الحلقة 178
سورة السجدة
د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. مع شيخنا الجليل الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله في روائعه وبدائعه القرآنية مستفتحين هذه الحلقة بسورة جديدة من السور القرآنية التي تعود فيها شيخنا أن يلتمس ما فيها من آيات متشابهات ويبين ما فيها من موافقات أو مفارقات فليتفضل مشكوراً.
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. وصلنا إلى سورة السجدة وهكذا نقترب من خاتمة هذا البرنامج إن شاء الله لكي يفتح الله علينا برنامجاً آخر إن شاء الله إذا كان في العمر بقية. السجدة في الآية خمسة يقول سبحانه وتعالى (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5) السجدة) ألف سنة، في المعارج يقول (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) المعارج) هذاك ألف سنة اليوم الواحد وهنا خمسين ألف سنة. طبعاً لا بد من بيان، لا شك أن لعلماء الفضاء وعلماء الفلك لا بد أن لهم رأياً آخر وربما نتطابق من يدري؟ ولكن برنامجنا اسمه برنامج متشابهات، آيات تبدو بينها فروق ولا بد من بيانها والمتشابه له أول وليس له آخر ولهذا فهو لا يُفسر لأن التفسير منضبط بالمائة أقيموا الصلاة ما فيها خلاف فهذا محكم. المتشابه (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ (7) آل عمران) نحن في “وأخر متشابهات” لها معنى واحد واثنين وثلاثة وإلى يوم القيامة كل جيل يكتشف في هذه الآية معنى جديداً لم يخطر على بال الجيل السابق
د. نجيب: (والراسخون في العلم يقولون كل من عند ربنا)
د. الكبيسي: وإلى يوم القيامة هذا ويوم القيامة سنكتشف أننا كنا بعيدين عما أراد الله من هذا الفيض القدسي الإلهي مما لا تحتمله عقولنا إلا يوم القيامة (يوم يأتي تأويله). إذاً هذا ألف سنة وفي المعارج خمسين ألف سنة طبعاً كما قلنا في التأويل في المتشابه. في خمسين ألف سنة الكتاب العزيز يقول هذا في الآخرة في جهنم وفي الجنة أيضاً. نبدأ بالآخرة كيف يوم واحد يعادل خمسين ألفاً؟ بينما عندنا في الدنيا نظام وضعه الله لهذا الكون كل مائة سنة يغير الكون تغييراً كاملاً بالأنظمة السياسية والاقتصادية والحكم والمعادن والفتوحات يعني نحن لو جاءنا جيل من الذين كانوا يعيشون في عصر فرعون أو في عصر النبي صلى الله عليه وسلم يعني لو جاءك الآن ابن عمر وفقهاء الصحابة وسيدنا علي والخ وسألونا كيف فسرنا القرآن؟ نقول أننا فهمنا أشياء ما خطرت ببالهم من ضمنها هذا الذي نقوله. إذاً في كل ألف سنة في كل عشر قرون والقرن مائة سنة في كل عشر قرون هناك تغيير ولهذا عليك أن تتأقلم أن تغير نهج حياتك وعقليتك في كل عشر قرون تتأقلم أقلمة جديدة وكأن الله خلقك في هذه القرون وحدك. وفعلاً ولو اجتمعنا نحن والعشر قرون التي سبقتنا لاحتاج أحدنا أن يتعرف على الآخر في كل شيء في عاداتنا وأفكارنا ومفاهيمنا وفي كل شيء، الشيء الوحيد الذي وحّد هذه الأمة هو لا إله إلا الله محمد رسول الله وما تفرع عنها. حتى بقية الأديان في كل ألف سنة تتغير أفكارهم وعاداتهم واعتقاداتهم تغييراً كاملاً بحيث لم يعد هناك شيء من عشر قرون الماضية. يعني العقيدة اليهودية والعقيدة النصرانية والصابئية كلها عقائد سماوية ثق ليس بينما ما كان عليه سيدنا عيسى وسيدنا موسى وسيدنا زكريا ويحيى عليهم السلام لم يعد مما قالوه شيء في هذه الألف سنة التي نحن فيها، هكذا هو الأمر وفعلاً كل ألف سنة هناك تغيير كامل. الشيء الذي يلفت النظر من الأنظمة السياسية التي تتكرر كل ألف سنة مثلاً نظام الحكم في كل ألف سنة هناك قوتان عظيمتان تتقاسمان الكرة الأرضية بالسوية ما هذا النظام؟ ثم تزول وعلامة زوالها دليل على قرب انتهاء هذه الألف سنة حيث يأتي نظام آخر. اقرأ التاريخ البيزنطيين والرومانيين والخ في التاريخ السحيق كانت دولتان الرومان واليونان ثم جاء كسرى وقيصر ألف سنة ثم جاء العرب الأمويون والعباسيون والعثمانيون ألف سنة دولتين ثم جاء الإتحاد السوفييتي وأمريكا تتقاسمان الكرة الأرضية بالسويّة حلف وارسو والخ كلٌ يستطيع أن يدمر نصف الكرة الأرضية بكاملها أو يعمرها لأنها هي ملكه. الآن انتهت الألف السنة، الآن هناك نظام جيد كما ترونه أوروبا انسحقت الآن غير قادرين يأكلوا أمريكا باعترافهم أنها ضعفت ولم تعد هي القوة بينما قبل أربع خمس سنين قبل حرب العراق في الحقيقة وحرب أفغانستان أمريكا كانت تحكم العالم وحدها هذا خلاف نظام الله عز وجل (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الحج) لا بد أن تكون هناك قوتان لكي يعيش الناس بسلام. الإتحاد السوفييتي الذي كان محجّم أمريكا وأمريكا تتعامل مع عملائها ومستعمراتها برقة ولطف ولكن لما رأت الإتحاد السوفييتي فعلت فينا الأفاعيل دمرت بغداد ودمشق أفغانستان ولعبت بأوروبا وكله قال لك هذا ما ينفع، كيف رب العالمين يسقط أمريكا وهي في مجدها وقوتها المطلقة أصبحت تملك العالم وحده؟! قال هذا ليس نظامي أنا ما طول عشر سنين قال توكلي بالله الحقي الإتحاد السوفييتي الآن في قوتان صاعدتان وهي الصين ولا أعرف والله الثانية من؟ من القادم هل أن العرب سيتوحدون من جديد كما يبدو أحياناً المسلمون الهند وباكستان واليابان ما تدري، الأيام حبالى. شاهدنا كل ألف سنة هناك تغيير كامل هذه الألف سنة كأنها عند الله يوم ليست هي يوم ما قال عند الله كيوم بل قال كأنها لأن عقلك ما يدرك أنها أقل من الدقيقة! ولهذا كل هذه الأنظمة في العالم على هذا الأساس، هذا رأي. نبقى على خمسين ألف سنة في الآخرة طبعاً في سورة المعارج تتكلم عن النار (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا (5) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7) يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (8) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (9) وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (10) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) المعارج) هذا الكلام في النار. وفعلاً تخيل أهل الجنة تخيل أنت في هذه الدنيا خمسين ألف سنة أنت وحدك ملك خمسين ألف سنة على هذه الأرض ملك وحدك وعشت خمسين ألف سنة في هذه الأرض ملك كل الكرة الأرضية والناس كلهم يعشقونك ويمدحونك ويفدونك بنفسه وأنت تعيش كل متع هذه الدنيا خمسين ألف سنة، ما هذا المجد العظيم؟! أنت إذا دخلت الجنة يوماً واحداً من أيامك في الجنة بنعيمها يساوي كل النعيم الذي رأيته في الدنيا بخمسين ألف سنة،
د. نجيب: بغمسة كما في الحديث الشريف هل رأيت بؤساً قط قال لم أرى بؤساً قط
د. الكبيسي: فقط بشم الرائحة فحينئذٍ وكذلك أصحاب النار وإن شاء الله رب العالمين النار لا يدخلها إلا من لا يؤمن بالله عز وجل فقط للمشركين (لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) الليل) وهذه أرجى آية في القرآن الكريم نسأل الله سبحانه وتعالى أن يميتنا على لا إله إلا الله محمد رسول الله. المهم كذلك أهل النار تصور واحد مسجون أشغال شاقة في الدنيا خمسين ألف سنة وحينئذٍ هذا الإنسان يعذَّب ويكوى كما سمعتم في العراق ماذا يجري للنساء في السجون نعوذ بالله! شابات 14 و15 سنة يعذبن تعذيباً خيال تصور واحدة منهم عاشت في هذا السجن خمسين ألف سنة يا الله ما هذا؟! هذا الذي لا يتصوره عقلك من العذاب وقد رأينا ناس خرجوا بعد أن قضوا عمرهم معذبين في السجون وأشغال شاقة مؤبدة خرج وقد فقد عقله أصبح كالمجنون من الذي شافه فكيف لو عشت في هذا الجحيم خمسين ألف سنة؟! هذا غمسة واحدة في جهنم أو لو يشم رائحة النار (يؤتى بأسعد رجل في الدنيا فيشم رائحة النار فيقال له هل رأيت نعيماً قط؟ يقول لا) والعكس صحيح (يؤتى بأشقى رجل في الدنيا يشم رائحة الجنة فيسأله هل رأيت بؤساً قط؟ يقول لا) فقط شم رائحة الجنة نسي عذابه وتنسيه رائحة النار نعيمه. إذاً خمسين ألف سنة ومائة ألف سنة هذه ما فيها تناقض كل واحدة في مكان وفي مجال.
نرجع على حكاية نظم الكون وتحدثنا مرة أنا والدكتور نجيب عن عالم الأمر وعالم الخلق (يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ) رب العالمين عز وجل كما قلنا كل هذا الذي نعيشه كله قد جربناه في عالم الأمر. في عالم الأمر المقادير والقضاء والقدر الكل تم وكمل وعشته أنت وأنت في عالم الأمر وأنت في ظهر أبيك آدم فلما ولدنا نحن رب العالمين يطبق علينا كل الذي عشناه في عالم الأمر ونحن في ظهر أبينا آدم وعشناه هناك باختيارنا، التجربة العملية سويناها تلك التجربة التي عملناها بأمر الله عز وجل في عالم أمره باختيارنا هذا الذي سرق وهذا الذي صلى هذا الذي قتل وهذا الذي كذا وهذا الذي حكم بعدل وهذا الذي ظلم وهكذا. نحن الآن نطبق ذلك الذي فعلناه باختيارنا نطبقه الآن جبراً ما فعلته هناك باختيارك سوف تعيد فعله هنا مجبراً هذا الفرق بين القضاء والقدر ما في تناقض مختار ومجبر
د. نجيب: من باب أنها سبقت في علم الله عز وجل أن هذا سيحدث بالضبط والله أعطانا الإرادة
د. الكبيسي: وكتب بعد ما فعلته قال كتب عليكم هكذا
د. نجيب: باعتبار أننا نحن الذين اخترنا هذا الأمر وهذا يؤكد ما تفضلت أن هذا الجانب من أفعال الإنسان جانب ليس كما يقولون مسيراً ولكن مخيراً. هل يمكن أن تزيد هذا الأمر توضيحاً وتفصيلاً بعد الفاصل؟ نعود إلى شيخنا لوضع هذه المسألة مزيداً من الوضوح بعد الفاصل.
———-فاصل————
د. الكبيسي: وكما قلنا في هذا الموضوع نحن كلنا شاهدنا مسلسلات تاريخية شاهدنا مسلسل عمر بن عبد العزيز والآن هذا التركي ومسلسل فلان عن التاريخ عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أمثاله هذا الذي فعلوه هم الأصليين فعلوه باختيارهم لكن هذا الممثل لازم يطبق هذا الذي حصل بالضبط وإلا يصير تزويراً. نحن عبارة عن ممثلين نعيد ما عملناه مختارين ونحن في ظهر آبائنا أي في عالم الأمر كالمرآة. إذاً نقول بأن أنظمة الكون قرون وقرون (أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (128) طه) (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ (6) الأنعام) وهكذا هذه الدنيا (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ (140) آل عمران)
د. نجيب: كأنها سنن إلهية
د. الكبيسي: بل هي سنن إلهية ثابتة ولذلك العاقل من اتعظ بغيره (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (109) يوسف) ألا تتدبر؟! أنت سيصير لك نفس الشيء أولم ينظروا، أولم يروا، ألم ترى، يعني أنت أمامك أمثلة نماذج يعني أنت لماذا ما تتعظ؟؟ كل الذي يجري عندك جرى سابقاً والشاعر يقول
صحب الناس قبلنا ذا الزمان وعناهم من أمره ما عنانا
مثل ما صار عندهم صار عندنا الذي شغلهم شغلنا والذي فعلوه فعلناه وهكذا. إذاً رب العالمين عز وجل يعيد الأنظمة الكونية في هذا الزمن الذي نحن فيه في هذه الدنيا وهو عالم الخلق (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) الأعراف) يعيدها كل ألف سنة
الدكتور نجيب: كما تفضلت شيخ مسألتين الأولى أن الليل والنهار الذي يجري في دنيانا هنا على أرضنا ليست نفس الليل والنهار الذي تجري على الكواكب الأخرى سواء كانت مجموعة شمسية أو مجموعات أخرى من الكواكب التي توجد
الدكتور الكبيسي: وهناك من لم نكتشفه إلى الآن وأنت تتكلم عن عالم الفضاء وكما تفضلت نحن لسنا وحدنا في هذا الكون ويوم القيامة (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) إبراهيم) تبدل الأرض تبديلاً كاملاً هكذا. إذاً كان الأمر هكذا وهو هكذا فعلاً عليك أن تعلم بأنك سوف تعود إلى الله عز وجل ثم تؤدي حسابك كاملاً غير منقوص (مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) الكهف) يعني ما معناها؟ معناها أنت الذي شايف نفسك شوفة في هذه الدنيا هذا الطغيان وعدم تذكر الآخرة وهذه الإبادات وهذا الظلم وكأنه ليس لله يوماً آخر! في حين قلة من الناس فعلاً عرفوا أن لله يوماً آخر فحكموا فعدلوا وأسعدوا شعوبهم وكانوا في كل حركة من حركاته يعلم أن الله ينظر إليه، هذا الفرق بين هذا وهذا يوم القيامة كما قال إبليس (وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22) إبراهيم) ولهذا يوم القيامة ستكتشف أن عندك من القدرة والإمكانية أن تغفر كل ذنوبك كل ذنوبك بلا استثناء ممكن أن تغفر ولا تجد منها عند الله شيئاً إلا ذنبين: أن تشرك بالله وأن تريق دماً حراماً هذان مصيبتك يوم القيامة (لن يزال المؤمن بخير ما لم يصب دماً حراماً) ولهذا لماذا كل الصالحين ما يريدون الملك إلا استثناءات نادرة؟ لأن هل تتخيل واحد يمكن يقيم دولة وملك ثابت بدون ما يقتل؟ هذا عقلياً غير مقبول والاستثناء عادة لا يقاس عليه لأنه غير معقول من اللامعقول واحد يحكم دولة بسعادة ورفاهية وشعبه يحبه ولم يقتل أحداً هذا جديدة هذه صارت بعصر الخلفاء الراشدين وعصر عمر بن عبد العزيز وعصر زايد وأولاده لا رابع لهم في هذا الكون كله وإلا كيف يحكم؟! يعني أنت هل تتصور هناك واحد ممكن يحكم بدون جهاز استخبارات ومخابرات؟ مستحيل. أنت كيف تحكم إذا ما عندك ناس تنقل لك الأخبار وينقل لك أخبار تسود القلب ولهذا أنت لكي تبقى صالحاً في ملكك لا بد أن يكون عندك استخبارات قوية (لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء) أنا لو أعلم ما يجري في الدول المجاورة وتدبيراتهم علي كنت أصير بخير ونعمة ولا أحد يؤذيني وإذا ما عندك يأكلوك. ولهذا سيدنا سليمان هذه المملكة العظيمة التي أعطاه الله فيها ملكاً لم يعطه لآخرين ما قدر يعيش إلا بالهدهد قال (فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) النمل) هنالك مملكة بجوارك وأنت لا تدري عنها وجاء بكل معلوماتها لسليمان!! إذاً هذا الكون قائم على هذا الذي نحن فيه الإغراءات بالظلم والقتل من شيم النفوس، طبيعة غريزة قامت على هذا هذه الدنيا ولهذا قابيل قتل هابيل وهو أخوه وليس عنده أخ آخر على الكرة الأرضية، ما قال أنا سأعيش وحدي وما عندي أحد يسليني يحكي معي قتل أخوه حسداً! هذا نظام هذا الكون كلنا الأنبياء الذين قادوا الممالك كان عندهم ناس تأتي لهم بالأخبار وقتلوا وضربوا وعدموا بالحق والعدل أما أن تعيش أنت حاكم كما قلنا أنه النظام الحاكم يتغير بالمائة سنة حينئذٍ أنت استثناء والاستثناء لا يقاس عليه. نحن اليوم نقرأ في الجرائد أن الشيخ محمد يلغي الاحتفالات في يوم جلوسه قال لنكرم بدل أن تحتفلون بي أنا الأمير احتفلوا بالزبالين والكناسين وأصحاب الخدمات، هذه جديدة! ولهذا القاعدة العامة لا، لا بد من استخبارات ومخابرات لا بد أن تقتل إذا ما تقتل لا أحد يسمع كلامك هذا طبيعة الكون. أما أن يهبك الله شعباً يطيعك لله بأصالته وخوفه من رب العالمين وانتظامه هذا شيء استثنائي والمستثنى لا يقاس عليه. كل العالم عنده ناس يوصلون لهم الأخبار وهذه الأخبار هي التي تصون نظام الحكم وأنت بشر أنت لست معصوماً لست من الملائكة ولذلك رب العالمين عز وجل جعل هذه (وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47) الحج) تغيير كامل واقرأ التاريخ من آدم إلى اليوم كم ألف سنة وماذا جرى في كل ألف سنة من تغيير شامل لنظام الحياة بالمائة مائة. واقرأ التاريخ، هذا كله عند الله يوم واحد وليس يوم بل كأنه يوم على حسب معلوماتك أنت البشر وأنت البشر عقلك محدود ما قال لك أقل من لمح البصر وهي عند الله مثل لمح البصر بل هي معدوم الزمن نسبي، هذه ألف سنة عند الله زمن صفر لكن رب العالمين من رحمته أن يقولك شيئاً لكي تفهمون لكي تعقلون قال لك هي مثل يوم حتى تفهمها ولا هي أقل كلمح البصر بل هي أقرب. ولهذا عاد رب العالمين يفرق بين يوافق بين الدنيا والآخرة ويصبح رجلهما (ليس الرجل رجل الدنيا) فقط دنيا مثل ما حكم قيصر وفرعون وبوش وكلينتون وستالين ولينين بكل ما يعنّ له من خير وشر من قتل وإبادة وإعدام واستعمارات وإبادة شعوب ومن عدل في قومه الخ، وبين واحد حاسب في كل دقيقة أن الله يسمعه ويراه والله قال (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) سبأ) الأقل هم الناجون وهذا من واقع الكون ومشيئة الله سبحانه وتعالى ولا راد لمشيئته.
إذاً (وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) يعني هي طبعاً كألف سنة بالنسبة لنا لكن واقع الحال عند الله هي صفر لأن الله سبحانه وتعالى الزمن عليه مستحيل. شاهدنا لماذا رب العالمين عز وجل ما جعل البشر معصومين ما يخطئون قال لك لا إذاً هذه ليست دنيا فآدم أول واحد (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) طه) وخلقته بيدي ومع ذلك عصاني، أولاده ليس على وجه الأرض غيرهما وواحد قتل الثاني وهذا نظام الكون
جُبلت على كدر وأنت تريدها صفواً من الأقدار والأدبار
ما يصير، فهذا الذي يصير على العالم الآن مما لا يتخيله آباؤنا والله لو تخيل آباؤنا ما حدث في العراق وفي أفغانستان وفي سوريا وفي فلسطين لقالوا أنتم مجانين شاربين مخدر؟ ما هذا الكلام الفاضي؟! عاشوا ذلك المجد العظيم والهادئ والسلم والأمن والشعوب المتآخية كل من عاش الآن كل من هو في عمري في الثمانينات يدرك تلك الأيام ما كان أحلاها بين البشر ما تفرق بين يهودي ولا مسيحي ولا مسلم ولا شيعي ولا سني ولا كردي أبداً عايشين بني آدميين بنظام وحضارة وتقدم أحسن منا مائة مرة، يعني نحن الآن هذا عصر متحضر؟ والله هم العصر المتحضر عصر الكرم والسخاء والأدب والعِرض يعني البأس يعني كل الناس عندهم بأس فيما يتعلق بقيم وأخلاق العائلة والأسرة لو أن رجل ضرب امرأة هناك في زمانه أمام الناس لسقط من أعينهم وأصلاً هو يحتقر نفسه. الآن جيش كامل يعد لكي يحكم البلاد ويدافع عنها يعتقل بنات ذلك البلد ويغتصبونهن في السجون وهن في الرابعة عشر من العمر! هؤلاء متخرجين من الكليات وضباط ورايحين دورات إلى أوروبا وعندهم انترنت ويعرفون الحضارات ما في هذا ما له علاقة، كل ألف سنة في نظام (يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ) الصعود إلى الله عز وجل بالأعمال غير النزول. عندما ينزل قال كألف سنة لكن لما تعرج إليه هذا شيء ثاني، هناك عندك سدرة المنتهى التي ليس بعدها إلا أن تستثنى استثناء النبي صلى الله عليه وسلم الوحيد هو وسيدنا المسيح عليه السلام الوحيدان اللذان سمحا لهما بأن يتجاوزا هذه المرحلة. إذاً الكون على هذا التنظيم وهذه القواعد من أجل هذا أنت عليك أن ترضى بالموقع الذي أنت فيه أقم حيث أقامك الله، إياك أن تتمنى أن تكون حاكماً إلا إذا اختارك الله لذلك وإذا اختارك الله إما أنه يريد أن يرحمك فيعينك عليه ويعينك على العدل وإما يريد أن ينتقم بك وينتقم منك (الظالم سيفي أنتقم به وأنتقم منه) لأن بعض الناس وبعض الشعوب والله لا يصلحها إلا ظالم وإذا أرسلت إليها عادلاً قتلوه ومعروفة هذه الشعوب بشراستها وقوتها وعنفوانها لا بد أن يحكمها ظالم كما قال سيدنا عمر عندما شكى من أهل العراق قال له المغيرة يا أمير المؤمنين (لأن ترسل لهم رجلاً يصلحهم ويفسد نفسه) يعني هم انتظموا لكن هو راح لجهنم لأنه عذبهم وقتلهم لكن هم انصلحوا (خير من أن ترسل رجلاً يفسدهم ويصلح نفسه) يعني صائم ومصلي يعني لماذا سيدنا علي ما أقام دولة في العراق؟ ما أقام لأنه ما يقتل أحداً لا يريد أن يظلم أحداً، هذا من المبشرين بالجنة الصديق الثالث ثلاثة صديقين علي وأبو بكر وعائشة رضي الله عنهم أجمعين الله قال (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) الأحزاب) هذا شغل الله وليس شغله. جاءوا ناس بني أمية وبني العباس ناس جيدين لكنهم قتلوا إلى أن شبعوا إلى أن جعلوا الناس كما يقول المصريون يمشون على العجين ما يلخبطهوش وإلا ما يمشي إلا هكذا بالسيف والقتل والإبادة والتعذيب أقاموا دولاً هم أفسدوا أنفسهم وحسابهم على الله ولكن أقاموا دولاً كهارون الرشيد هذه الأنظمة من الذين حكموا الأرض هارون الرشيد مثلاً الذي يقول للغمامة (أمطري حيثما تشائين فإنك في أرضي سيأتيني خراجك) وفعلاً من الصين إلى الأندلس أكبر من ملك أمريكا وأكبر من ملك الإتحاد السوفييتي هذا كل ألف سنة هذا النظام يمشي والآن ترون بغداد كيف حالها تحل عليها الصدقة
د. نجيب: (وكما تكونوا يولى عليكم) لنا عودة بعد الفاصل إن شاء الله.
————فاصل———–
الدكتور نجيب: نعود شيخنا الجليل إلى قضية الأعمال الصالحة وأهميتها لادخارها لذلك اليوم العظيم وما خص الله تعالى به أمة محمد صلى الله عليه وسلم من خصائص في هذا الباب ما سبقنا بها أحد من الأنبياء ولا من الأمم
الدكتور الكبيسي: هذا كلام صحيح 100% وفعلاً هذا يوجهنا لكي نستكمل هذا الموضوع الذي نحن فيه من حيث أن هل هذا ينطبق علينا نحن أيضاً؟ هذا كلام صحيح. شيخي هذا الذي تفضلت به الآن يشير إلى ما يحدث الآن ما الذي وُعدنا به؟ الحديث يقول أن هذا الأمر بدأ نبوة ورسالة ثم يكون خلافة على هدي النبوة ثلاثين سنة تنتهي بقتل سيدنا الحسين ثم يكون ملكاً عضيداً من معاوية إلى العصر العباسي الثاني ثم يكون ملكاً جبرياً من العصر العباسي الثاني إلى اليوم ثم يعود خلافة على هدي النبوة إلى خمسين إماماً وفي رواية خمسين سنة وما تدري عاد قد يكون كلاهما صحيح. ما تعرف ما تتذكر أنت الآن شوف الذي كان يحكم المنطقة الإسلامية بل العربية بالذات عناوين الحزب الشيوعي حكم المنطقة عشرين سنة حكماً صارماً أفلام وأقلام والشوارب والأفندية والحكومة والوزير ورئيس الجمهورية كلهم شيوعيون فالحكم الشيوعي سيطر سيطرة كاملة في العراق فلان الفلاني وفي سوريا خالد بكداش وفي مصر الشرقاوي وفي اليمن البيضاوي وكل العالم العربي حكمه الحزب الشيوعي أربعين عاماً ولا أحد يستطيع أن يقول ثلث الثلاثة كم؟ بليلة سوداء زالوا بعد ما انتهى دورهم الذين وضعوهم رموهم بالزبالة بعد ما انتهوا منهم وجاءوا بحزب البعث وكما تعلم دمر تدميراً كاملاً عاصمتين عظيمتين حكمتا العالم بالتتالي دمشق حكمت العالم حوالي 300 سنة وبعدها بغداد حكمت العالم حوالي 400 سنة الآن مسخوا هاتين جيء بحزب البعث بالذات واحد مسيحي ما تعرف من أين لكي ينهي هاتين العاصمتين اللتان هما رمز من رموز هذه الأمة انتهينا بعد ذلك جاءت هذه الفترة التي نحن فيها فيها طوائف شيعي وسلفي وكذا والآن هم كلهم في النهاية في النهايات لماذا؟ لأن الله سبحانه وتعالى على لسان النبي صلى الله عليه وسلم قال (ثم يعود خلافة على هدي النبوة) يعني كيف؟
أولاً خلافة النبي صلى الله عليه وسلم ليست دولة إسلامية هل أن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانت تسمى الدولة الإسلامية؟ الجمهورية الإسلامية؟ لا، فقد كانت دولة فيها اليهودي والمسيحي وكل الناس عايشين على قدم المساواة لا فرق بين المسلمين وغيرهم بالعكس لهم حق ونص وإضافة إلى هذا لهم حق المواطنة وحق الذمة. أما ترى أن هذا الذي يجري الآن هو إعداد الساحة لكي يقوم هذا النظام الذي وعدنا به رسول الله خلافة على هدي النبوة الناس في حرية ويسافر ويروح ولا فرق بين إنسان ولا إنسان لا على دين ولا على طائفة والله المسيحي واليهودي والمسلم أمام الحق والقضاء والدولة واحد والناس متعايشون كما وعينا هذا نحن في الثلاثينات وعينا هذا في كل العالم الإسلامي. هل كان يخطر في بالك أن هذه العناوين الجبارة التي حكمت الأرض العربية والإسلامية في كل العالم الإسلامي الحزب الشيوعي حكم كيف يزول بهذه السهولة؟ نعم، بثمن ناس أعدمت وناس شردت وناس قتلت وانقلبت ممالك وانقلبت دول والآن كما ترى في سوريا هذه الإبادة وغير سوريا، ماذا وراء هذا؟ لم يعد وراءها إلا أن تعود الأمة كما كانت طيلة عمرها أمة خلافة يعني لا فرق بين أنت جارك يهودي ومسيحي وشيعي وسني والخ والكل يقول لا إلا الله وكل واحد حر في نفسه ما لم تصطدم أنت بالنظام العام ولم تقتل أحد وتتعدى على أحد يعني دولة مدنية كما كانت هي دولة محمد صلى الله عليه وسلم وآله وسلم. ولهذا تأييداً لكلامك أنه عودة إلى هذا الوعد التي وعدت به الأمة أن تعود إلى صالحيها. ولهذا المخلِّص الذي هو نظام عالمي دائماً رب العالمين يبعث المخلص والذي نحن نقول عنه المهدي المنتظر، أياً كان طريقة مجيئه المهدي المنتظر جاء للمسلمين مائة مرة، كم مرة جاء واحد أصلح الأمة؟ (إن الله يبعث على رأس كل مائة ……) لو تقرأ العالم قبل صلاح الدين الأيوبي لو تقرأ العالم قبل الحسن البصري لو تقرأ العالم قبل فلان الفلاني وفعلاً واحد أصلح الأمة وواحد أضلّ أمة. من أجل هذا كما تفضلت هذه الأمة لا تحسب بالزمن يعني واحد يعمل عملاً يعني مثلاً على حكايتك (يوم من سلطان عادل خير من عبادة ستين سنة) أي زمن إذاً وأي قرن وأي مائة قرن؟! كم يوم عاش الرجل؟ عاش عشرين ثلاثين سنة بالحكم؟ احسب كل يوم عن مائة سنة
الدكتور نجيب: بشر الحافي وهو من كبار الزهاد وشيخهم والإمام أحمد كان يوصي الناس بإتباعه يعاتب الإمام أحمد يقول له لماذا تزوجت وشغلت نفسك بشؤون العيال عن الانقطاع والتبتل للعبادة؟ فقال أحمد رحمه الله (إن سعيي لرغيف واحد أطعم به ابنتي خير من عبادتك سرداً كاملاً)
الدكتور الكبيسي: وهذا حديث (إن من الذنوب ذنوباً لا يغفرها إلا الهم للعيال) ابني مريض، رسب ابني في المدرسة ، الخ هذا جهاد عظيم الجهاد الأكبر ولذلك هذا من ضمن معاناة المسلم من أجل هذا هذه الأمة بخير،
الدكتور نجيب: تتذكر في برنامجنا “كتب قيمة” ذكرت قصة مهمة جداً ما نسيتها أن الإمام عبدالله بن المبارك وبعض أصحابه كانوا يحرسون ثغور المسلمين على مقربة بلاد الروم رهبان بالليل فرسان في النهار فأحدهم غرته نفسه قليلاً فقال للإمام عبدالله بن المبارك (هل في أحد أعبد عنا؟) فتعجب المبارك من هذا السؤال وقال (تلك الأم التي تسمع أنين ابنتها في جوف الليل فتلفظ عن نفسها دفء الدثور وتقوم وتلحف ابنتها ذلك …) أعمال صغيرة هي في الظاهر لكنها عند الله تعالى عظيمة
الدكتور الكبيسي: تأمل أن هذه الأم عندما ترضع طفلها بالليل ما ينام فتأخذه وترضعه وأحياناً يخفق رأسها من النوم فكل خفقة بحجة كأنها تحج. وتأييداً لكلامك وهذه الملاحظة الذكية فعلاً هذه الأمة تخترق الزمن ولهذا يوم القيامة وكما تفضلت ليلة القدر تعطيك أجر 84 سنة
الدكتور نجيب: والإسراء والمعراج خرق للزمان والمكان والكون كله كل نواميس الدنيا يعني معجزات الأنبياء ما خرقت إلا حدود أرضية محدودة هذه المعجزة وصحيح أن النبي محمد معجزته القرآن لكن هذه المعجزة الحسية وغير الحسية للنبي خرقت كل شيء يعني لم يبقَ شيء لم يخرق
الدكتور الكبيسي: ولهذا شيخي كما قال المصطفى عليه الصلاة والسلام (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى) ولذلك الذي يأبى هم القتلة والظلمة وتاركي الصلاة مع الأسف الشديد والذي يبغض مسلماً. يعني هذه البغضاء التي شاعت الآن البغضاء هي الأساس أنت في المسجد لا أحد يسلم عليك هذا مذهبه لا أدري ماذا وهذا لا أدري ماذا وهذا كذا وهؤلاء أشاعوا البغضاء في العالم الإسلامي كأنه عقيدة بل هو عقيدة أن تبغض الجميع وتقتل الجميع! هذا بدأ يزول وتعود الأمة إلى نقائها وعادت اقرأ التاريخ شيخي ما تعود الأمة إلى الصلاح إلا على قمة الفساد لما الآن بلغت الأمة في بغضائها وضعفها وتقهقرها وقد انتهت كل العناوين لم يبق إلا عنوان أنت مسلم فقط ولتكن من تكون قومياً ولا فكرياً ولا مذهبياً أنت حر. هذا القادم إن شاء الله وهو بداية نهضة الأمة ولهذا سيدنا المهدي لما يعود يأتي على أمة مستعدة لاستقباله وطاعته ولهذا يملأ الأرض عدلاً بعد أن مُلئت جوراً كما قال الحديث الصحيح في هذا
الدكتور نجيب: ما تفضلت شيخي به بداية حديثنا وموضعنا الرئيسي حول نواميس الكون قول الله سبحانه وتعالى (الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) الروم) بعد أن هُزمت فارس وهزم الروم ثم هزمت المجوس فارس بعد أن هزمت الروم أصبحت فارس هي الدولة المنفردة بقوتها ولم تكن هناك دولة أخرى تضاهيها وكما تفضلت هذا مخل للناموس فلا تنفرد دولة واحدة بالقوة فطمأن الله تعالى المسلمين وكانوا مستضعفون كما هم الآن وكانت الروم فيها شيء من القوة ولم يكن أحد حتى الروم يصدقون أنهم باستطاعتهم أن يهزموا الفرس مرة ثانية وقد أبيدوا إبادة قوية ولكن شيئاً ما نفث في روع هرقل من اللامعقول وقام بحرب فارس المجوسية في ذلك الوقت وغُلبت فارس لاختلال ذلك النظام لم يكن لينفرد. فهذا الانفراد في القوة مخالف لنواميس الكون وما يجري اليوم هو نفسه تعيده الأيام وهذا يؤيد كلامك أن كل ألف سنة وما يقارب ذلك لا بد أن تتغير الأمور فالأحداث الكبرى في التاريخ كلها إما بعد مائة سنة أو 500 أو 700 سنة والأكبر منها بعد ألف سنة
الدكتور الكبيسي: الدنيا كلها تتغير، ومرت في عدة مراحل، يعني الدولة الإسلامية صح صارت ألف سنة لكن مراحل يعني مرحلة راشدين مرحلة بني أمية ومرحلة بنو العباس مرحلة العثمانية. ولهذا يوم القيامة نكتشف أن هذه الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة لأن ملك الله يومئذٍ عظيم عندما سوف ترى ماذا يعطى المؤمن في الجنة فعلاً هذا نظام الجنة ليس هناك عبد يستحقه لتفاهته. آخر واحد يخرج من النار يملك ملكاً بقدر الدنيا عشر مرات
د. نجيب: ولكن كما قال تعالى (تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20) القيامة)
د. الكبيسي: إن الله يعمر هذه الدنيا بقلة عقول أهلها! يعني واحد مثل هذا الأسد يذبح في العالم يعني أنت سوف تموت سوف تموت يعني كم باقي لك!! يذبح في العالم كأنه مخلد في الأرض وكل الناس الذين ظلموا وقتلوا وهم على فراش الموت يعني واحد فوق الـثمانين والتسعين وهو يعدم ويقتل على ماذا؟ ولكن لكي تعمر الدنيا (إن الله يعمر هذه الدنيا بقلة عقول أهلها) ولو أن كل واحد فكر مثل عمر بن عبدالعزيز ما صارت هذه الدنيا العظيمة التي وصلنا بها للقمر. إذاً هذا من صنع الله ولهذا من عوفي فليحمد الله (قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) الحجرات)
الدكتور نجيب: وأصل هذا الأمر يعود إلى ذلك الصراع الدائم الباقي بين الحق والباطل الذي بدأ مع بداية البشرية في اليوم الأول
الدكتور الكبيسي: مع من صنعهم الله بيديه لأن هذا نظام رب العالمين هذا قدره. إذاً هكذا هو أمر الدنيا وعلينا أن نفهم ما يجري حولنا بهذا السمت القرآني وهذا النور الإلهي حتى لا نأكل بأنفسنا ونقول إنا لله وإنا إليه راجعون وحاول أن تجتنب أولاً إياك أن تترك الصلاة لأن هذه هي البطاقة التي تدخل بها الجنة. اثنين إياك أن تقتل لأن هذه هي وصمة العار التي تتبرأ منك ملائكة الخير يوم القيامة. ثلاثة حاول أن تدفع الناس وأن تصلح بين اثنين وأن تصلي ركعتين وأن تصوم وتقوم ليلة القدر وهكذا هذه التي رب العالمين أكرمنا بها وأنتم على خير بهذا الذي يجري إن شاء الله،
الدكتور نجيب: يقول برنارد لويس المستشرق الإنجليزي الشهير الذي يقيم في أمريكا الآن يقول تتبعت التاريخ الإسلامي فرأيت أنه ما من نكسة أو نكبة أصابتهم إلا وتلته بعد ذلك حركة ونهضة تجديدية قوية يعودون إلى أصل دينهم ويقيمون حضارة جديدة ويقول أن هذا الأمر قد أوشك الآن وظهرت أماراتها لنهضة إسلامية جديدة لكن لا ندري من أين تشرق شمسها
الدكتور الكبيسي: هذا الكلام كنت أفكر فيه قبل يومين جميع النهضات الإسلامية العظمى سبقتها هذه المصائب التي نحن فيها الآن وبإذن الله نحن على أعتاب نهضة هائلة
الدكتور نجيب: وأكبر نهضة إسلامية وما زلنا نحن نقتات من ثمارها هي تلك النهضة التي حصلت بعد غزو المغول لبغداد والأيام تعيد نفسها وهي دورة الزمن. باسمكم جميعاً أتقدم بالشكر الجزيل لشيخنا العلامة الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله ورعاه آملين من الله سبحانه وتعالى أن يفتح عليه شآبيب رحمته وآفاق هدايته ليواصل المسير في هذا البرنامج وبقية المواضيع القرآنية التي نترقب منه المزيد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بُثّت الحلقة بتاريخ 4/1/2013م وقامت الأخت نوال من السعودية بطباعتها جزاها الله خيراً وتم تنقيحها