الحلقة 163
سورة طه
{إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) طه} – {إِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (59) غافر}
د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. مع شيخنا الجليل الأستاذ العلامة الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله في سورة قرآنية جديدة وهي سورة طه الحافلة بقصص الأنبياء وخاصة قصة موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام تلك السورة التي مستفتحها سبباً في إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. نحن في طه (طه (1) مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2)) قلنا مرة بأن سورتي الإسراء والكهف سورة واحدة واحدة تتكلم عمن صعد إلى السماء وواحدة تتكلم عما نزل إليه من السماء، يعني مرة هو صعد إلى السماء ومرة السماء نزلت إليه
د. نجيب: كسورتي الأنفال والتوبة
د. الكبيسي: في سورة طه رب العالمين يحدثنا عن التشابه في قصة النبيين العظيمين سيدنا موسى وسيدنا محمد عليهما الصلاة والسلام. تبدأ السورة في حياة محمد عليه الصلاة والسلام وهو في أشد حياته كرباً وكما أن موسى عندما كلمه الله وجاءته النبوة كان في أشد حالاته كرباً واحد هارب من ملك جبار قاتل ثم كان أجيراً عشر سنين يرعى الغنم ثم ترك المكان وذهب إلى أهله سيراً على الأقدام وفي الطريق زوجته جاءها المخاض في هذا الوادي وادي طوى العظيم إلى هذا اليوم بالرغم من السيارات والوسائل لا تستطيع أن تسير به بسلام. وفي هذا الوادي جاء الطلق لزوجته والمطر والبرد وبهذا الخضم وهذه الحيرة وهذا الارتباك رأى ناراً وتعرفون القضية كما سأذكرها بعد قليل. إذاً هذه السورة فيها تسلية للنبي عليه الصلاة والسلام لأنها نزلت والنبي في أشد حالاته كرباً وضيقاً وهؤلاء المشركون أمعنوا في إيذائه وأمعنوا في حصاره وأمعنوا في أذاه ومنهم من هاجر من المسلمين وتعرفون القصة من السيرة كاملة. ورب العالمين بهذه السورة يقول له ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى وإنما ما أصابك أصاب موسى وانظر خاتمة موسى كيف كانت عظيمة وخاتمتك أيضاً ستكون أعظم هذا ملخص الموضوع.
نبدأ بالآية {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (14) طه} لماذا قدّم هذه العبادة؟ قال {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16) طه} وحينئذ نبدأ بهذه الآية. إذاً أول مرة أنا ربك، أنا الله، عليك أن تعبد الله وتوحده ثم عليك أن تقيم الشعائر الصلاة والصوم وما أمرك به ثم أن تعبد الله بقلبك دائماً أن يكون ذكر الله على لسانك وقلبك (أقم الصلاة لذكري) هذه لها معنيان وكل منهما لازم للآخر: أقم الصلاة لتذكرني فيها وكلكم تعرفون ما من ساعة نذكر فيها الله عز وجل أكثر من كوننا في الصلاة. وأيضاً لذكري لكي أذكرك أنا كما تذكرني أقم الصلاة لذكرك إياي وأقم الصلاة لذكري إياك فلذكري تتجه إلى المعنيين وأقم الصلاة لذكري إياك وأقم الصلاة لذكرك إياي {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ (152) البقرة} لماذا كل هذا؟ قال له {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا} ولهذا رب العالمين عز وجل في حكاية الساعة أيضاً سخّر هذه اللغة الأعجوبة مرة قال {اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) القمر} مرة قال {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1) النحل} مرة قال {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (66) الزخرف} هاتان السورتان العظيمتان متشابهتان في أشياء كثيرة تشابهاً عضوياً لكي تفهم هذا عليك أن تفهم هذا أيضاً. رب العالمين لما قال في طه {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا} وفي غافر قال {إِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (59) غافر} لماذا هنا لام التأكيد؟ هنا يخاطب موسى وموسى مؤمن إيماناً كاملاً أن الساعة قادمة فلماذا أؤكد له؟ أنا فقط أخبره إخباراً بدون تأكيد ولا موعظة ولا شيء لأنه يعرف هذا ومؤمن به فخطابه على قدر ما أريد أن أعبّر له. أما الجماعة في غافر فهم كفّار ولا بد لهم أن أؤكد لهم هذا بجزر كما في الآيات {حم (1) تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنْ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3) مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ (4) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (5) غافر} إلى أن قال {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35) غافر} خطاب مع مشركين وكفرة وعتاة وقتلة فهنا لما انتهى من هذا قال {وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلا الْمُسِيءُ قَلِيلاً مَا تَتَذَكَّرُونَ (58) إِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (59) غافر) هناك ما قال لموسى لا ريب فيها لأنه يعرف أنه لا ريب فيها، أما هنا بالتهديد والوعيد (ولكن أكثر الناس لا يؤمنون) هذا اللام تعطيك كل هذا الفرق ولهذا نحن مأمورون أن نتأمل في أشراط الساعة كل أسبوع كل شهر كل يوم لا بد أن نذكر الساعة في كل وقت وهذه من أشد العبادات وذكر الساعة مرتبط بذكر الموت كما تعرفون. هذا هو الأمر هذا الفرق بين (إن الساعة آتية) و(إن الساعة لآتية) تبين أن هذه لآتية ناس ملحدين وغير مؤمنين مرتابين فرب العالمين يخاطبهم بقوة وزجر بينما يحدث موسى كما تعرفون كما يحدث الحبيب حبيبه. نحن الآن الكلام عن سيدنا موسى وقصته في القرآن الكريم أعجوبة العجائب فعلا ما احتفي بقصة كما احتفى القرآن الكريم بقصة سيدنا موسى من الصفحة الأولى في القرآن الكريم افتح صفحة سبعة في القرآن في البقرة يا بني إسرائيل، واستمر في كل السور يا بني إسرائيل إلى آخر صفحة (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين) أنتم تعرفون ماذا يجري اليوم الذي يجري اليوم ثلاثة مليون أربعة مليون من بني إسرائيل يحكمون العالم كله وهذا على امتداد الزمن من سيدنا يعقوب عليه السلام وجاء سيدنا موسى بالرسالة إلى هذا اليوم ويبدو إلى يوم القيامة ولا يستطيع أحد إلا أن يعتبر لليهود اعتبارهم وأن يحسب حسابهم في كل شيء والعالم كلهم بلا استثناء واحد الدول العظمى شيوعيوها وقوميها ورأس ماليها وهذه القوى الهائلة والأحلاف الهائلة أمام إسرائيل لا تساوي شيئاً وإنما تشتري رضى إسرائيل بكل ما يعيب وكل ما هو غير أخلاقي وهذا دفاع عن نفسها والدفاع عن النفس والأوطان هذه قضية تعرفون في قضية الحروب يتساهل في موضوع الكذب. إذاً سيدنا موسى في هذه الآية رب العالمين يريد أن يفهم محمداً صلى الله عليه وسلم أنك أنت سيصيبك ما أصاب موسى ونهايتك عظيمة كنهايته بل هي أشد عظمة من نهاية موسى لأنك عندما التقيت به كان هو قد مات كما يموت الآخرون وأنت سوف تصعد إليه إسراء ومعراجاً وهذا الذي جرى. ولهذا أقرب الناس إلى رسول الله من الأنبياء سيدنا موسى وفي الإسراء والمعراج في النصائح في فهمه كل هذا يكاد يكون سيدنا موسى وسيدنا محمد عليهم الصلاة والسلام شقيقين في الرسالة والنبوة. إذاً أُمِرنا أن نبين أشراط الساعة {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا }عليكم أن تعرفوها، لغة القرآن لغة أعجوبة فيها أحياناً ألفاظ تعطي المعنى العكسي فهنا بعض المفسرين وأقوالهم معتبرة في هذا الباب يقول أكاد أخفيها يعني أكاد أُظهرها وأوضحها وأبينها من الأضداد، وفيها عدة قراءات وكل واحد من القراءات تعطي معنى جديداً وكلها تشير إلى أن علامات الساعة رب العالمين يظهرها شيء فشيء فإن تكاملت فإن الساعة صبحتكم مستكم. كلمة (أتى أمر الله) سيدنا موسى لما وصل طبعاً كان مهاجراً من فرعون كما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم وكما وجد النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه عند بعض الناس رعاية سواء كان في المدينة أو في الحبشة سيدنا موسى أيضاً لقى رعاية عند سيدنا شعيب وابنتيه {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنْ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) القصص} ثم زوّجه وأعطاه فلوس وجعله عاملاً عنده الخ هكذا النبي صلى الله عليه وسلم لما ذهب إلى المدينة تعرفون كيف احتفي به احتفاء عظيماً وكل منهما رجع من هجرته. وقال عن سيدنا موسى {إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ (7) القصص} وقال لمحمد {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (85) القصص} الغريب كما قال الدكتور نجيب فعلا النقلة بعثة وإرسال سيدنا موسى وبعثة وإرسال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وما أصابهما يكاد يكون واحد ولهذا كان رفيقين في الإسراء والمعراج وجعل الله الفضل لسيدنا موسى أن ينصح النبي عليه الصلاة والسلام بأن يدعو ربه أن يخفف عنا أوقات الصلاة كانت خمسين فجعلها خمساً. إذاً هذه السورة كانت تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان في أشد حالاته إرهاقاً وتطريداً وتشريداً واغتيالاً وكم مرة حاولوا يغتالونه وعُذِّب أصحابه في هذا الجو جاءت هذه السورة لكي تخفف عنه ما يجد والنبي صلى الله عليه وسلم يفهم قول ربه ويعلم ماذا تعني وتأثيره فيه مباشر فرسم الله له الطريق والخريطة القادمة على وفق ما فعل الله بموسى.
د. نجيب: (والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين) سيدنا موسى عليه السلام نزل عليه الوحي وكلمه الله تعالى في طور سيناء وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هنا في غار حراء نزل عليه الوحي
د. الكبيسي: تشابه عجيب! ما من نبيين متشابهين هكذا
د. نجيب: نعود إلى شيخنا الجليل بعد هذا الفاصل إن شاء الله.
———-فاصل———
د. الكبيسي: إذاً نبدأ الآن باستعراض ما يسبق الساعة من علامات وأشراط {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً} أما مجيء الساعة أعجوبة يعني أسرع من لمح البصر قبل أن يرتد إليك طرفك يعني وأنت جالس وإذا أنت بالساعة النجوم تتساقط والبحار تستعر والجدران تتلاطم بالزمن صفر {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (18) محمد} ولكي تأمن نهايتك فيها لا بد أن يكون لك إلمام بأشراطها ولماذا رب العالمين قال أكاد أخفيها؟ لأننا كلنا لو نعرف أن القيامة ستقوم الساعة خمسة باليوم 14 من الشهر التاسع من العام 2020 كنت ستجد الكل لاهين مبسوطين وفي 2019 نتوب ونفس الشيء الموت لو أنا أعرف بأي ساعة أموت كنت سألعب لعب والله يقبل التوبة وإذا واحد كتب له بخير ولو قبل ساعة من الموت ينجو ويُغفر له إذا عرفت أني سأموت في اليوم الفلاني سألعب إلى قبل ذلك اليوم وأتوب ولكن لا، الموت مخفي والساعة مخفية أكاد أُخفيها بضم الهمزة وفي رواية أكاد أَخفيها بفتح الهمزة أي أظهرها وقد ظهرت الآن جميعاً جميع أشراط الساعة بلا استثناء لم يعد ولا واحدة منها غائبة كلها وقعت إلا الأشراط الكبيرة أن تطلع الشمس من مغربها ونزول المسيح الدجال ونزول سيدنا عيسى والخ باختصار شديد {لا تقوم الساعة حتى تكون فتن كقطع الليل المظلم} وفيها الهرج القتل القتل القتل حكام يقتلون شعوبهم كما يفعل فرعون وأعتقد هذا لأول مرة يحدث في هذه الأيام بل في هذه السنة {يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (141) الأعراف} ولهذا هذا لم يحدث إلا الآن عند المسلمين بل عند العالم لو استثنينا فرعون لم يحدث في التاريخ إلا الآن وحدث هذا في أمة محمد الأمة النقية الطاهرة الرحيمة التي يقول فيها صاحبها {لم يزال المؤمن بخير ما لم يصب دماً حراماً} تسيل الدماء بشكل وسخ وقذر والله لا يفعلها لا الأفاعي ولا العدو ولا الكلاب المسعورة هذا لا يمكن أن يكون إلا إذا كان علامة من علامات القيامة لأن القيامة لا تقوم إلا على شرار الناس. حينئذ هذه أول الفتن وفتن يرقق بعضها بعض كل واحدة تأتي التي بعدها أعظم وأدهى وأقوى. من ضمنها قتل العلماء وهذا لأول مرة فالعراق مثلاً من الاحتلال إلى الآن ما أبقوا عالماً لا عالم ذرة ولا طب ولا هندسة ولا دين كل من فيه خير قتل شر قتلة وبنفس الطريقة. كثرة الشُرَط من علاماتها لماذا؟ لأن الأمن صعب ضبطه المجرمون كثروا والإجرام متعدد ومتنوع وعصابات وفنون ولهذا هناك شرطة وشرطة سرية وهناك استخبارات ومخابرات وهناك جهاز أمني والخ وأجهزة كثيرة وكلها تابعة للشرطة لكي تحفظ الأمن لأن الأمن أصبح خطراً حفظه وهو هذا الذي نحن فيه. وهذا حدث في وقت الحضارة والتعليم والإتصالات والتلفزيونات ومع هذا في العالم الآن لا يستطيع الرجل أن يخرج من بيته. الاستثناء الوحيد في العالم هذه الدولة التي لا تقع فيها جريمة إلا بعد ربع ساعة تُكشَف على قلة ما يقع فيها ونعرف لماذا لأن الناس هنا ساهرون سهراً عجيباً ما في واحد إلا هناك عين عليه تحرسه في هذا البلد. وهناك نسَب، يحكون عن أوروبا وعن أمريكا من يستطيع أن يخرج في الشارع في الليل؟! ما يستطيع والناس هنا تتنزه على البحار إلى الصباح. وهذا استثناء لا يقاس عليه العالم كله فاقد للأمن واقرأوا الصحف وشاهدوا ماذا يجري في العالم. إذا كثرت الشُرَط سابقاً كان شرطي واحد يحكم المدينة كاملة وتحدثنا هنا عن الشرطة في الإسلام في المدينة كلها شرطي واحد لا يحتاج فالناس مؤدبين وعقلاء وأصحاب أخلاق عالية وواحد بالشهرين والثلاثة تحدث حادثة والآن على مدار الثانية يقتل المئات وشر قتلة والله واحد ينسى أننا بشر فالواحد بعدما يرى هذه الصور يتساءل ربما نحن لسنا بشر نحن أصبحنا من نوع آخر! هذا ما وقع إلا الآن يعني فرعون قتل ثلاثمائة أربعمائة واحد ورب العالمين قال يقتل أبناءهم ويذبح أبناءهم، الآن التقتيل والتذبيح بالآلاف وليس بالمئات هذا جديدة ويحدث هذا عند أمة تقول لا إله إلاالله محمد رسول الله وتؤمن إيماناً كاملاً أن لله يوم آخر وأن هناك حساب وأن القاتل لا يُشفع له يوم القيامة والقاتل لا يُغفر له يوم القيامة ولا تُقبل توبته إذا تاب هذا عند جمهور الفقهاء. ومع هذا هذا الفتك الذريع الذي نراه بأعيننا ولا نصدق نقول ربما أنا في حلم هذا من أقوى أشراط الساعة “لا تقوم الساعة حتى يشيع فيكم الهرج القتل القتل القتل” وهذا الذي جرى.
من علامات الساعة جار السوء سابقاً الجار أهل، الجار أحنّ وأحفظ لك ولعرضك ولكرامتك وحرمتك من نفسك الآن لا، وشاهدنا بأعيننا بالعين المجردة أي خلل في البلد أي خلل كما في العراق وسوريا وليبيا ومصر وغيرها وإن كان مصر لا تزال متماسكة وندعو الله أن تبقى متماسكة حينئذ الجار يدخل على جاره ويسلبه ماله ويقتله ويغتصب عرضه ويدل المحتل عليه ولا يبقي عنده شيئاً ولا يستحون من هذا! فعندما يشيع المنكر لا أحد يخجل كما في الحديث أيضاً من علامات الساعة يقول صلى الله عليه وسلم “كيف أنتم إذا لم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر قالوا: أكائن ذاك يا رسول الله؟ قال: وأشد منه كائن، كيف أنتم إذا رأيتم المنكر معروفاً والمعروف منكراً قالوا:أكائن ذلك يا رسول الله؟” طبعاً وهذا كائن الآن “قال: وأشد منه كائن كيف أنتم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف” وهذا أيضاً كائن وهذا من أشراط الساعة ولأول مرة في التاريخ.
من أشراط الساعة الرجل الرويبضة الذي يلي أمر العامة، الناس يقودهم واحد تافه إما رئيس حزب أو رئيس عصابة أو رئيس جماعة أو رئيس عشيرة أو رئيس فئة أو رئيس منظمة أورئيس حزب تافه لا علم ولا خلق ولا أصل ولا فصل ولا شيء ويحرض العامة ويقودهم كالأغنام هذا من علامات الساعة وهذا حادث.
من علامات الساعة {إخوان العلانية أعداء السريرة} بالظاهر مرحبا أخي مرحبا ولكن في الظاهر كل واحد يكيد للآخر لأنهم طائفياً مختلفين أو حزبيين أو فئويا أو مصلحياً في الظاهر إخوان وأصدقاء، والآن يا ما صديق الآن يغدر بصديقه أو يقتله أو يدل عليه يعني هذه جديدة “والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قالوا: من هذا يا رسول الله؟ قال: من لا يؤمن جاره بوائقه” والبوائق الغدرات، يغدر بالجار وهذا الآن حاصل في هذه الدول التي فيها هذا الحراك البائس الذي لم يحدث إلا فيها هذه المرة مصر طول عمرها البلد الناشط الجميل الهاديء، العراق ذلك البلد المتحضر الغني المترف وهكذا سوريا هذا البلد الناعم والشام الذي حكم العالم بغداد ودمشق حكما العالم أحضروا لهم واحد لا ندري من أين أصله ولا فصله اسمه ميشال عفلق جاء بحزب وجاء بأسوأ الناس وحكمهم أربعين وخمسين ستين سنة وهذه النتيجة أن بغداد ودمشق مسح كامل بالتعذيب وهذا مطلب من مطالب العدو “اتركوها خراباً يباباً مأوى للغربان والفئران حتى لا يجد بدوي مكاناً يربط فيه ناقته”. شكلوا ناس يقتلون الأمم شكلوا ناس يخربونها ويخربون الدين وكل واحد منهم يتصور أنه هو وطني وأنه خير الذي يقوم به ولا يدري أنه هالك ولكن القانون لا يحمي الأغبياء ولا المغفلين.
من أشراط الساعة النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا من علامات الساعة ما يجري في العراق وما يجري في الشام في صحيح مسلم كلاهما في حديثين واحد وراء الآخر سبحان الله لا إله إلا الله يا الله! “لا تقوم االساعة حتى لا يكاد يدخل إلى العراق قفيز ولا مدّ ولا درهم” محاصر وميت من الجوع والناس هلكى يأكلون حتى الزبالة وراءها مباشرة في صحيح مسلم “لا تقوم الساعة حتى لا يكاد يدخل العراق لا قفيز ولا مد ولادرهم” وهذا الذي يجري الآن يا الله والله يا جماعة إن الساعة صبحتنا مستنا. والحديث الثاني عن دمشق “لا تقوم الساعة حتى لا يكاد يدخل إلى الشام قفيز ولا مد ولا درهم” الذي حصل في العراق من حصار وجوع حصل الآن في الشام. والغريب تكملة الحديث عن العراق سألوا يا رسول الله من يحاصرهم؟ قال الروم وهذا حصل وهم الغربيين وعن الشام قالوا: يا رسول الله من يحاصرهم؟ قال: الفرس ولا شك أن الذي يجري الآن يعني معروف من الذي يؤثر فيه هذا الذبح وهذا الموت هذا معروف وصدق رسول الله. يعني لو كان حديث أي كلام قلنا أي كلام لكن بهذه الدقة والله العظيم ما من نعمة أعظم من أن الله أنعم علينا بالإيمان، ما هذه الدقة؟! والنبي صلى الله عليه وسلم الله أراه كلما سيحدث هكذا وما يحدث إلى يوم القيامة النبي صلى الله عليه وسلم رأه. هذا أيضاً من إعجاز النبي صلى الله عليه وسلم أن من أشراط الساعة “أن ينحسرالفرات عن جبل من ذهب” وهذا وجد الآن فالآن جبل الذهب من منطقة المحمدي إلى منطقة الرمادي إلى منطقة الفلوجة منطقة الفرات الذهب الذي فيه يعادل ذهب العالم بالكامل ولهذا قال النبي صلى االله عليه وسلم “حتى يُقتل عليه من كل عشرة تسعة فمن شهده فلا يأخذ منه شيء” وما معنى هذا؟ معناه ما في حكومة، يعني العراق معناها حسب تحليل الحديث الآن في حكومة ضعيفة لا تعني شيئاً بل تتطور الخلافات في العراق مشتدة يعني ربما يأتي يوم بعدما يكتشف تماماً هذا منجم الذهب العظيم والحكومة نهائياً غير موجودة فناس تقتل ناس “حتى يقتل عليه من كل عشرة تسعة” وإلا كيف تقتل؟ يعني لو كان هنالك شرطة ما حدث هذا القتل! الشرطة له مهابة ومعه سلاحه فيستطيع أن يمنع القتل معناها لا يوجد حكومة أصلاً يعني مثل الهرج يأجوج ومأجوج وهذا أخطر حديث يمر على العراق والشام. من علامات الساعة كما هو واقع أيضاً ولا في حديث إلا وقد وقع بشكل ظاهر وما بقي إلا أن نصبح الصباح ونشوف الشمس طالعة من المغرب بدل ما تشرق من الشارقة تشرق من أبو ظبي.
“لا تقوم الساعة حتى تكون التحية على المعرفة” يعني إلى عهد قريب كل من يشوفك يقول لك السلام عليكم والآن أنت بالشارع بالمسجد لا أحد يسلم عليك نحن لما نأتي في ناس تشوفك تمشي وأنا أعرفه وهو يعرفني ومع هذا لا نسلم على بعض إلا صديق أو صديقين وهذا في كل مكان وسابقاً أنت بالشارع وبأي مكان أي شخص تراه تقول السلام عليكم وهذا عهد قريب يعني في طفولتنا أو قبل عشرين سنة أو أو حتى عشر سنوات لا ترى ولا تُرى إلا وبينكما سلام الآن ما فيه ينظر لك ولا يسلم وربما أحد يسلم وآخر لا يرد عليه وهذا من علامات الساعة. وفي الحديث الآخر “دب إليكم داء الأمم من قبلكم الحسد والبغضاء” بغضاء قاتلة اثنين يصلون في المسجد وواحد يتمنى أن يقتل الآخر هكذا.
د. نجيب: لا شك أن البغضاء هي السبب الرئيسي
د. الكبيسي: هي الحالقة ولهذا لا يقبل له حج ولا يقبل له صلاة والعياذ بالله!
د. نجيب: وعلامة من علامات الاستكبار فضلاً عن التواضع والعزة. نعود إلى شيخنا الكريم بعد الفاصل إن شاء الله.
——فاصل———-
د. الكبيسي: ونعود إلى الأشراط التي جلها قد ظهرت وكل الذي قلناه ظهر ونشوف الباقي “لا تقوم الساعة حتى يصدق الكاذب ويكذب الصادق” “لا تقوم الساعة حتى تتقارب الأسواق” سابقاً كان في كل مدينة سوق واحد الآن أنت مجرد ما تطلع من بيتكم تجد سوقاً. من أشراط الساعة أن تظهر الغيبة لكثرة الخلافات الجاهلة خلافات جاهلة فئوية طائفية حزبية قومية دينية الخ وكل يتكلم في الآخر هذا المرتد المبتدع فلا أحد يسلم منها. ومن أشراط الساعة أن تشتغل النساء في التجارة وهذا موجود ويشكل ظاهرة عظيمة في كل العالم منها أن يكون المؤمن في القبيلة أذل من النقد النقد صغار الغنم وفعلاً المؤمن أو المطوع في القبيلة لا يرونه شيء وليس له مقام. منها “أن يلعن آخر هذه الأمة أولها” وهذه صار لها سبعمائة سنة. ومنها “كثرة الروم وشدتهم على المسلمين” والروم الغربيون وفعلاً هذه الأمة من عام 1917 وإلى هذا اليوم محق اقتصادها ودينها وقيمها وبلدانها ومدنها تحت ما يسمى بالاستعمار وكلنا نعرف ماذا جرى لهذه الأمة وماذا يجري لها الآن.
د. نجيب: لا تقوم الساعة إلا والروم أكثر الناس
د. الكبيسي: نعم، من ضمنها “لا تقوم الساعة حتى لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب” وهذا شيخي وارد الآن يعني ما في منا واحد إلا يرى رؤيا باليوم يعني أنا مثلاً بحياتي ما شفت رؤيا أشياء بسيطة جداً ما عندي مشكلة فالرؤيا تأتي أحياناً عندك مشكلة وتراها بالمنام ولهذا الآن يومياً أحياناً نسمع في برامج مفسرين الرؤى واحد هنا اسمه الشيخ نافع وهذا مُلهَم فعلاً ما تقوله الرؤيا إلا ويأتيك بها كفلق الصبح، هذا من علامة رحمة الله بهذه الأمة فالأمة لم يعد لها مصدر موثوق تعرف ماذا يجري ثق الآن بالرؤى تعرف الأحداث العامة، يعني بالأمس شخص سألني وقد رأى رؤيا على سوريا اليوم تطبقت بالضبط “لا تقوم الساعة حتى لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب”. على كل حال هي إما أن تكون بشارة أو إنذار كالوفاة فالوفاة أن الله يضخ لعباده معلومات بالنوم ليس عن طريق الحواس واحد نائم وتأتيه معلومات عن هذه الرؤيا ولهذا الرؤى مقدسة “لعن الله من تريّا ولم ير” تصور فأنت تحرف رسالة رب العالمين بعثها لك تزورها وهذه قد تفيد الآخرين قد يكون رب العالمين قد أعطاك الرؤيا حتى تنقذ الناس وتكذب فيها والكذب أصلاً مصيبة سوداء، أحقر شيء حتى هذا الحيوان وهذا الساقط يعني الزاني أهون من الكاذب “المؤمن يزني؟ قال: يزني” الكذب هذا لا يفعله إلا إنسان ساقط هذا الكاذب هو الذي يصير جاسوس وخائن وكذاب ومنافق وحينئذ أنت إذا كان تكذب بالحياة أكيد ستكذب بالرؤيا ولهذا الكذب بالرؤيا يضيع رسالة أوحى الله بها وحياً كما أوحى إلى أم مريم ولهذا علينا أن نكون حذرين جداً من حكاية أن واحد يقول رأيت وهو ما رأى أو واحد ليس عنده بالتأويل فالتأويل موهبة كالشعر والخط الجميل والصوت الجميل وبالتالي من أسرار الرؤيا أنها تقع كأول مأوِّل لها يعني شفت رؤيا وأنت فسرتها تفسير جيد لكن هي ما تعني هذا بالواقع لكن تقع كما أولتها فإذا واحد ما يعرف التأويل ويأول الرؤى فيضيع الهدف الأساسي منها
الدكتور نجيب: لكن أصبح الناس وخاصة النساء على وجه الخصوص يؤلون الرؤيا مع عدم التمييز بين تلك الرؤيا التي هي من الله أو من الشيطان أو حديث النفس اهتماماً كبيراً ويشعرون بشيء من الخوف والقلق حتى يأتي ذلك المفسر ويفسر لهم مثل هذا المنام يعيرون لها اهتماماً في بعض الأحيان أكثر مما ينبغي مع عدم التمييز بين هذه الرؤى؟
الدكتور الكبيسي: والله يا شيخي الناس في هذا الزمان لا شك أن مشاكلها أكثر من مشاكل الجيل الماضي ومتطلبات الحياة أصبحت تأخذ بالخناق وفي هذا حديث من علامات الساعة {لا تقوم الساعة حتى يكون الولد غيظ أبيه وأمه} هذا الولد الذي هو سعادة أبوه وأمه فعلاً هناك عوائل شقاؤها من أولادها منحرفين منهزمين متمردين ولذلك مساكين عندما لا يجدون محل وشاف رؤيا يقول لعل الله سبحانه وتعالى يفرّج علي من باب الأمل ووالله أنا ما ألومهم لأنه أولاً هي شرعية مشروعة والأنبياء شافوا رؤى وبدأت النبوة بالرؤيا الصالحة وبالتالي الناس أين تذهب؟ يعني ما لها مصدر معرفة؟ فرب العالمين عندما تنعدم مصادر المعرفة السابقة عند هذه الأمة يوجهها بالرؤى وكلنا وأنا والله أحد الناس رأيت رؤى يعني على قلتها وإنما جاءت فعلاً كفلق الصبح وهي توجه شيئاً إلى صالح الأمة فإن هذه الرؤى من وسائل المعرفة والوفاة ليست موتاً، قبل الموت أنت متصل بالله مباشرة تشوف الآخرة والدنيا وكذا لكن أنت لا تزال حياً فهذا الذي ينام {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42) الزمر} والنوم هو وعاء المنام فأنت الذي تشوفه بالنوم هو المنام فالمنام يعني ما تراه في نومك.
د. نجيب: لكن فتح الباب على مصراعيه لكل من هبّ ودبّ لكي يتولى تعبير منام الناس مقابل دراهم معدودة
د. الكبيسي: خطير، لكنه ملعون،
د. نجيب: ألا ترى أنه يجب أن يكون هناك توجيه وتنظيم من قبل الدولة أو الدول الاسلامية عامة؟
د. الكبيسي: ويجب على الدولة الإسلامية أن تعطي إجازة للمؤول إذا ثبت للناس أن هذا له باع،
د. نجيب: له خبرة وله موهبة في تعبير المناك يسمح له بهذا
د. الكبيسي: كيف تضبط واحداً يخابره الناس ليفسر لهم الرؤيا؟!
د. نجيب: كأولئك الذين أعطاهم الله سبحانه وتعالى تلك الموهبة في القرآءة على المريض هناك من الناس من أعطاهم الله هذه الموهبة لكن لما فتح الأمر على مصراعيه أصبح الأمر تجارة وكثير من الناس للأسف الشديد يستعمل هذا الأمر استعمالاً سلبياً.
د. الكبيسي: هذه من قوانين الحياة {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) الأعراف} كان يأخذ فلوس وعطايا وهو صديق موسى، هذا من قوانين هذا الكون منه من يبيع بالعلم ومنهم من يبيع بالشعوذة ومنهم من يبيع بالرؤى ومنهم من يبيع الخ وهذا من واقع الحياة نحن نبدأ من أول يوم البشرية من أبينا آدم وحقيقة أبونا الحقيقي هو قابيل وبالتالي هذه الحياة قائمة على ركيزتين على جبريل وعلى إبليس، هذه الحياة جسر عظيم الرأس الأول جبريل والثاني إبليس فأنت لا يمكن أن تخلص من واحد منهما فعليك أنت أن تجتهد ولو ما كان هنالك إبليس كنا دخلنا الجنة رأساً لكن لا، {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) العنكبوت} من ضمنها هذا. الله أعطاك موهبة تفسير الرؤيا قد تستعملها في سبيل الله وقد تستعملها في سبيل الشيطان وهكذا كل شيء صلاتنا صومنا علمنا حكمنا عدلنا كل شيء نملكه بيعنا شراؤنا موظف مرتشي موظف لا يرتشي هذا من واقع الحياة (ونبلوكم بالشر والخير فتنة (35) الأنبياء) ولهذا على كل حال إنصافاً هؤلاء المؤولون لم نسمع عنهم أنهم يأخذون فلوس. إذاً هذا جزء يسير من علامات الساعة الصغرى التي هي أشراطها. أشراطها هذه التي قال (فقد جاء أشراطها) وقال (أتى أمر الله) ولذلك على كل مسلم الآن أن يراجع نفسه وإن باب التوبة مفتوح ورب العالمين وعد بالتوبة فعليك أن تعرف بأن ضياعك للتوبة هو الخسارة العظمى وحينئذ أنت ما هو عذرك يوم القيامة وقد فتح لك باب التوبة ما لم تغرغر؟! ولهذا علينا أن نعرف بأننا في عصر متميز وفي عصر لم يشهده لا آباؤنا ولا أجدادنا منذ أن خلقت الخليقة إلى هذا اليوم هذا الزمن الذي نعيش فيه من كثرة المال وكثرة الترف وعمران الدنيا هذا العمار ووصل العلم إلى أقصاه وصلنا إلى السموات والإسراء والمعراج وإلى النقل الضوئي والخ {حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) يونس} هذا حاصل بالمائة مائة هناك قوى في العالم بالريموت تحرك العالم بالريموت انت سووا انقلاب وانتم ثورة انتم امسحوا وانتم اقتلوا الخ. وهذا الجمال الذي أصبحت به الدنيا بهذه النعم بالطيران والمواصلات والهواتف العجيبة وهذه الفضائيات وهذا الخير يتدفق على الناس فالناس تأكل في اليوم أربع خمس وجبات وتلبس وكل واحد منا أكله وشربه وملابسه لا يشكو من شيء، أين كان الناس إلى عهد آبائنا؟! يعني إلى الأربعينات والخمسينات كان الناس لا يجدون أكثر من لقمة واحدة وتمرات وشوية لبن هذا الخير غير طبيعي هذا الرخاء الهائل كما عندنل في بعض الأخبار أن الواحد يبحث عن من يقبل زكاته لا يجد، وعندما يرسل طُعمة للجار ما يبغى لأنه مكتفي إذاً هذا الوضع الذي نحن فيه وضع جديد يحدث لأول مرة ناهيك عن ما أخبر الله به عن حربنا مع اليهود وهذه قائمة إلى الآن “لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود فتقتلوهم” وهذا النص عندنا وعندهم وهم يؤمنون به ونحن نؤمن به ولكن متى؟ من الذي سيتولى هذا؟ قد يكون الآن أو قد يكون بعد خمسمائة سنة؟ لا ندري. ولهذا الذي يعلم أن وراءه موت وقيامة وحساب عليه أن يقصر عما هو فيه إن كان طافحاً والأساس في ذلك كله أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وأن عيسى وموسى وإبراهيم وإسماعيل وجميع الأنبياء رسل الله وأن لا تقتل وكلما أذنبت تستغفر ثبت بالقول والفعل والتجربة والنصوص أن الاستغفار يغفر الذنوب {إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70) الفرقان} من أجل هذا نقول طوبى لمن انتبه من اليوم من الساعة إلى أن وراءه موت وقيامة وأن هذا العالم المختلط هذا الذي يجري فيه لأول مرة كل ما حولنا ومن حولنا وكل يحدث من اختراعات من أعياد من نِعَم من حروب من فتن من اختراعات كل هذا يحدث في هذا العالم لأول مرة. يعني السؤال البشرية من أكثر من مليون سنة من آدم إلى الآن كل هؤلاء لا يفهمون إلى أن جاء الغربيون الآن والروس هؤلاء كل شيء يفهمونه ويعملون كل هذه الاختراعات بعشر سنين
د. نجيب: {يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنْ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7) الروم} نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا علم الدنيا والآخرة وقد قال عبد الله بن المبارك: أبى العلم إلا أن يكون لله. وهاهو العلم الحمد لله يوماً بعد يوم يكشف أسرار هذا الدين ويقبل الناس على دين الله أفواجاً. لنا عودة إلى شيخنا الجليل في الحلقة القادمة إن شاء الله مستكملين سورة طه لكي يبين لنا الآيات المتشابهة فيها وبين غريها من السور. باسمكم جميعاً أتقدم بالشكر الجزيل لفضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله ورعاه.
بُثّت الحلقة بتاريخ 22/6/2012م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها
===============
الحلقة 163 (22-6-2012)