وأُخر متشابهات

وأُخر متشابهات – الحلقة 68- خاص بالهجرة

اسلاميات

الحلقة 68

حلقة خاصة بمناسبة السنة الهجرية

د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. ها نحن قد ودعنا عام 1430 هجرية بغروب شمس يوم الجمعة قبل سويعات لننتقل في هذه الليلة المباركة باعتبارها أول ليلة من عام 1431 هجرية وحريٌ بنا في هذه المناسبة أن يخصّ شيخنا الجليل الأستاذ العلامة الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله هذه الحلقة بالهجرة النبوة الشريفة على صاحبها ألف صلاة وسلام باعتبار هذه الهجرة حدث تاريخي فاصل بين مرحلتين خطيرتين من مراحل الدعوة الإسلامية إذ أن هذه الدعوة قد انتقلت إلى مرحلة الدولة ومن ثم فقد اختلف الخطاب القرآني فكان الخطاب القرآني أسلوباً ومضموناً ومنهجاً مختلفاً في هذه المرحلة عن المرحلة التي كانت قبل. وكفى فخراً أن الله سبحانه وتعالى سمّى هذه الهجرة نصراً (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ (40) التوبة) وقد جعله الله سبحانه وتعالى فاتحة للانتصارات الكبيرة فليتفضل شيخنا الجليل ببيان هذه المعاني الخاصة بهذه الهجرة المباركة باعتبارها سنة من سنن الأنبياء وقد نبه على ذلك ورقة بن نوفل في أول يوم جاءته خديجة تبشربهذه الدعوة وهذا الوحب فما كان من ورقة إلا أن هيّأ النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اليوم الخطير العظيم.

د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. نهنيء جميع السادة السامعين بهذا العام الجديد وأسأله تعالى أن يجعله عام بركة وخير ورخاء على المسلمين جميعاً وعلى دولة الإمارات وعلى العراق وعلى كل العالم أجمع. وكما سمعتم من الشيخ الدكتور نجيب أن ورقة بن نوفل قال كلمة هي جماع كل هذا الأمر وورقة كان من حكماء الجاهلية، ورقة قال لسيدنا محمد “ما جاء أحد بمثل ما جئت به إلا أخرجه قومه”، هذه كل الحكاية. يعني لو سألنا سؤال هل أن الهجرة كانت ضرورة؟ نعم ضرورة. ما من مؤسس على وجه الكون، ما من مؤسس لدين لفلسفة لمذهب لاقتصاد لدولة لحكم إلا ويعاديه قومه أولاً لأمرين إما حسداً وهذا واقع وإما لحرصٍ على الذي ألفوه من باطل قال (قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (46) مريم) وفي نهاية الأمر أحرقوه ولو بقي كل المؤسسين بين قومهم لما أسسوا ولمات المشروع بين قومهم وعدائهم وتكالبهم وكلكم تعرفون ماذا فعل قوم النبي وأهله وعمّه به. وهذا جرى طبعاً إبراهيم آزر عمه لكن العم أب (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آَزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آَلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (74) الأنعام). حينئذٍ هذه قضية عامة، إستعرض التاريخ كله كل من نجح في تأسيسه ما نجح إلا بعد أن غادر وهاجر وهجر قومه. هناك أسس بعيداً عن مكائد قومه وغيرتهم وحسدهم وتآمرهم وطعنهم فيه وفي أخلاقه وفي شرفه كما فعلوا مع كل الأنبياء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آَذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (69) الأحزاب) ولهذا سيدنا موسى لعبوا فيه لعباً، اتهموه بامرأة بغيّ لولا أن الله برأه وأنطقها على ملأ من مائة ألف كان يخطب فيهم سيدنا موسى قالت أنت فعلت كذا وكذا فدعا الله سبحانه وتعالى فأنطقها بالحق. وتعرفون ماذا فعلوا قوم إبراهيم به؟ أحرقوه ولو بقي إبراهيم في العراق لما أفلح في شيء ولكنه هاجر وهجر منطقة العراق ثم ذهب إلى مكة ثم إلى فلسطين ثم إلى مصر ثم عاد وهكذا كان مصدر الأنبياء كما تعرفون. ولو أن سيدنا موسى بقي مع فرعون لهلك ولكنه هاجر (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22) القصص) قِس على هذا كل من أسس علماً أو حكماً أو ما شاكل ذلك.

——–فاصل————-

إذاً هذه هي السنة الإلهية، كل مؤسس ينبغي أن يهاجر عن قومه وإلا عوقوه تعويقاً كاملاً إلى أن يقتلوه. لو لم يخرج سيدنا موسى مهاجراً لقتله فرعون. وتعرفون سيدنا المسيح ماذا فعلوا به ورأيتم أنتم أفلاماً مثّلها الأوروبيون كيف فُعل بسيدنا عيسى لكان قتلوه لولا أن الله رفعه (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ (157) النساء) ولكنهم يدعون أنهم صلبوه! وأي صلب؟ بوحشية متناهية كما فعلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم. تصور حاصروا النبي صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه ثلاث سنوات في شعب أبي طالب مقاطعة صحيفة كأنها معاهدة مقدسة علقوها في جدار الكعبة لا أحد يتزوج منهم ولا يزوجهم ولا يعطيهم طعام ولا يبيعهم ولا يشتري منهم ولا يعطيهم ماء. ثلاث سنوات بقوا في شعب أبو طالب وادي أجرد ماتوا جوعاً كان صراخ الأطفال يسمع من مكة! وتصور كان الرجل يبول فيسمع تحت بوله خشخشة فيحفر في الرمل وإذا جلد جمل ميت، جلد! فيغسله ويشويه ويقتات عليه ثلاث أيام، ثلاثاً! هذا لو بقي النبي هناك لقتلوه والله قال (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) الأنفال) يمكرون بما فعلوا حطوا لك أربعين شاب من أشداء القبائل من قبائل مختلفة يحيطون بك في بيتك لكي يقتلوك جميعاً بضربة واحدة فيضيع دمك بين القبائل فلا يستطيع بنو هاشم أن يقتصوا فيرضون بالدية (وَيَمْكُرُ اللَّهُ) مكر بهم والمكر قمة التدبير الخفي المكر هذا مدح وليس ذم ولما قال تعالى عن كيد النساء (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) يوسف) الكيد هذا قمة التدبير إذا كان صالحاً فهو كيد وإذا كان طالحاً فهو مكر إذاً النبي صلى الله عليه وسلم كأخوة يوسف لو أن يوسف بقي معهم لقتلوه وهم فعلاً قتلوه رموه في الجيب ورموا فوقه حجاراً حتى يموت ولو بقي بين أخوانه إما أن يقتل وإما أن يضيع وما كان صار ذاك اليوسف الذي أسس مملكة ورئيس وزراء وجاء بنظام اقتصادي (إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) يوسف) وهكذا كل العظماء في التاريخ. سيدنا البخاري أول من حاربه قومه ولهذا ما صلى عليه لما مات أحد إلا اثنين لماذا؟ على كلمة على حكاية وهم لا يفهمون وحسداً منهم فإذا ذاع صيت العالم نسج أقرانه له كفناً. أحمد بن حنبل عذبوه وأرادوا أن يقتلوه فانهزم من قومه وأبو حنيفة عذبوه وضربوه والشافعي عذبوه أيضاً لماذا؟ لأنه ذاع صيته مؤسس مذهب مؤسس طريقة مؤسس فكر. وحينئذٍ أي فكر أعظم من فكر النبي صلى الله عليه وسلم الذي جاء به؟! الذي كما سأذكر بعد قليل أن هذه الأحداث الثلاثة أعظم أحداث في تاريخ البشرية ثلاثة وهي بعثة النبي صلى الله عليه وسلم والإسراء والمعراج والهجرة أما البعثة فقد أحلت الحق الذي زال من الأرض ولم يعد موجوداً فيها وهو توحيد الله عز وجل. شاعت عبادة الأصنام في كل الأرض هنا فارس هنا الروم دولتان تحكمان الأرض بالسوية ليس معهما دولة ثالثة. دولة مرابية وقاتلة وملحدة ووثنية والخ وحرفوا التوراة وحرفوا الإنجيل يعني ما بقي فيها خير وجاء النبي صلى الله عليه وسلم وجاء الخير معه كما سأذكر بعد قليل وهو باقٍ إلى يوم القيامة “الخير فيّ وفي أمتي إلى يوم القيامة” سأذكر بعض العناصر بعد قليل، طيب حينئذٍ هذه البعثة. والإسراء والمعراج أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بالخريطة الإلهية بما هو كائن وسيكون إلى يوم القيامة كل ما يجري في الكون المسلم يعرفه قبل أن يقع نحن نعرف من ألف وخمسمائة سنة قرأنا بأن العراق سيحاصر ويهدم وبعده الشام والفرس سيكون فيها كذا الأمة ستكون كذا العلاقة واليهود سيقتلون في فلسطين ثم نقتلهم ثم تنتهي المعركة، الغرب بعد أن ينصر اليهود نصراً مؤزراً سوف ينقلب على اليهود لأن هم سوف ينقلبون عليه. يعني نعرف ماذا سيكون إلى يوم القيامة. فالإسراء والمعراج هذه المعجزة الخالدة والتي يثبتها العلم التجريبي الآن والتي تبين أن البراق الذي ذهب به النبي صلى الله عليه وسلم مركبة فضائية حينئذٍ هذا الإعجاز بين لك الخريطة ما هو كائن إلى يوم القيامة فالمسلمون وحدهم يعلمون ما يحدث في كل قرن هذا ثانياً. أما البعثة فهذه التي أعادت الحق المنهزم في الأرض وبقي هذا الحق إلى الآن وإلى يوم القيامة بكل ما جاء به الإسلام من ثوابت من المستحيل أن يفعلها غيره. ما تستطيع أي قوة في الأرض أن تفعل هذا الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم بأمر من الله سبحانه وتعالى وتعجز عنه كل دول العالم. كل دول العالم لا توحد الله فقط المسلم الذي جاء به هذا اليتيم الفلاسفة والشعراء والعلماء والقساوسة والرهبان والخ لم يستطيع أحد أن يعلم أتباعه أن الله واحد أبداً فقط هذا اليتيم صاحب هذه البعثة الذي تخلص من مقيدات الدعوة بهذه الهجرة بث هذا التوحيد الذي لا يختلف فيه اثنان عند هذه الأمة. هذه الأمة وحدها بالضبط، أيّ إعجاز هذا؟! ثم بهذه الهجرة تخلص النبي صلى الله عليه وسلم وكل الذين هاجروا من المؤسسين في العالم كل من أسس دولة هاجر، الملك عبد العزيز بن سعود هاجر من قومه حتى أقام دولة، العائلة الهاشمية في العراق والأردن هاجروا حتى أسسوا دولة ما يستطيع بين قومه لأنهم سيحسدونه ويقتلونه. وقس على هذا كل من أسس دولاً أو مذاهب أو فلسفات ناهيك عن الأديان كل مؤسس دين لا بد أن يهاجر وإلا قتله قومه حسداً وبغضاً أو تعصباً للقديم (إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22) الزخرف) وهذا من طبيعة البشر. ومن ضعف الإنسان هذا الذي الله قال (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ (14) آل عمران) المجبنة المبخلة أنت تؤسس دين تؤسس دولة لابد أن تتخلص من شهواتك ورغباتك التي تربيت عليها والتي هي من دواعي فطرتك. من دواعي الفطرة أن تحب وطنك النبي رسول الله لما خرج مهاجراً كما سأذكر بعد قليل التفت على مكة وعينه تكاد تدمع قال (والله إنك لمن أحب البلاد إليّ ولولا أن قومك أخرجوني ما خرجت) ولو لم يخرج ما صار الدين.

د. نجيب: لكن هذه السُنة ايضاً جرت على أتباع النبي صلى الله عليه وسلم

د. الكبيسي: ساذكرها بعد قليل. حينئذٍ نقول أن هذه الهجرة ضرورة لكل مؤسس ولهذا هذه الهجرة التي نتحدث عنها بدأت ليست من قوله (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ (40) التوبة) لا، بدأت من قبلها في قوله تعالى (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا) اجتمعت قريش وجميع قبائل العرب في دار الندوة لكي يقتلوا محمداً بالطريقة التي ذكرناها قبل قليل وبالتالي الله قال الآن أنت فكر بالهجرة لأنها أصبحت واجبة عليك. وقبلها كما قال الدكتور نجيب قبل أن يهاجر النبي صلى الله عليه وسلم كانت هناك هجرتان، الهجرة إلى الحبشة والحبشة كان النجاشي رجلاً عادلاً لا يظلم عنده أحد وكان مسيحياً. ومن الغريب أن المسيحيين في التاريخ كله الذين نكون نحن بينهم يحققون العدل بيننا فإذا كنا متقابلين ظلمونا ظلماً لا يتصوره عقل! يعني الآن المسلمون عند المسيحيين في الغرب في أوروبا وأمريكا في غاية العدل أبداً لا يستطيع أحد أن يقول بأن المسلمين هناك مضطهدين وطبعاً هناك حالات استثنائية كحالة بوش وغيره والذي حدث في سبتمبر وهي مصنوعة صناعة تافهة وقد انقلب عليها الغربيون وكذبوها وسفهوها وبوش انتهى واعترف أنها كل أكاذيب. لكن عموماً المسلمون آمنون في الغرب عند المسيحيين أمناً عظيماً كما كان المسلمون آمنين أمناً عظيماً عند النجاشي المسيحي ملك الحبشة بالضبط. ولهذا هاجروا مرتين المرة الأولى 5 منذ البعثة ثم لما أسلم عمر وأسلم حمزة رجعوا بطلان عظيمان فمن ماذا يخافون؟ عادوا إلى مكة وفعلاً حمزة وعمر حققا الآمن ولما تحقق الآمن بإسلام عمر وإسلام حمزة ضاعف المشركون وقبائل العرب جهدهم وقتالهم حتى أوشكوا أن يغتالوا المسلمين واحداً واحداً فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم مرة أخرى بالهجرة إلى الحبشة.

إذاً هكذا هو الأمر لا بد من هجرة. حينئذٍ بعد أن عاد المسلمون من الهجرة الثانية من الحبشة واستشرى العذاب وكما هو معروف فلن أكرر ما قيل فمعروف لجميع المسلمين العذاب الذي أحاط بالمسلمين حتى أن الحارث بن الأرت رأى النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة وظهره على الكعبة فقال له (يا رسول الله ألا تنتصر لأصحابك؟ أما ترى ماذا يجري فيهم؟) وكان يبكي وفعلاً والله مواقف النبي صلى الله عليه وسلم التي مر بها كقائد أعجوبة العجائب فعلاً. الله أكبر ما هذا التأييد من رب العالمين؟! ما هذا الصبر؟! فعلاً (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) القلم) يعني منظره وهو جالس ولا يملك شيئاً وبالتالي هذا العذاب الأليم المهين حرقاً وقتلاً وسبلاً بالحِراب وإذا بالهجرة تأتي ولم يهاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلا بعد أن اطمئن على هجرة جميع أصحابه قبله.

وسام من العراق: أسأل عن التفجيرات والقتل الذي يجري في العراق بين السُنّة والشيعة

الدكتور الكبيسي: والله يا ابني هذا العراق فيه من الخير ما يطمع فيه كل الكون والقوى الطامعة فيه قوى معادية وشريرة وفي التاريخ تستطيع أن ترى أنه ما بقي دولة في العالم إلا واحتلت العراق لما فيه من خير. وهذا الذي يجري نهاية الشر وسوف يعود العراق كما تتمنى وكما يتمنى العراقيون بلداً موحداً شعباً واحداً كما كان طيلة عمره بكل مكوناته ولا يحلو الشعب العراقي إلا بهذه المكونات فاصبر سنة أو سنتين لكي تتنفس هذه الرئة الفاسدة التي ستزول ويعود العراق كما كان وإن شاء الله الخير قادم.

الدكتور نجيب: عندما تتحدث عن الهجرة وأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز للصحابة الانتقال إلى الحبشة وفي الحبشة ذلك الملك العظيم فتح قلبه وبابه للصحابة فلماذا أصر النبي صلى الله عليه وسلم للهجرة للمدينة؟

الدكتور الكبيسي: هذا بأمر الله وذاك اجتهاد من النبي صلى الله عليه وسلم والشيء الثاني رب العالمين هيأ أسباب الهجرة للمدينة من ضمنها البيعتين لولا البيعتين التي يسرها الله عز وجل ما كان يمكن أن تصبح الهجرة للمدينة. بيعة العقبة الأولى وبيعة العقبة الثانية جاء أهل المدينة بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم وأسلموا وإذا بالإسلام يؤسس في المدينة وتقام الجمعة، في مكة ما في جمعة ولكن كان هناك ذبح فرب العالمين هيئ الجو في المدينة المنورة ثم جاءت الهجرة إلى قوم استقبلوهم بالدفوف ” طلع البدر علينا.” ولذلك بهذه الهجرة بدأت الدولة التي أرادها الله للعالم أجمع تحقق العدل كما سأذكر بعد قليل.

خالد من دبي: قرأت اليوم مقالاً في جريدة السفير اللبنانية تكلم فيها الوزير السابق الأستاذ فضل شلق بمناسبة السنة الهجرية ولقد قال في هذا المقال بأن الرسول عليه الصلاة والسلام قد أسس في المدينة أولاً تحولت يثرب إلى المدينة وأسس فيها العهد الذي نقل هذه الجماعة من القبائل والطوائف إلى الأمة أو إلى المدينة بمعنى المدينة المتجانسة التي تشع حضارة ونوراً على البشر، أود أن أسمع رأي فضيلة الشيخ في هذا المنحى؟

الدكتور الكبيسي: كلام صحيح. كنت سأقول بعد قليل ما قاله هذا الأخ الكريم الكاتب قلنا بأن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن وصل إلى المدينة بدأ الدولة كما قال صاحب المقال الذي لم أقرأه فبدأت هذه الدولة بتطبيق ما أراد الله تطبيقه بالشكل الذي لم تفلح ولا دولة في العالم إلى هذا اليوم بفعله. يعني مثلاً سأعطيك فقط نماذج يا سيد خالد أولاً قل لي أي دولة في العالم أي حكومة أي فلسفة أي رئيس دولة أي نبي استطاع أن يبث هذا التوحيد الصرف في أمته بحيث الهاجس اليومي لكل مسلم أن لا يشرك؟! توحيد يوحد الله يا أخي لا تقول لا كذا حتى بعض ما ليس فيه شرك تركناه خشية أن يكون فيه شرك وهذا هو الورع هذا واحد. من الذي حرر العبيد كما حررهم المسلمون؟ هناك صار في أمريكا محاولة سياسية لتحرير العبيد لكن الجنود الآن يقاسون الذل كما لا يفعله إنسان! الإسلام جاء بدين الإسلام جاء والرقيق في كل الأرض فشرّع العتق ولم يشرع الرِّق أنت في كل ذنب من ذنوبك اعتق عبداً اعتق عبداً اعتق عبداً إلى أن انتهى الرقيق وصاروا أخواناً وأسياداً نقول سيدنا بلال وأبو لهب هذه الشخصية العظيمة في القرآن مذكور (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) المسد) وهو عمّ النبي وبلال عبد نقول سيدنا بلال. أزال الفروق بين الأديان (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ (285) البقرة) قل لي أي دولة في العالم هكذا؟ إئت لي بدولة غير مسلمة لا تفرق بين دينين؟ (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) البقرة) (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) وهذا هو المسلم. نصف أسمائنا أسماء إسرائيلية اسم سليمان وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق وعيسى وموسى والخ وقدسية عيسى وموسى كقدسية محمد بالمليمتر بالشعرة ونحن ملزمون بهذا إلزاماً عاطفياً ودينياً. من الذي فعل هذا غير محمد هذا اليتيم الذي جعله الله خاتم الأنبياء قال (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)الأنبياء)؟ وهذا الذي ذكرته يا أخ خالد أول ما أسس في المدينة آخى بين الأديان كما قال خالد. بين اليهود وبين النصارى وعهود وضوابط وفعلاً من يومها إلى هذا اليوم ما عانى اليهود ولا النصارى في المجتمع الإسلامي ولا شعرة وتلك الوصية آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بثانية قال (أوصيكم بذمة محمد خيراً). يعني هم أمانة عندنا نحن المسلمين وفعلاً أتحدى واحد يقول لقد آذيت مسيحياً أو يهودياً برغم ما يفعلون بنا. ثم ساوى بين البشر لا فرق بين أسود وأبيض وسلمان وهو فارسي يقول (سلمان منا) الله أكبر! أي شرف هذا! (سلمان منا أهل البيت). وحين قال (ويل للعرب من شر قد اقترب) هذا ابن عمرو بن العاص قال لواحد (يا ابن الأعجمي) فضربوا سيدنا عمر وأشبعه ضرباً وقال له(والله إنك امرؤ بك جاهلية) كيف تقول هذا؟ لقد وحدنا الإسلام. ثانياً أي دين استطاع أن يصوغ أمته من جديد صياغة الفرد فيها يعرف أنسابه إلى آدم أنا فلان بن فلان بن فلان بن فلان باليقين أخوالي فلان وأعمامي فلان وأمي لا تعرف غير أبي أين هذا إلا في دين محمد صلى الله عليه وسلم! هذا الذي كان بعد الهجرة والهجرة سبب فيه. ثم زرع مكارم الأخلاق السخاء الحياء إكرام الجار إكرام الضيف ابن السبيل هذه الرأفة بالآخر الرأفة بالمُخالِف أشاع العفو بين الناس أشاع الطهارة أي أمة في الدنيا أو أي دولة في العالم الآن تحرص على طهارة الثوب؟ ما في ولا قطرة نجاسة والمجلس وجسمك في التواليت تستعمل الماء والصابون وأنت طاهر من فوق إلى تحت تتوضأ بعد أي حدث تغتسل بعد الجنابة مكانك الذي تقعد عليه طاهر تصلي عليه طاهر، من فعل هذا غير محمد صلى الله عليه وسلم؟!

د. نجيب: ومن عناصر الحضارة الطهارة

د. الكبيسي: ثم هذا الربا الذي اعترف به الأمريكان الآن قالوا الذي قضى على النظام الاقتصادي الأمريكي الربا الفائدة وهذا من إعجاز الإسلام.

———–فاصل————

هناك كثير من المصلحين في الغرب الذين نادوا بأن الربا هذا مصيبة هذا رِقٌ أبيض لكن ما استطاعوا، كيف استطاع الإسلام بكلمة واحدة من 1500 سنة إلى الآن ما في واحد يتعامل بالربا يمكن واحد بالمائة مليون ومضطر. كيف استطاعوا أن يلغوا الخمر بكلمة! تحرم الخمر بحيث يعني مثلاً إحصائية رسمية إلى عام 1936 ليس في العراق ولا واحد يشرب خمر وعندما جاء الإنجليز في سنة الأربعين صار 12 واحد ومعروفين فلان في فلان محافظة ويضحكون عليه الخ الآن تقريباً 180 وهذا من حضارة الغرب. حينئذٍ كيف استطاع الإسلام والآن في دول مثل ليبيا والمملكة والخليج لا يوجد فيها خمر كيف استطاع الإسلام؟ وقِس على هذا، هذا النجاح الهائل في تطبيق النظرية حتى تكون عملية فقط في الإسلام ولذلك كان خاتم الأنبياء قال (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ (48) المائدة) ولهذا الإسلام قال (وآتيناه الكتاب) ما هو الكتاب؟ الكتاب وهو مجموع التوراة الإنجيل القرآن مجموعه هو هذا الكتاب بعضه يكمل بعضاً. لكن الذي نجح في تطبيق نصوص التوراة والإنجيل تطبيقاً كاملاً فقط الإسلام وعجز اليهود وعجز النصارى عن ذلك جزئياً. حينئذٍ نقول هذه الهجرة كما رب العالمين ذكرها قال (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً (100) النساء). إذاً الحقائق الثابتة كما يقول في كتاب اسمه (الإسلام والجماعة المتحدة) يقول مؤلفه وهو أمريكي تكلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما استطاع أحد أن يقيم أمة كما أقامها محمد. فيها الفارسي والغربي والشرقي وعدد إلى ما نهاية يقول تدخل على الواحد منهم في أقصى المشرق والآخر في أقصى المغرب لا تنكر منهما شيئاً نفس الصلاة نفس العادات نفس التقاليد نفس الأدب كيف استطاع أن يجمع هذه القوميات المختلفة ويصهرها في أمة واحدة وبقي كل واحد على قوميته؟! ولكن القواسم المشتركة بينهم 99% لم يستطع أحد أن يفعل ذلك إلا محمد، هكذا قال مؤلف هذا الكتاب والكتاب موجود في الأسواق. إذاً هذه الهجرة المباركة بعد آية البعثة وبعد آية الإسراء هذه المهلة انقضت. لكن هذه آية الهجرة إلى يوم القيامة (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100) النساء) ما معنى مراغماً؟ يعني أنت إذا كان لك أعداء وناس حساد وناس يتربصون بك وقوى هائلة أُترك المكان الذي أنت فيه، مراغم اسم مكان من الرغام والرغام هو التراب. سوف تكون في الموقع الذي ترغم فيه عدوك على أن ينصاع لك وهذا الذي حصل. النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة وكل الأنبياء عندما هاجروا انتصروا. خذها من سيدنا نوح إلى سيدنا إبراهيم إلى سيدنا موسى وعيسى والنبي صلى الله عليه وسلم الهجرة كانت مفتاح النصر ولهذا تقول الآية (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) النساء) حينئذٍ هذه الهجرة هي التخلص من أسباب التخلف والجبن والانحياز من مال (قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24) التوبة) يعني تخلّص من هذه المعوقات لأن المعوقات محبوبة، من الذي لا يحب أهله وقومه ووطنه وداره؟! من الذي لا يحب داره؟! لكن مبادئ القادة العراق في التاريخ أصحاب التأسيسات العظيمة لا بد أن يهجروا ديارهم.

نجاة من ليبيا: كيف يفرق الإنسان إذا كان في ابتلاء دائم هل هو حب من الله وابتلاء أو أنه من سوء عمله أو أنه ذنوب يرتكبها؟

الإجابة: هذا السؤال من ضمن الحلقة لو تلاحظين فريق الهجرة كل واحد منهم ابتلي بلاء هذا البلاء تمحيص (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) العنكبوت) تصوري سيدنا عليّ هذا الشاب يعرف أن هناك أربعين شاباً محيطين بالبيت يريدون النبي صلى الله عليه وسلم ينام حتى يقتلوه مرة واحدة قالله النبي نم ولا تخف، وتصور هذا الشاب نائم ومغطى وبأي ساعة سيضربونه أي امتحان هذا؟ لماذا امتحان؟ لأن وراءه مهمة عظيمة، سيدنا أبو بكر الصديق هذا الذي قال عنه (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا (40)التوبة)يعني الله مع أبي بكر ومع النبي صلى الله عليه وسلم وسيدنا أبو بكر الصديق هو الذي وقف وحده لإجهاض الردة ولولا أبو بكر لارتد المسلمون حتى عمر الذي هو عمر خاف ولما قال له اترك لهم الزكاة هزه هزاً وكان عمر على الحصان فأسقطه على الأرض سيدنا أبو بكر هذا الشايب الوقور المسالم أسقطه وقال له (أجبار في الجاهلية خوار في الإسلام؟ والله لو منعوني عقالاً لقاتلتهم عليه) وفعلاً الإسلام رجع مرة ثانية أعيد من تلك المحنة. عبدالله ابن أبو بكر هذا الاستخبارات العظيم وهذا الخطر الشديد لما كان في النهار يبقى مع قريش لكي يأخذ أخبارهم ويمشي في الليل في هذا الطريق الطويل إلى غار ثور لكي يخبرهم بما يجري، هذا عامر بن فهيرة راعي سيدنا أبو بكر الصديق هذا كان عنده فريق والسيدة أسماء ذات النطاقين امتحنت امتحاناً هائلاً كل يوم في الليل وتشق نطاقها لكي تأخذ إليهم الأكل بالرعب لماذا؟ هذه كان لها موقف عظيم أعده الله عز وجل لها في قضية ابنها عندما ثار على الحجاج وصلبوه والحجاج أقسم يميناً أنه لا ينزله من المشنقة إلا تأتي أسماء وتطلبه بلسانها وأبت أسماء أبت وبقي أسبوع معلقاً حتى جف! والحجاج أُحرج يعني يتمنى أن تأتي وهو أقسم يمين وأمام الناس وما تأتي وهو ابنها وعمره 90 سنة كان عبد الله بن الزبير ثم بعد ذلك يوم من الأيام اشتاقت كأم فيغفلة من الحرسوهو معلق وأصبح نتناً وهي كانت عمياء فأخذتها امرأة تقودها في الليل نصف الليل ورأت ابنها معلق فقبلت رجليه وقبلت قدميه وتهمس بينه وبين نفسها (أما آن لهذا الفارس أن يترجل) واحد من الحرس سمعها فقال للحجاج فالحجاج اعتبر هذا أن هذا طلب فهو هايف كأي طاغية وكل الطغاة هايفين فأنزلوه وبعثوه إلى أمه وهو قطع فجلست أمه طوال الليل وحضنته وهي تقرأ القرآن حتى درّ لبنها! تصوري من شفقة الأم على ابنها عمرها 90 سنة والحليب لماذا ينزل من الأم؟ من حنان الأم على الطفل ينزل الحليب ولهذا في نساء ما عندها حنان والله العظيم ما عندها ولا ذرة حنان على طفل هي خلقتها هكذا من أجل هذا ما تنزل ولا قطرة لبن حتى ولا قطرة واحدة. فالحليب يأتي بغزارة بقدر حب الأم وحنانها فهذه الأم أم عبد الله بن الزبير هذا القائد العظيم الثائر العظيم على الحجاج حينئذٍ در لبنها. هذا من ذلك الموقف. إذاً فريق المهاجرين والله قال (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)لما أبو بكر الصديق خاف على النبي صلى الله عليه وسلم وقال (والله لو نظروا تحت أقدامهم لرأونا) فقال الرسول صلى الله عليه وسلم (يا أبا بكر ماذا تقول في اثنين الله ثالثهما!) هذا أبو بكر. سيدنا علي هذا الرجل العظيم هذا الذي هو إمام العلم في الكون كله هذا الطفل هذا الغلام هذا الشاب يمر بهذه المحنة، رب العالمين سبق في علمه أن هذا الرجل سيمتحن امتحاناً هائلاً ولا بد أن يصمد وحينئذٍ هذه الهجرة فيها من الدروس والعبر ومن الإعداد والاستعداد ما تقول الحمد لله الذي أعطانا. وهذا الإسلام يا أخوان والله الإسلام هذا جاءكم بالدماء جاءكم على الرقاب رجال راحت بيوتها وتركت بلدانها وقتلوا أولادهم وشردوا حتى جاءكم الإسلام صافي مصفى احمدوا الله على هذا والله يمكن لو كنا معهم لكنا مع المشركين. احمدوا الله أنه جاءكم صافي مصفى بهدوء وقد بذل الأولون كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عليهم ويخاطبنا (لو أنفق أحدكم مثلي جبل أحد ذهباً ما بلغ مُدّ أحدهم ولا نصيفه). ولهذا الرضوانيون والأنصار في المدينة الذين استقبلوا المهاجرين الذين آتوا من مكة يا الله! (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ (100) التوبة) والنبي قال (لو لم أكن نبي لكنت امرؤ من الأنصار).

إذاً يا سيدي الكريم رب العالمين عز وجل هذا الفريق الهائل أبو بكر الصديق تصور هذا الرجل العظيم صاحب النبي صلى الله عليه وسلم من ساعة الهجرة إلى أن وصل إلى مكة ما صاحبه أحد غيره لا سمح الله لو النبي صلى الله عليه وسلم مات ما كان له خلف إلا أبو بكر. وحينئذٍ أي رجل هذا! أي إعدادٍ! ثم أنت تعرف جزئيات الهجرة كان أبو بكر بطلها تصور دخل أبو بكر في الغار والغار مهجور ولا تدري ماذا فيه وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول له (اطمئن يا أبو بكر الله معنا) لكن من شدة حبه كان يبكي ووضع قدمه على أحد الحفر حتى لسعته أفعى ولما رأى أحد الذين هاجموا وصلوا إلى الغار عينه بعين أبي بكر فقال يا رسول الله لقد رأونا فقال النبي صلى الله عليه وسلم هم لا يرووننا وقال ألم تقرأ(يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (198)الأعراف)هم ينظروننا ولكن لا يرونا. وحينئذٍ هذه الهجرة العجيبة الغريبة التي هي من صنع الله عز وجل وشرف عظيم لك من ساهم فيها فعلاً ينبغي وتستحق أن نحتفي بها في كل يوم وفي كل عام وأن نلقنها لأولادنا كي يعرفوا كيف أن أسلاف هذه الأمة جهدوا وتعبوا وغامروا بأرواحهم وأموالهم وأهليهم سنين يعني هذا الذي عاش في ثلاث سنوات في شعب أبي طالب ولا يجد ما يأكله ويجد جلد تحت البول يغسله حتى يقتات عليه ثلاثة أيام، الأطفال يبكون طول الليل من الجوع وهكذا.

الدكتور نجيب: سيدي الفاضل الهجرة والنصرة مبدءان إسلاميان وهذه الهجرة كما تفضلت تتكرر في هذه الأمة جيل بعد جيل وذلك لا من خلال خروج الزعماء والعظماء ثم عودتهم إلى أوطانهم مظفورين مكللين بالنصر ولكن بإخراج الأمم والشعوب أفواجاً بدءاً بفلسطين ثم أفغانستان ثم العراق يعني هجرة الأجيال،

الدكتور الكبيسي: أكيد هذه الأمة كأن هذه الهجرة من قدر هذه الأمة. وأنت الآن ضعيف في مكانك فلا بد أن تهجر ما حرم الله عليك ثم أنت الآن لو ذهبت إلى المسجد كل خطوة لك فيها زيادة هذا في طلب العلم (من سلك طريقاً يطلب فيه العلم سلك الله به طريقاً إلى الجنة) إذاً هذه الأمة مهاجرة. ونُهينا عن أن يعني نتمسك بالأرض بحيث يعني لا نتحرك وننشغل حباً في الأرض وفي البيت وفي العمارة وفي البناية من أجل هذا الإسلام ما يحبب الأسعار الغالية في مسكنك ولو أننا كلنا نفعل هذا الآن هذه سمة العصر كلنا ساكنين في فلل ولكن هذا ليس من سمات الإسلام فالإسلام (خيركم خفيف الزاد خفيف الراحلة) نحن أمة هجرة. ولهذا يقول يأتي زمان على الناس لا بد للمؤمن أن يفر من المدينة هروب من الفتنة يتبع شعف الجبال (يوشك أن يكون خير مال المسلم غنماً) لماذا؟ ليس هرباً. يعني كما قال خالد هو يروح يتنظم من جديد ثم يأتي يعني في العراق خمسة ملايين عراقي مهجر ثم سيعودون كلهم أبطال وتعلموا ثقافة وتعلموا علماً وخبرات الطبيب تعلم والمهندس تعلم وهكذا كل الهجرات تعود إلى بلادها محملة بالكفاءات والعزم والشوق. إذاً فالهجرة هذه دليل على حيوية الأمة وما من زعيم مؤسس في الكون وهذا صاحب حكومة فيشي حكومة ديغول في فرنسا هاجروا ثم عادوا فاتحين هكذا هو الأمر.

الدكتور نجيب: والهجرة يا سيدي الشيخ تتطلب نصرة وهذه النصرة والحمد لله لا تزال موجودة في هذه الأمة ولكن عندما نقصر في هذه الأمة تأتي أفواج أخرى وفئات من التنصير والتبشير وغيرهم يتلقفون هؤلاء الأمم والشعوب الضعفاء ثم يحاولون تكييفهم وتوجيههم توجيهاً خاطئاً للأسف الشديد. ومن هنا بهذه المناسبة تقع المسؤولية على الأفراد والدول والحكومات والشعوب على واجب هذه النصرة التي تتكرر بين يوم وليل وآخر وجيل بعد جيل خاصة وأننا نحن مع فاتحة هذا العام الجديد لكي نحاسب أنفسنا على ما سبق منا أفراداً وجماعات جميعاً

الدكتور الكبيسي: نعم. والشيء الثاني لأهمية الهجرة في العالم الإسلامي هذه المعجزة في حصار النبي صلى الله عليه وسلم خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بين أربعين واحد ما رأوه ولتقرأ الآية هذا مستمر إلى اليوم وفي التاريخ أكثر من مرة واحد خرج من بين الأعداء وما رأوه،

الدكتور نجيب: المهم أننا نحن نأخذ بالأسباب والله سبحانه وتعالى هو الذي يتولى الرعاية والعناية

فإذا العناية رافقتك عيونها       نم فالكائنات جميعهن أمان

باسمكم جميعاً أشكر شيخنا الجليل الدكتور العلامة أحمد الكبيسي حفظه الله زاده الله علماً وفتوحاً وشكراً وإلى اللقاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بُثّت الحلقة بتاريخ 18/12/2009م وطبعتها الأخت الفاضلة نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها.

——————-

حلقة يوم (18-12-2009)

من قسم الفيديو:

http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=2044

:

http://www.megavideo.com/?v=XQC683X1

 

 

على

 

http://www.megaupload.com/?d=4UK7DPYU

http://www.megashare.com/1688015

http://www.mediafire.com/?uyeolzm0mkj

http://www.filefactory.com/file/a12ccf5/n/18-12-2009.wmv

http://www. .com/file/0g9r4d

http://www.filefront.com/15162859/18-12-2009.wmv

 

تحميل الحلقة صوتيا mp3 ( بحجم 5.5 ميجا تقريبا )

 

على

 

http://www.megaupload.com/?d=EL3NIZUB

http://www.megashare.com/1688168

http://www.mediafire.com/?dzu43znmyde

http://www.filefactory.com/file/a1826cg/n/18-12-2009.mp3

http://www. .com/file/ohn2bh

http://www.filefront.com/15163581/18-12-2009.mp3

ملاحظة:

عند تشغيل الفيديو للمشاهدة: إذا كان الفيديو يقطع كثيرا أثناء تشغيله ويظهر على الشاشة بشكل مستمر كل بضع ثوانى كلمة (% buffering video ) : نضغط على الجملة التى تظهر فى أعلى شاشة الفيديو عند دخول مؤشر الماوس على شاشة عرض الفيديو وهى ( switch to standard quality ) ..