أبواب الجنة

أبواب الجنة – باب الوارثين

اسلاميات

أبواب الجنة – باب الوارثين

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد. عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال (كنا جلوساً عند النبي عليه الصلاة والسلام فغشي عليه حيث جاءه الوحي فلما سُرّيَ عنه قال: أنزل عليّ عشر آيات ما عمل بهن مسلم إلا دخل الجنة) وفي رواية (ما أقامهن مسلم إلا دخل الجنة) أقامهن أي إجتمعن فيه، (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ {1} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ {2} وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْو مُعْرِضُونَ {3} وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ {4} المؤمنون) إلى آخره إلى أن قال (أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ {10} الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {11} المؤمنون) لا شك أنها مجموعة هائلة وفيها شيء من المشقة ولكن طوبى لمن ألمّ بها ومن ألمّ بها في هذه الأمة كثير والحمد لله في القديم والحديث.

* الخشوع في الصلاة يجعلها صلاة كاملة لا تُسقِط الفرض فقط ولكنها تُسقِط الفرض وتدخلك الجنة (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ (185) آل عمران) ولذلك في الحديث الصحيح “أول ما يسأل العبد عنه يوم القيامة الصلاة فإن حسُنَت حَسُنَ سائر عمله” ولا تحسُن الصلاة إلا بخشوع (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) المؤمنون) .

* الزكاة هنا لا تعني زكاة المال لأن زكاة المال تأتي دائماً مقرونة بالصلاة لا تفارقها (أقيموا الصلاة وأتوا الزكاة) هنا بينهما فاصل عن اللغو واللغو في حياتنا كثير اليوم هذا الذي يجري وما يقال في الصحف وما يقال في الشوارع وما يقال في المجالس معظمه من اللغو الذي لا ينفع إن لم يضر (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْو مُعْرِضُونَ (3) المؤمنون) (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوأَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55) القصص) هذا هو اللغو لغو في الدين لغو في أعراض الناس لغو في إحداث الشغب لغو في إحداث الفوضى، هذا عن اللغو معرضون. (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) المؤمنون) تزكية النفس، المطلوب هنا تزكية النفس ولهذا قلنا أن هذه المجموعة فيها شيء من المشقة إن تزكية النفس تحتاج إلى تأصيل وتدريب وتمرين.

* (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ {5} إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أو مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ (6) المؤمنون) إلى آخر ما تعرفون والذين هم لأمانتهم راعون إلى ما شاكل من هذه التسعة التي بحاجة إلى إرادة وقوة. فإذا أنعم الله عليك وجمعتها وقمت بها فأنت من الوارثين الذين يرثون الفردوس، الفردوس مقصورة الرحمن مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. هذه الآيات، هذه الخصال التسعة تجعلك من السابقين وتجعلك إلى جوار النبي كما كان دعاء النبي (اللهم أسألك جوارك فى الجنة) فالفردوس الأعلى مقصورة الرحمن. حينئذ تصبح من أهل الفردوس وأنت فيها مَلِكٌ ومالِك أنت وارثٌ فيها، إذا عليك أن تبحث في هذه السورة سورة المؤمنون وتتأمل في هذه التسعة وماذا قال فيها المفسرون على إختلاف توجهاتهم وحاول قدر ما تستطيع أن تقوم بها وأن تُلِمّ بها مجتمعة وبالإستعانة بالله عز وجل سيعينك عليها بالتدريب وقهر النفس وتربية المشاعر وأن تقترب من شيخ من الشيوخ الصالحين الذي يؤثر فيك بخلقه ودينه وإخلاصه حتى إذا رأيت وجهه ذكرت الله ولا يزال بعضهم موجود هنا وهناك، هم من الأخفياء الذين لا يعرفهم إلا قلة من الناس. وحينئذ عليك أن تحرص كل الحرص على أن تكون من أصحاب هذه المجموعة. فإذا وفقك الله سبحانه وتعالى وتوفيق الله لك تبعٌ لنيّتك الصادقة وإخلاصك في أنك تريد أن تكون من هؤلاء فتصبح من الوارثين الذين يرثون الفردوس، يا الله! هم فيها خالدون .

هذه المجموعة من المجاميع المتقدمة يوم القيامة (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا (73) الزمر) من أعظم الزمر التي تساق إلى الجنة زمرة الوارثين هذه. ولهذا على كل مسلم له طموح هائل أن يكون من أصحاب الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين هذه المجموعة الراقية التي تكوّن شعب تلك الجنة العظيمة، والفردوس هي قصبة الجنة أي عاصمتها ولما خلق الله هذه العاصمة (قال لها تحدثي قالت هنيئاً لعبادك المؤمنين بي، قال وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل ولا قاطع رحم) فإذا لم تكن بخيلاً ولم تكن قاطع رحم واستطعت بتوفيق الله عز وجل أن تقوم وتقيم هذه التسعة فقد فزت وأصبحت من شَعْب هذه الجنة الراقية ونسأله تعالى أن يجعلنا من أهلها ولو بالدعاء وقد نبلغ بالدعاء ما لا نبلغه بالعمل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.