الحلقة 183
سورة فصلت
د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. هانحن من جديد مع شيخنا الجليل الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله في روائعه وبدائعه القرآنية المتعلقة بتلك الآيات المتشابهات لفظاً والمختلفة معنى.
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. وصلنا إلى سورة فصلت الآية 20 منها تقول (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) فصلت) (حتى إذا ما) و(م)ا هذه تلفت النظر وتؤكد أهمية هذا المجيء مجيء غير اعتيادي جاء ملك رئيس دولة ذو سلطان واحد شاعر عظيم مدعو رسمياً فلما أقول إذا جاء فلان نادوا لي أو أحد أقاربنا لكن إذا قلت إذا ما جاء فلان هذا إنسان في غاية الأهمية المجيء له أهميته. وفصلت رب العالمين تحدث عن مجيء خيالي. قبل ما أتكلم عن فصلت الآية الأخرى في الزمر وفي الزمر يقول حتى على نفس الشيء كلاهما عن الذين سيدخلون جهنم في فصلت يقول حتى إذا ما جاءوها في الزمر يقول (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) الزمر) حتى إذا جاءوها هنا من غير ما لماذا؟ لأن أهل النار إذا جاءوها أهلها فتحت أبوابها ما الإشكال؟ طبعاً إذا دخلوا حاكموهم وحاسبوهم أنت إلى النار وكما عرفنا في الحلقة القادمة أحضروهم على جهنم متحلقين حولها وفتحت أبوابها وعلى جهنم إذاً لما جاءوها فتحت أبوابها ما في أشكالها. لكن الآية الأولى (حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا) وهو واقف وأمام المحشر وأنتم تعلمون أن يوم الحساب كأن ما في غيرك أنت تحاسَب كما لو لم يكن في المحشر غير في المحشر تريليونات البشر من آدم إلى أن تقوم الساعة كلهم يحاسبون كأنهم شخص واحد كل واحد يحاسب فلما يحاسبهم رب العالمين وبعد ما حاسبهم انظر المجيء الرهيب (حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) الذي يحصل ما يلي لكن عقلك لن يدرك لكن تقريباً وأنت واقف قاعد يحاسبوك يديك عيونك سمعك بصرك جسمك كله كل واحد يعدد الأعمال التي تغضب الله التي قام بها، بثانية يعدد لك عمل العين بعدد عمرك حتى لو ألف سنة مثل نوح، بثانية. في يوم القيامة كيف تشوف العمل يقعدون يقولون لك ويعددون لك؟ لا بل تومض لك ومضة مثل هذه التي يسمونها الآن الحزمة الضوئية في الكمبيوتر الخ ترى أعمال هذه العين لكن بصوت مسموع عن كل الذنوب التي ارتكبتها بها. وسمعك رأساً عن كل الذنوب سمعتها غيبة ونميمة وشوشة الخ ولسانك وايديك ماذا فعلت وجلدك إذا أنت ارتكبت حراماً إذا عملت حراماً الخ كل عضو من أعضائك يتكلم عن كل ما فعلت ويشهد يقول يا رب هذا الإنسان فعل كذا وكذا وكلها واضحة ومفهومة ومسموعة ولا أحد ينساها ممكن تستوعبها كلها في آن واحد حتى لو عشت ألف سنة كنوح ولهذا قال هذا أي مجيء؟ هذا مجيء هائل مجيء هلما قال (حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا) وأي مجيء هذا تلك الفضائح الخيالية وكل أعضائك تشهد عليك وإذا أنت جالس كأنك حشرة تشعر بضئالة لأنك سويت كذا (قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) المؤمنون) خلاص لا رجوع ولا عودة هذا على(إِذَا مَا جَاءُوهَا)أما الأخرى نفس الشيء عن جهنم طبعاً الآية الأولى (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) فضائح، هَلُمّة!! أما الآية الثانية (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) شيء اعتيادي، والله قال عن جهنم (إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) الهمزة) وحينئذٍ الجنة مفتوحة من الآن وكل من فيها بالآلاف من الخدم والحور والولدان والغلمان يعرفونك يشوفونك متى تذهب ومتى تأتي ولما تتخاصم أنت وزوجتك وأنت تعيد على زوجتك أو هي تعيد عليك انتهروك إذا عادت عليك يقولون (قاتلك الله اتركيه فإنه ضيف عندك سيلحق بنا) وإذا أنت تعديت عليها يقولون (اتركها قاتلك الله فأنها ضيفة عندك سوف ستلحق بنا) يعني تبين كما قال تعالى (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4) الطارق) كل واحد منكم وراءه ثلة من الملائكة والحفظة والكتبة يكتبون عنك كل صغيرة وكبيرة حتى خطرات قلبك. إذاً هذا الفرق بين (إِذَا مَا جَاءُوهَا) وبين (إِذَا جَاءُوهَا) وتعرف أنه لما تقرأ كتب التفسير يقولون ما زائدة!! لا ليست زائدة فهي تعطي معنى آخر في مجيء عن مجيء. أنت لما تروح على أي دائرة يقولون تفضل أستاذ ولكن لما يأتي رئيس الدولة يا الله تقوم القيامة! هذا (إِذَا مَا جَاءُوهَا). أقولك والله أنا سوف أعمل عمل فإذا ما جاء رئيس الدولة أخبرني أو إذا جاء أخي أخبرني يعني عادي هذا الفرق بينهما. فهذه الـ (ما) تأكيد للموقف ولفت نظر إلى أن هذا المجيء له أهمية وهو حاسم في الحياتين الدنيا والآخرة.
د. نجيب: أعتقد أن هذا المبحث الذي تتفضل به مبحث كبير وعظيم وجدير أن يلتفت إليها إخواننا الباحثون في الدراسات العليا الماجستير والدكتوراة وهي قضية دعوى الزيادة في القرآن، عندما نقرأ قول الله عز وجل (عيناً يشرب بها عباد الله) قالوا هذه باء زائدة أو أنها بمعنى (من) ويُلتمس بعض المعاني الأخرى
د. الكبيسي: هذا القرآن لا تنقضي عجائبه كل جيل يفهمه بعقلية عصره والإنسان سوف يبقى من آدم إلى أن تقوم الساعة يفجر الله له المعلومات (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها). ما في جيل مثل جيل كل جيل الجيل الذي بعده يعرف شيئاً هو بالنسبة للأول خرافة. كل الذي نراه الآن من تطور طائرات وتلفزيونات وانترنت والسيارات بالنسبة لجدي خرافة. لو قلت لجدي جدو سيأتي زمان نروح في يوم نحج وثاني يوم نرجع سيظن أنني مجنون والآن لا عادي والعالم ما الذي سيحصل بعد سيأتي يوم يكون فيه عصرنا هذا عصر متخلف بالنسبة للجيل القادم. فعليك أن تفهم القرآن دائم بعقلية عصرك فحجته عليك بما فهمت أنت ولهذا أنت لا يمكن أن تحاسب بشكل بسيط كما الناس في عصر النبي صلى الله عليه وسلم الناس بسطاء وأميين وما في تعليم فهموا على قدر فهمهم وأنت الآن من علم ليس كمن لا يعلم. رب العالمين فتح لك علوم الكون أنت الآن تستطيع أن تعرف كل ما يجري حولك.
د. نجيب: المشكلة أن دعوى الزيادة عطّلت كثيراً
د. الكبيسي: لا يوجد أي زيادة في القرآن الكريم (لكيلا يعلم بعد علم شيئاً) – (لكيلا يعلم بعد علم شيئا) كل الكلمات رسمت برسم إعجازي. فهذه حروف الجر مثل مواسير الماء التي توجه الماء وتوصل بين واحد وواحد حسب الاتجاهات هذه كحروف الجر في هذه اللغة حروف الجر مقدسة في هذه اللغة بدونها لا تفهم المعنى إطلاقاً.
د. نجيب: وكل حرف من هذه الحروف في كتاب الله تعالى مبحث مستقل
د. الكبيسي: ليس فقط مبحث مستقب بل عالم آخر. هذه الفرق بين (ِذَا مَا جَاءُوهَا) وبين (إِذَا جَاءُوهَا).
الآية الثانية التي هي في فصلت أيضاً (لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (49) فصلت) (إن مسه) إن الشرطية. عندنا إن وإذا إن جاء أخوك أكرمه وإذا جاء أخوك أكرمه كلاهما شرطية لماذا إن وليست إذا؟ هذه حالة، والحالة الثانية (وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ (51) فصلت) اثنين هذه وإن مسه الشر وهذه إذا مسه الشر. وبالتالي هذه عن هذه تختلف. (إن مسه الشر) هذا في الحقيقة الأصل أنه مترف وفي الحقيقة إنصافاً هذا الرجل يدعو الله دائماً يا ربي أدم لي هذه النعمة ويا ربي ارحمني ويا ربي كذا يعني إيجابي النعمة عليه تترا ويدعو الله دائماً أن يحفظها من الزوال. أنت المفروض أن تكون عاقلاً وأن تكون شكوراً وشكور تعرف هذه النعمة من أين مصدرها؟ مصدرها من رب العالمين ورب العالمين لا يسأل رب العالمين يفعل معك الأصلح وإن كنت لا ترضى به. أحياناً رب العالمين يسلب منك نعمة لكي يقيك شيئاً آخر. مرة واحد سليم جداً وكل شيء ماشي ثم تأتيه دابة يسمونها الآكلة قطعاً تسببت بقطع يده فحزِن. وبعد أسبوع من قطع يده نادى المنادي في عهد يزيد بن معاوية لكي يعمل نفير عام على كل الناس أن يخرجون للقتال لكي نقاتل ابن بنت رسول الله الحسين فقال ربي لك الحمد أنا لو يدي غير مقطوعة كان أخذوني أقاتل ابن بنت رسول الله فرب العالمين طلع هذه الآكلة له فالله يفعل الأصلح لعبده. هذا ما يعرفه إلا صاحب العقل وصاحب الإيمان فهذه حالات نادرة قال (إن). يعني واحد مترف جداً وما أصابه شر هذا بالمليون واحد. (إذا) للكل تشمل الغالبية العظمى فإذا هذه أكثر جماهيرية من إن (وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ) كلنا أنت إذا فلوسك قليلة عندك ابنك مريض تدعو الله في الصلاة وفي كل وقت وإذا شفى تنسى ولا تدعو وأغلبنا هكذا عندما نكون في كرب أو في محنة أو في حاجة نُكثر الدعاء ليل نهار نصلي التهجد وتحت المطر وندعو ونبحث عن الأدعية المستجابة لأنه عنده مشكلة هو في محنة. لما رب العالمين رفع عنه الضر وإذا الإنسان شوي شوي أعرض بجانبه، فهذا الفرق بين إن وإذا. (إن) للحالات النادرة وإذا للغالبية العظمى فكلنا نصاب بالخير والشر وفعلاً في ناس في ترف عايش ترف هائل يعني في ناس أباً عن جد هو رجل متقدم ومصدّر بالمال والجاه وكل شيء وإذا أصابته حالة من الحالات رب العالمين سبحانه وتعالى يعني يقول عن هذا المتعود على النعيم يقول (وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ) يقول خلاص راحت الدنيا. وفعلاً المتعلم على الترف المستمر إذا أصيب بمشكلة ينهار. يعني نحن لما كنا طلاباً في الثانويات والكليات نحن كنا أولاد فلاحين بسطاء وفي ناس أولاد ذوات ونحن كنا في العهد الملكي أولاد الذوات سيارة وسائق وخادم وحشم ونحن ما عندنا وبالتالي إذا أصابته مشكلة ينهار ونحن لا عادي جداً.
د. نجيب: هذا هو الفرق بين إن وإذا. لنا عودة بعد هذا الفاصل لنواصل هذا الحديث العذب الزلال.
—–فاصل——–
د. الكبيسي: ننتقل إلى آية أخرى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46) فصلت) هذه تنتهي بـ (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ). نفس الآية في الجاثية (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15) الجاثية) تنتهي بـ (ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ). الآية الأولى تتكلم أنت رجل أنت تعمل خير وكل شيء جيد لكن قد يصيبك ضرر أو مصيبة أو شيء هذه أنت اتخذت أسبابها والله ما يظلمك إطلاقاً لا تقول يا رب لماذا كذا؟ لا، أنت ادع الله أن يرفع عنك ولكن لا تتهم رب العالمين فرب العالمين حكيم لا يسيء عبده المؤمن ولا غير المؤمن ما دمت من عباده هو خلقك ويعرف الأصلح لك دائماً لكن مصلحتك قد تقتضي هذا. يعني أنت لما تأخذ ابنك للطبيب ويقوم بعملية جراحية له ويصرخ ويقول يا أبي يا ظالم يا مجرم كيف تفعل بي؟! تقول لا يا ابني هذا لمصلحتك. ثق كل ما أصابك في حياتك من توفيق الله عز وجل وقانونه أنت ما شاء الله عليك بل أنت تخضع لقانون إلهي المرض والصحة والغنى والجاه والعلم وكل هذه قوانين وعليك أنت أن تتعامل مع هذه القوانين أنت بالخيار هذه عموم الناس (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) كلهم. لو قال العباد كان قلنا فقط المؤمنين لكن قال للعبيد والعبيد كل المخلوقات مسلم وغير مسلم كافر ومشرك واحد مسيحي ويهودي وصابئي والخ (وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) الكهف) هذا كل قانونك الذي يجري عليك. يعني أنت ممكن رب العالمين إذا أنت متضايق تدخل التواليت لأن فيك غازات ماذا يفعل لك هو؟ هذه قوانين بهذا الشكل يعني أنت تقول لا أروح التواليت!! هذا فقط بالجنة، هذه من قوانينك. فهذه يتكلم رب العالمين أن الله لا يظلم واحد كل ما أصابك من شر هذا قوانينك عليك وعلى غيرك. أما الثانية تتكلم عن هؤلاء الذين يقتلون الناس ويعذبون الناس هذه (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) هذه في الدنيا هذا الكلام في الدنيا ما أصابك هذا قانون (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) ويوم القيامة سترى سينسوك العافية لو أنك أنت اغتبت إنساناً لو قتلت واحد لو فرحت بقتل واحد سيورونك نجوم الضحى! لكن أنت إذا كنت معتدياً وحياتك كلها اعتداء أنت قاتل أنت جزار أنت طول الوقت تغتاب انتهكت عرض فلان اغتبت فلان سرقت مال فلان أنت مؤذي الذين يطلبوك يوم القيامة كثير هنالك التهديد، هذا التهديد (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) وهناك سوف ترى أن كل ما فعلته أنت الذي فعلته بنفسك يوم ترى المصير (اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) الإسراء) هؤلاء المشركين القتلة والذي نراهم ما الذي يفعلونه بالعالم الآن هؤلاء لما يرون إبليس يقولون له أنت الذي بليتنا وجعلتنا هكذا كله منك أنت السبب قال لهم كل هذا غلط (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22) إبراهيم) يعني هل أنا عندي جيوش؟! قلت تعال ازني زنيت، تعال اسرق سرقت، تعال اقتل قتلت. يقول الحديث النبوي أنه يبدأ يضرب فيهم ضرباً، ضرب إبليس لأتباعه وجنوده في النار يهوّن عليه حر النار يوم القيامة. إذاً (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) هناك لكي تعرف ماذا سوف يحدث هذا للمعتدين أنت الذي أسأت لنفسك وجلبت على نفسك وحقوق العباد. ورب العالمين عز وجل كما نعرف يتبرع بحقوقه من رحمته والله أحن عليك من أمك وأبيك وحقوق الناس إذا كان عندك حسنات، (إن الحسنات يذهبن السيئات) إذا عندك حسنة جيدة كما قلنا مرة في الوسيلة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) المائدة) واحد عنده عمل كبير يعني سيدنا حمزة لما قال له (ردّها إذا استطعت) تاريخية! هذا واحد اسمه منتظر الزيدي الذي ضرب بوش بالنعال هذه تسوى الكون كله لو جاءوا بمليار جندي لا يفعلون مثل هذا العمل فهي عملة كبيرة! كما في التاريخ كهذه البغي التي سقت كلباً يلهث ضال في الصحراء بيموت من العطش عملة يعني هذه وحدها في الصحراء تنزل بالبئر وتملأ خفها بالماء وتجيبه للكلب وتسقيه عملية والله العظيم لو أنا ما أسويها لأجل كلب!! ما ينزلني على البئر؟! وآبار الصحراء عميقة وكلها أفاعي ونحن نعرف هذا من قصص آبائنا يقولون البئر في الصحراء عميق جداً ومليء بالأفاعي لماذا؟ لأن الصحراء حارة تلهب والبئر بارد فالأفاعي تحفر لها حفرة في البئر وتجلس هناك، فلما ينزلون أحدهم لكي يجلب لهم ماء تنقض الأفاعي عليه تنهشه. فأنت بحاجة لأن تكون أنت بارع في النزول إلى البئر حيث لا تنقض عليك الأفاعي. هذه البغي يعني مومس تستقبل الزناة علناً رأت كلب يلهث عطشان في هذه الصحراء من أين له ماء؟ ورق قلبها له فنزلت البئر وملأت خفها ومسكت الخف في فمها إلى أن صعدت وهي تتفادى الأفاعي وسقت الكلب بيديها ومسحت على رأسه وشرب وراح. تخيّل هذه العملية والله ما يفعلها إلا هذه البغيّ، من يقوم بهذا العمل؟؟؟ في صحراء ولوحدها وهي ماشية من مدينة إلى مدينة وعلى الأقل هذه العملية أخذت منها ساعتين وهذه الساعتين تكون وصلت إلى أهلها وبهذه العملة غفر الله لها. وقس على هذا في هذا الكتاب العزيز وفي السنة النبوية كم من هذه الأعمال التي تغفر لك كل ذنوبك. عندك أم عجوز عمرها 120 سنة أب شايب عمره 130 سنة مخرّف تعبان يقضي حاجته على ظهره وعلى ملابسه مصيبة وأنت تخدمه بنفسك والله العظيم لن يضرك ذنب إلا الشرك.
د. نجيب: ورأينا في هذه الأمة من هؤلاء الرجال وإن كانوا قليلين
د. الكبيسي: لنكن واقعيين لا نجلد أنفسنا. والله ليس في هذه الأرض ظاهرة إكرام الوالدين إلا في هذه الأمة شيخ في كل العالم الأب يصير عمره 90 سنة يضعونه في ملجأ ولا يعتنون به فلا أحد يرعى الوالدين إلا هذه الأمة أنت تشطّف أبوك وتغسله وتوضئه والبنات مع أمهم خدمة متناهية ولذلك هذه حكاية بر الوالدين ما من حسنة أعظم من بر الوالدين لا يضر معها ذنب إطلاقاً إلا حقوق الناس. وعقوق الوالدين لا ينفع معها عمل حتى لو جاهدت وقتلت شهيداً وقس على هذا في هذا الدين قضايا من الوسائل عجب. هذا الفرق بين الآيتين (ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ).
د. نجيب: حتى في هذه الآية (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) قالوا الباء زائدة
د. الكبيسي: وفرق بين بظلّام وظلّام فبظلام بالباء قطعياً يعني ليست من طبعه يعني مثلاً تقول يا أحمد كل أقول والله ماني آكل ما أشتهي ولكن إذا قلت لست بآكل يعني أصلاً أنا ممنوع من الأكل هكذا. فهذ اللغة مغنّاة لغة مقدسة ولهذا اختارها الله من بين اللغات كلها لكي تحمل المطلق الإلهي. هذا النسج لا يمكن في كتاب الكلمة وأخواتها شيخي أعجوبة في التلفزيون تكلمنا كلاماً لكن الآن لما أوثق وأرجع للمصادر شيء عجيب الفرق بين الكلمات.
ننتقل إلى آية 30 في فصلت (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) فصلت) ألا تخافوا ملائكة يأتون عليه قبل ما يموت يقولون له لا تخاف هذه واحدة. في سورة الأحقاف نفس الشيء لكن ما قال ألا تخافوا بل قال لا خوف عليكم (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) الأحقاف) لماذا هناك (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) فصلت) ألا تخافوا هذا أنت في احتضار بتموت ولاحظ أي واحد يموت من أهلك من أقاربك قبل ما يموت بثواني بساعة تتفاوت، ترى هذا الرجل الذي كان له سنة مريض صار يحكي وينظر للسماء وينفعل ويحكي مع ناس لا نراهم نحن، لماذا؟ جاءته الملائكة يرونك أعمالك ومكانك في الجنة وأهلك الميتين وإذا أنت تموت مبتسم ابتسامة خيالية. في هذه الساعة يقولون الملائكة لا تخاف لا تحزن كما كنا أولياءك في الدنيا سنكون أولياءك في البرزخ نمشي معك وندلك للجنة والطريق وهذا يصير بعد أنت لم تمت بعد، الأحياء في ساعة الاحتضار (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85) الواقعة) هو صح لا يزال يتنفس وبينكم فهو لم يمت لكنه بيننا نحكي معه وأريناه مكانه والحوريات وأهله الذين ماتوا فهو معنا فنقول له لا تخاف خلّك ثابت فالميت حينئذٍ يموت بابتسامة ومن سر الله أنه لا يتكلم حتى يبقى الناس يؤمنون بالغيب فهو لو تكلم وقال رأيت الجنة والنار سيؤمنون كلهم إيمان مشاهدة، لا، (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) البقرة) يصدقون بالرسل والرسول، هذه في الاحتضار (ألا تخافوا). أما الآية الثانية مات بعد هذا مات وبعث ثم يتلقونه الملائكة وتقام له زفة ملكية هناك (لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) فرق عن الأول لأنه إنهاء عن الخوف لأنه بعد ما رأى شيئاً
الدكتور نجيب: (سلام عليه يوم ولد ويوم يموت) وهنا (يوم يبعث حيّا). الأولى يوم يموت والثانية يوم يبعث حيّا. نعود إليك سيدي الشيخ بعد هذا الفاصل.
———-فاصل————
د. نجيب: نعود لهذه الآيات القرآنية التي يفسّر بعضها بعضا. من أهم الجوانب التي ركزت عليها في هذا البرنامج وقد أوشكنا على الانتهاء أن الآيات القرآنية تفسر بعضها بعضاً ولا يكفي أن نقرأ في تفسير آية بعينها إلا أن نلتمس متشابهاتها اللفظية في ثنايا القرآن الكريم في بقية الآيات والسور ونربط بعضها ببعض
الدكتور الكبيسي: كلها مثل (ويل للمصلين) هي ويل صح لكن ويل للمصلين ولكن أكمل يا أخي الذين هم عن صلاتهم ساهون وهكذا كما تفضلت القرآن يكمل بعضه بعضاً وبعضه يشرح بعضاً. وهذا معنى الترتيل ونحن فهمنا الترتيل يعني حسن القراءة هذا يسمونه تحسين الصوت. أما الترتيل قال (قرآناً عربياً) يعني ارجع للجذر العربي وتعرف أصلها. الرتل أن تجيب سيارات أو دبابات أو خيل كلهم يمشون واحد وراء الثاني في طريق مستقيم واحد يقودهم من الأمام والثاني يسوقهم من الخلف كالقطار هذا يسمى رتلاً. هذا الرتل إذا هم جالسين، ابل ونحن نراها تمشي بالطريق رتل طبيعتها من معجزاتها تمشي واحد وراء الثاني لا يمشون بجانب بعض، لو كنا واقفين بشكل عشوائي هذا لا يسمى رتلاً فالرتل لازم يمشون وعلى طريق واحد وباتجاه واحد لهم قائد من الأمام وسائق من الخلف وكل الدنيا هكذا، يقال رتل دبابات، رتل إبل، رتل خيل. فقوله تعالى (وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4) المزمل) كلمة رتل أن تجعل الآيات المتناظرة رتلاً، الله جاء بموضوع واحد في عدة آيات لا تقولها واحدة. يعني مثلاً الله قال للنبي صلى الله عليه وسلم (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) الشورى) هذه واحدة الثانية (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56) القصص)! فلا تفسر هذه لوحدها والأخرى لوحدها لا، بل فسرهم مع بعض خذ واحدة بجانب الثانية ولما تفسرهم ستفهمهم. الله قال وإن لامستم النساء وإن مسستم النساء الخ ما أفسر آية وحدها بل كلها مع بعض كما نفعل نحن هنا الآن هذا معناها نرتل نأتي بعدة آيات مع بعض حتى نشوف الفرق بينها أما أن تمسك واحده وتقول الله قال كذا والآخر يقول والله قال كذا
د. نجيب: وكأنهم بهذه الطريقة يثيرون نوعاً من التناقض والعياذ بالله
د. الكبيسي: إذا ما رتلتها. وهذا سبب نشوء المذاهب الفاسدة! وعن النبي صلى الله عليه وسلم الآن الواحد إذا يزور النبي صلى الله عليه وسلم يعتبرونه مشركاً ويقتلونه ولهذا حاطين سياج الخ والله أحدهم وهو من أعلامهم ومشهور وبدون ذكر أسماء أحدهم يقول وهو عالم جليل ومحدث عظيم يقول متى تُخرجون هذه الجيفة من المسجد عن النبي صلى الله عليه وسلم؟!! وهو أعظم من كل ما خلق الله سبحانه وتعالى وهو حيٌ في قبره يقول ما سلم علي أحد إلا أرد عليه السلام والأنبياء أحياء في قبورهم. والله يقول (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) ولهذا هذا المذهب مسكوا بهذه قالوا الذي يقول عن النبي فهو مشرك ويقتلونه. الآخر ماسك النبي وتارك رب العالمين أنا فقط رسول الله ما عندي أحد غيره وفعلاً كل انه ما يطلب ولا يدعو إلا رسول الله يا رسول الله أعطيني ورأيناهم
د. نجيب: كما فعل المسيحيون بسيدنا عيسى عليه السلام
د. الكبيسي: وكلاهما خطأ لأنهم ما رتلوا كان عليهم أن يربطوا الآيتين مع بعض (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) اجعل هذه مع هذا. لا هذا سمع كلام الثاني الذي عنده آية أخرى ولا الآخر وأصبحوا طائفتين متحاربتين فكيف أصبحوا الشيعة والسنة والوهابية وسلفية وصوفية معتدلة وقدرية خوارج ومرجئة كل واحد أخذ برأيه. والله قال رتل وفهموا رتل هو تحسين الصوت أو قراءة عبد الباسط عبد الصمد فالترتيل لكل القرآن (وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا) ضع كل الآيات المتناظرة في الموضوع الواحد ابحث بها مع بعض لأن كما تفضل شيخي بعضها يكمل بعضاً وبعضها يشرح بعضاً. أنت كيف تعرف الصلاة وغيرها؟ بعشرين ثلاثين آية حتى تعرف تصلي. ولهذا كل القرآن الكريم في الآيات المتناظرة في الموضوع الواحد أن تبحث بها كلها مجتمعة بعضها يشرح بعضاً وبعضها يكمل بعضاً وبدونها يبقى الجاهل جاهلاً ويبقى المتنطع متنطعاً ولهذا (من قال في القرآن برأيه أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار). والآن ناس أميين وأغبياء وحمقى فهّموه كم كلمة وقالوا له روح اذبح كل الناس اذبح كل المسلمين واقتلهم أنت في الجنة وكلهم مشركين حافظ له آيتين ومطول لحيته وعامل فيها شيخ
تعلم آيتين وصار شيخاً ويلحن كل وقت إن تلاها
ولذلك مصيبتنا من علامات الساعة هذا الجهل (لا تقوم الساعة حتى يرفع العلم وينزل الجهل) وهذا الذي يجري في العراق وفي سوريا وفي اليمن وفي تونس من التكفير كله من الجهل الذي ساد.
ننتقل إلى آية أخرى (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37) الشورى) الآية الثانية (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32) النجم). لماذا الأولى (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) وهذه (إِلَّا اللَّمَمَ)؟ يقول لك هؤلاء فريقين. فريق السابقون لا لمم ولا شيء الأنصار والمهاجرون والرضوانيون والصالحون والأولياء الصغيرة عندهم كبيرة وفي كل زمن هذا الرجل ليس فقط يجتنب الكبائر ولكن ماسك نفسه مهما أغضبته لا يقول عليك يا كلب يا فلان بل يقول لك مسامح يا ابني مسامح وقلبه نار (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) آل عمران) (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) فصلت) هؤلاء يجتنبون كبائر الإثم والفواحش. (وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) يعني ممكن تدعوني امرأة ولا أقبل لكن واحد يهينني والله أقتله ويومياً أصير عصبي على الناس وهذا لا نهائياً وهذا هو المقياس الحقيقي هذا مقياس الطبقة الراقية. الآية الثانية عنا نحن الحمد لله (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ) نحن ما عندنا كبائر لا قتل ولا كذا ولا كذا إلا اللمم هذا نحن يعني قد تنظر لامرأة أو تغتاب شخصاً ثم تستسمح منه الخ عندنا هذه الذنوب الصغيرة البسيطة التي التوبة تغفرها الحج يغفرها الاستغفار يغفرها الصيام السخونة الصداع لكن نحن نرتكب لمم يومياً. وبالتالي هذه طبعة غير هذه صح المقدمة نفس الشيء (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ) ثم نفترق في ناس يا جبل ما يهزك ريح (وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) وغضب وليس زعل، غضب يعني واحد انتهك عرضه، خرب ماله، شهد عليه بالزور ويقول له مسامح يا ابني مسامح. ونحن إذا سيارة أمامنا تمر أمامك بسرعة تفتح الزجاجة تشتمه وتتخانق معه. الأولى لا نحن الآن جماعتنا (إِلَّا اللَّمَمَ). هذا الفرق بين هذه الأمة التي بلا مبالغة بهذا الزمن الذي نحن فيه تسعين بالمائة يجتنبون كبائر الإثم والفواحش ولكن إلا اللم كما يقول الشاعر
إن تغفر اللهم فاغفر جما وأي عبد لك ما ألمّا
نحن كلنا نرتكب اللمم. شاهدنا هذا القرآن كما تفضلت يا سيدي الكريم ما فيه لا كلمة زائدة ولا جملة ولا عبارة ولا حرف ولا ماضي ولا مضارع ولا اسم فعل ولا مصدر فرق بين يخرج الحي من الميت ومخرج الحي من الميت يخرج ومخرج فرق كبير بينهما كما شرحناها من قبل.
الدكتور نجيب: نعود للمم، شيخي هي أمور نحن مبتلونا بها ولكن كيف أوطد نفسي أن أتغلب عليها؟
الدكتور الكبيسي: هذه بالمجاهدة لكن أقول لك شيئاً يقول رب العالمين فرب العالمين طمعنا بكرمه قال (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31) النساء) يعني كيف؟ واحد نوى الزنا وراح لبيتها وقبلها وبدأ بالأمر وعندما أراد أن يرتكب الكبيرة توقف وقال ماذا أفعل؟ أعوذ بالله أنا أفعل هذا!! وقام وهو حزين غفر الله له كل تلك المقدمات التي فعلها. لو فعل الكبيرة كل هذه القديمة تحسب عليه، وقس على هذا كل كبيرة كنت ستقوم بها وارتكبت مقدماتها تريد أن تقتل واحداً تربصت به وجئت بالبندقية ووضعت فيها الرصاصة ووجهت عليه ثم توقفت وقلت أعوذ بالله، فكل هذه المقدمات تغفر كلها وقس على هذا. إذاً كل هذا اللمم إذا وقاك الله شر الكبائر (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا) شيخي أنت لو لم تذنبوا لذهب الله بكم فابتعد عن الكبائر. وفي اللمم ممكن أنت تقنع نفسك الأمارة بالسوء تقنعها بها
د. نجيب: نسأل الله العافية. كما قال الشاعر
يا من عدى ثم اعتدى ثم اقترف ثم انتهى ثم عوى ثم اعترف
أبشِر بقول الله في آياته إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف
نسأل الله أن يغفر لنا الصغائر والكبائر. وباسمكم جميعاً أتقدم بالشكر الجزيل لشيخنا الجليل الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي على هذه الحلقة الفياضة الجميلة المليئة بالعلم والتي فتحت آفاقاً كثيرة لمن أراد أن يدّبر آيات الله تعالى ويتمتع بجنالياته الساحرة وإلى اللقاء معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله.
بُثّت الحلقة بتاريخ 8/2/2013م وقامت الأخت نوال من السعودية بطباعتها جزاها الله خيراً وتم تنقيحها.
رابط الحلقة (فيديو)
http://www.youtube.com/watch?v=-sxCqGYGBUs