وأُخر متشابهات

وأُخر متشابهات – الحلقة 186

الحلقة 186

سورة الواقعة

د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. هذه آيات أخرى من برنامجنا “وأُخر متشابهات” من الأجزاء الأخيرة من كتاب الله تعالى يستكمل شيخنا الجليل الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله بدائعه وروائعه القرآنية حولها فليتفضل مشكوراً.

د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. وصلنا إلى سورة الواقعة وفي سورة الواقعة لفت نظرنا لامٌ هي لام التأكيد استعملها الله تبارك وتعالى وكل حرف في كتاب الله العزيز (لا أقول الم حرف وإنما ألف حرف ولام حرف وميم حرف) وكل حرف له عشر درجات عندما تقرأ القرآن، فالحرف عبادة كاملة. رب العالمين يستدل علينا يقول (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ) انظروا إلى حقولكم وبساتينكم وهذا الزرع العظيم وهذا الانتاج الهائل من أنواع الخضروات والفواكه وأنواع النعم وما من نعم تشبه نعم الأكل، عندنا نعمتين نعمة الماء ونعمة الأكل، نعمة الشراب لا نحس بها، نشرب ماء كثيراً فقط، أما نعمة المأكول أنواع من الأطعمة والفواكه، خيال! آلآف أنواع الأطعمة أما الماء فله طعم واحد. معنى هذا أن تلمس النعمة في المطعوم أعظم من تلمسها في المشرب، المطعم غير المشرب

د. نجيب: وفي معظم الأحوال المشرب واحد

د. الكبيسي: المشرب واحد لكن المطعم متنوع. الآن رب العالمين يقول يا عبادي (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) الواقعة) لو نشاء بلام التأكيد كأنه تهديد كأنه تأكيد قوي كأننا لا نعرف هذا كأننا ننكره (لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) حينئذٍ هذه اللام تلفت النظر ووراءها مباشرة بنفس السورة الآية التي تليها (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70) الواقعة) لو نشاء جعلناه أجاجاً أي مالحاً ما قال لجعلناه. لماذا هذا التأكيد الغاضب المتحدي الملفت للنظر للموقظ للأفهام في المطعوم في المأكول (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) في الظاهر أنك أنت الذي تزرع وتفلح وتأتي بالسماد والبذور لك في هذا النوع من نعم الله مجهود عظيم لنا في نعم الله المطعومة المأكولة لنا جهود عظيمة تأمل الفلاح ماذا يفعل؟ وكلية الزراعة ماذا تفعل؟ مدارس الزراعة ماذا تفعل؟ يعني نحن نبذل جهود تنويع وابتكار لبذور جديدة وتطعيم كل يوم العالم مشغول بتنمية وتنويع المأكول والماء واحد تفتح الحنفية وتشرب ماء.

د. نجيب: ما يحتاج إلى تأكيد فلا يختلف عليه اثنان

د. الكبيسي: لا يختلف عليها اثنان أن هذا من رب العالمين فلماذا يؤكد؟ ثم إن رب العالمين خلق بحاراً مالحة أجاج يعني عملياً رب العالمين جعل بعض المياه أجاج إذاً ماذا تنكر؟ لكن هنا بالمأكول قد تقول لا هذا أنا الذي فعلته. فرب العالمين أكد عندما تتصرف أنت كأمة ليس كفرد أنت كأمة كشعب كمجموعة تصرفاً معيناً فإن الله سبحانه وتعالى يحرمكم من كل أنواع نعيم المأكول وتعرفون أن بعض الذنوب تترك الأرض خراباً كأصحاب الجنة (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17) وَلَا يَسْتَثْنُونَ (18) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20) فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21) أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (22) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23) أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (24) وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (25) فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27) القلم)

د. نجيب: وهذا مشهود ومرئي الآن

د. الكبيسي: كثيراً وفي كل التاريخ هناك لكي نكون واقعيين أنت تعرف بأن العراق أغنى وأخصب بلد في العالم بلد الرافدين فيها النهرين الكبيرين وفروعهما وهي أخصب بلاد في العالم والحديث الصحيح عن رب العالمين (لقد جعلت في العراق خزائن علمي وخزائن نعمي) ونحن منذ أن نشأنا والعراق يمد العالم العربي كله لما كان ثلاث ملايين أيام العهد الملكي في الأربعينات جميع موانئ أوروبا مليئة بالحنطة والقمح العراقي مليئة كل أوروبا ناهيك عن العالم العربي. الآن بعد ثورة الأجهزة والتركتورات العراق يموت جوعاً النخل كله مات! والنخل هذا شيخي من آيات الله، هذا النخيل يهجر من مكان إلى مكان العراق الذي كان أغنى بلد في النخيل فيه حوالي مائة مليون نخلة الآن ما فيه يمكن مليونين نخلة وكله خراب، الأرض كلها مالحة سبخة يستورد العراق القمح وغيره من المملكة العربية السعودية من الخليج الذين يزرعون على الصناعة. ما هو هذا السبب رب العالمين غيّر الخصوبة من مكان إلى مكان؟ هذه التي أقسم عليها (بالعدل تقوم السموات والأرض) ولهذا الماء هو الماء ولكن خصوبة الأرض إذا كان هناك ظلم تزول، إذا كان هناك شيوع الفاحشة تزول، بعض الذنوب تؤثر تماماً في وفرة المطعوم والمأكول وفي نوعيته كماً وكيفاً ولهذا رب العالمين أكد بهذه الآية أكد باللام (لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67)) محرمون للنهاية ليس عقوبة مؤقتة بل للنهاية. نعم في العراق الآن للنهاية، كثير أحياناً يعني في كل الدنيا في الإمارات في المملكة في مصر سنة من بعد سنين ينقطع المطر قليلاً أما أن يكون عاماً 10 أو 15 سنة فهذه عقوبة. (إنا لمغرمون) يعني غرامة سنة الله سبحانه وتعالى لأمر ما نزل المطر ما جاء الموسم الزرع ما كان جيداً كما يقولون أو تغير المناخ. لكن إذا كانت هي لعنة من رب العالمين وعقوبة وفيها اللام تستمر للنهاية وتصبح أرض قاحلة ويتغير الخصب من مكان إلى مكان، الخصب يذهب إلى أماكن قاحلة فيصيبها الخصب هناك من جديد تنتقل ترحل الخصوبة من مكان إلى مكان

د. نجيب: وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم (ما عام بأمطر من عام) الماء هو الماء ينتقل من مكان إلى مكان ولذلك يقول ابن عباس (لا تقولوا زرعنا كذا وكذا) لأن الزارع هو الله سبحانه وتعالى

د. الكبيسي: ولهذا الله ما أكد على الماء لأنه ما نختلف على هذا ولكن على الزراعة (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) الروم) الظلم

الدكتور نجيب: وجاء على الضرورات، المأكل، المشرب لذلك يقول عليه الصلاة والسلام (الناس شركاء في ثلاثة الماء والكلأ والنار)

الدكتور الكبيسي: إذاً فرب العالمين لما فعل هذا وأدخل اللام حتى لا تقول أنا ربما هذا الفلاح أو الزراعيون هم الذين زرعوا لا، هو رب العالمين تدخل بذلك، الخصوبة وعدم الخصوبة لها سبب من اللامعقول عند الله عز وجل من ضمن العقوبات (إِنَّا لَمُغْرَمُونَ)لا لسنا مغرمون! (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) لسنا مغرمون ليست عقوبة سنة بل نحن محرومين نهائياً! انتهى غار غارت مياه وأنهار فرعون قال (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (52) الزخرف) الأنهار كانت خمس أنهار نيل كانت في أيام فرعون والآن ما بقى إلا واحد وفيه مشاكل. العراق الفرات بدأ ينضب ودجلة على وشك النضوب تصور! والآن مصادر المياه فيها مآساة ولهذا نحن والكلام طويل وشاهدنا أن هذه النعم لها علاقة كبيرة بالعمل بواقع الأمور. أوروبا الآن تشحذ كما تسمع في الأخبار دول تفلس! هذه التي كانت تملك العالم الإتحاد السوفييتي الذي كان يملك نصف الكرة الأرضية الآن لا يجدون ما يأكلون!

د. نجيب: والمعركة القادمة معركة الماء والغذاء

د. الكبيسي: إذاً هذا الفرق بين أن الله أكّد على المأكول (لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا) وقد جعله بينما الماء لا يختلف فيها اثنان.

د. نجيب: (وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقاً)

د. الكبيسي: إذاً هذا الفرق بين (لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا) وبين (لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا) هذه اللام أمة تأكيد وجعلت موضوع تحطيم المزروعات قضية فلسفية كبيرة لها مقدمات ونتائج وأساليب وشروط، الماء لا، يشرب وانتهينا. وهذا هو الفرق بين الآيتين.

د. نجيب: كلما رأينا آية وتشبهها آية أخرى ولكن في الآية الثانية فيها لام لا بد أن تختلف اختلافاً كاملاً وموضوعاً آخر.

سورة المجادلة

سورة الصف ليس فيها شيء، ننتقل إلى سورة المجادلة يقول (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (14) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (15) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (16) المجادلة) في سورة المنافقون (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2) المنافقون) في الأولى(اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) وفي الثانية (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) الإثنان اتخذوا أيمانهم جنة فصدّوا عن سبيل الله، الصدر واحد لكن تنتهي الآية الأولى (فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) والثانية (إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ما الفرق؟ هذه الآية ككثير من آيات القرآن قانون إلى يوم القيامة ونحن نعرف القاعدة الأصولية العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. هذه الآية ما من فترة تاريخية تنطبق عليها بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا هذه الفترة التي نحن فيها: وعود كاذبة يخرج أناس يزينون لك المنكر ويدخلوا على الإسلام أحزاب وفئات وجماعات وإسلامات مختلفة وكلها تعطيك مواعيد أنك أنت الناجي وكلها وعود لا قيمة لها إطلاقاً (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً) وقاية من الناس ووجاهة عند الناس ومكاسب دنيوية وصار حزب وصار رئيس جمهورية وعنده وزراء وجماعة وسنتين ثلاثة وكلها وعود كاذبة وعدوا الناس، (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً) يقسمون بالله!! وكلكم وعيتم الجمهورية البائسة التي سادها الفكر الشيوعي من الأربعينات إلى نهاية الستينات وحكموا وكسروا وذبحوا وأعدموا وسحلوا وقتلوا ما البديل؟ قالوا سنعطيكم وطن حر وشعب سعيد! والنتيجة لا وطن حر ولا شعب سعيد وقتلوا آلاف الناس

د. نجيب: والأمثلة على ذلك كثيرة سيتفضل ببيانها الشيخ بعد هذا الفاصل

———فاصل———

د. الكبيسي: في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كان بعض المنافقين يعلنون الإسلام وكانوا يحضرون مجلس النبي صلى الله عليه وسلم وإذا خرجوا ذهبوا بالأخبار لليهود كانوا حلفاء لليهود فيأتونهم بالأخبار ولما كشفهم الله أقسموا يميناً نحن مؤمنين ومخلصين (وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56) التوبة) إذاً صدوا عن سبيل الله بأنهم أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر وتعاونوا مع اليهود. الثانية أنهم ساء ما يعملون رب العالمين في هذه الآيتين يتكلم مرة لما يُعرضون على الحساب أول ما يأتي على الحساب الله سبحانه وتعالى يحاسبه على هذا. ثم بعد ذلك يذهب إلى العقاب فالآيتين واحدة تتكلم عن ساعة الحساب والحشر ووواحدة عن العقوبة من أجل هذا (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) من حيث أنهم كذبوا على شعوبهم وعلى قومهم كما قنا هذا يقول وطن حر والآخر يقول أعطيك حرية والآخر الإسلام وإسلامات كما ترى! إسلامات الكفر أفضل منها من حيث أنهم شقوا المسلمين هذا الشق العجيب والنفاق أشد من الكفر فالكفر واضح لكن المنافق هو الخطر. ولهذا في التاريخ الإسلامي الآن هنا إسلامات أشد وأقسى واخطر على المسلمين الحقيقيين من المشركين لأنه جاءك بشكل إسلامي. والأمثلة في واقعنا اليوم كما كان في واقع النبي صلى الله عليه وسلم. يتكلم في هذه الآية كيف أن اليهود استطاعوا أن يجندوا بعض المنافقين من المسلمين، الآن أنت تعرف أن هناك ناس من المسلمين أو الإسلاميين إسلاميات جديدة يتعاون مع اليهود أكثر مما يتعاون اليهود مع اليهود أنفسهم. وأنت تعرف الأخبار ماذا تنقل لنا تعاون مطلق بالسر والعلن وهو يدّعي أنه إسلامي. القرآن في هاتين الآيتين يحذرنا في سورة المجادلة أن هذا عليكم أن تنتبهوا له جيداً لأنه واقع لا محالة كأن هذا من قوانين يعني كما أنك أنت عندك مؤمنين ومنافقين وكافرين فلا بد أن يكون هذا وهذا وهذا من قوانين هذا الكون

الدكتور نجيب: إذا كان المجتمع النبوي عليه الصلاة والسلام والموحى إليه لم يخلو من هذه الفئة فما بالك بهذه العصور؟!!

الدكتور الكبيسي: إذاً عليك أن تتحمل هذا وتستعد له وأن لا تغضب، هذا من قوانين الكون وعليك أن تعلم أن هذا امتحان (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) العنكبوت). لو عرف أحدنا لو رب العالمين شاء أن يفتح على أحد عباده ويتصور نعيم الجنة ولو تصور أولي لو عَبَد الله مليار سنة لا تساوي خمس دقائق في تلك النعمة. إذاً هذه النعمة لا بد أن تُمتحن من أجلها لا بد أن تمتحن وحفّت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات. إذاً كما تفضلت هذه حكاية المنافقين الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر لمصالح الدنيا ويكسبون فيها مناصب ودول وانقلابات ودعوات وأتباع وكما ترى اليوم في كل مكان، وقس على هذا في العراق في إيران في الشيشان والشيشان كان منتصرين وجاءهم إسلام طارئ سفّههم مزّقهم مع بعض يتحاربون فرجعوا كما كانوا. ولهذا عليك أن تعلم أنت المسلم إياك أن تغتر بأن هذا إسلام! الإسلام الواضح الذي كان عليه المسلمون (ما عليه أنا وأصحابي) وكل زيادة أو نقص من حيث العقيدة والتصور والأساليب كل هذه إسلامات. والعالم كله أعداء هذه الأمة يئسوا من حرب الإسلام حرب واضحة وصريحة الآن أجمعوا كما هو في مقررات كولورادو عام1978 والكتاب موجود في المكتبات مقررات حكماء كولورادو يقولون ليس هناك مجال أنك تحارب الإسلام علناً وجهاً لوجه لأنه سينتصر، حارِبوه بنفسه طلعوا إسلامات -في المادة الثانية من التوصيات- إشغال المسلمين بتناقضاتهم أنت شيعي وأنت سني وأنت وهابي الخ واخلقوا طوائف وأحزاب وجماعات ودعهم مشغولون ببعضهم وهذا الذي يجري اليوم. من أجل هذا هذه الآية تقول لك أن هذا قانون فانتبهوا إلى هذا فالإسلامات كثيرة ويحلفون لهم كما يحلفون لكم كما حلفوا للنبي صلى الله عليه وسلم سيأتون ناس يحلفون لك بأنهم يحكمون بالإسلام وكلها صناعة! والله الآن هنا إسلامات تحكم في العالم الإسلامي كله والله لو حكموك النصارى واليهود لكان أرحم! تمزيق كامل بالأصول، انقضاض على أصول هذا الدين فرّقوا بين مسلم ومسلم لم يعد مسلم يأمن ولا يأنس بمسلم آخر وهذا ما كان يستطيع أن يفعله العدو مطلقاً ولا يمكن

د. نجيب: فالكافر عذابه عظيم لكن المنافق عذابه مهين

د. الكبيسي: لأن الكافر يدافع عن قضيته بينما المنافق يدافع عن قضية العدو (شر الناس من باع دينه بدنياه) وحطوه رئيس جمهورية! هذا المصيبة!

الدكتور نجيب: شيخي عذاب معين والثاني قوله تعالى (إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) هل أنه ساء ما كان يعملون تعليل؟

الدكتور الكبيسي: تعليل بالتأكيد. يعني ذلك الحكم وهذه العقوبة. الجريمة والعقاب،

د. نجيب: فكأن الآيات كلها مكملة بعضها لبعض

د. الكبيسي: لا تستغني آية عن آية والقرآن بعضه يشرح بعضاً.

ننتقل إلى آية أخرى في المجادلة (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (6) المجادلة) في نفس سورة المجادلة (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ (18) المجادلة) لاحظ جميعاً أولاً يبعثهم الله جميعاً هو يحشرهم فرادى ويبعثهم جميعاً يعني يوم القيامة كل واحد يخرج من قبره لوحده (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) المعارج) لكن يساقون إلى الجنة والنار جماعة (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا (73) الزمر) (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا (71) الزمر) هذه معنى جميعاً. (فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ) كلمة أحصاه أعجوبة! طبعاً نحن قلنا سابقاً أن الإحصاء غير العد. عدهم عداً واحد اثنين ثلاثة أربعة، أحصاهم إحصاءً كل واحد كما هو الآن كل الدول هناك سجل لكل مواطن أصله وفصله وعمره وشهادته يعني معلومات كاملة هذا إحصاء وليس عدّاً. نحن الإحصاء بالإمارات نحن خمسة مليون كل واحد أصله وفصله ودراسته تحقيقات جنائية عليه تهمة أو لا مخالفات أو لا هذا يسمى إحصاء. نحن كلنا نخطئ أنت فرق بين أن تخطئ وأنت مؤمن وبين تخطئ وأنت كافر عندما تخطئ وأنت كافر ما في داعي يحاسبك يقول لك أنت مؤمن بالله أو لا؟ يقول لست مؤمناً خلاص مع السلامة ما في داعي يحاسبك على أعمالك (ليس بعد الكفر ذنب) لكن يحاسبك أنت المؤمن بالله سواء كنت مسيحياً أو يهودياً أو صابئياً أو مسلماً تقول نعم لا إله إلا الله هذا الذي سيحاسبك يوم القيامة يقول لك أنت ستدخل الجنة أما الآخر ما له علاقة بالجنة رأساً على طول على النار لأنه غير مؤمن. وحينئذٍ أنت الذي سوف تحاسب حساباً إحصائياً كل صغيرة وكبيرة كيف فعلتها؟ يعني أنت صليت كم نسبة الواحد بالمليون فيها رياء أو فيها كسل أو فيها اختلاف أو بدعة من البدع التي شكلت طوائف وفئات وأحزاب؟ ما في صغيرة وكبيرة إلا وتجدها (مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) الكهف). إذاً هذا الفرق بين أحصاه الله ونسوه، هو كيف نسوه؟ هو إذا ما طبقه أي نساه يعني لما رب العالمين يبعثه ثم يرى أنه لا صوم ولا صلاة طبعاً هو نساها لأنه هو لو لم يكن ناسيها فلماذا يترك الصلاة والصوم مثلاً؟ أما الآخر يخلفون لكم ويحسبون أنهم على خير (فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30) الأعراف). طبعاً كل الطوائف يالله والله يا جماعة (قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) الحجرات) كل الطوائف وكل الكفار هم يقولون أنا الذي على صواب يحسبون أنهم على خير كل واحد. ورب العالمين هو الذي يوجهك ولهذا لا تمنّ على الله والله لو أنك سجدت لله منذ أن ساعة ما ولدتك أمك إلى أن عشت مائتين سنة وأنت ساجد لم توفّي الله حق نفس من أنفاسك (قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ) ولهذا رب العالمين عز وجل يقول (كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53) المؤمنون) ما معنى أنت الوحيد جعلك رب العالمين تقول لا إله إلا الله محمد رسول الله وموسى وعيسى وإبراهيم وإسماعيل وإسحق رسل الله لا نفرق بين أحد من رسله ولا تبغض أحداً من خلق الله، ما معنى فقط أنت؟ لماذا يعني؟ هو اختياراته. ولهذا رب العالمين عز وجل في الإحصاء ما يفوت ولهذا الحديث (من نوقش الحساب هلك) يعني أنت إذا ما رب العالمين أدخلك الجنة من دون حساب فموقفك سيكون شنيع جداً أنت ستدخل الجنة لكن بعد ماذا؟ بعد ما تدخل وتخرج من الحساب وأنت دايخ ومنتهي. إذا رب العالمين حاسبك على كل صغيرة وكبيرة يا أخي أنت تكاد تموت من الخجل ولهذا في بعض الأحاديث أنه أثناء الحساب يغرق المؤمن بعرقه من الخجل لأنه كل صوت وصورة (هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29) الجاثية) ماذا تفعل؟ ما عليك إلا أن تكثر من الاستغفار، ما هلك أحد مع الاستغفار (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب). والله العظيم لو تخيلت النار تخيل أنت وضعوك ليس في النار تخيل غرفة فيها عشرين ثلاثين دفاية وأنت جالس لا تحترق ومغلقين الغرفة عليك وأنت بهذه الحرارة يعني عذاب لا يمكن احتماله فكيف لو تدخل النار وأيّ نار؟!! نار جهنم وأنت حي تصلاها وتحكي مع الشيطان ومع من فيها لكن أنت في نار لا يمكن لك أن تتخيلها!! كل هذا كان ممكن ينتهي بلا إله إلا الله محمد رسول الله. وإذا كنت من المسلمين أو من المسيحيين أو من اليهود أو من الصابئين أصحاب الأديان السماوية ما عليك إلا أن تؤمن بالجميع (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) البقرة) أنت الوحيد مع محمد صلى الله عليه وسلم أنت الوحيد الذي وفقك الله لهذا فلا تفرق بين أحد من رسله وأنت تؤمن بأن حق اليهودي والمسيحي والصابئي وهو في بلادك أكثر من حقك أنت المسلم. اليهودي هؤلاء والمسيحي والصابئي هؤلاء أمانة عندك أهل الذمة هؤلاء لهم حق ونصف، حق أنه مواطن يأخذ حقه كالمواطنين كاملاً ويأخذ نصف حق زيادة لأنه ذمّي وهو أمانة والرسول آخر ما قاله قبل أن يموت صلى الله عليه وسلم (أوصيكم بذمة محمداً خيراً).

 

د. نجيب: كأن الله سبحانه وتعالى حين قال (ويحلفون لكم) هذا ادّعاء منهم فينبئهم بما عملوا كأنه يكشف هذا الإدعاء ويبين كذبه. مشهدان مكملان لبعضهما. نعود لشيخنا بعد الفاصل

———-فاصل————-

سورة الحشر

د. الكبيسي: ننتقل إلى سورة الحشر (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) الحشر) هؤلاء الذين هاجروا من مكة إلى المدينة تخيل واحد ترك بلاده وموطئ رأسه وبيته وأغراضه وعفشه لكن أخرجوه هؤلاء المشركين كما أن النبي صلى الله عليه وسلم أُخرج من مكة قال (إنك لمن أحب البلاد إلي ولولا أن قومك أخرجوني ما خرجت) خرج المسلمون القادرون على الهجرة من مكة إلى المدينة وما هي سهلة والله! واحد يترك بيته وأغراضه وكذا ولم يكن يعرف أنه سيرجع فمن كان يعرف أن الإسلام سينتصر؟! وترك كل شيء وراح هؤلاء فئة الفئة الثانية الذين بقوا لضعفهم وين يروح ما عنده فلوس ولا ركوبة ناس مساكين قاعدين تحت رحمة المشركين هذا كما يجري اليوم. هذا الكتاب العزيز لكل زمان ومكان نسخ متعددة الآن دول كسوريا واليمن والصومال ومالي والعراق نصف الشعب هاجر تركوا بيوتهم ومواطن الصبا وأغراضهم ووظائفهم وخرجوا خوفاً من القتل وناس ضعفاء بقوا ما يخرجون يقول لك خليهم يقتلوني أين أروح؟ فهم هؤلاء حالتين حال الله قال (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ) هؤلاء هاجروا، الآية الثانية (لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273) البقرة) ما زالوا موجودين ما طلعوا ما يروح أين يروح؟ إذاً هم حالتان حالة استطاع أن يهاجر الآن عندنا خمسة مليون سوري بالصحراء بهذا الحر والبرد وهذا الموت الأحمر والأمطار يموتون جوعاً والذين في الداخل أسوأ القتل عليهم والصواريخ يومياً وهكذا أكثر من دولة في العالم العربي. وهذه صورة تتكرر فرب العالمين عز وجل يخبرنا أن هؤلاء وهؤلاء هم من ملوك الجنة يوم القيامة. لأنه فرق بين أنت يصير عندك صداع تدخل الجنة مسخّن تدخل الجنة تصلي بالليل تدخل الجنة وبين هذا الوباء والبلاء العظيم أن تفارق بيتك وأرضك ومواطن حياتك وأجدادك وتذهب هائماً على وجهك في المطر والبرد والثلج والأفاعي، وأنتم تسمعون في الأخبار كيف أن الباقين في العراق الآن سلطوا عليهم جراد وفئران تأكل البشر وآخر شيء قبل ثلاثة أربعة أيام في الصحف المحلية والعالمية والإذاعات العالمية نشروا نوعاً من الأفاعي السود كاسرة يعني أول أمس بالصحف هنا حيّ بأكمله هرب من أفعى سوداء ألقيت عليهم!! فتأمل كيف أن هذه الآية كأنها تنزل في كل جيل كأنها تنزل اليوم، ناس هاجروا (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ) وعاش شريداً طريداً وهكذا كما ترونهم الآن بأعينكم وناس بقوا في الداخل كالفلسطينيين مثلاً فمنهم من هاجر ومنهم من بقى وانظر ماذا يحدث للباقين كل يوم؟ كل يوم تقتيل واغتصابات وتعذيب وإبادة والعالم ساكت العالم الديمقراطي وحقوق الإنسان!! كما هو الشعب السوري يقصف بصواريخ السكود هذه محرمة دولياً ويطلقها على شعبه!! هكذا رب العالمين يخبرنا بهاتين الآيتين (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا) و(لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا) حالتان: حالة المهاجر وهو في شقائه وهذا الذي أُحصر وهو مقتول لا محالة هو وأطفاله.

الدكتور نجيب: لم يقتصر على فئة واحدة منهم والعجيب أن هؤلاء الذين أخرجوا لو علم هؤلاء المعتدون بركة هؤلاء المحصورين لما أخرجوهم لأن الله تعالى يقول (لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25) الفتح) لا يدرون أن هؤلاء هم الذين منع عنهم العذاب فلم ينزل عليهم إكراماً من الله تعالى لهؤلاء الباقون المستضعفون

