وأُخر متشابهات

وأُخر متشابهات – الحلقة 180

اسلاميات

الحلقة 180

سورة الأحزاب

د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. نعود إلى شيخنا الجليل الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله وعلى عادته سوف يستعرض آيات قرآنية في كتاب الله تعالى ملتمساً ما ورد من أمثالها واشباهها من هذه الآيات في مواطن أخرى من سور قرآنية مختلفة ليبين ما بينها من موافقات ومخالفات.

د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. وصلنا إلى سورة الأحزاب وفي الآية الثامنة من هذه السورة المباركة (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (7) لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (8) الأحزاب) في الآية 24 (لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (24) الأحزاب) لماذا هناك ليسأل وهنا ليجزي؟ أولاً رب العالمين وإذ أخذ من النبيين ميثاقهم قال إذا جاءكم محمد بن عبدالله آخر الأنبياء أن تؤمنوا به (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81) آل عمران) هذا الميثاق الذي أخذه الله على كل النبيين وكل النبيين أدوا الميثاق وبلغوا شعوبهم ولكن كل الأمم معظمها أنكر هذا أنكر هذا الميثاق وهذا ميثاق النبيين كلهم أدوا هذا (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6) الصف) وهذه الآية موجودة في بعض الأناجيل هذا ميثاق النبيين ومنك أنت الوحيد قلنا لك يجب أن تؤمن بكل الأنبياء لا نفرق بين أحد من رسله (قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) آل عمران) وقد وفّى النبي بهذا الميثاق وما من أمة سمعت كلام نبيها كما سمع المسلمون كلام نبيهم في هذا الميثاق. معظم الأمم لم تفِ بالمواثيق التي أخذها عليهم أنبياؤهم وهؤلاء المسلمون الآن يُنكَرون من كل الناس من كل الشعوب إلا أفراد قلائل والمسلمون جميعهم ليس بينهم ولا استثناء ولا فرد واحد يقول أنا لا أؤمن بموسى ولا عيسى ولا إبراهيم أبداً ولا فرد واحد ولن يكون لماذ؟ لأنه لو فعل هذا خرج من الإسلام نفسه. إذاً هذه المواثيق ومن نوح قال لو تعيش ألف سنة ستتعذب وعليك أن تصبر (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9) نوح) ما في فائدة! إذاً الكل أدّى الميثاق إلا أنبياء الأمم إلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم هي الأمة الوحيدة التي حافظت على هذا الميثاق بالشعرة ولا تجد استثناء واحداً. خذ هذه الأمة من ألفها إلى يائها هل تعترف بموسى؟ هل تحب موسى وعيسى؟ هل تقدسهم؟ هل تسمي أبناءهم موسى وعيسى وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب؟ نعم، هذه المواثيق. في البداية قال (لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ) لماذا (ليسأل)؟ لأن هذا الصدق هو لب هذا الدين إذا صدقت بعبادة واحدة تساوي عبادتك كلها منذ أن ولدتك أمك وإلى أن تموت ولهذا العابدون عباد الله كلهم في كل الأديان عباد الله جميعاً يتفاوتون في الصدق تفاوتاً خيالياً فرق بين واحد يأخذ خمسين بالمائة بدرجة مقبول لكنه ناجح وبين واحد يأخذ امتياز بالمائة مائة. المسلمون في هذا الباب بالمائة مائة وبقية الأمم تتفاوت هنالك ناس قالوا ما معقول محمد ليس نبياً يمكن هو نبي وهناك ناس قالوا لا وصنعوا أفلام وتشبيهات قليلة الأدب الخ، هذا (لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ). نحن كلنا نصلي صف أنت انظر نفسك صليت خمس أوقات في المسجد أسبوع، اِحسب صلاتك هل هناك صلاة مثل صلاة من حيث متانة صدقها مع الله؟ الجواب لا. والله العظيم يمكن كل عشر صلوات يمكن تحصل واحدة فيها فلنقل خمسين ستين بالمائة صدق، يعني وقار والخشوع والاستحضار وأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، هذا الصدق في العبادة. فرب العالمين يقول لك كم نسبة الصدق في صلاتك؟ هنا تسكب العبرات وهنا يتفاوت الناس يوم القيامة، نحن كلنا نصلي لكن هناك صلاة عن صلاة (رُبّ مصلي ليس له من صلاته إلا القيام والقعود)

د. نجيب: وكذلك بقية العبادات الصيام والعمرة والحج والزكاة والصدقة وكل شيء

د. الكبيسي: كل عبادة يتفاوت فيها الناس من حيث الدرجات. هذا الفرق بين ليسأل الصادقين عن صدقهم هذا في الحساب في العرض ثم لما يعطي الله تعالى كل واحد نسبة الصدق التي فيه أين يذهبون؟ حيث استلام الجزاء، هناك (لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ) والصادقون هم أصحاب الدرجات العليا التي هي الفردوس الأعلى في مقصورة الرحمن. ولو رأيتم التفاوت يوم القيامة لرأيت عجباً تفاوت هائل ولكل درجات مما عملوا.

د. نجيب: ليس جزاء وفاقاً وإنما جزاء من ربك عطاء حساباً

د. الكبيسي: لو أنت ابن آدم أنت قابيل أو هابيل وسجدت منذ أن جاءك أبوك إلى أن تقوم الساعة ما وفّيت الله نعمة! إذاً هي كله من عطاء الله، ولهذا رب العالمين سبحانه وتعالى يدخلون الجنة بفضله وليس بعملهم. ولهذا شيخ هذا مطمئن لأنه من فضله ما دامت في رحمة الله فرحمة الله تسع كل شيء ونحن أشياء سيدنا عمر بن عبدالعزيز قال (اللهم أني شيء فلتسعني رحمتك) لاحظ وسعت كل شيء.

هذا هو الموضوع الأول إذاً فهمنا الفرق بين يسأل وبين ليجزي هكذا طبعاً الكلام فيه طويل لكن نحن أردنا أن نبين متى يسأل ومتى يجزي. ولاحظ ما قال ليأجر بل قال ليجزي. ليجزي الصادقين الجزاء عادة يكون عندما تريد أن تعطي واحداً بلا حساب أما الأجر بالمقابل فلذلك قال ليجزي

د. نجيب: كما قال (قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77) الكهف)

د. الكبيسي: فتح الله عليك. هذه فيها بشارة أن رب العالمين الصادقين لا يعطيهم على قدر عملهم بل مضاعف والمضاعفات تكون أحياناً سبعين ألف! هذا الموضوع الأول الفرق بين ليسأل الصادقين عن صدقهم وبين ليجزي الصادقين بصدقهم ولهذا الصادق يوم القيامة، الله!! وبشر الصادقين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) التوبة) ابحث لك عن واحد اثنين من الصادقين ولازمهم فلا بد أن تتعلم منهم ويسحبونك ببركة صدقهم إليهم هذا الموضوع الأول.

سورة سبأ

انتهينا من سورة الأحزاب وننتقل إلى سورة سبأ في الآية 5 (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآَخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5) سبأ) سعوا في آياتنا معاجزين كيف؟ في أمم سابقة فيهم جماعات كل همه أن يفند الكتاب المنزل ويكذب النبي الذي جاء إليهم هذا كله همه وحصر حياته كيف يفند هذا؟ وهذا كان سابقاً في كل أمة منذ أن جاء سيدنا يونس إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق كلهم في واحد يمشي وراءه لكن يكذبه. كل عمله أنه سعى في الماضي سعى في آيات الله معاجزين لكي يعجز أتباعه أنت من يقول لك هذا كلامه صحيح؟ أنما هو بشر يعلمه بشر والخ وهذه هي حياتنا الدنيا نموت ونحيا والقرآن مليء بالحجج التافهة التي يقولها هؤلاء المعاجزين الذين يظهرون عجز النبي وأنك أنت غلطان ونحن على صواب وقد يقنعون بعض أتباعه ويرتدون وهذا حصل إلى يومنا هذا كما في الحديث (لا تقوم الساعة حتى يخرج الناس من هذا الدين أفواجاً كما دخلوا فيه أفواجاً). في هذا الزمان الذي نحن فيه هذه السنوات طلعت ناس بالملايين من الإسلام وهم لا يدرون، كل من يكفر بالله كل من صار شيوعياً كل من قتل مسلماً كل من يفرح بقتل مسلم كل واحد يقوم في الإسلام بشكل طائفي معادي للآخرين كل من يبغض الآخر وكل الأحزاب الآن طائفية الشيعة ضد السنة والسنة ضد الشيعة، والآن أنت في المسجد تصلي لا أحد يسلم على واحد لأن كل واحد من جماعة كل هؤلاء سعوا في آياتنا من حيث أنهم خرجوا من الدين لا يغرك الصلاة والصوم (رب مصلي ليس له من صلاته إلا القيام والقعود) لماذا؟ أنت إذا أبغضت مسلماًبدون وجه حق فأنت لا تدخل الجنة يقول الله تعالى (دعوهما حتى يصطلحا) المتخاصمان لا يدخلان الجنة، والآن الخصومة صارت ديناً يعني أنت لكي تكون متديناً جداً يجب أن تكره كل المسلمين أو تكفِّر كل المسلمين وهذا الذي يحصل وهذا ما ترونه وكل من فعل فهو خرج من الدين وكل من رضي خرج من الدين وكل من فرح بذلك خرج من الدين (لو أعان أحدكم على قتل مسلم ولو بشق كلمة) يعني لما قتلوا فلان قلت “أي والله يستاهل” بهذه الكلمة أنت لا تدخل الجنة (لا تقوم الساعة حتى يخرج الناس من هذا الدين أفواجاً) هذا الذي في سوريا أو في العراق أو في الصومال أو في اليمن هذا مسلمين؟! كلها ما شاء الله أفواجاً الناس يخرجون من هذا الدين أفواجاً، الكل يبغض الكل والكل يقتل والكل يتهم الكل والكل يقاطع الكل ويصارم الكل (وأخوان متصارمان) لا يقبل لهما لا عمل ولا دعاء ولا حج ولا عمرة كقاطع الرحم. والفرق بين يسعون وسعى أن سعى راحوا رب العالمين يخبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن الذين سعوا في آياتنا معاجزين ولكنهم راحوا في زمن موسى وعيسى قال لهم هؤلاء يسعون معك إلى يوم القيامة فيهم ناس مستمرين (فعل مضارع) إلى يوم القيامة هناك ناس يسعون في إخراج الناس من هذا الدين. خذ النبي صلى الله عليه وسلم في زمن عثمان رضي الله تعالى عنه طلعوا الخوارج يقتلون الكل ويكفرون الكل ويسفهون الكل وإلى قرن قرنين وجاء وراءهم جماعات مثلهم مذهبهم القتل والتكفير والذبح إلى هذا اليوم وأنت ترون الذي يجري (حتى يخرج الناس من هذا الدين أفواجاً) (لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم الهرج القتل القتل القتل) تسمعون وترون وصدق رسول الله وقولوا اللهم صلى على محمد وآل محمد الصادق المصدوق والرسول صلى الله عليه وسلم كان يرى كل هذه المشاهد يرى بالأسماء والأفعال رأها كلها كما في الحديث (لقد أراه الله ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة) فكان صلى الله عليه وسلم يرى ويصف لنا سيحصل كذا وسيحصل كذا نساء كأسنمة البخت وهذا حامل سيفه على الثاني وهذا مقصر ثوبه وهذا يطيل لحيته وهكذا هذه يسعون

د. نجيب: نسأل الله أن ينجينا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، سنعود إلى شيخنا بعد الفاصل.

——–فاصل———–

سورة فاطر

د. الكبيسي: الآية الثالثة في سورة فاطر تتذكرون في فاطر عندما كنا في الأنعام فرقنا بين جعلناهم خلفاء الأرض وبين جعلناهم خلفاء في الأرض ولن نعيدها لأننا ذكرناها لما كنا في الأنعام. آيتنا الآن في فاطر (قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا (40) فاطر) يا أخي أنت لما تعبد غير الله شركاؤك هؤلاء الصنم وفلان وعلان وكل واحد يعبد له واحد هؤلاء أنت انظر إليهم ماذا خلقوا؟!! انظر إلى كل المخلوقات هل هذا الذي تعبده سواء كان صنماً أو إنساناً أو مبدأ الخ هل خلق لك شيئاً؟! هل أوجد من العدم شيئاً؟! الجواب لا، وهذا في أرضك ما خلقوا شيء طيب هذه الآيات العظيمة التي في السموات هل لهم فيها واحدة شاركوا الله فيها؟ الجواب لا لأنها كلها ملك الله سبحانه وتعالى. هل أخبرك هذا الشيوعي والخوارجي والخ والدنيا مليئة إلى هذا اليوم وأسماء تعرفونها هل أخبروك بأن الله نزّل عليهم كتاب خاص أو جاءهم نبي خاص؟ يقول لك لا. إذاً اعتبر هذا أنت الآن ائتيني بكتاب لماذا أنت صرت شيوعياً؟ لماذا أنت صرت تقتل الناس؟ لماذا تكفر الناس؟ من أين لك هذا الكلام؟ أعطيني كتاب من الكتاب الحديث من القرآن من التوراة من الإنجيل إذاً الفرق بين هؤلاء تعبدهم أنت أعطيناهم نحن كتاب؟ الجواب لا أخبروك أن الله نزل عليه كتاب؟ يقول لك لا، إذن أنت الأفندي هل عندك كتاب يخبرنا أنك أنت على صواب؟ يقولك لا إذاً على ماذا؟ إذاً ما هو إلا مكر الله عز وجل. وفي الأحقاف يقول نفس الآية (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4) الأحقاف) هذه في الأحقاف يقول (اِئْتُونِي بِكِتَابٍ) وفي فاطر (أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا) فرق بين آتيناهم كتاب حجة عليهم أنهم كذابين وبين (اِئْتُونِي بِكِتَابٍ) أنت الذي اتبعته واحد حمار وغبي وتافه كالحيوان كالأنعام بل أنت أضل من الأنعام لأن الأنعام تفهم قليلاً تعرف أين تأكل وتشرب تعمل بالغريزة وأنت لا غريزة ولا عقل، هذا الفرق بين (أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا) وبين (اِئْتُونِي بِكِتَابٍ)هذا الفرق بين هذا وهذا على وجه السرعة.

د. نجيب: وهذا قائم إلى يوم القيامة ذاك في السابق وهذا في اللاحق.

د. الكبيسي: وكما تكلمنا في الحلقة السابقة هذا الذي يجري من قواعد هذا الكون. كل الذي جرى في الكون هي نسخة آدم وحواء في المعصية وقابيل وهابيل في الصراع وأوله الحسد.

د. نجيب: وما وقع القتل والهرج إلا بسبب الحسد وما وقع ما بين سيدنا آدم وإبليس إلا بالحسد. نسأل الله العافية

سورة يس

د. الكبيسي: ننتقل من فاطر إلى سورة يس (قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15) يس) وفي سورة الملك (إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) الملك) هناك (وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ) وهنا (مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ). لو تحدثنا في الأسماء الحسنى ووجدت أن لكل اسم فلسفة عجيبة تسع وتسعين اسم تشتمل على نواميس الكون كلها. كل اسم من أسماء الله الحسنى يثير ثورة هائلة من ثورات الحياة بالمصائب بالأفراح بالأتراح بالتقوى بالصلاح بالفسق بالفجور بالتوبة بالعلاقات بين الناس بالظالم والعادل كل اسم من أسمائها له تأثيره وقد رأينا في حياتنا نحن ورأينا بأعيننا أناس اتخذوا الأسماء الحسنى وِرداً ويبدو من التجارب أن لكل عبد من عباد الله المؤمنين اسماً من أسماء الله الحسنى مفصّل عليه يناسبه وإذا داوم عليه سيفتح الله عليه خوارق خيالية أعرف واحداً ولا يزال قد يكون يسمعني الآن ويجب أن يحصيها. والإحصاء أن تعرف معناها وفلسفتها يعني علم كامل إذا أحصاها ما تقول الرحمن فرق الرحمن الرحيم غافر غفور غفار لماذا هنا ولماذا هنا إذا أدركت فلسفة الأسماء الحسنى ثم عودت نفسك، هذا الرجل الذي احكي لكم عليه هو بيته صغير وعنده عائلة كبيرة والعراق بلد باردة شتاء برد قارص هذا الرجل تولع بالأسماء الحسنى إذا نام العيال بعد العشاء يطلع بالليل ويلبس هذه الفروة طيلة الليل يلهج بأحد الأسماء يقول يا ودود يا ودود إلى الصباح، ثاني يوم يا غفار يا غفار إلى الصباح، مائة اسم يلهج بها لساناً وجناناً متفرغاً لله بشكل عجيب وكل يوم يردد اسمه وإذا به بأحد الأسماء يفتح الله عليه. يقول على غفلة رأيت فتح أمامي باب لونه أصفر ضوء أصفر وخفت قليلاً وتركت في اليوم الثاني الثالث تجرأت وإذا الباب ينفتح تماماً. وصل إلى هذا وأنا أصدقه بالمائة مائة لأني أنا جربته بمسألة تدل على أنه صادق وصل إلى أنه يرى النبي عليه الصلاة والسلام يقظة ببركة هذا الاسم الذي فتح الله عليه بهذا الاسم. ولذلك أهل الله عز وجل كل واحد يظل يردد اسماً أسبوع مثلاً يا غفور يا ديان يا ودود كل واحد أسبوع في أحد المرات سيفتح عليه وسيحس بشيء على حين غرة يرى شيئاً خارقاً أمامه يعرف أن هذا هو الاسم الذي يناسبه فيتمسك فيه ولذلك رب العالمين يقول (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110) الإسراء) (فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28) قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آَمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (29) الملك) من أجل هذا أنت لما تقول الله تتعلق بالإيمان أنك أنت ما عندك إيمان قل الله وهذه الرحمن والرحيم لمؤمن أنت لما تؤمن بالله أنت موحد الله خالق كل شيء فأنت موحد بأن الله وحده وبالتالي تبحث عن ما ترجوه من الله الرحمن الرحيم الرزاق الكريم أو ما تشاء من الأسماء، فإذا واظبت على أن تكون الأسماء الحسنى وردك لكن ليس وأنت ماشي كما نفعل نحن وأنت ماشي وأنت قاعد وأنت تشاهد التلفزيون، لا، بل كعبادة تتفرغ تختلي مكان ما فيه أحد يشغلك وكما تفضلت قلبك مع الله عز وجل وتكرر أسبوع أسبوعين شهر شهرين قد يكون سنة تكرر هذا الاسم سيفتح الله عليك على أن تكون شجاعاً فأنا أعرف اثنين فقدوا عقولهم وواحد ضابط وضابط كبير فقد عقله تتبعناه هذا الرجل دخل في هذا المدخل مع أنه ضابط مفروض يكون شجاعاً لكن شيخي هي ما هي سهلة فلما كان يصلي الليل تهجد في هذه الحالة وهو يذكر رب العالمين فلما كبر وقال الله أكبر وإذا الكعبة أمامه، الكعبة تماماً متجسدة أمامه ففقد عقله. وواحد آخر لشدة ولعه بالله عنده السرير هذا كان يربط قدميه به معلّقاً حتى لا ينام ويذكر الله عز وجل ورأى من هذا المنظر ففقد عقله وإلى الآن هو موجود حي فأنت إذا لم تكن واثقاً من نفسك لا تدخل في هذا الباب لأني أعرف واحد فعلاً بدأ من شوقه لكن لاحت له هالات انسحب وترك قال لك يا روح ما بعدك روح! ولهذا النبي وهو رسول الله كيف كان لما جاءه الوحي؟ يرجف فؤاده وهو رسول الله الذي أقام كل هذه الأمة.

د. نجيب: وسيدنا موسى

د. الكبيسي: ولى هارباً ولم يعقب وهو من أولي العزم! هذا باب خطير ولهذا لا أنصح أحداً أن يدخل فيه. إذاً هذا الفرق بين قل الله قل الرحمن إذاً تعرف أن الله سبحانه وتعالى على أنك موحد إذا أردت أن تثبت أنك موحد قل (مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ) هذا مشرك أصلي ولكن إذا قال (وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ) هو ما أنزل رحمته علينا لكن هو موجود ليس مثل (مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ) الذي هو إعلان عن الشرك بالكامل بصراحة. فيما عدا هذا أنت خذ الاسم الذي تحتاجه، واحد عنده ابن مريض وواحد يريد فلوس واحد خائف واحد غريب كل حالة لها اسم معين وكل إنسان مركب عليه اسم لكن ما يعرفه يجب أن يجربها كلها إلى أن يفتح الله عليه فتحاً يعني رأساً باللحظة وهذه شيخي مجربة ولكنها تحتاج إلى جَلَد وإلى مداومة وعلم وكما تفضلت أنت لما تذكر الاسم يجب أن يبقى عقلك مستحضر بالله كأنك أمامه (اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فأنه يراك) هكذا وهذه نادرة. هذا هو الفرق (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28) قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آَمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (29) الملك) هذه مناسبة فمن الذي يجيرنا؟

الدكتور نجيب: العجيب شيخي أنه في مواطن الشدة والخوف والخشية بدل أن ترد من أسماء الله تعالى المنتقم الجبار فإذا بها الرحمن

الدكتور الكبيسي: الله! (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ (156) الأعراف). (مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ق) التذلل عبادة عظيمة ولهذا أنت عليك أن تتذلل إلى الله عز وجل بأحب الأسماء إليه بهذا قل يا رحمن هل ستقول يا منتقم؟ طبعاً لا هكذا.

د. نجيب: إذا خيف منه فُرّ إليه سبحانه

سورة الصافات

د. الكبيسي: ننتقل إلى الصافات آية 16 (وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (15) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (16) الصافات) في نفس السورة آية 53 (أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ (53) الصافات) لماذا هناك (أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) وهنا (أَئِنَّا لَمَدِينُونَ) في نفس السورة؟ الآية 16 (أئنا لمبعوثون) هذه الدنيا نحن الآن في هذه الدنيا عباد الله منا من يؤمن بالله وبالآخرة ومنا من لا يؤمن في ناس كثيرين لا يؤمنون بالله، في هذه الحالة أنت لما تكون ملحداً تقول نحن لما نصير تراب الله يبعثنا مرة ثانية؟؟!! هذا سؤال يرد على بال الملحدين ونعوذ بالله وما أكثرهم في كل العصور! فحينئذٍ أنت إذا قلت (وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (47) أَوَآَبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (48) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآَخِرِينَ (49) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (50) الواقعة) إذاً هذا السؤال ما يتناقض مع (أَئِنَّا لَمَدِينُونَ) (أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) في الدنيا وأنت هنا ما تصدق (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (24) الجاثية) ما في خلاص هذا يقول (أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ). الثانية لا، ففي الثانية قامت القيامة (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا (71) الزمر) (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا (73) الزمر) وأهل الجنة جالسين على سرر متقابلين.

——-فاصل————

د. الكبيسي: نعود للآيات في سورة الصافات (وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (15) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (16) الصافات) رجل ملحد لا يؤمن بالبعث. الثانية (أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ (53) الصافات) بعد أن نموت ويذهب أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار. وأهل الجنة طبعاً كما في كتاب الله عز وجل من النعم العظيمة يوم القيامة المجالس يا الله! كما هي في الدنيا ففي الدنيا من متع الناس رجال ونساء المجالس يجتمعون سبعة ثمانية عشرة خمسة عشر أصدقاء أقارب نساء رجال كل واحد مع أصدقائه أو صديقاتها يتكلمون يعني الواحد يقعد سبع ثمان ساعات والله ما يحس بها (على سرر متقابلين) حتى في الدنيا إذا كان مجلس محترم ما تمل منه فكيف الآخرة؟! (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) الصافات) سؤال وجواب. نأتي على (مدينون) (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ (53) الصافات) نحاسب؟ وناس جنة وناس نار؟؟ هل هناك جنة ونار أصلاً؟ فواحد في الجنة يقول يا جماعة (قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) الصافات) يعني أنت لما يكون عندك دعوة وخليت الطعام هناك والناس جالسين تقول لهم هل تتفضلون؟ هذه معناها تفضلوا. فهذا نفس الأدب فهم في الجنة في مجلس ويوم القيامة هناك نافذة بين الجنة والنار الكل يرى الكل. هناك طريق أنت في مكة تطلع أنت من بيتك من كذا تدخل مكاناً معروفاً ترى كل من تريد في النار وهو أيضاً في النار يستطيع من مكان معين محدد كالكوة مثلاً أو من هذه الاختراعات التي نراها أشكال وألوان أنت ترى كل أهل الجنة فقال هل أنتم مطلعون تفضلوا لنرى هذا الرجل (قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (55) الصافات) يعني في الجحيم القوية المستوية قال (قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (56) وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57) الصافات) كنت ستضلني معك وتجعلني شيوعياً أو طائفياً أو خارجياً أو تجعلني أقتل فلان وفلان أو تجعلني عميل أخون بلدي الخ فالحمد لله رب العالمين (وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) الآن معك لكن ربي هو منّ عليّ ولا والله ليس فضلي أنا بل هو رب العالمين حماني منك والله يقول (قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) الحجرات) والله رب العالمين ما أخرجك من النار (وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) آل عمران) إلا وهو يريد أن ينجيكم ولا يؤثر عليكم  أحد وإلا لماذا هذا صار ملحداً وأنت ما صرت؟ لماذا هذا يقتل وأنت ما تقتل؟ لماذا هذا طائفي وأنت لست طائفياً؟ يعني أنت حاكم تقعد تذبح بشعبك آلاف الناس يموتون أنت ما عندك قلب؟ وعلى ماذا؟ وأنت الأخ الثاني تقتل وهكذا، قال والله الحمد لله الذي خلصني منك (وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) بالهداية والإرشاد وفقني وجعلني مع الصالحين وفقني بالعمل الصالح (قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ) هذه جلسة عظيمة. ثم هؤلاء نفس هذه الجماعة بعد ما رأوا هذا الذي في النار رجعوا إلى مجلسهم قالوا (أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60) الصافات) معقولة كل هذا الخير الذي نحن فيه لن نفارقه؟ لن نموت؟ هو مصدق مؤمن لكن يعني معقولة أبقى في هذا النعيم إلى ما شاء الله ولا أموت!!! (إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60) لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (61) الصافات) وانظر كيف انتهت السورة (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182) الصافات)

د. نجيب: وفي المقابل (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29) الفرقان) وما أكثرهم والعياذ بالله! وهؤلاء الذين زلقوا وجروا إلى مثل هذه المهالك ما ذلك إلا بصحبة السوء والخلة السيئة. ومكر الله ومكر الله لا يأتي إلا استحقاقاً

د. الكبيسي: هذا القلب إذا صفى قلبك رب العالمين يسخر لك ملكه كله كل الكون إذا قلبك فيه غل وحسد وكراهية وبغضاء وتهم ولسانك نعوذ بالله يتكلم في هذا وذاك ثق لو تصلي خمسة آلاف ركعة في اليوم لن تبلغ عند الله شعرة (ِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) الشعراء).

أخيراً في الآية 175 في الصافات (وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175) الصافات) ووراءها (وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (179) الصافات) لماذا هناك وأبصرهم وهنا وأبصر؟ هذه في الدنيا لما جاء الكفار في بدر وأُحد قال للنبي صلى الله عليه وسلم ستنتصر عليهم وسترى كيف يصير حالهم ففي بدر ستذبحهم ذبحاً وترميهم في البئر (وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) ماذا يفعل الله بهم هذا أين؟ هذا في الدنيا. أما الأخرى في الآخرة هذه (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (174) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175) الصافات) في الدنيا. أما الثانية هذه يوم القيامة وأحوالها بالتالي رب العالمين يتكلم ويقول حينئذٍ سوف تبصر من الخير ومن نعم الله عليك ومن نعم الله على المؤمنين به شيء عجباً الجزاء وهم الذين سيبصرون هذا الذي أعطاهم الله. هذا الفرق بين أبصر هؤلاء الكفرة ماذا يجري لهم يقتلون قتل الكلاب ويوم القيامة ستراهم في النار أما هؤلاء الذين أنت أبصرت الجنة تبصر واحد اثنين فلان وفلان جاءوا معك هنا سوف تبصر(وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20) الإنسان) ماذا سوف ترى أبصر ماذا ترى من النعيم يوم القيامة (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ (6) القلم) وحينئذٍ هذا أبصرهم في الدنيا وأبصر يوم القيامة.

هكذا هو الفرق بين كل كلمة وكلمة وبين كل آية وآية وهذا القرآن الذي لا تنقضي عجائبه

الدكتور نجيب: أعود شيخي إلى كلمة مررت عليها سريعاً وهي قضية المجالس إلى عهد قريب كانت الأحياء والمدن والشعوب معروفة بمجالسها ومئآنسها مجالس الأدباء والعلماء والذكر والشعراء ومجالس الأعيان تتعلم منهم علم وتجارب وتاريخ بلادك وأهلك كلنا رأينا هذا ونحن صغار وكان هذا يؤدي أيضاً إلى الترابط الاجتماعي والعلاقات وما في أحلى من المجالس ويتربون فيها الصغار والشباب تربية

الدكتور الكبيسي: كل نعمة تمل وتشبع منها إلا أن تلقى من تحب في المجلس مجلس فيه أربعة خمسة عشرة لكنهم ممتعين ما تمل أبداً ولهذا كما في رأيت في الجنة كلها مجالس. وهذه التلفزيونات فرقتنا ولم يعد أحداً يتكلممع أحد ومشاغل الحياة! ولقد كان في كل مكان فيه عشرة عشرين مجلس في المدينة الواحدة العلماء الأدباء المؤرخون يعني وجهاء القوم وترى فيهم أدباً وأخلاقاً وذوقاً وتسمع قصائد وتاريخ ونوادر وتتعلم الأدب كل واحد جالس في المكان الذي يليق به ولهذا كانت هذه الدواوين وهذه المجالس مدارس أما الآن المدارس نفسها لا خير فيها لا تعلم علماً والله ولا أدباً. وهذه مجالس الذكر كانت تغفر الذنوب جميعاً وأطفأها الآن على أساس أنها بدعة وحرموا الناس من أعظم الأبواب إلى الجنة (إنهم القوم لا يشقى جليسهم) حتى إذا مرّ بهم الخطّاء والله غفر لهم جميعاً قالوا يا ربنا فلان خطّاء قال (غفرت له من أجلهم إنهم القوم لا يشقى جليسهم) هذه أطفئت تماماً باعتبارها بدعة! يقتل الناس ليس بدعة يعمل مع المحتل ليس بدعة يبيد شعباً كاملاً ليس بدعة وبدعة أن تذكر الله عز وجل والتي نص عليها بالكتاب والسنة (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ (35)الأحزاب)!!

الدكتور نجيب: نتمنى ونرجو من الله أن تعود هذه المجالس التي تكاد تندثر

د. الكبيسي: ستعود لأن هذا الذي يجري كل هذه الأسماء والعناوين التي اخترعوها وأمليت علينا وأشبعت الناس بغضاء وقلقاً وفتناً انمحقت. سيعود الإسلام ذلك النقي البسيط دين الفطرة الجميل الممتع ويعود الناس يتعارفون ويتصافون ويقبل بعضهم على بعض وهذه الضغينة والعداء المفتعل سيزول إن شاء الله

الدكتور نجيب: إذا تتبعنا تاريخ كثير من هؤلاء العلماء العظماء الذين قضوا بحكم الظروف الفكرية في ذلك الوقت من اهتمام بالفلسفات وعلم الكلام وغيرها عندما يقترب أمرهم إلى الموت يتمنى كل واحد منهم أن يموت على الفطرة وكما تموت العجائز هذا هو الإمام العظيم الإمام الرازي رحمه الله وهو على فراش الموت يقول (نهاية إقدام العقول عقال وغاية سعي العالمين ضلال) ويتمنى أن يلقى الله تعالى بالفطرة السليمة البعيدة من هذه الأفكار الدخيلة علينا وللأسف الشديد الفكر الإسلامي المعاصر للأسف قد اختلط إما بفكر خارجي دخيل على ديننا أو بفكر غير إسلامي

الدكتور الكبيسي: هو السؤال شيخي هل يمكن أن لا يكون هذا؟؟ من تطور الكون هذا لا بد أن يكون فهذه من قوانينه (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) العنكبوت) فهذه الحياة حياة امتحان وما في امتحان أعجوبة، تجيب تأخذ درجة

الدكتور نجيب: لكن شيخي هناك تقصير في عرض الفكر الإسلامي الصحيح السليم اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً حتى يتناوله الناشئة الجدد ويقطفون ثمارها يانعة دانية القطوف بعيدة كيف يستطيع أن يميز؟

الدكتور الكبيسي: يا شيخي (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38) محمد) هذا ناموس الكون جيل بعد جيل فلكل جيل لونه وطعمه وهذا من قوانين هذا الكون إلى يوم القيامة

الدكتور نجيب: هذه مرحلة لا بد منها مرت بها الأمة الإسلامية من قبل ومن بعد ذلك كانت نهضة إسلامية والآن بإذن الله هي قادمة (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ (37) الأنفال) وقد بدأ الخبيث يتميز من الطيب جعلنا الله تعالى من الطيبين الطاهرين لأن الجنة طيبة لا يدخلها إلا طيب وطاهرة لا يدخلها إلا طاهر. باسمكم جميعاً أشكر شيخنا الجليل الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله على هذه الإفاضة الطيبة في الفروق بين الآيات القرآنية الدقيقة التي كنا نمر عليها مروراً سريعاً ونظن أنها متشابهة إلا أنه تبين أن الفرق بين الآيات فرق كبير والحمد لله. إلى اللقاء في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بُثّت الحلقة بتاريخ 18/1/2013م وقامت الأخت نوال من السعودية بطباعتها جزاها الله خيراً وتم تنقيحها.