نعود إلى كلام وهو في الحقيقة طويل سأتركه للأسبوع القادم (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ (171) النساء) أو غير الحق (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77) المائدة) هذا طويل.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ (1) المائدة) – (وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ (30) الحج)
سنتكلم في آية أخرى أيضاً في المائدة رقم واحد (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ (1) المائدة) وفي سورة الحج (وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ (30) الحج) لماذا في المائدة (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ) وفي الحج (وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ)؟ الفرق جداً واضح. بهيمة الأنعام وهي السباع مثل النسور والحُمُر الوحشية والفرس الجامح يعني الأشياء التي تصطاد وتؤكل هذه بهيمة الأنعام. كل شيء يصاد صيداً لأنه كاسر ولأنه متوحش ولكنه يؤكل هذا (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ) نحن نعرف الأنعام اثنين أزواج اثنين ضأن واثنين معز واثنين إبل واثنين بقر أما الوحش كالحمر الوحشية لأن هذا لا يؤكل إلا بالصيد. نحن نتكلم إما بشكل عام أحلت لكم بهيمة الأنعام في كل مكان صيد ما تشاء نسور لكنها تؤكل. لكن بالحج ما تؤكل، في الحج لا يوجد صيد وحينئذٍ إذا كنت محرماً فلا ينبغي أن تصيد شيئاً فهو يقول (وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ) في الحج و (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ) بشكل مطلق. إذاً ليس هناك إشكال بين (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ)التي في سورة المائدة وهذا حكم عام في غير الحرم وفي الحج في الحَرَم (وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ) كل ما يؤكل في الحج وهي الأنعام ثمانية أزواج الخ من أجل ذلك كما يقول الهُروي: الأنعام المواشي من الإبل والبقر والغنم وهذا الذي هو دعى إلى حذف كلمة بهيمة الأنعام لأنها من الصيد ولا ينبغي الصيد في الحَرَم هذا هو الفرق.
(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ) – (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ)
نتكلم عن قوله (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ) في النساء وفي المائدة قال (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ) في الأولى إلا الحق وهنا غير الحق هناك تقولوا وهنا لا يوجد تقولوا. الخطاب الأول للعلماء الأحبار الرهبان أصحاب الفتاوى علماء المسلمين الذين يفتون هؤلاء الناس هم الذين يضلون ويهدون الهداية منهم والضلال منهم كل الضلالات من عالِم مفتي سواء كان حبراً من الأحبار أو مفتياً مسلماً أو راهباً من الرهبان أي رجال الدين كما نسميهم الآن. ما من فتنة ولا قتلٍ ولا تكفيرٍ ولا زندقة إلا من واحد من هؤلاء من فتوى كما أنه ما من هداية في الغالب ولا علمٍ ولا تثقيفٍ ولا ترشيدٍ إلا من عالِم هكذا هو الأمر. فرب العالمين يخاطب أصحاب الفتاوى سواء كانوا أحبار أو رهبان أو علماء قال (وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ) يعني قولوا الحق دائماً. أنت داعية أنت ترشد الناس قل الحق لماذا؟ أنت لا تغلو أنت لماذا تغلو وأنت لديك الدليل؟ ولكي لا نضيع الوقت سنتكلم بسرعة يعني أنا أرى هذا هلال رمضان رأيته بعيني المجردة كيف أفتي وأقول يا جماعة لا تصومون اليوم صوموا بعد غدٍ يعني بأي قدرة؟ والله قال (وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ) هذا ليس حقاً هذا باطل. الحق هذا رمضان الحج عرفة وعرفة عرفة ما في غيره كيف تقول للناس اليوم ليس عرفة وتعالوا بكرة؟ كيف تقول هذا؟! وهذا حقٌ ظاهر أنت عندك دليل الجواب لا لا تستطيع أن تفتي لا أن تكون حبراً ولا راهباً ولا عالماً إسلامياً مفتياً إلا بالدليل (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ) أين الدليل؟ والأدلة متنوعة أنت ليس لديك ولا دليل (صوموا لرؤيته) لكن يقول لك ولو هذا ليس هلالاً لأن المفتي قال لي ليس هلال أنت يا مفتي كيف تقول هذا ليس بهلال؟ أنت قلت غير الحق ينبغي أن تقول الحق الحق (وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ) أنت ما قلت الحق قلت الباطل، هذا واحد. وأنتم الذين تتابعون هذا الراهب أو هذا القس أو هذا الحبر أو هذا العالِم الديني المفتي أنتم ليس لكم عذر (لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا) هناك تقولوا للمفتين وأنتم أتباع المفتي (وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ) ولهذا يوم القيامة أخطر الناس عُبّاد الأوثان أول من يقذف في النار عبدة الأوثان قبل عبدة الأوثان العلماء أحبار رهبان علماء مسلمين أول من يدخل النار هؤلاء كما قال صلى الله عليه وسلم (للزبانية أسرع إلى فسقة القُرّاء منهم إلى عبدة الأوثان فيقولون: أيُبدأ بنا قبل عبدة الأوثان؟ فتقول الملائكة: نعم ليس من يعلم كمن لا يعلم) أنتم العلماء كيف كذبتم على الناس؟! الله يقول رضي الله عن المهاجرين والأنصار (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) التوبة) فكيف تلعنهم؟! الله قال (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) الأحزاب) كيف تلعن آل البيت على المنبر تلعن عليّ على المنبر؟! وهذه الآية؟ وتبعك آلاف الناس! هذا رافضي وهذا نواصب وهذا وهابي وهذا سلفي وهذا صوفي كله من الفتاوى سيدنا عمر قُتِل بفتوى وعثمان قتل بفتوى وعلي قتل بفتوى وقتل آلاف الناس بفتاوى! هذا الخطاب الأول (وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ) وأنتم الأغبياء الحمير متبعيهم (لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ) إذاً (إِلَّا الْحَقّ) للمفتي الذي يقول، و (غَيْرَ الْحَقِّ) للمتَّبع الذي يأخذ كلام هذا ويصدقه وكلاهما لا عذر له الأول أين دليلك؟ وكيف تتبع هذا والدليل عكسه واضح؟ لو كان الدليل فيه لبس لا بأس دليل واضح كتاب وسنة صحيحة كتاب (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ) كيف؟ ما هو دليلك؟ وتُصِّر قرن كامل على هذا ما فيكم من يقول يا جماعة اتقوا الله؟! تقول حجوا في اليوم الثاني والحج عرفة؟! تفطر والهلال أمامك؟! وهكذا ما أكثر ما يفتي مفتي بصفاقة وبرود وتحدي لله عز وجل بحيث يستحق أن يُبدأ به في النار يوم القيامة قبل عبدة الأوثان لأنه أضل أمة هناك ناس صاروا غير مسلمين بفتوى واحد يعني في ناس تركوا الإسلام نهائياً صار لهم إسم آخر لماذا؟ واحد قال لهم. لكن هؤلاء كلهم لا يعذرون ولذلك خاطب المفتين وقال (وَلَا تَقُولُوا) وخاطب متبعيهم وقال (وَلَا تَتَّبِعُوا) هذا هو الفرق بين (إِلَّا الْحَقّ) وبين (غَيْرَ الْحَقِّ) والكلام طويل في هذا الباب
د. نجيب: والغلو هي مصيبة هذه الأمة
الدكتور الكبيسي: وكل الأمم ما من نبي ولا دين سماوي إلا ابتلي بهؤلاء.
بُثّت الحلقة بتاريخ 26/12/2008م وطبعتها الأخت الفاضلة نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها