الحلقة 27
(وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251) البقرة) – (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الحج)
نبدأ هذه الحلقة بهذه الآية (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251) البقرة) سورة البقرة 251 وفي سورة الحج 40 نفس الآية (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الحج) ماذا تحكي لنا هاتان الآيتان؟ تحكي لنا كيف أن الله عز وجل أراد أن يحفظ فطرته التي فطر عليها هذا الكون. هذا الكون فطره الله على النظافة نظافة البيئة ثم جاء الإنسان فلوّث هذه البيئة (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) الروم) إن الله عز وجل خلق الإنسان على الفطرة كل مولود يولد على لا إله إلا الله بطبيعته بقوانينه يخلقه الله عز وجل وهو يوحّد الله ثم تأتي الدعاوى والوثنيات ممن يدّعون أنهم رجال دين (إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) الأحزاب) وهكذا رب العالمين عز وجل فطر هذه الأرض والتعايش عليها على الأمن، أنعم على كل سكان هذه الأرض بالأمن ولكن الإنسان بعد ذلك هو الذي يأتي على هذا الأمن فينهيه ويجعل الخوف مكانه بالطغيان والطمع والاستحواذ وهكذا في الحالتين رب العالمين يقول (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) إذاً كيف رب العالمين يحفظ أمن هذه الأرض؟ وما هي هذه الوسائل التي يحفظ الله بها هذه الأرض؟ يحفظها بأسلوبين وأنتم تعرفون أن الله سبحانه وتعالى له وسائل وأسباب الأسلوب الأول هو أن الله لا يترك قوة تستبد بالعالم كل قوة إذا انفردت بالعالم يوماً بعد يوم سنة بعد سنة يغريها انفرادها بالعالم بأن تظلمه وأن تستحوذ عليه وأن تظلم وتذل شعوب الأرض وأن تقتلهم وأن تشردهم وأن تغتصب أراضيهم كما هو الحال في التاريخ كله. في الآية الأولى تتكلم عن حكم الطغاة (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) لذهب أمنها وسلامها الأمن العالمي والسِلم العالمي الذي أراده الله لهذه الكرة الأرضية حفظه الله عز وجل بأن ما جعل قوة واحدة تستبد بالأرض فتملأ هذه الأرض ظلماً وطغياناً وإنما جرت سنة الله سبحانه وتعالى أن تكون هناك قوتان متنافستان وحينئذٍ كل منهما تلجم طغيان الآخر وجموحه وكل منهما تحاول أن تظهر بمظهرٍ إنساني إذا اعتدي على دولة أو شعبٍ ضعيف وهذا ما جرى في التاريخ كله من آدم إلى أن تقوم الساعة هذه سُنة الله في خلقه. حدث في التاريخ أن استبدت قوة واحدة في الأرض فعاثت فيه الفساد حينئذٍ بما أنه ليس هناك قوة أخرى تلجم هذه القوة وتكف شرها عن الناس حينئذٍ يتدخل الله عز وجل بإسقاط هذه القوة الواحدة باللامعقول لأن الله سبحانه وتعالى إذا تدخل فإنه لا يتدخل بالمعقول يتدخل باللامعقول وهذا أمر الله عز وجل. سيدنا إبراهيم عندما كُتِّف من دولة عظيمة يحكمها النمرود الباطش ثم كتفوه وألقوه في النار ليس هناك أي وسيلة أخرى إلا أن يتدخل الله باللامعقول قال (يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) الأنبياء) من يملك هذا إلا الله؟ وهكذا كل ما جرى في التاريخ سيدنا موسى وقومه ضعفاء مساكين هذا فرعون استبدت قوته في الأرض (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51) الزخرف) ثم هرب موسى وقومه مئات الآلاف وخلفهم ملايين وإذا بفرعون يسد الأفق خلفهم والبحر أمامهم قال (قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62)الشعراء) لكن كيف لا أعرف إذن إن الذي سيحدث من اللامعقول (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) الشعراء) اللامعقول، النمرود (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ (258) البقرة) ماذا يعني؟ حينئذٍ هذا النمرود له جيش كبير يسد الأفق ويغزو كل يوم قوماً يذلهم ويسترقهم ويسرق أموالهم والناس يخافون منهم أرسل الله إليه بعوضة تدخل في أذن الجندي فيظل يخبط رأسه بالحائط إلى أن يموت فهذا من اللامعقول. وهكذا حيثما وجدت قوة تستبد في الأرض وتظلم الناس وعادة ما تستبد قوة في الأرض إلا وتظلم الناس حتى لو بدت في البداية فاضلة لماذا؟ هو السلطان يغري الانفراد في السلطان واستضعاف الضعفاء يغري الآخرين كما يقولون المصريين في أمثالهم المال السايب يعلم السرقة فالشعب الخانع الضعيف وعنده ثروات وعنده أموال يغري أي قوة غاشمة بأن تأخذه كما هو الحال في الدنيا كلها. إذاً رب العالمين عز وجل الإسلوب الأول أنه يهيء لقوة كبيرة في العالم متميزة في كبرها (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً (15) فصلت) كما تقول عاد أهل عاد هؤلاء نفس الشيء شوية هواء تورنيدو سبعة أيام عاصفة أنهتهم تماماً فهذه الريح الصرصر ما تركت منهم أحد والريح الصرصر كم أهلكت دولاً! ويبدو أنها ستهلك دولاً قادمة أيضاً. حينئذٍ كل التاريخ كل القوى العظيمة ذهبت باللا معقول شيء تافه (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ (31) المدثر) (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آَيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (133) الأعراف) هذه جنود الله عز وجل لا يعجزه شيء. فحينئذٍ إذا رأيت أن قوة استبدت في الأرض فأمامها خياران إما أن يكون فيها حكيم يقول لهم لا تغتروا ولا تظلموا أحداً لأنكم إذا لم تظلموا أحداً ربما تبقون لكن إذا استبدادكم وتفردكم في الكون لكي تظلموا الناس فسوف تُهلكون وتهلكون باللامعقول سبب لا يخطر على بال شوية فيضان حشرة ذبابة شوية مرض لا تدري واقرأ التاريخ كله. من أجل هذا إذا كان هناك حكم في هذه الدولة وهناك من يقول في نهاية التاريخ تنفرد دولة في العالم وأصحابها وحكامها وفلاسفتها قالوا انتهى التاريخ هذه آخر قوة في العالم ولن تكون هناك قوة أخرى ما بقوا سنتين ثلاثة!.هذه القوة الجبارة التي لم يعرف لها التاريخ مثيل هناك قوة في الأرض الآن لم يعرف التاريخ لها مثيلاً في عناصر قوتها من آدم إلى الآن وربما إلى أن تقوم الساعة كان مفروض تطول خمسين ستين مائة مائتين سنة بهذه القوة في حكم الأرض وليس أربع خمس سنوات وليس أكثر هذا من صنع الله عز وجل (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) هذه الأسلوب الأول أن يدفع الله الناس القوة الكبيرة الغاشمة التي فيها قدرة على أن تسيطر على العالم وأن تغتر حتى تقول ليس بعدي قوة نهاية العالم كما يقولون حينئذٍ ستغرق بلا أسباب بشكل تام يعني هذا الاتحاد السوفييتي هذا إلى الآن لا نعرف لماذا سقط؟! هذا الذي كان يملك نصف الكرة الأرضية وغواصته الشهيرة التي هي أعظم غواصة في التاريخ الإنساني فيها من الأسلحة ما يزود الكرة الأرضية خمسين مرة إلى هذه الدقيقة لا نعرف لماذا غرقت؟! هذا الصرح هذا الإعجاز البحري هذا الكتلة الهائلة التي هي معظم الأرض التي تحسب حسابها كل الدول تغرق بثواني من دون أن يعرف إلى هذا الدقيقة لماذا غرقت؟! هذا هو اللامعقول من أجل هذا الذين لا يفهمون يبدأ يتفلسف لا يعلم أن هذا الكون له خالق وفيه قوة لامعقولة هذه القوة اللامعقولة هي الله عز وجل لا تحيط به العقول (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ (103) الأنعام) وهو أقرب إليك من حبل الوريد (لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197) آل عمران) متاعٌ قليل أيام سنوات قليلة إذا طبقت العدل تسلم وانعم بالسلم والخلود كما قال تعالى (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117) هود) إذا كان القرية المجتمع العظيم الدولة العظمى إذا حققت العدل فإن الله لا يهلكها في هذه الدنيا ولهذا يعني عندما تتفق القوتان رب العالمين خلق قوتين بعضها يدفع بعضاً لا تستطيع إحداهما أن تستبد بالأرض الأخرى تمنعها من باب المنافسة إذا اتفقت القوتان على ظلم الضعفاء يرسل الله لهما من اللامعقول شيئاً ضعيفاً يسقطهما في عام واحد كما حصل عندما جاء الإسلام كانت الأرض محكومة من دولتين لا ثالث لهما دولة الروم ودولة فارس، من مدينة عين التمر في العراق إلى مشرق الشمس يملكها كسرى ومن عين التمر في العراق إلى مغرب الشمس يملكها قيصر ولا ثالث لهما على وجه هذه الأرض وإنما هناك دول صغيرة أو مجتمعات وليست دولاً حتى أنها لضعفها تأنف الدولتان أن تحكمها حكماً رسمياً وأن تضع عليها أميراً أو حاكماً لا هكذا يعني استهزاءً بهما هذه البقعة التي استنكف كسرى أن يضع عليها والياً منهم واستنكف قيصر أن يضع عليها والياً منهم وهي مكة والمدينة وجزيرة العرب لا قيمة لها عندهم فقد بعث لليمن حاكم وللحبشة حاكم فهي دول كانت زينة أما مكة والمدينة؟! ليست شيئاً في أعينهم ولا يسوون! من هذه التربة السوداء يخرج واحد يتيم يتربى يتيم حتى أهله يحاربونه هذا اليتيم يُسقِط الدولتين في عامٍ واحد بجيش بسيط لا يتجاوز الـ30 ألف ثلاثين ألف مجاهد مقاتل جندي لا يملكون من الأسلحة إلا بقدر المغازل سيوف قصيرة يذهبون إلى القادسية فيسقطون مملكة فارس بالكامل بحربٍ لا نظير لها في التاريخ هذا الجيش ليس لديه غيره هذا الجيش نفسه يذهب إلى قيصر فيسقط هذه الدولة في اليرموك ولهذا غولدن سيهر هذا الفيلسوف الأمريكي الشهير قال والله بكل المقاييس العقلية والنقلية لا يمكن لهذا أن يحدث أن هذا البسيط الفقير الناس المساكين الجائعين الصحراويين الذين ليس لديهم إلا خيل وبغال يسقطون دولتين في عامٍ واحد؟ هذا لا يمكن أن يحدث ولكنه حدث ولا أدري كيف؟! هذا الفيلسوف لو كان عنده عقل شوية كان عرف كيف؟ كان قال هذا الكون إذاً فيه قوة ثالثة قد لا أؤمن بها ولكنها موجودة ولا يلزم من عدم إيمانك بالشيء عدم وجوده كونك لا تؤمن بالله هذا لا يعني أن الله غير موجود. وحينئذٍ كان عليه أن يستنبط من هذه الحادثة أن للكون رباً، هذا أبرهة دولة الحبشة بفيلها وفوانقها جاءت على مدينة صغيرة وهي مكة الآن بعد 200 قرن من أيام الحبشة من أيام أبرهة إلى الآن هي ليست مدينة هي مجتمع صغير وفيه الكعبة فيأتي أبرهة بجيوشه وعرباته لكي يهدمها ما الذي يمنعه؟ وتصور عبد المطلب جد المصطفى صلى الله عليه وسلم كم كان حكيماً بهذا الحس العربي المرهف لما راح لكي يطلب من القائد أن يعطيه الإبل التي استولى عليها جنوده فهو كان شكله جميل وصبوح وكان له هيبة فالملك كثير احترمه وقام في وجهه فرأى أن هذا وجاهته غير طبيعية فأجلسه الخ فكان هذا الملك مستعداً أن يسمع كلام عبد المطلب لأي مطلب لهيبته قال له تفضل ماذا تريد؟ قال: أنا أريد الإبل التي أخذها جنودك فاستغرب قال جئت لأجل الإبل؟! قال: نعم قال: ظننتك جئت من أجل البيت الذي تعبدونه من أجل الكعبة لكي أكفّ عنها فقال: لا أنا ما جئت على هذا هذا من شأني أنا رب الإبل فأعطني إبلي وللبيت ربٌ يحميه، هذا الخبل هذا أبرهة لا يفهم لا هو ولا غولدن سيهر لا يعرف أن للبيت وللكون وللدنيا رباً يحميها لو أدركوا هذا لما حدث كل ما حدث في التاريخ!.
انتهينا من الإسلوب الأول الذي يحفظ الله به أمن الأرض عندما يتعرض هذا الأمن للذهاب فيعم الأرض خوف واغتصاب وقهر واستعمار واحتلال بالكذب والبهتان والحجج الواهية. الإسلوب االثاني كما قال تعالى في سورة الحج (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) الإسلوب الثاني بعد تعادل الكفتين في القوى الكبرى يأتي دَور دُور العبادة. كلنا نعرف كم تأثير بيت العبادة سواء كنيسة أو بيعة أو مسجد أو صلوات (لليهود) كل هذه البيوت التي يعبد فيها الله عز وجل تؤثر في أصحابها تأثيراً طوعياً هائلاً وهذا أمر متفق عليه دور العبادة هذه في التاريخ كثيراً ما تكون مستهدفة لماذا؟ لأن الحروب الدينية وهي أخطر الحروب كما تعرفون حروب طائفية في الدين الواحد كما حصل في المسيحية وفي الإسلام وغيرهم وحروب دين مع دين يعني حروب إبادة وقسوة لماذا؟ لأن الدين الذي يهاجِم لا يؤمن بالدين الذي يهاجَم يعتبرونهم كفاراً يجب قتلهم. حينئذٍ رب العالمين عز وجل حمى هذه الدور بشدة لتأثيرها في سلوكيات الناس والحدّ من استشرائهم والحد من طمعهم واندفاعهم في سبيل اغتصاب الآخرين وقتل الآخرين وابادة الآخرين حماها الله عز وجل بدفع بعض الناس ببعض (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا) أخّر المساجد لأن تأثيرها أعظم وأكبر من كل التي قبلها. قال المساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً يذكر فيها اسم الله خمس مرات في اليوم يرتفع الأذان الله أكبر لا إله إلا الله لا إله غيره خمس مرات في اليوم وكلنا نعرف كم هو تأثير المسجد على شخصية المسلم بل كم هو تأثير المسجد على المحلة التي يكون فيها المسجد! خذ مثلاً محلة الجامع الأموي محلة ابو حنيفة وهكذا حيثما ذهبت إلى مسجدٍ في محلة في قرية في مدينة أهلها يسمعون الأذان تأمل في سلوكهم وأخلاقياتهم ورحمتهم وشفقتهم وتآلفهم وسلمهم وأمنهم مع بعضهم مقارنة بمدنٍ أو أحياء ليس فيها مسجد ولهذا رب العالمين تحدث عن من يظلم (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114) البقرة) علامة الإنهيار الثاني قلنا علامة الإنهيار الأول عندما تستبد قوة عظيمة بالعالم فتظلمه باحتلال وقهر واستبداد واستعمار واحتلال وسرقة ثروات والخ هذا نصف أسباب الإنهيار، النصف الثاني أنك تحارب أديان العالم أنت وضعت نفسك عدواً لأديان العالم لكن الله سيدفعك إما بالمعقول بقوة أرضية أخرى وإما باللامعقول. وحينئذٍ إذا لم تكن هناك قوة أرضية وهذا كان أفضل لك لو كان هناك قوة أرضية تمنعك على الأقل قد تؤذيك قليلاً لكنك تبقى لكن إذا تدخّل الله عز وجل مباشرة فلن يبقى لك أثر ما بقي أثر لفرعون ولا للنمرود ولا لأبرهة ولا لكل من تدخل الله فأباده وأنهاه لأنه استبد بالأرض وحده فظلم وتجبّر ونهب واغتصب انتهى شر نهاية وبشكل مهين بالذباب بالبعوض شوية هواء وأعاصير وطوفان يغرق حينئذٍ كل هذا تدخل مباشر من رب العالمين حينئذٍ ماذا يمكن أن تنتظر؟ من أجل هذا إذا رأيت قوة تحارب الدين الآخر بحيث تحاربهم لدينهم وتتدخل في القضايا على أماكن عباداتهم وهي أماكن معترف فيها أماكن اليهود إلهية يعني عبادة رب العالمين عبادة النصارى عبادة رب العالمين عبادة الصابئين عبادة رب العالمين عبادة المسلمين عبادة رب العالمين (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).
إذاً هكذا هو الأمر (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) ورب العالمين بفضله جعلها قوتين فإن استمرت قوة ظالمة تهلك باللامعقول شوية أعاصير بأرقام بالكمبيوتر انتهينا، وحينئذٍ الأخرى دور العبادة سبحانه رب العالمين جعل للمسجد في هذا الكتاب العزيز الإسلام يدور حول المسجد أبداً (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) النور) أين هذه الصورة العظيمة؟ (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (36) رِجَالٌ (37) النور) صباحاً مساءً فجراً ليلاً حينئذٍ هذه المساجد وهذه الصلوات وهذه الكنائس وهذه البيَع إذا كانت توحد الله عز وجل فهي بيوت الله ورب العالمين حماها بنفس الطريقة التي حمى بها كل الأديان وجعل هذه الدور وسيلة من وسائل حفظ الأمن في هذه الأرض. وفعلاً تأثير دور العبادة والعلماء والصالحين ورجال الدين من كل مذهب من كل دين قطعاً يؤثرون في أجزاء التاريخ ومع هذا الأمر أمر مختلف لكن في العصور السابقة كانت كلمتهم مسموعة وكان هؤلاء لا يرضون بالظلم ولا بالاجحاف ولا بالاقتحام فكانت هذه الدور دور العبادة التي حماها الله عز وجل بدفع الناس بعضهم لبعض حماها لكي تساهم هي الأخرى المساهمة الفعالة مع دفع الله للناس بعضهم لبعض الكلام في المساجد عجيب يعني المسجد إذا كان قلبك معلقٌ به فهو عبادة عظيمة (ورجل معلقٌ قلبه بالمساجد) إذا نظفته فهو عبادة عظيمة (قَمّ المسجد مهر الحور العين) إذا بنيت به ولو كمفحص قطاة أو كبضعة قطرات ولو غرفة صغيرة بنى الله لك بيتاً في الجنة. التعلم فيه التعلم في دور العبادة هذه كلها لا يمكن أن يشبهه أي تعلم في أي جامعة (وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79) آل عمران) أو تدرِّسون-بكسر الراء- ربانيون نسبهم الله إلى نفسه رب العالمين سبحانه تعالى ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم لما مر بالمسجد ووجد فيها حلقة يذكرون الله وتعرفون أن حلقة الذكر في المسجد تغشاهم السكينة وتحفهم الملائكة وهناك حلقة يتدارسون العلم فجلس مع طلاب العلم وقال (إنما بعثت معلماً) (وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ) قال r (يا أبا ذر لأن تغدوا إلى بيت من بيوت الله تتعلم آية من كتاب الله خير لك من أن تصلي مائة ركعة ولأن تغدو إلى بيت من بيوت الله تتعلم باباً من أبواب العلم) مسألة من مسائل العلم مسألة علمية (خير لك من أن تصلي ألف ركعة) تخيّل واحد في الليل من العشاء إلى الصبح يصلي ألف ركعة يالها من عبادة عظيمة ياله من رجل (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) السجدة) (كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) الذارايات) وأنت تعلمت مسألة واحدة ونمت أنت أفضل منه.
إتصال من الأخ غالب من دبي: تحدثت عن القوة الإلهية وتدخلها في حدوث الأشياء وفي نفس الوقت تحدثت عن الحق عن العدل وأهميته لحدوث تغير في المجتمعات يعني الاثنان مهمان جداً وفي غاية الأهمية ماذا يأتي أولاً هل ننتظر القوة الإلهية؟ أم نبدأ بأن يكون هناك عدل وحكم موزون؟
الإجابة: يا سيدي الكريم أنت إذا كان لديك قوة الله ما يتدخل سبحانه وتعالى افهمها جيداً مني رب العالمين يتدخل عندما تكون أنت عملت اللي عليك وهذا الذي عندك يعني بنو إسرائيل مع فرعون عملوا الذي عليهم لكن ليس لديهم شيء فقد كان يقتل أبناءهم ويستحيي نسائهم ليس لديهم شيء فهم فعلوا ما عندهم. هكذا يعني المظلوم إذا كان عنده قدرة على أن يدفع الظلم الله لا يتدخل يتركه على قوانين الكون له قوانين وله سنن خلاص دافع عن نفسك لكن لا، يعني كما تفضلت أنت يعني قرية صغيرة أو مدينة يعني كأفغانستان مثلاً أو العراق هذه مدن تعبانة تأتيها قوة غاشمة تستطيع أن تقلب الأرض رأساً على عقب العالم كله بدوله العظمى والصغرى والوسطى شرقاً وغرباً آسيا وأفريقيا روسيا الصين كلها تخاف منها فتأتي على دولة صغيرة وناس حفي يعيشون في بيوت من الطين فحينئذٍ رب العالمين لازم يتدخل كيف لا يتدخل؟ّ يعني الشيشان مدينة صغيرة بائسة ميتة من الجوع مليون واحد الإتحاد السوفييتي الجرار الجبار القهار ويأتي على هؤلاء؟! فانتهى وإلى الآن لا يعرف أحد لماذا انهار ذلك الصرح الذي كان موازناً للكرة الأرضية؟! يعني كنا سابقاً نتمنى نزور الشيوعية لكن لما راح الاتحاد السوفييتي استوحدوا بنا الجماعة وكنا نقول يا رب ما راح رب العالمين له تصاريف الذي عالج هذه يعالج هذه ولهذا لو كان للعالم قدرة على أن يدافع عن نفسه الله لا يتدخل (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6) الجن) كل من عنده خوارق يجعله فقيراً تنقلب الخوارق عليه ومثال آخر نوبل ما الذي جعله ينقلب على الروس؟ ويدمر بلادهم وزراعتهم وصناعتهم وإلى اليوم إلى اليوم.
إتصال من الأخ رياض من بريطانيا: هذا الانهيار الذي حصل في سوق الأسهم الأمريكية وتشبيههم له بالتسونامي أليس هذا من أسلحة الله غير المنظورة؟
الإجابة: أنت جاوب على هذا؟ ما رأيك؟ يا سيدي دولة تحب العالم من ينكر مساعدة أمريكا للعالم أمريكا تساعد العالم كله بما فيه الاتحاد السوفييتي يعني الآن روسيا تعيش على المعونة من أمريكا. لكن السؤال كيف يمكن لأغنى إنسان في العالم أكبر ملياردير في العالم أن يموت من الجوع والمال عنده؟ أليس هذا من الاعجاز؟! وبالتالي على كل دولة على كل إنسان على كل جماعة على كل طائفة أن تحسب حساب رب العالمين إياك أن تغفل عنه غفلتك عن رب العالمين ضدك تماماً تماماً أنت تنتحر كما قال سيدنا علي (إذا دعتك قدرتك لظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك) وإلا فعلاً هذه عاد ببعوض يموتون وفرعون هو قصره على النيل ولهذا سيدنا موسى عندما كان في التابوت أخذه التيار في النهر على قصر فرعون وواحد مولود مثل فرعون مولود بالنهر يعرف السباحة جيداً هذا يغرق ويموت غرقاً هو وجيشه وثروته وحكمه ويأتي بنو إسرائيل مكانه؟! قِس على هذا هذا الإتحاد السوفييتي الجبار الذي كانت ترهبه الدنيا غواصاته النووية العظيمة المعجزة تغرق لوحدها وتختفي هكذا؟ والله ما هذا خليك من التخطيط العسكري الاستراتيجي ما هذا؟ وبذل هناك من قتل لكن قتل وهو واقف لكن هذا بغواصاته تغرق هذه مهانة له يعني هذا موتة شنيعة يعني هذا الذي أنت تقوله حصل لهم مثل التسونامي هو عمل رب العالمين ولهذا رب العالمين يعطي فرصة. الآن في هذه اللحظة كل قوة لها اعتداء على آخر وتعرف ماذا فعل المستعمرون الآن المشكلة أين؟ المشكلة الآن بشدة ظلم الغرب للدول التي استعمروها الآن القوة تنتقل من الغرب إلى الشرق الغرب يغرب والشرق يشرق الآن لماذا؟ الشرق ليس لديه عداوة مسبقة مع الناس لا عداوة دينية ولا عداوة طائفية ليس لديهم مشكلة هؤلاء الناس لا نعرف لماذا عاداهم العالم عداء استراتيجي وديني وفلسفي يعني ولهذا كان عليهم أن يعرفوا أن للكون رباً هذا الكون ليس يتيم الكون له رب(إن للبيت رباً يحميه) ولهذا الوقت ما فات والله يعني أنا تعجبني إيطاليا عندما اعتذرت إلى الليبيين وقدمت لهم تعويضات عن استعمارهم هكذا توبة (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) الفرقان) ماذا على الغرب جميعاً لو عملوا نفس العمل؟! الفرنسيين مع الجزائريين بعد الذي فعلوا بهم قتلوا مئات الآلاف قتلوهم إبادة مع أنهم قاتلوا معهم في حربهم الحرب العالمية وسرقوا أموالهم ثم رفضوا الاعتذار طيب سنرى من الذي سيعتذر؟
إذاً هكذا هو الأمر رب العالمين سبحانه وتعالى في قضية المساجد وقضية حماية دور العبادة كل دور العبادة وحينئذٍ عليك أن تعرف بأن حياتك المسجد، حبه، الصلاة فيه، المشي إليه، الدخول فيه، الاعتكاف فيه، تنظيفه واعتياده الخ كل هذا هو هذا الذي يدور عليه الإسلام وكما هو كل دين يدور حول تلك الدار والتي هي دور العبادة لله عز وجل وقد جعل الله هذه الدور سبباً من أسباب حماية الأمن في الأرض ومن حماية الله لهذه الدور أنه قال (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ) من أجل هذا الآن المساجد تحارَب في كل مكان في العالم بحجة الإرهاب والخ ولهذا سبب آخر لما ذكره أخونا الكريم من بريطانيا عن حكاية تسونامي الإقتصاد نسأل الله أن يخرج العالم بسلام من هذا التسونامي والعالم الآن كله على حافة الهاوية وكل هذا كما قال تعالى (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) الأنفال) على جميع الدول الآن أن تتكاتف في رفع الظلم عن الدول المظلومة وفي تحقيق العدل ورب العالمين في التو والساعة كما وعد يرفع هذا البلاء.
(قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) البقرة ) – (قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) آل عمران)
ننتقل إلى موضع آخر وتحدثنا عن قسم منه سابقاً، في البقرة (قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) البقرة ) كرّر (وما أوتي النبيون) هذا لما قال قولوا خطاب للمسلمين لكن لما خاطب النبي صلى الله عليه وسلم لا يوجد (وما أوتي النبيون) قال قل يا محمد (قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) آل عمران). إذاً فرق بين (وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ) وبين (وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ) إذاً فرّق بين عيسى وموسى عليهما السلام وبين بقية النبيين. باختصار شديد نحن تكلمنا قبل كم حلقة لماذا مرة قال ما أنزل إلينا ومرة قال ما أنزل علينا، ما أنزل علينا من السماء وما أنزل إلينا للغاية يعني الذي وصلنا نحن جاء من السماء هذا واحد ثانياً ما أنزل إلينا عندما يقول قولوا يا مسلمين ما أنزل إلينا القرآن الذي جاء على محمد r يعني جاء على محمد لكنه أوصله إلينا لما قال للنبي محمد صلى الله عليه وسلم قل قال وما أنزل علينا على محمد صلى الله عليه وسلم هذا الفرق. هذا موضوع الحلقة الآن لماذا في سورة قال (وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ) وفي الأخرى (وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ) في الآية الأولى الكلام هناك عن الأديان التي جاءت من حيث أن القواسم المشتركة بين جميع الأنبياء أن الله يرسل إليهم وحياً وأنزل إليهم رسالات فهم مشتركون بأن الله بعثهم لخلقه مرسَلين وأنبياء وأعطاهم شرعاً. جميع الأنبياء مشتركون في هذا، هذا واحد. في الآية الثانية رب العالمين يفصّل بين ما أنزل على موسى وعيسى ومحمد وبين ما أنزل على غيرهم قال (وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى) هذا واحد ثم (وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ) ما من أحد من الأنبياء قبل سيدنا موسى وما أكثرهم أعطاه الله ما أعطاه لموسى وعيسى، الوحي الحقيقي المجرد الكامل الذي يأتي على قمة نضج البشرية بدأ بسيدنا موسى بالتوراة سابقاً كان يأتي الوحي الأنبياء على هيئة رجل كان يأتي السلام عليكم عليكم السلام حاه حال االناس وهو ملك (وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) هود) كان يريد أن يذبح لهم ذبيحة فقالوا له نحن ملائكة الخ. إذاً يتكلم رب العالمين عن القاسم المشترك بين الأنبياء أن الله أنزل إليهم شرعاً الذي أنزل عليه صحفاً والذي أنزل عليه كلمتين والذي أنزل عليه أربع خمس أمثال واللي كتاب لكن عندما أراد رب العالمين أن يفرق بين أسلوب الوحي وقيمة الرسالة قطعاً قيمة الرسالة اليهودية والمسيحية والإسلامية تختلف عن ما كان قبلها من رسل وهذا هو الفرق بين الآية بـ(ما أوتي) وبدون(ما أوتي).
إتصال من الأخ فادي من الكويت: أنا اسمي فادي علي من جنوب لبنان وأنا شيعي ومتابع لكل كلماتك ومحاضراتك وإني أرى فيك موحداً موحداً لله وموحداً لهذه الأمة، سؤالي أنت تقول أن الحضارة ستنتقل إلى الشرق وصراحة هذا الشرق لمتناحر فيما بينه يس لديه مفهوم موحد هل سيحكم بما يرضي الله في حال انتقلت الحضارة والقوة إلى هذا الشرق؟
الإجابة: بارك الله فيك، أولاً يا سيدي هذه الأمة بهذا الكتاب العزيز وبسُنة النبي صلى الله عليه وسلم والله لن تحتاج لا إلى شرق ولا إلى غرب ما من أمة عندها اكتفاء ذاتي فكري وديني وأخلاقي وقيمي واقتصاد وخيرات لا حصر لها كهذه الأمة هذا واحد، اثنين أُخبرنا في الكتاب والسنة أن هذه الأمة ستجتمع عليها الأمم (يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها) هذا قدر ثابت وهذا القدر الثابت هو قدر كل الدول في العالم كل دولة وكل أمة قوية ناهضة غنية عندها استرتيجية وفلسفة العالم تحسدها الكون قائم على التنافس. يا سيدي من أول يوم الكرة الأرضية عليها ثلاثة رجال آدم وابنيه اثناهما تنازعا على دنيا (قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) المائدة) أخوه! إذاً الله يقول لك كما أن الخطيئة أساس هذا الكون آدم لو لم يذنب ويأكل من الشجرة لألقاه الله وخلق آخر يذنب (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ثم جاء بقومٍ يذنبون فيستغفرون فيغفر الله لهم).
هذه الأمة من قدرها أن يجري فيها هذا كما قال تعالى (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) العنكبوت) الشيء النفيس لا بد أن يبقى معه من يستحقه إضافة إلى أن كل دول العالم كل الكائنات المخلوقة عند رب العالمين فيها تنوع ثقافي وديني وكما قال (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا) فرب العالمين حفظ جميع الأديان ودور العبادة لكي يتعايشوا وما من مجتمع في التاريخ الإنساني كله متسامح مع الآخر دينياً كالإسلام. جميع الأديان اليهود والنصارى والصابئة وكل الناس ما وجدوا أمناً واحتراماً وتقديراً إلا بالديار الإسلامية وعند المسلمين إن الله أمرنا أن نؤمن بهذا إيماناً كاملاً الأمة الوحيدة التي تقول (آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) أن حرمة سيدنا عيسى وموسى ويحيى وزكريا كحرمة محمد صلى الله عليه وسلم بالضبط وانتقاصي من هؤلاء بكلمة كانتقاصي من محمد صلى الله عليه وسلم رِدّة توجِب عليّ العقوبة وهي الإعدام لإهانة رسول حينئذٍ ما الذي تشكوه هذه الأمة؟ وبالتالي الآن السؤال الهند يمكن فيها مائة لغة ومائة دين ومائة مذهب والآن توحدوا الصين هكذا أمريكا هذه القارة الهائلة لا يوجد دين ولا مذهب سماوي وأرضي وفلسفة ووجودي وأجناس ومن كل الأرض ومتعايشون بلا ضابط كالذي عند المسلمين السؤال الذي طرحه الأخ الكريم لماذا نحن المسلمين على هذا؟ حينئذٍ العيب فينا نحن نحن الذين حملنا هذا الدين نحن الذين يحملون هذا الدين هم الذين فهموه خطأ وتعصبوا له تعصباً يأباه الله عز وجل وعلموه أتباعهم وأخطر الإنحراف الانحراف الديني كما سأذكر بعد قليل في الآية القادمة.
إتصال من الأخ شريف من السعودية: أنت ذكرت أن الله إذا أراد أن يبيد أمة باللامعقول الذي لا نستوعبه فهو هيّن على الله لكن الله سبحانه وتعالى يقول وجعلنا لكل شيءٍ سبباً يعني أنه لا يوجد شيء بدون سبب يجب أن يكون هناك سبب فهل هناك تناقض في كلامك؟
الإجابة: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ (40) النساء) ولا بد من سبب يعني هل سيبيد الله الناس من دون سبب؟ لا بد أن يكون هناك سبب (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) حينئذٍ رب العالمين يعذب الظالم الذي يستبد في الأرض فلا يستطيع أحدٌ أن يخلص منه.
(بُثّت الحلقة بتاريخ 24/10/2008م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها