وأُخر متشابهات

وأُخر متشابهات – الحلقة 26/الجزء الأول

اسلاميات

الحلقة 26

بسم الله الرحمن الرحيم وكما قال الدكتور نجيب لا نزال نستدرك بعض الآيات في سورتي البقرة وآل عمران كما استدرك علينا بعض المشاهدين من حيث أنهم شخصوا لنا بعض المقاطع التي تركناها أو تجاوزناها وفي الحقيقة ما تركناها إلا لأننا لم ننتبه إليها وجزى الله المشاهدين خيراً الذين انتبهوا إليها وأشاروا علينا بها.

(ربَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ (129) البقرة) – (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ (164) آل عمران) – (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) الجمعة)

من هذه الآيات كنا تحدثنا في سورة البقرة عن قوله تعالى سيدنا إبراهيم (ربَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ (129) البقرة) وتحدثنا عن هذا في الحلقات الأولى، مرة قال (من أنفسهم) ما الفرق بين (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ (164) آل عمران) هذا في سورة آل عمران وفي الجمعة (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) الجمعة) لماذا؟ العرب ليش في العرب منهم وبالمؤمنين وهم قريش الذين هم أوائل المسلمين قال من أنفسهم؟ لازم في فرق وفعلاً هناك فرق عدنا إلى كتب التفاسير وأهل الفضل وأهل التذوق لهذه اللغة وجدنا ما يلي: تقول فلان من بني فلان هذا فقط كونك منهم بغض النظر عن ميزة أو غير ميزة كقوله (وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ (20) القصص) كافر مؤمن شيخ سكرتير فرّاش خادم ملك لا يهم هذا منهم ورب العالمين لما خاطب العرب والأميين وليش قال العرب أميين؟ العرب الأمة الوحيدة التي ليس لديها حساسية من أي أمة وما ثبت في التاريخ لا قبل الإسلام ولا بعد الإسلام أنهم ميزوا أنفسهم عن أمة أخرى وهم أمة أمية أي أنها تنتمي إلى جميع الأمم وأخلاقها أخلاق أممية فجاء هذا الدين بناء على هذا الله قال (أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا (37) الرعد) قال (لِّسَانًا عَرَبِيًّا (12) الأحقاف) وقال (حُكْمًا عَرَبِيًّا) فرب العالمين قدم هذا الإسلام على طبق من أخلاق العرب ولهذا قال r (بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) من ضمنها حب الجار وليس حب فقط بل فداء يعني يفدي جاره بنفسه وأهله وذويه كما فعل كثير من العرب السموأل وغيره وإلى يومنا هذا الجار يفدي جاره. ثم أهل أسرة زوج وزوجة وأولاد وعائلة وعائلتين تصبح أسرة وأسرتين تصبح فصيل وفصيل يصبح عشيرة وعشيرة يصبح قبيلة والقرية يصبح شعب يعني هذه الأمة متداخلة النسيج في النسب (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً (92) الأنبياء) هذه من خصوصياتها هي أمة أمية (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ) فقط كونه منهم بغض النظر عن أن هذه منهم لا تعطي إيحاء بميزة أو عدم ميزة. حينئذٍ هذا قال (بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ). لكن هذه الآية التي تخاطب المسلمين الأوائل وهم أهل النبي وخاصته وعشيرته وقبيلته قال (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ) من أنفسهم يعني من خيارهم من أفضلهم معروف لديهم حسباً ونسباً وأخلاقاً واحتراماً وهذه من ميزات المصطفى صلى الله عليه وسلم كثيرٌ من الرسل كانوا مجهولين لشعوبهم يعني كما قال تعالى عن سيدنا موسى عليه السلام وهو من هو كما تعرفون فضلاً من أولي العزم يعني ما بعد النبي إلا موسى وحينئذٍ قال (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا (18) الشعراء) كيف تكون أنت نبي؟ أنت يتيم لقيط نحن وجدناك وربيناك والآخر يقول لشعيب (وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ (91) هود) النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن هنالك أحد يستطيع أن يقول له هذا الكلام وإنما يقول له أنت فلان بن فلان بن فلان محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب إلى نهاية (ولم أزل خياراً من خيار) هذا النسب الرصين والمقام الرفيع إلى حد أنهم احتكموا إليه في أقدس عباداتهم في وضع الحجر الأسود في مكانه لم يجدوا طريقة يفعلون بها بحيث تسوي بين القبائل إلا أن هذه القبائل جميعاً وهذه البيوتات جميعاً الشرسة فيما بينها اتفقوا على الأمين على محمد الأمين لكي يرفع الحجر وتعرفون هذا ونحن لا نشرح السيرة فهي معروفة فالنبي صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام وبعد الإسلام هو وأسرته ونسبه وقبيلته وأخلاقه وسمعته معروفة لهذا قال (مِّنْ أَنفُسِهِمْ). كلمة (من أنفسهم) على خلاف (بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ) العرب كلهم لهم شأن آخر، الكلام في البيئة والمجتمع والمدينة والقبيلة التي نزل فيها هذا الدين هو من أنفَسهم-بفتح الفاء- ومن أنفُسهم-بضم الفاء- وكونه من أنفسهم-بضم الفاء- فإنه أيضاً من أنفسهم-بفتح الفاء- هذا الفرق بين (بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ) لأن هناك أنت لا تفرض نفسك على بقية الناس العرب لهم شأنهم قبائل وناس والخ هذه الأميين. لكن في المؤمنين الأوائل وهم محيط مكة والمدينة لا يناقش ولا يجادل أحد في هذا (مِّنْ أَنفُسِهِمْ) من هنا جاء النص على كلمة من أنفسهم للمسلمين الأوائل الذين هم يعرفون من هو محمد صلى الله عليه وسلم .والمنّة ولهذا قال (لَقَدْ مَنَّ) المنة الهدية التي لا يستطيع أحد أن يقدمها لك إلا هذا المُهدي بالذات يعني شخص عينوه رئيس وزراء هذا ما يفعله إلا رئيس الدولة يعني هذه منّة رئيس الدولة على شخص يختاره من شعبه. وحينئذٍ كل رؤوساء الوزراء في العالم الذين أتى بهم الملك أو رئيس الجمهورية ولا يستطيع أحد أن يعينه إلا هذا فهذه منة. فرب العالمين يقول (قُل لّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ (17) الحجرات) من الذي يمكن أن يفعل هذا إلا الله؟! لا يوجد فقط رب العالمين ولهذا سماها منة. هنا أيضاً من الذي يمن عليك حتى يبعث لك رسولاً من أنفس وأنفس قومك بحيث لا يناقش أحد لا في أخلاقه والله لو وجدوا في أخلاقه ذرة شعرة حتى شيء لفضحوا النبي صلى الله عليه وسلم وما آمنوا به لكن من أين يؤتى؟ فكله مكارم وكله أصلٌ وكله أخلاق. من أجل هذا لم يجد كفار المشركين ثلمة يأتوا منها النبي صلى الله عليه وسلم قال (بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ) ولكن من المؤمنين من (مِّنْ أَنفُسِهِمْ) وهم القاعدة الأولى الرصينة التي بُني عليها هذا الدين بعد ذلك وقاموا به إلى العالم أجمع. هذا الفرق بين (بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ) وبين (بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ) ولهذا قال صلى الله عليه وسلم (سلمان منا أهل البيت) ما قال من أنفسنا، الكل يعرف أن سلمان رجل فارسي وليس عربياً وما كان هو من أفضلهم لكن (منا) من حيث أنه صار واحداً من آل البيت دخل بآل البيت لكن لا يعني أنه من أنفُسهم يعني أفضل واحد في آل البيت سيدنا علي وفاطمة وأولادهما أفضل وأكرم وأعلى مقاماً من آل البيت هؤلاء الناس لو قال سلمان من أنفسنا لكان سلمان أفضل من علي وهذا لا يمكن إذن صار قال سلمان منا آل البيت. ولهذا قال عن فاطمة (فاطمة بضعة مني) ما قال مني جزء هذا أعلى من أنفسنا أيضاً. يعني كلمة بضعة مني أكثر لو أنه قال فاطمة من نفسي، بضعة جزء مني وليس من نفسي جزء مني قطعة لحمة من جزئي ولهذا هذه اللغة رب العالمين قال (لِّسَانًا عَرَبِيًّا) بآدابها وبلاغتها إعجاز الفرآن اللغوي سيبقى شاهداً وماثلاً إلى يوم القيامة وها أنتم ترون نحن على ضعفنا وقلة بضاعتنا في الكلمة وأخواتها وفي المتشابه هذه البضاعة القليلة كم هي تلفت الأنظار منذ 15 عشر قرناً تكتشف فيها هذه الجوانب وإلى يوم القيامة في كل جيل ستكتشفون في هذا الكتاب العزيز جوانب لم يعرفها السابقون ما قال به إمام المفسرين-رحمة الله عليه- في هذا العصر الشيخ الشعرواي فريد في وقته ومن قبله الرازي في زمانه فريد وما قاله ابن عباس في زمانه فريد وفي كل عصر سوف يأتي تلمس جانب من هذا الكتاب العربي لغةً جانب فريد لم يطّلع عليه هذا القرآن يعطي عطاءاً في كل جيل (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ (53) فصلت) هذا الموضوع الأول.

(ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ (199) البقرة) – (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ (135) آل عمران)

الموضوع الثاني في البقرة أيضاً استدراك على بعض الأخوان قال نحن لم نفهم عن الحج في البقرة يقول (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ (197) البقرة) وقال (ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ (199) البقرة) هل قمنا بشي؟ نحن كنا نعبد الله على ماذا نستغفر؟ وهناك في آل عمران (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ (135) آل عمران) هذه فهمناها فعل فاحشة يستغفر معقول أما أن أحج وأستغفر؟! كيف الربط؟ والله كلام منطقي نصلي نستغفر نزني نستغفر فهمونا ما الأمر؟ قال لك لا أنت واهم أنت تظن أنك صليت خلاص لا؟ لا فأنت مصيبتك في الصلاة والحج أكثر من مصيبتك في الزنا. فالزنا ذنب تذنب تستغفر الله وخلاص تبت توبة حقيقية تماماً وندمت وحزنت وأقلعت والله ما بقي عليك ولا شعرة. لكن أنت ذنوبك في العبادات تحبط الأعمال الزنا لا يحبط الأعمال، ذنوبك في العبادات يحبطها الرياء يقول النبي صلى الله عليه وسلم (من حسنت صلاته في المسجد لِما يرى من نظر الناس إليه فقد حبط عمله) أنت تصلي مثلي أنا ونجيب نصلي بسرعة مستعجلين لكن لما كنت أنت في المسجد والملك جالس والأمراء والمشايخ والمطاوعة وفلان وفلان فأنت تقوم بالخشوع في صلاتك أنت هنا هلكت (من حسنت صلاته في المسجد لِما يرى من نظر الناس إليه) أنت مشهور أنت شيخ أمير ملك عالم داعية شاعر أديب فتسمع جاء فلان وفلان فلان حتى لو ممثل وممثلة الخ المهم أنت مشهور فلما أتيت أشاروا عليك بالبنان هذا هذا فلما نظر الناس إليك أنت صليت صلاة في غاية الاحترام هلكت، يعني يا ريتك ما صليت هذه الصلاة لو تركتها لكان خيراً لك تقضيها، لكن هنا هلكت .من أجل هذا كان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بعد انتهاء الصلاة مرة يقول الله أكبر ومرة يقول اللهم أنت السلام ومنك السلام أغلب الحالات يقول استغفر الله. استغفِر الله يا رجل (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ(7) الشرح) انصب بالدعاء والاستغفار. أقول لك شيئاً لنكن واقعيين كل واحد منكم زار رئيس دولة أمير ملك مسؤول كبير جداً واحد شخصية عظيمة وأنت لك حاجة عنده قابلته وخرجت كلنا جميعاً عندما يخرج يا ترى كان كلامي معقول؟ كان فيه غلط؟ يا فلان كيف كان موقفي؟ هذه الكلمة لم تكن حلوة؟ ومرة فعلاً يقال عن الملك الحسين ملك الأردن عمل غداء للناس فواحد أكل بشراهة شوية فغضب وقال أنا معدتي للشبع؟ أنا معدتي للشرف تأكل لقمة وتسكت. ولهذا في الأردن في تقليد جميل جداً عندما تدعى لوليمة تأكل في بيتك نصف أكلة يسموها لقمة الكرامة وهذه سمعتها منهم الأردنيين يعني في غاية الذوق والأدب أنت عندما تكون مدعو على الغداء والغداء الساعة 2 بعد الظهر قطعاً أنت جائع وبالتالي ستأكل بشراهة وبعض الناس صغير فأنت عندما تكون مع الملوك تأكل لقمة ونصف فقط للشرف أنك أنت حاضر المائدة وأجبت الدعوة وتشرفت بمقابلة هذا الوجيه أما أن تأكل والملك جالس! فإذا كان هذا مع ملك بشري فكيف مع الله يا ترى أنت كان وضوءك كاملاً؟ لما قرأت كنت خاشعاً؟ (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) المؤمنون) رب مصلي ليس له من صلاته إلا القيام والقعود، رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، رب قاريء للقرآن والقرآن يلعنه، يقول لك (وما حجّ ولكن حجت العير) أنت عندما حجيت لم تحج ولكن البعير التي حجت فما حجك أنت؟ لا رفث ولا فسوق ولا جدال ونحن نرى كلنا نتجادل ونتخاصم في الحج فوق الطاقة هذه يدفعك وتتعارك مع هذا وهذا أما أصحاب الحملات يتخاصمون لماذا لم تحضر البيض؟ ولماذا الشاي غير جيد؟ ولماذا لم تحضر كذا؟ يعني حج أيش هذا؟ وترى الحج الحقيقي أناس أفارقة وآسيوين حاملون أشياءهم وحاجياتهم كلها على أكتافهم يمشي من مكة إلى عرفة ومن عرفة إلى العزيزية ومنها إلى الطواف مشي! ويمسي يكبر لبيك اللهم لبيك ويقف على الرصيف يأكل خبزه هذا الحج ولهذا الله قال (ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ) والله العظيم لولا أن الله واسع ولولا أن الله حليم للفّ هذه الحجة وقذفها في صدرك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم على بعض المصلين وصلاتنا للعلم بلا مبالغة حتى لا أتجنى على أنفسنا أنا لا أحب جلد النفس دائماً نحن نجلد النفس لكن هذه حقيقة أنا واثق أن خمسين بالمائة من المصلين وأنا واحد منهم بعد الصلاة الملائكة تلفّ صلاتنا بخرقة بالية وتقذفها في صدورنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم صلاة ماذا؟ بسرعة وأنت طاير وخمسين شغلة ببالك والجماعة ينتظرونك والسيارة واقفة بالغلط لا تأخذ عليها غرامة الخ صلاة ايش؟ أين هذا الذي صلى وسقط المسجد وما درى؟! وهذا الذي صلى وقطعت يده ولم يشعر بها كانت يده بها سرطان وقالوا له لازم نقطعها ولا يوجد مخدر فقال عندما أدخل في الصلاة وأنا في الركعة الثانية اقطعوها وفعلاً قطعوها وما شعر! هذا طبعاً حالات نادرة لكن شوية خشوع. معنى هذا أن عباداتنا تحتاج الاستغفار أكثر من ذنوبنا لأن ذنوبنا أنا واثق سيأتي بعد قليل موضوع آخر (وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ (284) البقرة) يعني أنت رب العالمين يبتليك بشيء في صدرك وشيء في نفسك.

(وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ (284) البقرة) – (إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ (29) آل عمران)

يعني الآيتين (وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ) و (إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ (29) آل عمران) الذي في النفس نفسك وشهوات ووساوس هذا حديث نفسك أما صدوركم لا، مؤامرات وجرائم وإلحاد وكفر ونفاق وأنت مصايب وخيانة وتآمر مع العدو وارتداد شيء مصائب فهذه النفس يقول العلماء الأكارم يقولون عقوبته الهمّ كلنا فينا وساوس يعني واحد شاف له واحدة حلوة وفكر فيها واحد كان يسكر سابقاً وتاب ويقول الله ما أحلى تلك الأيام التي كنا نسكر فيها! ولهذا الإسلام حرّم استعمال أواني الخمر بعد ما حرّم الخمرة طيب يا أخي بعضها كاسات حلوة وجميلة صحيح كنا نشرب فيها الخمر لكن الآن تبنا نشرب فيها شاي قال لك لا إكسرها لا أحد يترك في بيته هذه الأواني لماذا؟ أنت بعد سنة أو سنتين من تركك للخمر ترى هذه الأواني وتقول الله كيف كانت ايام حلوة عندما كنا نسهر ولما كنا نسكر لا لا وحينئذٍ يقول عن هذا يبتلى بالهمّ. وساوس النفس رب العالمين يعاقبك عليها في الدنيا بالهمّ لكن التي في الصدور لا هذه مصائب. نحن قلنا سابقاً الشيطان يا جماعة مجرم كبير مجرم دولي ارهابي هائل هو ليس عمله أن يجعلك تنظر إلى امرأة أو تشرب خمر هو لا ينزل نفسه إلى هذا المستوى فهذا كفيل بها نفسك الأمارة بالسوء لا، يقول لك اكفر اشرك خون تعاون اقتل هذا شغل الشيطان هذا في الصدور كقوله تعالى (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) الناس).

د. نجيب: ولذلك يقول سهل بن عبدالله الدستوري (إن ذنب أبي الجن أعظم من ذنب أبي الإنس لأن ذنب أبي الأنس كان فعلاً منهياً عنه دعت إليه نفسه أما ذنب أبا الجن فقد كان تركاً لما أمره الله تعالى به) كما تفضلت في أنفسهم وفي صدورهم (فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ (37) البقرة) والمعصية تعرف بعظم عقوبتها.

د. الكبيسي: ولهذا هذا الفرق نحن نذنب فنستغفر ونعبد فنستغفر تذنب تستغفر لكي يغفر الله لك ذنبك تعبد الله عز وجل تستغفر لما قد يكون شاب عبادتك من نقص أنت مع ملك الملوك أنت جلست أمامه وهو يراك وأنت أمامه تماماً وأنت في حضرته وفي مجلسه أنت ممن عنده فعليك أن تكون متأدباً ولهذا من أدبك أن لا تكون حازقاً ولا حاقناً إذا أنت محشور بول انتبه أن تصلي وأنت تتعصر لكي لا تبول ما هذا؟! أليس عيب ورب العالمين يراك؟ صح هو عبادتك صحيحة وصلاتك غير باطلة يعني سقط فرضك لكن أيّ عبادة هذه تستحي منها يوم القيامة أو فكرك في مكان ثاني إلى أن قال الإمام السلام عليكم استيقظت من أحلامك وخيالاتك استغفر الله وهكذا عباداتنا معظمها فإبليس دوامه الرسمي منذ أن تقول الله أكبر أتاك تسلم أنت فرغت، كلنا يأتينا هذا سواء كنت مأموماً أو إماماً أو منفرداً في الصلاة فتقول الله أكبر جاءك إبليس فلانة وحكاية وفلان جاء وفلان كذا ومنذ أن تقول السلام عليكم راحت، إبليس يداوم معك تقول الله أكبر يقول أنا سأريك ويظل معك حتى تقول السلام عليكم فيذهب من عندك يقهقه صلاة ايش يا ابني راحت صلاتك هذه! حينئذٍ أنت تستغفر لسوء الأدب مع الله أنك عبدت الله عبادة أيّ كلام ما لها أي قيمة إلا اسقاط فرض وهذا ليس فيه أجر. يعني خمسين مقبول ما هذا النجاح الذي ينجح من خمسين مكتوب عليه التقدير مقبول يا أخي الرسوب لا نقول أحسن منه لكن هي والرسوب سواء بسواء.

بُثّت الحلقة بتاريخ 17/10/2008م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها