وأُخر متشابهات

وأُخر متشابهات – الحلقة 176

اسلاميات

الحلقة 176

http://www.youtube.com/watch?v=7U8mMKLjQU8

سورة القصص

د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. مع شيخنا الجليل الأستاذ العلامة الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله في بدائعه وروائعه القرآنية المتعلقة بتلكم الآيات التي تبدو أنها متشابهة لفظاً لكنه بفضل الله تعالى يبين هذا الاختلاف وأثر ذلك على المعنى.

د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. نحن الآن في سورة القصص وفي الآية 60 يقول رب العالمين عز وجل (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ (60) القصص) تبدأ (وما أوتيتم) (بالواو) وفي موضع آخر فما أوتيتم وانتبه لكلمة وزينتها وإلى الواو ولما تكلم عن المؤمنين، في الشورى ما في وزينتها رفع وزينتها عندما خاطب المؤمنين وبدل الواو فاء وحذف كلمة وزينتها (فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) الشورى) فالآيتان متشابهتان باستثناء الفاء مكان الواو وكلمة (وزينتها) رفعها عندما خاطب المؤمنين كما سأذكر بعد قليل. والفرق بين الآيتين أنه يبين لك ثقافة وأهداف وأغراض كل من الفريقين في هذه الحياة التي نحياها الآن، أنت هنا اسمك مسلم تؤمن باليوم الآخر وبالجنة وبالنار وحساباتك كلها مضبوطة وكل شيء له نظام وأنت عليك رقابة وأنت كثير المسؤوليات في كل حركاتك وسكناتك ومن ضمنها الشهوة والشهية شهوتك وشهيتك من مال ونساء وطعام ومجد وسلطة ليست مطلقة أنت مقيد بنظام صارم لا ينبغي أن تخرج منه شعرة. في حين غيرك ليس عنده هذا النظام يأكل ما يشاء ويشرب ما يشاء أنت مقيد في طعامك وشرابك وملبسك ومن تحب ومن تكره الخ. من ضمنها أنت الحياة الدنيا لك مجرد متاع لكي تنتقل من مكان إلى مكان كل من يسافر لا بد أن يحمل معه متاعاً يعني حتى لا يموت من الجوع لماذا؟ لأنه هو منتقل من دار إلى دار من دولة إلى دولة من مدينة إلى مدينة لكي يبلغ منتهاه ومبتغاه لابد أن يكون عنده متاع وهذا المتاع متى ما وصل الهدف ألقاه، أعطاه لفقير أعطاه كذا تصدق به وربما يلقى في الزبالة إذا كان مما يلقى فهو مجرد وسيلة. هناك لا، أنت لما تكون جالس في مدينة عظيمة وأنت مطلق الشهوة والشهية ليس عليك ولا قيد فأنت مطلق الشهوة والشهية هذا فقط للحيوان يكون كما تكون الأنعام فالأنعام ما عنده شيء هذا حلال وهذا حرام لا، فكل شيء مطلق. هذا الفرق بين عندما تخاطب المؤمن تقول له هذا الذي في هذه الدنيا مجرد متاع لكن ما عند الله خير أنت رايح على هدف وأنت متاعك فقط على قدر قضاء الحاجة ما في زينة كيف؟ كل الناس من غير المؤمنين من غير من يؤمن بالله واليوم الآخر ليس عنده هدف إلا هذه الحياة الدنيا (إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37) المؤمنون) وانتهينا ما في شيء (وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ (24) الجاثية) ما في آخرة ولهذا كل أهدافه وطموحاته وخططه لهذا الذي هو فيه شهوة مطلق يقتل ويضرب ويستعمر ويذبح ويعدم ويأكل ويشرب ويسرق ويغتصب وهكذا فهذه كل حياته ما في ورائها شيء. ليس هنالك شيء يحده عن شهوته وشهيته شهوة الملك والسيطرة والاستعمار والاستحواذ والقهر والطعام والنساء كل شهوة وشهية مطلقة عنده ومسخر كل جهوده لأن كل طموحاته تنحصر في هذه الشهوة والشهية المطلقة وهو لا يشبع. وطالب الدنيا كشارب ماء البحر كلما ازداد شرباً ازداد ظمأً لأنه لا يشبع أنت الآن أنت ما في زينة أنت فقط متاع لكي تبلغ المهم تصل الهدف بأقل ما يمكن سأذكر بعد قليل وتعلمون أن نظام المؤمن في مطعمه وملبسه عجيب! أولاً أنت عليك أن لا تشبع (نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع) اثنين (ما أكل النبي مرتين) يعني وجبة واحدة ما في وجبات لكن تأكل تمرة أو فاكهة معليش أما مائدة تمتد وأصناف ومرتين في اليوم! (ما أكل النبي مرتين وجبة وما جمع النبي بين لونين وما رفعت من أمام النبي مائدة وفيها فضل) يعني طبق واحد ويخلّصه. وهكذا كان معظم الناس منذ أن جاء الإسلام إلى عهد أبائنا وإلى عهد طفولتنا بل إلى عهد عشر سنين ماضية العالم الإسلامي متشابه في كل هذا في المطعم والملبس والمسكن والبناء والعمران والشوارع وكل شيء على قدر الحاجة كما رب العالمين أمرنا بالاقتصاد في كل شيء. والذي عندك هذا ليس مالك وليس ملكك في فقراء وفي دولة وفي حرب وفي جهد وفي دار مساكين وفي دار أيتام هذا ليس ملكك الذي يزيد عنك هذا ملك الآخرين هكذا هذا الدين. ولذلك عندما رب العالمين كلم غير المؤمنين بالله وباليوم الآخر قال لهم (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58) وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59) وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ (60) القصص) عدد وتكلم وقالوا (وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57) القصص) يعني تكلم مع المشركين وأفكارهم السخيفة وتطلعاتهم وبطرهم بطرت معيشتها حينئذٍ فسد بزيادة فهو لما عدد سيئاتهم وسوءاتهم قال (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا) أي ليس لكم في الآخرة شيء. ولاحظ كيف تكلم مع المؤمنين عدّد سوءة سوءتين ثلاثة أربعة خمسة ستة وثمانية (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا) هذه التاسعة وانظر كيف خاطب المؤمنين (وَمِنْ آَيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (32) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (34) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (35) فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36)الشورى) فمتاع الحياة الدنيا ما في وزينتها أنت لست بصاحب زينة ما في بطر ولا ترف (فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37)) خطاب مع مجتمع إيماني ومسلمون منضبطون في شهواتهم وشهياتهم إلا من خطأ وكل ابن آدم خطاء (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) آل عمران) انتهينا. إذن كلمة وزينتها ليش جاءت مع آية القصص وما جاءت مع آية الشورى؟ لأن آية الشورى خطاب للمؤمنين والمؤمن منضبط في شهوته وشهيته كل شيء بقدر بينما هذا مطلق وأنتم تعرفون التاريخ المعاصر والقديم في القصص يتكلم مع غير المسلمين لأن هذا ما عنده آخرة إذا مات مات وانتهى فبالتالي يقول لك أنا دعني أشبع في الدنيا وفعلاً  يعني تأمل لو كنت أنت لا تؤمن بأن لله يوماً آخر أنت لست مؤمناً بالله ونصف العالم بل ثلثين العالم منذ أن جاء آدم وإلى اليوم ثلثي العالم يقولون ما في آخرة. وفي زماننا هذا زمن المعجزات ووصول القمر والسموات واكتشاف أسرار خلق الله في البحار والإنسان والحيوان والخ الذي صار شيوعياً والذي صار مادياً والذي صار ما أعرف إيه والذي يقول الله ما في والخ وهذا في القرن الواحد والعشرين ولهذا هذا قدر (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) الحجرات) أنت إذا كنت ولدت وأنت تقول لا إله إلا الله محمد وعيسى وموسى وإبراهيم رسل الله فاعلم أنك الوحيد الأوحد في هذا الكون وأنت القلة  المقدسة التي قال الله تعالى عنها (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) سبأ) (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116) الأنعام) فلماذا أنت الوحيد على وجه الكرة الأرضية على هذا النسق؟ فهذا ليس بخيارك ولا بفعلك ولا بذكاءك أنا الذي أردت هذا (قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ) هو الذي هداكم. ولهذا أنت ما عندك زينة زينتك أنت لست محتاجها أنت متعلق في كل دقيقة في بالك الآخرة الموت في بالك كلما يموت أحد أقاربك فتتذكر الموت والحساب والآخرة وتأنس كلما عودت نفسك على المعرفة بالعالم الآخر وتتبعت ما جاء بها من نصوص الكتاب والله تعشقها (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) فصلت) والله كما قال النبي عليه الصلاة والسلام كما رواه في أكثر من صحيح خاصة الإمام مالك في الموطأ يقول (الموت تحفة المؤمن) وأنا بعيني ومعظمكم رأى بعينه ميتة جميلة هادئة لمسلم يموت وكأنه في عرس مبتسم عيناه مطمئنتان يموت تنظر إليه أن هذا يرى وأن هذا يسمع ورأى أشياء وقد يكون منتهي ومريض وتعبان لكن ساعة الاحتضار وإذا به يستيقظ والعكس صحيح والله سيدي الكريم رأينا وقرأنا عن شخصيات تاريخية في زماننا هذا مسلمة وغير مسلمة لشدة ما ارتكبوا من قتول سبحان الله شيخي هذا القتل أعجوبة العجائب إذا ولغ سيفك في رقاب الناس فاعلم أنك هالك هلاكاً لا تستطيع أن تتخيله. وقد رأينا وقرأنا عمن ولغوا في دماء شعوبهم أو شعوب الآخرين الذين استعمروهم قتلاً إبادياً في ساعة الاحتضار قسم من أتباعهم الذين كانوا لا يؤمنون بالله آمنوا بالله قالوا هذا الذي جرى لهذا الإنسان بصراخه بعينيه المفتوحتين على الأعلى بالصراخ والرعب الذي على وجهه إذاً لا بد أن هناك عالم آخر وأول درجات الآخرة. ولهذا في كتاب ابنة ستالين فالنتينا وأنا قرأته تصف كيف مات أبوها الذي قتل الملايين وأيضاً أحد ملوك العرب أوغل في الدماء وقتل بإسراف والذين من حوله يرونه وقت وفاته وإذا به يصرخ وهم مؤمنون ويعلمون أنه لا بد أنه يرى الملكين ونحن كمسلمين لا يموت أحدنا إلا ويرى مقعده من الجنة أو النار فإذا رأى هذا مقعده من الجنة لماذا لا يبتسم؟! كلنا رأينا أناس حتماً هذا الجمال والابتسامة على وجهه لا بد أن يكون قد رأى الجنة لأن هذا الفرح ليس طبيعياً.

الدكتور نجيب: قبل أيام توفيت أحدى النساء الفاضلات التي تجاوزت من العمر 120 سنة وكانت مريضة وكأنها في عداد الأموات تغط يومين ثلاثة حتى يظنون أنها ميتة وفجأة أفاقت وعادت وطلبت أن تزين وتتجمل وتوضع الكحل في عينيها فسألوها لماذا؟ قالت أنا مقبلة الآن على عرس وقد أُعد لي هذا الإعداد،

الدكتور الكبيسي: أكيد صادقة بالمائة مائة وهذا تكرر كثيراً نادراً ما تجد إنساناً يحضر مريضاً عندما يحتضر إلا ويرى أعجوبة. شيخي لو أن كل واحد منا أراد أن يزداد إيمانه والإيمان في هذه الأمة مكتمل والحمد لله من فضل الله إذا أراد أن يحسن عمله فليحاول من أقاربه أصدقائه جيرانه أمه أبيه يحاول أن يحضر ساعة وفاته ساعة الاحتضار سينتقل نقلة هائلة مما يرى من تعابير على وجه هذا المحتضر تجعلك تؤمن عين اليقين ليس علم اليقين ولكن بالعين (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) لأنه يراها.

د. نجيب: (وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15) مريم) لنا عودة بعد هذا الفاصل.

——-فاصل———–

الدكتور نجيب: سيدي الشيخ ذكرت الزينة والمتاع والفرق بينهما والفرق بين هذه الزينة والمتاع عندنا وعندهم والحمد لله رب العالمين، نجد في قواعدنا الإسلامية أن الوسيلة وإن كانت حلالاً إذا ما أفضت إلى الحرام حرُمت هذه الوسيلة بينما نجد الآن في الطرف الآخر الغاية تبرر الوسيلة

الدكتور الكبيسي: نعم أياً كانت الوسيلة حلالاً حراماً قتلاً دماراً وكما قلنا قبل قليل هذا غير المؤمن مطلق الشهوة والشهية أي شيء يريد أن يعمله يقوم به بدون أي حرج ولا قيد على أي تصرف يفعل ما يشاء (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ (48) الأنفال) ويبررها ويفلسفها. يعني الآن هذه الأيام نرى على التلفزيونات صور والله شيخي فرعون ما فعلها! قد قتل كم واحد أما أنه يخرب البيوت والمدن بأكملها ما حصل في التاريخ مثل الذي يحدث الآن يقولون أن نيرون أحرق روما لكن هل أحرقها كلها؟ لا ندري.

د. نجيب: يقولون قصة تاريخية

د. الكبيسي: وما نشاهده بأعيننا في الصحف من صور ترعب يعني حتى لو قامت القيامة وأصبحت الأرض عاليها سافلها ما كان سيحصل مثل هذا الخراب خراب مرعب يا شيخ أحياء بأكملها كأنها مسخت يعني ما هذا؟ فالغاية تبرر الوسيلة جداً وأيّ غايات! يا ريتها لو كانت غايات شرعية أو إنسانية والله شيخي البلطجية وقطاع الطرق ما يفعلون هذا! وحينئذٍ هذا المسلم ومن فضل الله عليه رب العالمين علّق قلبه بالآخرة اقرأ القرآن الكريم وانظر وصف الآخرة ما من واحد له عقل أو سمع إلا ويقول ما هذه الدنيا؟! إضافة إلى ما جاء من نصوص في الكتاب والسنة لتثقيف هذه الأمة المؤمنة بالله واليوم الآخر عن ما هي الآخرة وما هي الدنيا؟ وبالتالي أي عاقل وبذرة من عقل ورب العالمين يقول (أَفَلَا تَعْقِلُونَ (16) يونس) يعني (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179) الأعراف) ولهذا رب العالمين عز وجل قيد المؤمن وقيده بأن له يوماً آخر هذه ما هي إلا مرحلة قصيرة ولو عشت ألف عام كما عاش نوح تراها يوماً أو بعض يوم. ولذلك أنت في هذه الأمة ما ترى مجرماً لأن هذا الإجرام الذي نراه في التاريخ الإجرام الرهيب هذا الذي نراه في الأفلام الغربية عن بعض السلوكيات والعصابات هذا في الإسلام لا يحدث لأنهم يعرفون أن وراءهم يوماً آخر، ما في فكرة أنك تصبح تراباً وانتهينا لا أنت يوم القيامة تقول ليتني كنت تراباً أنت لست تراباً ولا حاجة سترى بعينيك. ولهذا رب العالمين عز وجل نص في هاتين الآيتين أن كل ما تصل إليه من ملك وجاه ومال إنما هو متاع مسافر زاد للمسافر فأنت ليس لك من دنياك إلا ما أكلت فأفنيت ولبست وأبليت هذا كله نحن مؤمنون بهذا يعني هذا في أعماقنا يعني حتى هناك بعض الناس قد ما يصلي لكن يعرف أن في موت وآخرة وحساب مؤمن إيماناً كاملاً حتى إذا أخطأ يجي في باله يعني كثير من الناس يقولون والله يا أخي لما نشرب خمرة وكذا نحزن وأنا اشرب خمرة أقول كيف هذه حرام ورب العالمين سيحاسبني وفي الحديث (إن العبد ليعصيني فيذكرني على المعصية ….فأغفر له) لأن هذا قلبه حي وما من مؤمن ولا إنسان يقول لا إله إلا الله ويؤمن بكل الأنبياء محمد رسول الله والذين قبله إلا وقلبه فيه شيء من الحنان ومن الرقة ومن الالتزام في أصعب المواقف. هذا الانفلات والانطلاق الذي نسمع ونقرأ ونشاهد عنه في العالم هذا ليس ولهذا كل طاغية من طواغيت هذه الأمة الذين وطبعاً ما في حاكم ما يقتل إلا استثناءات كما قلنا بعضها عمر بن عبدالعزيز وهذه الدولة المباركة هذه استثناءات والمستثنى لا يقاس عليه هذا توفيق رب العالمين. وسيدنا عمر يقيم دولة من أفغانستان إلى أقصى الغرب إلى الأندلس ولا يقتل أحداً!! وصارت دولة عظيمة جداً ولما رأى واحداً في العراق يعذب المساجين دعا الله لنفسه أن يموت فمات كيف في مملكتي واحد يعذب السجناء؟!! إذاً رب العالمين يخاطب هذه الأمة ويقول أنتم كل هذا الذي ترونه في الدنيا وما أوتيتم من شيء فقط متاع ليس زينة لأن المؤمن سيفارقها لا محالة. من أجل هذا رب العالمين في هاتين الآيتين بهذه الكلمة فرق بين المؤمنين وغير المؤمنين ونبهنا من أن ننغمس في الزينة في الترف والزينة والكثرة وتتمدد كثيراً كأنك لن تموت على قدر ما تحتاج ولا مانع أن تشبع وأن تلبس والناس تتفاوت في هذا الناس. النجاح من 50 إلى 100 وكل ما بينهما صحيح لكن أن تكون تحت الرسوب لا طبعاً إياك. فهذا الذي يجري من شجع وطمع وقتل وإبادة وغش وحرام والخ ولهذا المؤمن كل ما يلاقيه في هذه الدنيا هو مجرد متاع سيتركه. وما من مؤمن وما من مسلم إلا ويؤمن بهذا بأن كل هذا سيتركه ويروح ويقابل رب العالمين حتى في كلامنابأي وجه ستقابل ربنا؟ يعني القضية محسومة ما دام اللقاء برب العالمين محسوم فليس للمؤمن أن يمعن في الزينة وهذا واقع الحال إلا استثناءات والمستثنى لا يقاس عليه.

الدكتور نجيب: والمتاع لابد منه في هذه الدنيا ومن جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم (الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة) في الحلقة السابقة تكلمت عن سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام وأن الله سبحانه وتعالى قد أتم عليه بمنته بأخيه (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) طه) ولكن هذا جناح والجناح الثاني أن منّ الله عليه بتلك الزوجة الصالحة فأتم الله تعالى عليه هذه النعمة

الدكتور الكبيسي: كل المسلمون يعرفون أثر السيدة خديجة رضي الله عنا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم خير متعها المرأة الصالحة هي متاع لكن أعظم أنواع المتاعات فالمتاع خيل وفلوس وسيف وملابس وأفضلها المرأة الصالحة التي تعينك على الخير وبالمقابل النبي صلى الله عليه وسلم عنده أحاديث عن الدنيا أعجوبة ولهذا لفت نظري حديث يقول (أُريت النار فرأيت أكثر أهلها الأغنياء والنساء) يا الله قالوا: لم؟ قال (إنهن ينكرن العشير)، المرأة إذا لم تحسن العيش مع زوجها أو لم تحسن أداء وظيفتها مفسدة هائلة لأنه ما من مفسدة أعظم من مفسدة المرأة. ولهذا بالتاريخ لو تعرف أثر المرأة في التاريخ نحن الآن الناس كلها تتابع حياة سليمان القانوني تدري هذه المرأة في النهاية ما الذي ستفعله؟ أنا ما أتابعه لأني مشغول لكن تحكي لي زوجتي، هذه المرأة في النهاية ستقتل ولي العهد وتنهي الدولة العثمانية وتخرجها من الإسلام وهي جارية! لو تعرف كم جارية في التاريخ الإسلامي عبثت في الخلفاء لرأيت عجباً تغيرت المسألة التاريخية كلها في هذا الخليفة أو ذاك من بني عباس ومن بني أمية وهو يملك الدنيا كلها. الأندلس كلها راحت بجارية وفعلاً شيخي كل شيء ممكن أن يقاوم إلا تأثير المرأة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (خير المتع المرأة الصالحة)

الدكتور نجيب: لذلك لما كان أبو نواس يعبر الطريق رأى جارية فأخذ حصباء ورمى عليها وقال لها

إن النساء شياطين خُلقنَ لنا            لا بد للمرء من رجم الشياطين

فقالت الجارية رداً عليه بوردة

إن النساء رياحين خلقن لكم            لا بد للمرء من شم الرياحين

د. الكبيسي: وأيام الجواري كان الجواري يعدون إعداد هائل عالمات علم وشعر وأدب وغناء ورقص يعني ما تشتهي الأنفس ولهذا من يقاوم؟ فهؤلاء الجواري يعدون إعداداً أشد من إعداد الشيطان كم الشيطان مغري؟ الجارية أكثر ولهذا تاريخ الأمة انتكس مرات عديدة بجارية،

الدكتور نجيب: لكن أيضاً شيخي من باب الإنصاف اسمح لي شيخي سليمان القانوني هذا الرجل

الدكتور الكبيسي: هذا المسلسل مزور والهدف منه إسقاط شخصية هذا الإنسان نعم كانت لديه جواري لكن بهذا الشكل المعروض؟؟ ليس هذا الرجل العظيم المثقف الفاتح لا،

د. نجيب: فيكفي أنه قنن الفقه الإسلامي

د. الكبيسي: فليس هذه هي صورته بس هم طبعاً وكل تاريخنا يشوهونه ما دام العمل الفني من الخارج قطعاً مشوه فالنبي صلى الله عليه وسلم انظر ماذا فعلوا به فما بالك بسليمان القانوني!! هذه معروفة لكن وفق للمسلسل هذه الحقيقة واقعة فالجارية أسقطت الدولة العثمانية ودولة الأندلس وبعض خلفاء بني أمية هذا كله بجارية أنهتهم جارية ولكنها أيّ جارية تسلب الرجل عقله! ولهذا شيخي لما ترى هذا التاريخ تفكر الحوريات في الجنة كيف؟! ولهذا رب العالمين ركز على أن من أعظم متع الجنة كما أن هنا من أكثر الناس خطراً عليك المرأة أنت في الجنة من أعظم ما يؤنسك ويقومك ويشغلك المرأة هكذا مخلوق هائل مخلوق هائل. ثم عن الحديث أن أكثر أهلها النساء للعلم شيخي كل إنسان يقدر يقاوم الرشوة يقاوم الكفر يقاوم الأحزاب والخيانة والفقر لكن المرأة إذا وضعتك في عقلها لا تقدر أن تقاومها ولهذا إفساد الرجل بموافقة المرأة ما من رجل يستطيع أن يفسد امرأة إذا هي حرة مستحيل! والله لو يأتي كل رجال الأرض على امرأة حرة مستحيل (أو تزني الحرة؟) معقول!! وهذا في الجاهلية وقبل الإسلام والآن شيخي لو تقوم بإحصائية في هذه الأمة وفي العالم وترى كم من المسلمات لها علاقة برجل؟ والله ما يطلع بالمائة ألف واحدة ولو تسأل كم من النساء في العالم الغربي ليس لها علاقة برجل؟ ما في ولا في المليون واحدة لأن هكذا هي ثقافتهم بأنه أحرار وهذه متعتهم وزينتهم نحن ما في زينة يعني الكماليات والشهوات والتسويق هذا ليس شغل المسلم شغله فقط الحد الأدنى الذي يمسك عليك الحياة لأن أهدافك أعظم من هذا وهذا واقع بشكل كبير وظاهر إلى حد آبائنا وإلى حد طفولتنا أما الآن مع هذا الانفتاح على العالم اختلفت الأمة

الدكتور نجيب: لما سئل سعيد ابن المسيب عن قوله تعالى (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28) النساء) قال (أضعف ما يكون الرجل في أمر النساء) نسأل الله تعالى أن يقينا فتنة المحيا والممات. نعود إلى شيخنا بعد هذا الفاصل.

——فاصل———

د. نجيب: نعود إلى الآيات العظيمة التي تضع لنا الموازين بالنسبة للطيبات نحن المسلمين شيخ عندنا طيبات وعندنا حلال ومع ذلك مقيدين بقيود

الدكتور الكبيسي: رب العالمين أباح لك كما يليق بك باعتبارك من عباد الله المخلصين كما تفضلت قبل قليل (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) الأعراف) أعطاك زوجة بل أربع زوجات وبنات وأولاد ووظيفة وكل هذا مما لا حصر له هذا كله حلال فما الذي يلجئك إلى الحرام؟! وحينئذٍ ما دمت أنت في نطاق عبودية الله رب العالمين ما تركك أنعم عليك نعماً ظاهرة وباطنة (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) إبراهيم) هذا الحلال كلها حلال وكل الزينة التي أباحها الله من بيت وأولاد وأطفال وجيران وأصدقاء ومدرسة وتلفزيون وشارع مبلط وحكومة عادلة وملابس عندك ويوم تدعى ويدوم تدعو وكل هذه زينة من عند رب العالمين أما أنك إلا تريد مجلس خمور أو مجلس نساء أو مجلس ربا أو مجلس ظلم أو قهر أو تقل هذا شيء آخر (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (20) الأحقاف) انتهينا. عن النبي صلى الله عليه وسلم (والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم) وهذا حصل التنافس على الدنيا الآن تنافس ما يمشي مع نسق آبائنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. حقيقة من أول الإسلام إلى بداية القرن الواحد والعشرين فلنقل القرن العشرين كانت الحياة كلها بساطة في كل شيء في المأكل والمطعم والملبس وكل شيء وعندما اختلطت الحضارة الغربية بنا وغزتنا هذا الغزو العظيم تغير الوضع إلى هذا الذي نراه،

الدكتور نجيب: الآن وللأسف الشديد أصبحت المظاهر والكماليات والجماليات على حساب الضروريات

الدكتور الكبيسي: لأن ثقافة الأمة تغيرت. تعرف شيخي هذه الأفلام العربية ماذا فعلت فينا؟ تعرف هذا الوهم وكلنا كنا نشوف أفلام عربية ونحن صغاراً البشوات والشقق والقصور هذا الفلم الغربي الفتاك الذي يسحرك لا بد أن يغير منك شيئاً وهذا هو الغزو الفكري غزو هائل وغزو لم يصادف أي مقاومة. كان الدين في تقهقر يعني كان أثناء انتهاء الدولة العثمانية وانتهاء العلماء وتفككت الأمة فكان القوة أو الفكر الديني في تقهقر وانهزام أمام الفكر الغربي فالناس خلعوا الملابس ولبسوا الكرافت والخ والنساء أصبحن سافرات والاختلاط ومشت وبقت إلى هذا اليوم وإن كان الآن بدأ والحمد لله ينسحب لكن قرن كامل الأمة خاضعة فيه للتيار الثقافي الغربي بالمائة مائة فالمدارس الدينية اختفت هذا المعمم بدأ يشعر بالنقص أمام المجتمع بعدما كان سيد المجتمع وحينئذٍ لا بد أن تكون متفرغاً ولابس الكرافت والبدلة الإيطالية كلنا نفعل هذا ونحن شباب وهذا عاد من تقلبات الحياة ولكن هذا لا يمنع أن هذا المسلم حتى في تلك الحضارة الغربية كان يصوم ويصلي ونظيف وعفيف ولا يسرق وعنده أسرة وعم وخال وأرحام وإنسان حضاري كل هذا بسبب هذه الا إله إلا الله محمد رسول الله فيها طاقة على من يقولها مصدق بها قلبه أعجوبة. عن النبي صلى الله عليه وسلم (إن مما أخاف عليكم مما يفتح الله عليكم من زهرة الدنيا وزينتها) متفق عليه والنبي أخبر قال أنها ستفتح علينا الدنيا وعبّر بالزهرة لأن نهايتها الذبول وفعلاً ما أن مات النبي صلى الله عليه وسلم وقامت الحضارة العربية الإسلامية من بني أمية إلى العباس وإلى هذا اليوم فعلاً الدنيا فيها زينة يعني الناس كانت ساكنة في عشش والآن هذه الملابس وهذه القصور والشوارع والسيارات زينة وبالتالي في فترة ما في الثلاثينات والأربعينات والخمسينات إلى الثمانينات سأتكلم عن العراق ومصر لأن عشت بينهما الناس غرقوا في هذه الثقافة الغربية، سيارة فخمة بدلة إيطالي على حذاء إنجليزي على بيت مش عارف كيف فعلاً بدأنا وأقدمنا على الدنيا من البداوة والبساطة من عصر آبائنا إلى هذه الطفرة الهائلة وبالتالي ما طالت إلى أن عادت في السبعينات الثمانينات بدأت الناس بالعودة والآن ما عاد أحد يفكر بالغرب وبالثقافة الغربية وبدأوا ينكفئون

د. نجيب: حتى الغرب أنفسهم

د. الكبيسي: ولهذا بادر الغربيون بذكائهم الشيطانية بجلب نسخ إسلامية لا تؤدي إلا إلى انحطاط وتدمير كامل كما يحدث في العالم الإسلامي الآن نسخ إسلامية مقرفة مقززة مدمرة. إذا رب العالمين لم يرد أن يرحمنا يعني هذا الذي يسمى بالربيع العربي بعد سنتين ثلاثة لن تجد من يريد إسلاماً فكما جاؤوا بالشيوعية تركنا الاستقلال الوطني، جاؤوا لنا بالبعثيين تركنا وحدة عربية، جاؤوا بالبسطاء من الناس سيتركون الاسلام مما يروا مما يجري في الصومال وفي اليمن وفي مالي والشيشان. مسحت الشيشان بالكامل سلموا الشيشان المستقل للروس، الصومال مسحت، وانتظر ماذا سيجري في تونس ومصر وليبيا وسوريا التي بعد أيام سيأتون بملتحين جدد يجعلوا الناس يتمنون لو ما كانوا مسلمين. ومع هذا 98% من الأمة نظيفة عن هذا كله، والفئة القليلة زائلة زائلة وسوف يعود المسلمون إلى ذلك الاسلام النقي الكريم النظيف الذي لا أحد فيه يزايد على أحد ولا أحد أولى من أحد.

الدكتور نجيب: سيدي الشيخ في كتاب لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي الذي خصصه لمواسم الطاعات يذكر طرفة جميلة أنه في زمن معاوية بن أبي سفيان حكى قصة مغزاها أن الإنسان لا يبقى على حال الشباب والجمال لولا بد أن تتغير حاله. وأصعب ما يكون هذا التقلب على الإنسان في آخر حياته أن يعيش في شبابه منعّماً ثم في شيبته وعجزه والعياذ بالله وعنده من الذنوب وعنده من المال وهو في هذه الحال مع الوحدة والموحشة والعياذ بالله!

د. الكبيسي: الدنيا لا تدوم، غرّارة. لما أدخل المسلمون الفُرس في الإسلام فجاؤوا ببنات كسرى جواري فقال سيدنا علي هذا لا يجوز وتزوج ابنه واحدة منهن، فهذه الدنيا هكذا والدنيا غرّارة وهي فانية. المفروض أنك مهما كنت عظيماً إياك أن تغترّ بها لأنك ستموت لا محالة! ما الفرق بين فلان الذي يقولون الناس عنه رضي الله عنه وبين فلان الذي يقولون عنه لعنة الله عليه؟! تأمل كم من الناس يلعن الحجّاج!

د. نجيب: على الرغم من مآثره.

د. الكبيسي: على الرغم من مآثره. لأن شيء كل شيء يُحتمل إلا الظلم (لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ (48) النساء) لا تقول أنا فقير أنا مريض، إلا من ظلم يجهر لأنه لا يحتمل لا ينام الليل ولهذا الظلم ظلمات. قد يكون هذا الحاكم لم يكن جيداً لم ينفع شعبه لكنه ما قتلهم وما عذّبهم ولا ظلمهم، أما من عمّر الكون كله وظلم كما حدث في الجمهوريات البائسة في مصر والعراق وليبيا وسوريا، حكامهم قد يكون عنده حسنة حسنتين لكنه ظلم والظلم شنيع لا يُحتمل! ولذا قال تعالى المظلوم فقط يرفع صوته (لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ) يقول يا جماعة أنا مظلوم، ظلمني فلان، هذا لا ينام الليل! رب العالمين عز وجل حذّرنا أمرنا بإعمار الأرض لكن إياك أن تغلبك الدنيا، اِغلبها أنت لا تدعها تملكك وتسيطر عليك لأنك ستنتهي.

د. نجيب: هناك والحمد لله من الحكام والحكماء من منّ الله سبحانه وتعالى عليهم ليس بالعدل فقط بل بأكثر من ذلك وهو العفو عمن أسرف على نفسه أو غُرّ به والعياذ بالله.

د. الكبيسي: والغريب أن هذه السلعة نادرة، قليل في الدنيا لأن الدنيا على غرار ابني آدم، قابيل وهابيل

د. نجيب: لكن الحمد لله رب العالمين الذي منّ الله سبحانه وتعالى علينا في هذه البلاد وقليل من تلك البلدان الأخرى بأداء حقوق الشعب والحمد لله في جميع جوانبها فمن الواجب أيضاً أن يبر هؤلاء الأبناء آباءهم

د. الكبيسي: وبوجود أجهزة الإعلام الآن حيثما تذهب ويسألونك من أين أنت وتقول من الإمارات يبدأ يتكلم عنها. العالم كله الآن يعرف ما معنى هذه الدولة.

د. نجيب: الحمد لله. حفظ الله الإمارات العربية حكومات وشعوباً جميعاً وسخّرهم للخير. باسمكم جميعاً أتقدم بالشكر الجزيل لشيخنا العلامة الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله في هذه الفروقات القرآنية الدقيقة التي قلّما كانت تخطر ببال استكمالاً لهذا الحديث وهذا البرنامج نلتقي بكم في حلقات قادمة بإذن الله والسلام علكم ورحمة الله.

بُثّت الحلقة بتاريخ 14/12/2012م وطبعتها الأخت الفاضلة نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها.