وأُخر متشابهات

وأُخر متشابهات – الحلقة 41

اسلاميات

الحلقة 41

د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وبعد. فهذه حلقة جديدة جليلة يتفضل فيها شيخنا الإمام الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله إمام هذا الفن في هذا العصر لييدلي لنا بدلوه في معان قرآنية جديدة تبدو في بعض آيات القرآن أن بينها تشابه فيتفضل ببيان الفرق بين القلب والفؤاد والصدر في تلكم الآيات القرآنية التي وردت فيها كقوله تعالى (قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ) وكقوله تعالى (فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ) وكقوله تعالى (كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ) فليتفضل مأجوراً مشكوراً.

د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. عندما نتصفح القرآن الكريم لتدبر أُمرنا به كما قال تعالى (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ (82) النساء) والتدبر كما تعلمون أن تبقى دُبُر الآية حتى تعلم معانيها إلى يوم القيامة. كل مسلم مأمور أن يبقى خلف الآيات لكي يكتشف فيها تأويلاً جديداً على التأويل الذي توصل إليه الجيل السابق من حيث أن لكل جيل تأويلاً للمتشابه لأن لكل جيلٍ معجزة تدل على أن هذا كلام الله عز وجل. رب العالمين سبحانه وتعالى يتكلم مع المصطفى عليه الصلاة والسلام يقول (قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97) البقرة) على قلبك، ومرة يقول (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الأعراف) في صدرك، ومرة يقول (كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ (32) الفرقان) فؤادك، فمرة قلبك ومرة صدرك ومرة فؤادك وقلنا مائة مرة وأثبتنا هذا في برنامجنا القديم الكلمة وأخواتها أنه ما من كلمتين تتشابهان في الترابط إلا وبينهما فرق جوهري لا تغني عنه الكلمة الأخرى كما هو الأمر هنا، ولكي لا ندخل في التفاصيل الكثيرة لأن وقت البرنامج محدود والدقيقة فيه محسوبة ونريد أن نوصل معلومة سريعة للمشاهد لكي يتابع هو ما تبقى من ذلك.

(قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97) البقرة) – (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الأعراف) – (كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ (32) الفرقان)

نبدأ القلب تعرفونه وثبت علمياً الآن أن القلب ليس مجرد عضلة تضخ الدم إلى الشرايين، القلب عضلة تضخ الدم ولكن لها مهمة كمهمة العقل فالعقل والقلب كلاهما يتضافران في كسب المعرفة كما أن الأُذن عملها السمع والعين عملها البصر وهذه شحمة وهذه لحمة والدماغ عمله المعرفة فلماذا الدماغ وهو لحمة وشحمة أيضاً فيه طاقة من اكتساب المعارف والقلب هذا الذي يقوم عليه كل الجسد ليس له نفس الطاقة؟ لا، ثبت علمياً الآن وهذا ما يقوله الأطباء في العالم وأنا قرأت بحثاً في هذا من شهور أكتشفوا أن القلب والدماغ كل منهما يكتسب المعرفة بالتضافر والتناوب والتناول وهذا بحث عظيم في توصيف العلاقة بين الدماغ وبين القلب، هذا القلب. الفؤاد (كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ) (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا (10) القصص) (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (9) السجدة) السمع والأبصار والأفئدة، السمع عمل الأذن والأبصار عمل العين والفؤاد عمل القلب. عمل القلب يسمى فؤاداً لكن متى؟ إذا انشغل قلبك بشيء واحد أذهلك عن كل ما سواه يسمى فؤاداً. يعني تصور النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه الوحي كل حواسه وكل أفكاره انحصرت في هذا الذي ينزل عليه بحيث لم يعد هناك في قلبه شيء آخر يسمى هذا فؤاداً. تصور أم موسى (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ (7) القصص) وفعلاً استجابت ووضعته في الصندوق ورمته في البحر ثم هذا البحر أخذه إلى قصر فرعون وكانت أمه لا تنام الليل ثم قالت لأخته قصيه ويقول تعالى (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا) من كل ما عدا موسى. يعني أنت تخيل أم ابنها راح في البحر تفكر في ماذا؟ في طعام؟ في شراب؟ في سوق؟ في تلفزيون؟ في راديو؟ تفكيرها منصب لابنها. إذاً إذا كان القلب انشغل بشيء واحد ليس هناك شيء غيره يسمى هذا فأداً وفؤاداً يعني قيس بن الملوح ليس في ذهنه إلا ليلى في الليل في النهار يصيح ليلى ليس لديه أي عمل وسايح مع الغزلان. وحينئذٍ يا سيدي هذا لماذا سموه الفؤاد؟ الفأد مكان إشعال النار والتي تسمى في العربية الملّة. الملّة بقية النار لما تخلي نار بقايا تكون مغطاة بالرماد ولكنك لو وضعت يدك عليها تحترق تسمى الملّة باللغة العربية والملّة تسمى فأداً والمكان الذي تبقى فيه النار يسمى المدفئة من نفس الحروف مفأدة ومدفأة مدفأة لما يكون فيها نار وشابة ومفأدة بقايا النار فالفؤاد لما يكتم شيء رهيب عشق خطط حرب أنت تاجر عندك صفقة كبيرة جداً توشك أن تضيع أو أن تربح، عندك مسابقة فيها جائزة هائلة ليل نهار تفكر فيها ما هو الشيء الذي يشغل بالك بحيث ما من شيء آخر يشغلك يسمى هذا فأداً. هذا الفأد هو عمل القلب المشغول الذي يشغله هذا الشيء ويذهله عن كل ما عداه. هكذا العشق الإلهي هناك من عشق الله عشقاً كبيراً سيدتنا مريم لم يكن في قلبها إلا الله ولهذا كان الرزق يأتيها إلى مكانها (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا (37) آل عمران) ما عندها في قلبها شيء إلا الله تعالى، ولما جاء عيسى وحلو وجميل وأم صارت أم سيدنا عيسى يعني جاءها بمعجزة فانشغل قلبها بغير الله عز وجل صار قسم لعيسى وقسم لله فقال لها (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) مريم) اذهبي وابحثي عن رزقك هناك من شغلك عني هذا الفؤاد هو الذي ينشغل بشيء واحد بحيث لا يبقى فيه من القلب قدرة أن يفكر بشيء آخر إذا انشغل القلب بشيء واحد والله قال (كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ). بالله عليكم تتبّعوا السيرة وتتبعوا نزول الوحي هل كان في قلب النبي شيء آخر غير الوحي؟ ولما انقطع النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام لا يأكل لا يشرب وعينه إلى السماء متى يأتي الوحي مرة ثانية، هذا فؤاد (كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32) وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33) الفرقان). حينئذٍ رب العالمين نزّله على القلب حتى يستوعب القلب فالقلب قوة الإدراك، القلب والدماغ، القلب والدماغ هما مسرح العقل والعقل هو آلة الإدراك عندما تدرك ترسل به إلى الفأد والفؤاد إذا كان عاماً ينشغل به وبغيره إذا كان قوياً كما تضع يدك على الملّة لا بد أن تشعر بها أنت قد تضع يدك على حرير قد لا تنبهر ولكن تضع يدك على خد امرأة جميلة قد لا تنتبه لكن قيس لو وضع يده على خد ليلى لصعق وفعلاً كان يصعق عندما تحدثه ثم إذا كنت أنت من النوع الذي انشغل قلبك بشيء واحد كما لو كانت يدك على الملّة مهما كنت مشغولاً، مهما كنت بالعلم طبعاً بعض العلماء يذهل بمسألة واحدة ثلاثة أيام لا يصحى، كثير من سلف الصالح يكتب في الليل ثم يسمع أذان يقول ما هذا الأذان؟ أنا صليت العشاء لماذا تأخر آذان العشاء؟ تبين أنه آذان الفجر وهو لا يدري ذاهل هذا يسمى فؤاد من الفأد وهو نار الملّة ما من أحد يضع يده في الملّة إلا ويفز ولو أجبرك أحد الناس أن تضع يدك فيها لبقي جسمك متعلق بهذه الحالة وتتوجع نار تحرق يدك لا تفكر بشيء آخر لا تستطيع أن تفكر في غير هذا هذا فؤاد. الفؤاد إذاً هكذا فحينئذٍ لما الله قال على أم موسى (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا) وكل كلمة الفؤاد في السنة والكتاب تأتي لما يكون هناك انشغال كامل.

د. نجيب: يعني مثلاً عندما اختبر الله سبحانه وتعالى سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام بذبح ابنه ل كان من باب اختبار خلته؟

د. الكبيسي: طبعاً. أنت تصور شخص الله قال له اذبح ابنك وأمه قامت تبكي وتصرخ وأمره بقتله بدون أي سبب فقط وحي أتاه وهذا يدل كم أن الله سبحانه وتعالى قد أذهل قلب سيدنا إبراهيم عن غير الله بشكل مطلق. ماذا يقول رب العالمين؟ (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) النجم) بالله عليك محمد صلى الله عليه وسلم في سدرة المنتهى هل يخطر في باله قريش؟ هب يفكر في أكل؟ أو يفكر في مسلمين وكافرين؟ انتهى، انقطع عن الكون كله (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) رأى سدرة المنتهى ولا يمكن لعقلك أن يدركها إدراكاً فكيف وقد رآها بعينيه، إذاً فؤاد. قال (وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ (113) الأنعام) هؤلاء رب العالمين يتحداهم يقولون لا يوجد آخرة ولكن عندما يسمعون القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم يرعبون بحيث يذهل يذهل عن كل ما عداه غصباً عنه ويعودون دائخين ويقولون والله ما هذا كلام بشر يقول (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ (37) إبراهيم) جُرهُم قبيلة تعبانة وتبحث لها عن مأوى وتبحث لها عن مكان تستقر فيه فلم تجد شيء وهم في بحثهم سمعوا عن فلانة في المكان الفلاني طلعت فيه عين وفي هذا المكان صبي وأمه ولا أحد عندهم ولما سمعوا عن هذا الأمر ذهبوا ركضاً إلى هناك مئات وآلاف الخيول والإبل ورأوا فعلاً عين ماء وامرأة مليحة الوجه كريمة واضح عليها الطهر والقدسية معها هذا الطفل المنير إسماعيل. فعلاً لما رأوا الماء لم يبق في ذهنهم أي شيء آخر كل الذي كان ينقصهم الماء وسيدنا إبراهيم لما دعا قال (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ (37)) لم يقل أي ناس شبعانين ماء،لا، قال ابعث عليهم ناس لما يسمعون في الماء لا يفكرون في غيره وفعلاً جاءت جرهم من مكان بعيد قتلها العطش وسمعوا بهذا الماء وجاؤوا ولا يشغلهم في عقولهم ولا قلوبهم إلا هذا الماء هذا واحد. إذاً هكذا هذا الفؤاد في الكتاب أما في السنة ففيها عجائب يعني السنة فيها كلام يقول النبي صلى الله عليه وسلم تعرفون في الوحي لما أول ما نزل قال (فجاء إلى خديجة يرجف فؤاده) ما قال يرجف قلبه وهذا في البخاري ومسلم. الرسول صلى الله عليه وسلم رأى جبريل وقال له إقرأ ورآه في السموات وجاء إلى خديجة.

د. نجيب: والله يا شيخ ما سبقك إليها سابق وقد قرأت التفاسير في أكثر صحيح البخاري.

د. الكبيسي: وتعرفون القصة فحينئذٍ ما الذي كان ممكن أن يشغل النبي إلا هذا؟ يرجف فؤاده. عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أخذ أهله لُعَك) يعني مرضوا أو شيء (أمر بالحساء فصنع ثم أمرهم فحسوا منه ثم يقول إنه ليرتو فؤاد الحزين) ما قال القلب سيد البلغاء محمد صلى الله عليه وسلم وهذا الحزين قال (إن التلبينة) نوع من الطعام للوجعان (إن التلبينة تجُم فؤاد المريض) فيه حرارة ملّة كما قلنا الفأد هو الملّة، أنت لا ترى النار فهي مغطاة برماد لكن إن وضعت يدك احترقت لأن فيها نار. يقول النبي صلى الله عليه وسلم (أهل اليمن أرق قلوباً وألين أفئدة)

د. نجيب: لو لم يكن هناك فرق بينهم لما جاء بمترادفتين.

د. الكبيسي: نزله على قلبك ليثبت به فؤادك. أهل اليمن وردت أحاديث كثيرة في مدحهم من ضمنها هذا الحديث: أهل اليمن أرق قلوباً أهل اليمن لا يعرفون الموالاة على غلاف أهل الحجاز والعراق المغالاة في .الكون والحروب والمشاكل والطائفية والفئوية تأتي إما من الحجاز أو من العراق. ولذلك أهل اليمن أرق قلوباً يعني مصادر المعرفة وألين أفئدة لما يكون عندك مشاكل وظروف قاسية وأزمات ما يرعبون ولا يرعبون يأخذون الأمور ببساطة، قلوب لينة هذا الفؤاد. إذا هكذا هو الفؤاد فالفؤاد كما أن السمع عمل الأذن والبصر عمل العين فإن الفؤاد عمل القلب الذي لا شيء فيه غير ذلك الموضوع. فأنت في فؤادك شيء واحد بينما في قلبك آلاف الأشياء أنت في قلبك الآن مائة مسألة شخصية وعائلية وسياسية وعلمية وتجارية يعني مليء لكن عندما أنت تنحصر يوم يومين أسبوع أسبوعين شهر شهرين ساعة ما في ذهنك إلا شيء واحد. يعني مثلاً نحن في رمضان قبل الإفطار بخمس دقائق تفكر بشيء ثاني فقط في المدفع لكي تأكل هذا الفؤاد،

د. نجيب:

إن الكلام لفي الفؤاد وإنما جُعل اللسان على الفؤاد دليل.

د. الكبيسي: خلصنا من كل ما قلنا بأن القلب والدماغ مصدر المعرفة يتبادلان التعاون فيما بينهما وهذا بحث طبي دقيق سيشغل العلماء من جديد بعد أن قضوا قروناً يعتقدون بأن القلب مجرد آلة وأداة لضخ الدم.

إتصال من الأخت أم أحمد من مصر: أضيف في موضوع القلب والإدراك أن القلب والإدراك والله أعلم أن الواحد يدرك به الأشياء غير العقلية والتي تسمى الحاسة السادسة فهي فعلاً نوع من الإدراك ولكن ليس بالعقل وهو فعلاً لو سألك أحدهم لن تعرف فهي ليست بالعقل وهو فعلاً كلامك صحيح. وتكلمت عن التدبر في القرآن وقد تكلمت معك من قبل في مثقال ذرة أنها في القرآن من 14 قرن ربنا سبحانه وتعالى تكلم عن (atomic weight) الذي هو مثقال ذرة فيا ليت نشرك الجمهور.

د. نجيب: الأخت أم أحمد سبق وشاركت معنا في أكثر من برنامج وهي بنت العلامة الشيخ عبد الرحيم فودة رئيس تحرير مجلة الأزهر سابقاً.

الإجابة: بارك الله فيك، على كل حال الكلام في موضوع الحاسة السادسة وهذا حدث ومن إعجاز الكون كله ولكن نأخذ الفرق بين لماذا على قلبك وعلى صدرك وفؤادك. وفي قوله تعالى (نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)الهمزة) لم يقل القلوب بل الأفئدة، بالله عليكم شخص ممد في أنبوبة كبيرة تشتعل ناراً وهي مغلقة عليه يفكر في ماذا؟! لا يشغله شيء عن ما هو فيه ولهذا لما تقرأ بعض الحوارات في القرآن الكريم بين أهل النار هم لهم استراحات وفي الاستراحات (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (27) الصافات) لكن لما يكون في النار لا يفكر في هذا إطلاقاً لأنها تشغله إشغالاً كاملاً عما سواه.

إتصال من الأخ سعدون من الشارقة: هل العلم في القلب أم في العقل؟

الإجابة: في القلب والعقل. وقد قلنا أن العقل والقلب متضامنان وفرقنا في برنامجنا السابق بين يفقه ويعلم ويتدبر والخ وبين العلم والفكر.

نعود نتكلم عنها واحدة واحدة تكلمنا عن الفؤاد بما ينبغي. نتكلم على قوله تعالى (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) الشرح) الصدر فهمنا القلب وفهمنا الدماغ العقل وفهمنا الفؤاد الصدر لماذا؟ (يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) الناس) (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) (وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ (12) هود) ما هو الصدر؟ هذا أيضاً مما توصل له العلم الحديث الآن أن هذا الجسد الإنساني كله حواس وكله خلايا الحواس وهذا الجسد المعجز كلما عُرِف عنه وقد عرف عنه الكثير وخاصة في هذا القرن الذي نحن فيه يقولون لا نزال في حدود 5% من أسراره أي إعجاز (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ (11) لقمان). كيف كل جزء له لمسة، الحواس، لماذا هذه تنقل لك معلومة لا تنقلها الحاسة الأخرى؟ إذاً الصدر هذا هو محل الإنقباض والضيق أو الانشراح. كلها تحدثنا عنه من عمل الدماغ والفؤاد والقلب نتائجه تتضح في هذه المساحة (الصدر) إما شرحاً وإما ضيقاً (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ (125) الأنعام) (فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ (2) الأعراف) إذاً كلنا نعرف لما تسمع خبر سار جداً جداً تشعر بسعادة في صدرك لا في رجلك ولا في رأسك ولا في يديك بل في صدرك وعندما تسمع أنه احترق مركبك، مات أبوك وقعت كارثة تشعر بإنقباض في صدرك وبألم شديد وتمسك صدرك. إذاً عندما تتظافر الصدر والفؤاد والقلب تشعر هنا (في الصدر) بشيء آخر إما شرحاً والشرح هو تفريق اللحم كما يقال شريحة لحم هذا حقيقة. أما مجازاً يدل على انبساط الإنسان وعلى شدة سروره وشدة فرحه على عكس ذلك. هذا إذا كان فؤادك اشتغل بشيء واحد سمعت خبر، كلنا الآن في هذه الأيام تسمع خبر جديد في العالم الكل يتحدث عنه هذا فؤاد، هذا الشيء الذي يتحدث فيه الفؤاد وينشغل به إما تكون سعة في صدرك وسعادة وراحة أو انقباضاً. فالصدر إذاً هو وعاء لكل هذا للقلب والأفكار والحواس والنفس. ونحن لم ندخل في النفس والروح مع أنها تدخل في المنظومة لكن لا نريد أن نتوسع. الروح الطاقة المعرفية والنفس المشاعر والأحاسيس يعني هذا الإنسان الذي نتحدث عنه هذا الموضوع وحده ممكن أن نقضي به أربع خمس حلقات. إذاً الصدر هو مجموع هذا الذي ذكرناه بحيث أنك أنت تنبسط (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) كان صدرك ضيقاً من الشرك فبعثنا لك التوحيد وعلمناك إياه، كنت مستوحشاً عن أهلك، كنت منعزلاً عن المشركين في غار حراء فبعثنا لك جبريل، كنت ضائقاً بما يفعلون وبما يمكرون قلنا لا عليك، حينئذٍ ما عليك حسابهم. ثم كنت خائف في بدر وطمأناك وحينئذٍ رب العالمين سبحانه وتعالى أنزل ملائكة معك في كل دقيقة من دقائق حياتك كان الله معك. إقرأ تفسير آية (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8) الشرح) هذه السورة يقرأها بعض الصحابة مع والضحى قبلها يقول لك الشرح والضحى كأنهما سورة واحدة (وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) الضحى) إلخ اقرأها جيداً بحيث أن بعض الصحابة يقرأها على أنها سورة واحدة من حيث أن هاتين السورتين تتكلم عن شرح صدر النبي صلى الله عليه وسلم من حيث أن الله سبحانه وتعالى قال (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) الضحى).

د. نجيب: قال الشاعر:

إذا ضاقت بك الدنيا ففكر في ألم نشرح

فبعد العسر يسرين إذا فكرت فلتفرح

د. الكبيسي: ويقول النبي صلى الله عليه وسلم (لن يغلب عسراً يسرين)، اليسر جاء مرتين والعسر واحد. هكذا هو الأمر نتكلم عن سيدنا موسى سيدنا موسى عاش في قصر فرعون ويعرف أنه يقتل ويبيد الناس وحينئذٍ لما رب العالمين قال له (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) طه) قال سيدنا موسى (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) طه) (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (12) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (13) الشعراء) إذاً ضيق الصدر وانشراحه هو نتيجة التفاعل بين الدماغ وبين القلب الذي ينتج فأداً وفؤاداً الذي ينتج إما انشراحاً وسعة وحضوراً وإما ضيقاً وحرجاً هذا هو الفرق. إذاً فالصدر موجود فيه الإحساس الباطني الجامع بمعنى العقل والإدراك والفؤاد والقلب وشرح الصدر كناية عن الإنعام عليه ما تطمح إليه نفسه الزكية من الكمالات وإعلامه برضى الله عنه وبشارته بما سيحصل للدين الذي جاء به من النصر وهذا كله أرى اللهُ النبي صلى الله عليه وسلم.كل ما هو كائن إلى يوم القيامة وأمته وأن الإسلام سينتشر وما من بيت إلا ويدخل فيه هذا الدين والإسلام سيكون في كل مكان. فالنبي صلى الله عليه وسلم بهذا الذي ثبت الله به فؤاده ولم يعد فؤاده يفكر في كل ما عدا ذلك إلا من نعم الله سبحانه وتعالى عليه. ولذلك يقول تعالى (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ (15) التوبة) هذا مواطن القلب والصدر، مرة قال يشفي صدور قومٍ مؤمنين وهذا يكون في الصدر.

د. نجيب: الصدر مكان آثار القلب؟

د. الكبيسي: كل ما يجري فيه يصب في هذا المربع (الصدر) والآن كلنا نعرف حزناً أو فرحاً نشعره في الصدر.

(فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ (13) المائدة) – (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آَخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ (41) المائدة)

ننتقل إلى آيتين في المائدة (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ (13) المائدة) في المائدة أيضاً (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آَخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ (41) المائدة) مرة عن مواضعه مرة من بعد مواضعه ما الفرق؟ واحدة تتكلم عن ساعة نزول الوحي هناك تحريف مطلق أول ما ينزل يحرفونه، هذا تحريف للنص للتنزيل (مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ) بعد قرن قرنين ثلاثة يأول تأويلاً منحرفاً وهذا جرى في كل الأديان السماوية في المسيحية واليهودية والإسلام في أول أيام الوحي كان يحرّف إلا القرآن الكريم فقد تكفل الله بحفظه إلى يوم القيامة. لا يستطيع أحد في الكون كله أن يحرف لفظ القرآن وإلا فشل وقد صارت محاولات كثيرة فاشلة. لكن يُحرّف تأويله هذا بعد مواضعه (مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ) هذه (من) ابتدائية من ساعة ما ينزل هناك من يحرفه (لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) فصلت). إذاً بعد مواضعه في التأويل ومن بعد مواضعه في التنزيل. ولذلك كل الفرق الضالة إنما مصيبتها أن أحد الناس أن مفتياً ضالاً من المفتين حرّف هذا الذي نزل صحيحاً حرف تأويله ومعناه وما أكثر ذلك في كل الأديان! جميع الفرق الضالة كلها كانت تحريف وهناك فرق بين الاختلاف في الرأي على وفق القواعد الشرعية وعلى اختلاف المذاهب بأن هذا القرآن الكريم له نصّان الحد الأدنى والحد الأعلى. من أجل ذلك كل المذاهب المشروعة التي اعترف بها المسلمون وتقبلوها بالرضا كلها صحيحة لكن هناك انحرافات أدت إلى إخراج الناس من الدين تماماً صار له اسم آخر غير الإسلام هذا (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ) ومن فضل الله عز وجل ليس بوسع أحد أن يحرف الكلم من بعد مواضعه كما حرف التوراة والإنجيل التوراة والإنجيل من بعد مواضعها حرفها المحرفون والضالون والسياسيون والأعداء والوثنيون حرفوها من ساعة ما نزلت. وحينئذٍ هذا في القرآن لا يمكن، بل من المستحيل سيبقى النص القرآني ثابتاً الله قال (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) الحجر) إنّا واللام وهذا وعد من الله عز وجل وكلكم سمعتم عن المحاولات كالفرقان وغيره وكلها محاولات بائسة ومضحكة وتدعو للإشفاق والسخرية ولكن هناك من حرّف القرآن بعد مواضعه أي حرّف تأويله. التفسير لا يحرف والله حتى التفسير حتى في الصلاة وأركانها والصلاة وعددها والصلاة وأوقاتها والزكاة، حتى النصوص حُرفت. حتى الأحكام التي تفسر حُرفت أما التأويل هذا شيء ثاني. التأويل الذي فيه مجال للرأي ولكن هناك أحكام شرعية ليس لها إلا تفسير واحد كإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ماذا فيها؟ ومع هذا حرفت في هذا الدين، اللفظ بقي صامداً ولم يحرف ولا حرف ولا حركة حتى رسمه (الرحمن) مرة بالألف مرة بالنون (داود) مرة بواو واحدة ومرة بواوين.

إذاً هذا هو الفرق وحينئذٍ القرآن الكريم لأنه معجزة النبي صلى الله عليه وسلم وهذا المعجزة لا بد أن تبقى خالدة لا تتحرف كاليد والعصا وإحياء الموتى لسيدنا عيسى إلخ. لكن التوراة والإنجيل لم يكن معجزاً القرآن هو المعجز لأن سيدنا موسى وسدينا عيسى معجزاتهم متعلقة بهم اليد والعصا وإحياء الموتى وإبراء الأبكم والأبرص وفلق البحر كما تعرفون.

(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ (17) المائدة) – (قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا (11) الفتح)

ننتقل إلى موضوع آخر، في المائدة (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ (17) المائدة) (فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ) في الفتح (قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا (11) الفتح) هنا لكم قبل الله، لماذا في المائدة (فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا) وفي الفتح (فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا) لا بد أن تكون هذه شبه الجملة الجار والمجرور لا بد أن يكون لها معنى. لاحظ هاتان الآيتان وحدة فيها لكم والثانية ما فيها لكم إن كانت تتعلق بالعقيدة (فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ) واحد يعبد الحجر، يا أخي إنت اعبد رب العالمين يرفض ويقول أنا أعبد الحجر (فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا) إذاً هذه قضية عامة ما تخصك أنت فقط هذه قضية عامة لا بد أن يعبد الله وحده إلهاً ورباً ورب العالمين إذا أراد أن يهلكنا جميعاً من يملك منه شيئاً؟ لا أحد. أنت بصفتك متدين تعبد غير الله عز وجل وتعبد أشخاصاً تعبد حجراً تعبد مدراً (فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا) إن أراد أن يهلككم جميعاً؟ لا يختص بك الأمر، هذا (فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا) قضية عامة تتعلق بتوحيد الله عز وجل. حيث ما جاء الأمر بتوحيد الله وخاطب الله قوماً يعبدون غير الله قال (فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا). لكن هناك قضية خاصة بك أنت، أنت يمكنك أن تعبد هذا الحجر وتقول حتى يقربنا من الله زلفى أو تريد أن تنافق إنسان معين حتى يعطيك منصب أو إلخ فهي قضية خاصة بك أنت (فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا) أنت بالذات بعت مذهبك ودينك يعني في ناس أصبحوا جواسيس وناس جاءوا بالعدو إلى بلادهم (فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا) لو أراد أن يهلككم جميعاً ماذا يملك لك المحتل؟ ماذا يملك لك العدو؟ ماذا يملك لك هذا الذي بعت له وطنك؟ ماذا يملك لك؟ قضية أنت فيها أما قضية عامة لكل البشر قضية توحيد قال (فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا).

إتصال من الأخ هشام من عُمان: بخصوص سؤال الدكتور نجيب لا يغلب عسر يسرين، في اللغة تكرار المعرفة يفيد التوكيد وتكرار النكرة يفيد المغايرة والمستشرقون احتجوا بالآية (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84) الزخرف) فرد عليهم الشيخ الشعراوي رحمه الله أن (الذي) إسم الموصول هو الذي في السماء إله يضيف المعرفة إلى النكرة الأولى وبذلك تكون الأولى معرفة والثانية نكرة.

د. الكبيسي: فتح الله عليك، إضافة رائعة.

د. نجيب: هذه من بركات الشيخ الشعراوي رحمه الله.

إتصال من الأخ حسين من الشارقة: زادك الله علماً ونفع بك. سئل أحد علمائنا الأفاضل عن قوله تعالى (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ (214) البقرة) فقال أن (حتى) والنواصب تفيد الاستقبال ومتى ما سقط الاستقبال سقط النصب عن الفعل المضارع, وأنا تدبرت الأمر في قوله تعالى (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا (8) القصص) اللام هنا أكدت أنهم فعلاً التقطوا موسى وكان لهم عدواً وحزناً ولم يسقط النصب عن الفعل المضارع فسأل المذيع هذا العالم قال له إذا وقع الفعل بعد (حتى) هل يبقى الفعل المضارع مرفوعاً (حتى يقولُ)؟ فكأنه أجاب بنعم وأنا غير متأكد فأحببت التأكد من هذا؟

الإجابة: إذا كان الأمر قد وقع هذا شيء وإذا كان سيقع في المستقبل هذا شيء آخر. هنا قد وقع ومع هذا بقي منصوباً وهو استثناء ولذلك كلام الشيخ صحيح.

الأخ حسين: إذن يمكن أن يُرفع الفعل المضارع بعد (حتى)؟

الإجابة: نعم، لأن (حتى) لا تنصب بذاتها وإنما تنصب بـ(أن) المضمرة بعدها (قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى (91) طه) يعن إلى أن. إذا كان الشي قد وقع لا توجد أن مضمرة ويكون الفعل مرفوعاً، وإذا كان الفعل سيقع في المستقبل ينصب الفعل بأن المضمرة بعد حتى.

نحن لا ننكر أن كثيراً من معلوماتنا هنا من الجمهور أمثال الأخ حسين وأمثاله. ساهم معنا المشاهدون في كل حلقة. لما يتكلم أحدنا في هذه البرامج يشعر بالراحة لأن الأمة فيها خير والله هناك ناس لا يخطر ببالك أنهم مهتمين بهذه القضايا وقد يكون طبيباً وقد يكون مهندساً لكن عندهم حس بهذه اللغة (لساناً عربياً) (حكماً عربياً) (قرآناً عربياً) هؤلاء العرب ما اختصهم رب العالمين بالاسلام صدفة وإنما عن عناية ولهذا هم المسؤولون يوم القيامة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم “ويل للعرب”.

د. نجيب: وهذا التأويل حصل لعدم معرفتهم باللغة العربية.

د. الكبيسي: فعلاً وضياع كثير من العلوم لأنهم ما انتبهوا إلى أسرار هذه اللغة. يعني لما أجمع الناس أن المترادف مترادف يعني جاء وأتى وحضر نفس الشي، هذه مصيبة وهذا انتهى والحمد لله، نحن في برنامجنا الكلمة وأخواتها أنهينا قروناً ونبدأ الآن بالتعامل مع القرآن على أن كل كلمة ترسم زاوية في الصورة ولا تكتمل الصورة إلا بأن تجمع جميع المترادفات.

د. نجيب: وخاصة في هذه الحلقة هذا اليوم عندما فرقت وميزت بين القلب والفؤاد والصدر والعقل أيضاً. الوقت قد انتهى شكراً جزيلاً لشيخنا الجليل وللحديث بقية ومشاركاتكم مشكورة جليلة لكل الإخوة الذين شاركوا معنا على الهواء داعين الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم لكل خير وننتظر أيضاً منكم المزيد مشاركة مراسلة فاكساً أو بالبريد الإلكتروني. باسمكم جميعاً أشكر شيخنا الجليل على هذه التفريقات الدقيقة الرقيقة التي لم يسبقه إليها سابق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بُثّت الحلقة بتاريخ 27/3/2009م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها