وأُخر متشابهات

وأُخر متشابهات – الحلقة 29/الجزء الأول

اسلاميات

 

الحلقة 29

د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه. يريد الشيخ أولاً أن يستفتح بالإجابة على سؤال الأستاذ صالح من المملكة العربية السعودية والسؤال يدل على سائله الذي سأل في المرة السابقة ويبدو أنه من رجال العلم والأدب والفكر الذي سأل عن سر الإستفتاح في القرآن الكريم (ذَلِكَ الْكِتَابُ (2) البقرة) (تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) يوسف) وغيرها من أسماء الإشارة القريبة والبعيدة فليتفضل مأجوراً مشكوراً

(ذَلِكَ الْكِتَابُ (2) البقرة) – (تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) يوسف)

الدكتور الكبيسي: أعادنا الأخ صالح إلى الآية الأولى من سورة البقرة وهي قوله تعالى (ذَلِكَ الْكِتَابُ) وكان سؤاله الذكي قال لماذا ذلك؟ لماذا لم يقل هذا باعتباره ين أيدينا هذا الكتاب لا ريب فيه وسؤال وجيه ذلك للبعيد جداً. هو لم يسأل عن قوله تعالى المشابه لهذا (طسم (1) تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) الشعراء) لماذا لم يقل هذه آيات الكتاب؟ أيضاً هي بين أيدينا. فلماذا إستبدل الإشارة القريبة بالإشارة البعيدة؟ وهذا سؤالٌ جيد وأجاب عنه الإمام الرازي والإمام ابن عاشور طبعاً ضمن إجابات كثيرة يعني أختار واحداً منها وهو أن هذه الإشارة إلى هذا الكتاب المتطور على مدى الزمن ما من جيل إلا ويكتشف فيه إعجازاً جديداً لم يتوصل إليه الجيل الذي بعده مائة عام وقرن بعد قرن بعد قرن حتى لو بلغ ألف قرن في كل قرن هناك جديدٌ لم يُعرف قبل اليوم حتى يأتي ذلك الإعجاز الذي لا يتحمله عقل البشر يوم القيامة (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ (53) الأعراف). إذاً هذا التأويل المتدرج المنتظَم جيلاً بعد جيل على وفق حاجاتهم وتطورهم واكتشافاتهم وعلومهم وسعة مداركهم (ذَلِكَ الْكِتَابُ) حينئذٍ قطعاً لا بد أن تكون الإشارة للبعيد لأنه في ساعة نزول القرآن الكريم ما بين عصر النبي وهذا العصر الذي نحن فيه من حيث التأويل والتأويل للمتشابه كما بين السموات والأرض وفرقٌ كبير في عقلية من يركب البعير ومن يركب الطائرة. وحينئذٍ نحن الآن وصلنا الآن إلى مرحلة من تأويل المتشابه في كتاب الله العزيز بما لم يخطر على بال الجيل الأول والثاني والثالث والرابع والعباسيين والأمويين ولا غيرهم وإنما هذا من شأن هذا الزمان وطبعاً هناك تفاوت. وتلاحظ التدرج في كل جيل فيه شيء لكن يترقى يترقى ولهذا كتبت الكتب وصنف المصنفون وتحدث المتحدثون بما لم يخطر على بال أحد ممن سبق. إذاً الإشارة في (ذَلِكَ الْكِتَابُ) هذه الإشارة إلى كتابٍ إستمد نوره من رب العالمين نوراً إعجازياً لا تنقضي عجائبه قال (ذَلِكَ الْكِتَابُ) فحينئذٍ الإشارة إلى هذا الكتاب في العصر القرن الأول والثاني والثالث والرابع والمائة والمائتين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهذا البعد الزمني الهائل الموازي للبعد المعنوي العميق الذي لا ينضب ولا ينتهي ولا تنتهي عجائبه فيجب أن تقول (ذَلِكَ الْكِتَابُ) (تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ) (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)) جيل بعد جيل حتى يتبين لهم أن هذا القرآن حقٌ من الله في كل جيل فيه إعجاز يدل على أن هذا كلام الله عز وجل. من أجل هذا جاءت (ذَلِكَ الْكِتَابُ) (تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ) هذا هو الأمر ولهذا الكتاب كما تعرفون كما أُطلق على الوحي الذي أنزل على سيدنا موسى التوراة وأُطلق على الوحي الذي أنزل على سيدنا عيسى الإنجيل أُطلق على الوحي الذي أنزل على سيدنا محمد عليه وعلى الأنبياء جميعاً الصلاة والسلام إسم الكتاب وقد أُطلق هذا الكتاب على كل الكتب (وَإِذْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ (53) البقرة) (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ (48) المائدة) (لما بين يديه من الكتاب) أي الإنجيل. ذاً الكتاب كلمة كتاب تعني المكتوب الذي كتب وحينئذٍ هذا الكتاب الذي كتب له أسماء وله صفات أسمائه ستة كما يقول المفسرون وأوصافه لا حصر له فمن أسمائه التي جاءت أولها وأساسها ورئيسها القرآن (وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106) الإسراء) القرآن من فعلان مثل عثمان ومثل غفران الخ والهمزة فيه أصلية من نفس الكلمة وحينئذٍ سمي القرآن قرآناً لأنه ابتدأ بقوله تعالى (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) العلق) فلأن القراءة أساسه وعنوانه سُميَ قرآناً. من أجل هذا كان القرآن للناس كافة وكان الكتاب في الغالب للمؤمنين والمتقين معنى هذا أن القرآن الكريم هو الآيات المتعلقة بإثبات الوحدانية، بآيات الكون، المتشابهات هذه العلوم والابتكارات آيات الوحدانية آيات خلق الله وآيات توحيده كل هذه الأعاجيب في هذا الكون هذا قرآن ولهذا قال (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) العلق) حينئذٍ آيات عجيبة تدل على وحدانية الله فكل ما يتعلق بإثبات الوحدانية من القرآن وكل ما فيه حلال وحرام ومنهج عمل هذا كتاب ولهذا قال الكتاب (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) البقرة) والقرآن (هُدًى لِلنَّاسِ (185) البقرة) من أجل هذا نعرف أن أوصاف القرآن الكريم كثيرة كما يعني جاء في كتاب الله عز وجل كتاباً عربياً لا يأتيه الباطل.عظيم وهكذا ولكن أسماء القرآن اثنين منهم الفرقان ما من كتابٍ من السماء على أي نبيٍ من الأنبياء فيه دقة الفصل بين الحق والباطل كهذا الدين لا يوجد وضوح لا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الصحف تبين لك أن هذا هو الحق لا مراء فيه ولا إجتهاد ولا شبهة من حيث لم يعد لمبطلٍ يتّبع الباطل أيُّ عذر ولا عذر واحد للغموض أو إلتباس إطلاقاً لأن الكتاب (فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ (3) فصلت) هذا القرآن وهذا الكتاب من حيث كونه فرقاناً لا يمكن أن تجد خذ كل البدع والضلالات والفرق والوثنيين والمشركين في القرآن الكريم من حيث كونه فرقاناً لا يمكن أن يجد أي مبطل أي مبتدع أي فرقة أو أي طائفة أي عذر ولا شعرة ولا إلتباس واحد من الكتاب والقرآن فرقاناً فرب العالمين لما تكلم عن نبوة النبي صلى الله عليه وسلم أو عن آيات وحدانيته لم يترك مجالاً، لما تكلم عن أصحابه (وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29) الفتح) ولهذا قال على موقف الأمة منهم قال (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10) الحشر) إلى أن قال عنهم عن هؤلاء (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (110) آل عمران) ما عذر من يطعن فيهم؟ ما عذر من يكفِّرهم؟ ما عذر من خرج عليهم؟ ما عذر من اغتصب الحق منهم؟ حينئذٍ (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) الأحزاب) ما عذر من قتلهم؟ فرقان كامل على النبي صلى الله عليه وسلم (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) القلم) (عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) التوبة) يعني فرقان دقيق بحيث لا يمكن أن تجد ولا عذر واحد يوم القيامة ولهذا سوف (يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ) حينئذٍ هذا القرآن هذا الكتاب بشدة تفريقه بين الحق والباطل في كل قضية إبحث عن أي قضية في الكون تتعلق بالعلاقة مع الله عقيدة أو عملاً أو عبادة بوضوحٍ تام هذا الذي نسمعه ونعاني منه الآن وقد عانى منه المسلمين من أول يوم يعني سيدنا عمر قتل بفتوى أنه كافر وسيدنا عثمان قتل بأنه كافر وسيدنا علي قتل بأنه كافر وهكذا إلى هذا اليوم وضوح كامل ولهذا يوم القيامة لا عذر سينجو الناجون لشدة وضوح كتابهم وسيهلك الهالكون لأنهم لن يجدوا عذراً مع هذا الوضوح في التفريق بين الحق والباطل، هذا الفرقان. كذلك التنزيل وهذا من أسمائه الله قال القرآن الفرقان التنزيل (تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2)) لأنه كما تعرفون نزل من السماء. أما الكتاب فهو إسم جنس كما تعرفون ولكن هذا الكتاب يحتوي على عدة كتب (صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) البينة) هذا الكتاب العزيز الذي أوصافه على نحو ما ذكرنا وأسماؤه على ما نذكر الآن، هذا الكتاب هو نفسه يحتوي على عدة كتب: كتاب الصلاة (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103) النساء)، كتاب الموت (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا (145) آل عمران)، كتاب الصوم (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ (183) البقرة)، كل موضوع أو جملة أحكام متشابهة فيها كتاب الحرب كتاب السلم كتاب العرب كتاب العجم كتاب المشركين كتاب الموحّدين (فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ) ونحن تذكرون قبل عشر سنوات أنا والدكتور نجيب تظافرنا على برنامج كان إسمه (فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ) فهكذا هو الأمر فيما يتعلق على الأسماء الأخرى كالذكر (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ (44)) لماذا ذكر؟ لأنه تذكير ما من مذكِّر كهذا الكتاب إذا عاشرته أو إذا قرأته أو إذا تأملته أو إذا تدبرته فلا غبار عليك لأنك لن تغفل عن ذلك أبداً. عندك الوحي والوحي هو الإشارة الخفية من حيث أن الله سبحانه وتعالى يعني يسرب ما يريد أن يقوله إلى رسله عن طريق هذا الوحي فهو ترجمة خفية عن المراد عن مراد الله عز وجل. من أجل هذا قال (قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ (45) الأنبياء). أخيراً كلام الله (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ (6) التوبة) هذه هي أسماء القرآن الكريم وتلك هي صفاته وهذا هو الكتاب الذي تحدث عنه الأخ صالح (ذَلِكَ الْكِتَابُ) الذي سوف يبقى إلى أن تقوم الساعة يحار الناس في عمقه الذي لا يتناهى ولا يوصل إليه من حيث أن الوصول النهائي إلى ذلك العمق لن يكون إلا بين يدي الله عز وجل يوم القيامة، هكذا هو الأمر باختصارٍ شديد.

الدكتور نجيب: ولعل السر في هذا ما أجابه وذكره القاضي عياض في ترجمة الإمام إسماعيل بن إسحاق القاضي شيخ المالكية في القرن الثاني الهجري وقد سُئل لم جاز التبديل والتغيير على الكتب السماوية السابقة للقرآن الكريم ولم يجز على كتاب الله؟ فأجاب بداهة ذلك لأن الله تعالى قد أوكل مهمة حفظ تلك الكتب إلى بني إسرائيل وغيرهم فقال (بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ (44) المائدة) أما كتابنا فهو من حفظ الله (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) الحجر) وقد شملت هذه الآية الكريمة قال أن هذه الآية قد اشتملت على أكثر أدوات التأكيد في كتاب الله حصرها في خمسة عشر أداة ولا أظن أن هناك آية في كتاب الله أكثر إحتواءً على التأكيد مثل هذه الآية وعدها خمسة عشر.

الدكتور الكبيسي: إضافة إلى أن سيدنا موسى وسيدنا عيسى الكتاب ليس معجزاً معجزتهم من خارجه اليد والعصا وإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى ولهذا هذه المعجزات ما رأها إلا الذين عاصروه في عصره الذين جاءوا بعد ذلك آمنوا بذلك ولم يروا فالكتاب ليس معجزاً وبالتالي لا غبار على أن يذهبا أو يعودا أو يحرَّف أما محمد صلى الله عليه وسلم معجزته كتابه فالكتاب شيء والمعجزة شيء ثاني ولهذا لا بد في كل عصرٍ أن يشهد معجزة لتكون حجة على أهل ذلك العصر (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ).

(وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ (193) البقرة) – (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ (39) الأنفال)

ننتقل إلى الموضوع الآخر في سورة البقرة (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ (193) البقرة) في الأنفال نفس الآية (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ (39) الأنفال) إضافة كله، ما الفرق بين الحالتين؟ الحالة الأولى تتكلم عن المشركين عن ناس وثنيين في قريش يعبدون الأصنام وأتوا لقتال المسلمين وشنوا الغارة عليهم كما تعرفون وهذه سنة الله في خلقه ضعيف وقوي حق وباطل والحرب بينهما سجال فبدأت هجمات المشركين حينئذٍ هؤلاء رب العالمين يقول (وَقَاتِلُوهُمْ) وما قال اقتلوهم أنت لاحظ الدقة رب العالمين هنا يأمر بالدفاع عن النفس ناس في مكة أنتم في المدينة جاءت جيوش الشرك كلها الذي يحمل صنم من تمر والذي من حجر والذي سكران والذي يغني أغاني الأصنام القديمة ناس مشركين يعبدون الأصنام وجاؤا لكي يقتلون الناس يقتلون المسلمين الله قال قاتلوهم يعني بس دافعوا عن أنفسكم حتى إذا انهزموا خلاص خليهم يذهبون (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ (61) الأنفال) قال (وَقَاتِلُوهُمْ) ما قال واقتلوهم حينئذٍ لماذا نقاتلهم؟ حتى لا تكون فتنة هذا واحد، اثنين يكون الدين لله لم يقل كله فهناك لا يوجد دين ثاني ذاك ليس ديناً فالدين الوحيد بين الاثنين هو دين الله عز وجل (حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ) معروف أن كل جيش يغزو دولة صغيرة ويحتلها تصبح فتنة واضح بكل التاريخ منذ أن خلق الله الأرض لما جيش النمرود على إبراهيم جيش فرعون على موسى وجيش الرومان واليونان وكل الجيوش الغازية التي تحتل أرضاً أخرى تُحدِث فيها فتناً. الفتن ما يلي: أولاً تخلق طبقة للجواسيس والعملاء يعني هذا السامري واحد من عملاء فرعون وقارون وهو ابن عم موسى لكنه انضم إلى فرعون المحتل وهكذا كل المحتلين في العالم منذ فجر الخليقة إلى الآن يحدثون فساداً وأنتم تسمعون الآن في كل الدول تشكو من الفساد خاصة الدول التي تُحتلّ كأفغانستان والعراق والشيشان وغيرها دائماً شكوى المحتلين الجيش الغازي من الفساد الذي يجدونه عند ذلك الشعب الذي احتلوه يعني هذا طبيعي وتلقائي وقانون من قوانين الاحتلال عندما تحتل بلد تطلع جماعة فيها أنواع الفتن يسمونهم أهل الفساد هناك فتنة مال يسرقون وينهبون وهؤلاء يسمون أهل الفساد هناك جاسوسية يصبحون عملاء هذا المحتل دائماً يخلق الطائفية ويخلق التوتر العرقي يخلق التوتر الفئوي يشجع الأديان المنافية المعاكسة لدين ذلك البلد كما يحدث في كل الدول التي احتلها الغرب في هذا القرن في كل الدول من سنة 1917 إلى الآن جميع البلدان الإسلامية احتُلّت من قبل الغربيين حينئذٍ خلقوا طوائف وخلقوا أحزاب مرتدة وخلقوا ناس لصوص وخلقوا عملاء الخ هذا على الرأي أن الناس على دين ملوكهم أو محتليهم. حينئذٍ أنت تفجر في هذه النفس وكلنا معرّضون لفتنة فتنة مال فتنة جنس فتنة حكم فتنة سرقة فتنة باطل فتنة خيانة، الخير والشر في الإنسان موجود فأنت إما أن تعين أخاك على الخير وإما أن تعين الشيطان على أخيك ولذلك لكي لا تكون فتنة هذا واحد، عليك أن تدفع هذا الغازي وأن تدفعه عن أرضك فتقاتله ولا تقتله إلا إذا ما من بُدٍ إذا أراد أن يقتلك اقتله لكن قاتله لكي يخرج من بلادك لكي لا يُحدِث فتنة في بلادك بحيث يمزق شعبك وأمتك وبلادك مزقاً لا يبقي شيئاً على شيء وهذا شأن كل احتلال في الأرض بدون استثناء، هذا واحد. (وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) الآية تدل على ناس قادمين ليغزوا ديار المسلمين وهم وثنيون لكي يقضوا على دين الله عز وجل فرب العالمين قال (وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) وليس للصنم هذا عندما يهاجمك المحتلون الوثنيون. الآية الثانية في الأنفال (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ (39)) عندما يهاجمك ناس يدّعون بأنهم مسلمون أو يدّعون بأنهم موحدون أو يدّعون بأنهم يعرفون الله ولكن على ضلالات وعلى بِدَع وعلى غموض هذا ليس ديناً من أديان الله وإنما أديان تسمى بهذه العناوين وهي بعيدة فلا بد من توحيدها على كلمة التوحيد وأنتم تعرفون جميع الأديان السماوية انفلقت منها طوائف غير متدينة وإن ادّعت بأنها متدينة وإنما ما من طائفة انشقّت عن دين سماوي اليهودية أو المسيحية او الإسلام إلا وهي مشركة بنوع من أنواع الشرك، أو مفرِّقة أو مبتدعة أو طائفية ولهذا رب العالمين قال هؤلاء لكي (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) وهذا هو الفرق بين ويكون الدين لله وبين ويكون الدين كله لله هذا واحد. اثنين رب العالمين عز وجل يختم الآية الأولى بقوله (فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193) البقرة) وفي الثانية يقول (فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39) الأنفال) من حيث أن الثاني ربما يتوسل إليكم بأساليبه مدّعياً أنه منكم أنه مسلم أنه يوحِّد الله وهذا خطير أخطر من الأول فالأول معروف أن هذا وثني لا يؤمن بالله إطلاقاً ولذلك جرت سنة الله في خلقه بناءً على هاتين النهايتين في الآيتين (فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) وكل احتلالٍ ظالم، خُذ التاريخ كله ما من دولة محتلة دولة قوية تحتل بلداً ضعيفاً إلا انتهت تلك الدولة القوية إلى لا شيء وبزمنٍ قصير غير متوقع حتى تصبح عبرة يعني جيش النمرود جيش جيش دولة فرعون (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51) الزخرف) تغرق الدولة كلها في ساعة جيوشها وضباطها ووزراؤها وكنوزها دولة صار لها آلاف السنين دولة فرعون آلاف السنين عمرها وهكذا خذ الإتحاد السوفييتي هذه الدولة الجبارة احتلت أرض بسيطة دمرتها تدميراً واختفت هذه القوة الجبارة هي وحلف وارسو الخ اختفت من الوجود وهكذا كل محتل وفي زمنٍ قصير هذا المحتل القوي الجبار المتمكن الذي لا يُقهر عندما يحتل دولة ضعيفة ينتهي باللامنظور لا تعرف كيف، كالتسونامي تسونامي إما من مرض كما فعل في النمرود جراد وقمل وبعوض يدخل في الآذان أو موجة مياه كما فعل في فرعون أو أزمة مالية كما يحدث الآن أو أمراض قاتلة كالإيدز والسرطان. رب العالمين له قوانين إذا قوتان متعادلتان أو متكافئتان يتركهما لحالهما على قواعد النصر والهزيمة ولكن إذا كانت قوة جبارة هائلة مع قوة يسيرة سواء كان شخصاً أو ملكاً أو شيخاً أو رب عائلة أو جاراً أو موظفاً أو مديراً عاماً أو ضابطاً مع جندي يستضعفه فيظلمه ظلماً شديداً لابد رب العالمين يتدخل تدخلاً مباشراً لكف هذه القوة الطاغية على القوة الضعيفة بحيث تذهب بأمرٍ لا تدري كيف ويبقى الناس محتارين ما الذي أذهب هذه القوة؟! يعني إلى اليوم نحن صار لنا كم سنة لماذا سقط الاتحاد السوفييتي؟ لا تعرف، لماذا سقطت غواصاته الجبارة التي تدمر الأرض خمسين مرة وعليها خيرة العلماء والضباط العظام في الذرة والحرب الذرية سقطوا في البحر ولا يعرف أحدٌ لماذا؟ غواصاتهم تعطلت وانتهى الأمر. هذا تكرر في كل التاريخ ولهذا (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) حربنا اليوم كله لله الكل يدعي أن الله يحدثه كل من يقول لك والله أنا الله يتكلم معي ويقول لي كذا وهذا يقول أنا الله وياي ويقول كذا الخ لكن هذا غير صحيح لا بد أن يكون الدين هذا المتنوع المدّعَى المتطرف الخ لا بد أن يكون كله لله على وفق ما جاء في كتاب الله الذي ليس فيه لبس لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ (285) البقرة) المساواة في الخلقة ،كل الناس سواسية العدل أولاً (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ (90) النحل) هذه هي القواعد العامة التي هي الدين كله لله.

الدكتور نجيب: وهذا هو موقف الصديق سيدي الفاضل عندما سلّ سيفه لمواجهة أولئك الذين امتنعوا عن دفع الزكاة مع دعواهم بأنهم مسلمون ومؤمنون.

الدكتور الكبيسي: الخوارج الذين ادعوا أنهم مسلمون وقتلوا مسلمين ثم أذهبهم بحيث لا تعرف يعني انتهوا بشكل لا تدري كيف اختفت فيهم الأرض؟!

الدكتور نجيب: اسمحلي سيدي الفاضل هذا التصنيف الذي تفضلت به من التفريق بين آيات القتال بحسب الزمان والمكان والفئة من الضرورة بمكانٍ عظيمٍ اليوم خاصة أن كثيراً من الشباب الذين يأخذهم الحماس فهموا أن الآيات اللاحقة قد نسخت الآيات السابقة فلم يأخذوا من القتال إلا (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ (191) البقرة) كأن هذه الآية هي النازلة وكأنما الآيات الأخرى كلها منسوخة وغاب عن بالهم المرحلية والتدرج.

الدكتور الكبيسي: هذه النهاية يا سيدي هذا الدين يجعل القتل آخر الكيّ ولهذا (وَقَاتِلُوهُمْ) وقال (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ (60) الأنفال) يعني خليك قوي بحيث لا يحصل قتال. إذاً إعداد القوة في الإسلام تكون قوياً حتى عدوك لا يقاتلك وفعلاً لو أن العرب أو المسلمين أو أي دولة في العالم قيوة جداً لماذا روسيا وأمريكا لم يتقاتلوا؟ لأن كل واحدة ترى الثانية قوية فإعداد القوة يمنع القتال فإن هاجموك لضعفك فقاتلهم يعني أن تنهض لقتال الذي يحتل بلادك فرضٌ كالصوم والصلاة وهذه قضية كونية لا يختلف فيها اثنان القوانين الدولية والأمم المتحدة والأخلاق والعرف والشرف كل هذا يقول إذا دخل عليك واحد إلى بيتك لا بد أن تطرده.

(وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (210) البقرة) – (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28) البقرة) – (إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ (55) آل عمران) – (وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ (43) غافر)

نعود إلى قوله تعالى (وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (210) البقرة) (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28) البقرة) (إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ (55) آل عمران) (وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ (43) غافر) ما الفرق بين ردّ ورجع وكلاهما في نفس السياق؟ كما قال تعالى عن سيدنا موسى (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7) القصص) ولهذا قال (فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ (40) طه) ما الفرق بين (إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ) وبين (مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ)؟ الرجوع عندما كنت تعرفه مقدماً أنت مسافر من هنا من دبي إلى الشام وأنت ناوي ترجع هذا رجوع يعني أنت أصلاً مقرر من ساعة ما إنطلقت من النقطة التي انطلقت منها أنت ناوي إلى الرجوع هذا رجع، وحينئذٍ كل مؤمن يؤمن بأننا سوف نرجع إلى الله عز وجل بعد أن نموت هذا رجوع. لكن واحد انطلق من دبي إلى الشام ومش ناوي يرجع كان مهاجراً ليس في خطته ولا في خريطته أن يعود انتهينا عوده يعني نهائي مهاجر كما يهاجر الكثيرون ولأمر ما أجبره على العودة هذا يسمى ردّ ولهذا فرق بين (فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ) وبين رددناك إلى أمك، رددناك هذه أم موسى وضعت الطفل في صندوق والصندوق في نايلون وترميه في البحر ولا تعرف أين ذهب؟ قطعاً ولا في بالها أن هذا سيعود انتهى فلما الله قال (إِنَّا رَادُّوهُ) على خلاف ما ظننتي. (إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ) و (مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ) كل مؤمن بالله يقول لك أنا سأموت وأبعث مرة ثانية فهذا مرجعه إلى الله وهناك من الناس من لا يعرف قال لك لا خلاص انتهت الدنيا ما في رجعة ما في عود هذا ردّ. فالرد إذاً إجبار الآخر على العودة والعودة أنواع. هناك العودة رجوع هناك العودة رد هناك العودة أوبة (إِنَّهُ أَوَّابٌ (17) ص) آب إلى آخره. حينئذٍ الفرق بين الرد والرجعة أن الردّ لم يكن محسوباً ولا في الخطة وإنما أكرهت عليه لأمر ما ولم يكن في الحسبان بخلاف الرجوع من ساعة ما انطلقت أنت في خطتك أن تلجأ إلى النقطة التي، اثنين الرجوع لا يشترط أن يكون بنفس الطريقة الذي ذهبت منه أنت ذهبت بالطائرة من دبي إلى القاهرة لكن رديت بالسيارة عن طريق الأردن وكذا إلى آخره إلى أن وصلت إلى دبي فيقال رجع فالرجوع لا يشترط أن تعود من نفس الطريق، الردّ لا (فَارْتَدَّا عَلَى آَثَارِهِمَا قَصَصًا (64) الكهف) (آَتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62) الكهف) قال نحن أضعنا الطريق (فَارْتَدَّا عَلَى آَثَارِهِمَا) على نفس الطريق فالرد على نفس المكان الذي جئت منه.

الدكتور نجيب: ولذلك قال تعالى (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ (228) البقرة)

الدكتور الكبيسي: بنفس الطريقة وإلى نفس المكان وإلى نفس الغرفة وإلى نفس الحضن هذا الردّ. دقة القرآن الكريم معجزة وخاصة المتشابه هذا.

الدكتور نجيب: شيخ تذكرت الآية الكريمة (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ(281) البقرة) هذا أواخر ما نزل والغريب أن أول ما نزل أيضاً (إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) العلق)

الدكتور الكبيسي: أكيد طبعاً هذا من آمن بذلك ولهذا من البدايات كان هناك من يعتقد بالرجعى ومن لا يعتقد بالرجعى وإلى هذا اليوم ولهذا كلمة الرد رد فلان إذا كان الرد رد كما أخبرنا أستاذ فؤاد أن هناك رد جميل وهناك رد غير جميل كريه أو لئيم إذا رديت رد كريم يقال (ردّ إلى) فرددناه إلى أمه رد جميل جداً ورد كريم ورد مسعد ومفرح إذا رد محزن فبـ(على) (يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (149) آل عمران) ولهذا كلمة الرِّد بكسر الراء الرِّد هو المعقل أو المعين أو الحصن أو المرجع الذي يدافع عنك (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي (34) القصص) يعني قوياً أو من يدفع عني ويدافع عني حينئذٍ كلمة ردّ بعلى رداً حزيناً أو كريهاً وردّ إلى رداً جميلاً، هذا عن الموضوع الثالث.

(وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) البقرة) – (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ (54) المائدة)

الموضوع الرابع وهو (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) البقرة) يرتدد هي ارتد والدال مدغومة فكّها قال (وَمَنْ يَرْتَدِدْ) وفي المائدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ (54)) قال من يرتد منكم ولم يقل من يرتدد، فرق بين ارتد وارتدد. ارتد هو ارتد جاء ناس وجعلوه شيوعي قال أنا شيوعي ما في لا الله ولا كذا كله هذا كلام فاضي، خلاص ارتد رأساً وقسم من الذين أسلموا ارتدوا وإلى الآن تجد ناس يرتدّون عن أي ديانة عن المسيحية عن اليهودية عن الإسلام هذا ارتد. إذا كان بعد معالجات من خصومٍ آخرين ناس جاؤا عليه بإعلام وأفلام ودعايات وبرامج يعني شوشوا على الرجل ليل نهار ليل نهار ناس توسوس له (شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا (112) الأنعام) كلمات وطبعاً أفلام وطعن بالنبي صلى الله عليه وسلم وطعن بالإسلام كما يحدث الآن في كل العالم إلى أن هذا يوم ليل نهار ليل نهار يسمع هذه الإيحاءات وهذه المحاولات وما يعرف رد لها حتى وصل إلى حد يعني فقد التوازن وفقد العقل وفقد الفهم فقال أنا خلاص تركت الإسلام هذا ارتدد (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ) فإذا تاب تاب الله عليه فيمت وهو كافر انتهينا أنت خسرت ولهذا لماذا؟ لأنك أنت أنزل عليك الفرقان طبعاً هذا من يرتد رأساً دخل الإسلام ثاني يوم ارتد هذا هو اختار لكن واحد وُلِد على الإسلام وتربّى منذ الطفولة على الإسلام هذا ليس من السهولة أن يرتد محاولات طويلة عريضة وأفلام ومدارس تبشيرية ومبشرين ودعايات وفضائيات تنخر في جسم الأمة اليوم ليل نهار كالكلاب النابحة لا تعرف من أين ينبح عليك؟ الثابت ثابت (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ (125) الأنعام) (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ (27) إبراهيم) في قد يكون واحد اثنين ثلاثة يصير تشويش عليه بحيث يضيع أو عاش في الغرب وارتد عن الدين لأنهم أغروه بمنصب صار رئيس أمريكا الخ قال لك يللا بلا إسلام بلا بطيخ حتى أصير شيئاً وفعلاً هناك مناصب عليا رؤساء شركات ورؤساء جمهوريات في البرازيل وغيره وغيره واحد اثنين ثلاثة أربعة ارتدوا قال لك دعني أصير رئيساً يعني في عدة عوائل مسلمة وصار بعدها رئيس هذا ارتدد بناء على محاولات وغسل دماغ فكل من يرتدّ اليوم هو مرتدد لشدة المحاولات التي تجري عليه، هذا الفرق بين من يرتد وبين من يرتدد. وطبعاً الله سبحانه وتعالى فتح الباب يعني هناك ناس ارتددوا ثم عادوا يعني مثلاً رحمة الله على الجميع طه حسين بدأ يشكك بالقرآن والشعر الجاهلي والقرآن كلام محمد الخ وجعلوا من طه حسين عميد الأدب ومش عارف ايه ثم تاب إلى الله وكتب على هامش السيرة والخ محمد حسين هيكل صاحب كتاب محمد، يعني كان الثمن لكي يرفعوك ويجعلون منك شيئاً عظيماً أن تكفر بدينك هذه واحدة من بنغلاديش كفرت بالله والخ جعلوا منها رئيسة بنغلاديش وبعدين يتوبون يعني كثير كتاب وأدباء يقول لك دنيا يعني مغنيين وممثلين رفعوهم إلى السموات وآخر عمره ندم وفعلاً يرجع إذا رجع رب العالمين سيتوب عليه. هذا من يرتدد محاولات بعد أن كان مسلماً قوياً هذا الفرق بين يرتد ثاني يوم ثالث يوم كما ارتد بعض العرب الجاهليين وبين يرتدد لماذا؟ يقول لك (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا).

إتصال من الدكتور صالح من سوريا: مداخلة على قوله (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158) آل عمران) فقدّم القتل على الموت في الآية الأولى وقدّم الموت في الآية التي تليها وسبب ذلك والله أعلم أنه لما ذكر في الآية الأولى في سبيل الله وهو الجهاد قدّم القتل إذ هو المناسب لأن الجهاد مظنة القتل ثم هو الأفضل أيضاً ولذلك ختمها بقوله (لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ) فهذا جزاء الشهيد ومن مات في سبيل الله. أما في الثانية لم يقل في سبيل الله فقدّم الموت على القتل لأنه الحالة الطبيعية في غير الجهاد لذلك ختمها بقوله (لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ) إذ الميت والمقتول كلاهما يحشره الله إليه فشتّان ما بين الخاتمتين وأرجوا أن لا أكون أثقل عليكم.

الدكتور الكبيسي: أرجوك أن تثقل أنت وكل من يسمعنا زادكم الله إثقالاً، ما هذا الإبداع يا دكتور صالح؟ ما هذا الإبداع؟ ونحن قلنا هذا العلم المتشابه يقبل القسمة على ألف كما فرحنا وطربنا بهذا التفسير التأويل الرائع الآن قد يأتي بعد يوم أو أسبوع أو شهر أو سنة أو مائة سنة من يضيف إلى هذا يضيف إلى هذا حتى نقول (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ)

الدكتور نجيب: وهذه الحلقات إنما هي استدراك

الدكتور الكبيسي: أكيد طبعاً وقد قلنا منذ البداية أننا نريد أن نثير فيكم هذا الشغف وفعلاً يا دكتور صالح والله جاءتنا رسائل وفاكسات من ناس بسطاء وناس علماء وناس مفكرين ونساء اجتهدوا وفعلاً هذا العلم ما فيه كبير مثل كرة القدم أهو حرك قدمك وتطلع غول وما أكثر الذين غولوا في شباكنا طبعاً أنت دكتور أستاذ صالح ما شاء الله عليك علماً وأدباً وهذه قضية أفضل مما ذكرتها بالحلقة الماضية عشر مرات وحينئذٍ أبدعت في هذا أيّما إبداع وسوف نذكرها في الكتاب ونقول هذا من الدكتور صالح ننسب الفضل إلى أهله. وكل من ساهم وما أكثرهم إذا ظهر الكتاب إن شاء الله هذا وسيظهر بمجرد إنتهاء البرنامج نحن كل حلقة نهيؤها للطباعة وإن شاء الله سنذكر كل من ساهم لأن هذا ليس لأحدٍ فيه فضل إلا لله عز وجل كما قال عبد الله بن مسعود، جزاك الله خيراً كلام في غاية الروعة يا دكتور صالح أرجوك أثقل علينا دائماً.

بُثّت الحلقة بتاريخ 7/11/2008م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها