لكنك لست ضامناً لكن كونك بأن الله سبحانه وتعالى بكرمه ومنّه وجوده هذه المعرفة وكما قلنا في الحلقة السابقة لا بد أن تكون عارفاً بالله ولهذا رب العالمين كلما دعا قوماً إلى عبادته ولعبادته قال لماذا. وعليك أن تعرف من أجل هذا الفرق بين أن تعتمد اعتماداً كاملاً قطعياً على رحمة الله هذا خير العقبى قضية محسومة آخر عاقبة هذه وأفضل عاقبة. أما لا، أنا عندي حسنات وأعمال صالحة ومن ضمن هذه الأعمال الصالحة عندك ولد صالح أو أموال أنفقتها وكل شيء فعلت، تعمل الصالحات وأنت تأمل بهذا العمل أن تدخل الجنة يعني العمل، أن تعمل صالحاً طبعاً هذا خير أملاً من أن تعمل طالحاً. ولهذا خير العقبى عندما توقن بأن الله هو الذي يدخلك الجنة من غير حساب يقيناً (أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي عبدي ما يشاء) وفي حديث (يحكم على عبد بالنار وتحمله الملائكة على شفير النار فيراها يركب بعضها بعضاً سوداء مظلمة فيلتفت فيقول: يا ربي ما كنت أظنك تضعني في مثل هذا! قال له: إذاً ما كان ظنك؟ قال: ظني أن تغفر لي قال: اذهبوا بعبدي إلى الجنة) هذا حديث صحيح. إذاً الفرق بين سورة الكهف 44 (وَخَيْرٌ عُقْبًا) وسورة الكهف 46 (وَخَيْرٌ أَمَلًا)هو هذا الفرق أنك أنت ربيت نفسك وعقلك وعقيدتك وتوسعت معارفك بالله عز وجل ومعرفتك به صارت معقولة ثم أنت موقن بأن الله بعظمته بكرمه بسخائه وبكل المعرفة التي عرفتها عن رب العالمين أن الله سيغفر لك، أملك بالله عز وجل العاقبة بيد الله وسوف تكون عاقبتك عنده خيراً خيرٌ عقباً أن الله سيفعل معك هذا وطبعاً بشروطها. هناك من يقول أنا عملت ذنوباً كثيرة والخ ما أدري ما سُيفعل بي؟ وبالتالي أنت تأمل هذا باب وهذا باب هذا فيه خير وهذا فيه خير وأنت عليك أن تجمع بين كونك تأمل بالله وبرحمته وبين كونك موقناً بالله وبرحمته وهذه مقامات عالية على حسب المعرفة ولهذا المعرفة بالله باب عظيم.

إذاً هذا الفرق بين هذه وبين ولهذا أنت تعرف وكما في الحديث (لن يُدخل الجنة أحدكم عمله) وحينئذٍ هذا باب أن ثقتك بالله عز وجل وبرحمته هي خيرٌ عقبا وكونك قمت بأعمال صالحة كثيرة أيضاً لا بأس ولا مانع أن تكون خير أملاً ولكن خير عقباً شيء آخر. إذاً معنى ذلك أن الناس مقامات أصحاب اليقين شيء والناس البسطاء شيء والبُله أكثر أهل الجنة شيء أصحاب العلم شيء الناس درجات وبين كل درجة ودرجة كما بين السموات والأرض (ينظر أحدكم من جنته إلى الجنة التي فوقه كما ينظر أحدكم إلى الكوكب الدري) بهذا وأمثاله بهذا التفاوت، بالمعرفة.

د. نجيب: ومن الأسباب التي يفتح الله للإنسان هذا الأمل هي تلك الأمور التي ينال بها شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم

د. الكبيسي: نعم، “وجبت شفاعتي”. إذن هذا الفرق بين هذا وهذا والله أعلم.

د. نجيب: وكما تفضلت لا بد من الجمع بين الأمرين

د. الكبيسي: نعم، إذا استطعت هذا فعلاً عليك أن تكون عارفاً بالله وتجمع بين الأمرين تكون عارفاً بالله. وهذا يوصلنا إلى أنه أنت عليك أن تكون متوازناً بين الخوف والرجاء أحاديث تحبب لنا الخوف وأحاديث تحبب لنا الرجاء نقرأ بعض الأحاديث عن الخوف والرجاء مع التوازن.

د. نجيب: لكن الإنسان في شبابه يحتاج إلى خوف زيادة ومع كبر سنه يحتاج إلى الرجاء زيادة

د. الكبيسي: كلام صحيح، الرجاء مع الطاعة. ولهذا هذا الدين متوازن، توازنه عجيب. لذلك إياك أن تقول (ويل للمصلين) وإنما قلها لها (ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون) لا يغترّ أحدكم بحلم الله. نقرأ بعض الأحاديث عن الخوف والرجاء وما منا إلا وهو خائف وما منا من فضل الله إلا وهو راجي ولكن علينا أن نكون متوازنين فهنالك فرق بين أن ترجو الله وأنت متمدد وآمن هذا أنت غرّك حلم الله، أنت لست بذاك، فعليك أن تأمل برجاء وفيك شيء من الخوف كما قال (أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9) الزمر) الخوف المطلق وحده غير مرغوب في هذا الدين والرجاء المطلق نفس الشيء ولكن خوف ورجاء (أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) وهذه جاءت في أبو بكر الصديق رضي الله تعالى وعنه ولو أن الحكم بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. ولذلك عليك أن تكون متوازناً بين الخوف والرجاء ونقرأ الأحاديث ونبدأ بالخوف لأنه يخيل لي أفضل وفي هذا الزمان لا بد أن نركز على الخوف لأننا زماننا مخيف أنتم اليوم في زمنٍ لو ترك أحدكم و (لا تقوم الساعة وعلى الأرض من يقول الله) و (لا تقوم الساعة حتى يصلي في المسجد المائة والمائتان) وفي رواية الألف والألفان (ليس فيهم مؤمن) وكلكم تعرفون الآن هذا فتن والله هذه الفتن في هذا الزمان نعرف في دولنا التي صارت فيها المشاكل والله ناس صالحون وأصحاب علم وأهل ليل انزلقوا وغرّتهم الدنيا لفته لفاً بطمعها وزينتها وشهواتها وبمالها ولهذا إياكم أن يأمن أحد مكر الله إياكم! قل يا ربي أنت المرتجى. ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم (من خاف أدلج) فالذي يخاف لا يقضي الليل نوماً فالذي يخاف يستيقظ بالليل “ومن أدلج بلغ المنزل” فالليل هذا شأن الصالحين والعشاق فالعاشق كله صحوته في الليل وكيف أنت من رب العالمين؟ (كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) الذاريات) هذا الليل ليل العابدين ليل الشعراء ليل الصالحين خلوة الحبيب مع حبيبه والعقل يعمل أكثر مما يعمل في النهار، في صفاء (من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة) تخيل شخصاً يقول لك عندنا مشروع تجاري سأعطيك مليون دولار هل سيأتيك النوم!! والله لا تستطيع النوم فما بالك بالجنة؟! (من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة). ولكي نكون واقعيين ليس كل يوم مطلوب منك أن تصلي بالليل ولكن يوم في الأسبوع ليلة الجمعة أدلِج، صلِّ الليل الساعة ثلاثة ولو ركعتين أو حتى ركعة حتى تحسب مع زمرة أهل الليل، ويوم القيامة ينادى من كان تتجافى جنوبهم عن المضاجع؟

د. نجيب: جعلنا الله من أهل الطاعات. نعود لشيخنا بعد الفاصل.

——–فاصل———–

الدكتور نجيب: لكن كثيراً من العارفين نجدهم صحيح أنهم يعبدون الله تعالى خوفاً من ناره وطمعاً في جنته ولكن هب أنه كما قالت رابعة العدوية “إن لم تكن جنة ولم تكن نار ألا يستحق الله سبحانه وتعالى العبادة حباً؟؟” ولذلك كانت تقول:

لها أحاديث من ذكراك تشغلها          عن الطعام وتلهيها عن الزاد

الدكتور الكبيسي: رب العالمين من رحمته أنه قال يا عبادي لا أكلفكم ما لا تطيقون وما جعل عليكم في الدين من حرج هذا لا يمنع أن لله عباداً آخرين على قلتهم لاحظ وهذا القليل (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) سبأ). عروة بن الزبير ابتلي ابتلاء عظيماً يقول لله (وعزتك وجلالك لو وضعتني في النار ما شكوت منك) وهؤلاء العارفون بالله على قلتهم شموس هذه الأمة وهؤلاء نحن لا نتكلم معهم ولا نعرف نخاطبهم ولكن نتكلم عن وضعنا البسيط عن هؤلاء العباد وهم أكثر أهل الجنة،

د. نجيب: تكلمت في الحلقة السابقة عن الذي يعبدون الله حباً فنالوا درجة غير درجة عموم المؤمنين.

د. الكبيسي: نعم، يعني لو ذهبت إلى ملك عظيم وأنت معجب به وبعظمته وبعدله وكيف جعل البلاد عظيمة والخ وأنت مليء إعجاباً به وذهبت لتراه لأول مرة وأنت لا تستطيع أن ترفع عينيك عن جماله وهيبته وقال أعطوه سيارة والله تنساها أيُّ سيارة وأنا مبهور بهذا الجمال؟! فما بالك بالعارفين بالله! والله كل الجنة ليست بعينه وإنما الجنة هذا الرب العظيم كيف رضي عنه كيف قربه كيف وضعه في مقعد صدق عند مليك مقتدر وهكذا وهذا شيخي هذه مقامات لا نعرفها ولا نقترب من معرفتها فهؤلاء أهل الله سبحانه وتعالى في مقام القرب والحب

د. نجيب: في الأول جنة ونار عذاب وثواب أما هذا فهو مقام المحبة ولذلك قالوا: حسنات الأبرار سيئات المقرّبين. الذي نعدّه نحن حسنة هم يعدّونها سيئة. تذكرت الآن كلمة لما ذكرت رابعة نبّهني إليها أحد علماء الأزهر الشريف في اللجنة الدولية للأزهر حول رابعة كنا ونحن صغاراً نشاهد فيلماً عربياً عن رابعة العدوية وأنها كانت في صغرها لاهية لاعبة، يقول هذا كلام غير صحيح لأن الكاتب عفا الله عنه خلط بين رابعة العدوية ورابعة أخرى في عصره ومصره في نفس الوقت وقد زرت مسجد رابعة في مصر الجديدة فالتقيت به وقال لا وأعطاني كتاباً لأحد علماء الأزهر الدكتور أحمد الطيار أستاذ العقيدة في جامعة الأزهر فأتاني بالنسخة وقال هذه رابعة من نشاتها نشأة إيمانية تربت على القرآن وعلى الايمان لكن في نفس الوقت كانت هناك رابعة أخرى كان من أمرها ما كان ثم تابت فالكاتب خلط بين الأمرين ولم يميز ألحق رابعة الأخرى برابعة العدوية، رابعة العدوية عاشت في طاعة الله وترتبت بأجواء الإيمان والقرآن

د. الكبيسي: إذا رابعة العدوية ترتبت على الايمان من صغرا فما الاشكال فيها؟

د. نجيب: هم لما عملوا الفيلم وشاع عند الناس خلطوا بين رابعة العدوية ورابعة أخرى أدخلوا سيرة تلك المرأة التي كانت وكانت ثم تابت بسيرة رابعة العدوية ونسبوا إليها أشياء

د. الكبيسي: يبدو أن كلاهما اسمها رابعة العدوية، هناك خمسين أحمد الكبيسي، وخمسين نجيب عبد الوهاب ولذلك خلطوا بينهما

د. نجيب: من هنا وقع الخلط ورابعة هذه صاحبة الأقوال والحكم الربانية ألحقوا لها تلك وهي بريئة من تلك الأمور.

د. الكبيسي: كما قلنا في الحلقة السابقة هذه الأمة مليء تاريخها بالأفاضل والأولياء والصاحين الذين كانوا في زمانهم في غاية الإجرام مثل الفضل بن عياض وفلان وفلان يعني الذي كان قاطع طريق إلى أن تاب الله عليهم وتاب توبة وصلوا بها إلى أعلى الدرجات، هذا موجود في الأمة

د. نجيب: نبهت شيخنا في الحلقة الماضية لى قضية النوافل وعلى أن النوافل يفعلها حباً لله تعالى وليست واجية عليه ولعلنا بالمداومة على هذه النوافل يكون لنا نصيب في هذه المنزلة.

د. الكبيسي: النافلة لا تؤديها إلا لحبك في الله أما أن تتبع النوافل والسنن (إن الرجل ليدخل الجنة بالسنّة يتبعها) ولهذا سيدنا عبدالله بن عمر رضي الله عنهما كان آتياً من المدينة وإلى مكة ومعه قوم في مكان ما في طريق معين استلقى على ظهر بعيره ثم ابتسم، فتعجب الناس وقالوا ما هذه الحركة من عبدالله بن عمر؟ قال لا أدري كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم مرة فرأيته فعل هذا فأفعل مثله، هذا الحبّ. وبالتالي (لا يزال الرجل يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه وبصره والخ) وإن الله يعطي على النوافل ما يعطي على الفروض لكنك أنت لست ملزماً بها وإنما تفعلها حباً واختياراً.

د. نجيب: إذن (أملاً) بالوسائل و(عقباً) هي باليقين بالله سبحانه وتعالى وكِلا الأمرين مطلوب.

د. الكبيسي: كلاهما مطلوب ولكن يختلف الناس فيهما. عن ابن حكيم قال أمّنا زرارة بن أبي أوفى رضي الله عنه في مسجد بني قشير فقرأ المدثر فلما بلغ فإذا نقر في الناقور خر ميتاً، من شدة خوفه من الله سبحانه وتعالى. وعن أبو هريرة قال: لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من رحمته أحد.

نأتي إلى الرجاء وهذا الذي هو أحبّ ما يكون إلى قلوبنا. يقول عن أنس رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله ) رواه مسلم. وعن أنس أيضاً قال (يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي) أي عندما يتوب. وأحياناً شيخي واحد عنده ذنوب الدنيا عصى الله مئة عام وواحد قتل 99 فقط نوى أن يتوب ومات غفر الله له.

د. نجيب: مع أمله ويقينه بأن الله سبحانه وتعالى سيغفر له

د. الكبيسي: يقول (يا ابن آدم لو آتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة)، (أنا عند ظن عبدي بي) إن حسن الظن من حسن العبادة يعني أنت من تكريمك لله وحسن عبادتك له وتنزيهك إياه أن تحسن به الظن كما أنك تحسن الظن بالملك وأنه كريم حتى لو لم ين كريماً فكيف إذا كان هو فعلاً كريماً وأنت تحسن الظن به فأنت أحسنت عبادة أو أحسنت إكرام هذا الملك فكيف برب العالمين وهو أكرم الأكرمين؟!

د. نجيب: لكن تشعر أنت بهذا الأمر وتطمئن؟

د. الكبيسي: هذا من مقامات المعرفة ولهذا المعرفة بالله أعجوبة العجائب

د. نجيب: أحياناً يغلب على الانسان الخوف فيشعر بشيء من القلق والرهبة

د. الكبيسي: كلما زادتك معرفتك بالله زاد خوفك منه بقدر ما زاد رجائك فيه فأنت بين الخوف والرجاء وكما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم (لن يهلك أحد بين الخوف والرجاء) اِعمل وتوكل. (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) الزمر) ما تركوا شيئاً إلا فعلوه! والكلام في هذا يطول (الحسنات يذهبن السيئات) ولهذا عجبت من رجل يدخل النار مع رب كريم كهذا!.

**************************

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57) الكهف) – (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (22) السجدة)

ننتقل إلى آية أخرى في الكهف (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57) الكهف) فأعرض عنها ونفس الآية لكن مكان الفاء جاء بـ(ثمّ) (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (22) السجدة) ثم أعرض ما الفرق؟ هذه مصيبة المصائب، هذا شيخي واحد يعبد الأصنام كأبي لهب وغيره دعوه للإسلام فلم يقبل وجاءته آيات ربه فأعرض عنها فالفاء للتعقيب، هو أصلاً كافر. الثانية (ثم أعرض) هو عمل وآمن وأسلم وثم أعرض عنه وهذه مصيبة المصائب. هما صنفان: فالأول لم يُسلم أصلاً ولم يؤمن والثاني آمن قد يكون سنة سنتين عشرة الخ وإذا برب العالمين يصيبه مكر الله (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) الأعراف) هذا الذي كان مؤمناً ثم يصير أشد الناس على دينه! ونحن رأينا أناساً أيام الشيوعيين ناس كانوا صالحين أهل صلاة وصوم وكذا صاروا شيوعيين أكثر الناس عداء لدين الاسلام هو هذا