الدكتور الكبيسي: هذه الأحداث في التاريخ والآن تخلي للمسلم الذي يقول لا إله إلا الله ويصلي ركعتين ولم يقتل أحداً نخلي له أمل على ما كان فيه. لأنه هذا الذي يقتل آلاف ويعذب آلاف شيخي الآن سجون هؤلاء الناس فيها مئات وآلاف النساء والأطفال والشباب والشيوخ يقتلون يبادون يغتصبون يذبحون ذبح الخراف وهذا سيدخل النار الحاكم. فالآخر يقول أنا مرتكب بعض الذنوب لكن إذا كان هذا دخل النار وأنا لم أقتل أحداً ولم أبغض أحداً ولم أكفر أحداً يصير له أمل بالله أنه سيغفر له كل ذنوبه من أجل هذا من أجل هذا (قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ) من عوفي فليحمد الله. (لم يزال المؤمن بخير مالم يصب دماً حراماً) لو تعرف ماذا فعلوا في شعب أبي طالب في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث سنوات حاصروهم في وادي وهو شِعَب أبي طالب لا ماء ولا شجر ومنعوا التجارة والتواصل إلى أن بدأ أحدهم يأكل جلد البعير الميت يغسله ويشويه ويقتات عليه ثلاث! ثلاثة أيام يمصمص فيه من الجوع من الموت. هذا يحدث الآن هذا في بعض الدول العربية التي تقتل شعبها يحدث الآن فهذا كأنها تنطبق عليهم لأن هذا الفرق بين (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ) وبين (لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا) وكلاهما فقراء لكن هذا ترك بلده. من أجل هذا رب العالمين تكلم عن الأولين قال (أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) وعن الثانين (يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ). من أجل ذلك عليك أن تعلم بأن كل حركة وسكنة في هذا الكون مرصودة أحصاه الله ونسوه. فالإحصاء في كل الذي يجري يوم القيامة لن تفلت منك فلتة ولن تخفى على الله منك خافية! ولذلك إذا رأيت هذا الوباء احمد الله على أنه نجاك لماذا لم تكن أنت واحداً من هؤلاء القتلة المجرمين؟ حينئذٍ عليك أن تعرف بأن هذا الذي أنت فيه من نعم الله العظمى عليك أن جعلك موحداً تؤمن بكل الأديان لم تتلوث يدك بأي دم كان إلا إذا كان بحق إذا كنت حاكماً القاتل يقتل إلى آخر القتل المشروع.

الدكتور نجيب: لكن أليس هذا الإخراج الذي حصل وما زال يحصل لهؤلاء الفقراء إيذان وإعلان بأنه قد أوشكت عقوبة الله تعالى أن تنزل عليهم (فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) الذاريات)

الدكتور الكبيسي: هو هذه بشارة. هذا الوضع الذي يصل إلى هذا الحد بشارة كاملة أن وراءه نصر لا يتخيله المظلومون الآن يعني هذه سوريا والعراق وما شاكلهم ومالي والصومال وربما تونس والبقية تأتي إذا وصلوا إلى هذا الحد من الإبادة والجرم معناها وراءه والأمة الآن كلها مرعوبة ومغشوشة والأمة إن شاء الله قادمة على عهد يذكرنا بالعهود الصالحة القديمة عدالة ومؤاخاة ومحبة وما فرق بين لا دين ولا دين ولا مذهب ولا مذهب ولا قومية ولا لعنصرية كلنا نعود لآدم وآدم من تراب إن شاء الله.

إذاً هذا الفرق بين الآيتين في سورة الحشر للفقراء المهاجرين هؤلاء الذين هاجروا وطبعاً تخيل واحد ترك أرضه وبيته والفقراء المحاصرين الذين جلسوا في بيوتهم تحت القنابل والإبادات وبيد العدو يفعل بهم ما يشاء. هذا الذي يجري في عواصم عربية كبغداد ودمشق ومالي والصومال والبقية تأتي والله أعلم. فالذين أُخرجوا على الأقل خلص من هذا العذاب لكن الذي حصروا ما يقدر يطلع ووقعوا فريسة بيد عدوهم  يفعل بهم ما يشاء كالذي جرى لآل ياسر هذا الذي النبي قال (صبراً آل ياسر) وسمية رضي الله عنها هذا يحدث الآن لمئات المسلمات على أيدي هؤلاء الكفرة وأيدي ناس يدعون أنهم مسلمون هذه المأساة.

سورة الممتحنة

يبقى عندنا الآية الأخيرة وهي في سورة الممتحنة آية واحدة (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) الممتحنة) ويستمر إلى أن يقول (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6) الممتحنة) في البداية (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ) لما أكمل لماذا قال (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) كيف؟ إبراهيم تبرأ من قومه تصور واحد يتبرأ من قومه! (إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ) هذا يستثنى انتبهوا جيداً هذا يقول (إلا) يعني هناك أسوة حسنة إلا هذه الفقرة إياكم تفعلونها مثل ما فعلها إبراهيم وإبراهيم فيما بعد ندم واستغفر. أنتم كل ما فعل إبراهيم اتبعوه لكم فيه أسوة حسنة. فرق بين القدوة والأسوة القدوة فيما تحب أنت تصلي أنا أصلي أنت تعطي أنا أعطي، الأسوة شيء تكرهه أنت صابر على العدو وأنا أصبر مثلك شيء تكره هذه الأشياء التي تكرهها نفسك فسيدنا إبراهيم عذبوه ورموه في النار ليس هناك أكثر من هذا، سيدنا إبراهيم الذين معه شافوا عذاب خيال لكم فيه أسوة إلا شيء واحد هذا لما قال يا رب اغفر لأبي هذا لا تفعلون مثله (إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) ثم سيدنا إبراهيم غير هذا ثم (لَقَدْ كَانَ) لماذا جاءت سابقاً ما قال قد كان لكن هنا قال لقد؟ بعد ما حكى قصة سيدنا إبراهيم وصبره على العذاب هو وجماعته على التعذيب وعلى كل شيء خاطب المسلمين (لَقَدْ كَانَ)تأكدوا هذا الذي صار مع ابراهيم ستصبحوا مثله (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) عليك أن تعلم ومن يتول لأن هناك ناس تولوا من المنافقين فإياك أن تتولى ساعة العذاب وهذا يجري اليوم هناك أناس مالأوا الظالم والمحتل يقولون دعنا نعيش وناس والله صبروا وقتل هو وأطفالهم ونساءهم وفعلوا بهم ما فعلوا وما غير هذا من إيمانهم. هذه الأسوة الحسنة بإبراهيم والذين آمنوا معه أول الإسلام حصلت بالمائة مائة صبروا على الضيم وعلى الجوع وحصار شعب أبي طالب وعلى القتل والإبادة إلى أن نصرهم الله كما قال الدكتور نجيب هذا إذا حصل لأهل الحق مثل هذا البلاء معنى ذلك أن وراء ذلك نصر عظيم وهذا قادم لا محالة في العالم العربي كله هذه الإبادات وهذه القتول وهذه التعذيبات في السجون وراءها نصر عظيم وان توحّد كلمة الأمة على لا إله إلا الله وعلى التآلف والمحبة بين كل أفراد الساكنين في الأرض المسلمة أيّاً كان دينه أو مذهبه أو قوميته. هكذا هو أدب الإسلام ما دام دخل بلادك فأنت مسئول عن أمنه وأمانه. هذا الفرق بين (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) وفي آخر الآية(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) يعني انتبهوا يا مسلمين هذه قضية أكيدة مطلوب منكم أن تتأسوا بهذا الذي فعله إبراهيم كما رب العالمين قال لنا نحن (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21) الأحزاب) كيف النبي صلى الله عليه وسلم صبر وكيف تعذب وكيف هُجِّر أنتم عليكم أن تتأسوا ليس تقتدوا، اقتدوا بكيف يصلي كيف يصوم لكن هذا تأسي لأنه فيه آلام وفيه مصائب وحينئذٍ أنت في الـتأسي

إنما الدنيا شجون تلتقي       وحزين يتأسى بحزين

ضحكُ الدنيا احتشاد للبكا     وأغانيها معدات الأنين

وهذا هو طبع الدنيا صبر أو تأسي أو اقتداء

الدكتور نجيب: وكيف لا نتأسى والدعوة المحمدية امتداد للدعوة الإبراهيمية تلك الرحلة التي جاء بها (ملة أبيكم ابراهيم هو سماكم المسلمين). وتلك الرابطة النورانية بين الدعوة المحمدية ودعوة سدينا إبراهيم تلك التي ندعو بها صباح مساء في كل صلاة اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم

الدكتور الكبيسي: سيدنا إبراهيم هو القاسم المشترك بين كل الأديان لكن الدين الوحيد الذي كرّمه إلى الآن وإلى يوم القيامة هو هذا الدين المبارك

د. نجيب: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

د. الكبيسي: ويكفي أنه جد النبي صلى الله عليه وسلم إسماعيل.

د. نجيب: باسمكم جميعاً أتقدم بالشكر الجزيل لشيخنا الجليل الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله ورعاه على هذه الروائع القرآنية التي ندعو الله سبحانه وتعالى أن تستمر ويديمها علينا دائماً في حلقات قادمة إن شاء الله وإلى اللقاء والسلام عليكم ورحمة الله.

بُثّت الحلقة بتاريخ 1/3/2013م وقامت الأخت نوال من السعودية بطباعتها جزاها الله خيراً وتم تنقيحها.

رابط الحلقة فيديو

http://www.youtube.com/watch?v=e7zJ8X8hdTs