د. نجيب: يقتدون بإبليس

د. الكبيسي: نعوذ بالله! ولهذا (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) الحجرات) لاحظ العالم كله الآن العالم الآن أصحاب الأديان السماوية إما صابئي جماعة ليحيى وزكريا وإما يهودي جماعة سيدنا موسى وإما مسيحي جماعة سيدنا عيسى وإما أتباع محمد صلى الله عليه وسلم ونحن هو المسلمون. انظر إلى كل هذه الأديان السماوية الاسلام أكرمه رب العالمين بأمرين لم يُكرم بهما أمة أخرى أنه أولاً أنزل لهم كتاباً لا يمكن تزويره ولا تحريفه معصوم عن التغيير والتحريف معصوم لا يمكن، اثنين أرسل لهم نبياً عنيت أمته بحديثه كما لم يعنى بأي علم في التاريخ كما يقول أحد المستشرقين: ما خُدم علم في الأرض كما خدم المسلمون حديث نبيهم. وفعلاً هؤلاء المحدثون الله يرضى عنهم يعني نخلوا الأحاديث نخلاً وما تركوا شيئاً ابتسم، لم يبتسم، انكسرت رباعيته، يعني صوت وصورة ثم نقّوا الأحاديث إلى حد الإعجاز ما من علم ولا تاريخ ولا ملك ولا خبر عني به كما عني المسلمون بهذا الحديث من أجل هذا الذين تركوا دينهم بعد الإيمان قلة طوائف راحت. للأسف الشديد في العالم كله لأن الكتب السماوية الأخرى ما عندها هذه العصمة من التحريف فالتوراة والإنجيل والزبور كلها حُرّفت ولهذا لما تروح أنت على الصابئة الآن وعلى المسيحيين وعلى اليهود تجد اختلافاً كبيراً عن الدين الذي أنزله الله على سيدنا موسى وهذا الدين المعبود الآن والغريب ثلاثتهم عادت وثنية، قضايا وثنية تعبد المخلوق. قال (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا) هذ ما آمن أصلاً (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا) هذا بعدما صار بالمسلمين قلة.

د. نجيب: تحتاج قضية التفريق بين الفاء وثمّ خاصة على هذا المشهد الثاني مزيداً من الايضاح سنتناوله بعد الفاصل

———–فاصل———–

د. الكبيسي: معظم أتباع الأنبياء في العالم إذا استثنينا المسلمين استثناء نسبياً تجد أن هؤلاء الأتباع لم يعد عندهم شيء من الشرع الذي أنزله الله على نبيهم هذا قال (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا) المسلمون هناك من أعرض هناك فرق طلعت من الإيمان والإسلام كامل ثم خرجت من هذا الدين وفي القرآن الكريم لا نزال نقرأ فيه فيه آيات صريحة مائة بالمائة تناقض ما هم عليه (لا تمنوا علي اسلامكم) ولهذا شيخي على كل مسلم أن لا يأمن مكر الله عليك أن تحذر وأن تتبع الأدلة (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) يوسف) أما إتباع فلان وقال فلان وحكى فلان هذا كله مصيبة المصائب. ولهذا عليك أن تأتي بالدليل لو كانت القضية علمية ما نختلف لكت القضية عقائدية صرفة الله يقول لك هذا شرك هذا يخرج من الدين (يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) النور) وقس على هذا ثم تتبع هذا بالضبط؟! ويقول لك الشيطان عدو لك ولزوجك ثم تعبده! ولهذا شيخي لا يأمن أحد مكر الله (قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ) من أجل هذا (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا) ليس (فاء) بل ثم لأنه هو دخل بالإسلام وبعد ما دخل خرج منه بشيء مقرف ولا يمكن لعقل أن يفعل هذا ولكنه أصابه مكر الله

د. نجيب: فكما أنه لا يقنط من رحمة الله رجاءً لا يأمن مكر الله خوفاً

د. الكبيسي: فهذه مع هذه وكلاهما من صفات الله عز وجل إياك أن تأمن مكره إذا أسأت وإياك أن تقنط من رحمته (ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا). هكذا ولهذا شيخي من عوفي فليحمد الله (وما من أحد يدخل الجنة بعمله إلا أن يتغمده الله برحمته)

د. نجيب: والإنسان لا يعرض نفسه للشبهات والشهوات التي تضعف الإيمان

د. الكبيسي: الشهوات والناس والتجمعات والأحزاب والطوائف عليك أن تكون مع هذا النبي (تركت فيكم ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً الكتاب والسنة) وحديث آخر (تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تختلفوا بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي) وهناك من ترك هذا وترك هذا! ولذلك علينا أن نعرف أن الله سبحانه وتعالى لا يظلم يوم القيامة (كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) الإسراء).

د. نجيب: فلولا أن الله سبحانه وتعالى تولى بنفسه العلية حفظ القرآن الكريم لكان لا حول ولا قوة إلا بالله

د. الكبيسي: إلى هذا اليوم الجهود يعني مستمرة على أكثر القدرات في العالم لتحريفه لكن بلا فائدة الحمد لله.

***********************

الآية التي بعدها في الكهف (فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) الكهف) ثم قال(فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74) الكهف) لماذا الأولى إمراً والثانية نكراً؟ واحد جماعة راكبين سفينة وبدأ يكسر في خشباتها وهو شيء ليس بخطير فقال يا أخي ممكن يغرقون هذا أمرك إمراً يعني أمر عجيب أنت مجنون؟! لماذا تفعل هذا؟ إمراً يعني غريب وغير مستساغ فإمراً يعني غير خطير كثير كان يعبث في السفينة فقط ليس خطير شيء عجيب وغير مألوف وكونك أنت عابث يعبث بالسفينة. أما الأخرى قتل، جريمة متفق عليها (شيئاً نكراً) هذا الفرق بينهما.

أخيراً وأخراً نتكلم عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن سيدنا أنس رضي الله تعالى عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيرة فقال استغفروا الله فاستغفرنا فقال أتموها سبعين فأتممناها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من عبد ولا أمة يستغفر الله في اليوم سبعين مرة إلا غفر الله له سبعمائة ذنب) ومن هذا الذي يرتكب في اليوم سبعمائة ذنب؟ يعني استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا اله هو الحي القيوم وأتوب إليه سبعين مرة هناك ناس أكثر من ذلك، (وقد خاب عبد أو أمة عمل في يوم أو ليلة أكثر من سبعمائة ذنب) يعني رب العالمين يغفر لك سبعمائة ذنب وأنت سويت ثمانمائة ذنب!!! ما هذا؟! أنت خائب وخسران!

عن أنس أيضاً يقول في قوله تعالى (فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) البقرة) يقول ما هي الكلمات التي تلقاها آدم؟ وهي أحد الآراء لكنها من الآراء الموثوقة قال (سبحانك اللهم وبحمدك عملت سوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي إنك خير الغافرين) (لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءاً فظلمت نفسي فارحمني إنك أنت أرحم الرحمين) (لا إله إلا أنت سبحانك عملت سوءاً وظلمت نفسي فتُب عليّ إنك أنت التواب الرحيم). خلاصة الأمر لا يهلك عبدٌ مع الاستغفار هذه العبادة العظيمة فإن الله سبحانه وتعالى أعظم وأجل وأرحم من أن يعذب عبداً تاب إليه والاستغفار هو بداية التوبة والتوبة هي الدافع التي تجلب الاستغفار قال (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60) مريم) عمل صالحاً أي قال استغفر الله العظيم. من أجل هذا في هذه الأمة المباركة التي رب العالمين اصطفاها واختارها جعل الخُلُق السلوك مع الآخر والتصرف مع الآخر حتى مع الشارع حتى مع الحيوان من أعظم العبادات فما بالك بالإحسان إلى الإنسان؟ ما بالك بالإحسان إلى جارك؟ إلى والديك؟ إلى أهلك؟ يعني وسائل الجنة أمامنا وخلفنا، ما عليك إلا أن تمد يدك ونوّعها الله سبحانه وتعالى أنواع بحيث لا يمكن لعبد إلا ويرى في محيطه وعمله منها يعني الآن لو تسوي إحصاء على كل مسلم من أهل القبلة تجد عشرات من أسباب المغفرة من أجل هذا كما قال المصطفى (لا يدخل النار إلا شقي) وقال (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى).

د. نجيب: شكراً جزيلاً شيخنا الجليل على هذا العرض الطيب لهذه الآيات القرآنية التي تبدو أنها متشابهة وقد وفقك الله سبحانه وتعالى إلى بيان من تشابه وما بينها من اختلاف دقيق تبدو للوهلة الأولى أنها متشابهة لفظاً ومعنى وقد وضّحت وأجليت جزاك الله تعالى عنا كل خير سواء كان هذا التفريق حرفاً أو كلمة أو اسماً أو تقديماً أو تأخيراً أو تنكيراً أو تعريفاً آملين من الله سبحانه وتعالى أن يوفقكم بإذن الله لاستكمال هذه المسيرة العلمية التي قلّ أهلها في هذا الزمان وفتحت لنا جميعاً باب الرجاء وباب الاستغفار والعودة لله سبحانه وتعالى. باسمكم جميعاً أتقدم بالشكر الجزيل لشيخنا الدكتور العلامة الأستاذ أحمد الكبيسي آملين من الله تعالى أن نلتقي معكم في حلقات قادمة إن شاء الله.

بُثّت الحلقة بتاريخ 18/5/2012م وطبعتها الأخت الفاضلة نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها

———————

الحلقة 158 (18-5-2012)